عمده المطالب في التعليق علي المكاسب [انصاري] المجلد 3

اشارة

سرشناسه : طباطبائي قمي، تقي، 1301 -

عنوان قراردادي : المكاسب.شرح

عنوان و نام پديدآور : عمده المطالب في التعليق علي المكاسب [انصاري]/ تاليف تقي الطباطبائي القمي.

مشخصات نشر : قم: محلاتي ، 1413ق. = -1371.

مشخصات ظاهري : ج.

شابك : 3000 ريال (ج. 1) ؛ 4500 ريال (ج. 2) ؛ 6000 ريال (ج. 3)

يادداشت : ج. 2 (چاپ اول: 1414ق. = 1372).

يادداشت : كتابنامه.

موضوع : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1214-1281ق . المكاسب -- نقدو تفسير

موضوع : معاملات (فقه)

شناسه افزوده : انصاري، مرتضي بن محمدامين، 1214-1281ق . المكاسب . شرح

رده بندي كنگره : BP190/1 /الف 8م 7037 1371

رده بندي ديويي : 297/372

شماره كتابشناسي ملي : م 75-355

الجزء الثالث

[تتمة كتاب البيع]

اشارة

بِسْمِ اللّٰهِ الرَّحْمٰنِ الرَّحِيمِ

في شرائط العوضين

[يشترط في كل واحد منهما كونه متمولا]
اشارة

قوله قدس سره: «يشترط في كل واحد منهما كونه متمولا» ادعي قدس سره اشتراط البيع بكون كل واحد من العوضين مالا

و ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه:
الوجه الأول: ما أفاده في المصباح من أن البيع مبادلة مال بمال.

و يرد عليه: انه تارة نشك في مفهوم البيع و في هذا الفرض لا بدّ من التحفظ علي كل قيد يحتمل دخله في صدق المفهوم اذ مع الشك في الصدق لا مجال لترتيب الاحكام فان التمسك بالعموم أو الاطلاق غير جائز في مورد الشبهة المصداقية و لكن الأمر ليس كذلك في المقام فان سلب عنوان البيع عن بيع ما لا مالية له غير صحيح و عدم صحة السلب علامة الحقيقة كما ان صحة حمل البيع أيضا علامة الحقيقة.

و أيضا المتبادر من لفظ البيع تمليك العين بشي ء و هذا أعم من كون المبادلة بين مالين و كونها بين ما لا مالية له بمثله و كونها بين المال و ما لا مالية له و التبادر علامة الحقيقة و بعد ما ثبت و تحقق مفهوم البيع و انه ليس الاشتراط المذكور معتبرا في مفهومه يستصحب بالاستصحاب القهقري الي زمان المعصوم عليه السلام

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 4

و يحكم بأن مفهوم البيع أيضا كذلك في ذلك الزمان فان الاستصحاب القهقري الذي هو عبارة عن اصالة عدم النقل من الاصول اللفظية الجارية بين العقلاء فهذا الوجه لا يرجع الي محصل صحيح.

الوجه الثاني: قوله صلي اللّه عليه و آله «لا بيع الا فيما تملك»
اشارة

و قوله صلي اللّه عليه و آله «لا طلاق الا فيما تملكه و لا بيع الا فيما تملكه» «1»

بتقريب ان المستفاد من الحديث انه يشترط في المبيع كونه مملوكا فلا يصح بيع ما لا مالية له كحبة حنطة.

و فيه مضافا الي عدم الاعتبار بسند الحديث المذكوران النسبة بين الملكية و المالية عموم من وجه فانه ربما يكون شي ء ذا مالية يبذل بإزائه الشي ء كجوهر نفيس لا مالك له و ربما يكون شي ء مملوكا لا مالية له

كحبة حنطة مملوكة لاحد فانها مملوكة و لا مالية لها و ثالثة يجتمعان كدار زيد.

و لما انجر الكلام الي هنا لا بأس ببيان حقيقة الملكية فنقول:

الملكية علي أقسام:
القسم الأول: الملكية الحقيقية المختصة بذاته تعالي و تقدس

لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلّٰهِ الْوٰاحِدِ الْقَهّٰارِ «2» و المراد من هذه الملكية القيومية المطلقة.

ازمة الامور طرا بيده و الكل مستمدة من مدده

و مثاله في عالم الخلق قيومية الانسان للصور الذهنية فان هوية

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 1 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 3 و 4.

(2) المؤمن، الآية 16

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 5

تلك الصور و قوامها بالتصور و بمجرد الذهول و قطع النظر عنها تنهدم و تزول.

القسم الثاني: الملكية المقولية التي يعبّر عنها بالجدة

كهيئة الراكب علي المركوب و امثالها.

القسم الثالث: الملكية الاعتبارية التي قيامها باعتبار المعتبر

و هذا القسم اضعف انحاء الملكية و التي تكون محلا للكلام في المقام هو القسم الثالث فالنتيجة ان الحديث الشريف لا يكون دليلا علي المدعي.

بالإضافة الي أن النبوي علي فرض تمامية سندها و دلالتها انما يتم بالنسبة الي المثمن و أما بالنسبة الي الثمن فلا دلالة في الرواية كما هو ظاهر.

الوجه الثالث: قوله تعالي لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ

«1» بتقريب ان المستفاد من الآية الشريفة المنع عن المقابلة بين المال و الباطل و ما لا مالية له فلا يجوز أن يجعل بدل المال ما لا مالية له فيلزم أن يكون الثمن و المثمن كليهما مالا.

و فيه أولا: ان الجار للسببية لا للمقابلة و يكون المراد النهي عن البيع بالاسباب الباطلة و التجارة بها فلا ترتبط الآية بما نحن فيه.

و ثانيا: انه سلمنا المدعي لكن أيضا لا تدل علي المقصود اذ غاية ما يستفاد منها علي التقدير المذكور النهي عن المبادلة و البيع بين عوضين لا مالية لهما و الحال ان الكلام في اشتراط البيع بكون العوضين مالين و المستفاد من الآية النهي عن البيع الخاص

______________________________

(1) النساء الآية 29.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 6

و اشتراطه بالشرط المذكور في اطار مخصوص و دائرة خاصة.

و بعبارة واضحة المستفاد من الآية في الفرض المذكور المنع عن تملك مال الغير بما لا مالية له و اما تملك ما ليس بمال بما لا مالية له فلا تشمله الآية الشريفة و الحال ان مقتضي اطلاق نفوذ البيع جوازه فلاحظ.

الوجه الرابع: انّه لو لم يكن العوضان مالين تكون المعاملة سفهية

و فيه، أولا: انّه يمكن تصوير جهة عقلائية كما لو فرض انّ زيدا أقدم علي شراء صورة والده او علي شراء خطه او علي شراء الشريط الذي سجل فيه صوت والده أو احدا عزته و ثانيا: انا نفرض ان المعاملة سفهائية و لكن اي دليل دلّ علي كون المعاملة السفهائية باطلة فان الدليل قائم علي بطلان معاملة السفيه و اما المعاملة السفهائية فلا دليل علي بطلانها فالنتيجة انه لا يشترط في العوضين الشرط المذكور فلاحظ.

«قوله قدس سره: و اعترضه غير واحد ممن تأخر عنه بوجوب رد المثل»

اثبات وجوب

رد المثل في مفروض الكلام مشكل اذ لا دليل علي الضمان فان عمدة دليل الضمان السيرة الجارية بين العقلاء الممضاة عند الشارع و لم يحرز مثل هذه السيرة من العقلاء و مقتضي الشك في السيرة جريان البراءة من الضمان فلاحظ.

«قوله قدس سره: فلا يخفي وجوب الرجوع الي عمومات صحة البيع و التجارة»

كيف يمكن التمسك بالعموم اذ الشك في المصداق مع انه حقق في محله عدم جواز الأخذ بالدليل فيما يشك في

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 7

المصداق بل ذكرنا مرارا انه في موارد الشبهة المفهومية يمكن احراز عدم كونه مصداقا بالاستصحاب.

و اما حديث تحف العقول فقد مرّ في اوّل الكتاب انه ضعيف سندا و لا جابر له.

[ثم انهم احترزوا باعتبار الملكية في العوضين من بيع ما يشترك فيه الناس]
اشارة

«قوله قدس سره: ثم انهم احترزوا باعتبار الملكية في العوضين من بيع ما يشترك فيه الناس»

الخ قد تقدم منا انه لا دليل علي اشتراط المالية في العوضين و اما اشتراط الملكية فيهما فتارة يقع الكلام في المبيع و اخري في الثمن فيقع الكلام في موردين:

أما

المورد الأول: [الكلام في اشتراط الملكية في المبيع]

فيمكن الاستدلال علي الاشتراط بقوله عليه السلام في حديث الصفار انه كتب الي أبي محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام في رجل باع قطاع ارضين فيحضره الخروج الي مكة و القرية علي مراحل من منزله و لم يكن له من المقام ما يأتي بحدود ارضه و عرف حدود القرية الاربعة فقال للشهود اشهدوا اني قد بعت فلانا- يعني المشتري- جميع القرية التي حدّ منها كذا و الثاني و الثالث و الرابع و انما له في هذه القرية قطاع ارضين فهل يصلح للمشتري ذلك و انما له بعض هذه القرية و قد اقر له بكلها؟ فوقع عليه السلام: لا يجوز بيع ما ليس يملك و قد وجب الشراء من البائع علي ما يملك «1».

فاذا لم يكن البائع مالكا للمبيع لا يجوز بيعه هذا فيما يكون البائع اصيلا و اما اذا كان وكيلا من البائع او كان وليا فأيضا يلزم

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 8

ان يكون الموكل او المولي عليه مالكا للمبيع اذ لو لم يكن مالكا لا يجوز له ان يبيع بنفسه فكيف يمكنه ان يوكل غيره في البيع كما انه لا يجوز للولي التصرف الذي لا يكون جائزا للمولي عليه بنفسه فتحصل انه يشترط في المبيع ان يكون مملوكا للبائع او لموكله او لمن له

الولاية عليه.

و أما

المورد الثاني: [الكلام في اشتراط الملكية في الثمن]

فان قلنا انه اخذ في مفهوم البيع ان يدخل كل من العوضين في كيس من خرج عنه العوض الاخر فلا بد من كون الثمن مملوكا للمشتري كي يحصل العنوان المذكور و يتحقق.

و لكن انا قد انكرنا هذا المدعي و قلنا انه لا دليل عليه و قلنا انه يجوز بمقتضي السيرة اشتراء شي ء لشخص آخر كما لو اشتري احد قرصة خبز من الخباز لغيره و أيضا لا يبعدان تكون السيرة جارية علي ان يأذن احد لغيره ان يبيع المأذون مال الاذن لنفسه فيدخل المبيع في كيس من اشتري له و يخرج الثمن من كيس المشتري كما انه يخرج المبيع في القسم الثاني عن الاذن و يدخل الثمن في كيس المأذون فلا يشترط في الثمن الشرط المذكور.

و لكن مع ذلك في صدق البيع علي مورد لا يكون الثمن مملوكا للمشتري تأمل بل لعله أمر مستنكر في نظر العرف فلو شك في صدق عنوان البيع لا يجوز التمسك بدليل صحته لعدم جواز الاخذ بالدليل في مورد الشبهة المصداقية بل يمكن احراز عدم الصدق بالاستصحاب. و اما لو لم يشك في الصدق بان احرز عنوان موضوع الدليل و انّ عنوان البيع صادق علي مورد عدم كون الثمن مملوكا كما لو جعل الثمن من المباحات الاصلية، فلا مانع عن الاخذ بدليل الصحة كقوله تعالي احل اللّه البيع.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 9

«قوله قدس سره: و احترزوا به أيضا عن الارض المفتوحة عنوة»

الخ بعد فرض كون الارض مفتوحة عنوة مملوكة للمسلمين كيف يحترز عنها فانها داخلة في الكبري الكلية فالحق ان يقال ان الشرط و لو كان حاصلا لكن قد دل الدليل علي عدم جواز

بيع بعض الاملاك كالوقف و الحبس و منذور الصدقة علي قول و غيرها من الموارد و منها الارض المفتوحة عنوة و تخصيص العام او تقييد المطلق ليس امرا عزيزا بل امر شايع بعد قيام الدليل فلاحظ.

[أقسام الأرضين و أحكامها]
اشارة

«قوله قدس سره: الارض اما موات و اما عامرة»

الخ تعرض قدس سره لاقسام الارضين و احكامها و نحن تبعا له نتعرض لكل قسم و نذكر ما يختلج ببالنا القاصر ان شاء اللّه تعالي.

[الأول ما يكون مواتا بالأصالة بأن لم تكن مسبوقة بالعمارة]
اشارة

«قوله قدس سره: و لا اشكال و لا خلاف منا في كونها للامام عليه السلام»

الخ هذا هو القسم الأول و هي الارض الميتة بالاصالة و يقع البحث في هذا المقام في جهات:

الجهة الأولي: في ان الارض الميتة بالاصالة للامام عليه السلام

و ادعي المصنف قدس سره انها للامام عليه السلام بلا خلاف بين الامامية و نقل الاجماع عليه.

و قد حقق في محله عدم اعتبار الاجماع المنقول و ادعي سيدنا الاستاد قدس سره تحقق الاجماع المحصل.

لكن يرد عليه انه علي فرض حصوله محتمل المدرك. فالعمدة النصوص الواردة في المقام. و تدل علي المدعي جملة من الروايات:

منها ما عن حفص بن البختري عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 10

الانفال ما لم يوجب عليه بخيل و لا ركاب او قوم صالحوا او قوم اعطوا بايديهم و كل ارض خربة و بطون الاودية فهو لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و هو للامام من بعده يضعه حيث يشاء «1».

و منها ما عن حماد بن عيسي عن بعض اصحابنا عن العبد الصالح عليه السلام في حديث قال: و للامام صفو المال.

الي ان قال: و له بعد الخمس الانفال و الانفال كل ارض خربة قد باد اهلها و كل ارض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و لكن صالحوا صلحا و اعطوا بايديهم علي غير قتال و له رءوس الجبال و بطون الاودية و الآجام و كل ارض ميتة لا ربّ لها الحديث «2».

و منها ما عن احمد بن محمد عن بعض اصحابنا رفع الحديث الي ان قال: قال: و ما كان من فتح لم يقاتل عليه الي ان قال: و الموات كلها هي له- الحديث «3».

و منها ما عن

اسحاق بن عمار قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الانفال فقال هي القري التي قد خربت الي ان قال. و كل ارض لا رب لها الحديث «4»

و منها ما عن أبي اسامة زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن الانفال فقال: هو كل ارض خربة و كل ارض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب «5». و منها ما عن أبي بصير عن أبي جعفر عليه السلام قال: لنا الانفال. قلت و ما الانفال قال: منها المعادن و الآجام

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث 4.

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث 17.

(4) نفس المصدر الحديث 20.

(5) نفس المصدر الحديث 27.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 11

و كل ارض لا رب لها و كل ارض باد اهلها فهو لنا «1».

و الانصاف ان الاستفاضة لا تتحقق بهذا المقدار فكيف بالتواتر و في المقام جملة من الروايات قد عدّ فيها من الانفال الارض الخربة و لكن الاشكال في انه هل يصدق عنوان الخربة علي الموات بالاصل و الّذي يهون الخطب ان الحكم ظاهرا مسلم عند القوم كما صرح به سيدنا الاستاد علي ما في تقرير درسه الشريف.

و الظاهر انه لا يترتب علي البحث المذكور اثر عملي فان الدليل قائم علي ان احياء الارض الميتة يوجب صيرورة المحياة مملوكة للمحيي فلا فرق بين كون تلك الارض له عليه السلام او لم تكن.

و يدل علي كون الموات بالاصالة مملوكا للامام عليه السلام ما رواه الكابلي عن أبي جعفر عليه السلام قال: وجدنا في كتاب علي عليه السلام «ان الارض للّه يورثها من

يشاء من عباده و العاقبة للمتقين» انا و اهل بيتي الذين اورثنا الارض و نحن المتقون و الارض كلها لنا فمن احيي ارضا من المسلمين فليعمرها و ليؤدّ خراجها الي الامام من اهل بيتي و له ما اكل منها فان تركها و أخربها فأخذها رجل من المسلمين من بعده فعمرها و أحياها فهو احق بها من الذي تركها فليؤد خراجها الي الامام من اهل بيتي و له من أكل منها حتي يظهر القائم عليه السلام من اهل بيتي بالسيف فيحويها و يمنعها و يخرجهم منها كما حواها رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و منعها الا ما كان في ايدي شيعتنا فانه يقاطعهم علي ما في ايديهم و يترك الارض في ايديهم «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث 28.

(2) الوسائل الباب 3 من ابواب احياء الموات الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 12

فان صريح الرواية ان كل ارض مملوكة للامام عليه السلام و عليه تكون الارض الميتة بالاصالة مملوكة له عليه السلام.

و لقائل ان يقول: ان المستفاد من قوله في جملة من الروايات و كل ارض خربة يدل علي ان الميتة بالعارض مملوكة له عليه السلام فالميتة بالاصالة مملوكة له عليه السلام بالاولوية.

[الجهة الثانية هي من الأنفال]

«قوله قدس سره: و هي من الانفال»

الخ لاحظ ما رواه ابن عمار «1» و لاحظ حديث احمد بن محمد «2».

و حديث داود بن فرقد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

قلت: و ما الانفال؟ قال: بطون الاودية و رءوس الجبال و الاجسام و المعادن و كل ارض لم يوجف عليها بخيل و لا ركاب و كل ارض ميتة قد جلا اهلها و قطائع الملوك

«3»

هذه هي الجهة الثانية فان المستفاد من جملة من النصوص كونها من الانفال.

[الجهة الثالثة ابيح التصرف فيها بالاحياء بلا عوض]

«قوله قدس سره: نعم ابيح التصرف فيها بالاحياء بلا عوض» الخ

هذه هي الجهة الثالثة و هي صيرورة الارض للمحيي بالاحياء فان السيرة جارية عليه بلا نكير و تدل علي المدعي طائفة من النصوص.

منها ما عن محمد بن مسلم قال: سألته عن الشراء من أرض اليهود

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 10.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 10.

(3) الوسائل الباب 1 من ابواب الانفال الحديث 32.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 13

و النصاري قال: ليس به بأس الي ان قال: و ايّما قوم احيوا شيئا من الارض أو عملوه فهم احق بها و هي لهم «1».

و منها ما عن محمد بن مسلم أيضا قال: سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول: ايّما قوم احيوا شيئا من الارض و عمروها فهم أحق بها و هي لهم «2».

و منها ما عن عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه عن أبي جعفر و أبي عبد اللّه عليهما السلام قالا: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من أحيي أرضا مواتا فهي له «3».

و منها ما عن زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: من احيي مواتا فهو له «4».

و منها ما عن محمد بن علي بن الحسين قال: قد ظهر رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله علي خيبر فخارجهم علي ان يكون الارض في ايديهم يعملون فيها و يعمرونها و ما بأس لو اشتريت منها شيئا و ايّما قوم احيوا شيئا من الارض فعمروا فهم احق به و هو لهم «5».

فان المستفاد من هذه

النصوص ان الاحياء يوجب صيرورة المحيي مالكا للارض.

«قوله قدس سره: و عليه يحمل ما في النبويين»

الخ لاحظ المرسلين عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: موتان الارض

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 4.

(3) نفس المصدر الحديث 5.

(4) الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث 6.

(5) نفس المصدر الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 14

للّه و رسوله فمن احياء منها شيئا فهو له «1».

و عنه صلي اللّه عليه و آله انه قال: عادي الارض للّه و لرسوله ثم هي لكم مني فمن احي مواتا فهي له «2».

ان قلت قد فرض ان الارض الميتة مملوكة للامام عليه السلام و من ناحية اخري لا يجوز التصرف في مال الغير الا باذنه و كون التصرف موجبا للملكية لا يستلزم جواز التصرف تكليفا و بعبارة اخري الكلام في الجهة التكليفية لا في الجهة الوضعية.

قلت لا اشكال في أن العرف يفهم من قوله عليه السلام من احيي ارضا فهي له الاذن في التصرف و الظهور العرفي حجة بلا اشكال.

فانقدح بما ذكرنا ان ما افاده في الجواهر «3» «من ان الاحياء يحتاج الي الاذن و بلا اذن لا يجوز» مضافا الي قيام الدليل علي عدم جواز التصرف في مال الغير، لا يرجع الي محصل صحيح اذ ان الحرمة التكليفية لا تنافي الجهة الوضعية مضافا الي ان العرف يفهم من دليل كون الاحياء سببا، الاذن في الاحياء.

و صفوة القول ان مقتضي الاطلاق كون الاحياء سببا لحصول الملكية الا ان يقال ان الاجماع قائم علي الاشتراط بالاذن كما صرح به صاحب الجواهر و نقل عن المسالك انه لا شبهة في اشتراط اذن

الامام عليه السلام في احياء الموات و لكن لا اعتبار بالاجماع المنقول.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل ج 17 الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث 5.

(3) ج 38 ص 11.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 15

[الجهة الرابعة في وجوب أداء خراجها للإمام ع]

«قوله قدس سره: و ربما يكون في بعض الاخبار وجوب اداء خراجها الي الامام عليه السلام»

الخ.

هذه هي الجهة الرابعة و هي انه هل يجب شي ء علي المتصرف في الارض بعنوان الخراج أم لا؟ و النصوص الواردة في المقام طائفتان. الطائفة الاولي: ما يدل علي وجوب الخراج.

و من هذه الطائفة ما رواه الكابلي «1» و المستفاد من هذه الرواية وجوب أداء الخراج لكن سند الحديث مخدوش بالكابلي فان الرجل لم يوثق.

و سيدنا الاستاد بني علي وثاقته و استدل علي مدعاه بكون الرجل واقعا في اسناد كامل الزيارات.

و قد أوردنا عليه بما لا مزيد عليه و رجع في اواخر حياته عن القول المذكور و عدل عن مسلكه.

و منها ما رواه عمر بن يزيد قال: سمعت رجلا من أهل الجبل يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام، من رجل اخذ ارضا مواتا تركها أهلها فعمّرها و كري انهارها و بني فيها بيوتا و غرس فيها نخلا و شجرا قال: فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: كان أمير المؤمنين عليه السلام يقول من احيي ارضا من المؤمنين فهي له و عليه طسقها يؤدّيه الي الامام في حال الهدنة فاذا ظهر القائم فليوطن نفسه علي ان تؤخذ منه «2».

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 11.

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب الانفال الحديث 13.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 16

و يستفاد من هذه الرواية وجوب الخراج و وجوب ادائه

علي المحيي و الرواية مخدوشة سندا فان عمر بن يزيد مشترك بين بياع السابري و الصيقل و لم تثبت وثاقة الثاني و انما ذكر ابن داود توثيقه عن النجاشي.

و سيدنا الاستاد قدس سره يقول: ليس تعرض لتوثيق الرجل في كتاب النجاشي و لعلّ نسخة ابن داود كان فيها التوثيق و لكن الاشكال تمام الاشكال ان ابن داود بنفسه لم يوثق كما يظهر من كلام الحر في رجاله و اللّه العالم.

و لم اجد في هذه العجالة دليلا معتبرا علي وجوب الخراج علي المحيي و قد ورد في بعض النصوص وجوب الصدقة علي المحيي لاحظ حديث معاوية بن وهب قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السّلام يقول ايّما رجل اتي خربة بائرة فاستخرجها و كري انهارها و عمرها فان عليه فيها الصدقة فان كانت ارض لرجل قبله فغاب عنها و تركها فاخربها ثم جاء بعد يطلبها فان الارض للّه و لمن عمرها «1».

و لاحظ حديث سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السّلام عن الرجل يأتي الارض الخربة فيستخرجها و يجري انهارها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه قال: الصدقة قلت: فان كان يعرف صاحبها قال:

فليؤدّ إليه حقه «2».

و لكن الظاهر ان المراد من الصدقة الزكاة كما يدل عليه ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السّلام قال: سئل و انا حاضر عن رجل احيي ارضا مواتا فكري فيها نهرا و بني بيوتا و غرس نخلا

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب احياء الموات الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 17

و شجرا فقال: هي له و له اجر بيوتها و عليه فيها العشر فيما

سقت السماء أو سيل واد أو عين و عليه فيما سقت الدوالي و الغرب نصف العشر «1».

و مقتضي القاعدة الاولية عدم الوجوب فان الارض بالاحياء تصير مملوكة للمحيي و مقتضي الاستصحاب عدم اشتغال الذمة بشي ء كما ان مقتضي البراءة عدمه وضعا و تكليفا و السيرة الجارية تقتضي جواز الاحياء و صيرورة الارض مملوكة بالاحياء للمحيي و عدم وجوب شي ء علي من أحياها.

و يمكن ان يقال في تقريب المدعي انه لو كان الخراج واجبا لكان واضحا و شايعا فان مثل هذا الحكم غير قابل لان يبقي تحت الستار و لا يكون معلوما في الشرع الاقدس.

و لكن لو اغمض عن جميع ما ذكرنا و فرض تمامية الدليل علي الوجوب فهل هناك دليل علي عدم وجوب الاداء و علي التحليل أم لا؟

فنقول: يستفاد من جملة من النصوص التحليل.

منها ما عن أبي جعفر عليه السّلام قال: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب عليه السّلام: هلك الناس في بطونهم و فروجهم لانهم لم يؤدوا إلينا حقنا الا و ان شيعتنا من ذلك و آباءهم في حل «2».

فان مقتضي هذه الرواية انه لا يجب شي ء علي الشيعة فيمكن ان يقال ان العرف لا يري معارضة بين الروايتين لكن الجزم به مشكل فان المستفاد من حديث عمر بن يزيد وجوب الاداء و مقتضي حديث

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث 8.

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب الانفال الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 18

التحليل عدم الوجوب و الترجيح بالاحدثية مع حديث عمر بن يزيد «1».

فلا بد من الالتزام بالوجوب و لكن حديث عمر بن يزيد ضعيف سندا كما تقدم فلا يعتد به مضافا الي قيام السيرة

علي عدم الوجوب اضف الي ذلك انه يمكن الجمع بين الجانبين بحمل ما يدل علي الوجوب علي غير الشيعة و حمل ما يدل علي التحليل علي الشيعة فعلي جميع التقادير تكون النتيجة عدم الوجوب بالنسبة الي الشيعة لكن التقاريب تختلف بل الحق عدم الوجوب بالنسبة الي غير الشيعة من العامة و الكفار و اللّه العالم.

الجهة الخامسة انه هل يختص جواز الاحياء بالشيعة أم يعمّ غير الشيعة؟

المستفاد من جملة من الروايات الاطلاق و عدم الاختصاص منها ما عن محمد بن مسلم «2».

و منها ما عن محمد بن مسلم أيضا «3» و منها ما عن عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه «4» و التقييد يحتاج الي الدليل.

و يستفاد التقييد من حديث أبي سيّار مسمع بن عبد الملك في حديث قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: اني كنت و ليت الغوص فاصبت أربعمائة الف درهم و قد جئت بخمسها ثمانين ألف درهم و كرهت ان احبسها عنك و أعرض لها و هي حقك الذي جعل اللّه تعالي لك في أموالنا فقال: و ما لنا من الارض و ما اخرج اللّه منها الا الخمس يا أبا سيّار الارض كلها لنا فما اخرج اللّه منها من شي ء فهو لنا قال:

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص ص 15.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 12.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 13.

(4) قد تقدم ذكر الحديث في ص 13.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 19

قلت له: انا احمل أليك المال كله فقال لي: يا أبا سيّار قد طيبناه لك و حللناك منه فضمّ أليك مالك و كل ما كان في أيدي شيعتنا من الارض فهم فيه محلّلون و محلّل لهم ذلك الي ان يقوم قائمنا فيجبيهم طسق

ما كان في أيدي سواهم فان كسبهم من الارض حرام عليهم حتي يقوم قائمنا فيأخذ الارض من أيديهم و يخرجهم منها صغرة «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا يعتد بها.

و ربما يقال انه يستفاد من حديث ابن مسلم «2» ان غير الشيعة حتي اليهود يجوز لهم التصرف في الارض و لكن التقريب المذكور فاسد لان ملكية الارض لا تنحصر بالاحياء بل لها اسباب مقررة في الشريعة لكن الاطلاقات الاولية كافية للعموم مضافا الي السيرة الجارية و الارتكاز المتشرعي فلاحظ.

[الثاني ما كانت عامرة بالأصالة]
اشارة

«قوله قدس سره: الثاني ما كانت عامرة بالاصالة أي لا من معمر»

الخ.

قال سيدنا الاستاد قدس سره علي ما في التقرير ان الصحيح ان يقال أي لا من عامر فان صيغة اسم فاعل لم تستعمل من باب التفعيل نعم صيغة المعمّر من التفعيل لاسم المفعول استعملت في الشخص الذي عمره كثير فيقال فلان معمّر.

و كيف كان هذا هو القسم الثاني من الارضين و يقع البحث في هذا القسم أيضا من جهات.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب الانفال الحديث 12.

(2) لاحظ ص 13.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 20

الجهة الأولي: في ان هذه الاراضي هل تكون مملوكة أيضا للامام عليه السلام أم لا؟

نقل عن التذكرة دعوي الاجماع علي كونها مملوكة للامام عليه السلام.

و تدل علي المدعي جملة من النصوص. منها ما رواه اسحاق بن عمار «1» و منها ما رواه أبو بصير «2» و منها ما رواه الكابلي «3».

الجهة الثانية: انها من الانفال

و يدل عليه حديث ابن عمار «4».

الجهة الثالثة: في أنه هل يكون دليل علي تقييد الارض المملوكة له عليه السلام بكونها ميتة

ربما يقال بان الاطلاق الوارد في بعض النصوص يقيد بكون الارض ميتة فان جملة من النصوص قد قيدت بهذا القيد و الاطلاق يقيد بالتقييد.

و من تلك النصوص ما ارسله حماد بن عيسي «5» و المرسل لا اعتبار به مضافا الي انه لا وجه للتقييد فانه قد حقق في الاصول ان الوصف و ان كان معتمدا لا مفهوم له.

ان قلت: المعروف بينهم ان المولي اذا كان في مقام بيان الضابطة و التحديد ينعقد لكلامه المفهوم و المقام كذلك.

قلت هذا لا يرجع الي محصل صحيح مثلا لو قال المولي في دليل جعل اللّه الماء طهورا و قال في دليل آخر جعل اللّه ماء البحر طهورا و لم يدل دليل من الخارج علي وحدة المطلوب نحكم بكون الماء

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 10.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 10.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 11.

(4) قد تقدم ذكر الحديث في ص 10.

(5) قد تقدم ذكر الحديث في ص 10.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 21

طهورا علي الاطلاق و الحال انه لقائل ان يقول ان قوله ماء البحر بمفهومه يقتضي نفي الطهورية عن غير ماء البحر فانه في مقام التحديد.

و مرجع هذه الدعوي الي اثبات المفهوم للوصف و الحل ان كل قضية متكفلة لبيان خصوصية لا بدّ من ذكر القيود المعتبرة في تلك الخصوصية لكن هذا لا ينافي اثبات سنخ ذلك الحكم لموضوع آخر و لذا اشتهر في الالسن ان اثبات شي ء لا ينفي الحكم عمّا عداه و أيضا المعروف بين القوم انه لا تنافي بين الاثباتين.

نعم لو علم من الخارج ان المتكلم في مقام بيان

قصر الحكم في موضوع خاص يكون لكلامه نفي الحكم عن غير الموضوع المذكور و لكن هذا ببركة العلم الخارجي و نلتزم بالمفهوم حتي في اللقب فلا تغفل فالنتيجة انه لا وجه للتقييد بل القاعدة تقتضي كون الارض المحياة بالاصالة للامام عليه السلام.

الجهة الرابعة انه هل تملك الارض المحياة بالاصالة بالحيازة أم لا؟
اشارة

و يقع البحث في هذه الجهة في موضعين.

الموضع الاول: في مقتضي القاعدة الاولية

الموضع الثاني في مقتضي الادلة الثانوية.

أما الموضع الاول فنقول مقتضي القاعدة الاولية عدم صيرورتها مملوكة للحائز اذ المفروض كونها مملوكة للامام عليه السلام و لا وجه لصيرورة مال الغير ملكا لآخر بل مقتضي الاستصحاب عدم الانتقال هذا بالنسبة الي الموضع الاول.

و أما

الموضع الثاني [في مقتضي الأدلة الثانوية]
اشارة

فما يمكن ان يستدل به علي المدعي أي صيرورتها مملوكة بالحيازة وجهان.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 22

الوجه الأول: النصوص الخاصة

منها ما روي عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال: من سبق الي ما لا يسبقه إليه المسلم فهو احق به «1».

و هذه الرواية مخدوشة سندا و غير قابلة للاستناد إليها مضافا الي النقاش في دلالتها فان الظاهر من الحديث ان الحكم المذكور حكم ما لا يكون ملكا لاحد و المفروض انه مملوك للغير اي الامام عليه السلام.

و منها ما رواه يونس بن يعقوب عن أبي عبد اللّه عليه السلام في امرأة تموت قبل الرجل او رجل قبل المرأة قال: ما كان من متاع النساء فهو للمرأة و ما كان من متاع الرجال و النساء فهو بينهما و من استولي علي شي ء منه فهو له «2».

و الحديث ضعيف سندا و قاصر دلالة فانه وارد في مورد خاص و اطار مخصوص.

و منها ما عن علي عليه السلام انه سئل عن رجل ابصر طيرا فتبعه حتي وقع علي شجرة فجاء رجل آخر فأخذه قال: للعين ما رأت و لليد ما أخذت «3».

و الحديث ضعيف سندا و قاصر دلالة فان الظاهر من الحديث ان اخذ المباحات يوجب الملكية، و المفروض في المقام ان الارض للامام عليه السلام فلا مقتضي لتملكها، فالوجه الاول غير تام.

الوجه الثاني السيرة الجارية بلا نكير

فان السيرة جارية علي

______________________________

(1) مستدرك الوسائل ج 17 الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث 4.

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب ميراث الازواج الحديث 3.

(3) الوسائل الباب 15 من ابواب اللقطة الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 23

تملك الاراضي المحياة بالاصالة بلا نكير فلاحظ.

الجهة الخامسة في ان جواز التملك بالحيازة هل يختص بالشيعة أم يعم غير الشيعة من العامة و الكفار؟

الظاهر انه لا فرق في جريان السيرة بالنسبة الي الشيعة و غيرهم. و ان شئت قلت: انه لا اشكال بحسب السيرة الجارية الخارجية ان الحيازة من الامور المملكة للحائز و لا فرق في هذه الجهة بين الناس فلاحظ.

[الثالث ما عرض له الحياة بعد الموت]

«قوله قدس سره: الثالث ما عرض له الحياة بعد الموت»

الخ هذا هو القسم الثالث من الارضين و لا فرق بين هذا القسم و القسم الاول الا بانه فرض في القسم الأول كون الارض مواتا بالاصالة و فرض في هذا القسم اي القسم الثالث العمارة بعد الموت فلا فرق بين القسمين الا بملاحظة الموت قبل الاحياء و ملاحظة الاحياء بعد الموت و قد مر الكلام في القسم الأول و يظهر مما ذكرناه هناك حكم هذا القسم كما هو ظاهر فلا وجه للاعادة.

«قوله قدس سره: و هو ملك للمحيي»

الخ كما تقدم و قلنا ان المستفاد من النصوص صيرورة الميتة مملوكة للمحيي بالاحياء.

«قوله قدس سره: بالشروط المذكورة في باب الاحياء»

الخ و الكلام من هذه الجهة موكول الي محله.

«قوله قدس سره: يملك التصرف لا نفس الرقبة»

الخ بل يملك نفس الرقبة بصريح النصوص كما تعرضنا لجملة من النصوص الناصة او الظاهرة في المدعي فراجع ما ذكرناه حول القسم الأول.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 24

[الرابع ما عرض له الموت بعد العمارة]
اشارة

«قوله قدس سره: الرابع ما عرض له الموت بعد العمارة»

الخ هذا هو القسم الرابع من اقسام الارضين.

«قوله قدس سره: فان كانت العمارة اصلية فهي مال الامام عليه السلام»

الخ لاحظ ما رواه اسحاق بن عمار «1» فان المستفاد من الحديث ان كل ارض لا ربّ لها له عليه السلام فالارض العامرة بالاصالة و الميتة كذلك و الميتة بالعرض كلها له عليه السلام لصدق عنوان الموضوع الذي حكم عليه بكونه للامام عليه السلام.

«قوله قدس سره: منشأه اختلاف الاخبار»

الخ الكلام تارة يقع في مقتضي الاصل العملي و اخري في مقتضي الدليل الاجتهادي اما مقتضي الاصل العملي فربما يقال ان مقتضي الاستصحاب بقاء الارض في ملك المحيي

بعد الخراب و لكن قد ذكرنا مرارا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد فالعمدة ملاحظة النصوص الواردة في المقام.

و النصوص الواردة في المقام علي طوائف. الطائفة الاولي: ما يدل علي ان الارض تصير مملوكة بالاحياء للمحيي و من تلك الطائفة ما رواه محمد بن مسلم «2» و منها ما رواه محمد بن مسلم أيضا «3» و منها

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 10.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 12.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 13.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 25

ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه «1» و منها ما رواه زرارة «2».

و مقتضي هذه الطائفة بقاء الارض في ملك المحيي الي ان يتحقق ما يخرجها عن ملكه و بعبارة اخري المستفاد من دليل الاحياء بقاء الارض في ملك المحيي حتي بعد عروض الخراب عليها.

ان قلت: مقتضي اطلاق قوله عليه السلام من احيي ارضا فهي له ان الاحياء مملك علي الاطلاق حتي في محل الكلام.

قلت: يرد علي التقريب المذكور أوّلا النقض بالحيازة فهل يتوهم أحد أن زيدا لو حاز عينا و صار مالكا لها فهل يجوز لغيره ان يحوزها و تصير مملوكة له و ثانيا انه يرد عليه بالحل و هو ان الظاهر بحسب الفهم العرفي ان الشارع في مقام بيان الاسباب المملكة بالنسبة الي ما لا يكون مملوكا للغير فلا يجوز تملك املاك الناس بالحيازة او الاحياء.

اضف الي ذلك انه لو التزم بالإطلاق يلزم التعارض في مدلول نفس الدليل الواحد بالنسبة الي موردين منه و بالتعارض يسقط عن الاعتبار.

توضيح المدعي ان مقتضي دليل الاحياء بقاء الملك حتي بعد عروض الخراب و أيضا

مقتضاه علي الفرض صيرورة المحياة مملوكة للمحيي الثاني و لا يمكن الجمع بين الضدين فيسقط الدليل بالمعارضة فتصل النوبة الي الاصل العملي و هو عدم جعل الشارع الاحياء الثاني مملكا و يترتب علي الاصل المذكور بقاء الارض في

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 13.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 13.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 26

ملك المحيي الاول اذ نعلم بعدم خروجها عن ملكه الا في صورة كون الاحياء الثاني مملكا.

لكن لقائل أن يقول: من الممكن خروجها عن ملك الاول بالخراب فلاحظ. ان قلت: علي هذا الاساس فلا يجوز الاحياء و لا يوجب الملكية اذ المفروض ان الموات مملوكة للامام عليه السلام فلا يجوز تملكها بالاحياء.

قلت لا مجال لهذا الاشكال اذ لو لم يجز يكون جعل الاحياء مملكا لغوا اذ فرض ان كل ارض ميتة مملوكة له عليه السلام.

و بعبارة واضحة لا اشكال في كون الموات مملوكة له عليه السلام كما انه لا اشكال في ان الاحياء مملك فلا يكون كونها مملوكة له مانعا عن التملك فلاحظ.

الطائفة الثانية: ما يدل علي ان الارض الخربة ترد الي صاحبها ان كان لها صاحب و لا اثر لاحيائها لاحظ حديث سليمان بن خالد «1».

فان المستفاد من الحديث المذكور ان الارض الخربة المملوكة للغير اذا زرع فيها آخر تجب عليه الزكاة و أيضا يجب عليها اجرة الزراعة الواقعة في ارض الغير ان قلنا بأن قوله عليه السلام يؤدي إليه حقه يكون المراد منه دفع اجرة الارض و ان قلنا بان المراد دفع رقبة الارض فلا تعرض في الرواية لدفع الاجرة و اما نفس الزرع فللزارع كما هو مقتضي القاعدة فان الزرع للزارع و ان كان

غاصبا و علي كلا التقديرين تدل الرواية علي بقاء الارض في ملك مالكها الاول.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 16.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 27

و مقتضي اطلاق الرواية عدم الفرق بين كون ملكية الاول بالاحياء او بغيره.

الطائفة الثالثة: ما يدل علي ان الخراب ان كان مستندا الي مالكها يكون الاحياء موجبا للملكية للمحيي الثاني و الا فلا لاحظ ما رواه معاوية بن وهب «1».

فان المستفاد من الحديث التفصيل بين الصورتين.

الطائفة الرابعة ما يدل علي ان الاحياء موجب لكونه مملكا علي نحو الاطلاق و يدل بالخصوص بالنسبة الي الارض التي خربت بترك اهلها جملة من النصوص لاحظ ما رواه الكابلي «2».

و هذه الرواية مخدوشة سندا و لاحظ حديث عمر بن يزيد «3» فنقول مقتضي الجمع بين الطوائف الاربع ان يفصل بان يقال ان كان الخراب مستندا الي المالك الاول يكون الاحياء الثاني موجبا لصيرورة الارض مملوكة للمحيي الثاني و ان لم يكن خرابها مستندا إليه بل كان مستندا الي آفة سماوية مثلا تبقي الارض في ملك مالكها الاول و لا فرق في ذلك بين كون سبب الملكية الاولي هو الاحياء او غيره اذ حديث الكابلي مورده ما يكون سبب الملكية الاحياء او غيره اذ حديث الكابلي مورده ما يكون سبب الملكية الاحياء و لا مفهوم له فعلي تقدير الاخذ به و اعتباره لا تختلف النتيجة.

و بعبارة اخري لا تنافي بين حديث الكابلي و حديث ابن وهب و بعبارة واضحة ان مقتضي الطائفة الاولي بقاء الارض في ملك

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 16.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 11.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 15.

عمدة المطالب في التعليق علي

المكاسب، ج 3، ص: 28

المحيي حتي بعد الخراب بلا فرق بين كون الخراب مستندا إليه او لم يكن بفعله و مقتضي الطائفة الثانية بقاء الارض الخربة في ملك مالكها الاول بلا فرق بين كون الخراب مستندا إليه و بين ما لم يكن مستندا إليه و مقتضي الطائفة الثالثة التفصيل بين كون الخراب مستندا إليه و بين ما لم يكن كذلك فبالطائفة الثالثة نقيد الطائفة الاولي و الثانية هذا علي ما فهمنا من حديث ابن وهب.

و يظهر من صاحب الجواهر «1» انه يمكن ان يستفاد من حديث ابن وهب كون الارض لمالكها الاول بتقريب ان المراد من العامر في قوله عليه السلام و لمن عمرها العامر الاول لا الثاني فلا وجه للتفصيل بل الامر كذلك حتي علي القول بالاجمال في حديث ابن وهب اذ مع اجماله يكون المرجع الطائفة الاولي و الثانية من الاخبار و المفروض ان المستفاد منهما بقاء الارض في ملك مالكها الاول حتي بعد الخراب و مقتضي الاستصحاب بقائها في ملك المالك الاول.

و يرد عليه ان المستفاد من حديث ابن وهب ان الارض للعامر الثاني و اما الاستصحاب فلا يجري في الشبهات الحكمية لسقوطه بالتعارض.

«قوله قدس سره: فملكهم لا يزول الا بناقل»

الخ فانه لا وجه لزوالها مع فرض دخول الارض في ملك المحيي بالاحياء.

«قوله قدس سره: او بطرو الخراب علي احد القولين»

الخ الظاهر انه لا وجه لزوال الملكية بالخراب فانه قد تقدم منا

______________________________

(1) جواهر ج 38 ص 22.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 29

التفصيل بين كون الخراب مستندا الي المحيي و غيره و قلنا ان لم يكن الخراب مستندا إليه تبقي الارض في ملكه و لا حق لغيره ان يتصرف فيها بالاحياء

و اما اذا كان مستندا إليه فيجوز لغيره احيائها و يصير الاحياء الثاني سببا لدخولها في ملك المحيي الثاني.

«قوله قدس سره: و قلنا بعدم اعتبار الاسلام»

الخ مع عدم اعتبار الاسلام لا يكون فرق بين الكافر و المسلم فالامر كما افاده و اما مع اعتباره فلا تدخل في ملكه و تبقي مملوكة للامام عليه السلام اذ المفروض عدم تحقق ما يوجب خروجه عن ملكه عليه السلام.

«قوله قدس سره: فملكها يزول بما يزول به ملك المسلم»

الخ ما افاده ظاهر واضح اذ تكون كبقية امواله فيجوز اخذها بعنوان الغنيمة كما انه تزول ملكيته عنها بما يزول به ملك المسلم.

«قوله قدس سره: فيبقي علي ملكه كسائر املاكه»

الخ علي ما هو المقرر.

«قوله قدس سره: فهي أيضا كسائر املاكه تحت يده»

الخ اذ لا وجه للفرق.

«قوله قدس سره: فيصير ملكا للامام عليه السلام»

الخ اما مع عدم الوارث فالامر ظاهر فانه عليه السلام وارث من لا وارث له و اما في فرض الانجلاء بحيث يتحقق الاعراض فان قلنا ان الاعراض يوجب خروج الملك عن ملك المعرض تخرج الارض باعراض الكافر عن ملكه و من ناحية اخري كل ارض مملوكة للامام عليه السلام.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 30

«قوله قدس سره: للمسلمين كافة»

الخ في المقام فروع.

الفرع الأول ان الارض المفتوحة عنوة مملوكة لكافة المسلمين

و هذا هو المشهور فيما بين القوم بل الظاهر ان الحكم المذكور من المسلمات و تدل علي المدعي جملة من النصوص.

«قوله قدس سره: ففي رواية أبي بردة بن رجاء»

الخ عن أبي بردة بن رجاء قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: كيف تري في شراء ارض الخراج؟ قال: و من يبيع ذلك هي ارض المسلمين قال: قلت: يبيعها الذي هي في يده قال: و يصنع بخراج

المسلمين ما ذا؟ ثم قال: لا بأس اشتري حقه منها و يحول حق المسلمين عليه و لعله يكون اقوي عليها و أملأ بخراجهم منه «1» و الرواية ضعيفة بأبي بردة.

«قوله قدس سره: و في مرسلة حماد الطويلة»

الخ لاحظ ما رواه حماد بن عيسي عن بعض اصحابه عن أبي الحسن عليه السلام في حديث قال: يؤخذ الخمس من الغنائم الي أن قال:

و ليس لمن قاتل شي ء من الارضين و لا ما غلبوا عليه الا ما احتوي عليه العسكر الي أن قال: و الارضون التي أخذت عنوة بخيل او ركاب فهي موقوفة متروكة في يدي من يعمرها و يحييها الحديث «2».

و المرسل لا اعتبار به.

«قوله قدس سره: و في صحيحة الحلبي»

الخ عن محمد الحلبي قال: سئل ابو عبد اللّه عليه السلام عن السواد ما منزلته؟ فقال: هو لجميع المسلمين لمن هو اليوم و لمن يدخل في

______________________________

(1) الوسائل الباب 71 من ابواب جهاد العدو الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 41 من ابواب جهاد العدو الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 31

الاسلام بعد اليوم و لمن لم يخلق بعد الحديث «1». و الحديث تام سندا.

(قوله قدس سره: و رواية ابن شريح)

الخ.

عن محمد بن شريح قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن شراء الارض من أرض الخراج فكرهه و قال: انما ارض الخراج للمسلمين فقالوا له: فانه يشتريها الرجل و عليه خراجها فقال: لا بأس الا ان يستحيي من عيب ذلك «2» و الحديث ساقط سندا.

«قوله قدس سره: و رواية اسماعيل بن الفضل الهاشمي»

الخ.

عن اسماعيل بن الفضل الهاشمي قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ارضا من ارض أهل الذمة من الخراج و أهلها

كارهون و انما يقبلها من السلطان لعجز أهلها عنها أو غير عجز فقال: اذا عجز أربابها عنها فلك ان تأخذها الا ان يضاروا و ان اعطيتهم شيئا فسخت أنفس أهلها لكم فخذوها، قال: و سألته عن رجل اشتري أرضا من ارض الخراج فبني بها او لم يبن غير ان أناسا من أهل الذمة نزلوها له ان يأخذ منهم اجرة البيوت اذا أدّوا جزية رءوسهم قال:

يشارطهم فما أخذ بعد الشرط فهو حلال «3» و السند ضعيف.

«قوله قدس سره: و في خبر أبي الربيع الشامي»

الخ.

عن أبي الربيع الشامي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: لا تشتر من أرض السواد شيئا الا من كانت له ذمة فانما هو في ء للمسلمين «4»

______________________________

(1) الوسائل الباب 21 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 4.

(2) نفس المصدر الحديث 9.

(3) نفس المصدر الحديث 10.

(4) نفس المصدر الحديث 5.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 32

و السند غير معتبر و في المعتبر من النصوص الدالة علي المدعي كفاية.

«قوله قدس سره: و ظاهره كما تري عدم جواز بيعها»

الخ.

الفرع الثاني: انه هل يجوز بيعها و لو تبعا للاثر

و يبحث في هذه الجهة تارة من حيث الاصل الاولي و القاعدة الاولية و اخري من حيث ما يستفاد من النص الخاص اما من حيث القاعدة الاولية فالظاهر انه يجوز بيعها اذ المفروض انها مملوكة للمسلمين فيجوز لولي امور المسلمين أي للامام عليه السلام و من يكون نائبا عنه ان يتصدي لبيعها.

و أما من حيث النص الخاص فلا يجوز لاحظ ما رواه الحلبي المتقدم ذكره آنفا فانه قد صرح في تلك الرواية لقوله عليه السلام لا يصلح في جواب السؤال عن جواز البيع.

«قوله قدس سره: باذن الامام عليه السلام»

الخ.

الفرع الثالث انه هل يجوز التصرف فيها بالزرع و نحوه

الظاهر انه لا بدّ من التفصيل بان يقال لا يجوز التصرف فيها الا باذن الامام عليه السلام من باب كونه ولي الامر و يكون اختيار اموال المسلمين بيده حيث انه ولي لهم و أيضا يجوز التصرف باذن السلطان الجائر فانه علم من الشريعة المقدسة ان تصرفات الجائر مورد الامضاء الشرعي و لو لم يكن جائزا و لم يكن تصرفه نافذا لذاع و شاع.

و أما اذن الفقيه الجامع للشرائط فهل هو كاف في زمان الغيبة أم لا؟ فان قلنا: بولايته و كونه نائبا عاما للامام عليه السلام في زمان الغيبة يكون تصرفه كتصرف الامام عليه السلام.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 33

و أما لو لم نقل بذلك- كما لا نقول به- فلا اثر لاذنه و مقتضي القاعدة الاولية عدم ترتب أثر علي اذنه فانه تصرف في مال الغير و مقتضي الاصل الاولي عدم نفوذ التصرف فيه فلاحظ. و لكن هل يمكن الالتزام به فانه مع عدم جواز تصرفاته ربما يلزم تعطيل الارض عن الانتفاع بها.

و بعبارة اخري يمكن ان يقال ان التصرف فيها ربما يدخل

في الامور الحسبية التي بنوا علي جواز تصدي المجتهد الجامع للشرائط لها.

«قوله قدس سره: او باجازته و لو لعموم الشيعة»

الخ.

الفرع الرابع: هل الشيعة مأذونون من قبله عليه السلام في زمان الغيبة

الظاهر انه لا دليل عليه فان أخبار التحليل ناظرة الي ما يكون متعلقا بهم عليهم السلام من الاخماس و امثالها مما يكون مملوكا لهم و اما الاراضي المفتوحة عنوة التي تكون مملوكة لكافة المسلمين فلا تشملها تلك النصوص الدالة علي التحليل فلاحظ.

«قوله قدس سره: و هو علي حكم الاصل»

الخ.

الفرع الخامس: انه لو بني بناء في الارض المفتوحة عنوة باذن من له الاذن أو بغير اذنه فهل يكون البناء تابعا للاصل

في كونه مملوكا للمسلمين أم يبقي في ملك مالكه؟ عن شيخ الطائفة في المبسوط هو الاول و لكن الظاهر عدم تمامية الدعوي المذكورة اما مع الاذن فظاهر اذ لا وجه لخروج البناء عن ملك الباني و اما علي الثاني فغايته حرمة التصرف في الارض و اما خروج البناء عن ملكه فلا وجه له أيضا فالحق انه يبقي البناء الحادث في الارض علي ملك مالكه الاول نعم لو كان البناء الحادث من اجزاء الارض يكون البناء

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 34

تابعا لاصل الارض في كونه مملوكا للمسلمين اذ لا وجه لخروجه عن ملكهم فلا بد من التفصيل.

«قوله قدس سره: في بعض اخبار حل الخراج»

الخ.

لاحظ ما رواه الحضرمي قال دخلت علي أبي عبد اللّه عليه السلام و عنده اسماعيل ابنه فقال: ما يمنع ابن أبي السمال ان يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس و يعطيهم ما يعطي الناس ثم قال لي: لم تركت عطاءك قال: مخافة علي ديني قال: ما منع ابن أبي السمال ان يبعث أليك بعطائك أ ما علم ان لك في بيت المال نصيبا «1» و الحديث ضعيف سندا.

«قوله قدس سره: او فقها بالقواعد الاحتمال الثالث»

الخ.

بتقريب ان الحاكم الشرعي في زمن الغيبة ولي امور المسلمين فلا بد من اجازته لكن قد ذكرنا بان المستفاد من الائمة عليهم السلام امضاء تصرفات السلاطين

و حكام الجور و انما تصل النوبة الي الحاكم الشرعي من باب كونه وليا في الامور الحسبية.

فلقائل ان يقول بان تصرف الحاكم الشرعي انما يكون معتبرا فيما يلزم تعطيل الارض و أما مع وجود سلطان الجور و امكان الاستيذان منه فلا تصل النوبة الي الحاكم.

فالحق أن يقال: ان الاستيذان عن السلطان يكفي لما علم من الائمة عليهم السلام و مع عدم الامكان تصل النوبة الي الاستيذان من الحاكم الشرعي و مع عدم امكانه تصل النوبة الي العدول و مع عدم امكانه تصل النوبة الي الاستيذان من الفساق كبقية الامور الحسبية

______________________________

(1) الوسائل الباب 51 من ابواب ما يكتسب به الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 35

و أما الوجه الرابع فلا دليل عليه و الحديث المشار إليه ضعيف سندا كما مرّ و اما الاخذ بدليل الاحياء فقد تقدم منا انّه ناظر الي غير مملوك الناس و المفروض ان المفتوحة عنوة ملك للمسلمين.

و أما حديث سليمان بن خالد قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي الارض الخربة فيستخرجها و يجري انهارها و يعمرها و يزرعها ما ذا عليه قال: عليه الصدقة «1».

فلا يبعد ان يقال انه في مقام بيان ما علي المتصرف و انه عليه الزكاة و ليس في مقام بيان التصرف في املاك الناس الا ان يقال يفهم من جوابه عليه السلام جواز أصل التصرف.

الفرع السادس: هل يجب الخراج علي المتصرف في أرض الخراج؟

الحق أنه يقال يجب اذ المفروض ان الارض مملوكة للمسلمين و لا وجه للتصرف المجاني فيه، و عليه اما ان يتصرف فيها باذن من الحاكم الشرعي أو بموافقة السلطان و اما يتصرف فيها بلا اذن من أحد.

أما علي الاول فاما تجعل الاجارة بالموافقة بين الطرفين، و

إما يحصل الاذن في مقابل اجرة المثل و إما يحصل الاذن بلا عوض. اما علي تقدير جعل مقدار معين أو الاحالة الي اجرة المثل فظاهر.

و أما علي تقدير الاذن من السلطان مجانا، فالظاهر جواز التصرف كذلك لامضائهم عليهم السلام التصرفات العدوانية التي تصدر من السلاطين و حكام الجور.

و أما علي تقدير التصرف بلا اذن و بلا مجوز فيكون التصرف حراما تكليفا و موجبا للضمان وضعا علي ما هو المقرر من كون

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب احياء الموات الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 36

التصرف العدواني في مال الناس موجبا للضمان فلاحظ.

الفرع السابع: في انه ما حكم ما ينفصل عن الارض المفتوحة عنوة.
اشارة

و الحق ان يفصل بان يقال اذا كان حادثا بفعل المتقبل فهو له كالشجر الذي غرسه في الارض أو الزرع الذي زرعه فيها.

و أما اذا لم يكن بفعل المستأجر فهو علي أقسام:

القسم الأول: أن يكون من اجزاء و متعلقات الارض المملوكة للمسلمين

و لا اشكال في كون مثله لهم.

القسم الثاني: الاعيان التي تعدّ منافع للارض كالاشجار و أمثالها

و لا اشكال أيضا في صيرورتها مملوكة للمسلمين.

القسم الثالث: ما يكون منفصلا عن الارض و يكون معدودا من المنقولات

و هذا القسم يكون للمقاتلين.

القسم الرابع ما يكون مدفونا في الارض

و هذا القسم لا يكون ملحقا بالارض لعدم الدليل عليه، و يحتمل كونه للمقاتلين لكونه من المنقولات ان لم يكن الدليل منصرفا عنه.

الفرع الثامن: انه هل يجوز بناية سقاية أو مسجد او وقف و امثالها في الارض المفتوحة عنوة أم لا؟

أما اذا كان بأذن الامام عليه السلام فالامر ظاهر فان نفس اذنه دليل علي الجواز كما انه لا يبعد الجواز اذا كان باذن السلطان الجائر فان تصرفاته ممضاة عند الشارع الاقدس.

و أما اذا كان بدون الاستيذان فالتصرف باطل و في غير محله اذ لا يجوز التصرف في مال الغير بدون اذن من بيده الامر و هل يجوز باذن الحاكم الشرعي فيما يكون بيده أمر الارض؟

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 37

الذي يختلج ببالي القاصر هو الجواز فان المذكورات لا تنافي منافع المسلمين بل علي طبق مصالحهم كما انه لا نري تنافيا بين كون الارض مملوكة للمسلمين و الدار الحادثة فيها موقوفة و قس علي الدار بقية الامور.

الفرع التاسع: انه هل يجوز تملك اجزاء الارض التابعة لها من التراب و الجص و الآجر و نحوها؟

مقتضي القاعدة الاولية عدم الجواز، اذ المفروض انها كالاصل مملوكة للمسلمين.

و ما افاده الماتن من احتمال كونها من المباحات الاصلية فيجوز تملكها بالحيازة مدفوع بفساد الاحتمال المذكور فان السبق أو الحيازة انما يؤثر بالنسبة الي ما لا ملك له لا بالنسبة الي مملوك الغير و قد فرض كونها مملوكة للمسلمين كما ان الاخذ من الحاكم لا وجه له فان الحاكم ليس له تمليك اموال المسلمين.

نعم لا يبعد القول بالجواز اذا أخذها من السلطان الجائر فان تصرفاته ممضاة عند الشارع الاقدس.

و أما الاستدلال علي الجواز باستمرار السيرة علي بيع الامور المعمولة من تربة ارض العراق من الاجر و الكوز و الاواني و ما يعمل من التربة الحسينية.

ففيه أولا ان كون أرض العراق كلها مفتوحة عنوة أول الكلام و الاشكال و مع الشك في صدق الموضوع يحكم بعدمه بالاستصحاب.

و ثانيا: ان استمرار السيرة من المتشرعة المبالين بالدين الي زمان المعصوم عليه السلام و كونها بمنظر و مسمع منه

عليه السلام أول الكلام و الاشكال.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 38

[مسألة من شروط العوضين كونه طلقا]
اشارة

«قوله قدس سره: و اعلم انه ذكر الفاضلان و جمع ممن تأخر عنهما في شروط العوضين بعد الملكية كونه طلقا»

الخ.

لا يخفي ان التعبير بالسبب و الشرط و المانع في الاحكام الشرعية تكليفية كانت أم وضعية مسامحة اذ لا تأثير و لا تأثر و لا علية و لا معلولية هناك بل الصحيح في الاحكام الشرعية أن يعبر بالمتعلقات و بالموضوعات فان الوجوب مثلا يتعلق بالمركب الفلاني و بالفعل الكذائي و الملكية تتعلق بالعقد الفلاني و الزوجية تترتب علي الموضوع الكذائي و هكذا.

هذا من ناحية، و من ناحية اخري الاهمال في الواقع أمر غير معقول فاذا رتب الشارع الملكية علي البيع مثلا فلا بد اما ان يكون متعلق اعتباره مطلقا و بلا قيد و اما يكون مقيدا بقيد و علي هذا الاساس لا مانع عن القول بانه يشترط في العوضين ان يكونا طلقا أي مطلق العنان أي يشترط فيه ان لا يكون مانع عن البيع و يتفرع عليه عدم الجواز في الموارد المشار إليها و علي كل تقدير الامر سهل.

«قوله قدس سره: النذر المتعلق بالعين»

الخ.

الحق ان النذر لا يكون مانعا عن صحة البيع فان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن الضد و علي فرض القول به أيضا لا يكون مانعا اذ النهي التكليفي لا يستلزم الفساد الوضعي بل عن أبي حنيفة ان النهي يدل علي الصحة و ان كان ما قاله فاسد بلا طائل.

«قوله قدس سره: و الخيار المتعلق به».

الخيار متعلق بالعقد و لا يرتبط بالعين و الحق ان الخيار لا يكون

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 39

مانعا عن صحة البيع

و التفصيل موكول الي مجال آخر.

«قوله قدس سره: و الارتداد»

بتقريب انه في معرض القتل فلا مالية له و فيه أولا انه لا يشترط في المبيع المالية و ثانيا انه لا اشكال في عدم سقوطه عن المالية بالارتداد اذ هو باق علي ملك مالكه و يمكن عتقه.

«قوله قدس سره: و الحلف علي عدم بيعه»

ان تم شرائط الحلف يكون بيعه حراما بعد الحلف و لكن قد مرّ آنفا عدم التلازم بين الجهة الوضعية و التكليفية.

«قوله قدس سره: و تعيين الهدي للذبح»

تعيين الهدي للذبح لا يخرج الذبيحة عن ملك مالكه و لا وجه لفساد بيعه الا ان يقوم دليل معتبر عليه.

«قوله قدس سره: و اشتراط عتق العبد في عقد لازم»

اشتراط العتق لا يقتضي فساد البيع و قد تقدم ان الامر بالشي ء لا يقتضي النهي عن الضد مضافا الي انه لا تلازم بين الحكمين.

«قوله قدس سره: و الكتابة المشروطة»

الكلام فيها هو الكلام فلا وجه للاعادة.

«قوله قدس سره: علي جواز ذلك»

و بناء علي عدم جواز بيعه من قبل الوارث وضعا.

«قوله قدس سره: فانه مانع من لزوم»

فعليه يكون البيع جائزا غاية الامر لا يكون لازما فلاحظ.

[مسألة لا يجوز بيع الوقف إجماعا محققا في الجملة و محكيا]
اشارة

«قوله قدس سره: لا يجوز بيع الوقف»

الخ.

يقع البحث في مقامين:

[المقام الأول: في بيان حقيقة الوقف

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 40

و بيان مفهومه. المقام الثاني: في الوجوه التي يمكن الاستدلال بها علي عدم جواز بيعه.

أما المقام الأول: فالمستفاد من موارد الاستعمال و كلمات اهل اللغة ان الوقف عبارة عن جعل الشي ء ساكنا كما يقال وقفت سفينة المساكين. قال في مجمع البحرين: تكرر ذكر الوقف في الحديث و هو تحبيس الاصل و اطلاق المنفعة و عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: حبس الاصل و سبّل الثمرة «1».

فيمكن ان يقال ان الوقف الخارجي جعل الشي ء ساكنا و الوقف الاعتباري عبارة عن جعل الشي ء ساكنا و غير متحرك في ظرف الاعتبار.

و عليه نقول: الوقف بماله من المعني ينافي البيع و مع ذلك لا ينافي جواز بيعه في بعض الموارد اذ التخصيص امر جائز فجواز البيع في موارد الجواز من باب التخصيص لا من باب التخصص فلاحظ.

و أما

المقام الثاني و هو عدم جواز بيع الوقف فيمكن الاستدلال عليه بوجوه.
الوجه الأول: ان الوقف بما له من المفهوم اشرب فيه التوقف و السكون و عدم الانتقال في وعاء الاعتبار.
الوجه الثاني: الاجماع

و الظاهر ان الامر فوق الاجماع اي عدم جواز بيع الوقف من الواضحات عند عامة المتشرعة فضلا عن الفقهاء.

الوجه الثالث: قوله عليه السلام: «الوقوف علي حسب ما يوقفها

______________________________

(1) المستدرك الباب 2 من ابواب الوقوف الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 41

اهلها» فعن محمد بن الحسن الصفار انّه كتب الي أبي محمد الحسن ابن علي عليهما السلام في الوقف و ما روي فيه عن آبائه عليهم السلام. فوقع عليه السلام الوقوف تكون علي حسب ما يوقفها اهلها ان شاء اللّه «1».

و عن محمد بن يحيي قال: كتب بعض اصحابنا الي أبي محمد عليه السلام في الوقوف و ما روي فيها فوقع الوقوف علي حسب ما يقفها أهلها ان شاء اللّه «2».

فان المستفاد من النص ان الشارع الاقدس امضي الوقف علي طبق ما جعله الواقف و من الظاهر ان الواقف يوقف الموقوفة عن الحركة الاعتبارية و يسكنه فلا مجال لحركته اي انتقاله من ملك الي ملك آخر.

الوجه الرابع: جملة من النصوص.

منها ما رواه ربعي بن عبد اللّه عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال تصدق امير المؤمنين عليه السلام بدار له في المدينة في بني زريق فكتب:

بسم اللّه الرحمن الرحيم هذا ما تصدق به علي بن أبي طالب و هو حي سويّ تصدق بداره التي في بني زريق صدقة لاتباع و لا توهب حتي يرثها اللّه الذي يرث السموات و الارض و اسكن هذه الصدقة خالاته ما عشن و عاش عقبهن فاذا انقرضوا فهي لذي الحاجة من المسلمين «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

(3) الوسائل الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 42

فان المستفاد من الحديث ان قوام الوقف بسكونه و عدم انتقال بالبيع و نحوه من النواقل.

و تقريب الاستدلال علي المدعي بالرواية ان قوله لاتباع

و لا توهب يدل علي ان الصدقة علي نوعين احدهما صدقة قابلة للانتقال كالصدقات المستحبة و كالزكاة الواجبة ثانيهما صدقة غير قابلة للنقل كالوقف و الدليل علي كونهما صفتين للنوع فتدلان علي تنويع الصدقة بنوع قابل في ذاته للانتقال و نوع غير قابل ذاتا له امور:

منها ان الظاهر من كلامه عليه السلام صدقة لاتباع و لا توهب مفعول مطلق لقوله تصدق فيكون كلامه دليلا علي المدعي كما هو ظاهر.

و منها انه لو كان وصفا للشخص كان المناسب ان يتأخر في الذكر عن الموقوف عليه و بعبارة اخري القانون الادبي يقتضي تأخر الشرط عن المشروط عليه.

و منها انه لو كان وصفا للشخص و شرطا في خصوص الوقف المذكور لكان حقه ان يصدر بقوله بشرط ان يكون كذا كما هو المعمول في باب الاشتراط.

و منها ان شرط الفعل لا يقتضي المنع الوضعي بل يقتضي المنع التكليفي فقط فلو باع احد داره من آخر و اشترط عليه ان لا يتزوج بفلانة فان المشروط عليه لو تزوج بفلانة يكون ازدواجه صحيحا نعم يكون حراما تكليفا و عليه لو باع الموقوف عليه الوقف و لو مع شرط عدم البيع يكون بيعه صحيحا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 43

الا ان يقال ان التزم بكون الوصف و صفا للشخص يلتزم باللازم المذكور لكن لا وجه له فلاحظ.

و صفوة القول انه لا اشكال في ان الظاهر من الحديث المذكور ان الوقف بذاته متصف بالوصف المذكور و متقوم بكونه غير قابل للانتقال.

«قوله قدس سره: كان اشتراط عدمه علي الاطلاق فاسدا»

الخ اشتراط عدم التصدي للامر الجائز لا يكون مخالفا للشرع فانه تارة يشترط علي الموقوف عليه ان لا يكون البيع جائزا و اخري

يشترط عليه انه لا يبيع. أما علي الاول فالشرط فاسد.

و أما علي الثاني فلا وجه للفساد مثلا تارة يشترط البائع علي المشتري أن لا يشرب الماء شهرين و اخري يشترط عليه أن يكون شرب الماء حراما عليه مدة شهرين فان الشرط الاول جائز و يجب علي المشتري أن يعمل به و يكون الشرب حراما عليه مدة شهرين فان الشرط يوجب صيرورة الحلال حراما بالاشتراط و أما الاشتراط يكون مخالفا مع الشرع فلاحظ.

الثاني فلا يصح لانه مخالف مع الشرع و أما عدم شرب الماء فلا و منها ما رواه ابو علي ابن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك اشتريت ارضا الي جنب ضيعتي بألفي درهم فلمّا و فرت المال خبرت ان الارض وقف فقال: لا يجوز شراء الوقوف و لا تدخل الغلة في ملكك ادفعها الي من اوقفت عليه قلت: لا اعرف لها ربا قال: تصدق بغلتها «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 44

فان الرواية بصراحتها تدل علي عدم جواز بيع الوقف.

و منها ما رواه عجلان ابو صالح قال: أملي ابو عبد اللّه عليه السلام:

بسم اللّه الرحمن الرحيم، هذا ما تصدق به فلان بن فلان و هو حيّ سوي بداره التي في بني فلان بحدودها صدقة لاتباع و لا توهب حتي يرثها وارث السماوات و الارض و انه قد اسكن صدقته هذه فلانا و عقبه فاذا انقرضوا فهي علي ذي الحاجة من المسلمين «1».

و تقريب الاستدلال بالرواية يظهر مما ذكرنا في تقريب الاستدلال بحديث ابن راشد فلا وجه للاعادة.

و منها ما رواه أيوب بن عطية قال: سمعت أبا عبد اللّه

عليه السلام يقول: قسم رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله الفي ء فأصاب عليا عليه السلام ارض فاحتفر فيها عينا فخرج منها ماء ينبع في السماء كهيئة عنق البعير فسماها عين ينبع فجاء البشير يبشره فقال:

بشرّ الوارث بشر الوارث هي صدقة بتّا بتلا في حجيج بيت اللّه و عابر سبيله لاتباع و لا توهب و لا تورث فمن باعها او وهبها فعليه لعنة اللّه و الملائكة و الناس اجمعين لا يقبل اللّه منه صرفا و لا عدلا «2».

فان المستفاد من الحديث ان الوقف لا يباع و لا يوهب.

و منها ما رواه ابن الحجاج قال: بعث إليّ بهذه الوصية ابو ابراهيم عليه السلام هذا ما اوصي به و قضي في ماله عبد اللّه علي ابتغاء وجه اللّه ليولجني به الجنة و يصرفني به عن النار و يصرف النار عنّي يوم تبيض وجوه و تسودّ وجوه ان ما كان لي من مال بينبع من مال

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 3.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 45

يعرف لي فيها و ما حولها صدقة و رقيقها الي ان قال: لا يباع منه و لا يوهب و لا يورث الحديث «1».

فانه يستفاد من الحديث ان الوقف نوع صدقة لا يباع و لا يوهب و لا مجال لان يتوهم انه قد شرط علي الموقوف عليه عدم البيع لان المستفاد من الحديث انه لا يجوز بيعه و لا شرائه و من الظاهران الشرط علي الموقوف عليه يقتضي عدم جواز بيعه و اما حرمة الاشتراء فلا وجه لها اذ المشتري لا يكون مشروطا عليه فيعلم ان بيع الوقف ممنوع وضعا فلا فرق

بين البائع و المشتري فلاحظ.

«قوله قدس سره: و مما ذكرنا ظهران المانع عن بيع الوقف امور ثلاثة»

الخ

يرد عليه أولا: انه كيف ظهر مما ذكر اذ لم يظهر شي ء مما ذكر و ثانيا ان ما افاده ليس تاما اما الواقف فبعد الوقف اجنبي عن العين الموقوفة فاي حق له بعد كي يكون مانعا.

مضافا الي أنه اي تناف بين بيع العين الموقوفة و جعل عوضها صدقة جارية و أما البطون المتأخرة فعلي فرض كونهم ذوي الحقوق بالنسبة الي العين الموقوفة فالامر بالنسبة إليهم كما ذكرناه في الواقف اذ اي تناف بين الامرين بان نقول يجوز البيع و يجعل بدل العين موقوفا.

اضف إليه انه أي دليل دل علي ثبوت حق مانع عن البيع و اما التعبد الشرعي فليس الا حكم الشارع بعدم الجواز و لا مجال لان يقال ان المانع التعبد الشرعي المكشوف عنه بالروايات،

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 46

فان النهي الشرعي يقتضي عدم الجواز لا ان النهي كاشف عن مانع موجود في الرتبة السابقة.

و علي الجملة لا مانع عن بيع الوقف الا حكم الشارع بعدم الجواز و اما كونه له و عليه عوضه فلا ينافي جواز بيعه فان الصدقات المستحبة و كذا الواجبة له تعالي و عليه عوضه و مع ذلك يجوز بيعها و لا تنافي بين الامرين.

«قوله قدس سره: و سيجي ء التفصيل»

و يظهر ان شاء اللّه تعالي انه لا مانع الا النهي الشرعي فانتظر.

«قوله قدس سره: ثم ان جواز البيع لا ينافي بقاء الوقف الي ان يباع».

وقع الكلام بينهم في أن الوقف هل يبطل بعروض مجوز البيع أو يبطل بالبيع خارجا اختار الاول

الشيخ الكبير و تلميذه صاحب الجواهر و ذهب الي القول الثاني الماتن قدس سره.

و تقريب الاستدلال علي القول الاول ان بقاء الوقف بحاله و جواز بيعه متنافيان فلا بد من الالتزام بزوال عنوان الوقف بعد عروض مجوز بيعه.

و يرد عليه أولا: ان الكلام في موارد بيع الوقف فلا بد من التحفظ علي الموضوع.

و ثانيا: انه لو بطل الوقف بعروض مجوز البيع فهل تكون العين بعد بطلان الوقف من المباحات الاصلية او ترجع الي ملك الواقف او تصير مملوكة للموقوف عليهم ملكا طلقا الظاهر بطلان جميع المذكورات فلا بد من الالتزام ببقاء الوقف بحاله و عدم خروجه عن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 47

الوقفية الا بالبيع.

و ثالثا انّ التقريب المذكور للاستدلال علي مدعي كاشف الغطاء فاسد من اصله و اساسه اذ لا تنافي بين الامرين لانه يمكن إنشاء الوقف و اعتبار عدم الحركة من الواقف و الشارع الاقدس يحكم بالجواز في المورد الفلاني.

و يمكن أيضا ان الواقف من اوّل الامر يعتبر عدم حركة العين الا مع عروض المجوز و يرفع اليد عن اعتباره عند تحقق البيع مع اجتماع الشرائط المقررة فما دام لم يتحقق البيع يكون الوقف بحاله و بعد تحقق البيع ينتقل و يبطل الوقف فما افاده الماتن هو الصحيح و لا اشكال فيه.

«قوله قدس سره: فتأمل»

يمكن أن يكون أمره بالتأمل اشارة انه لا وجه للمقايسة بين المقامين فان جواز الهبة لا ينافي حقيقة الهبة اذ الهبة عبارة عن التمليك المطلق و لا تنافي بين التمليك علي الاطلاق و ثبوت حق للواهب في رفع العقد و حله بل الجواز قوامه بتحقق الملكية المطلقة فان الجواز مترتب علي تحقق العقد و ثبوته و اما

الوقف فمتقوم بعدم الحركة و بقاء السكون فلا يجتمع السكون مع الحركة فلاحظ. و لكن قد ظهر مما ذكرنا عدم التنافي في المقام أيضا.

«قوله قدس سره: ان المنع عن البيع ليس مأخوذا في مفهومه»

كيف يمكن الاذعان بما افاده اذ نسأل ان الواقف هل يعتبر الوقوف و السكون حتي مع عروض البيع علي العين او يكون اعتباره للسكون مقيدا بعدم عروض البيع او مهمل؟

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 48

اما الاهمال فغير معقول و اما التقييد فلا يكون متعرضا لصورة البيع و اما الاطلاق فمرجعه الي المنع عن البيع اي باعتباره السكون علي الاطلاق يلغي اثر البيع فالحق ان الوقف متقوم بالمنع عن البيع لكن لا علي نحو الاشتراط بل بلحاظ اعتبار السكون و عدم الحركة علي الاطلاق الا فيما يباع مع مجوز البيع.

«قوله قدس سره: بل هو في غير المساجد و شبهها قسم من التمليك»

الظاهر ان الامر كما افاده فان الوقف في غير المسجد تمليك للعين للموقوف عليه.

و بعبارة اخري: الوقف في غير المسجد قبل الوقف ملك للواقف و بعده ملك للموقوف عليه و اما المسجد فأيضا وقف لكن ليس مملوكا لجهة من الجهات بل المسجد تحرير للعين عن الملكية و جعل العين معنونا بعنوان المسجدية الذي يترتب عليه احكام خاصة و صفوة القول ان المسجد نوع من الوقف غاية الامر لا يكون له موقوف عليه.

و لذا قال سيدنا الاستاد في منهاجه في المسألة الثانية من كتاب الوقف «الوقف تارة يكون له موقوف عليه يقصد عود المنفعة إليه و تارة لا يكون كذلك و الثاني وقف المسجد» انتهي موضع الحاجة من كلامه.

فلا يصح ما ربما يتوهم من ان المسجد لا يكون وقفا بل

هو تحرير فانه خلاف المرتكز المتشرعي و خلاف المشتهر بين المسلمين من كون المسجد من مصاديق الوقف و لذا السيرة جارية علي اجراء إنشاء وقفه بصيغة الوقف فالحق ان يقال اذا لوحظ في الوقف الموقوف

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 49

عليه تكون العين مملوكة له و اما المسجد فهو وقف بلا لحاظ موقوف عليه.

فالوقف عبارة عن اعتبار السكون و عدم الحركة الاعتبارية فتارة يعتبر انتقاله الي جهة و اخري اخراج عن الملك و تحرير له عن قيد المملوكية بلا ادخاله في مملوكية اخري فلاحظ هذا تمام الكلام بالنسبة الي المساجد.

و أما غير المساجد فالظاهر انه ليس كالمسجد فان التحرير يختص بالمسجد و اما غيره فهو كبقية الاوقاف مملوك للموقوف عليه حتي ان الامر كذلك بالنسبة الي موقوفات المسجد فان فرش المسجد مثلا مملوك للمسجد.

و يظهر الفرق بين القول بكون الموقوف ملكا للجهة الخاصة و كونه محررا في الضمان و عدمه فانه لو اتلف احد شيئا من الوقف فعلي تقدير الالتزام بكونه مملوكا يتحقق الضمان و علي تقدير عدم الالتزام بالملكية لا مقتضي للضمان.

[الكلام في الوقف المؤبد و المنقطع]
[أما المؤبد و هو علي أقسام]
اشارة

«قوله قدس سره: اذا عرفت ما ذكرنا فيقع الكلام تارة في الوقف المؤبد»

الخ الوقف اما مؤبد و اما غير مؤبد و المراد بالمؤبد ما لا يتصور فيه الانقضاء كالاوقاف العامة و المراد بغير المؤبد الاوقاف الخاصة التي يتصور فيها انقراض الموقوف عليهم كالوقف للذرية طبقة بعد طبقة و الظاهر انه ليس المراد من غير المؤبد الموقت فانه مستنكر عند ارتكاز المتشرعة اذ التأبيد مقوم للوقف.

و المؤبد علي اقسام:

القسم الأول: المسجد

فانه تحرير و قسم من الوقف المؤبد و عدم جواز بيعه من الواضحات الاولية مضافا الي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 50

انه لا يكون مملوكا و لا بيع الا في ملك.

القسم الثاني: ما يكون وقفا علي القسم الأول كالفرش

و السراج و امثالهما مما يكون وقفا للمسجد فان هذه الاشياء مملوكة للمسجد لاجل انتفاع المسجد بها.

القسم الثالث: ما يكون وقفا لطائفة خاصة لاجل انتفاعهم بنفس العين

كالمدارس الموقوفة علي الطلاب فانها مملوكة لهم لاجل ان ينتفعوا بها.

القسم الرابع: ما يكون وقفا لطائفة او جهة لاجل الانتفاع بمنافعها كالحمام

الموقوف علي زوار الحسين عليه السلام فانه مملوك لكلي الزائر لاجل انتفاعه بمنافعه و تكون منفعتها مملوكة لذلك الكلي.

القسم الخامس: ان يكون وقفا للجامع بين الانواع المختلفة كالقناطر

و الجسور و امثالهما فانها وقف علي كلي المار عليها و مملوكة له لاجل الانتفاع بها بالعبور عليها و قس عليها بقية الموارد.

و في بعض هذه الاقسام تكون المنفعة مملوكة للموقوف عليه كالحمام الموقوف و نحوه و في بعض الاقسام يكون المملوك للموقوف عليه الجهة الخاصة كالسكني في المدارس و العبور علي القناطر و هكذا.

و الدليل علي المدعي المذكور قوله عليه السلام: «الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها» فان مقتضي الجملة المذكورة ان الواقف باي نحو اعتبر و انشأ يكون نافذا شرعا مضافا الي انه لا يبعدان ما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 51

ذكرنا موافق للارتكاز المتشرعي فان التأمل في موارد الاوقاف يقتضي ان الامر كما ذكرنا.

و الانصاف ان ما قلناه و حققناه امر مطابق للارتكاز و تقتضيه القاعدة المستفادة من الشرع الاقدس فلاحظ و اغتنم.

«قوله قدس سره: فان الموقوف عليهم انما يملكون الانتفاع دون المنفعة»

الخ قد ظهر مما ذكرنا ان الوجه المذكور لا يكون دليلا علي المدعي فانه لا تنافي بين كون العين الموقوفة مملوكة للموقوف عليه و بين عدم كونه مالكا للمنفعة فانا قد ذكرنا ان اعتبار الواقف يختلف و الجامع بين الكل أن يجعل العين ملكا للموقوف عليه الا في المسجد فانه تحرير لا تمليك فالتمليك جامع بين جميع الاقسام.

غاية الامر التمليك تارة لاجل تملك المنفعة و اخري لاجل تملك الانتفاع و يمكن ان يقال انه ليس في القسم الثاني تملك للانتفاع بل الموقوف عليه له ان ينتفع بالمدرسة او بالخان او بالجسر و القنطرة و هكذا.

و لا يخفي انه لا

يجوز البيع في جميع هذه الموارد لعدم جواز بيع الوقف و ليعلم ان المالك ليس هو الشخص الخارجي بل المالك الجامع العنواني ككون الخمس ملكا للسيد و الزكاة للفقير.

«قوله قدس سره: يوجر للزراعة و نحوها»

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 51

الخ باي مستند يمكن الاستناد في جواز اجارة المسجد مثلا فان امر الاجارة بيد من بيده الاختيار بان يكون المؤجر مالكا للعين او وكيلا عن المالك او وليا علي المالك اوله الولاية علي التصرف في العين.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 52

و في المقام لا اشكال في عدم تحقق العناوين الثلاثة الاولية و أما الولاية علي التصرف في العين فلا دليل عليها و مقتضي الاصل الاولي الفساد في المعاملات و الامور الوضعية.

و صفوة القول انه لا فرق بين البيع و الاجارة بالنسبة الي عدم الجواز لعدم الدليل عليه نعم مقتضي القاعدة الاولية في صورة عدم المزاحمة و عدم ترتب محذور يكون الانتفاع من المسجد جائزا للسيرة و لا يوجب الضمان لعدم كون المسجد مملوكا بل عنوانه التحرير.

و لذا قلنا

ان الوقف اقسام
القسم الأول: ما يكون محررا و غير مملوك لاحد

و لا لعنوان كلي و لا لمجموع من الاشخاص و لا لجهة من الجهات بل المسجد محرر عن المملوكية.

ان قلت: قوله تعالي «وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ فَلٰا تَدْعُوا مَعَ اللّٰهِ أَحَداً «1»، يدل علي ان المساجد له تعالي فكيف لا يكون المسجد مملوكا بل هو مملوك له تعالي.

قلت: لا دليل علي كون المراد من المساجد المذكورة في الآية ما نحن بصدده فانه يمكن ان يكون المراد بها مواضع السجود في بدن

المكلف.

كما يظهر من كلام عن أبي جعفر محمد بن علي الجواد عليه السلام في جواب الخليفة العباسي الملعون حين سأله عن موضع قطع يد السارق و القضية مشهورة، و هي سؤال المعتصم له قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: السجود علي سبعة اعضاء الوجه و اليدين و الركبتين و الرجلين و قال اللّه تبارك و تعالي «وَ أَنَّ الْمَسٰاجِدَ لِلّٰهِ» يعني بهذه

______________________________

(1) الجن/ 18.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 53

الاعضاء السبعة التي يسجد عليها، فلا تدعوا مع اللّه احدا و ما كان للّه لم يقطع يعني لم يقطع في السرقة من غير مفصل الاصابع من اليد و يبقي الكف للسجود عليه «1».

و قال في مجمع البيان و قيل المساجد مواضع السجود من الانسان و هي الجبهة و الكفان و اصابع الرجلين و عينا الركبتين و هي له تعالي اذ خلقها و انعم بها فلا ينبغي ان يسجد بها لاحد سوي اللّه تعالي الي ان قال:

و قيل ان المراد بالمساجد البقاع كلها و ذلك لان الارض كلها جعلت للنبي صلي اللّه عليه و آله مسجدا الخ فلا تدل الآية الشريفة علي كون المسجد مملوكا له تعالي.

و الذي يؤيد بل يدل علي ما ندعي ان الواقف للمسجد لا يقول في مقام الانشاء اني وقفت هذا المسجد للصلاة أو لغيرها بل يقول اني وقفت هذا المكان للمسجد أو يقول اني جعلت هذا المكان مسجدا فالمسجد نوع خاص من الوقف في قبال بقية الاقسام.

و يترتب علي ما ذكرنا انه لا يجوز بيعه اذ لا بيع الا في ملك و يشترط في البيع كون المبيع مملوكا فعدم جواز بيع المسجد لا يحتاج الي دليل خارجي

بل عدم جواز مقتضي القاعدة الاولية و أيضا لا يجوز اجارته لعدم المقتضي للجواز نعم كما تقدم لا مانع عن الانتفاع به فيما لا يكون مزاحما مع العابدين و الراكعين و الساجدين و لا يوجب الانتفاع منه الضمان لعدم كونه مملوكا فلاحظ.

القسم الثاني من الوقف أن يكون وقفا للذرية

كما هو المتعارف و هذا يتصور علي نحوين.

______________________________

(1) البرهان ج 4 ص 395 الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 54

احدهما: أن تكون منفعة الوقف لهم كالدار الموقوفة فانها توجر و يكون مال الاجارة للذرية كلهم يقسم بينهم بالسوية اذ لا وجه لترجيح بعضهم علي غيره و التصرف في العين في هذه الصورة يوجب الضمان.

ثانيهما: ان يكون الموقوف عليه مالكا للانتفاع بالسكني فيها و الظاهر ان التصرف في العين و الانتفاع منها يوجب الضمان اذ المفروض ان العين و الانتفاع منهما كليهما مملوكان للموقوف عليه و لا يجوز بيع هذا القسم من الوقف أيضا الا مع تحقق ما يقتضي الجواز و لا وجه للتفصيل في عدم الجواز بين الوقف الدائم و المنقطع بالالتزام بعدم الجواز في الاول و الجواز في الثاني.

القسم الثالث: الاوقاف العامة كالمدارس و الخانات و الحمامات و هو علي نحوين أيضا.

احدهما ان تجعل العين وقفا للطلبة بحيث ترجع منفعة العين إليهم و يكون الموقوف عليه مالكا لمنفعة الدار.

ثانيهما: ان يكون الموقوف عليه مالكا للانتفاع اي مالكا للسكونة مثلا و الظاهر ان الانتفاع من العين لغير الموقوف عليه يوجب الضمان لقاعدة الاتلاف.

و لا يخفي ان التعبير بملكية الانتفاع في مقابل ملكية المنفعة يكون المراد منه ان الموقوف عليه تارة يكون مالكا للمنفعة علي الاطلاق و اخري يكون مالكا للحصة الخاصة من المنفعة اي السكني مثلا، و الا كيف يكون الانسان مالكا لفعل نفسه فالمقصود من الانتفاع المنفعة الخاصة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 55

القسم الرابع: باعتبار
و الخامس باعتبار آخر و هو الوقف علي الوقف كالقناديل الموقوفة علي الضرائح المقدسة

و الفرش و امثاله الموقوفة علي المساجد و أمثالها فانها أيضا مملوكة للوقف و لا مانع منه فان الاعتبار خفيف المئونة و موافق مع الارتكاز العقلائي المتشرعي.

و ببيان واضح لا مانع عن كون الجهة الخاصة مالكة فيقال هذا فرش المسجد و هذا سراجه و هذا منبره و هكذا و اتلافه يوجب الضمان.

بقي الكلام في المشاهد المشرفة و ما يتعلق بها فالكلام يقع في موضعين احدهما، فيما يتعلق بها من الفرش و امثاله. ثانيهما في نفس الارض.

أما الموضع الاول: فلا اشكال في كون الآلات المتعلقة موقوفة لهذه الناحية كالآلات المتعلقة بالمسجد.

و أما الموضع الثاني اي نقس اراضي المشاهد المشرفة فقال سيدنا الاستاد قدس سره: انها كالمسجد في كونها تحريرا و ليس وقفا و تمليكا و يترتب عليه ما يترتب علي المسجد من الاحكام.

و يرد عليه انه لا دليل علي ما افاده اذ لا وجه للمقايسة بين المقامين فان المشاهد المشرفة موقوفة و مملوكة للناحية الخاصة و هي الناحية المقدسة كما هو المرتكز في الارتكاز المتشرعي و لا دليل علي كونها تحريرا.

و

أوضح اشكالا ما أفاده من ترتب أحكام المسجد عليها اذ لا دليل لهذه الدعوي مثلا الحكم بحرمة تنجيسها و وجوب تطهيرها أو الحكم بحرمة دخول الجنب و الحائض فيها أو الحكم بكون الصلاة فيها

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 56

مستحبا مع قطع النظر عن الروايات الواردة الدالة علي فضائلها قول بغير علم و لا مجال لتوهمه و اللّه العالم.

«قوله قدس سره: فالمدار علي الراجح»

كيف يمكن تحقق الرجحان مع فرض التعارض و التساوي في الجهات المذكورة فان مرجعه الخلف فلاحظ.

«قوله قدس سره: و الا جعلت في المماثل و الا ففي غيره»

الخ بتقريب ان ارتكاز الواقف هكذا يقتضي و الانصاف ان الجزم بهذه المقالة مشكل.

و الذي يختلج بالبال أن يقال ان كان الارتكاز المذكور بحيث يكون في نظر العقلاء و العرف كالمذكور كالشروط الارتكازية و يرونه في المتفاهم العرفي نحو إنشاء فهو فان المحاورات العرفية العقلائية معتبرة و الا فيشكل الالتزام به.

و لا يبعد أن يقال: برجوع العين الي ملك الواقف بل يمكن أن يقال ان العين لم تخرج عن ملك الواقف الا مدة من الزمان فالتعبير بالرجوع ليس في محله.

«قوله قدس سره: اشبهت الملك بعد اعراض المالك»

الخ قياس المقام علي مقام الاعراض مع الفارق فان الواقف لا يعرض عن الملك كي يقال ان الاعراض يوجب خروج المعرض عنه عن ملك المعرض بل الواقف يدخل العين في ملك الموقوف عليه.

و لازم ادخال العين في ملك الغير خروجها عن ملكه فيلزم ان يكون الخروج عن ملك المالك بالمقدار الذي دخل في ملك الغير لا ازيد فتكون النتيجة بقاء العين في ملك مالكها الا في مقدار من الزمان فلا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 57

مجال

لجعل العين من المباحات.

«قوله قدس سره: و العود ملكا للمسلمين»

الخ لا وجه لهذا الاحتمال اذ لا مقتضي له و بعبارة واضحة: دخول عين في ملك احد او جماعة او كلي او غيرها يحتاج الي الدليل و مع عدمه محكوم بالعدم ببركة اصالة عدم الانتقال فلاحظ.

«قوله قدس سره: و العود الي المالك»

قد تقدم آنفا ان الحق عدم خروجها عن ملك مالكها الا في مقدار من الزمان

«قوله قدس سره: و يحتمل بقائها علي الوقف»

ان لم يكن المصرف للموقوف عليه باقيا كيف يمكن بقاء العين علي الوقفية و ان شئت قلت مع فرض انتفاء الموقوف عليه يكون الوقف من المنقطع الاخر فلا مجال لبقاء الوقفية و عليه لا تصل النوبة الي ما رتب عليه من اللوازم.

«قوله قدس سره: خروجه عن ملك مالكه»

قد تقدم منا انه لا دليل علي خروج العين عن ملك مالكها علي الاطلاق و عليه تكون باقية في ملك مالكها و التصرف في مال الغير لا يجوز تكليفا و يوجب الضمان وضعا.

«قوله قدس سره: ما ورد في بيع ثوب الكعبة»

الخ هذه النصوص كلها ضعيفة سندا فلا تكون قابلة للاستناد إليها نعم الظاهران ما رواه الصدوق باسناده الي عبد الملك بن عتبة قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عما يصل إلينا من ثياب الكعبة هل يصلح لنا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 58

ان نلبس منها شيئا قال: يصلح للصبيان و المصاحف و المخدة يبتغي بذلك البركة ان شاء اللّه «1» تام سندا.

و لكن لا يستفاد منه عدم جواز البيع بل المستفاد منه انه متبرك به مضافا الي انه حكم خاص في مورد مخصوص فلا تستفاد منه الكبري الكلية فلاحظ.

«قوله قدس سره: فمثل هذا يكون

ملكا للمسلمين»

لا وجه لكونه ملكا للمسلمين بل ملك للموقوف عليه اعني المسجد و الكعبة و امثالهما.

«قوله قدس سره: فتأمل»

الظاهر أن الامر بالتأمل اشارة الي ان بنيان المسجد كارضه و لا فرق بينهما و لذا يترتب علي البنيان ما يترتب علي الارض من الاحكام من حرمة التنجيس و وجوب التطهير و غيرها.

«قوله قدس سره: و فيه نظر»

يمكن أن يكون وجه النظر أن المفروض ان جزء المسجد في حكم نفس المسجد و من ناحية اخري ان المسجد محرر عن الملكية و بعد تحريره و امضاء حريته من قبل الشارع كيف يمكن تمليكه فمقتضي القاعدة بقائه علي التحرير نعم لا يبعد ان يقال مقتضي اصالة البراءة جواز التصرف فيه فتأمل.

«قوله قدس سره: و قد الحق بالمساجد المشاهد»

الخ قد تقدم منا انه لا وجه للمقايسة بين المقامين فان المساجد

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من ابواب مقدمات الطواف و ما يتبعها الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 59

محررات و المشاهد موقوفات و مملوكات للنواحي المقدسة ارواح العالمين لها الفداء.

«قوله قدس سره: هذا كله حسن علي تقدير كون الوقف فيها»

لا اشكال في أن القضية بشرط المحمول ضرورية انما الكلام في اصل المبني و قلنا ان الامر فيها ليس كذلك فان جميع المذكورات موقوفات و يترتب عليها احكام الاوقاف فلاحظ.

«قوله قدس سره: من عموم علي اليد»

القاعدة ضعيفة من حيث المدرك و العمدة في تحقق الضمان السيرة الجارية العقلائية و لا يبعد ان لا يكون فرق فيها في تحقق الضمان عند تحقق سببه بين كون المورد مملوكا لشخص من الاشخاص او كونه مملوكا لجهة و عنوان ففي كل مورد تحقق عنوان المملوكية يترتب علي التصرف في ذلك المملوك الضمان بشرط تحقق

شرطه.

[الكلام في صور جواز بيع الوقف]
اشارة

«قوله قدس سره: الاولي ان يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتفاع»

لما فرغ من عدم جواز بيع الوقف تعرض لجملة من الصور التي يجوز بيعه فيها علي مقتضي مذهب الاصحاب.

الصورة الأولي: أن يخرب الوقف بحيث لا يمكن الانتعاع به كالحيوان المذبوح
اشارة

فان الحيوان اذا ذبح و مات لا يمكن الانتفاع المقصود منه و الكلام يقع في مقامات.

المقام الأول: فيما تقتضيه القاعدة الاولية و انه لو خلّي و طبعه هل يجوز بيعه أم لا؟

المقام الثاني: في أن ادلة المنع هل تقتضي المنع عن البيع في الصورة المفروضة أم لا؟

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 60

المقام الثالث: في أنه علي اي تقدير هل هناك دليل يقتضي جواز البيع أم لا؟ فنقول:

اما

المقام الأول: فالحق ان مقتضي القاعدة الاولية عدم جواز البيع

اذ قد قام الدليل علي عدم جواز بيع غير المملوك و انه لا يجوز بيع ما لا يملك البائع هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الوقف و لو كان خاصا ليس مملوكا لشخص خاص او اشخاص مخصوصين فلا يجوز بيعه.

و بعبارة واضحة: ان الوقف و ان كان خاصا لا يكون مملوكا للموقوف عليهم علي نحو الشركة كي يقال ان المملوك المشترك يجوز بيعه للشركاء فان الوقف الذري وقف للعنوان الجامع بين مصاديقه و لذا لو مات واحد منهم لا ينتقل شي ء الي وارثه.

و ان شئت قلت: البائع يلزم اما يكون مالكا للمبيع و اما يكون وكيلا عن المالك و اما يكون وليا عليه و في بيع الوقف لا يتحقق احد هذه العناوين و متولي الوقف لا يكون مالكا شرعا كي يقال يجوز البيع للمتولي فان المتولي انما يجوز له التصرف بمقدار ثبت جوازه في الشرع الاقدس و لذا لا يجوز له ان يهب الوقف من احد هذا هو المقام الأول.

و أما

المقام الثاني [في أن ادلة المنع هل تقتضي المنع عن البيع في الصورة المفروضة أم لا؟]

فأفاد الشيخ قدس سره ان الوقف اذا خرب بحيث لا يمكن الانتفاع به لا تجري فيه ادلة المنع، اما الاجماع فواضح.

و الامر كما افاده فان كثيرا من الفقهاء قائلون بجواز بيع الوقف في الصورة المذكورة فلا اجماع مضافا الي ان الاجماع علي فرض

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 61

تحققه و حصوله لا يكون حجة اذ يحتمل كونه مدركيا فلا يكون حجة.

قال: و أما قوله عليه السلام فيما رواه محمد بن عيسي عن أبي علي بن راشد قال: سألت أبا الحسن عليه السلام قلت: جعلت فداك اشتريت أرضا الي جنب ضيعتي بألفي درهم فلما وفيت المال خبرت ان الارض وقف فقال:

لا يجوز شراء الوقف و لا تدخل الغلة في مالك و ادفعها الي من وقفت عليه قلت: لا اعرف لها ربا قال: تصدّق بغلتها «1». فلانصرافه الي غير هذه الحالة.

و يرد عليه انه لا وجه للانصراف و ان شئت قلت ان الوقف بعد خرابه اما باق علي كونه وقفا و اما يخرج عن كونه وقفا. اما علي الاول فلا وجه لانصراف دليل المنع عنه و اما علي الثاني فيلزم دخوله في ملك الواقف أو صيرورته من المباحات الاصلية و لا وجه لجواز بيعه فلاحظ.

و اما قوله عليه السلام: الوقوف تكون علي حسب ما اوقفها أهلها ان شاء اللّه «2» فلا يدل علي المنع في مفروض الكلام اذ الجملة المذكورة مسوقة لوجوب مراعاة الكيفية المرسومة في الوقف و عدم جواز بيعه ليس منها و لذا لا فرق في عدم الجواز بين ذكره في متن العقد و عدمه.

و بعبارة واضحة عدم جواز بيع الوقف من احكام الوقف لا من كيفياته فلا تنافي بين جواز بيعه و بقائه موقوفا فلا يبطل بعروض جواز بيعه.

و يرد عليه أولا ان ما أفاده في المقام يناقض ما أفاده سابقا

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب عقد البيع و شروطه.

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب احكام الوقوف و الصدقات الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 62

فانه استدل لعدم جواز بيع الوقف بقوله عليه السلام الوقوف علي حسب الخ و في المقام يقول لا تكون الجملة المذكورة مانعة عن البيع.

و ثانيا: انا نسأل ان العين الموقوفة بعد الخراب هل تكون باقية علي كونها موقوفة أو تخرج عن تحت العنوان المذكور و لا ثالث.

أما علي الاول فلا يجوز بيعها اذ المفروض انها

اعتبرت موقوفة و ساكنة فكيف يجوز بيعها.

و ان شئت قلت بقائها علي الوقفية و جواز بيعها متنافيان. و أما علي الثاني فمرجعه الي انقضاء امد الوقف و انتفاء العنوان فلا موضوع للبحث.

و ربما يقال في تقريب وجه الجواز في الصورة المفروضة ان قوام الوقفية بالصورة النوعية و مع زوالها يزول العنوان فلا مانع عن البيع.

و يرد عليه أولا انه علي هذا التقريب لو تبدلت الصورة النوعية الي صورة نوعية اخري يلزم بطلان الوقف و هل يمكن الالتزام به؟

و ثانيا انه لا وجه للبطلان فان الوقف كالبيع فكما ان بيع الدار لا يبطل بخرابها كذلك لا يبطل الوقف بخرابه.

و ثالثا ان بطلان عنوان الوقف علي القول به لا يستلزم جواز بيعه بل لازمه اما انتقال العين الي ملك الواقف و ما صيرورته ملكا للبطن الموجود و اما صيرورته من المباحات الاصلية و علي جميع التقادير لا يترتب عليه جواز البيع هذا تمام الكلام في المقام الثاني.

و أما

المقام الثالث [في أنه علي اي تقدير هل هناك دليل يقتضي جواز البيع أم لا؟]
اشارة

فنقول الظاهر ان

ما يمكن أن يستند إليه القائل بالجواز وجهان:
الوجه الأول: التسالم و السيرة الخارجية علي البيع

في الصورة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 63

المفروضة فان ثبت التسالم أو السيرة الجارية بين المتشرعة علي البيع في الصورة المفروضة يتم الامر و لا يبقي اشكال في البين.

الوجه الثاني ان يقال ان غرض الواقف بقاء العين اصالة أو بدلا و انتفاع الموقوف عليهم و لا يحصل الفرض المذكور الا بالبيع

و التبديل هذا من ناحية و من ناحية اخري الوقوف علي حسب ما أوقفها أهلها الخ. فالجمع بين الادلة يقتضي جواز بيعه و تبديله بما يكون قابلا للانتفاع.

و يمكن أن يرد علي التقريب المذكور ان الوقف متقوم بالسكون و عدم الحركة فما دام العنوان باقيا لا مجال لبيعه و مع زوال العنوان يكون الموضوع زائلا و مع انتفاء الموضوع لا مجال للبحث فتأمل.

و مع عدم تمامية الوجهين المذكورين يلزم ان يقال بان العين بعد خرابها تنتقل الي الواقف و تدخل فيما تركه و تورث.

«قوله قدس سره: و تضعيف قول من قال ببطلان العقد اذا حكم بجواز بيعه»

بل هذا القول قوي اذ المفروض انه اخذ في قوام الوقف السكون فاذا فرض انه لا مجال لسكونه لعدم امكان الانتفاع به يلزم بطلانه.

و بعبارة اخري: يكون الوقف موقتا بهذا الوقت فلا يكون قابلا لان يبقي علي صفة الوقفية لانهدام ركنه اذ قد فرض ان قوامه بكونه قابلا للانتفاع بعينه و المفروض عدمه.

و لا مجال لان يقال ان الوقوف علي حسب ما اوقفها أهلها الخ يقتضي جواز بيعه. بمقتضي جعل الواقف اذ بعد الخراب و عدم القابلية للانتفاع اما وقف و اما ملك أما علي الاول فلا يجوز بيعه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 64

بمقتضي دليل المنع و جعل الواقف جواز بيعه خلاف المقرر الشرعي.

و أما علي الثاني فلا موضوع للبحث فالحق أن يقال: ان العين بعد خرابها و عدم قابليتها للانتفاع تكون مملوكة للواقف بالملك

الاولي أي لا تخرج عن ملكه الا هذا المقدار.

«قوله قدس سره: ان جواز بيعه هنا غير مناف لما قصده الواقف».

بما ذكرنا علم التنافي بين الامرين اذ مع بقاء كونه وقفا لا يجوز بيعه و مع انتفاء العنوان لا موضوع للبحث.

«قوله قدس سره: و الحاصل ان الامر دائر بين تعطيله»

الخ.

أقول: نلتزم بكونه باقيا في ملك الواقف لعدم المقتضي للخروج عن ملكه الا هذا المقدار فيكون كبقية املاكه و لا يضيع حق أحد.

ان قلت: الوقف قد اشرب فيه التأبيد و بقائه بعد خرابه في ملك الواقف ينافي التأبيد.

قلت: لا دليل علي هذه الدعوي بل مقتضي القاعدة ان الامر بيد الواقف و لذا يجوز الوقف الموقت مضافا الي ان المفروض عدم كون العين قابلة لبقائها موقوفة.

«قوله قدس سره: فلا يبقي ما كان في ضمنه».

كون المنع مقيدا بهذا القيد لا دليل عليه فان الدليل قائم علي حرمة بيع الوقف فلا مانع عن الاستصحاب من هذه الجهة نعم لا تصل النوبة الي الاستصحاب اذ قد فرضنا انتهاء امد الوقف فلا موضوع للحرمة مضافا الي ان جريان الاستصحاب في الحكم الكلي ممنوع عندنا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 65

«قوله قدس سره: فتأمل».

لعل الامر بالتأمل اشارة الي أنه لا وجه لصيرورة العين مملوكة للطبقة الموجودة لعدم المقتضي بل القاعدة تقتضي رجوعها أو بقائها في ملك الواقف كما قلنا و اللّه العالم.

و أفاد سيدنا الاستاد في مقام تقريب جواز بيع الوقف بعد سقوطه عن الانتفاع وجوها.
الوجه الأول: ان المستفاد من الادلة ان الوقفية باقية الي أن يرث اللّه الارض

فاذا سقط الموقوف عن قابلية الانتفاع به و قلنا بعدم جواز بيعه و تبديله بما يكون بدلا له في الوقفية لا يصدق العنوان المذكور.

و يرد عليه أولا: انه لو فرض انعدام الموقوف أو سقوطه عن المالية بالكلية بحيث لا يباع أو صار بحيث لا يمكن بيعه من جهة اخري

فما ذا يترتب عليه و هل يكون الوقف صحيحا أم يكون باطلا؟

و العين المفروضة بهذا الوصف يكون لمن؟ هل يمكن الالتزام ببقائه وقفا؟ أم يلزم القول بانتهاء امد الوقف.

و ثانيا انه يستفاد من النص الخاص صحة الوقف علي نحو الاطلاق و لا يختص بقسم خاص.

و بعبارة اخري لا يلاحظ فيه التأبيد بهذا النحو لاحظ ما رواه محمد بن الحسن الصفار قال: كتبت الي أبي محمد عليه السلام اسأله عن الوقف الذي يصح كيف هو فقد روي ان الوقف اذا كان غير موقت فهو باطل مردود علي الورثة و اذا كان موقّتا فهو صحيح ممضي، قال قوم: ان الموقت هو الذي يذكر فيه انه وقف علي فلان و عقبه فاذا انقرضوا فهو للفقراء و المساكين الي ان يرث اللّه الارض و من

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 66

عليها، و قال آخرون: هذا موقّت اذا ذكر انه لفلان و عقبه ما بقوا و لم يذكر في آخره للفقراء و المساكين الي ان يرث اللّه الارض و من عليها و الذي هو غير موقّت ان يقول هذا وقف و لم يذكر احدا فما الذي يصحّ من ذلك و ما الذي يبطل؟ فوقع عليه السلام: الوقوف بحسب ما يوقفها ان شاء اللّه «1».

الوجه الثاني: ان ادلة المنع عن البيع لا تشمل الصورة المفروضة

فان تلك الادلة امضائية لا تأسيسية و المفروض ان غرض الواقف ابقاء الوقفية و لو بالبدل و بعبارة اخري الوقوف علي حسب الخ فان الواقف هكذا وقف و الشارع امضي إنشاء الواقف فيجوز بيعه.

و يرد عليه: أولا انه لو فرض ان العين الموقوفة لا يمكن الانتفاع بها كالحيوان المذبوح و لا يمكن بيعه فهل الوقفية باقية أم لا؟

و ثانيا: ان ما ادعاه من كون

المنع امضائي بلا دليل اذ المستفاد من الدليل الشرعي عدم جواز بيع الوقف فنسأل ان العين بعد سقوطها و خرابها هل تكون وقفا أم لا؟ أما علي الاول فلا يجوز بيعها و أما علي الثاني فلا موضوع.

و ان شئت قلت: الحكم الشرعي أي عدم الجواز تابع للموضوع لا ان الموضوع تابع للحكم الشرعي و بعبارة واضحة: الحكم الشرعي متأخر عن الموضوع رتبة فلا بد من التحفظ علي الموضوع في الرتبة المتقدمة.

و ثالثا: ان جواز البيع ينافي اطلاق المنع المستفاد من كلامه عليه السلام فان قوله عليه السلام في حديث ابن الراشد لا يجوز شراء

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 67

الوقف و لا تدخل الغلة في ملكك «1». يقتضي عدم الجواز حتي مع اعتبار الواقف البيع فان الحكم الشرعي لا يكون تابعا لجعل المكلف.

و رابعا انه بعد فرض المنع الشرعي كيف يمكن للواقف ان يعتبر بيعه.

و خامسا ان بيع الوقف تحريكه فعنوان الوقف يضاد عنوان البيع و عليه نقول اعتبار الواقف بيعه مع بقاء الوقفية أو مع انتفاء العنوان؟ أما علي الاول فجمع بين الضدين و اما علي الثاني فالموضوع منتف فلا مجال للبحث.

الوجه الثالث: العمومات الدالة علي صحة المعاملات

و هي قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و «أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ» و تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ.

بتقريب انه بعد عدم المانع عن البيع و عدم شمول دليل المنع يكون مقتضي هذه الادلة جواز بيعه بعد سقوطه عن درجة الاعتبار.

و يرد عليه أولا: انه قد مرّ آنفا ان دليل المنع بإطلاقه يقتضي المنع مع التحفظ علي عنوان الوقفية.

و ثانيا: ان الاستدلال بها للجواز مخدوش اما آية وجوب الوفاء فقد ذكرنا مرارا انها لا تكون

دليلا علي الصحة بل هي دليل اللزوم بتقريب ان الاهمال غير ممكن في الواقع فالعقد الموضوع للحكم اما خصوص الفاسد أو الاعم منه أو خصوص الصحيح.

أما الاول و الثاني فغير ممكن و أما الثالث فقد فرض فيه الصحة فالآية دليل اللزوم لا الصحة و اما قوله «احل اللّه البيع» فقد قيد بقوله لا تبع ما ليس عندك فان المفروض ان الوقف لا يكون ملكا طلقا

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 43.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 68

و ليس لاحد بيعه و الا جاز بيعه و لو بدون عروض الخراب و الحال انه مقطوع البطلان.

و أما قوله تعالي «تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» فان قلنا بان التجارة عبارة عن البيع فعدم الجواز ظاهر لما قلنا في تقريب المنع عن الاخذ بدليل حلية البيع و ان قلنا بكونها اعم من البيع فأيضا لا يجوز الاخذ به اذ منع عن بيعه ما ليس عنده و أيضا مقتضي الوقف السكون و عدم الحركة فلاحظ.

«قوله قدس سره: و مما ذكرنا يظهر ان الثمن علي تقدير البيع لا يخص به البطن الموجود»

الخ.

قد وقع الخلاف بين الاصحاب في انه اذا بيع الموقوف فهل يختص البطن الموجود بالثمن او لا يختص؟ بل هو للبطن الموجود و المعدوم ذهب الي القول الاول المحقق في الشرائع و اختار القول الثاني جملة من الاعاظم منهم العلامة و الشهيدان و غيرهم.

و اختار الماتن القول الثاني لاقتضاء البدلية ذلك اذ المفروض ان العين مملوكة للموجودين بالفعل و للمعدومين.

ان قلت: كيف يمكن اعتبار الملكية للمعدوم؟ قلت الاعتبار خفيف المئونة فلا مانع عن الاعتبار هكذا، نعم يمكن اعتبار الملك الفعلي للموجود و المعدوم.

ان قلت: الملك الانشائي ليس شيئا قلت:

يكذبه الوجدان فان الوجدان شاهد علي صحته أو فقل ادل الدليل علي امكان الشي ء وقوعه و نحن نشاهد أن الواقف هكذا يقف العين الموقوفة فلو جاز خروج العين عن الملك و عدم دخول عوضها في الملك بذلك النحو من الملكية جاز خروجها عن الملك و عدم دخول عوضها

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 69

في ملك الموجودين أيضا و لا يمكن الالتزام به أي لا يمكن الالتزام بدخوله في ملك الموجودين فقط فان قانون العوضية يقتضي المبادلة علي نحو ما كان قبل ذلك.

و لا وجه لما أفاد بعضهم من اختصاص البطن الموجود بالثمن اذ ما ينتقل الي المشتري اما اختصاص خاص و اما مطلق الاختصاص اما علي الاول فيكون ملكه للعين موقتا و بعد انقراض البطن الموجود ترجع العين الي البطن اللاحق و اما علي الثاني فلا بد من الالتزام بعدم الاختصاص.

اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان الاشكال كل الاشكال في اثبات جواز البيع بالدليل الشرعي فان لم يثبت و لم يقم الدليل عليه لا بدّ من الالتزام بزوال الوقفية و كون العين مملوكة للواقف ان كان حيا و لوارثه ان فرض مماته و ان تم الدليل علي بيع الوقف.

فالقاعدة تقتضي تعنون البدل بعنوان المبدل اذ المفروض وقوع البيع علي المعنون بعنوان الوقفية فما دام لا يتصرف فيه بتصرف خارجي يكون مقتضي المعاوضة المبادلة في طرفي الاضافة فما أفاده الماتن قدس سره تام لا غبار عليه.

و يمكن أن يقال: ان النتيجة تفترق بمقتضي الدليل فان كان الدليل علي جواز البيع اطلاق قوله عليه السلام الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها فلا بد من ملاحظة إنشاء الواقف و انه باي نحو انشأ الوقف.

و ان كان

الدليل الاجماع و التسالم لا بدّ من العمل بالمقدار المعلوم منه.

و ان كان الدليل النص الخاص فأيضا لا بدّ من ملاحظته بخصوصياته

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 70

فلا يمكن الحكم علي نحو واحد فلاحظ.

«قوله قدس سره: و مما ذكرنا تعرف ان اشتراك البطون في الثمن اولي من اشتراكهم في دية العبد المقتول»

الامر كما أفاده فان الدية بحكم الشرع المترتبة علي القتل فيمكن فيها الاختصاص و اما في المقام فالمبادلة امر قهري و خلافه يحتاج الي قيام الدليل عليه.

«قوله قدس سره: و من هنا اتضح أيضا ان هذا اولي بالحكم من بدل الرهن». الخ

الامر كما افاده فان الاختصاص المتعلق بالبطن اللاحق في عرض الاختصاص المتعلق بالبطن الموجود من حيث إنشاء الواقف غاية الامر تحقق الملكية اللاحقة متأخرة عن الملكية الفعلية في الوجود بخلاف الرهن فانه قائم بالعين من حيث كونها مملوكة للراهن و مع زوال الملكية ينتفي حق الرهانة و لا مقتضي لثبوته في البدل.

و أما في المقام فان المبيع مملوك لجميع الطبقات و المبادلة تقتضي ان كل واحد من العوضين يدخل مكان الاخر.

«قوله قدس سره: و الا ابدل مكانه ما هو اصلح»

يرد عليه ان البدل اما وقف و اما لا. أما علي الاول فلا وجه لجواز تبديله مع قيام الدليل علي المنع عن بيع الوقف و أما علي الثاني فلا موضوع للبحث

مضافا الي انه ما الفرق بين الاصل و البدل فان تبديل الوقف ان كان اصلح للموقوف عليه فهل يجوز و هل يمكن أن يقال ان التبديل أقرب الي غرض الواقف.

و مخلص الكلام انه ان قلنا بان الوقف علي حسب إنشاء الواقف

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 71

فيجوز كل شي ء و

يجوز أيضا تبديل اصل الوقف ببدل و ان لم نقل به فما هو المجوز في تبديل البدل بالاصلح و ببيان واضح ان مقتضي التقريب المذكور جواز التبديل بالاصلح علي الاطلاق و هل يمكن الالتزام به.

«قوله قدس سره: و ليس مثل الاصل ممنوعا»

الخ قد ظهر مما ذكرنا ان حكم البدل حكم الاصل فان الامر دائر بين كون البدل وقفا و عدمه فعلي الاول يكون كالمبدل في جميع الاحكام و علي الثاني يكون خارجا عن محور البحث.

«قوله قدس سره: و مما ذكرنا أيضا يظهر عدم وجوب شراء المماثل للوقف»

الخ الذي يخطر بالبال ان يقال اذا قلنا الامر بيد الواقف و يلزم رعاية انشائه فلا بد من ملاحظته و ان انشائه باي شي ء تعلق نعم غرض الواقف لا مدخلية له بل الدخل لانشائه الا أن يكون الغرض بحيث يكون متعلق الانشاء و لو بالارتكاز الّذي يرتب عليه الاثر و علي اي تقدير لا وجه لرعاية مصلحة البطون بل لا بدّ من رعاية جعل الواقف.

«قوله قدس سره: و الا صرف الثمن الي الموقوف عليه يعمل فيه ما شاء»

الخ الظاهر انه لا وجه له فان الوقف متقوم بحبس العين و تسبيل المنفعة فلا وجه لكون العين للموجودين بل مقتضي القاعدة كون العين للواقف بعد عدم امكان بقائها وقفا و اللّه العالم.

«قوله قدس سره: ثم ان المتولي للبيع هو البطن الموجود»

الخ وقع الخلاف بينهم في تعيين من يتصدي للبيع و افاد سيدنا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 72

الاستاد قدس سره بانه لو لم يكن للوقف متول شرعي تكون ولاية البيع للبطن الموجود إذ هم المالكون بالفعل فالولاية لهم.

و يرد عليه ان ملكية البطن الموجود محدودة الي زمان بقائهم و

عليه البطن الموجود اما يملك العين ملكية موقتة بحيث تنتقل العين بعد انقراضهم الي الطبقة اللاحقة و اما يملك الملكية المطلقة اما علي الثاني فالظاهران سيدنا الاستاد لا يلتزم به و اما علي الاول فليس لهم هذه الولاية و لا مقتضي لها.

و الذي يختلج بالبال ان يقال الوقف اما له متول و اما لا أما علي الاول فالامر منحصر فيه و هو الذي يكون له الولاية ليس الا، اذ مع وجود المتولي ليس لغيره حق الدخالة في امر الوقف و أما علي الثاني فلا بد من أن يتصدي الحاكم الشرعي لانه قد مر آنفا ان ملكية البطن الموجود موقتة و لا بدّ في صحة البيع من كون البائع مالكا بمقتضي قوله عليه السلام لا تبع ما ليس عندك فالحق أن يفصل في المقام بهذا النحو فلاحظ و اغتنم.

«قوله قدس سره: و الظاهر سقوط نظارته عز بدل الوقف».

لا أدري ما الوجه في الظهور المدعي و قال سيدنا الاستاد قدس سره لو جعل الواقف النظارة له علي البدل كما كانت له في الاصل تكون النظارة له و الا يكون الامر بيد البطن الموجود بمقتضي قاعدة تسلط الناس علي اموالهم.

و الذي يمكن ان يقال في المقام انه ان قلنا ان مقتضي القاعدة ان جميع الآثار المترتبة علي المبدل تترتب علي البدل لا بدّ من الالتزام بكون الولاية بيد المتولي كما كانت له في المبدل و اما ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 73

لم نقل بهذه المقالة و قلنا المتبع جعل الواقف فلا بد من ملاحظة مقدار جعله فعلي تقدير جعل الولاية و النظارة للناظر علي الاطلاق نلتزم بكون الولاية له في البدل كما كانت في الاصل

و اما ان لم يكن كذلك فلا بد من تصدي الحاكم الشرعي فانه هو المرجع في الامور العامة و لا وجه لما افاده سيدنا الاستاد قدس سره اذا البطن الموجود ليس مالكا علي الاطلاق بل ملكيته موقتة كما مر الكلام حوله قريبا و اللّه العالم.

«قوله قدس سره: ثم انه لو لم يمكن شراء بدله و لم يكن الثمن مما ينتفع به»

الخ الامر كما افاده اذ لا وجه لدفعه الي البطن الموجود فانه لا مقتضي للاختصاص لكن يتوجه هذا السؤال و هو انه كيف يجوز بيع الوقف مع قيام الدليل علي عدم جواز بيعه و قيام الدليل علي أن الوقف متقوم بالسكون و عدم الحركة فانه مقتضي قوله عليه السلام في تلك الرواية صدقة لا تباع و لا توهب.

مضافا الي انه بعد البيع و تبديل العين الموقوفة بالثمن نسأل ان الثمن قد فرض عدم كونه وقفا بل ثمن الوقف و الوقف قد ابدل بثمنه فيلزم زوال الوقفية مدة من الزمان و الحال ان الوقف اذا زالت عنه الوقفية فما المقتضي لرجوعها بعد ذلك و بايّ دليل يلتزم بهذه الامور.

ان قلت: كل هذه الفروع ناشية و متفرعة علي قاعدة الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها قلت: نسأل ان هذه القاعدة اما مشرعة للاحكام الشرعية و اما ناظرة الي جعل الوقف للموقوف عليه بايّ نحو من

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 74

الانحاء المتعارفة

أما علي الاول فيلزم ان يكون للواقف كل اعتبار و كل جعل حتي لو قال و يوهب الوقف لغير الموقوف عليه و هذا بديهي البطلان و اما علي الثاني فما الوجه في الالتزام بجواز هذه الخصوصيات.

ان قلت: يمكن اتمام الامر في جملة من هذه

الفروع بقاعدة نفوذ الشرط و المؤمنون عند شروطهم.

قلت: الوقف من الايقاعات و لا مجال لتصور الاشتراط فيه فان الشرط ربط بين الامرين فلا بد من تعليق احد الالتزامين بالالتزام الاخر الا أن يقال بأنه لا تنافي بين الامرين مضافا الي ان الشرط المخالف للشرع فاسد و لا مجال له و المفروض ان بيع الوقف غير مشروع.

«قوله قدس سره: و لو طلب ذلك البطن الموجود فلا يبعد وجوب اجابته»

الخ بل يبعد فان طلب البطن الموجود و عدم طلبه و رضاه و عدمه لا دخل له في الجواز و عدمه و كذا في الوجوب و عدمه فان امر الوقف راجع الي المتولي ان كان و الا فالي الحاكم الشرعي اذ الموقوف عليه لا يكون مالكا ملكا طلقا كي يتصور فيه ما ذكر بل المتبع مقدار دلالة الادلة الواردة في الوقف فلاحظ.

«قوله قدس سره: ثم لا فرق في جميع ما ذكرنا من جواز البيع»

الخ لوحدة الملاك و انه لو كان الخراب مقتضيا لجواز البيع فيجوز في البعض و الكل بلا فرق.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 75

«قوله قدس سره: جاز مع رضا الكل»

الخ الظاهر انه لا دخل لرضا الموقوف عليه كما سبق بل الامر بيد المتولي ان كان و الا فالامر موكول الي نظر الحاكم الشرعي.

«قوله قدس سره: فلا ينبغي الاشكال في عدم الجواز»

اذا كان المدار في الجواز و عدمه مقدار جعل الواقف و ان المتبع انشائه فلا وجه للجزم بالبطلان بل لا بدّ من ملاحظة انشائه و ان كان الميزان ملاحظة مقدار دلالة النصوص فلا بد من الالتزام بفساد بيع الوقف علي الاطلاق و ان كان الميزان تحقق الاجماع علي الجواز او علي المنع فلا

بد من ملاحظة معاقده فلاحظ.

«قوله قدس سره: من عدم دليل علي الجواز»

الخ تارة نقول الدليل علي الجواز الاجماع فيمكن ان يقال ان معقده لا يشمل مفروض الكلام و اخري يكون الدليل علي الجواز النص الخاص فيمكن ان يقال ان ظاهره لا يشمل المقام.

و ثالثة نقول ان الدليل علي الجواز ان الواقف هكذا اوقف و الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها و ليس المنع الشرعي عن البيع منعا تأسيسيا بل المنع الشرعي امضائي فلا بد من ملاحظة ما يفهم عرفا من كلام الواقف.

و الانصاف ان كلمات القوم في المقام مضطربة و نعم ما قال صاحب الجواهر من ان جواز البيع يستلزم بطلان الوقف فان الوقف بحسب الانشاء و الجعل ينافي جواز البيع اذ الوقوف و السكون

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 76

يضادان الحركة و من ناحية اخري الوقف عبارة عن جعل العين ساكنة و غير محتركة بالحركة الاعتبارية.

«قوله قدس سره: ثم انك عرفت فيما سبق انه ذكر بعض ان جواز بيع الوقف لا يكون إلا مع بطلان الوقف و عرفت وجه النظر فيه»

المراد من البعض المذكور في كلامه صاحب الجواهر قدس سره و الحق ان ما أفاده تام و لم نعرف وجها صحيحا للنظر فيه.

«قوله قدس سره: مع انه لا دليل عليه».

كيف لا دليل عليه مع ان الوقف بذاته يقتضي البقاء و السكون و من ناحية اخري قد دل النص الخاص علي عدم جواز بيعه فالمقتضي لعدم البيع و المانع كلاهما تامان فلاحظ.

«قوله قدس سره: يكفي وجود حين النقل»

الخ القياس مع الفارق فان الوقف بذاته يقتضي الوقوف فلا يعقل كونه باقيا علي الوقفية و مع ذلك يجري فيه النقل و الحركة مثلا هل يمكن

ان يقال ان الزوجية الدائمية لا تنافي عدم الزوجية بعد سنة؟ كلا.

«قوله قدس سره: لا يوجب الحكم بالبطلان».

بل يوجب كما بيناه تفصيلا فلا نعيد.

«قوله قدس سره: ثم ذكران في عود الوقف الي ملك الواقف او وارثه بعد البطلان أو الموقوف عليه وجهين»

الخ الظاهر انه لصيرورة العين مملوكة للموقوف عليهم لان جعل الوقف

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 77

اما شامل لصورة الخراب و اما غير شامل اما علي الاول فالوقف باق بحاله و اما علي الثاني فتكون العين باقية في ملك الواقف فمع حياته تكون له و مع وفاته تكون لورثته فلاحظ.

[الصورة الثانية أن يخرب بحيث يسقط عن الانتفاع المعتد به]

«قوله قدس سره: فلا شك انه ليس الا كقوله بعت»

الخ لا اشكال في ان البائع يعتبر ملكية المبيع للمشتري كما تكون لنفسه مثلا لو باع زيد داره من عمرو يكون بيعه للدار عبارة عن تمليك الدار ملكية كملكية نفس البائع للدار اي يملك الدار من المشتري كما كانت لنفسه فلا مجال لتوهم كون بقاء الملكية دائر مدار بقاء عنوان الدار و اما في الوقف فلا بد من ملاحظة نظر الواقف و ان وقفه دائر مدار العنوان أم لا فعلي فرض الدوران فلا مقتضي لبقاء الوقف بعد زوال عنوان الدارية فلاحظ.

«قوله قدس سره: علي عدم عوده إليه ابدا».

لا تنافي بين الامرين فان الوقف ما دام باقيا لا يعود الي الواقف لكن الكلام في انه بعد زوال العنوان هل يكون الوقف باقيا أم لا.

[الصورة الثالثة أن يخرب بحيث تقل منفعته لكن لا إلي حد يلحق بالمعدوم]

«قوله قدس سره: و الاقوي هنا المنع»

الخ قد ذكرنا سابقا انه لا بدّ من ملاحظة مدرك الحكم و الحكم علي طبقه.

[الصورة الرابعة أن يكون بيع الوقف أنفع و أعود للموقوف]

«قوله قدس سره: لوجود مقتضي المنع و هو وجوب العمل علي طبق إنشاء الواقف».

اذا كان المنع من حيث إنشاء الواقف يلزم القول بالجواز في

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 78

صورة إنشاء الواقف بهذا النحو بان يشترط و يقيد البيع بصورة كونه اعود و هل يمكن الالتزام بالجواز علي الاطلاق تبعا لانشاء الواقف مع المنع الشرعي عن بيع الوقف.

مضافا الي أن الواقف هل يمكن له اعتبار العين موقوفة و ساكنة عن الحركة و مع ذلك يرخص في البيع في تقدير خاص و علي الجملة لا يمكن بقاء عنوان الوقفية مع تحقق الحركة الاعتبارية و الانتقال فانه جمع بين المتنافيين فلا اشكال في عدم جواز البيع لما ذكرنا و لما دل النص علي عدم جواز بيع الوقف علي الاطلاق و الخروج عن هذه الكلية يحتاج الي قيام دليل علي الخلاف.

و ربما يتوهم امكان الاستدلال علي الجواز بحديثين احدهما ما رواه جعفر بن حنان قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل وقف غلة له علي قرابته من ابيه و قرابته من أمه و اوصي لرجل و لعقبه ليس بينه و بينه قرابة بثلاثمائة درهم في كل سنة و يقسم الباقي علي قرابته من ابيه و قرابته من أمه فقال جائز للذي اوصي له بذلك.

قلت أ رأيت ان لم يخرج من غلة الارض التي وقفها الا خمسمائة درهم فقال أ ليس في وصيته ان يعطي الّذي اوصي له من الغلة ثلاثمائة درهم و يقسم الباقي علي قرابته من ابيه و قرابته من أمه قلت:

نعم قال ليس لقرابته ان يأخذوا من الغلة شيئا حتي يوفوا الموصي له ثلاثمائة درهم ثم لهم ما يبقي بعد ذلك.

قلت: أ رأيت ان مات الّذي اوصي له قال ان مات كانت الثلاثمائة درهم لورثته يتوارثونها بينهم فاما اذا انقطع ورثته فلم يبق منهم احد كانت الثلاثمائة درهم لقرابة الميت يرد ما يخرج من

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 79

الوقف ثم يقسم بينهم يتوارثون ذلك ما بقوا و بقيت الغلة قلت فللورثة من قرابة الميت ان يبيعوا الارض ان احتاجوا و لم يكفهم ما يخرج من الغلة قال نعم اذ ارضوا كلهم و كان البيع خيرا لهم باعوا «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث جواز البيع في صورة كون البيع اعود.

و يرد عليه ان الرواية ضعيفة سندا فان جعفر بن حنان راوي الحديث لم يوثق فالحديث ساقط عن الاعتبار و عمل المشهور به علي تقدير تحققه و ثبوته لا اثر له كما ذكرنا مرارا.

مضافا الي الاشكالات الواردة في متن الحديث و لا تخفي تلك الاشكالات علي الخبير.

ثانيهما ما رواه في الاحتجاج مرسلا عن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري عن صاحب الزمان عليه السلام انه كتب إليه روي عن الصادق عليه السلام خبر مأثور اذا كان الوقف علي قوم باعيانهم و اعقابهم فاجتمع اهل الوقف علي بيعه و كان ذلك اصلح لهم ان يبيعوه فهل يجوزان يشتري من بعضهم ان لم يجتمعوا كلهم علي البيع أم لا يجوز الا ان يجتمعوا كلهم علي ذلك و عن الوقف الّذي لا يجوز بيعه و اذا كان علي قوم من المسلمين فليبع كل قوم ما يقدرون علي بيعه مجتمعين و متفرقين ان شاء اللّه «2».

______________________________

(1) الوسائل

الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 8.

(2) الوسائل الباب 6 من أبواب الوقوف و الصدقات الحديث 9 و احتجاج الطبرسي ص 274.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 80

و المرسل لا اعتبار به و لا جابر لضعفه فالنتيجة انه لا دليل علي المدعي و لكن يمكن القول باعتبار السند اذ الطبرسي ينقل الحديث عن كتاب الحميري و الظاهر من الاخبار كونه حسيا فيكون الخبر حجة و قابلا للاعتماد و عليه لا بأس بالالتزام بجواز البيع في الصورة المفروضة.

[الصورة الخامسة أن يلحق الموقوف عليهم ضرورة شديدة]

«قوله قدس سره: لمن يقدر علي مئونة سنته».

الظاهر ان مرجعه الي الخلف اذ مع تحقق الحاجة الشديدة يصدق انه لا يكون قادرا علي مئونة سنته في هذه السنة فلاحظ.

[الصورة السادسة أن يشترط الواقف بيعه عند الحاجة أو إذا كان فيه مصلحة]
اشارة

«قوله قدس سره: فاولي بالجواز انتهي».

قد مرّ منّا ان اعتبار الوقف من قبل الواقف مع تجويز البيع متنافيان مضافا الي انه لا وجه للاولوية اذ مع عدم قيام دليل علي الجواز يكون اشتراط البيع فاسدا و مع قيام الدليل عليه يكون البيع جائزا بلا دخل لشرط الواقف فشرط الواقف و عدمه سيّان.

«قوله قدس سره: اقول و يمكن ان يقال بعد التمسك في الجواز بعموم»

الخ قد تكرر منا ان الوقف يضاد البيع فلا بد من رفع اليد عن الوقف عند اعتبار وقوع البيع فيه فلا مجال للاخذ بعموم قوله عليه السلام الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها علي جواز بيع الوقف مع كونه وقفا.

و أما الاستدلال علي الجواز بعموم وجوب الوفاء بالشرط فيرد عليه أولا انا ذكرنا ان الشرط و هو التعليق و الارتباط يستلزم التعدد فلا يتحقق في الايقاع اللهم الا ان يقال عنوان الشرط

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 81

لا يتحقق الا مع ارتباط احد الامرين بالآخر و في المقام يمكن ارتباط البيع بالحاجة مثلا فلا تنافي بين كون الوقف ايقاعا و تحقق الشرط فيه.

و ثانيا ان الشرط المخالف للشرع غير مشروع و المفروض انه قد ثبت بالدليل عدم جواز بيع الوقف الا في بعض الصور المنصوص عليه.

«قوله قدس سره: فان التحقيق كما عرفت سابقا»

الخ بل عرفنا خلافه و قلنا ان الوقف ينافي الانتقال فلا يصح بيعه.

«قوله قدس سره: ثم انه لو سلم المنافاة فانما بيعه للبطن الموجود»

الخ بل الوقف ينافي البيع علي

الاطلاق نعم لو قام دليل شرعي علي جواز بيعه كما هو كذلك في الجملة نأخذ بذلك الدليل فان حكم الشارع في كل مورد متبع

«قوله قدس سره: فتأمل».

لعله بامره بالتأمل يشير الي فساد اصل المبني و هو عدم التنافي بين الوقف و البيع و اللّه العالم.

«قوله قدس سره: ثم انه روي صحيحا في الكافي»

الخ

ما يمكن أن يقال في تقريب الجواز في هذه الصورة وجوه
الوجه الاول الاجماع.

و فيه انه كيف يمكن تحصيل الاجماع مع هذا الاختلاف الواقع بين الاصحاب و علي فرض تحصيله محتمل المدرك ان لم يكن مقطوعا به و اما الاجماع المنقول فلا اعتبار به.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 82

الوجه الثاني قوله عليه السلام الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها

بتقريب ان مقتضي الجملة المذكورة امضاء الشارع إنشاء الواقف بايّ نحو وقع فالامر بيد الواقف.

و يرد عليه أولا: انه قد سبق منا ان اعتبار الوقف و السكون و مع ذلك تجويز البيع جمع بين المتنافيين.

و ثانيا ان قاعدة ان الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها اما في مقام تشريع الحكم الشرعي و ان امر التشريع بيد الواقف و اما لا يكون كذلك أما علي الاول فيلزم جواز كل فعل محرم بانشاء الواقف و هل يمكن الالتزام به.

و أما علي الثاني و هو الصحيح فلا يجوز اعتبار الواقف جواز البيع اذ قد ثبت في الشرع الاقدس عدم جوازه فليس له ذلك.

الوجه الثالث: قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ»

بتقريب ان المستفاد من الآية صحة كل عقد فيجوز إنشاء الواقف بايّ نحو.

و يرد عليه انا قد ذكرنا مرارا ان الآية الشريفة ناظرة الي لزوم العقد و لا تكون دليلا علي الصحة.

الوجه الرابع: قاعدة نفوذ الشرط

بمقتضي قوله عليه السلام المؤمنون عند شروطهم فكل شرط جائز بحكم الشارع.

و يرد عليه أولا ان القاعدة المذكورة لا تكون مشرعة و الا كان اللازم تجويز كل محرم بالشرط و هو كما تري فلا بد ان يكون الشرط في الرتبة السابقة جائزا و بالشرط يصير واجبا و حيث ان بيع الوقف حرام فلا مجال لان يقع مورد الشرط.

و ثانيا ان شرط البيع ينافي الوقف و مرجع الاشتراط الي الجمع بين المتنافيين.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 83

و ثالثا انا لا نتصور الاشتراط و التعليق في الوقف و نحوه من الايقاعيات فان الاشتراط المبحوث عنه في المقام يتصور بين شخصين مثلا يمكن أن يبيع زيد داره من بكر بشرط ان يخيط له ثوبا فان البائع يعلق بيعه علي الالتزام بالخياطة فيتحقق الشرط و يلزم.

و أما فيما لا يكون كذلك كالوقف فتارة يعلق وقفه علي قدوم زيد من السفر فهو ممكن لكن خارج عن محل الكلام و اخري يعلق وقفه علي التزام شخص بامر فهو ممكن لكن أيضا خارج عن محل البحث و ثالثة يعلق وقفه علي التزام نفسه بامر فهل يكون معقولا.

و ان شئت قلت ان الاشتراط يتوقف علي وجود شارط و مشروط عليه فلا بد من التعدد و الاثنينية و اما الشخص الواحد فلا يتصور فيه ان يكون شارطا و أيضا يكون مشروطا عليه فلا يتحقق الاشتراط لكن الظاهر انه يمكن فانه لا مانع عن التزام شخص بامر علي فرض امر

آخر مثلا يمكن ان يلتزم شخص بأن يزور الامام الرضا عليه السلام علي تقدير ان يبرأ ولده من المرض الكذائي و عليه لعله يمكن تصوير الشرط فلاحظ.

الوجه الخامس: ما روي عن علي عليه السلام:

عن عبد الرحمن ابن الحجاج قال: بعث إليّ بهذه الوصية ابو ابراهيم عليه السلام:

هذا ما اوصي به و قضي في ماله عبد اللّه علي ابتغاء وجه اللّه ليولجني به الجنة و يصرفني به عن النار و يصرف النار عنّي يوم تبيض وجوه و تسودّ وجوه ان ما كان لي من مال بينبع من مال يعرف لي فيها و ما حولها صدقة و رقيقها غير أبي رياح و ابي نيزر و جبير

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 84

عتقاء ليس لاحد عليهم سبيل فهم موالي يعملون في المال خمس حجج و منه نفقتهم و رزقهم و رزق اهاليهم.

و مع ذلك ما كان لي بوادي القري كله مال بني فاطمة و رقيقها صدقة و ما كان لي بذعة و اهلها صدقة غيران رقيقها لهم مثل ما كتبت لاصحابهم و ما كان لي بأذينة و اهلها صدقة و القصيرة كما قد علمتهم صدقة في سبيل اللّه و ان الّذي كتبت من اموالي هذه صدقة واجبة بتلة حيا انا او ميتا ينفق في كل نفقة ابتغي بها وجه اللّه في سبيل اللّه و وجهه و ذوي الرحم من بني هاشم و بني المطلب و القريب و انه يقوم علي ذلك الحسن بن علي يأكل منه بالمعروف و ينفقه حيث يريد اللّه في حل محلل لا حرج عليه فيه.

فان أراد يبيع نصيبا من المال فيقضي به الدين فليفعل ان شاء لا حرج عليه فيه و ان شاء جعله شروي الملك و ان

ولد علي و اموالهم الي الحسن بن علي و ان كان دار الحسن غير دار الصدقة فبدا له ان يبيعها فليبعها ان شاء لا حرج عليه فيه و ان باع فانه يقسمها ثلاثة اثلاث فيجعل ثلثا في سبيل اللّه و يجعل ثلثا في بني هاشم و بني المطلب و يجعل ثلثا في آل أبي طالب و انه يضعهم حيث يريد اللّه.

و ان حدث بحسن بن علي حدث و حسين حيّ فانه الي حسين بن علي و ان حسينا يفعل فيه مثل الّذي امرت به حسنا له مثل الّذي كتبت للحسن و عليه مثل الذي علي الحسن و ان الذي لبني ابني فاطمة من صدقة علي مثل الذي لبني علي و انّي انما جعلت الذي جعلت لا بني فاطمة ابتغاء وجه اللّه و تكريم حرمة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و تعظيمها و تشريفها و رضاهما بهما و ان حدث بحسن و حسين

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 85

حدث فان الاخر منهما ينظر في بني علي فان وجد فيهم من يرضي بهداه و اسلامه و امانته فانه يجعله إليه ان شاء.

فان لم ير منهم بعض الذي يريد فانه في بني ابني فاطمة فان وجد فيهم من يرضي بهداه و اسلامه و امانته فانه يجعله إليه ان شاء فان لم ير فيهم بعض الّذي يريد فانه يجعله الي رجل من آل أبي طالب يرضي به فان وجد آل أبي طالب قد ذهب كبراؤهم و ذوو آرائهم فانه يجعله في رجل يرضاه من بني هاشم و انه شرط علي الّذي يجعله إليه ان يترك المال علي اصوله و ينفق الثمرة حيث امره به من

سبيل اللّه و وجوهه و ذوي الرحم من بني هاشم و بني المطلب و القريب و البعيد لا يباع منه و لا يوهب و لا يورث و ان مال محمد بن علي ناحية و هو الي ابني فاطمة و ان رقيقي الذين في الصحيفة الصغيرة التي كتبت عتقاء هذا ما قضي به علي بن أبي طالب في أمواله هذه الغد من يوم قد الحديث «1».

و هذه الرواية من حيث السند لا اشكال فيها و اما من حيث المتن فمضطربة من جهات.

منها قوله عليه السلام «فهم موالي يعملون في المال خمس حجج» الخ فان الظاهران المراد من المال في هذه الجملة المال الموقوف و عليه ما معني عملهم في الوقف و ما المراد من عملهم فيه و الحال ان امر الوقف بيد المتولي و ليس للواقف اختيار بعد اتمام الوقف اللهم الا أن يكون المراد انهم يتولون امر الوقف خمس سنوات.

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 3 فروع كافي ج 7 ص 49 الحديث 7 مرآت العقول ج 23 ص 83 الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 86

و منها قوله عليه السلام «فان اراد أن يبيع نصيبا من المال» الخ و لم يلتزم الاصحاب بجواز بيع الوقف بهذا النحو.

ان قلت: اعراض المشهور عن الرواية المعتبرة لا يوجب سقوطها عن الاعتبار قلت: عدم الجواز بهذا النحو من الواضحات بحيث لا يمكن الالتزام به اذ لا يجوز بيع الوقف عندهم الا في موارد خاصة.

مضافا الي أنه ما الوجه في قضاء الدين بثمن ما يباع و الحال ان بيع الوقف يقتضي صيرورة الثمن ملكا للموقوف عليه لا انه يقضي به الدين الا

ان يكون المراد ان امد الوقف يقضي عند بيعه فيكون الامر بقضاء الدين من باب الوصية و هذا امر آخر خلاف ما ارادوا اثباته بالحديث..

اضف الي ذلك انه ما المراد من قوله عليه السلام «و ان شاء جعله شروي الملك» فان المراد من هذه الكلمة في اللغة عبارة عن النفيس و جعله نفيسا من الملك ما معناه.

و منها قوله عليه السلام: «و ان كانت دار حسن بن علي غير دار الصدقة» الخ فان دار حسن بن علي عليه السلام ان كانت غير الصدقة و بيعت فباي ميزان يأمره عليه السلام بالتثليث أ ليس أمر داره عليه السلام بيده و باختياره و نعم ما قال الشيخ قدس سره ان التأويل مشكل و العمل اشكل فالنتيجة انه لم يقم دليل علي جواز البيع في هذه الصورة أيضا.

لكن قد تقدم انه يستفاد من الحديث الصادر عن الناحية المقدسة جواز بيع الوقف الخاص علي الاطلاق و حيث لا يمكن الالتزام به

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 87

نرفع اليد عن الاطلاق و نلتزم بالجواز في الجملة، نعم يبقي الاشكال في الاوقاف العامة و الموقوفات للجهات كالوقف للمسجد او للمشاهد المشرفة.

«قوله قدس سره: و قد عرفت ضعفه»

أي عرفت ضعف قول صاحب الجواهر و هو ان تغير عنوان الوقف قد يوجب بطلان الوقف فيجوز بيعه كما لو تغير عنوان الدار و صارت الدار حماما.

اقول: ما عرفنا بطلان القول المذكور اذ لو فرض ان الوقف تعلق بهذا العنوان الخاص بحيث يفهم من كلام الواقف انه جعل المقوم للوقف العنوان الكذائي كالدارية مثلا فيكون مقتضي القاعدة بطلان الوقف بتغير العنوان و هذا ظاهر واضح اذ خلافه خلف و محال و قد تقدم

منا ان قياس الوقف بالبيع مع الفارق فان البيع لا توقف فيه بخلاف الوقف فان التوقيف يتصور فيه فلو قصد الواقف وقف العنوان بما هو كذلك لا بدّ من الالتزام باحد الامرين:

بأن نقول اما يلزم بطلان الوقف من الاول و اما بطلانه بعد تغير العنوان و اما بقائه بعد التغير وقفا فلا وجه له اذ بقائه يتوقف علي قصد الواقف بقائه و المفروض عدمه و الاجماع المدعي في المقام لا اعتبار به فان المنقول منه غير حجة و المحصل منه غير حاصل فالنتيجة عدم الجواز في الصورة السابعة أيضا فلاحظ.

«قوله قدس سره:

الصورة الثامنة ان يقع بين الموقوف عليهم اختلاف»

الخ وقع الكلام في انه لو فرض ان الوقف لو لم يبع يكون بقائه موجبا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 88

للخلاف بين الموقوف عليهم و ربما يؤدي الي قتل النفس أو هتك الحرمة فهل يجوز بيعه أم لا؟ فتارة يتكلم في هذا المقام من حيث القاعدة الاولية و اخري من حيث المستفاد من القواعد الثانوية فيقع الكلام في موضعين.

أما الموضع الاول فنقول: لا وجه لجواز بيع الوقف و لا مجال لرفع اليد عن الدليل الدال علي فساد البيع و هذا واضح ظاهر.

و أما الموضع الثاني فربما يقال بأن الدليل الدال علي رفع الحكم التكليفي يقتضي الجواز فلا يحرم بيع الوقف اذا كان بقائه و عدم بيعه موجبا لقتل نفس محترمة مثلا.

و لما انجر الكلام الي هنا ينبغي بل يلزم ارسال عنان الكلام و البحث الي جوانب الامر كي لا يتوهم كما توهم بعض الحاضرين من حلقة البحث ان الجواز مقتضي دليل الرفع.

فنقول: المراد من الادلة الثانوية اما قاعدة لا ضرر و اما قاعدة لا حرج و اما حديث الرفع.

أما قاعدة لا

ضرر فاما علي مسلك الشيخ الاصفهاني أي شيخ الشريعة فلا مجال للاستدلال بها علي المدعي اذ مفاد القاعدة علي ذلك المسلك النهي لا النفي.

و أما علي مسلك المشهور في مفاد القاعدة فالمستفاد منها ان الحكم الشرعي المجعول علي المكلف اذا كان موجبا للضرر عليه يرتفع ذلك الحكم مثلا لو كان الوضوء ضرريا علي المكلف لا يجب عليه بل تصل النوبة الي التيمّم.

و بعبارة اخري يستفاد من دليل لا ضرر ان الحكم الشرعي المجعول من قبل الشارع اذا كان ضرريا علي المكلف يرتفع عنه و اما اذا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 89

لم يكن كذلك فلا يستفاد من القاعدة شي ء مثلا لو كان حرمة التزويج في مورد و عدم صحته ضرريا بالنسبة الي شخص كالتزويج بالاخت الرضاعية فلا يستفاد من القاعدة صحته لان القاعدة لا تتكفل للاثبات بل القاعدة متكلفة للنفي.

و أيضا لو كان جعل الحكم علي النحو الكلي ضرريا بالنسبة الي شخص كما لو كان جعل الدية موجبا للضرر بالنسبة الي زيد مثلا فانه يتأذي من الحكم المذكور بحيث يمرض و ربما يموت فهل يمكن ان يقال بأن الحكم المذكور يرتفع فلا تجب الدية و هل التزم بهذا اللازم احد من الفقهاء؟ كلا ثم كلا.

و أما قاعدة لا حرج فمدرك القاعدة عبارة عن قوله تعالي «مٰا جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ» و قوله «يُرِيدُ اللّٰهُ بِكُمُ الْيُسْرَ وَ لٰا يُرِيدُ بِكُمُ الْعُسْرَ».

فان المستفاد من الجملتين ان الفعل الحرجي لا يجعل علي المكلف فلا يجب عليه الوضوء الحرجي مثلا و لا يجب عليه الصوم الحرجي و هكذا و لا يستفاد منه جعل ما ليس صحيحا في الشريعة صحيحا فيها و جعل ما لا

يكون طاهرا فيها طاهرا فيها و هكذا.

و أما حديث الرفع فالامر فيه اظهر اذ المستفاد من قوله عليه السلام رفع ما اضطروا إليه أو ما استكرهوا عليه و نحوهما ان الفعل الحرام اذا اضطر المكلف الي فعله يسقط عنه المنع الشرعي و أيضا اذا اضطر المكلف الي ترك واجب شرعي يسقط عنه الوجوب و أيضا لو استكره علي نكاح أو طلاق يكون مورد الاكراه فاسدا شرعا و اما لو اضطر المكلف الي العقد الفاسد كتزويج مرأة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 90

محرمة عليه فهل يكون تزويجه صحيحا؟ كلا ثم كلا.

و الوجه فيه ان التزويج الباطل لا يكون محكوما بحكم كي يرتفع بالاكراه أو الاضطرار و عليه لو اضطر المكلف الي بيع الوقف لا يكون بيعه حراما تكليفا لكن المفروض ان بيع الوقف فاسد شرعا فلا مجال لان يقع صحيحا بالاضطرار أو الاكراه و ان شئت قلت الحكم الشرعي يرتفع بالاضطرار او الاكراه لا عدم الحكم الشرعي مثلا لو اضطر احد في تزويج اخته أو أمه فهل يمكن ان يقال ان التزويج المحرم يصير حلالا و جائزا بالاضطرار او الاكراه؟ كلا.

و الوجه في جميع هذه الموارد ان حديث الرفع يرفع الحكم المجعول من قبل الشارع عند الاكراه أو الاضطرار و بعبارة واضحة ان الشارع الاقدس لا يحكم بالوجوب أو الحرمة أو الصحة عند الاضطرار أو الاكراه و هذا لا يقتضي ان يحكم الشارع بالصحة عند الاضطرار الي عقد فاسد اذ حديث الرفع يقتضي الرفع لا الاثبات.

فتحصل مما تقدم انه لا دليل علي صحة بيع الوقف في شي ء من هذه الموارد و ان القاعدة الاولية تقتضي عدم الجواز فان الوقف بمقتضي جعل الواقف ساكن غير

متحرك كما ان مقتضي المنع الشرعي فساد بيعه الا ان يقوم دليل معتبر علي الجواز فترفع اليد عن القاعدة الاولية بسبب ذلك الدليل.

و أما بحسب القاعدة الثانوية ففي المقام حديث رواه علي بن مهزيار قال: و كتبت إليه ان الرجل ذكر ان بين من وقف عليهم هذه الضيعة اختلافا شديدا و انه ليس يأمن ان يتفاقم ذلك بينهم بعده فان كان تري ان يبيع هذا الوقف و يدفع الي كل انسان منهم ما وقف

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 91

له من ذلك أمرته فكتب إليه بخطه و اعلمه ان رأيي له ان كان قد علم الاختلاف ما بين اصحاب الوقف ان يبيع الوقف امثل فانه ربما جاء في الاختلاف تلف الاموال و النفوس «1».

و هذه الرواية يستفاد منها جواز بيع الوقف في الجملة و لا بدّ من ملاحظتها سندا و دلالة فنقول أما من حيث السند فقد ناقش فيها سيدنا الاستاد علي ما في تقريره الشريف و ضعف السند.

و لكن الظاهر انه لا اشكال فيها فان سندها تام لا غبار عليه.

و أما من حيث المتن فيشكل الالتزام بمضمونها فانه ذكر في صدر الحديث ان خمس العين وقف له عليه السلام و امر ببيع حصته و الحال انه لم يحصل القبض بعد.

مضافا الي أنه كيف أمر عليه السلام ببيعه و الحال انه لا يجوز بيع الوقف لكن كون الصدر مورد الاشكال لا يوجب سقوط الذيل عن الاعتبار اذا لم يكن فيه اشكال و قد ذكر في ذيل الحديث ما يظهر منه ان الوقف الذي يكون مورد السؤال وقف موقت اذ لولاه يكون الثمن متعلقا لجميع البطون و الحال ان الظاهر من الحديث بل نصه

ان الثمن يختص بالموجودين فلا يمكن الاستدلال به علي جواز بيع الوقف المؤبد.

اضف الي ذلك انه لو كان الوقف موقتا يلزم ان تكون العين في غير زمان الوقف باقيا في ملك الواقف و لا وجه لكونه للموجودين ان قلت الامر بيد الواقف و له أن يجعل الوقف هكذا اي يجعل الوقف

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 6، مرآت العقول ج 23 ص 60 الحديث 30 فروع الكافي ج 7 ص 36 الحديث 30.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 92

بعد انتهاء امده للموجودين قلت لا دليل علي صحة الاعتبار المذكور و الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها لا يكون مشرعا كي يلتزم بهذا اللازم.

اللهم الا ان يقال ان الرواية تدل علي كون الثمن للموجودين فيعلم ان الحكم الشرعي كذلك لكن لازمه الالتزام بكون العين بعد انتهاء الوقف للموجودين بلا فرق بين جعل الواقف كذلك و عدم جعله فان مقتضي الاطلاق المقامي عدم الفرق بين الصورتين و هل يمكن الالتزام به.

و مما يوجب الاشكال في الحديث ان المستفاد من قوله عليه السلام ان كان قد علم الاختلاف ما بين اصحاب الوقف الخ ان مجرد الاختلاف بين الموقوف عليهم يقتضي جواز البيع و لم يلتزم به الاصحاب.

و صفوة القول ان الحديث بماله من المفاد متروك مهجور فلا يكون دليلا علي الجواز في مورد فتوي الاصحاب بالجواز فيكون الالتزام بالجواز علي خلاف القواعد الاولية و الثانوية فلاحظ.

«قوله قدس سره: اما الجواز في الاول فلما مرّ من الدليل»

الخ و قد عرفت الاشكال في الاستدلال علي الجواز بما استدل قدس سره و قلنا لا دليل علي الجواز بل الدليل قائم علي المنع.

«قوله قدس سره: فان

الغرض من عدم البيع»

الخ لا دليل علي مراعاة غرض الواقف بل اللازم مراعاة ما جعله و اعتبره و المفروض انه اعتبر السكون و التوقف و قلنا الحركة تنافي السكون مضافا الي قيام الدليل علي فساد بيع الوقف لاحظ

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 93

النصوص التي تدل علي ان قوام الوقف بالبقاء و عدم البيع.

«قوله قدس سره: و انصراف النصوص الي غير هذه الصورة»

لا وجه للانصراف المدعي فان الحكم بعدم الجواز مترتب علي الوقف و المفروض تحقق العنوان في مورد الكلام فاي وجه للانصراف مضافا الي انا ذكرنا ان الواقف اعتبر كون العين ساكنة فنسأل ان البيع يقع علي العين الموقوفة أم يقع علي العين غير الموقوفة اما علي الاول فيلزم اجتماع الضدين و اما علي الثاني فبما ذا زال عنوان الوقفية و صار ملكا طلقا.

اضعف الي ذلك ان بقاء الملكية بعد زوال عنوان الوقف بما ذا ثبت فان التمليك له اسباب خاصة و هذه الملكية الثابتة في العين غير الموقوفة باي سبب تحققت اذ من الظاهر ان قوله عليه السلام الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها لا يكون مشرعا فالانصاف ان اتمام الامر بالصناعة مشكل.

«قوله قدس سره: نعم قد يشكل الامر فيما لو فرض تضرر البطن الموجود»

الخ.

هذا علي فرض تماميته انما يتم علي مسلك المشهور في مفاد القاعدة و اما علي المسلك المنصور فلا.

«قوله قدس سره: اشكال»

يمكن أن يكون وجه الاشكال معارضة ضرر البطن الموجود مع ضرر البطن اللاحق و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي حرمة بيع الوقف لكن قد مر منه قريبا ان دليل المنع منصرف عن الصورة الا ان يقال لا ينصرف عن صورة التعارض.

عمدة المطالب في التعليق علي

المكاسب، ج 3، ص: 94

«قوله قدس سره: او حق الواقف و ساير البطون المتأخرة»

الخ اذا كان المدار غرض الواقف و انشائه فما معني تردد الامر بين الطرفين و اذا كان المدار امر آخر فلا بد من بيانه كي نري ما يترتب عليه و الانصاف ان كلمات الماتن كغيره مضطربة.

«قوله قدس سره: اضاعة و اتلاف للمال»

اذا كان كذلك فلا بد من الالتزام بانتهاء الوقف فان حرمة اتلاف المال لا تقتضي صحة ما لا يكون صحيحا فلاحظ.

«قوله قدس سره: و اما المنع في غير هذا القسم»

هذه الوجوه كلها ناهضة للمنع عن البيع في غير هذا القسم و قلنا لا وجه للانصراف و علي فرض التنزل و عدم الشمول قلنا لا وجه لكون العين مملوكة للبطن الموجود اوله و للبطون اللاحقة و عليه لا وجه لجواز بيعها فانه لا بيع الا في ملك و تحقق الملكية اوّل الكلام و الاشكال بل مقتضي القاعدة عدم حصولها فانه لو أغمض عن الدليل الاجتهادي فلا اقل من الاصل فان مقتضي الاستصحاب عدم صيرورتها مملوكة للموقوف عليه فلاحظ.

«قوله قدس سره: هذا كله مضافا الي الاستصحاب في جميع هذه الصور»

لا مجال للاستصحاب في الحكم الكلي لمعارضة مع استصحاب عدم الجعل الزائد مضافا الي انه لا مجال للاصل مع الدليل الاجتهادي و المفروض ان الدليل علي حرمة بيع الوقف تام.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 95

«قوله قدس سره: و ان المراد بالمال هو الوقف»

لا يظهر ما افاده من الحديث بل الظاهر من المال مطلقه بلا اختصاص بالعين الموقوفة.

«قوله قدس سره: فيكون حاصل التعليل»

الخ بل حاصل التعليل ان الاختلاف بين الموقوف عليهم يقتضي جواز البيع اذ ربما يتحقق تلف الاموال و النفوس.

و صفوة القول

ان المستفاد من الحديث انه لو وقع خلاف بين اصحاب الوقف يرتفع ببيعه يجوز البيع و ملاك الجواز امكان تلف المال أو النفس و بعبارة واضحة المذكور في الحديث بحسب الظهور العرفي حكمة الجعل لا علته فلا يدور الحكم وجودا و عدما مداره.

«قوله قدس سره: بل كلما خيف تلف مال جاز بيع الوقف»

بل لا يشترط خوف التلف بل و لا يشترط حتي احتمال تلف المال أو النفس اذ قد ذكرنا ان المستفاد من الحديث ان تلف المال و النفس حكمة الجعل فيكون المقام نظير وجوب العدة علي المرأة المدخول بها فان العدة واجبة و لو مع العلم بعدم اختلاط المياه.

و في المقام يكفي للجواز الاختلاف بين اصحاب الوقف و الحكمة في الجواز انه ربما يؤدي الاختلاف الي تلف المال أو النفس و الشاهد علي ما ذكرنا قوله عليه السلام تلف الاموال و النفوس و الاتيان بصيغة الجمع في المال و النفس و الحال انه لا يشترط في تحقق موضوع الجواز تلف الاموال و النفوس.

و بعبارة واضحة الظاهر من كلامه عليه السلام ان حكمة الجواز انه ربما يتفق تلف المال أو النفس فيجوز البيع مع الاختلاف حتي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 96

فيما لا يحتمل تلف المال و النفس اذ الحكمة للجعل امكان وقوع تلف المال أو النفس و الظاهر من كلمة ربما انه قد يتفق ذلك و العرف ببابك.

«قوله قدس سره: و ان لم يكن لها دخل في الوقف»

الانصاف ان الظاهر من الحديث ان الموضوع الاختلاف الناشي من الوقف لا الاختلاف علي الاطلاق.

«قوله قدس سره: عموما من وجه»

فمادة الاجتماع من الطرفين ما لو علم بكون بقاء الوقف مؤديا الي الخراب و عدم البيع

يوجب تلف الاموال و النفوس و مادتا الافتراق العلم بتحقق خراب الوقف بلا ترتب تلف الاموال و النفوس و تلف الاموال و النفوس بلا ترتب خراب الموقوفة.

و لكن الحق ان النسبة بين فتوي المشهور و مفاد الحديث عموم مطلق اذ يشمل الحديث كل مورد يعلم بكون الخلاف مؤديا الي خراب الوقف و لكن يفترق الحديث من قول المشهور فيما يكون الاختلاف موجودا بين اصحاب الوقف و لا علم بتحقق خراب العين فلاحظ.

«قوله قدس سره: لا يوجب ظهور السؤال في الوقف المنقطع»

كيف لا يوجب مع ان الظاهر من الحديث كون الوقف منقطعا و عليه لا دليل علي جريان الحكم في الوقف الدائم و جواز البيع في الوقف المنقطع علي القاعدة اذ لا تخرج العين عن ملك الواقف ازيد من المقدار الذي تعلق به اعتبار السكون و وقوف العين عن الحركة.

و الانصاف انه لا مانع عن الاخذ بإطلاق الحديث فان قوله

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 97

عليه السلام ان كان قد علم الاختلاف بين اصحاب الوقف مطلق و الميزان في باب الظهور بإطلاق الجواب لا بخصوص السؤال فيمكن ان يقال ان السؤال عن الوقف الموقت و لكن الجواب عن حكم مطلق الوقف و انه يجوز بيعه عند بروز الخلاف بين الاصحاب.

و هل يمكن الالتزام بمفاد الحديث؟ فان مقتضاه جواز بيع الوقف بمجرد ظهور الخلاف بين الموقوف عليهم و ان شئت قلت لا ارتباط بين فتوي المشهور و التزامهم بالجواز في فرض العلم أو الظن لصيرورة الوقف خرابا و بين ترتب الجواز عند ظهور الخلاف بين اصحاب الوقف.

«قوله قدس سره: اعني الحبس»

لا وجه لحمل الوقف علي الحبس فان الوقف المنقطع اذا كان صحيحا فلا ملزم لحمل

قوله عليه السلام علي الحبس بل كلامه عليه السلام نص في الوقف المنقطع.

«قوله قدس سره: بفهم الاصحاب الوقف المؤبد التام»

قد ذكرنا ان الميزان بإطلاق الجواب و جوابه عليه السلام مطلق يشمل كلا القسمين فلا تنافي بين ظهور السؤال في المنقطع و ظهور الجواب في الاطلاق

«قوله قدس سره: و يبقي الكلام في تعيين المحتملات»

الخ.

اذا تعدد الاحتمال في لفظ يكون مرجعه الي اجمال ذلك اللفظ فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن منه و لا وجه لترجيح احد احتمالات الا ان يقوم دليل معتبر مفسر و مبيّن لذلك الاحتمال.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 98

«قوله قدس سره: و قد عرفت الاظهر منها»

أين عرفنا المدعي؟

«قوله قدس سره: كان اولي»

مرجعه الي رفع اليد عن الاطلاق و الاخذ بالمقدار المتيقن لكن ما افاده مبني علي ما استفادوا من الحديث من ان الموضوع للجواز تلف الأموال و النفوس و علي هذا لا بدّ من فرض تلف الاموال و النفوس أي يلزم ان يتحقق تلف الاموال بصورة الجمع كالنفوس.

و يرد عليه أولا ان الظاهر من الحديث ليس ما فهموا منه و ثانيا انه علي هذا التقدير لا خصوصية لتلف خصوص الوقف.

اذا عرفت ما ذكرنا فاعلم ان الظاهر من الحديث كما قلنا كفاية الاختلاف في جواز بيع الوقف و الاطلاق محكم و انما نرفع اليد عنه بالمقدار الذي يقطع بكونه مخالفا مع الواقع و اللّه العالم.

و قد ذكرنا ان المتفاهم من كلامه عليه السلام ان الموضوع للجواز انه قد يتفق ترتب تلف المال أو النفس علي الاختلاف بين الموقوف عليهم فلاحظ.

و اما الوقف المنقطع]
اشارة

«قوله قدس سره: و اما الوقف المنقطع و هو ما اذا وقف علي من ينقرض بناء علي صحته كما هو

المعروف»

يقع الكلام في هذا المورد في مقامين:

المقام الأول: في صحة الوقف المنقطع و عدمها.
اشارة

المقام الثاني:

في حكمه من حيث جواز البيع و عدمه.

أما المقام الأول: فنقول: تارة يطلق الوقف المنقطع و يراد به الوقف الموقت بوقت كعشر سنوات مثلا و اخري يطلق و يراد به

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 99

الوقف علي من ينقرض و هو الوقف المنقطع الاخر.

اما الواقف الموقت فقال سيدنا الاستاد في منهاجه في كتاب الوقف في المسألة 13 لا يجوز في الوقف توقيته بمدة فاذا قال داري وقف علي اولادي سنة أو عشر سنين بطل.

و ما يمكن ان يقال في تقريب البطلان وجوه
الوجه الأول الاجماع

و فيه ما فيه.

الوجه الثاني: أن التأبيد معتبر في قوام الوقف.

و فيه انه اوّل الكلام و لذا نري ان الشيخ قدس سره صرح بان الوقف علي المنقرض صحيح علي ما هو المعروف بين الاصحاب و مرجع المنقطع الي الموقت.

الوجه الثالث: الوقوف الصادرة عن الائمة عليهم السلام كانت مؤبدة

لاحظ خبري عجلان «1» و ربعي بن عبد اللّه «2».

و لاحظ حديث عبد الرحمن بن الحجاج قال: اوصي ابو الحسن عليه السلام بهذه الصدقة هذا ما تصدق به موسي بن جعفر تصدق بارضه في مكان كذا و كذا كلها و حدّ الارض كذا و كذا تصدق بها كلها و نخلها و ارضها و قناتها و مائها و ارحابها و حقوقها و شربها من الماء و كل حق هو لها في مرفع أو مظهر أو عرض أو طول أو مرفق أو ساحة أو اسقية أو متشعب او مسيل أو عامر أو غامر تصدق بجمع حقوقه من ذلك علي ولد صلبه من الرجال و النساء الي ان قال: لا يحل لمؤمن يؤمن باللّه و اليوم الاخر ان يبيعها و لا

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 44.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص ص 41.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 100

يبتاعها و لا يهبها و لا ينحلها و لا يغير شيئا مما و صفته عليها حتي يرث اللّه الارض و من عليها الحديث «1».

و فيه ان فعلهم لا يدل علي الحصر.

الوجه الرابع: انه لا بدّ من الاقتصار علي القدر المتقين و لا ندري مشروعية الوقف الموقت.

و فيه انه يكفي للقول بالصحة قولهم عليهم السلام في عدة روايات الوقوف علي حسب ما اوقفها اهلها اذ لو صدق عنوان الوقف علي الموقت يترتب عليه الامضاء الشرعي بمقتضي القول المذكور الصادر عنهم عليهم السلام.

اضف الي ذلك ان ما رواه الصفار «2» يدل علي الجواز بوضوح فانه يفهم من اطلاق هذه الرواية ان الامر بيد الواقف و عليه يجوز التوقيت اللهم الا ان يقوم اجماع كاشف عن البطلان الشرعي هذا بالنسبة الي الوقف الموقت.

و أما الوقف علي من ينقرض الذي يكون المعروف عندهم

جوازه، فقال سيدنا الاستاد في منهاجه في المسألة 14 اذا وقف علي من ينقرض كما اذا وقف علي اولاده و اولاد اولاده صح وقفا

و يمكن الاستدلال علي الصحة في الفرض المذكور مضافا الي ما تقدم بما رواه علي بن مهزيار «3».

فانه يفهم من صدر الحديث و من ذيله جواز الوقف علي من ينقرض فان الصدر يدل علي جواز الوقف لخصوص الامام عليه السلام و الذيل يدل علي جواز الوقف لطائفة خاصة فان قول الراوي

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الوقوف و الصدقات الحديث 5.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 41.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 90.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 101

فان كان تري ان يبيع هذا الوقف و يدفع الي كل انسان منهم ما وقف له من ذلك امرته يدل علي ان الوقف يختص بالموجودين و العرف ببابك فلا اشكال في جوازه ظاهرا هذا كله بالنسبة الي المقام الأول.

و أما

المقام الثاني و هو بيان حكم بيع الوقف المنقطع

فنتعرض له ان شاء اللّه تعالي عند تعرض الشيخ فانتظر.

«قوله قدس سره: فاما ان نقول ببقائه علي ملك الواقف»

الظاهر من كلامه انحصار الصور في المذكورات و الحال انه تتصور في المقام صورة اخري و هي عدم خروج العين من ملك الواقف الا في مقدار خاص من الزمان اذ المفروض ان الوقف منقطع و لا مقتضي لخروج العين عن ملك الواقف ازيد من المقدار الخاص.

و بما ذكرنا يظهر بطلان بقية الوجوه اما بقاء العين في ملك الواقف فلا وجه له مع فرض كون الوقف للموقوف عليهم و الوقف اخراج عن الملك و ادخال للعين في ملك الموقوف عليه.

و أما القول الثاني فأيضا لا وجه له اذ باي ميزان تدخل العين في

ملك الموقوف عليهم ازيد من زمان الوقف و لا مقتضي له و لا دليل علي صحة تمليك العين من الغير بغير الاسباب المعروفة في الشريعة المقدسة.

و منه يظهر فساد القولين الآخرين اذ علي فرض دخول العين في ملك الموقوف عليهم لا وجه لرجوعها الي ملك الواقف كما لا وجه لصيرورتها في سبيل اللّه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 102

«قوله قدس سره: من حيث لزوم الغرر»

الخ يرد عليه أولا انه لا دليل معتبر علي بطلان الغرر. و ثانيا ان الغرر عبارة عن الخطر و يمكن تصوير المسألة علي نحو لا يصدق عليها عنوان الغرر في نظر العرف.

«قوله قدس سره: لان معرفة المجموع المركب من ملك البائع و حق المشتري لا توجب معرفة المبيع»

الجهل بالمبيع لا يستلزم تحقق الغرر فلا وجه للاستدلال به علي المنع لكن يمكن ان يمنع عن البيع بتقريب آخر و هو انه قام الدليل علي عدم جواز بيع الوقف و ان بيعه غير صحيح فلا مجال لتقريب الجواز و منعه بلزوم الغرر ثم منع الغرر أولا و عدم الدليل علي ابطاله ثانيا فانه لا تصل النوبة الي هذه المرحلة اذ المفروض عدم جواز بيع العين الموقوفة بالنصوص فلاحظ.

«قوله قدس سره: نعم لو انتقل الي الواقف ثم باع صح جزما»

اذ المقتضي موجود و لا مانع فان المفروض انقضاء مدة الوقف فله البيع.

«قوله قدس سره: اللهم الا ان يكون علي وجه الاسقاط»

الخ لا مجال للتقريب المذكور اذ قلنا ان الدليل قائم علي عدم جواز بيع الوقف فما دام وقفا لا يمكن البيع شرعا.

«قوله قدس سره: كما يدل عليه كلامه»

القياس مع الفارق فان بيع المحبوس لا مانع منه و اما الوقف فلا يجوز بيعه

فلا وجه جامع بين الطرفين.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 103

«قوله قدس سره: فتأمل»

لعله يشير بامره بالتأمل الي انه لا فرق بين كونه مالكا للمنفعة و كونه مالكا للانتفاع فان مالك الانتفاع ليس له الاسقاط و الحق انه لا مجال لهذه الابحاث في المقام مع قيام الدليل علي المنع.

«قوله قدس سره: و لا للموقوف عليه»

المتعين ان يستدل علي عدم الجواز بالنصوص الدالة علي المنع عن بيع الوقف.

«قوله قدس سره: الا اذا جوزنا بيع ملك الغير»

الخ قد ظهر مما تقدم انه لا مجال لما افاده فان مقتضي قوله لا يجوز بيع الوقف ان البيع الواقع علي الوقف باطل و لا يكون قابلا للصحة بالاجازة المتأخرة اذ الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و بعبارة واضحة بيع الوقف خلاف حق اللّه فلا يصح بالاجازة المتأخرة كما حقق في بحث الفضولي فلا موضوع للبحث.

«قوله قدس سره: لزم البيع»

ما افاده نظير ان يقال اذا بيع شي ء غررا و بعد يوم ارتفع الغرر لزم البيع و هل يمكن القول به؟ كلا ثم كلا.

«قوله قدس سره: ثم ان ما ذكرنا في حكم الوقف المنقطع»

الخ لا افهم معني محصلا لما افاده من التفصيل في المقام فان الوقف المنقطع باي نحو يتصور تجري فيه الاقوال بلا فرق و لعله ناظر الي دقيقة لم افهمها.

و محصل الكلام في المقام ان مقتضي القاعدة الاولية عدم جواز بيع الوقف الا في مورد الاجماع و التسالم بحيث يقطع بالجواز أو

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 104

يشمله التوقيع الشريف الصادر من الناحية المقدسة.

و صفوة القول انّ المستفاد من الحديث المشار إليه انّه يكفي لجواز البيع كونه مقدورا و بعبارة واضحة يستفاد من التوقيع الشريف

جواز بيع الوقف علي الاطلاق، نعم الحديث الشريف، لا يشمل الاوقاف العامة بل يختص الحكم فيه بالاوقاف الخاصة كالوقف الذري فما دام لم يقم دليل علي المنع نلتزم بالجواز

و اما حديث ابن مهزيار فيدل علي جواز البيع في صورة بروز الخلاف بين اصحاب الوقف فان قلنا بأن جواب الامام عليه السلام مطلق يشمل مطلق الوقف و يكون اللام للجنس فيكون الحكم المذكور حكما لمطلق الوقف بلا فرق بين الموقت و الدائم.

و ان قلنا بكون للكلام للعهد كما ليس ببعيد او قلنا بالاجمال يختص الحكم بخصوص الوقف المنقطع و يبقي غيره تحت دليل المنع عن البيع مع قطع النظر عن التوقيع ثم انه لا يخفي ان هذه الرواية يختص بالوقف الخاص بلا اشكال و لا كلام و العرف ببابك و لا تشمل الوقف العام و عليه يبقي الوقف العام تحت قانون المنع عن البيع و اللّه العالم بحقائق الاشياء و هو المستعان هذا تمام الكلام في بيع الوقف.

و حيث ان البحث عن أحكام العبيد و الاماء بلا فائدة في هذه الأزمنة فلا موجب للدخول فيه و عليه يقع الكلام في بيع الرهن ان شاء اللّه تعالي.

[مسألة و من اسباب خروج الملك عن كونه طلقا كونه مرهونا]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة و من اسباب خروج الملك عن كونه طلقا كونه مرهونا»

يقع الكلام في هذه المسألة في مقامات.

المقام الأول: في مقتضي القاعدة الأولية

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 105

و انه هل يجوز بيع العين المرهونة أم لا؟

فنقول القاعدة الاولية تقتضي جواز بيعه اذ المفروض ان الرهن لا يخرج العين المرهونة عن ملك مالكها فيجوز بيعها بمقتضي اطلاق قوله تعالي «احل اللّه البيع» و قوله تعالي أيضا «الا ان تكون تجارة عن تراض».

غاية الامر تكون العين ناقصة من حيث تعلق حق المرتهن و في معرض الخطر فاذا كان المشتري جاهلا يثبت له الخيار بمقتضي الشرط الارتكازي الضمني و اما مع علمه بالحال فلا وجه للخيار.

و اما ما افاده الشيخ قدس سره في اثناء كلامه من تنافي جواز البيع و الرهن فلا يكون تاما اذ لا تنافي بين الامرين.

و بعبارة واضحة: لا نري معاندة بين الامرين فيصح البيع علي طبق القاعدة الاولية.

المقام الثاني: في أنه هل قام دليل معتبر علي المنع و ان بيعه فاسد أم لا؟
اشارة

فنقول ما يمكن أن يذكر في تقريب المنع وجوه.

الوجه الأول: النبوي المشهور بين الاصحاب

عن النبي صلي اللّه عليه و آله: الراهن و المرتهن ممنوعان من التصرف في الرهن «1» فان قوله صلي اللّه عليه و آله الراهن و المرتهن الخ يقتضي فساد بيعه علي الاطلاق فان الجمود علي الاطلاق يقتضي ان بيعه من قبل الراهن باطل حتي مع الاذن من المرتهن لكن الحديث ساقط عن الاعتبار سندا و لا جابر له فلا يعتد به.

الوجه الثاني الاجماع المنقول في المقام

كما في كلام الشيخ

______________________________

(1) مستدرك الوسائل ج 13 الباب 17 من ابواب كتاب الرهن الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 106

قدس سره و قد ذكرنا كرارا عدم اعتبار الاجماع المنقول فلا اثر له.

الوجه الثالث: تسالم الاصحاب عليه

و كون البطلان ارتكازيا في اذهان اهل الشرع و الشريعة بل يمكن أن يقال ان عليه السيرة العقلائية فلا مجال للاشكال و التأمل غاية الامر لا اشكال في جوازه مع توافق الطرفين عليه فانه لا دليل معتبر علي بطلانه في الفرض.

المقام الثالث في انه علي القول بالبطلان فهل يكون قابلا للصحة بالاجازة المتأخرة أو بفك الرهن أم لا؟
اشارة

فلا بد من بسط الكلام و تحقيق الحال في ضمن فروع ثلاثة.

الفرع الأول: انه لو باع الراهن العين المرهونة بلا اذن من المرتهن و بعد ذلك اجاز المرتهن البيع فهل يكون صحيحا بالاجازة

فنقول مقتضي القاعدة الاولية عدم صحته بالاجازة المتأخرة اذ المفروض ان العقد وقع باطلا و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه فالمانع الحدوثي مانع بقاء

و لكن لا بدّ من رفع اليد عن القاعدة الاولية بالنص الخاص الوارد في هذا المورد و هو ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: سألته عن مملوك تزوج بغير اذن سيده فقال: ذاك الي سيده ان شاء اجازه و ان شاء فرق بينهما قلت: اصلحك اللّه ان الحكم بن عتيبة و ابراهيم النخعي و اصحابهما يقولون: ان اصل النكاح فاسد و لا تحل اجازة السيد له فقال ابو جعفر عليه السلام: انه لم يعص اللّه و انّما عصي سيده فاذا اجازه فهو له جائز «1».

فان مقتضي هذه الرواية التفصيل في شروط العقود فان كان

______________________________

(1) الوسائل الباب 24 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 107

الشرط من حقوق اللّه كان فقدانه موجبا للفساد و لا يكون قابلا لعروض الصحة بعد ذلك و ان كان من حقوق الناس يكون قابلا للصحة بالاجازة المتأخرة.

و لا يضر بالاستدلال ورود الحديث في مورد خاص اذ مقتضي التعليل التعميم و عليه لو باع الراهن العين بلا اجازة المرتهن و بعد ذلك اجاز المرتهن العقد الصادر من الراهن يصح العقد بالاجازة

و في المقام يتفرع فروع الفرع الأول انه بعد اجازة المرتهن العقد الصادر عن الراهن أو اذا فرضنا ان البيع وقع باجازة من المرتهن فهل تبقي العين المرهونة مرهونة علي ما كانت أم ينفك الرهن و تصير العين مرسلة؟

فتارة نقول بالتنافي بين البيع و الرهن

كما يظهر من كلام الشيخ فلا اشكال في الانفكاك و ارتفاع الرهنية و اخري نقول بعدم التنافي كما قلنا و عليه يكون مقتضي القاعدة بقاء الرهن بحاله و لا مقتضي لارتفاع عنوانه الا ان يقوم دليل عليه.

الفرع الثاني: انه لو لم يجز المرتهن العقد لكن المراهن بعد البيع فك الرهن فهل يصح البيع أم لا؟

الظاهر انه لا وجه للجواز و الصحة اذ المفروض ان العقد صدر باطلا و المفروض انه لم يجز من قبل المرتهن فلا وجه لعروض الصحة عليه.

الفرع الثالث: عين الفرض الثاني و لكن نفرض ان البائع بنفسه بعد فك الرهن يجيز العقد الصادر منه فهل يمكن الحكم بالصحة باجازته أم لا؟

الظاهر انه لا يمكن اذ المفروض ان المؤثر حين العقد اجازة المرتهن و انه لم يتحقق.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 108

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 108

و المستفاد من حديث زرارة ان اجازة من بيده الامر تؤثر في الصحة و لم يكن البائع بعد البيع مصداقا لعنوان من بيده الامر بل من بيده الامر هو المرتهن و المفروض عدم اجازته فمن يكون اجازته مؤثرة لم يجز و من اجاز ليس بيده الامر فلاحظ و تأمل.

و ان شئت قلت انه عليه السلام علل الحكم بالجواز بقوله انه لم يعص اللّه و انما عصي سيده فاذ اجاز جاز فيلزم ان تصدر الاجازة ممن عصي و من عصي هو المرتهن.

المقام الرابع: ان المرتهن لو اجاز العقد الصادر عن الراهن فهل يكون ناقلة أم تكون كاشفة؟

الحق انه لا فرق في الاجازة في المقام و الاجازة في العقد الفضولي و قد اخترنا هناك ان القاعدة تقتضي كون الاجازة كاشفة كشفا انقلابيا أي يحكم بتحقق الملكية بالاجازة من زمان العقد و لا محذور فيه كما مرّ في بحث الفضولي.

«قوله قدس سره: و ثانيا ان المتيقن من الاجماع و الاخبار»

الخ.

فيكون المنع عن الاستقلال و أما التصرف الممضي من قبل المالك أو من بيده الامر فلا يكون مشمولا للمنع و لا يكون داخلا في معقد الاجماع فعليه كما ان تصرف المرتهن في العين مع اجازة المالك لا يكون ممنوعا كذلك تصرف المالك مع اجازة المرتهن لا يكون مورد المنع هذا حاصل كلامه في المقام.

لكن نسأل انه لو تصرف احدهما بلا اذن من الاخر فما دام لا تتحقق الاجازة من الاخر هل

يكون العقد صحيحا و مؤثرا أم لا؟

لا سبيل الي الاول اذ لا اشكال في أن العقد الموقوف علي الاجازة المتأخرة لا يكون مؤثرا و لذا انكرنا الكشف الحقيقي و قلنا لا بدّ من القول بالنقل غاية الامر الاقوال في النقل مختلفة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 109

و عليه فما الدليل علي تأثير الاجازة المتأخرة و دليل اثبات الصحة بالاجازة منحصر في حديث زرارة و ما افاده قدس سره من الرجوع الي العموم في غير المقدار المعلوم و مقتضاه الصحة غير تام فان قوله تعالي «احل اللّه البيع» لم يشمل العقد الصادر عن الفضولي و بعد الاجازة نسأل هل ينقلب العقد الفضولي عن عنوانه أم لا؟ لا سبيل الي الاول فان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه.

و أما علي الثاني فالمفروض ان عقده صدر باطلا. ان قلت:

الاجازة توجب صحة انتساب العقد الي المجيز فكان المجيز باجازته باع في ذلك الزمان.

قلت: لا مجال لهذه المقالة فان العقد عبارة عن الاعتبار النفساني و ابراز ذلك الاعتبار بمبرز من فعل أو قول و من الظاهر ان الاعتبار أمر تكويني كما ان الابراز كذلك و هل يمكن اسناد امر تكويني الي غير الفاعل بالاجازة و الرضا؟ كلا ثم كلا.

و علي هذا الاساس قلنا في بحث الفضولي بان الفضولي باطل علي مقتضي القاعدة الاولية نعم نرفع اليد عن القاعدة بالنص الخاص و هو حديث زرارة.

أضف الي ذلك ان البيان المذكور لا يجري فيما نحن فيه اذ المفروض ان العقد صدر عن المالك غاية الامر بلا اذن من المرتهن فالمقتضي تام انما الكلام في أنه مقرون بالمانع فلا سبيل الي الصحة غير النص الخاص الوارد في الباب المشار إليه و

بعبارة واضحة لو فرضنا تمامية التقريب المذكور في باب الفضولي لا يتم في المقام لان العقد صدر عن المالك فلا تكون اجازة المرتهن مؤثرة في الانتساب فانه تحصيل للحاصل.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 110

«قوله قدس سره: و قد يتخيل وجه آخر لبطلان البيع»

الخ.

حاصل الاشكال انه لا يمكن اجتماع الرهن و البيع فكيف يمكن القول بصحة بيع الراهن مع اجازة المرتهن و اجاب عن الاشكال بأن القائل بالصحة يلتزم ببطلان الرهن فلا مجمع لهما و يرد عليه انه ما المانع من الاجتماع و أيّ دليل دل علي عدم امكان اجتماع البيع و الرهن.

و الذي يدل علي الامكان جواز رهن مال الغير مثلا لو استدان أحد و جعل دار صديقه رهنا عند الدائن يجوز فأي مانع من انتقال المبيع الي الغير معنونا بعنوان كونه مرهونا و علي هذا الاساس لا وجه للمقايسة بين المقام و البيع الفضولي فعلي فرض توجه الاشكال في البيع الفضولي لا يتوجه الاشكال في المقام لعدم التنافي بين الامرين و يمكن اجتماع كون العين مرهونة و مع ذلك يقع عليها البيع هذا ما يرتبط بالمقام.

و أما في مسألة البيع الفضولي فلا اشكال اذ لو قلنا بأن الاجازة ناقلة بتمام معني الكلمة فالامر ظاهر و ان قلنا بالكشف الحكمي أو الانقلابي فأيضا لا اشكال اذ زمان الاعتبار مختلف و ان كان زمان المعتبر متحدا ففي يوم السبت يعتبر كون الدار لزيد و اما في يوم الاحد فيعتبر كونها في يوم السبت لبكر و لا تنافي بين الامرين.

«قوله قدس سره: الا ان الظاهر من بعض الاخبار»

الخ.

لا يبعد أن يكون ناظرا الي حديث العروة البارقي فان المستفاد من ذلك الحديث ان الاجازة كاشفة

اذ لو لم تكن كاشفة كان تصرف العروة حراما هذا ما يرجع الي كلامه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 111

لكن يرد عليه أولا ان الحديث ضعيف سندا و ثانيا ان القول بالكشف مرجعه الي النقل فلا فرق بين القولين من هذه الجهة الاعلي القول بالكشف الحقيقي الذي لا نقول به و لا يمكن القول به و الحق ان القاعدة الاولية تقتضي القول بالكشف الانقلابي.

«قوله قدس سره: و هل ينفع الاجازة بعد الرد وجهان»

الخ.

الحق ان الاجازة بعد الرد تؤثر في المقام كما تؤثر في باب العقد الفضولي اذ لا وجه للسقوط و بعبارة اخري لا دليل علي ان الرد قبل الاجازة موجبا لسقوط الاجازة عن التأثير فلاحظ.

«قوله قدس سره: و يحتمل عدم لزوم العقد»

الخ هذا هو الصحيح فانه لا دليل علي تحقق الصحة بالابراء أو الاسقاط أو الاداء و قياس السقوط بالاجازة في زمان الحق مع الفارق فان اجازة المرتهن انما تؤثر بمقتضي التعليل المذكور في حديث زرارة و أما سقوط الحق فلا دليل علي كونه سببا للصحة و ان شئت قلت حين صدور العقد كان المانع للتأثير موجودا و في زمان انتفاء المانع لا مقتضي و لا سبب لحصول المطلوب.

«قوله قدس سره: مضافا الي استصحاب عدم اللزوم»

الخ.

الاولي ان يقال مضافا الي استصحاب عدم الملكية فان بيع الراهن لم يؤثر في حصول الملكية و اذا شك في حصولها بعد سقوط الحق يكون مقتضي الاستصحاب عدمها.

«قوله قدس سره: اذ ليس في اللفظ عموم زماني»

الخ.

اذا كان المدرك دليل وجوب الوفاء بالعقد كما رامه فلما ذا يحكم بعدم العموم الزماني فيه و الحال ان مقتضي دليل وجوب الوفاء العموم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 112

الزماني

فان وجوب الوفاء لا يختص بزمان دون آخر بل مقتضي الاطلاق وجوبه في كل زمان لكن اصل المبني فاسد فانا ذكرنا مرارا ان دليل وجوب الوفاء دليل اللزوم لا دليل الصحة و لا يمكن ان يكون دليلا علي الصحة فلاحظ.

«قوله قدس سره: بعض الروايات»

لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال: جاء رجل الي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال اني كنت مملوكا لقوم و انّي تزوجت امرأة حرّة بغير اذن موالي ثم اعتقوني بعد ذلك فاجدد نكاحي ايّاها حين اعتقت فقال له أ كانوا علموا انك تزوجت امرأة و انت مملوك لهم فقال نعم و سكتوا عني و لم يغيروا عليّ قال فقال سكوتهم عنك بعد علمهم اقرار منهم اثبت علي نكاحك الاول «1».

«قوله قدس سره: فالمقام من باب وجوب العمل بالعام»

قد تقدم منا انه لو لا النص أي حديث زرارة لم يكن وجه للصحة اذ بعد عدم شمول الدليل للعقد المقرون بالمانع لا يشمله بعده لما ذكرنا من ان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و المفروض انه حين حدوثه كان مقرونا بالمانع و العقد المقرون بالمانع باطل و لا يعقل ان يشمله دليل الصحة.

«قوله قدس سره: فافهم».

لعل الامر بالفهم اشارة الي ما ذكرنا.

«قوله قدس سره: ثم ان لازم الكشف كما عرفت في مسألة الفضولي»

و قد ذكرنا كرارا ان الكشف الحقيقي لا دليل عليه فعلي جميع

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 113

التقادير تكون الاجازة ناقلة و عليه لا مجال للقول بلزوم العقد اذ قبل الاجازة لا يتحقق شي ء كي يكون لازما أو جائزا.

و بعبارة اخري قبل الاجازة لا موضوع للجواز و

اللزوم فلا يجب علي العاقد شي ء قبل الاجازة أو قبل الفك أو الابراء علي القول بكونهما مؤثرين في صحة العقد السابق و لا مجال للابحاث المذكورة في المقام كما هو ظاهر بالتأمل فيما ذكرنا.

«قوله قدس سره: وجهان».

بل الحق تعين بيع العين المرهونة و لا يوجب بيعها ابطال البيع الصادر عن المالك اذ قد مرّ منا انه لا تنافي بين الامرين فيجبر المشتري علي البيع و علي فرض امتناعه يقدم الحاكم بنفسه فانه ولي الممتنع فلاحظ.

[مسألة: الثالث من شروط العوضين القدرة علي التسليم]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة: الثالث من شروط العوضين القدرة علي التسليم»

يقع الكلام في هذه المسألة في مقامين.

المقام الأول: في مقتضي القاعدة الاولية.

المقام الثاني فيما تقتضيه الادلة الثانوية.

أما المقام الأول فنقول: القاعدة الاولية تقتضي الجواز و عدم الاشتراط فان مقتضي اطلاق دليل حلية البيع و تجارة عن تراض جواز البيع مع عدم القدرة علي تسليم المبيع و تسلمه و هذا لا غبار عليه.

ان قلت: مع عدم القدرة علي التسليم يكون العقد سفهيا فيكون باطلا. قلت: يرد علي التقريب المذكور، أولا: انه يمكن تصوير الامر بنحو لا يكون سفهيا كما لو كان مصلحة فيه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 114

و ثانيا: انه لا دليل علي بطلان العقد السفهي و انما الدليل قائم علي بطلان بيع السفيه و عقده علي ما هو المشهور و كم فرق بين الامرين.

هذا ما يرجع الي المقام الأول.

و أما

المقام الثاني [ما تقتضيه الأدلة الثانوية]
فما يمكن ان يذكر في تقريب المدعي وجوه
الوجه الأول: الاجماع بالجملة أو في الجملة أي فيما يكون خديعة.

و حال الاجماع المنقول في الاشكال ظاهر و الاجماع المحصل علي فرض حصوله غير حجة لاحتمال استناد المجمعين الي بعض الوجوه المذكورة في المقام.

الوجه الثاني: قوله صلي اللّه عليه و آله:

رواه الصدوق عن الرضا عن آبائه عن علي عليه السلام و قد نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع المضطر و عن بيع الغرر «1».

و هذه الرواية تارة يبحث فيها من حيث السند و اخري من حيث الدلالة، اما من حيث السند فلا اعتبار بها اذ ليس لها سند فان الصدوق ذكر الرواية بسند ضعيف و الطريحي ذكر الرواية في مجمع البحرين في مادة غرر و قال:

و في الخبر نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن بيع الغرر و قال بعد ذلك و فسر بما يكون له ظاهر يغرر المشتري و باطن مجهول مثل بيع السمك بالماء و الطير في الهواء و قال أيضا ما غرك بربك الكريم أي اي شي ء غرك بخالقك و خدعك و سول لك الباطن حتي عصيته و خالفته و الرواية مرسلة و لا جابر لها فتكون ساقطة عن درجة الاعتبار.

و أما من حيث الدلالة فأيضا لا مجال للاستدلال بها علي المدعي

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من ابواب آداب التجارة الحديث: 3 و المستدرك الباب 33 من هذه الابواب الحديث: 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 115

اذ من الظاهر ان عدم القدرة علي التسليم لا يستلزم الخديعة و التغرير فلا تكون الرواية دليلا علي المدعي مضافا الي انه لو فرض ان الخديعة لم تشرب في مفهوم الغرر لكن الاستدلال بالرواية متوقف علي ان يكون الغرر عبارة عن الخطر و يمكن تصوير الامر علي نحو لا يكون خطريا كما لو كان المشتري

قادرا علي تسلم المبيع.

الا أن يقال لا يكفي قدرة احد المتعاملين و كما لو اشترط المشتري علي البائع امرا يكون العقد مأمونا من الضرر و الخطر فالنتيجة ان الحديث غير تام سندا و دلالة فلاحظ.

الوجه الثالث: ما اشتهر عن النبي صلي اللّه عليه و آله

و هو قوله صلي اللّه عليه و آله لا تبع ما ليس عندك لاحظ ما رواه سليمان بن صالح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله عن سلف و بيع و عن بيعين في بيع و عن بيع ما ليس عندك و عن ربح ما لم يضمن «1».

و هذه الرواية من حيث السند تامة ظاهرا فلا اشكال فيها من هذه الجهة.

و أما من ناحية الدلالة فتقريب المدعي بها ان المراد من كلمة عندك ليس الحضور الخارجي اذ لا اشكال في صحة بيع العين الغائبة فالمراد بهذه الكلمة السلطنة الخارجية و القدرة علي تسليم المبيع.

و فيه ان الظاهر من الجملة كون العين مملوكة للبائع و لا مجال للاشكال بانه يعبر عن المملوك بكلمة (لك) لا بكلمة (عندك) اذ انه كثيرا ما يطلق هذا اللفظ و يراد منه الملك كقول الناس عندك دار ما عندي شي ء عنده الف دينار و هكذا و لا شبهة فيه.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب احكام العقود الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 116

و يؤيد المدعي بل يدل عليه الحديث الاخر لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يجيئني يطلب المتاع فاقاوله علي الربح ثم اشتريه فابيعه منه فقال أ ليس ان شاء اخذ و ان شاء ترك قلت بلي قال فلا بأس به قلت فان من عندنا

يفسده قال و لم قلت قد باع ما ليس عنده قال فما يقول في السلم قد باع صاحبه ما ليس عنده قلت بلي قال فانما صلح من اجل انهم يسمّونه سلما ان ابي كان يقول لا بأس ببيع كل متاع كنت تجده في الوقت الّذي بعته فيه «1».

فانه قد صرح فيه بان المراد من الجملة المملوكية فلا اشكال من هذه الجهة و علي فرض الاغماض فلا اقل من الاجمال و مع الاجمال لا يكون قابلا للاستدلال.

ان قلت علي فرض الاجمال يتشكل علم اجمالي و قد حقق في الاصول ان العلم الاجمالي منجز بالنسبة الي الاطراف و المفروض ان احد اطراف الاحتمال احتمال كون المراد من الكلمة القدرة علي التسليم.

قلت العلم الاجمالي في المقام لا ينجز لعدم معارضة الاصول فان بيع غير المملوك باطل فيوخذ بالنسبة الي الاحتمال الاخر بإطلاق دليل الصحة و بعبارة واضحة ان العلم الاجمالي انما يكون منجزا فيما لا يكون احد الطرفين او الاطراف مورد الحكم و اما مع كون البعض مورد الحكم قطعا فلا يجري فيه الاصل فلا مانع عن جريان الاصل أو الاطلاق في الطرف الاخر.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب احكام العقود الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 117

الوجه الرابع: ان ما لا يكون مقدور التسليم لا يكون مالا و ما لا مالية له لا يجوز بيعه

و فيه أولا انه لا دليل علي الشرط المذكور و ثانيا ان المال ما يبذل بإزائه الشي ء و من الواضح ان القدرة و عدمها لا يكونان دخيلين في هذه الجهة.

و بعبارة واضحة لا اشكال و لا ريب في أن المالية للشي ء لا تسقط بعدم امكان الوصول إليه و لذا يصح أن يقال كمية كثيرة من الاموال تحت البحار أو تحت الارض من الكنوز و غيرها فهذا الوجه

أيضا ساقط.

الوجه الخامس ان وجوب الوفاء بالعقد من لوازمه و لا ينفك عنه

و مع عدم القدرة علي التسليم اما لا يكون التسليم واجبا فيلزم الخلف اذ فرضنا ان وجوب الوفاء لازم للعقد و لا ينفك عنه و اما يلزم و لازمه تعلق الامر و الوجوب بامر غير مقدور و هو محال فيلزم ان يكون المبيع مقدور التسليم.

و فيه: أولا ان الوجوب المتعلق بالوفاء وجوب ارشادي و ارشاد الي لزوم العقد و لا يكون تكليفيا. و ثانيا: انه علي فرض القول به و فرض تمامية التقريب انما يختص بمورد يمكن الوفاء و اما مع عدم امكانه فلا يجب الوفاء و لا دليل علي الملازمة المطلقة.

الوجه السادس: ان الغرض من اشتراء شي ء الانتفاع به و مع عدم امكان التسليم لا تترتب هذه الغاية فيكون العقد باطلا.

و يرد عليه: أولا ان تخلف الداعي لا يوجب الفساد و كونه مفسدا للعقد لا دليل عليه.

و ثانيا: انه يمكن ان يكون الغرض من المعاملة استفادة البائع و هذه الفائدة تترتب بتسلم الثمن.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 118

و ثالثا: انه يمكن ان الغرض الانتفاع الاعتباري و هو كونه مالكا للطير الكذائي.

و رابعا: انه يمكن ان يكون المتعاقدان غافلين و تعاقدا علي البيع الا ان يقال انه يكفي الارتكاز.

و خامسا: انه يمكن ان لا يكون البائع قادرا علي اخذ المبيع كالطير في الهواء و كذا المشتري لا يكون قادرا علي اخذه و لكن المشتري يمكنه ان يبيعه من ثالث يكون قادرا علي اخذه.

الوجه السابع: ان مثل هذه المعاملة يكون سفهيا.

و هو باطل.

و فيه أولا: انه يمكن ان يكون فيه غرض عقلائي و به يخرج العقد عن كونه سفهائيا.

و ثانيا: انه لا دليل علي بطلان العقد السفهائي و انما الدليل قائم علي بطلان عقد السفيه كما تقدم.

الوجه الثامن: ان مثل هذا العقد يكون داخلا في اكل المال بالباطل

و المستفاد من قوله تعالي «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» * بطلان ما قوبل المال بالباطل.

و فيه أولا: انه قد ظهر مما ذكرنا امكان الخروج عن الاكل بالباطل.

و ثانيا: ان المستفاد من الآية النهي عن الاكل بالسبب الباطل و بعبارة اخري الجار لا يكون للمقابلة بل للسببية فلا ترتبط الآية بالمقام فلاحظ.

الوجه التاسع: ما أفاده سيدنا الاستاد قدس سره

و هو انه يستفاد من حديث رفاعة النخاس قال: سألت أبا الحسن موسي عليه السلام

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 119

قلت له: أ يصلح لي ان اشتري من القوم الجارية الآبقة و أعطيهم الثمن و اطلبها انا قال: لا يصلح شراؤها الا ان تشتري منهم معها ثوبا أو متاعا فتقول لهم: اشتري منكم جاريتكم فلانة و هذا المتاع بكذا و كذا درهما فان ذلك جائز «1».

و من حديث سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام: في الرجل يشتري العبد و هو آبق عن اهله قال لا يصلح الا ان يشتري معه شيئا آخر و يقول: اشتري منك هذا الشي ء و عبدك بكذا و كذا فان لم يقدر علي العبد كان الذي نقده فيما اشتري منه «2».

انه لا يجوز بيع العبد الآبق و الجارية الآبقة الا مع الضميمة و لا يجوز بيعهما بلا ضميمة فيدل الحديثان علي عدم الجواز في المقام بالاولوية فان العبد الآبق أو الامة الآبقة يمكن الانتفاع منهما بالعتق و مع ذلك حكم الشارع بعدم جواز بيعهما الا مع الضميمة فبطريق اولي لا يجوز بيع ما لا يكون مقدورا و لا ينتفع به هذا ما افاده سيدنا الاستاد قدس سره في المقام.

و يرد عليه ان المستفاد من الحديثين عدم جواز البيع في الآبق و الآبقة و أما وجه عدم

الجواز فيهما و ملاكه فغير معلوم فلا يمكن التعدي الي بقية الامتعة و الاعيان القابلة للبيع.

و بعبارة واضحة: انا لا ندري انه ما الوجه في عدم الجواز مضافا الي انا نفرض عبدا غير آبق و لكن لا يمكن الوصول إليه لعلة خارجية ككونه محبوسا في حبس ظالم فنسأل هل يجوز بيعه بلا ضميمة أم لا

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 120

فان الاولوية لا يتحقق فيه كما هو واضح فلا يمكن ان يستفاد من الحديث كبري كلية.

و أما قوله عليه السلام فان لم يقدر علي العبد الي آخر كلامه عليه السلام فلا يكون علة للحكم كي يقال يستفاد من التعليل ان الوجه في عدم الجواز عدم القدرة علي تسلم المبيع بل كلامه عليه السلام دليل علي أن الثمن يقع بتمامه في مقابل تلك الضميمة و لا يقسّط عليها و علي الآبق.

و ان شئت قلت: الفاء فاء التفريع لا العلية و بعبارة واضحة هذا الذيل تتمة للكلام لا علة للحكم اي يبيع البائع مع الضميمة فان قدر المشتري علي الآبق فهو و ان لم يقدر يكون تمام الثمن في مقابل تلك الضميمة شرعا و ان كان علي خلاف القاعدة فان مقتضي القاعدة التقسيط اذ المفروض ان الثمن واقع في مقابل الآبق و الضميمة فعلي القاعدة لا بدّ من ان يقسط الثمن علي كليهما.

«قوله قدس سره: و قد يعترض باصالة عدم تقيد الوجوب»

الخ الظاهر ان المراد من المعترض صاحب الجواهر و حاصل ما افاده ان مقتضي عدم التقيد في طرف الحكم اي لزوم الوفاء عمومه لكن يعارض الاصل الجاري فيه بجريان

الاصل في الموضوع فان مقتضاه عدم التقييد أيضا و حيث انه لا يمكن الاخذ بكلا الاصلين يسقطان بالمعارضة.

و يمكن أن يكون وجه نظر الشيخ في الاعتراض بأنه لا مجال للاصل في طرف الحكم اذ لا اشكال في تقيده بالقدرة و اما وجه نظره في المعارضة فيمكن ان يكون ناظرا الي ان اطلاق الحكم مقدم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 121

علي اطلاق الموضوع.

و لعله بقوله «فافهم» يشير الي انه ليس لتقديم احدهما علي الاخر ميزان كلي بل ربما يتقدم الظهور في طرف الحكم علي الموضوع و ربما ينعكس الامر فلاحظ.

«قوله قدس سره: كون القدرة شرطا»

الخ وقع الكلام في أن القدرة علي تسليم المبيع علي القول بها شرط أو ان العجز مانع. و استفاد الشيخ قدس سره من كلمات القوم ان القدرة شرط و لا مجال لكون العجز مانعا اذ المانع عبارة عن امر وجودي يمنع المقتضي عن التأثير في وجود المعلول و العجز امر عدمي و الامر العدمي لا يمكن كونه مانعا.

و نقل عن صاحب الجواهر انه استظهر من كلمات القوم ان العجز مانع عندهم لا ان القدرة شرط و تظهر الثمرة بين القولين في جريان الاصل فانه لو شك في القدرة و ان البائع قادر علي التسليم أو انه عاجز عنه فلو قلنا بان القدرة شرط لا يمكن احرازه بالاصل.

و أما لو قلنا ان العجز مانع فيمكن احراز عدمه بالاصل و اورد عليه الشيخ قدس سره بانه لا فرق بين القولين من هذه الجهة اذ مع احراز الحالة السابقة يجري الاصل في بقائها و مع عدم احرازها لا يجري. و بعبارة اخري مع احراز القدرة أو العجز سابقا يجري الاصل في بقائها و

مع احراز عدمهما يجري الاصل في العدم فلا تظهر الثمرة بين القولين.

نعم اذا كان الامر دائرا بين كون احد الضدين شرطا أو كون الضد الاخر مانعا مثل الفسق و العدالة تظهر الثمرة بين القولين اذ علي القول بكون العدالة شرطا لا اثر لعدم الفسق و علي تقدير

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 122

كون الفسق مانعا لا اثر للعدالة بل الاثر يترتب علي عدم الفسق.

اقول: يمكن أن يكون صاحب الجواهر ناظرا الي مورد لا تكون الحالة السابقة معلومة أو يكون المورد من موارد توارد حالتين ففي مثله تظهر النتيجة اذ علي القول بكون القدرة شرطا لا مجري للاصل فلا يحرز الشرط و مع عدم احرازه لا مجال للاخذ بالدليل فان الاخذ بالعام أو المطلق مع كون الشبهة مصداقية لا يجوز.

و أما لو قلنا ان المانع العجز فيمكن احراز عدمه باصالة عدم المانع.

و يرد عليه: انه ان كان المراد من الاصل الاستصحاب فقد مرّ انه لا مجال له لعدم احراز الحالة السابقة و ان كان المراد منه قاعدة المقتضي و المانع فقد حقق في محله انه لا دليل عليها.

و لما انجر الكلام الي هنا لا بدّ من بيان نكتة و هي انه هل يجري استصحاب القدرة المحرزة سابقا أم لا؟ ربما يقال بان الاثر يترتب علي الاحراز لا علي الواقع فلا اثر لاستصحاب القدرة السابقة و يمكن ان يقال: انه لو قلنا بقيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي و لو لم يكن اثر للواقع كما عليه الشيخ يجري الاستصحاب و ان قلنا بعدم قيامه مقام القطع الطريقي الذي لا اثر للواقع كما عليه صاحب الكفاية فلا يجري.

و لقائل أن يقول: ان الاستصحاب لا يجري حتي علي

قول الشيخ اذ الغرر متقوم بالاحتمال و المفروض ان الاحتمال موجود فلا اثر للاصل نعم لو قامت الامارة علي القدرة تؤثر اذ الامارة حجة بالنسبة الي لوازم المؤدي فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 123

«قوله قدس سره: لانه عدم القدرة عمن من شأنه صنفا أو نوعا أو جنسا ان يقدر»

الخ لفظ أو للتنويع و لا يكون للترديد اي عدم القدرة من شأن صنفه أو نوعه أو جنسه القدرة و الاول كالبائع مباشرة و الثاني كالعاقد المعاوض لماله مباشرة بغير البيع كالصلح و الثالث مطلق العاقد فيعم المباشر و الوكيل.

«قوله قدس سره: ثم لو سلم صحة اطلاق المانع عليه لا ثمرة فيه لا في صورة الشك الموضوعي»

الخ تارة يكون الشك موضوعيا و اخري مفهوميا و ثالثة حكيما. اما الشك الموضوعي فكما لو علم حدود مفهوم القدرة و العجز و لكن يشك في ان ما هو شرط أو مانع موجود في الخارج أم لا؟ و اما الشك المفهومي فهو عبارة عن الشك في أن القدرة التي تكون شرطا عدم التعذر فقط أو الاعم منه و من التعسر.

و أما الشبهة الحكمية فكما لو شك في أن القدرة التي تكون شرطا هل تكفي في الجملة أو يلزم وجودها بالجملة، فلو شك في تحقق القدرة بنحو الشبهة المصداقية يلزم أن يلاحظ الحالة السابقة و اذا شك في القدرة علي نحو الشبهة المفهومية أو علي نحو الشبهة الحكمية يلزم الاخذ بإطلاق دليل صحة البيع و العقد أو عمومه لان الاطلاق قد تحقق و الشك في التقييد الزائد و الاصل عدمه فلاحظ.

«قوله قدس سره: ثم ان العبرة في الشرط المذكور انما هو في زمان استحقاق التسليم»

الخ ان كان المدرك للشرط

المذكور حديث نفي الغرر فالامر كما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 124

افاده اذ لا غرر بالنسبة الي المشتري و اما ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك فيشكل الامر اذ المفروض ان البائع حين البيع غير قادر و من ناحية اخري يشترط في صحة البيع كون البائع قادرا.

و افاد سيدنا الاستاد ان العرف يفهم من الدليل اعتبار القدرة حين وجوب الاقباض فلا يضر عدمها قبل ذلك الزمان و يرد عليه انه لا دليل علي هذه الدعوي فان مقتضي الظهور اعتبارها حين البيع كما هو كذلك بالنسبة الي اشتراط كون المبيع مملوكا للبائع.

«قوله قدس سره: و يتفرع علي ذلك عدم اعتبارها اصلا»

الخ.

قد ظهر مما ذكرنا فساد ما أفاده فان الحكم يختلف باختلاف المدرك فعلي تقدير كون المدرك حديث نفي الغرر فالامر كما افاده و اما علي تقدير كون المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك فعلي تقدير عدم تسلط المالك علي اخذ العين من المشتري يشكل الحكم بالصحة كما ان الامر كذلك لو كان مدرك الحكم حديث الآبق فلاحظ.

«قوله قدس سره: كما اذا اشتري من ينعتق عليه»

الخ الذي يختلج بالبال ان يقال ان قلنا ان المدرك للحكم حديث نفي الغرر فلا يمكن الحكم بالصحة اذ المفروض ان البيع في نفسه غرري و يتوقف عدم غرره بصحة البيع و هذا دور اذ الانعتاق متفرع علي صحة البيع و صحة البيع تتوقف علي عدم الغرر و عدم الغرر يتوقف علي الانعتاق.

و بعبارة واضحة: لا بدّ من كون البيع في حد نفسه صحيحا كي يترتب عليه الانعتاق و الحال ان الصحة تتوقف عليه و هذا دور مصرح و اما اذا كان المدرك حديث لا تبع

ما ليس عندك فالامر اوضح اذ

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 125

المفروض انه لا يكون مسلطا علي العين فلا يجوز بيعها و مع عدم الجواز لا مجال للانعتاق.

و افاد سيدنا الاستاد ان البيع صحيح علي كلا التقديرين اما علي الاول فلان الاحكام الشرعية تترتب علي الموضوعات الفعلية لا الموضوعات التقديرية و المفروض ان الغرر مرتفع بلحاظ الحكم الشرعي فلا وجه للفساد.

و يرد عليه انه لا مجال للحكم الشرعي اذ ترتب الحكم الشرعي كما ذكرنا يتوقف علي صحة البيع في حد نفسه و المفروض ان الصحة متقومة بالحكم و الدور باطل.

و أفاد أيضا ان المدرك لو كان حديث لا تبع ما ليس عندك يكون البيع صحيحا لان العبد بعد الانعتاق غير قابل للتسليم فلا مجال لاشتراط القدرة علي التسليم.

و يرد عليه ان الانعتاق حكم العقد الصحيح و المفروض ان العقد باطل فلا تصل النوبة الي التقريب المذكور.

و أما ان كان المدرك حديث الآبق فالامر أوضح لان المستفاد من الدليل انه لا يصح بيع العبد الآبق الا مع الضميمة و أيضا لا يجوز بيع ما لا يكون مسلطا عليه الا مع شي ء آخر.

«قوله قدس سره: اما لاشتراط تأخيره مدة»

الخ.

يظهر الحال مما تقدم فان المدرك لو كان حديث نفي الغرر يصح البيع اذ لا غرر علي الفرض و اما ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك فيكون العقد باطلا اذ المفروض ان البائع لا يكون عنده المبيع في زمان البيع فلا يصح و أما ان كان المدرك حديث بيع الآبق فيكون البيع صحيحا اذ المفروض ان العين تصير

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 126

مورد السلطنة فيما بعد.

«قوله قدس سره: لكن يشكل علي

الكشف من حيث انه لازم من طرف الاصيل»

الخ.

قد ذكرنا مرارا ان الاجازة ناقلة علي جميع الاقوال و الكشف الحقيقي باطل و عليه لا موضوع لتحقق اللزوم بالنسبة الي الاصيل فان العقد قبل الاجازة باطل و غير صحيح و مع عدم الصحة لا تصل النوبة الي اللزوم و الجواز.

ثم ان الفضولي لو لم يكن قادرا علي التسليم فهل يكون العقد صحيحا أم لا؟ مقتضي التحقيق ان يقال ان كان المدرك للشرط المذكور حديث لا تبع ما ليس عندك يكون العقد باطلا، اذ المفروض ان البائع غير قادر علي تسليم العين فيكون البيع باطلا و مع فرض البطلان لا يكون قابلا للاجازة كما ان الامر كذلك لو كان المدرك حديث الآبق.

و أما ان كان المدرك حديث نفي الغرر فلا يكون عقد الفضولي باطلا لعدم الغرر مع فرض كون المجيز قادرا علي العين بل الحق أن يقال انه لا موضوع و لا مجال للاستدلال علي اصل اشتراط القدرة بحديث نفي الغرر اذ تسليم كل من العوض و المعوض مشروط باقباض الطرف فما دام المشتري لم يقبض العين لا يقبض الثمن من البائع فاين الغرر.

«قوله قدس سره: و مثله بيع الرهن قبل اجازة المرتهن أو فكه»

الخ ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك يكون بيع الراهن باطلا فلا يكون قابلا للاجازة من قبل المرتهن اذ البائع لا يكون

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 127

مسلطا علي العين المرهونة فان العين في يد المرتهن بعنوان الرهن الا ان يقوم دليل علي الجواز و أما ان كان الدليل حديث نفي الغرر فيصح البيع باجازة المرتهن اذ لا غرر علي الفرض الا ان يقال ان كون العين رهنا في

معرض البيع فيكون العقد غرريا و ان كان المدرك حديث الآبق فلا يصح علي تقدير و يصح علي التقدير الاخر كما سبق قريبا فلاحظ.

«قوله قدس سره: و كذا لو لم يقدر علي تسليم ثمن السلم»

الخ الظاهر ان قوله قدس سره ثمن السلم من سهو القلم فان المبيع سلما كلي و خارج عن محل الكلام نعم يمكن تصويره في بيع الصرف حيث انه يشترط فيه تسليم المبيع في مجلس العقد.

و يدل علي ما ذكرنا قوله قدس سره بعد اسطر و المفروض ان المبيع بعد تحقق الجزء الاخير من الناقل و هو القبض حاصل في يد المشتري الخ فانه يستفاد من هذه العبارة ان الكلام في اشتراط اقباض المبيع في المجلس و هو ينطبق علي بيع الصرف لا بيع السلم فان الشرط في السلم تسليم الثمن و لا ينطبق علي ما نحن فيه فان الكلام في اشتراط القدرة علي المبيع هذا ما يرجع الي كلامه.

و عليه ان الحكم بالصحة و عدمه يدوران مدار دليل الاشتراط فان قلنا ان المدرك حديث الغرر فالامر كما افاده لانه لا غرر بالنسبة الي المشتري فان العين قبل قبضه من قبله لا تنتقل و البيع لا يكون تاما و بعد قبضه من قبله و تمامية العقد لا غرر و لا خطر كما هو واضح.

و اما ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك فيلزم ان يكون

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 128

البائع مسلطا علي العين حين العقد و القدرة الحاصلة بعد العقد لا اثر لها و لا توجب انقلاب الشي ء عمّا وقع عليه و بعبارة واضحة لو لم يكن البائع حين العقد قادرا علي التسليم لا يكون حصول العين

في يد المشتري مؤثرا.

«قوله قدس سره: فالقبض مثل الاجازة بناء علي النقل و اولي منها بناء علي الكشف»

الخ.

اذ علي النقل تكون الاجازة الجزء الاخير من العلة التامة لحصول النقل فيكون القبض في الصرف مثله و اما لو قلنا بالكشف فيكون القبض اولي من الاجازة اذ علي الكشف لا تكون الاجازة مؤثرة بل مجرد علامة و أمارة و المؤثر نفس العقد المتحقق سابقا فضولا و مع ذلك لا يكون تماما و اتمامه بالاجازة فلا الزام فيكون القبض اولي منها من هذه الجهة اذ ما دام لا يتحقق القبض في الخارج لا يتحقق الانتقال علي الفرض فلاحظ.

«قوله قدس سره: فتأمل»

لا يبعد ان يكون الامر بالتأمل اشارة الي ان الحكم الشرعي لا يمكن ان يكون مؤثرا في الموضوع العرفي الا علي نحو الدور المحال لان ترتب الحكم الشرعي متوقف علي عدم الغرر فاذا توقف رفع الغرر علي الحكم الشرعي يدور.

نعم اصل اشكال الغرر لا اساس له اذ قد ذكرنا انه لا خطر فان اقباض كل من المتابعين مشروط باقباض الاخر فلا خطر فلا يتم تقريب الغرر لفساد البيع الا في فرض اشتراط الاقباض من طرف و لو مع عدمه من طرف آخر.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 129

و يمكن القول بفساد الشرط المذكور لكونه خلاف السنة للنهي عن الغرر فلاحظ.

و للمحقق النائيني كلام في المقام و هو انه لا مجال لقياس ما نحن فيه بباب الفضولي فانه لا الزام في باب الفضولي قبل الاجازة لعدم تمامية العقد بخلاف المقام فان العقد تام و لذا ورد في النص عن منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت ذهبا بفضة أو فضة بذهب فلا

تفارقه حتي تأخذ منه و ان نزا حائطا فانز معه «1».

و يرد عليه انه لا فرق بين المقام و الفضولي فانه كما لا يتم العقد في الفضولي الا بالاجازة كذلك لا يتم الامر في المقام الا بالقبض و اما الالزام بالوفاء المستفاد من قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فهو ليس حكما تكليفيا بل ارشاد الي اللزوم كما قلنا مرارا.

و أما النص المشار إليه فهو لاجل لزوم حصول القبض قبل التفرق فهو أيضا ارشاد الي شرطية القبض قبل التفرق فيأمره بان لا يفارق طرف العقد كي يحصل الاقباض و القبض و لا يبطل العقد بالتفرق قبل القبض فلاحظ.

«قوله قدس سره: فلو قدر علي التسلم صح البيع»

الخ ان كان المدرك حديث لا غرر فالامر كما افاده اذ لا غرر علي الفرض و اما ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك فلا اثر لقدرة المشتري علي تسلّم المبيع فان المستفاد من الدليل علي الفرض اشتراط قدرة البائع علي العين و المفروض انتفائها و ملاك

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الصرف الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 130

الاشتراط رعاية مصلحة المشتري و مع كونه قادرا لا يلزم ان يكون البائع قادرا لا دليل عليه و القول به بلا بينه.

و ان كان المدرك حديث الآبق و الآبقة يصح البيع اذ المفروض ان المشتري قادر علي القبض و مما ذكرنا علم ان ما افاده من الصحة في صورة رضي المشتري غير تام فان ملاكات الاحكام غير معلومة لنا فلاحظ.

«قوله قدس سره: فيصح بيع المغضوب و نحوه»

الخ.

هذا رجم بالغيب فانه قد علم من الشرع الاقدس بطلان بيع غير المملوك فلا مجال للصحة بل الحق انه غير معقول اذ

الغاصب مثلا في يوم الجمعة يبيع و في يوم السبت يشتري العين من مالكها و يسلمها أو يجيز البائع في يوم السبت.

فنسأل انه في هذا الفاصل الزماني تكون العين مملوكة لمالكين أو لملاك ثلاثة أو لمالك واحد فعلي التقدير الاول و الثاني فهو غير معقول و علي الثالث فمن هو؟ فهل الغاصب مالك أو المشتري أو المالك الاصلي؟ مقضي القاعدة ان المالك الاصلي مالك و لا مجال لملكية العين لغيره.

«قوله قدس سره: لانه في معني أكل مال بالباطل»

الخ قد ذكرنا مرارا ان الجارّ في الآية الكريمة للسببية لا للمقابلة فلا مجال للقول بان الاكل بالباطل يوجب البطلان فان السبب علي الفرض التجارة عن الرضا و لا يكون اكلا بالباطل و السبب الباطل غير التجارة كالقمار مثلا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 131

«قوله قدس سره: انما هو مع عدم رضاء المشتري»

الخ ما افاده علي خلاف القواعد المقررة فانه لا دليل علي هذه الدعاوي اذ المحكم ظواهر الادلة و ظاهر دليل النهي عن بيع الآبق الارشاد الي فساده بلا فرق بين كون المشتري راضيا و عدمه.

«قوله قدس سره: و فيه ما فيه»

الخ قد ظهر مما تقدم انه لا يبعد بل يقرب ان يكون المراد من الغرر الخديعة.

«قوله قدس سره: نعم عن نهاية الاحكام احتمال العدم»

الخ لا بدّ ان يلاحظ المدرك للحكم فان قلنا ان المدرك للاشتراط حديث الغرر فالامر كما اقيد من الصحة اذ لا غرر علي الفرض و ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك يكون العقد فاسدا فيما لا يكون البائع قادرا علي التسليم.

«قوله قدس سره: وجهان بل قولان»

الخ لا بدّ من ملاحظة دليل الاشتراط فان الدليل ان كان حديث لا

غرر فلا وجه للبطلان اذ مع العلم بمدة التأخير و وصوله بعد انتهائها لا غرر و اما ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك فالقاعدة تقتضي البطلان اذ المفروض ان البائع غير قادر علي العين فيكون العقد باطلا.

«قوله قدس سره: نعم للمشتري الخيار مع جهله»

الخ اذا كان العقد فاسدا لا تصل النوبة الي الخيار كما هو واضح و ان كان العقد صحيحا يمكن القول بثبوت الخيار للمشتري بمقتضي الشرط الارتكازي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 132

«قوله قدس سره: ففي الصحة اشكال»

الخ الظاهر انه لا يمكن الالتزام بالصحة فان دليل اعتبار القدرة علي التسليم ان كان حديث لا تبع ما ليس عندك فالبائع غير قادر علي تسليم العين في تلك المدة فالعقد باطل، و ان كان المدرك حديث الغرر فأيضا كذلك اذ زمان امكان الانتفاع بالعين مجهول نعم اذا كان المدرك حديث الآبق و الآبقة يمكن القول بالجواز اذ المفروض رجوع العبد المنفذ الي حاجة.

«قوله قدس سره: ثم ان الشرط هي القدرة المعلومة للمتبايعين»

الخ تتصور في المقام صور: الصورة الأولي: ان تكون القدرة موجودة في الواقع و تكون معلومة للمتعاقدين.

الصورة الثانية: عكس الصورة الأولي. الصورة الثالثة أن تكون القدرة موجودة في الواقع و مجهولة عندهما.

الصورة الرابعة: عكس الصورة الثالثة. أما الصورة الأولي فلا اشكال في صحة العقد فان شرط الصحة موجود علي الفرض فلا وجه للفساد.

و أما الصورة الثانية فلا اشكال في الفساد لانتفاء الشرط و مع انتفائه ينتفي المشروط. و أما الصورة الثالثة فلا بد من التفصيل بان نقول ان كان المدرك للاشتراط حديث لا غرر يكون العقد فاسدا لتحقق الغرر مع الجهل و ان كان المدرك حديث لا تبع ما

ليس عندك يكون العقد صحيحا لتمامية اركانه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 133

و أما الصورة الرابعة فنقول ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك يكون العقد باطلا اذ المفروض انتفاء القدرة و ان كان المدرك حديث لا غرر فالعقد صحيح لعدم الغرر.

«قوله قدس سره: و لو باع ما يعتقد التمكن فتبين عجزه في زمان البيع»

الخ ان كان المدرك للاشتراط حديث لا تبع ما ليس عندك فالصحة دائرة مدار التمكن الواقعي فعلي تقدير تحققه في الواقع يكون العقد صحيحا و ان لم يكن معلوما عند المتعاقدين و تجدده بعد العقد لا يفيد لان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و المفروض ان وجوده شرط عند حدوث العقد.

و أما لو كان المدرك للاشتراط حديث لا غرر فاللازم رعاية حال المشتري فان كان واثقا بوصول العين في يده فلا غرر و الا يكون العقد غرريا علي الفرض و يكون باطلا علي المبني و كلا الامرين باطلان كما مر منا.

«قوله قدس سره: فلا يكفي مطلق الظن»

الخ.

لعدم اغنائه عن الحق شيئا.

«قوله قدس سره: و لا يعتبر اليقين»

الخ لعدم دليل عليه فان الميزان رفع الغرر و هو مرتفع بالوثوق بل يرتفع بقيام البينة المعتبرة كشهادة عدلين بل بشهادة عدل واحد بل بشهادة ثقة واحد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 134

[هل العبرة بقدرة الموكل أو الوكيل]
اشارة

«قوله قدس سره: ثم لا اشكال في اعتبار قدرة العاقد اذا كان مالكا»

الخ تعرض الماتن قدس سره لعدة فروع.

الفرع الأول: انه لو كان البائع نفس المالك تعتبر القدرة فيه

و الحق أن يقال: ان كان المدرك للشرط حديث لا غرر و فرضنا ان المشتري يمكنه قبض العين أو كانت في يده لا تعتبر قدرة البائع المالك لعدم الغرر.

و أما ان كان دليل الشرط قوله عليه السلام لا تبع ما ليس عندك فلا بد من اعتبار القدرة علي العين في البائع.

الفرع الثاني: ان الوكيل في مجرد اجراء الصيغة لا يعتبر فيه الشرط المذكور

و انه آلة محضة و لا دليل علي لزوم كونه قادرا علي التسليم.

و يختلج بالبال ان يقال ان الوكيل في اجراء الصيغة هل يصدق عليه عنوان البائع أم لا؟ لا مجال للثاني فلو فرض كونه بايعا فبأي دليل نرفع اليد عن ظهور قوله عليه السلام لا تبع ما ليس عندك.

و بعبارة واضحة بيع الوكيل في مجرد اجراء الصيغة هل يكون مورد النهي الوارد في قوله تعالي «و ذروا البيع» فاذا نودي لصلاة الجمعة فهل يجوز البيع للوكيل في مجرد اجراء الصيغة أم لا؟

ان قلت يجوز فقد كذبت و ان قلت لا يجوز. اقول: ما الفرق بين الموردين و صفوة القول ان الجزم بعدم الاعتبار كما اختاره الماتن و صرح به سيدنا الاستاد مشكل و ان كان الجزم بخلافه أيضا لا يخلو عن شي ء.

الفرع الثالث ان الوكيل المفوض يكفي قدرته علي العين

و هل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 135

تكفي قدرة الموكل أم لا؟ ربما يقال بالكفاية اذا رضي المشتري و رضي المالك بالرجوع إليه و الحق ان يقال اذا كان المدرك للاشتراط حديث نفي الغرر فالميزان ارتفاعه و اما ان كان المدرك حديث لا تبع ما ليس عندك فاللازم تحققها في الوكيل المفوض و لا اثر لقدرة المالك و لا فرق فيه بين رضي المشتري و عدمه فان موضوع الصحة كون البائع قادرا و المفروض ان البائع هو الوكيل.

الفرع الرابع: انه لو قلنا في هذه المسألة بكفاية قدرة المالك فهل يكفي قدرة المالك في بيع الفضولي أم لا؟

و هل يمكن قياس الفضولي في المقام بأن نقول يكفي التراضي الواقع بين الفضولي و الاصيل؟

الحق انه لا مورد للقياس فان الفضولي لا دخل له في الحكم بالصحة و عدمها و رضاه لا يكون دخيلا و عقده باطل من جهة عدم كونه مالكا نعم لو كان قادرا علي العين تكون اجازة المالك مؤثرة و الا فلا تؤثر لان الاجازة انما تؤثر فيما يكون العقد الفضولي الصادر عنه قابلا و صالحا للاجازة.

الفرع الخامس: ان رضا المالك هل يخرج العقد الفضولي عن الفضولية أم لا؟

المشهور هو الثاني فان المستفاد من الادلة ان البيع لا بدّ اما ان يصدر عن المالك و اما ان يصدر عن وكيله و اما ان يصدر عن وليه و اما مجرد الرضا فلا اثر له و اما قوله عليه السلام في رواية محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام في حديث قال:

سأله رجل من اهل النيل عن ارض اشتراها بفم النيل و اهل الارض يقولون هي ارضهم و اهل الأستان يقولون هي من ارضنا فقال:

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 136

لا تشترها الا برضا اهلها «1» فيدل علي لزوم رضا المالك لا ان الشرط لصحة العقد رضا المالك فقط.

و بعبارة اخري يكون المقام مثل قوله عليه السلام لا صلاة الا بفاتحة الكتاب أو لا صلاة الا بطهور اي لا بدّ في الصلاة من الطهور و من الفاتحة لا ان الصلاة تتم بالفاتحة فقط.

و اما حديث الحميري في كتاب «الاحتجاج» عن محمد بن عبد اللّه بن جعفر الحميري انه كتب الي صاحب الزمان عليه السلام ان بعض اصحابنا له ضيعة جديدة بجنب ضيعة خراب للسلطان فيها حصة و اكرته ربما زرعوا تنازعوا في حدودها و تؤذيهم عمّال السلطان و تتعرض في الكل

من غلات ضيعته و ليس لها قيمة لخرابها و انّما هي بائرة منذ عشرين سنة و هو يتحرج من شرائها لانه يقال ان هذه الحصة من هذه الضيعة كانت قبضت من الوقف قديما للسلطان فان جاز شراؤها من السلطان كان ذلك صونا و صلاحا له و عمارة لضيعته و انه يزرع هذه الحصة من القرية البائرة بفضل ماء ضيعته العامرة و ينحسم عن طمع اولياء السلطان و ان لم يجز ذلك عمل بما تأمره به ان شاء اللّه فاجابه عليه السلام الضيعة لا يجوز ابتياعها الا من مالكها أو بامره أو رضا منه «2».

فالظاهر انه لا بأس بسنده فان الطبرسي يقول في كتابه المسمي بالاحتجاج و في كتاب آخر لمحمد بن عبد اللّه الحميري الي ان يقول و سئل ان بعض اخواننا ممن نعرفه له ضيعة الخ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 3.

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 137

فان الظاهر من الجملة الشهادة الحسية و المقرر في محله اعتبار شهادة الثقة اذا كانت حسية فيجوز بيع مملوك الغير برضاه و هذا امر مهم و تترتب عليه فوائد مهمة.

«قوله قدس سره: و ربما قيد الحكم بالكفاية بما اذا رضي المشتري بتسليم الموكل»

الخ بتقريب ان الاصيل هو المالك و الوكيل وجود تنزيلي له فاذا كان المالك قادرا علي التسليم و كان راضيا برجوع المشتري عليه و كان المشتري أيضا راضيا بالرجوع علي المالك يصح العقد.

و فرع علي ما افيدان بيع الفضولي لا يصح اذ قدرة البائع علي التسليم لا تتصور في الفضولي مع فرض الفضولية و قدرة المالك لا

اثر لها بوجودها الواقعي بل انما تؤثر اذا كانت معلومة و يكون العقد الفضولي مبنيا عليها و يكون المشتري راضيا بها.

و في هذه الصورة يخرج العقد الفضولي عن كونه فضوليا بل يكون عقدا للمالك و علي فرض بقاء العقد علي الفضولية لا يكون القائلون بصحة الفضولي مقتصرين في حكمهم بالصحة بهذه الصورة بل هم قائلون بصحة الفضولي في غير هذه الصورة أيضا فيكون وجه الصحة غير التقريب المذكور.

و أورد الشيخ قدس سره أولا علي جعل هذه المسألة مبني لمسألة الفضولي اذ مناط الجواز في المقام عدم الغرر و أما رضا المشتري برجوعه الي المالك و رضاء المالك برجوع المشتري إليه فلا دخل لهما.

و أورد ثانيا علي التفريع المذكور و هو ان العقد الفضولي خارج

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 138

عن العقد لذي هو محل الكلام اذ المفروض ان العقد فاسد و لا مجال للبحث في قدرته علي التسليم اذ الفضولي اجنبي.

و أورد ثالثا علي الاعتراض فان الفضولي اجنبي عن العقد و مجرد كونه قادرا علي الارضاء لا يجعله قادرا.

و أورد رابعا علي الجواب الاول بان مجرد رضا المالك لا يقتضي خروج العقد عن الفضولية.

و أورد خامسا بان عدم الاقتصار لا يضر بالمدعي اذ يمكن الالتزام في العقد الفضولي الخاص بالصحة بملاك و في بقية افراد الفضولي بملاك آخر.

«قوله قدس سره: مسئلة لا يجوز بيع العبد الآبق»

الخ حيث ان الفروع الراجعة الي العبيد و الاماء لا موضوع لها في زماننا لا وجه للتعرض لاحكامها.

[مسألة: المعروف أنه يشترط العلم بالثمن قدرا]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة: المعروف انه يشترط العلم بالثمن قدرا»

الخ تارة يقع الكلام في هذه المسألة من حيث القواعد الاولية و اخري يتكلم فيها من حيث النصوص الخاصة فيقع الكلام

في مقامين:

أما

المقام الأول فنقول القاعدة الاولية تقتضي صحة البيع

اذ لا اشكال في صدق عنوان البيع عليه و أيضا يصدق عليه عنوان التجارة فيشمله قوله تعالي «احل اللّه البيع» و يشمله أيضا قوله تعالي «الا ان تكون تجارة عن تراض» هذا بالنسبة الي المقام الأول.

و أما

المقام الثاني فما يمكن ان يذكر في تقريب المنع وجوه:
اشارة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 139

الوجه الأول: الاجماع

و فيه ان الاجماع المنقول غير حجة و الاجماع المحصل علي فرض حصوله يكون محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا.

الوجه الثاني: حديث نفي الغرر

بتقريب ان البيع بحكم احدهما غرر. و فيه أولا ان الغرر لا دليل علي اعتبار عدمه اذ قلنا لم يقم دليل معتبر علي اعتبار عدمه، و ثانيا انه يمكن ان لا يتحقق غرر أي خطر مثلا لو عين المشتري ثمنا يناسب المثمن لا يكون خطرا.

الوجه الثالث جملة من النصوص.

منها ما رواه حماد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال يكره ان يشتري الثوب بدينار غير درهم لانه لا يدري كم الدينار من الدرهم «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالارسال فلا يعتد بها مضافا الي عدم دلالتها علي المدعي فان المستفاد منها كون البيع المذكور مكروها تكليفا و اما الحرمة الوضعية فلا يستفاد منها و ما اشتهر بين القوم بان النهي في باب المعاملات ارشاد الي الفساد غير تام بل النواهي بحسب الظهور الاولي ظاهرة في الحرمة التكليفية.

و منها ما رواه السكوني عن جعفر عن ابيه عن علي عليهم السلام في رجل يشتري السلعة بدينار غير درهم الي اجل قال فاسد فلعل الدينار يصير بدرهم «2» و هذه الرواية ضعيفة سندا ببنان بن محمد و لعله بغيره أيضا.

و منها ما رواه وهب عن جعفر عن ابيه عليهما السلام انه كره

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب احكام العقود الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 23 من ابواب احكام العقود الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 140

ان يشتري الرجل بدينار الا درهم و الا در همين نسيئة و لكن يجعل ذلك بدينار الا ثلثا و الا ربعا و الا سدسا أو شيئا يكون جزءا من الدينار «1».

و هذه الرواية علي فرض تماميتها سندا لا يدل علي المدعي بل تدل علي المنع عن نحو خاص من البيع مضافا الي ان الظاهر

من الحديث الكراهة التكليفية و لا تعرض في الرواية للحكم الوضعي.

و منها ما رواه حماد بن ميسر عن جعفر عن ابيه عليهما السلام انه كره ان يشتري الثوب بدينار غير درهم لانه لا يدري كم الدينار من الدرهم «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا بالضرير. و في المقام حديث آخر رواه رفاعة النخاس قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: ساومت رجلا بجارية فباعنيها بحكمي فقبضتها منه علي ذلك ثم بعثت إليه بألف درهم فقلت هذه الف درهم حكمي عليك ان تقبلها فابي ان يقبلها مني و قد كنت مسستها قبل ان ابعث إليه بالثمن فقال: اري ان تقوم الجارية قيمة عادلة فان كان قيمتها اكثر ممّا بعثت إليه كان عليك ان ترد عليه ما نقص من القيمة و ان كان ثمنها اقل ممّا بعثت إليه فهو له قلت: جعلت فداك ان وجدت بها عيبا بعد ما مسستها قال: ليس لك ان تردها و لك ان تأخذ قيمة ما بين الصحة و العيب منه «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 23 من ابواب احكام العقود الحديث 3.

(2) نفس المصدر الحديث 4.

(3) الوسائل الباب 18 من ابواب عقد البيع و شروطه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 141

و ربما يقال انه يستفاد منه جواز البيع بحكم المشتري و يقع الكلام في هذه الرواية من نواح ثلاث:

الناحية الاولي انه هل يستفاد من الحديث جواز البيع بحكم المشتري أم لا؟

الناحية الثانية انه علي فرض الاستفادة المذكورة من الحديث هل يستفاد منه الميزان الكلي الجاري في جميع الموارد أم لا؟

الناحية الثالثة هل يحتاج الحديث الي التأويل فيه أم لا؟ فنقول:

أما الناحية الاولي فالحق انه يستفاد من الحديث جواز البيع بحكم المشتري.

ان قلت:

عليه فما الوجه في اختيار البائع في القبول و عدمه قلت: الاحكام الشرعية تعبدية لا مجال للقيل و القال فيها.

و أما الناحية الثالثة فنقول: مقتضي القاعدة اي مقتضي حجية الظهور ان يعمل علي طبق الحديث و لا يتصرف فيه و المستفاد منه كما قلنا صحة بيع الجارية بحكم المشتري و لكن اذا لم يقبل البائع يلزم ارضائه بما ذكر في الحديث. و صفوة القول انه لا يستفاد من الحديث جواز الفسخ كي يقال الخيار المجعول اما خيار الغبن و أما خيار الحيوان بل المستفاد من الحديث صحة البيع و لزومه غاية الامر بهذا النحو من التفصيل و لا اشكال من هذه الجهة.

فالنتيجة انه نقول بان الحديث يدل علي صحة البيع بحكم المشتري لكن لا علي النحو الكلي بل في خصوص بيع الجارية مع الخصوصيات المذكورة في الحديث فنلتزم بصحة البيع في المورد الخاص و لا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 142

نتعدي عنه و نلتزم أيضا بلزوم العقد لكن في صورة عدم رضا البائع نرضيه بما في الحديث.

و مما ذكرنا ظهر ان الحق ما سلكناه لا ما ذهب إليه المشهور من رفع اليد عن الحديث ورد علمه الي اهله و لا ما سلكه صاحب الحدائق من الالتزام بانصراف الثمن الي القيمة المتعارفة و الالتزام بسريان الحكم الي بقية الموارد و الحكم بالجواز علي النحو الكلي العام. فانه قد ظهر مما ذكرنا ان الرواية تدل علي الصحة لكن في اطار خاص و دائرة مخصوصة.

و أيضا لا وجه لما أفاد من الانصراف بل يجوز بحكمه علي الاطلاق و لذا نلتزم بانه لو لم يعترض البائع و رضي بما عين يكون البيع صحيحا و لو مع كون

ما عينه اقل من القيمة السوقية بكثير و الحال انه يلزم فساد العقد علي مسلك صاحب الحدائق. فانقدح بما ذكرنا ان الحق تمامية الحديث و عدم لزوم التأويل فيه بلا فرق بين القول بالصحة في البيع بحكم المشتري و القول بالفساد فيه علي عكس ما افاده الشيخ قدس سره فلاحظ.

[مسألة: العلم بقدر المثمن كالثمن شرط]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة: العلم بقدر المثمن كالثمن شرط»

الخ أيضا يتكلم في هذه المسألة في مقامين:

المقام الأول: في مقتضي القاعدة الاولية

المقام الثاني في مقتضي الادلة الخاصة.

اما المقام الأول: فنقول مقتضي القاعدة الاولية عدم الاشتراط فان اطلاق قوله تعالي «احل اللّه البيع» و كذا اطلاق قوله تعالي «تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ» يقتضي الصحة بلا تحقق الشرط المذكور.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 143

و أما

المقام الثاني: [في ذكر الأدلة الخاصة]
فما يمكن ان يذكر في تقريب الاستدلال علي المدعي وجوه.
الوجه الأول: الاجماع

و اشكال الاجماع منقولا و محصّلا ظاهر فلا يعتد به.

الوجه الثاني: النبوي المشهور و هو نهيه عن الغرر

. و فيه أولا ان السند مخدوش و غير معتبر.

و ثانيا انه علي فرض تسليم السند قد مرّ ان الغرر بمعني الخديعة فلا يرتبط بالخطر.

و ثالثا انه سلمنا تمامية السند و الدلالة لكن نقول ظاهر النبوي النهي التكليفي فغاية ما في الباب كون الغرر حراما أو مكروها و اما الفساد الوضعي فلا يستفاد منه.

الوجه الثالث: [في خصوص الكيل و الوزن خصوص الأخبار المعتبرة]

النصوص الخاصة الواردة في المقام منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه قال في رجل اشتري من رجل طعاما عدلا بكيل معلوم و ان صاحبه قال للمشتري ابتع مني من هذا العدل الاخر بغير كيل فان فيه مثل ما في الاخر الّذي ابتعت قال: لا يصلح الا بكيل و قال: و ما كان من طعام سميت فيه كيلا فانه لا يصلح مجازفة هذا مما يكره من بيع الطعام «1».

فان المستفاد من الحديث ان المبيع اذا كان مكيلا لا يجوز بيعه مجازفة و قد اورد في الحديث ايراد ان احدهما ان الحديث مجمل اذ قد فرض لحاظ الكيل في المبيع و مع ذلك قال عليه السلام لا يصلح مجازفة و الحال انه لا مجازفة في البيع بالكيل.

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 144

و بعبارة اخري: كيف يمكن الجمع بين الكيل و الجزاف فالحديث مجمل.

و ثانيهما: ان المشهور بينهم ان البائع يصدق في اخباره بمقدار المبيع و الحال انه منع عنه في الحديث و حكم بعدم الصلاح و يمكن ان يجاب عن الايراد الاول بانه لا اجمال في كلامه عليه السلام اذ المراد من قوله عليه السلام ما كان من طعام سمّيت فيه كيلا كون الامام

عليه السلام ناظرا الي نوع خاص من الطعام اي اذا كان نوع خاص من الطعام يباع كيلا لا يباع جنسه جزافا ان قلت الطعام يباع اما بالكيل و اما بالوزن و لا يباع جزافا فلا مجال للقيد قلت يمكن ان يكون القيد توضيحيا لا احترازيا كي يتوجه الاشكال.

و بعبارة واضحة: ان قوام الايراد بكون القيد احترازيا و لم لا يكون توضيحيا و لعل الماتن يشير الي هذه الجهة بقوله فتأمل و الانصاف ان كون القيد توضيحيا بنفسه خلاف الظاهر لكن حيث ان الحمل علي الاحتراز لا يمكن يحمل علي التوضيحية فلا اجمال في الحديث و يمكن ان الوجه في ذكر القيد الاشارة الي علة الحكم اي الوجه في المنع عن الجزاف كون المبيع مما يكال لكن يرد عليه ان العلة المذكورة تعبدية الا ان يقال ان العلة خارجية عرفية فان بناء العرف كذلك في امثاله.

و يجاب عن الايراد الثاني ان الحديث ليس ناظرا الي صورة كون اخبار البائع طريقا الي الواقع بل ناظر الي صورة كون اخباره موضوعا خصوصا مع عدم حصول الاطمينان بالمخبر به.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 145

و في المقام ايراد ثالث و هو انه كيف يجمع بين قوله يكره في ذيل الحديث و قوله لا يصلح في صدره و الحال ان الكراهة تقابل الحرمة.

و يمكن ان يجاب عن الايراد المذكور أولا ان الكراهة اعم من الحرمة فلا تكون مقابلة و ثانيا ان الكراهة التكليفية لا تنافي الحرمة الوضعية فان الجهة الوضعية في باب المعاملات لا ترتبط بالتكليف اضف الي ذلك انه لا معني للكراهة في الحكم الوضعي.

و منها ما رواه الحلبي أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال

ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح بيعه مجازفة و هذا مما يكره من بيع الطعام «1».

و المستفاد من هذه الرواية عين ما يستفاد من تلك الرواية.

و منها ما رواه الحلبي أيضا قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ما كان من طعام سميت فيه كيلا فلا يصلح مجازفة «2» و يستفاد من هذه الرواية ما يستفاد منهما.

و منها ما رواه سماعة قال: سألته عن شراء الطعام و ما يكال و يوزن هل يصلح شراؤه بغير كيل و لا وزن فقال اما ان تأتي رجلا في طعام قد كيل و وزن تشتري منه مرابحة فلا بأس ان اشتريته منه و لم تكله و لم تزنه اذا كان المشتري الاول قد اخذه بكيل أو وزن و قلت له عند البيع اني اربحك كذا و كذا و قد رضيت بكيلك و وزنك فلا بأس «3».

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

(3) الوسائل الباب 5 من هذه الابواب الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 146

و هذه الرواية يستفاد منها اشتراط بيع الطعام بالكيل أو الوزن و اما من حيث السند فللنقاش فيها مجال كما ناقش سيدنا الاستاد قدس سره في مضمرات سماعة اذ سماعة من الواقفة و لا دليل علي انه لا يضمر الا عن المعصوم عليه السلام.

و منها ما رواه أبو العطارد قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام اشتري الطعام فاضع في اوله و اربح في آخره فاسأل صاحبي ان يحط عني في كل كرّ كذا و كذا قال: هذا لا خير فيه و لكن يحط عنك حمله قلت: ان حط عني

أكثر ممّا وضعت قال: لا بأس به قلت فاخرج الكرّ و الكرين فيقول الرجل اعطنيه بكيلك قال اذا ائتمنك فلا بأس «1».

و هذه الرواية من حيث الدلالة علي المطلوب تامة و لكن من حيث السند مخدوشة بابي العطارد فان الظاهر ان الرجل لم يوثق.

و منها ما ارسله ابن بكير عن رجل من اصحابنا قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الجص فيكيل بعضه و يأخذ البقية بغير كيل فقال اما أن يأخذ كله بتصديقه و اما يكيله كله «2» و هذه الرواية من حيث الدلالة تامة و لكن من حيث السند مخدوشة بالارسال.

و منها ما رواه محمد بن حمران قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام اشترينا طعاما فزعم صاحبه انه كاله فصدقناه و اخذناه بكيله فقال:

لا بأس فقلت: أ يجوز ان ابيعه كما اشتريته بغير كيل قال: لا أما انت فلا تبعه حتي تكيله «3» و الظاهر ان الحديث تام سندا و دلالة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 6.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

(3) نفس المصدر الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 147

«قوله قدس سره: و فحوي مفهوم رواية ابي العطارد»

الظاهر ان الوجه في الاولوية ان المستفاد من حديث أبي العطارد عدم الجواز في صورة عدم الاعتماد باخبار البائع فتدل الرواية علي عدم الجواز في صورة كون البيع جزافا محضا بالاولوية.

و يستفاد من الحديث التفصيل في الاعتماد علي اخبار البائع بالمقدار بين الوثوق بقوله و عدمه لكن الحديث ضعيف و الماتن يتعرض لجواز الاعتماد علي اخبار البائع و نتعرض هناك للمسألة تبعا له فانتظر.

«قوله قدس سره: كما في رواية كيل»

الخ و هي ما عن

أبي عبد اللّه عليه السلام انه سئل عن الجوز لا نستطيع ان نعده فيكال بمكيال ثم يعد ما فيه ثم يكال ما بقي علي حساب ذلك العدد قال: لا بأس به «1» فانه يستفاد من الحديث لزوم العد في المعدود و ان لم يمكن يجوز بيعه بالكيل فلا يجوز البيع الجزافي.

[هل الحكم منوط بالغرر الشخصي أم لا]

«قوله قدس سره: ثم ان ظاهر اطلاق جميع ما ذكر»

الخ الشيخ في مقام بيان ان حكمة اشتراط الوزن و الكيل و العد عدم تحقق الغرر و ليس هذا علة كي يدور الحكم مدارها و عليه لا يجوز بيع الموزون بلا وزن و لا كيل و بعبارة واضحة المستفاد من نصوص البات اشتراط بيع الطعام بالوزن أو الكيل أو العد.

و يرد عليه ان المستفاد من بعض نصوص الباب ان الميزان الكلي عدم جواز المجارفة لاحظ ما رواه الحلبي «2» فانه عليه السلام

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب عقد البيع و شروطه.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 143.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 148

بعد ما اجاب عن سؤال الراوي بقوله لا يصلح الا بكيل بين روحي فداه ضابطا كليا و ميزانا عاما حيث قال و ما كان من طعام سميت فيه كيلا فانه لا يصلح مجازفة فيعلم ان الميزان في الفساد و الصحة كون البيع جزافيا و عدم كونه كذلك.

و ببيان اوضح انه تارة يترتب حكم في الشريعة المقدسة علي موضوع كوجوب العدة عند تحقق التقاء الختانين و لا ندري ان وجوب العدة دائر مدار الحمل أم لا.

و بعبارة اخري: لا ندري ان عدم اختلاط المياه ملحوظ في موضوع الحكم علي نحو الحكمة أو العلة اي الحكم مترتب عند احتمال اختلاط المياه أو

ليس كذلك و اخري يترتب الحكم علي موضوع علي نحو الاطلاق بمقتضي الصناعة و مقدمات الحكمة فلا مجال للترديد و الامر في المقام كذلك لان الميزان الّذي اخذ في موضوع الحكم صريحا عنوان الجزاف فالحكم يدور مداره وجودا و عدما

ان قلت الجزاف كما يظهر من بعض كلمات اللغويين البيع بلا كيل و لا وزن فاذا لم يكل و لم يزن و لم يعد يصدق عليه الجزاف و ان لم يكن البيع غرريا كما لو وضع مقدار من الحنطة في احدي كفتي الميزان و وضع مقدار مجهول من العدس في الاخري و يكون قيمة كل منهما مساويا مع قيمة الاخر و بيع احدهما بالآخر يكون العقد باطلا لكونه جزافا.

قلت يظهر من بعض كلماتهم أيضا انه اشرب في مفهوم الجزاف عدم البصيرة و الاقدام بامر بلا روية و بالحدس و التخمين و بعد التعارض يسقط اخبارهم و لا بدّ من طريق آخر في فهم معني الكلمة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 149

فنقول مقتضي التبادر ان هذا اللفظ موضوع بإزاء ما يكون مرادفا مع عدم البصيرة.

و ان شئت قلت يفهم من هذا اللفظ في المحاورات عدم انطباق الامر مع الموازين و لذا يقال فلان مجازف في قوله أو زيد اقدم في الامر الفلاني مجازفة و هكذا و التبادر آية الحقيقة كما حقق في محله و كذلك صحة الحمل و صحة السلب آية المجاز و اذا شككنا ان هذا اللفظ لهذا المعني هل كان في زمان المعصوم كذلك أم لا نحكم بمقتضي الاستصحاب القهقري انه كان كذلك من ذلك الزمان فان الاستصحاب المذكور من الاصول اللفظية العقلائية و عليه يدور رحي الاستنباط في كثير من الموارد فتكون

النتيجة جواز العقد اذا لم يكن جزافا و ان كان المقدار مجهولا فالميزان في عدم الصحة بالجزاف لا بالجهل المقدار.

«قوله قدس سره: كما اذا كان للمتبايعين حدس قوي»

الخ اذا كان الامر كذلك لا يكون المقدار مجهولا و بعبارة اخري الكيل الخارجي أو الوزن كذلك و هكذا العدّ ليس لها موضوعية بل المناط العلم بالمقدار و المفروض انهما بالحدس يعلمان بالمقدار فالاستثناء منقطع.

«قوله قدس سره: قليلا لم يتعارف»

الخ مع عدم التعارف اما لقلته أو لكثرته كزبرة من حديد لا يكون المبيع داخلا في المكيل و الموزون فهذا الاستثناء أيضا منقطع.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 150

«قوله قدس سره: اشير في صحيحة عبد الرحمن»

فعن عبد الرحمن بن الحجاج قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام:

اشتري الشي ء بالدراهم فاعطي الناقص الحبة و الحبتين قال: لا حتي تبينه ثم قال: الا ان يكون نحو هذه الدراهم الاوضاحية التي تكون عندنا عددا «1»

و لا يبعد أن يكون المراد من الدراهم الاوضاحية هي الدراهم التي تكون مركبة من النحاس و الفضة و كانت رائجة مثل الدراهم الصحيحة.

[وجوب معرفة العدد في المعدود و الدليل عليه]

«قوله قدس سره: ثم ان الحكم في المعدود و وجوب معرفة العدد فيه»

الخ الامر في المعدود كما افاده فانه يستفاد الاشتراط فيه من حديث الجوز الذي تعرضنا له قريبا فالنتيجة ان الامر بالنسبة الي الطعام و المعدود واضح اذ الدليل المعتبر دال علي الاشتراط فيهما.

انما الكلام في بقية الاشياء فهل يجب العلم بالمقدار في جميع الموزونات و المكيلات أم يختص الحكم بخصوص الطعام؟ فنقول:

ان كان المدرك للاشتراط حديث نفي الغرر يلزم العلم بالمقدار في جميع الموارد كي لا يلزم الغرر ففي كل مورد يصدق عنوان الغرر يكون العقد باطلا.

و لكن قد ذكرنا

انه لا مجال للاستدلال علي المدعي بحديث لا غرر فان حديثه مخدوش سندا و دلالة اما سندا فلعدم تماميته و عدم انجباره بجابر و اما دلالة فلما ذكرنا من ان الغرر بمعني الخديعة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الصرف الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 151

لا بمعني الجهل مضافا الي ان حمل النهي علي الوضعي خلاف الظهور اللفظي.

و ان كان المدرك للحكم النصوص الخاصة التي تعرضنا لها فلا يستفاد منها الا اشتراط العلم بمقدار في خصوص الطعام و لا يستفاد منها ازيد من هذا المقدار كما انه لا يستفاد الاشتراط من حديث الجوز الا في خصوصه و اما الزائد عليه فلا فتحصل ان الاشتراط مخصوص بالطعام و اما في غيره فان تم اجماع علي الاشتراط فهو و الا يكون مقتضي القاعدة عدمه.

«قوله قدس سره: بخلاف مثل الشاة»

الخ حيث ان المذكورات تعرف بالمشاهدة لا بالعدد و لا بالوزن و الكيل.

[مسألة في التقدير بغير ما يتعارف التقدير به]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة لو قلنا بان المناط في اعتبار تقدير المبيع في المكيل و الموزون».

وقع الكلام بين القوم في أنه هل يجوز بيع المكيل بالوزن و بالعكس أم لا و الذي يمكن أن يقال ان الحكم يختلف باختلاف مدركه و لذا افاد الشيخ قدس سره بأنه ان كان المناط الفرار عن الغرر يجوز بيع كل من المكيل و الموزون بالآخر اذا فرض عدم عروض الغرر فان المفروض انه المانع.

و اما ان كان المدرك النصوص الخاصة فقد تقدم ان مقتضي اطلاق الروايات لزوم تقدير كل من القسمين بما يكون متعارفا فالموزون بالوزن و المكيل بالكيل و بعد ذلك ذكر الاقوال الواردة في المقام هذا ملخص كلامه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص:

152

اقول قد تقدم منا ان المستفاد من جملة من نصوص الباب وجوب الاجتناب عن المجازفة فيصح البيع اذا لم يكن جزافيا فهذا هو الميزان و عليه يجوز بيع كل منهما بالآخر اذا لم يصدق عنوان الجزاف.

و اما الاستدلال علي الجواز بحديث وهب عن جعفر عن ابيه عن علي عليهم السلام قال لا بأس بالسلف ما يوزن فيما يكال و ما يكال فيما يوزن «1».

بتقريب ان المستفاد منه جواز تقدير كل من القسمين بالآخر فيرد عليه أولا ان الحديث ضعيف سندا بوهب بن وهب فانه لم يوثق.

و ثانيا انه يمكن ان يكون المراد من الحديث جواز جعل احد العوضين من الموزون و جعل العوض الاخر من المكيل لا تقدير احدهما بالتقدير الاخر.

«قوله قدس سره: فالظاهر جوازه»

الامر كما افاده اذ علي هذا التقدير يكون الموزون بالوزن غاية الامر يكون الكيل أمارة علي الوزن و ما به التفاوت مما يتسامح فيه مضافا الي انه في مفروض الكلام لا يكون العقد جزافا.

«قوله قدس سره: و يؤيده رواية عبد الملك بن عمرو»

الخ لاحظ ما رواه عبد الملك بن عمرو قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام اشتري مائة راوية من زيت فاعترض راوية أو اثنتين فأتزنهما ثم آخذ سائره علي قدر ذلك قال: لا بأس «2».

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب السلف الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 153

و الظاهر ان الحديث دليل علي المطلوب و لا وجه لان يعتبر بالتأييد فان الرواية تدل علي الجواز بالصراحة و صفوة القول ان المستفاد من جملة من النصوص ان المانع عن الصحة الجزاف و عليه لا يجوز بيع

المكيل بالوزن و لا الموزون بالكيل اذ لكل واحد منهما قيمة و مالية خاصة.

«قوله قدس سره: نعم ربما ينافي ذلك التقرير المستفاد من الصحيحة الآتية»

الخ و هي ما روي عن ابي عبد اللّه عليه السلام «1» وجه التنافي ان المستفاد من هذه الرواية عدم جواز الكيل طريقا الي العد و يرد عليه ان الامر بالعكس فانه يستفاد من هذه الرواية جواز جعل الكيل طريقا الي العد و العجب من الشيخ قدس سره كيف تعرض لقولهم و لم يرده و الحال ان الامر اوضح من ان يخفي فلاحظ.

«قوله قدس سره: و ما تقدم من صحيحة الحلبي»

الخ و هي ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام «2» فانه لا يستفاد من الرواية لزوم بيع المكيل بالكيل و الموزون بالوزن بل المستفاد منه انه لا يجوز الجزاف.

«قوله قدس سره: فالظاهر جواز بيع الكيل وزنا»

الخ ان تحقق اجماع تعبدي علي الجواز فهو و الا يشكل الامر فان المستفاد من النصوص لزوم بيع الموزون بالوزن و المكيل بالكيل اذ لولاه يلزم الجزاف و بعبارة اخري لكل مقدر مالية خاصة و قيمة

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 147.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 143.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 154

سوقية و يكون التجاوز عنها عمل بلا روية و بلا بصيرة.

و قد نهي عنه في جملة من النصوص بل يدل علي النهي عنه احاديث الحلبي «1» فانه صرح في الحديث الثاني بعدم جواز بيع ما يكال الا بالكيل و لم يستثن التقدير بالوزن و الحديثان الآخران اي الاول و الثالث كالحديث الثاني فان كلها في مقام بيان امر واحد و أيضا يدل علي المدعي ما رواه

سماعة «2».

«قوله قدس سره: اذ ليس هنا كيل واحد يقاس المكاييل عليه»

الخ لا فرق بين الوزن و الكيل من هذه الجهة فان كل واحد منهما امر جعلي اعتباري و لا واقع ثابت لشي ء منهما فلا فرق.

«قوله قدس سره: غير جائز لان مجرد ذكر احد هذه العنوانات عليه»

الخ لا اشكال في انه لا يشترط المعرفة التفصيلية بالاوزان و المكاييل بل المعرفة الاجمالية كافية و السيرة جارية عليها فان كل مسافر اجنبي اذا ورد الي بلد من البلاد النائية يشتري الموزون و المكيل و المعدود بحسب ما هو المتعارف عند اهل ذلك البلد مع ان الغريب الوارد في ذلك البلد لا يعرف خصوصيات المقادير و الاوزان.

و بعبارة واضحة انه يصدق انه اشتري الشي ء الفلاني بالوزن الكذائي أو بالمكيال الفلاني و لا يكون بحكم المشاهدة فيصدق عليه ما ورد في النص من ان الموزون و المكيل يلزم ان يباع بالوزن

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الاحاديث في ص 143 و 145.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 145.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 155

و الكيل و لا يصدق عليه عنوان الجزاف.

«قوله قدس سره: لكن التقرير غير واضح»

الخ بل اعتقاد السائل عدم الجواز غير واضح فان مجرد الجهل بالحكم يقتضي السؤال بحسب ما يرتكز عند عامة الناس فان رجوع الجاهل الي العالم في الامور المبتلي بها امر ارتكازي عادي.

نعم جواب الامام عليه السلام لا يشمل مورد غير الضرورة لان قوله عليه السلام لا بأس به وارد في خصوص مفروض السائل و لا مفهوم له ينفي عن غير ذلك المورد لكن الجواز امر علي طبق القاعدة الاولية اذ الوزن أو الكيل أو العد كلها طريق الي الواقع فطبعا يقوم مقامها

طريق آخر و هذا واضح ظاهر.

«قوله قدس سره: و اما الوزن فالظاهر كفايته»

الخ لا فرق بين الكيل و الوزن من هذه الجهة كما مرّ في جواز بيع المكيل بالوزن.

«قوله قدس سره: بل ظاهر قولهم في السلم انه لا يكفي العد في المعدودات»

الخ لا وجه لعدم الجواز و جملة من كلماتهم تدل علي الجواز فلاحظ.

«قوله قدس سره: فافهم»

لعله بقوله فافهم يشير الي ان ما نحن فيه قوامه بالتعارف و الجعل و لا تكون له حقيقة و واقعية فلا مجال لهذا الكلام.

[الكلام في تعيين المناط في كون الشي ء مكيلا أو موزونا]
اشارة

«قوله قدس سره: بقي الكلام في تعيين المناط في كون الشي ء مكيلا أو موزونا»

الخ

[المشهور أن ما كان موزونا أو مكيلا أو معدودا في زمنهم عليهم السلام يكون كذلك الي يوم القيامة]
اشارة

قال سيدنا الاستاد قدس سره ذكر المشهور ان ما كان موزونا أو

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 156

مكيلا أو معدودا في زمنهم عليهم السلام يكون كذلك الي يوم القيامة.

و اما غيره من بقية الاشياء فان كان فيه عرف عام يعامل معه كذلك و الا ففي كل بلد يكون الحكم تابعا لما تعارف فيه.

ثم أورد علي هذه المقالة و قال ما ذهب إليه المشهور يستلزم المحال و لا يمكن اجتماع الامرين في إنشاء واحد و السرّ فيه ان لحاظ ما في زمنهم موزونا أو مكيلا أو معدودا يكون علي نحو القضية الخارجية المحفوظ فيه جميع الخصوصيات و لا يتصور فيه الاطلاق و ما يلاحظ في غيره يلاحظ علي نحو القضية الحقيقة و علي نحو فرض الموضوع علي نحو الاطلاق و لا يمكن الجمع بين نحوين في إنشاء واحد هذا ملخص كلامه.

و يرد عليه ان المانع عن إنشاء الامرين بانشاء واحد اما ثبوتي و اما اثباتي. اما الاول فلا نري فيه مانعا و أي مانع في جعل الحكم نحوين و ابرازه و اما المانع الاثباتي فغاية ما يمكن ان يقال في وجه المنع انه يلزم استعمال اللفظ في اكثر من معني واحد و هذا غير معقول اذ استعمال اللفظ في المعني جعل اللفظ فانيا و مندكا في المعني و عليه يلزم من استعمال لفظ واحد في اكثر من معني واحد اما وحدة المعني و اما تعدد اللفظ و كلاهما خلاف الواقع فيلزم ان يكون الواحد متعددا و هذا خلف و محال.

و يرد عليه ان المعني المذكور باطل و فاسد و عاطل

ليس تحته شي ء فان الانشاء عبارة عن النشو و ابراز، ما في النفس الي الخارج و الاستعمال عبارة عن جعل اللفظ بحسب التعهد الوضعي علامة لارادة المعني و عليه يمكن الاتيان بلفظ واحد و إرادة آلاف من المعاني.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 157

مضافا الي أنه لا يلزم إنشاء الحكمين بانشاء واحد كي يتوهم الاستحالة بل يمكن ابراز كل واحد منهما بانشاء غير الانشاء الاخر فلاحظ. اذا عرفت ما ذكرنا نقول

ما يمكن ان يذكر في تقريب مذهب المشهور وجوه.
الوجه الأول: الاجماع

و فيه ما فيه فان المنقول منه غير حجة و المحصل منه غير حاصل و علي فرض حصوله محتمل المدرك فلا يعتد به.

الوجه الثاني: ان المراد بالعناوين المصاديق الموجودة في زمان المتكلم المشرع للاحكام

و فيه انه انما يكون كذلك فيما يكون القضية علي نحو القضية الخارجية و الا فلا.

الوجه الثالث: ان الموضوع يلزم اخذه من الشارع كما ان الحكم كذلك

فعليه يلزم حمل اللفظ علي ما هو المتعارف عنده.

و يرد عليه ان الموضوع ان كان مخترعا من مخترعات الشارع يلزم اخذه منه و اما ان كان الموضوع عرفيا يلزم اخذه منه مضافا الي انه علي هذا فما الوجه في التفصيل بين ما كان موزونا في ذلك الزمان و غيره فانقدح بما ذكرنا انه لا وجه لما ذهب إليه المشهور و الحق ان يقال ان هذا الحكم كبقية الاحكام ثابت لموضوعه علي نحو القضية الحقيقة ففي كل مورد تحقق الموضوع يترتب عليه الحكم اذ الحكم بالنسبة الي الموضوع كالمشروط بالنسبة الي شرطه فكما ان تحقق المشروط تابع لتحقق الشرط كذلك الحكم بالنسبة الي موضوعه و لذا يمكن ان يختلف شي ء واحد بحسب اختلاف الازمنة او الامكنة و البلدان.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 158

نعم اذا كان عرف عام يحمل اللفظ عليه كما يستفاد من حديث علي بن ابراهيم عن رجاله ذكره في حديث طويل قال و لا ينظر فيما يكال و يوزن الا الي العامة و لا يؤخذ فيه بالخاصة فان كان قوم يكيلون اللحم و يكيلون الجوز فلا يعتبر بهم لان اصل اللحم ان يوزن و اصل الجوز ان يعد «1».

فان الحديث يدل بالصراحة علي تقديم العرف العام علي العرف الخاص لكن الرواية ضعيفة سندا فلا يعتد بها.

و لعله قدس سره بامره بالتأمل يشير الي الاختلاف في ان المقدم العرف العام أو الخاص، و حيث ان الرواية غير معتبرة لا يمكن اثبات احد الطرفين بها و الذي يختلج بالبال ان يقال اذا ثبت من الشارع اعتبار خاص

يرجع إليه و الا فان كان عرف عام بحيث يتبادر الي الذهن يكون هو المرجع و الا يكون المتبع في كل مكان و بلدة المتعارف عند اهل تلك البلدة و عليه تتفرع في المقام فروع.

الفرع الأول: انه لو كان من الشارع الاقدس تعبد خاص يتبع بلا اشكال و لا كلام.

الفرع الثاني انه لو كان هناك عرف عام بحيث يتبادر الي الذهن يكون متبعا بلا كلام.

الفرع الثالث: انه لو كان الامر مختلفا بحسب البلدان يكون الحكم تابعا لعرف كل بلد.

الفرع الرابع: ان الميزان ببلد فيه المبيع.

الفرع الخامس: انه لو تعاقدوا في الصحراء فان كانا متفقين فهو

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الربا الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 159

و ان كانا مختلفين فربما يقال بالتخيير و ربما يقال بان كل واحد يعمل علي طبق رأيه و ربما يقال يقرع و ربما يقال يؤخذ بما هو اقرب الي بلده و ربما يقال المناط البلد الاعظم و الظاهر انه ليس لها مدرك صحيح اما التخيير فلا دليل عليه و اما القرعة فأيضا لا دليل عليها و اما العمل علي طبق الرأي فأيضا غير صحيح فان البيع مجموع من الايجاب و القبول فالجمع بين الرأيين هو القدر المقطوع من الفاسد و أيضا لا دليل علي الترجيح بالاقربية و لا بالاعظمية.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول لا يبعد أن يكون الحق ان دليل الاشتراط لا يشمل مثله اذ شموله لكلا الطرفين غير معقول و ترجيح احدهما علي الاخر بلا مرجع و التخيير لا دليل عليه فالدليل غير شامل و يكون مقتضي القاعدة الاولية عدم الاشتراط فانه مقتضي قوله تعالي «احل اللّه البيع» و «تجارة عن تراض» فلاحظ.

[مسألة لو أخبر البائع بمقدار المبيع جاز الاعتماد عليه علي المشهور]
اشارة

«قوله

قدس سره: مسئلة لو اخبر البائع بمقدار المبيع جاز الاعتماد عليه»

الخ وقع الكلام بين القوم في جواز الاعتماد علي اخبار البائع بمقدار المبيع و عدمه و انعقاد هذه المسألة بعد فرض اشتراط البيع بالعلم بمقدار و الا فلا مجال له كما هو ظاهر.

فنقول تارة يقع البحث في مقتضي القاعدة الاولية و اخري في مقتضي النص الخاص فهنا مقامان.

اما

المقام الأول [في مقتضي القاعدة الأولية]

فلا بد من التفصيل بين حصول العلم أو الاطمينان من اخباره و عدمه فعلي الاول يجوز و علي الثاني لا يجوز.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 160

و اما

المقام الثاني [في مقتضي الروايات]

فمقتضي بعض الروايات جواز الاعتماد لاحظ ما رواه محمد بن حمران «1».

فان هذه الرواية صدرا و ذيلا تدل علي جواز الاعتماد علي اخبار البائع بمقدار المبيع اما الصدر فدلالته علي المدعي ظاهرة اذ السائل فرض تصديق البائع في اخباره و الامام عليه السلام صرح في الجواب بقوله لا بأس و اما الذيل فالامام عليه السلام انما جوز بيعه بعد الكيل فيعلم انه يكفي لجواز البيع كيل البائع فيكفي اخباره.

الا أن يقال انه لا ملازمة بين جواز البيع بعد الكيل و اعتبار قول البائع في اخباره بالمقدار و ربما يتوهم وقوع التعارض بين هذه الرواية و ما رواه الحلبي «2».

فان المستفاد من هذه الرواية عدم الجواز الا مع الكيل و لكن يمكن أن يقال ان رواية الحلبي مطلقة من حيث كون الاشتراء علي طبق اخبار البائع و عدمه و اطلاقه يقيد برواية ابن حمران و الدليل علي الاطلاق ان الامام عليه السلام علل الحكم بعدم الجواز بقوله ان الطعام الذي يباع بالكيل لا يجوز بيعه جزافا فالمنهي البيع الجزافي و من الظاهر ان البيع المبني علي اخبار البائع و علي حسب تقديره لا يكون جزافا فلاحظ.

و يمكن الجمع بين الحديثين بنحو آخر بان نقول رواية الحلبي مطلقة من حيث كون الاخبار حدسيا أو حسيا و حديث ابن حمران ظاهر في الاخبار الحسي فيقيد الاطلاق بالمقيد اللهم الا أن يقال

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 146.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 143.

عمدة المطالب في التعليق

علي المكاسب، ج 3، ص: 161

انه لا وجه لحمل الاخبار في حديث الحلبي علي الاعم و حمل الاخبار في الحديث الاخر علي الحسي فتحصل انه يجوز الاعتماد باخبار البائع.

ثم انّه هل يشترط اعتبار قوله بكونه ثقة أو بشرط حصول الظن من اخباره؟ مقتضي اطلاق حديث ابن حمران عدم الاشتراط و مثله ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الطعام اشتريه منه بكيله و اصدقه فقال لا بأس و لكن لا تبعه حتي تكيله «1».

و ربما يقال: بأنه لا بدّ من تقييد الاطلاق بحديث أبي العطارد «2» فان مقتضاه الجواز مع الائتمان فلا بد من تقييد الاطلاق بهذا القيد لكن حديث أبي العطارد ضعيف سندا حيث انه لم يوثق فلا يرفع اليد عن الاطلاق.

و يمكن الاستشهاد علي الاطلاق و عدم تقييد الاعتماد بشي ء بوجهين:

احدهما قول السائل في مقام السؤال صدقناه و لو كان اخباره موجبا لحصول العلم لم يكن مجال للتصديق و بعبارة اخري الظاهر من التصديق التصديق العملي مع الشك.

ثانيهما: قوله عليه السلام اما انت فلا تبع الا مع الكيل و الحال انه لو كان عالما بصدق الخبر لم يكن وجه للكيل اذا لكيل لا موضوعية له قطعا فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 8.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 146.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 162

«قوله قدس سره: و يندفع الغرر ببناء المتعاملين علي ذلك المقدار»

الخ المراد من هذه الجملة غير واضح فان كان المراد التعليق علي المقدار الخاص يلزم البطلان من جهة التعليق مضافا الي ان مقتضي التعليق بطلان البيع عند التخلف و الحال ان

بنائهم علي الصحة و ثبوت الخيار. و ان كان المراد بيع العين بلا تعليق و لكن يشترط الخيار في فرض عدم كونه ذلك المقدار فانه مع شرط الخيار لا يكون البيع جزافا تتوجه شبهة و هي ان اشتراط الخيار في العقد يتوقف علي تمامية ذلك العقد و صحته فاشتراط الخيار يتوقف علي تمامية العقد و الحال ان تماميته تتوقف علي الشرط فيلزم الدور المحال.

مضافا الي انه لا يمكن الالتزام به اذ علي تقدير التخلف لا يقع الثمن في مقابل جميع المبيع فانه علي تقدير الزيادة يكون الزائد للبائع و تتحقق الشركة بين المتعاقدين و علي تقدير النقيصة يتحقق تبعض الصفقة فيكون المراد من البناء ان العقد يقع علي العين بعنوان كل رطل مثلا بكذا مقدار أو كل من فاذا قال البائع هذا السمن عشرة امنان فاشتراه المشتري بعشرة توامين يكون معناه كل من بتومان فلا غرر.

«قوله قدس سره: فتأمل»

لعله بالامر بالتأمل يشير الي ان الجزء و الكل و صفان لا يوجبان الاختلاف في الحقيقة بل الاختلاف في الوصف فان جنس الجزء عين جنس الكل فالحق ان الجزء و الكل وصفان عرضيان لا ذاتيان.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 163

«قوله قدس سره: تخير المغبون منهما»

الخ لا ارتباط بين هذا الخيار و خيار الغبن فان خيار الغبن علي القول به ناش من الضرر الوارد علي المغبون و المفروض انه لا ضرر في المقام لان الثمن يقابل بما هو موجود في المبيع فعلي تقدير النقصان يتحقق خيار تبعض الصفقة للمشتري و علي تقدير الزيادة يتحقق خيار العيب الناشي من الشركة فانّ الشركة مع الغير بنفسه عيب في المتاع كما هو ظاهر و هل يثبت الخيار للبائع

كما يثبت للمشتري؟

يظهر من كلام العلامة انه يثبت الخيار للبائع في صورة الزيادة و لكن سيدنا الاستاد قدس سره فصل بين البائع و المشتري و قال: يثبت الخيار للمشتري للعيب الّذي في المبيع بلحاظ الشركة و اما بالنسبة الي البائع فلا خيار لعدم المقتضي.

و اظن ان الوجه في التفصيل الذي ذكره ان خيار العيب انما يثبت للمشتري للنص الخاص الوارد في خيار العيب و أما بالنسبة الي البائع فلا.

و يرد عليه أولا بالنقض بصورة ما لو باع عبدا بعنوان كونه مريضا فاصبح صحيحا فانه يثبت للبائع الخيار بواسطة تخلف الوصف كما هو قدس سره صرح به و ثانيا ان حكم الامثال واحد و الشرط الارتكازي العقلائي يقتضي ثبوت الخيار للبائع كما يثبت للمشتري فلا وجه لتفصيله الذي ذكره بلا تقريب برهان و اقامة دليل عليه.

«قوله قدس سره: و انما الاشكال في ان المتخلف في الحقيقة هل جزء المبيع الخ»

لا اشكال في ان التخلف في المقام تخلف الجزء و هذا واضح

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 164

غير محتاج الي البحث و ربما يتضرر و يتخيل ان العقد باطل من اصله لانه وقع علي المقدار الكذائي فانكشف خلافه فكما لو باع حمارا وحشيا فاصبح المبيع عبدا حبشيا يكون البيع باطلا كذلك الحكم في المقام.

و يرد عليه ان القياس مع الفارق فان المبيع متعلق بصور نوعية عقلية كانت أو عرفية و مع التخلف يكون العقد باطلا اذ ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد و بعبارة واضحة ان العقد لا يتعلق بالهيولي بل يتعلق بالصورة و مع التخلف ينكشف الخلاف و البطلان و اما لو لم يكن العنوان المأخوذ في العقد كذلك لا يكون

وجه للبطلان عند التخلف بل غايته ثبوت الخيار و المقام كذلك.

«قوله قدس سره: فلذلك اختلف في ان الامضاء هل هو بجميع الثمن أو بحصة منه»

الخ قد ظهر مما ذكرنا ان الاختلاف بالجزء و الكل و لهذا يقسط الثمن علي المبيع بالمقدار فيكون الخيار من باب تبعض الصفقة فمع زيادة المبيع تكون الزيادة للبائع و علي تقدير النقيصة يرجع الثمن بالمقدار المقابل لما نقص الي المشتري و هذا ظاهر.

«قوله قدس سره: يشكل الحكم بالجواز في كثير من هذه الموارد لثبوت الغرر»

الخ تارة يقع البيع علي طبق التخمين و لكن مبنيا علي المقدار الكذائي بحيث يقسط الثمن علي اجزاء المبيع. و اخري يقع العقد علي طبق التخمين بلا ملاحظة التقسيط.

أما الصورة الأولي فلا وجه لبطلان العقد لعدم الغرر فلا وجه للفساد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 165

و أما الصورة الثانية فما يمكن ان يذكر في تقريب البطلان وجهان. الوجه الأول لزوم الغرر و هو منهي عنه. و فيه انه مرّ مرارا ان الحديث لا مدرك معتبر له.

الوجه الثاني ما ورد من النصوص الدالة علي ان البيع جزافا غير صحيح. و فيه ان النصوص المشار إليها تختص بالمكيل و الموزون و المعدود فلا وجه لاسراء الحكم من ذلك المقام الي مقامنا هذا.

فالنتيجة ان بيع غير ما دل الدليل فيه علي الاشتراط يجوز و لو مع الجهل بمقدار المبيع اضف الي ذلك كله ان الجهل بمقدار المبيع اعم من الغرر.

و يضاف الي ذلك كله انه قد تقدم منا احتمال كون الغرر عبارة عن الخديعة فلا يرتبط بما نحن بصدده.

«قوله قدس سره: فافهم»

لعله يشير بالامر بالفهم الي انه لا خصوصية للوزن و الكيل و العد فانها طريق الي

درك الواقع.

[مسألة بيع بعض من جملة متساوي الأجزاء]
[الأول أن يريد بذلك البعض كسرا واقعيا من الجملة مقدرا بذلك العنوان]
اشارة

«قوله قدس سره: و لا اشكال في صحة ذلك»

الخ الامر كما افاده فان المقتضي للصحة موجود و لا مانع عن التأثير و بعبارة واضحة ان جواز تعلق البيع بالكسر المشاع من الامور الواضحة و السيرة جارية عليه فلا وجه للاشكال.

«قوله قدس سره: و لم يعلم وجه الفرق الا منع ظهور الكسر المشاع من لفظ العبد و الشاة.»

حيث انه لا يطلق العبد بماله من المفهوم علي نصفين من عبدين

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 166

و كذلك لا يطلق لفظ الشاة علي نصفين من شاتين بخلاف لفظ الحنطة حيث يطلق علي كل جزء من اجزاء الصبرة و هذا الاختلاف راجع الي مقام الاثبات و الدلالة. و الكلام في مقام الثبوت.

فالنتيجة انه لا اشكال في القسم الأول انما الكلام في ان ملكية المشاع باي نحو فربما يقال بان كل واحد من الشريكين أو الشركاء مالك لمقدار من العين بنحو الكلي في المعين و هذا القول باطل اذ يلزم ان لا تكون الخصوصيات مملوكة لاحد و الحال انه لا شبهة في ان الخصوصيات مملوكة و مشتركة بين الشريكين أو الشركاء و ربما يقال ان كل واحد من الشريكين أو الشركاء مالك للكل لكن بملكية ضعيفة.

و هذا القول في غاية الفساد اذ يرد عليه أولا انه لا مقتضي لكون كل واحد من الشريكين مالكا لتمام العين.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 166

و ثانيا انه كيف يمكن ان تكون عين واحدة مملوكة لمالكين.

و ثالثة ان احد المالكين لدار لو باع نصف الدار بلا اذن

شريكه نسأل هل يكون بيعه صحيحا أم لا؟ أما علي الاول فنقول اذا كانت الملكية الضعيفة مقتضية لجواز البيع يلزم ان يكون بيع الكل أيضا صحيحا و الحال انه ليس كذلك.

و أما علي الثاني فيكون خلاف الضرورة و يستلزم لغوية خيار الشفعة و ربما يقال ان كل واحد من الشريكين أو الشركاء مالك لحصة خاصة من العين.

و يرد عليه ان اختصاص تلك الحصة الخاصة باحدهما و اختصاص الحصة الخاصة الاخر بالآخر تخصيص و ترجيح بلا مخصص و مرجح.

[الاستدلال علي أن مجموع الشريكين او الشركاء مالك للعين]
اشارة

و ربما يقال ان مجموع الشريكين أو الشركاء مالك للعين ذهب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 167

إليه سيدنا الاستاد قدس سره و استدل علي مدعاه بوجوه:

الوجه الأول: انه قد ثبت في الفلسفة عدم وصول الجسم الي حد لا يكون قابلا للقسمة.

و بعبارة اخري: انكروا امكان الجزء الذي لا يكون قابلا للتجزية و علي هذا الاساس انكروا الجوهر الفرد فكل جزء قابل للتجزية و لا يصل الجسم الي حد لا يكون قابلا للقسمة و لكن بالنظر العرفي ليس كذلك فانه يصل الجسم الي حد لا يكون قابلا للقسمة و عليه اذا وصل الي هذا الحد إما يكون مملوكا لكلا الشريكين و إما يكون ملكا لاحدهما دون الاخر و اما لا يكون مملوكا.

أما علي الاول فيحصل المطلوب و هذا هو المدعي و اما علي الثاني فيلزم الترجيح بلا مرجح و اما علي الثالث فيلزم امر خلاف الضرورة الفقهية.

و يرد عليه أولا النقض بمملوك لشخص واحد فانه لو فرض وصول جسم مملوك لمالك واحد الي حد غير قابل للقسمة فلو فرض قسمته نسأل ان ذلك الجزء الفرضي مملوك للمالك أم لا؟ اما علي الاول يعود المحذور و اما علي الثاني فلا يمكن الالتزام به.

ان قلت: هذا فرض و خيال و الاحكام الشرعية لا تبتني علي الفروض و الخيالات.

قلت: هذا صحيح و لذا اصل الاشكال غير وارد اذ يكون توجه الاشكال مبنيا علي الفرض و الخيال.

و ثانيا انا نلتزم بكون الجسم و لو لم يكن قابلا للتقسيم مشتركا بين شريكين اذ يكفي لاعتبار الملكية الفرض.

و ثالثا: انه يمكن ان يقال بانه اذا وصل الي هذا الحد لا يكون مملوكا بل يكون جزء المملوك فالنتيجة ان الوجه الأول المذكور

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 168

في كلامه غير تام.

و لكن يمكن

ان يقال ان الذي افيد غير مفيد اذ لو سلم ان الجزء الفرضي غير قابل لان يكون مملوكا لاحد فلا اثر لكونه جزء للمملوك اذ لو قلنا ان العين مملوكة لكلا المالكين و الشريكين يتم مدعي سيدنا الاستاد و ان لم نقل به يلزم ان يكون بلا مالك فلا تغفل.

الوجه الثاني: انه لو بقي شي ء من الميت و انتهي عدد الوراث الي حد لا يكون نصيب كل واحد منهم ذا مالية

و فرضنا ان شخصا اتلف تلك العين لا يتحقق الضمان اما لو كان المالك مجموع الورثة يصدق اتلاف المال و هل يمكن الالتزام بعدم الضمان؟ كلا.

و يرد عليه أولا: انه مجرد فرض و خيال و لا واقع له. و ثانيا انه علي هذا الفرض ان المالك شخص واحد و لكن الغاصب اتلف ماله بالتدريج كما لو اتلف صبرة من الحنطة و لكن بالتدريج بان اتلف الصبرة حبة حبة فانه يلزم علي البيان المذكور عدم الضمان فكل ما يجاب عنه هناك يجاب به عن مورد كلام سيدنا الاستاد.

و ثالثا: انه لا اشكال في صدق انه اتلف المال و في السيرة العقلائية الممضاة عند الشارع لا فرق بين اقسام اتلاف المال من جهة تحقق الضمان و بعبارة اخري لا اشكال في ان الورثة شركاء في هذه العين فأيضا هم شركاء في بدله و بعبارة واضحة يصح ان يقال ان الغاصب اتلف مملوكا لتلك الجماعة فيكون ضامنا لهم فهذا الوجه أيضا غير صالح لاثبات المدعي.

الوجه الثالث: ان الاشاعة بالمعني المشهور لا تتصور في البسائط

كحق التحجير مثلا و أيضا لا تتصور بالنسبة الي الافعال و اما بالمعني الذي ذكر فامر قابل فانه لا مانع عن كون الحق الفلاني

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 169

أو الفعل الفلاني مملوكا لمالكين أو ملاك ثلاثة. اذ لا يلزم عليه القسمة و اما علي القول الاخر فتلزم فيه القسمة و البسائط غير قابل للقسمة.

و يرد عليه ان البسائط لا تكون قابلة للقسمة الخارجية و اما القسمة الاعتبارية فلا مانع فيها فالوجوه المذكورة كلها باطلة.

و يمكن الاستدلال علي بطلان الدعوي المذكورة بانه لو فرض شخصان مالكان و شريكان في دار علي نحو الاشاعة فنسأل انه لو باع احدهما نصيبه بلا اذن

شريكه فاما يكون بيعه صحيحا أم لا؟

أما علي الاول فيلزم نفوذ تصرف من لا يكون مالكا فان كل واحد من الشريكين نصف المالك لا تمامه و نفوذ تصرف غير المالك خلاف القاعدة.

و أما علي الثاني فيلزم خلاف الضرورة و يلزم انسداد باب حق الشفعة و لغوية جعله الا ان يقال انه قد ثبت في الشرع الاقدس نفوذ تصرف كل شريك بالنسبة الي نصيبه فلا اشكال من هذه الجهة.

[الثاني أن يراد به بعض مردد بين ما يمكن صدقه عليه]
اشارة

«قوله قدس سره: الثاني ان يراد به بعض مردد بين ما يمكن صدقه عليه»

الخ يقع الكلام تارة في تصوير القسم المذكور و اخري في امكان وقوع العقد عليه فهنا مقامان. اما

المقام الأول: [في تصوير القسم المذكور]

فنقول اذا كان المراد من الفرد المنتشر المبهم بحسب الواقع و نفس الامر فهذا امر غير معقول اذ كل موجود في العالم له تميز و تشخص غاية ما يمكن ان يقال اختصاص معرفته بعلام الغيوب و الذي يعلم الغيب بعناية اللّه تعالي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 170

و بعبارة اخري المبهم و غير المشخص غير موجود و غير مخلوق له تعالي. و ان كان المراد بالفرد المنتشر الجامع الانتزاعي كقول المولي جئني بواحد من هؤلاء العشرة الجالسين فهذا امر معقول و يمكن تعلق التكليف به كما في المثال المذكور و كما في خصال الكفارة متعلق الحكم مردد بين امور لكن ليس هذا فردا منتشرا بل يعبّر عنه بالكلي و بالجامع الانتزاعي و ان كان المراد من المردد و المبهم المعلوم عند اللّه المجهول عندنا كما لو قال بعتك العبد الذي يزورنا قبل كل زائر أو بعتك العبد الاكبر سنا الي غير ذلك من الاوصاف المعينة المفردة فهذا امر معقول و له واقع و معلوم عنده تعالي.

و أما

المقام الثاني [في إمكان وقوع العقد عليه]
اشارة

فنقول لا كلام في بطلان العقد اذا كان متعلقه القسم الأول كما هو ظاهر فان المفروض انه لا واقع له فكيف يتعلق به البيع.

و أما القسم الثاني فيمكن ان يتعلق به البيع و يدل علي المدعي بيع الكلي في المعين اذ يجوز تعلق البيع بالكلي في المعين كما لو باع صاعا من الصبرة فلو كان البيع جامعا للشرائط المقررة لا مانع عن تعلقه بالكلي في المعين.

و بعبارة واضحة انه لا اشكال في صحة بيع الكلي في المعين و السيرة الخارجية العقلائية جارية عليه و ممضي عند الشارع الاقدس.

مضافا الي النص الخاص الوارد فيه. لاحظ ما رواه

بريد بن معاوية عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري من رجل عشرة آلاف طن قصب في انبار بعضه علي بعض من اجمة واحدة و الانبار

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 171

فيه ثلاثون الف طن فقال البائع: قد بعتك من هذا القصب عشرة آلاف طن فقال المشتري: قد قبلت و اشتريت و رضيت فاعطاه من ثمنه الف درهم و وكل المشتري من يقبضه فاصبحوا و قد وقع النار في القصب فاحترق منه عشرون الف طن و بقي عشرة آلاف طن فقال:

العشرة آلاف طن التي بقيت هي للمشتري و العشرون التي احترقت من مال البائع «1».

و الظاهر ان هذا ليس محل الكلام و الاشكال فان ما وقع محل الاشكال الجزئي الخارجي الذي يعبرون عنه بالفرد المنتشر و هو القسم الثالث المذكور في كلامنا في مقام تعداد الاقسام. فنقول

ما يمكن ان يذكر في تقريب المنع وجوه.
الوجه الأول ان المبيع مجهول و بيع المجهول باطل اجماعا.

و يرد عليه انه لا دليل علي كون مجرد الجهل موجبا للفساد و الاجماع المدعي في المقام لا اثر له فان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي تقدير حصوله محتمل المدرك فلا يكون تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

الوجه الثاني انه مبهم و الابهام في المبيع يوجب فساد البيع

و يرد عليه انه ما المراد من المبهم فان المراد به ان كان ما لا واقع له فهو لا يجوز بيعه، و لكن الكلام ليس فيه. و ان كان المراد به ماله واقع و لكن مجهول فلا وجه لكونه مفسدا للبيع.

الوجه الثالث انه غرري و الغرر يوجب الفساد.

و فيه أولا انه لا دليل علي كون الغرر مفسدا و ثانيا انه يمكن تصويره علي نحو لا يكون غرريا كما لو علم المشتري بان المبيع يسوي

______________________________

(1) الوسائل الباب 19 من ابواب عقد البيع و شروطه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 172

مقدار الثمن و البائع أيضا يعلم به. و ثالثا انه لا مجال لتحقق الغرر اذ المفروض ان البائع يملك ما يسوي الثمن من المشتري فلا غرر فيه و لا خطر يتصور فلا تغفل.

الوجه الرابع: ان الملكية امر وجودي يلزم تعلقها بامر موجود في الخارج و عنوان احدهما امر انتزاعي غير قابل لذلك

و يرد عليه ان المفروض في كلامنا تعلق البيع بفرد معين موجود في الخارج.

فتحصل ان شيئا من الوجوه المذكورة لا يكون وجها وجيها لاثبات المدعي فالنتيجة ان البيع في هذا القسم صحيح فلاحظ. هذا فيما يكون جميع الافراد متساوية من حيث القيمة.

و أما لو فرض تفاوت القيمة فيمكن ان يقال ان البيع باطل اذ المشتري لا يعلم بان اي فرد من الافراد يصير نصيبا له و يرد عليه ان الجهل لا يكون مانعا اذ لو علم المشتري بان الجامع في اي فرد من الافراد تحقق يساوي ثمنه لا يكون العقد غرريا.

«قوله قدس سره: روي اصحابنا انه اذا اشتري عبدا من عبدين علي ان للمشتري ان يختار ايهما شاء انه جائز»

الخ.

تارة يقع البيع علي مختار المشتري اي يكون اختياره اشارة الي الفرد الذي وقع عليه البيع و اخري يكون البيع معلقا علي اختياره و مشروطا به.

و ثالثة لا هذا و لا ذاك بل البيع واقع علي الكلي في المعين غايته انه يشترط للمشتري ان يكون مختارا في تعيين ذلك الكلي في فرد.

اما الصورة الأولي فالظاهر جواز البيع اذ المفروض وقوع البيع علي الفرد الخارجي الذي تكون علامته اختيار المشتري و

اما الصورة الثانية فالظاهر بطلان البيع للتعليق و عدم معهودية مثله

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 173

فان لازمه تحقق الانتقال من زمان الاختيار و يكون علي نحو الوجوب المشروط و لا دليل علي جوازه.

و اما الصورة الثالثة فان كان بنحو اشتراط كون المشتري ذا حق يكون الشرط باطلا لانه خلاف الشرع الاقدس فان التعيين مع البائع لا مع المشتري و ان كان بنحو التوكيل في التعيين فهو جائز و صحيح اي البائع في ضمن العقد يوكل المشتري في تعيين المبيع يكون الشرط صحيحا اذ التوكيل مشروع و هذا الامر المشروع يتحقق بالاشتراط في ضمن العقد و ان كان مرجع الاشتراط الي ان البائع يشترط علي نفسه ان يعيّن الكلي في مختار المشتري فأيضا يصح الاشتراط و يلزم عليه العمل به بمقتضي وجوب الوفاء بالشرط.

«قوله قدس سره: فيرده منع لزوم الغرر مع فرض اتفاق الافراد في الصفات»

الخ بل يمكن منعه حتي مع فرض اختلاف الافراد كما لو علم المشتري بان المبيع يسوي هذا المقدار من الثمن فلا غرر و لا خطر.

«قوله قدس سره: ان الغرر الشرعي لا يستلزم الغرر العرفي و بالعكس»

الخ.

كما لو باع مقدارا مجهولا من الموزون بمثله فانه لا غرر عرفا و لكن الغرر الشرعي موجود للجهالة و ربما لا يوجد غرر شرعي و الحال ان الغرر العرفي موجود كما لو باع الآبق مع الضميمة.

«قوله قدس سره: مع حصولها في اصل الماهية»

الخ كما لو باع منا من الموزون المجهول بمثله فان المقدار معلوم و لا جهل فيه و لكن اصل ماهية المبيع مجهول.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 174

«قوله قدس سره: و هذا حسن لو لم يتسالما علي صيغة ظاهرة

في احد المعنيين»

الخ قد فصل الماتن قدس سره بين الاتفاق علي لفظ ظاهر في احد الطرفين و عدم اتفاقهما و قال الظهور حجة و مرجع عند الشك و مع عدمه تكون اصالة الصحة محكمة.

اقول: اما ما افاده من لزوم الاخذ بظهور كليهما فصحيح فان الظواهر حجة، و اصالة الصحة لا تصرف الظهور و لا تمنع عن العمل به.

و أما ما أفاده من الاخذ باصالة الصحة عند عدم الظهور فيرد عليه انه لم يرد دليل عام أو مطلق علي لزوم الاخذ باصالة الصحة كي نلتزم بها في مورد الشك و في كل مورد انما نأخذ بها بمقدار قيام السيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع و الظاهر انه لو شك في عقد متسالم عليه عند المترافعين و اختلفا في صحته و فساده كما لو توافقا علي البيع و اختلفا في صحته و فساده تجري اصالة الصحة و يحكم بصحته.

و أما لو دار الامر بين الصلح الفاسد و البيع الصحيح فلا دليل علي الحكم بكون ما وقع هو البيع الصحيح.

«قوله قدس سره: و إما اصالة عدم التعيين فلم اتحققها»

الخ اذ يرد عليها أولا ان اصالة عدم احد الضدين لا يثبت تحقق الضد الاخر. و ثانيا انه علي فرض جريان الاصل يعارضه اصل عدم تحقق الاشاعة فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 175

«قوله قدس سره: و فيه نظر»

اذ الاصل العملي لا يعارض الدليل الاجتهادي كما حقق في محله.

[الثالث من وجوه بيع البعض من الكل أن يكون المبيع طبيعة كلية منحصرة المصاديق]

«قوله قدس سره: الثالث من وجوه بيع البعض من الكل»

الخ الظاهر انه قدس سره اراد من الصورة الثانية الفرد الخارجي المبهم المردد بين الافراد و عليه تصير الاقسام ثلاثة:

القسم الأول: الاشاعة القسم الثاني: الفرد المنتشر. القسم الثالث: الكلي في

المعين.

لكن قد ذكرنا آنفا ان الفرد المبهم غير معقول و لا واقع له و ان كان المراد منه الفرد المعلوم واقعا فهذا ليس مبهما بل يكون معينا مشخصا و مميزا و قد ظهر مما ذكرنا صحة بيعه و أيضا ظهر مما ذكرنا صحة بيع الكلي في المعين و لا وجه للاطالة.

[مسألة لو باع صاعا من صبرة فهل ينزل علي الوجه الأول من الوجوه الثلاثة المتقدمة]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة لو باع صاعا من صبرة فهل ينزل علي الوجه الأول»

الخ وقع الخلاف بين القوم في انه لو باع صاعا من صبرة فهل يحمل علي الكلي في المعين أو يحمل علي الاشاعة؟ قد ذهب الي القول الاول جملة من الاساطين.

[الاستدلال علي انه لو باع صاعا من صبرة يحمل علي الكلي في المعين بوجوه]
اشارة

و يمكن الاستدلال عليه بوجوه.

الوجه الأول التبادر العرفي

كما قال في جامع المقاصد بقوله انه السابق الي الفهم و لا اشكال في أن الظهور حجة.

الوجه الثاني ان لفظ الصاع مثلا الواقع في كلام البائع حين البيع عنوان للمبيع لا انه عنوان للكسر المشاع.

و بعبارة واضحة اذا كان لفظ الصاع مثلا عنوانا و اشارة الي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 176

الكسر المشاع لا يكون بنفسه موضوعا للحكم بل يكون طريقا الي شي ء آخر اي ذلك الكسر و اما ان كان عنوانا للمبيع يكون موضوعا للحكم بنفسه. و عند دوران الامر بين الطريقية و الموضوعية تتقدم الموضوعية فان كون العنوان المأخوذ في الموضوع طريقا الي امر آخر خلاف الظاهر و يحتاج الي مئونة فلاحظ.

الوجه الثالث النص الوارد في المقام

«1» فان الامام عليه السلام اجاب بلا تفصيل بان الباقي من القصب مملوك للمشتري و المقدار الذي احترق يحسب علي البائع و الحال انه لو كان المبيع مشاعا كان لازمه احتساب المقدار المحترق عليهما معا.

«قوله قدس سره: احدها كون التخيير في تعيينه بيد البائع»

الخ الامر كما افاده اذ المفروض ان المشتري بالاشتراء يصير مالكا للكلي و لا يكون مالكا للشخص فالخصوصيات الشخصية باقية في ملك البائع و تحت اختياره و لذا لو امكن للبائع تسليم الكلي مجردا عن الخصوصيات كان جائزا.

و عليه لا مجال لما افاده القمي قدس سره و نعم ما صنع الماتن من المقايسة بين التكليف المتعلق بالجامع و الوضع فان المولي لو أمر بطبيعة كالصلاة مثلا يصير طالبا للطبيعة من المأمور به و لا حق له بالنسبة الي الخصوصيات فكذلك الحال في بيع الكلي في المعين فلاحظ.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 170

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 177

«قوله قدس سره: و منها انه لو تلف بعض الجملة و بقي مصداق الطبيعة انحصر حق المشتري فيه»

الخ اذ المفروض ان المشتري مالك للطبيعة و المفروض ان حقه باق فيكون الباقي له و لا يبعد ان تكون السيرة العقلائية

جارية علي هذا المنوال اضف الي ذلك حديث بريد «1» فان الامام عليه السلام صرح في تلك الرواية في مقام الجواب بان باقي الاطنان مملوك للمشتري.

و مع هذه الرواية لا يبقي مجال للبحث و الترديد كما هو ظاهر و عليه لا مورد لان يقال ان الخصوصية مملوكة للبائع و بأي ميزان صارت مملوكة للمشتري فانه لا موقع لهذا البحث مع النص الدال علي ان الباقي مملوك للمشتري مضافا الي ان وجود الفرد الخارجي مركب مع وجود الطبيعي بالتركيب الاتحادي و لا تعدد فكيف يمكن ان يقال ان البائع أيضا مالك و الحال ان الموجود الواحد لا يمكن ان يكون له مالك متعدد بالاستقلال فلاحظ.

«قوله قدس سره: فالظاهر انه اذا بقي صاع واحد كان للاول»

الخ قد ذكر هذا الفرق فارقا بين القول بالاشاعة و الكلي في المعين و قد وقع الفرع المذكور محل النظر و فيه احتمالات أو اقوال:

الاحتمال الاول ذهب إليه الماتن و هو ان الباقي مملوك للمشتري الاول بتقريب ان ما باعه ثانيا من المشتري الثاني سار في مملوكه و قد فرض ان مملوكه تلف.

و يرد عليه أولا النقض بما لو باع صاعين من مشتريين دفعة واحدة فهل يمكن ترجيح احدهما علي الاخر؟ كلا ثم كلا. فما الفرق بين الدفعة و الدفعات.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 170

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 178

و ثانيا انه يجاب عنه بالحل و هو ان البائع للكلي في المعين مالك للخصوصيات و انما الخارج عن ملكه الجامع بين الافراد و لا تميز له و لا تشخص فاذا باع صاعا آخر من مشتر ثان يكون المشتري الثاني في عرض المشتري الاول بلا فرق و لا

مرجح للاول علي الثاني.

ان قلت: التقدم الزماني اذا لم يكن مرجحا فما الوجه في تقديم الواجب المقدم زمانا في باب التزاحم كما لو اضطر المكلف الي ترك صوم يوم واحد من ايام شهر رمضان و يجب ان يصوم اليوم الاول و الثاني الي ان يحصل الاضطرار الي الترك.

قلت: قد ذكرنا في بحث التزاحم ان الاطلاق يقتضي وجوب الصوم في الزمان المتقدم فان مقتضي اطلاق دليل وجوبه لزومه علي المكلف و لو مع الاتيان بالصوم في الزمان المتأخر.

و أما بالنسبة الي صوم الزمان المتأخر فلا اطلاق اذ لا يعقل الاطلاق و أما في المقام فلا وجه للترجيح لتساوي النسبة بينهما فكما ان المتقدم مالك للكلي كذلك المتأخر مالك بلا فرق فالاحتمال الاول ضعيف.

الاحتمال الثاني ان ينفسخ كلا البيعين بتقريب انه لو وقع التعارض بين عقدين كما باع زيد داره من بكر و في تلك الساعة باع و كيله الدار من خالد يقع التعارض بين بيع المالك و بيع و كيله و لا ترجيح لاحدهما علي الاخر فبالتعارض يتساقطان و المقام كذلك بقاء.

و فيه ان التقريب المذكور فاسد اذ المفروض ان بيع المالك لكل من المشتري الاول و الثاني صحيح فلا وجه للتعارض بقاء بل يلزم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 179

العمل علي طبق القاعدة المستفادة من الشرع.

الاحتمال الثالث ان يكون البائع مخيرا في دفع الباقي الي كل من يريد و يرجح بحسب ارادته و هذا الاحتمال فاسد اذ لا وجه لاختيار البائع فان البائع لا يملك شيئا لا الكلي و لا الخصوصيات المفردة و المشخصة اما عدم ملكه للكلي فظاهر بمقتضي السيرة و النص و اما الخصوصية المفردة فأيضا يستفاد كونها للمشتري من النص.

مضافا

الي انه لا تعدد في الوجود كي يكون بعضه للمشتري و بعضه للبائع فان الوجود واحد و هذا الوجود الواحد وجود للشخص و للطبيعي الكلي أو الجامع الانتزاعي.

الاحتمال الرابع ان يكون البائع ذا حق في تنصيف المقدار الباقي و هذا القول كسابقه بالتقريب الذي ذكرنا.

الاحتمال الخامس ان يكون الباقي مشتركا بين المشتريين بنحو التنصيف و هذا هو الحق فان المرجح لاحدهما قد فرض عدمه و خروج العين عن ملك مالكها مسلم فالاشتراك امر طبيعي.

و لتوضيح المدعي نقول لو بقي صاعان لا شك في كونهما مشتركين بين المشتري الاول و الثاني فالصاع الواحد الباقي أيضا كذلك غاية الامر يمكن ان يقال بثبوت خيار تبعض الصفقة لكل من المشتريين.

«قوله قدس سره: حصلت الشركة لحصول ماله في يده»

الخ تعرض الماتن قدس سره لفرعين الفرع الأول انه لو اقبض المبيع الكلي في ضمن اقباض مجموع الصبرة فتلف مجموع الصبرة يكون من تلف المبيع بعد القبض و يترتب عليه حكمه. الفرع الثاني:

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 180

انه بعد القبض يصير الكلي كسرا مشاعا في المجموع و تتحقق الشركة بين البائع و المشتري.

أقول لا بدّ من التفصيل بين ما افاده بالنسبة الي الفرع الأول و ما افاده بالنسبة الي الفرع الثاني فنقول أما ما أفاده بالنسبة الي الفرع الأول فتام اذ المفروض ان المشتري مالك للكلي في المعين و أيضا فرض ان المبيع و هو الكلي قد اقبض.

و بعبارة واضحة القبض تحقق في الخارج فيترتب عليه حكمه طبعا فلا اشكال فيه. و اما الفرع الثاني فما افاده من تحقق الشركة بالقبض لا وجه له اذ المفروض ان البائع لم يعيّن الكلي في الشخص الخارجي و الاختيار بيده فتبدل

الكلي بالكسر المشاع لا وجه له فالحق بقاء مملوك المشتري علي كليته.

ثم ان الماتن افاد بان البائع اذا اقبض تمام الصبرة من المشتري بعنوان كونها امانة عنده كي يعيّن الكلي في الفرد بعد ذلك أو و كلّ المشتري في التعيين فتلفت الصبرة قبل تعيين البائع و قبل عمل المشتري بالوكالة يكون حكم الامانة حكم ما قبل القبض.

و صرّح به سيدنا الاستاد و صفوة القول ان الاقباض لو لم يكن بعنوان اقباض المبيع لا يترتب عليه حكم القبض و يكون تلف المبيع من البائع.

أقول لا يخفي ان هذا الحكم علي خلاف القاعدة الاولية كما هو ظاهر لمن تكون له خبرة بالصناعة و لا دليل عليه الا الاجماع المدعي في المقام.

و حديثان احدهما ما رواه عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا من رجل و اوجبه غير انه ترك المتاع عنده

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 181

و لم يقبضه قال آتيك غدا ان شاء اللّه فسرق المتاع من مال من يكون قال: من مال صاحب المتاع الذي هو في بيته حتي يقبض المتاع و يخرجه من بيته فاذا اخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتي يردّ ماله إليه «1» ثانيهما ما ارسل عن النبي صلي اللّه عليه و آله «2».

و كلا الحديثين ضعيفان سندا. اما الاول فبعبد اللّه بن هلال و اما الثاني فبارسال مضافا الي ان الخروج عن الضمان رتب في الحديثين علي القبض و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين اقسام القبض.

و أما الاجماع المدعي فيرد عليه أولا بعدم الاعتبار فان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض حصوله محتمل المدرك فلا يعتد به. و ثانيا

انه علي فرض الاعتماد عليه لا بدّ من الاقتصار علي القدر المتيقن منه فلا وجه للالتزام بالضمان في مفروض الكلام فلاحظ.

«قوله قدس سره: و انما الاشكال في انهم ذكروا فيما لو باع ثمرة شجرات و استثني منها ارطالا معلومة انه لو خاست الثمرة سقط من المستثني بحسابه»

الخ.

ثم انه وقع في المقام نقض و اشكال و هو انه ما الفارق بين المقام و مسئلة بيع ثمرة اشجار مع استثناء ارطال حيث انهم حكموا في تلك المسألة بانه لو خاست الثمرة يحسب علي كل من المشتري و البائع و الحال ان البائع في تلك المسألة كالمشتري في هذه المسألة فكما ان المشتري في المقام مالك للكلي في المعين و لا يحسب التالف عليه بل يختص التالف بالبايع كذلك البائع في تلك المسألة

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الخيار.

(2) مستدرك الوسائل الباب 9 من ابواب الخيار.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 182

مالك للكلي في المعين فلا بد ان يختص التلف بالمشتري فيلزم بيان الفارق بين الموردين.

و أيضا يشكل تصرف المشتري في مسئلة استثناء الارطال في الثمرة بدون اذن البائع و الحال ان لازم الاشتراك عدم جواز تصرف أحد الشريكين في المال المشترك بدون اذن شريكه و قد ذكرت في مقام حل الاشكال اجوبة.

الجواب الاول: الاجماع فانه الفارق بين المقامين و فيه ان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي فرض حصوله محتمل المدرك اذ يحتمل استناد المجمعين الي أحد الامور المذكورة في المقام و صفوة القول انه لم يتحقق اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم فهذا الوجه غير وجيه.

الجواب الثاني: ان القاعدة الاولية تقتضي الحمل علي الاشاعة و انما خرجنا عنها في المقام للنص الخاص

أي حديث بريد «1».

و يرد عليه أولا: انا ذكرنا ان مقتضي الظهور العرفي الكلي في المعين و قلنا ان الظاهر من لفظ الصاع عنوان المبيع لا الاشارة الي الكسر و بعبارة اخري الظاهر من العنوان المذكور الموضوعية لا الطريقية.

و ثانيا: انه لو كان الاشاعة علي طبق القاعدة فما وجه جواز تصرف المشتري في الثمرة في ذلك الباب و الحال ان الشريك لا يجوز له التصرف في المال المشترك بلا اذن الشريك الاخر.

و ثالثا: ان ما حكم به الامام عليه السلام اما حكم كلي سار في جميع الموارد التي من هذا القبيل و اما حكم خاص في مورده اما

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 170.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 183

علي الاول فلا بد من الالتزام به في ذلك الباب أيضا و لا وجه للتفصيل بين الموردين، اذ لا فارق بين المقامين.

و أما علي الثاني فلا بد من اختصاصه بخصوص مورده و لا يجوز التعدي الي غيره اذ المفروض انه حكم تعبدي علي خلاف الميزان الاولي.

و رابعا: ان لازم القول بالاشاعة ان المشتري في مسئلة بيع الثمرة لو اتلف مقدارا منها يكون ضامنا للبائع بالنسبة الي نصيبه و الحال انهم قائلون ان التالف يحسب علي المشتري و يعطي نصيب البائع من الباقي.

و خامسا: انه لو كان الاشاعة مقتضي الظهور اللفظي و انها مقتضي القاعدة الاولية العقلائية يلزم ان يكون حكم الامام عليه السلام في مسئلة بيع صاع من الصبرة علي خلاف ما قصده المتعاقدان و الحال ان العقود تابعة للقصود.

و بعبارة واضحة مرجع هذا الكلام الي انه لو سئل السائل الامام عليه السلام عن بيع كسر من الصاع كالعشر أو الربع أو الخمس

يجيب الامام عليه السلام عن حكم بيع الكلي في المعين و هذا بعيد في حد نفسه.

الجواب الثالث: ما عن مفتاح الكرامة و هو ان التلف في المقام قبل القبض فيلزم علي البائع تسليم المبيع ما دام ممكنا فلو لم يبق من الصبرة إلا صاع واحد يجب اقباضه من المشتري و هذا بخلاف ذلك المقام فان التلف بعد القبض فلا يحسب الا عليهما لان مال المشتري وصل إليه و مال البائع امانة في يده فيلزم ان يحسب عليهما لعدم وجه للاختصاص.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 184

و يرد عليه أولا: ان وجوب اقباض البائع في مسئلة بيع صاع من الصبرة ما دام ممكنا يتوقف علي عدم الاشاعة و اثبات عدم الاشاعة بوجوب الاقباض تقريب دوري محال.

و بعبارة واضحة الاشكال في الفرق بين الالتزام بالاشاعة هناك و عدمها هنا و اثبات عدم الاشاعة بوجوب الاقباض ما دام ممكنا دوري.

و ثانيا: انه ان اراد من القبض في مسئلة الارطال ان المشتري قبض حقه و ماله فلا كلام فيه و يترتب عليه آثار القبض من كون تلفه عليه و لكن نسأل عن وجه الفرق بين المقامين و ما الموجب للاشتراك هناك و عدمه هنا، و ان كان المراد من القبض قبض البائع ماله و لذا حصلت الشركة فيرد عليه انه ما الوجه في التفريق بين المقامين فان البائع في تلك المسألة كالمشتري في هذه المسألة و تمام الاشكال في الفرق بين المقامين.

الجواب الرابع: ما افاده بعض المعلقين علي المتن من ان الوجه في الفرق بين المقامين ناش من ان اللفظ في باب بيع صاع من الصبرة ظاهر في الكلي في المعين و اما في باب الارطال فالاشاعة

مقتضي الاستثناء فان الظاهر من اللفظ ان المستثني من سنخ المستثني منه.

و بعبارة اخري يكون الاستثناء ظاهرا في الاشاعة و ان شئت قلت حمل الكلام في الكلي في المعين يتوقف علي عدم ظهوره في الاشاعة و الحال ان الاستثناء يوجب ظهوره في الاشاعة.

و اورد عليه سيدنا الاستاد بأن الاستثناء المتصل يقتضي دخول المستثني في المستثني منه لو لا الاستثناء لا ازيد من هذا المقدار و من الظاهر انه لو لا الاستثناء لكانت الارطال داخلة في المبيع فهذا الجواب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 185

أيضا غير تام.

و يمكن الايراد علي سيدنا الاستاد بأن الظاهر من الاستثناء المتصل ما افاده المعلق فلا يرد ايراده عليه لكن يبقي الاشكال في انه ما الوجه في جواز تصرف المشتري في الثمرة بلا اذن من البائع مع ان المال المشترك لا يجوز التصرف فيه لاحد الشريكين بلا اذن من الشريك الاخر.

الجواب الخامس: للايرواني قدس سره و هو ان المستثني منه في بيع الارطال بمثابة صاع من الصبرة و بعبارة اخري ما عدا الارطال مبيع بنحو الكلي في المعين و مقتضي القاعدة ان يكون التالف محسوبا علي البائع كما هو كذلك في تلك المسألة و انما نلتزم بانه يحسب عليهما من جهة كون التلف بعد القبض و حيث ان نصيب البائع منتشر في الثمرة يحسب التالف عليهما.

و يرد عليه أولا: انه خلاف الظاهر من الجملة فان الظاهر من بيع جملة الا المقدار الكذائي تمليك الشخص الخارجي من المشتري لا تمليك الكلي.

و ثانيا انه باي مجوز يتصرف المشتري في المبيع بلا اذن من البائع.

و ثالثا: انه يلزم الاحتساب عليهما في التالف و في الباقي حتي في صورة كون التلف باتلاف المشتري

غاية الامر يصير المشتري ضامنا للبائع بمقدار حصته فهذا الجواب أيضا لا يرفع الاشكال و لا يغني عن الحق شيئا.

الجواب السادس: ما أجاب به الشيخ قدس سره و هو ان بناء الاصحاب في مسئلة الارطال اما علي عدم الاشاعة و اما عليها أما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 186

علي الاول فيكون الاشتراك عندهم يختص بالتالف الذي تلف بتلف سماوي و اما الموجود فلا اشتراك فيه و يدل عليه انهم قالوا لو اتلف المشتري شيئا من المال لا يحسب علي البائع بل يدفع نصيبه من الباقي.

و أيضا يدل علي المدعي انهم جوزوا تصرف المشتري في المال بلا استيذان من شريكه فلا فرق بين المقامين الا في احتساب التالف بالتلف السماوي عليهما و الحال ان لازم عدم الاشاعة ان يختص التلف بالمشتري و الوجه لهذه الدعوي ان ما يملكه البائع هو الكلي الشائع فيما يبقي للمشتري لا مطلق العين وقت البيع.

و لا يخفي ان الوجه الّذي ذكره يكون وجها لعدم الاحتساب لا له و قال سيدنا الاستاد علي ما في التقرير لعل شيئا سقط في العبارة و أما علي الثاني فنقول الوجه في الاشاعة ان كل واحد من البائع و المشتري مالك للكلي فالبائع مالك لكلي المستثني و المشتري مالك لكلي المستثني منه و حيث ان نسبة كل واحد منهما بالمال علي حد سواء لا وجه لترجيح احدهما علي الاخر فيحسب التلف عليهما.

و يرد عليه أولا انه لا وجه لكون المشتري مالكا للكلي فان البائع كان مالكا للخصوصيات و المفروض انه باعها من المشتري فالمشتري يصير مالكا للخصوصيات و المالك للكلي البائع.

و ثانيا انه لو لم تكن الخصوصيات مملوكة لا للبائع و لا للمشتري يلزم

إما تكون بلا مالك و إما تكون مملوكة لثالث و هل يمكن الالتزام به؟

و ثالثا: انه لا وجه لجواز تصرف المشتري في المال بلا اذن من الشريك.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 187

و رابعا: ان التلف يلزم ان يحسب عليهما و لو باتلاف المشتري غاية الامر يصير المشتري ضامنا بالاتلاف فهذا الجواب أيضا لا يرفع الاشكال.

و لعله قدس سره اشار الي الاشكال بقوله فتأمل. و لقد اجاد قدس سره حيث اعترف بالحق و عدم اتيانه بما يكون وافيا لدفع الاشكال و او كل الامر الي غيره.

الجواب السابع ما افاده الميرزا النائيني و هو ان المستثني في مسئلة الارطال كلي كما ان الصاع في مسئلة بيع صاع من الصيرة كلي و لا وجه للاشاعة في كلا المقامين غاية الامر ان المشتري في بيع الصاع مالك لنفس الكلي و لا يملك الخصوصية.

و أما البائع في مسئلة الارطال مالك للكلي مع الخصوصية فلا وجه لاحتساب التالف علي خصوص المشتري بل يحسب عليهما و حيث ان البائع مالك للكلي ان المشتري لو اتلف مقدارا من الثمرة يدفع حق البائع من الباقي لان حقه لا يكون مشاعا مع حق المشتري فيرتفع اشكال جواز التصرف في المال من ناحية المشتري لعدم الاشاعة و علي فرض تحقق الاشاعة بعد العقد بلحاظ كون جميع المال بيد البائع نقول جواز تصرف المشتري في المال بلحاظ الشرط الضمني المقتضي للتصرف.

و بعبارة اخري اختيار تعيين المستثني في مسئلة الارطال بيد المشتري فان المشتري في تلك المسألة كالبائع في مسئلة بيع الصاع فاذا اتلف من الثمرة شيئا فمثل ان يبيع منها شيئا فبتصرفه يعين حق البائع في غير التالف.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3،

ص: 188

و يرد عليه ان البائع الذي يكون مالكا للخصوصيات اما مالك لجميع الخصوصيات و اما مالك لبعضها اما علي الاول فيلزم ان يكون المشتري مالكا كالمشتري في مسئلة بيع الصاع فلا وجه لاحتساب التالف عليهما و لا وجه لجواز تصرف المشتري في الثمرة اعم من أن تحقق الاشاعة بالقبض او لا تحقق و جواز تصرفه بالشرط الضمني كما في كلامه باي وجه و باي دليل و ما الفرق بين الموردين و باي مستند فصل بين الموردين بالتفصيل المذكور.

و أما ان لم يكن مالكا لجميع الخصوصيات بل مالك لبعضها فنسأل الخصوصيات التي لا تكون مملوكة للبائع هل تكون لثالث أو بلا مالك و الحال انه لا يمكن الالتزام بما ذكر و ان كانت مملوكة للمشتري فاما علي نحو الاشاعة و اما لا، اما علي الاول فيلزم الاحتساب عليهما.

و أما علي الثاني فباي نحو و عليه ما المائز بين المملوكين مضافا الي انه باي دليل ان التلف اذا كان باتلاف المشتري يحسب عليه لا عليهما و الحال ان مقتضي الاشاعة الاحتساب عليهما.

الجواب الثامن: ما أفاده سيدنا الاستاد قدس سره و هو ان العقد تارة يتعلق بالكسر المشاع كما لو تعلق البيع بثلث الدار و اخري يتعلق بالكسر بنحو الكلي في المعين و هذا يتصور بنحوين:

احدهما: الكلي المضاف الي الخارج علي نحو القضية الخارجية.

ثانيهما: الكلي المضاف الي الخارج علي نحو القضية الحقيقية.

فتارة يوصي زيد بثلث داره لبكر فيكون البكر شريكا مع الورثة في الثلث و تكون النتيجة الاشاعة و الاشتراك في كل جزء و اخري يوصي بالثلث علي نحو الكلي في المعين كما لو اوصي بالثلث الكلي من

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 189

الدار الفلانية

ففي الصورة الأولي يكون التلف محسوبا عليهما بالنسبة و في الصورة الثانية يحسب التالف علي الوارث فقط.

و ثالثة يوصي بالثلث علي نحو القضية الحقيقية اي ايّ مقدار بقي للورثة يكون ثلثه لفلان ففي هذه الصورة يحسب التالف عليهما بالنسبة.

اذا عرفت هذه المقدمة نقول: اذا قال البائع للمشتري بعتك ثمرة هذه الشجرات إلا عشرة ارطال يكون لفظ ارطال اشارة و عنوانا للعشر مثلا فيما يكون الثمرة مائة رطل مثلا فيكون البائع مالكا للكسر الكلي في المعين و لكن علي نحو القضية الحقيقية و يترتب عليه ان المشتري يجوز له التصرف في الثمرة لانها مملوكة له بشخصها.

و أيضا يترتب عليه ان التلف لو كان بآفة سماوية او باتلاف غاصب يحسب عليهما بالنسبة و اما لو كان التلف باتلاف المشتري لا يحسب علي البائع لان اتلاف المشتري بمنزلة تعيين حصة البائع في الباقي.

و يرد عليه أولا: ان ما افاده خلاف ظاهر اللفظ فان إرادة الكسر من لفظ الرطل يحتاج الي القرينة و لا قرينة علي هذه الإرادة فلا وجه لهذه الدعوي.

و ثانيا ان الظاهر من الاستثناء الاشاعة و الحمل علي الكلي في المعين خلاف الظاهر.

و ثالثا ان اتلاف المشتري بمنزلة تعيين حق البائع في الباقي يحتاج الي توجه المشتري الي هذه الجهة و اما لو اتلف غفلة او جهلا بالموضوع و امثالهما فلا وجه لما افاد فلا يرتفع الاشكال بجوابه أيضا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 190

اذا عرفت ما تقدم فاعلم انه لا وجه للقياس بين المقام و مسئلة الارطال فان الظاهر من اللفظ في المقام الكلي في المعين و أما الظاهر من اللفظ في تلك المسألة الاشاعة فانها مقتضي الاستثناء و يترتب عليه عدم جواز

تصرف المشتري في الثمرة و التالف علي كليهما و نلتزم بهذا اللازم الا ان يقوم اجماع تعبدي كاشف عن الحكم الشرعي و لكن هذا مجرد فرض و خيال و اللّه العالم بحقائق الامور و عليه التوكل و التكلان.

«قوله قدس سره: فان كانت معلومة صح بيعها اجمع»

اذ لا وجه للفساد فانه لا جهل و لا غرر و لا جزاف فالمقتضي للصحة موجود و المانع عنها مفقود فيصح البيع في الصورة الأولي بلا اشكال.

«قوله قدس سره: و بيع جزء منها معلوم مشاع»

الكلام فيه هو الكلام طابق النعل بالنعل فلاحظ.

«قوله قدس سره: و بيع مقدار كقفيز تشمل عليه»

الخ بعين التقريب المتقدم في القسم الأول و الثاني.

«قوله قدس سره: و بيعها كل قفيز بكذا»

الخ بعين البيان الذي تقدم في الصورة المتقدمة بلا فرق.

«قوله قدس سره: لا بيع كل قفيز منها بكذا»

الخ.

لعل الوجه في البطلان في الصورة المفروضة ان المشتري لا يعلم ان البائع أي مقدار يبيع و أي مقدار يبقي لنفسه فالمبيع مجهول و بيع المجهول غير جائز و الظاهر انه لا وجه للبطلان اذ لا يكون مثله معنونا بعنوان الجزاف فلا يكون فاسدا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 191

و ببيان واضح انه لا دليل علي كون مجرد الجهل بمقدار المبيع موجبا للبطلان و بتعبير اوضح ان البطلان اما من ناحية الغرر كما يقولون و لا غرر في المقام و لا خطر و اما من ناحية الجزاف و لا جزاف كما هو المفروض و اما من ناحية ان المكيل و الموزون لا بدّ من ان يكال أو يوزن و الحال ان الامر كذلك فلا وجه لعدم الصحة.

«قوله قدس سره: و المجهولة كلها باطلة الا الثالث»

الخ أما الصورة

الأولي فالوجه للفساد كون المقدار مجهولا و بنائهم علي الفساد في مورد الجهل بالمقدار في المكيل و الموزون و من هذا البيان ظهر وجه الفساد في الصورة الثانية.

و اما الصورة الثالثة فلا وجه للفساد اذ مقدار المبيع معلوم فلا مانع عن الصحة بوجه هذا فيما يعلم كون الصبرة مشتملة علي المقدار المبيع.

و أما مع الجهل بالاشتمال فوقع الكلام بينهم في الصحة و الفساد و الحق انه صحيح لعدم ما يوجب الغرر و الجزاف.

و ان شئت قلت تارة يبيع البائع قفيزين من الصبرة مع الشك في الاشتمال بمعني انه يقع البيع في مقابل العين الخارجية علي الاطلاق و اخري يبيع كل قفيز بدينار مثلا و نصف القفيز بنصف دينار و هكذا اما علي الاول فربما يكون غرريا و خطريا و اما علي الثاني فلا غرر و لا جزاف غاية ما في الباب ان يتحقق خيار تبعض الصفقة.

و لا يخفي انا لا ندّعي ان الخيار يرفع الغرر كي يقال الخيار انما يترتب علي العقد الصحيح فلو توقف صحة العقد علي الخيار

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 192

لزم الدور بل ندعي ان العقد بالنحو الذي ذكرنا لا يكون غرريا.

و حيث انجر الكلام الي هنا ننبه بنكتة و هي ان الخيار علي قسمين فان الخيار تارة خيار عقلائي أمضاه الشرع و اخري يكون الخيار خيارا شرعيا و بحكم الشارع. اما اذا كان بحكم الشارع فلا يمكن ان يكون رافعا للغرر لاشكال الدور الذي ذكرناه و اما ان كان عقلائيا فيمكن ان يقال ان البيع الخياري العقلائي لا غرر فيه و حيث انه لا غرر فيه يكون صحيحا شرعا بلا اشكال فلاحظ و اغتنم.

«قوله قدس سره: ان الغرر

ان ثبت حال البيع لم ينفع تبين الاشتمال»

الخ فان الشي ء لا ينقلب عمّا هو عليه و بعبارة واضحة اذا لم يكن البيع عند حدوثه غرريا فلا وجه لتعين فساده و ان كان غرريا فلا مقتضي لصحته من اوّل الامر اللهم الا ان يكون المراد ان المبيع اذا كان مجهول الوجود يمكن ايقاع العقد عليه علي نحو التعليق فان التعليق علي الوجود لا يفسد العقد لانه تعليق علي ما يتوقف صحة العقد عليه مثلا لو قال زيد بعتك هذا الكتاب ان كان مملوكا لي لا يبطل البيع بالتعليق اذ يتوقف صحة البيع علي كون المبيع مملوكا للمالك.

«قوله قدس سره: و فيه نظر»

الظاهر ان وجه النظر الجهل بالمقدار و قد ذكرنا انه لا دليل علي كون مجرد الجهل بالمقدار موجبا للفساد بعد فرض عدم الغرر و الجزاف فالحق هي الصحة في الصورة المفروضة و عليه يكون القسم الرابع يصح بيعه لتمامية المقتضي و عدم المانع فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 193

[مسألة إذا شاهد عينا في زمان سابق علي العقد عليها]
اشارة

«قوله قدس سره: اذا شاهد عينا في زمان سابق علي العقد عليها»

الخ.

تارة يكون بقاء الصفات معلوما أو موثوقا به و اخري تغير تلك الصفات معلوم أو موثوق به و ثالثة يشك في بقائها و عدمه اما الصورة الأولي فلا اشكال في جواز البيع لوجود المقتضي و عدم المانع.

و أما الصورة الثانية فلا يجوز البيع لاجل الغرر علي ما هو المقرر عندهم و اما الصورة الثالثة و هي صورة الشك فهل يجوز جريان استصحاب بقاء العين علي تلك الصفات المشاهدة سابقا أم لا؟

ربما يقال كما في كلام الشيخ قدس سره بان الاستصحاب يجري بتقريب انه قد ثبت في الاصول قيام الاستصحاب مقام القطع الطريقي

المحض و القطع المأخوذ في الموضوع علي نحو الطريقية و عليه لا مانع عن جريانه لان العلم بالواقع في المقام مأخوذ بالنسبة الي جواز البيع علي نحو الطريقية.

و يرد عليه ان التقريب المذكور و ان كان تاما لكن يشكل جريان الاستصحاب من ناحية اخري و هي ان المانع علي مسلك القوم لزوم الغرر و الخطر و لا يترتب عدم الغرر علي الاستصحاب الا علي التقريب الاثباتي الذي لا نقول به و عليه يشكل جريانه.

و بعبارة واضحة تارة نقول الموضوع لفساد البيع الشك في بقاء الصفة و اخري نقول بان الموضوع للفساد كون العقد غرريا اما علي التقدير الاول فيجري الاستصحاب اذ الاستصحاب يقوم مقام القطع الطريقي و المأخوذ في الموضوع علي نحو الطريقية.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 194

و أما علي التقدير الثاني فلا يجري اذ لا يترتب علي جريانه ارتفاع الخطر و الغرر تكوينا الا علي القول بالاثبات.

و ببيان اوضح نقول اذا كان الموضوع للصحة احراز كون العين واجدة للصفة الكذائية يجري الاستصحاب بلا اشكال و اما اذا كان المانع عن الصحة كون العقد خطريا فلا يجري و لا اشكال في ان مجرد طريق تعبدي الي كون العين واجدة للصفة لا يرفع الغرر فان الغرر عبارة عن الخطر و هو وجداني.

«قوله قدس سره: فان بلغت قوة الظن»

الظاهر أنه يصير التغير مورد الاطمينان فيكون كالقسم الاول في عدم جواز بيعه

«قوله قدس سره: و الا جاز مع ذكر تلك الصفات»

الخ لا ادري ما المراد من الجملة المذكورة فان الاصل اذا كان جاريا في حد نفسه كما هو كذلك علي مسلكه فلا تكون الامارة علي الخلاف مانعة عن جريانه اذ غاية ما في الباب ان

يحصل الظن بخلاف الحالة السابقة و قد قرر في محله جريان الاستصحاب و لو مع الظن بخلاف الحالة السابقة.

«قوله قدس سره: لانه لا ينقص عن الغائب الموصوف»

الخ اي يجوز بيع الغائب الموصوف بالوصف المذكور و الامر كما افاده لان البيع مع ذكر الوصف تارة يكون بعنوان الاشارة الي ذلك الفرد بلا دخل للصفة و اخري بعنوان التعليق علي تلك الصفة و ثالثة بعنوان البناء علي الوصف و الالتزام بالخيار عند التخلف.

أما الصورة الأولي فباطلة لفرض الغرر علي ما هو المقرر عندهم و اما الصورة الثانية فأيضا باطلة لبطلان العقد التعليقي و اما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 195

الصورة الثالثة فلا وجه لبطلانها بل مقتضي القاعدة الصحة لا يقال تصحيح العقد بالخيار دوري.

قلت: قد مرّ الاشكال المذكور مع جوابه و قلنا الخيار علي قسمين عقلائي و شرعي و رفع الغرر بالخيار العقلائي و الحكم عليه بالصحة شرعا لا يكون دوريا.

ان قلت: الشرط ما دام لم يذكر في متن العقد لا اثر له فلا وجه للصحة و البناء علي بقاء تلك الصفات لا اثر له.

قلت قد يكون المقدر كالمذكور في المحاورات العرفية العقلائية و بعبارة اخري الشرط قد لا يكون مقوما للعقد كالشروط الخارجية كما لو اشترط خياطة ثوب و امثالها و اخري يكون مقوما لصحة العقد كما فيما نحن فيه.

أما القسم الأول فلا بد من ذكره اذ بدونه يصح العقد و لا يكون مقوما له و اما القسم الثاني فلا يحتاج الي ذكره فان بناء العقد عليه و بدونه لا يكون العقد صحيحا فيكون في قوة الذكر ان قلت اذا تخلف الوصف المبني عليه العقد فاما يكون عدم نقضه وفاء بالعقد و اما لا

يكون اما علي الاول فلا خيار و اما علي الثاني فيكون العقد باطلا لانتفاء المشروط بانتفاء شرطه. قلت لا يكون الثمن واقعا في مقابل الوصف كي يكون تخلف الوصف موجبا للبطلان بل الثمن واقع في مقابل العين و الوفاء معلق علي الوصف و الخيار معلق علي تخلفه فالعقد صحيح مع ثبوت الخيار.

«قوله قدس سره: لقاعدة الضرر»

الخ الصحيح الاستدلال علي الخيار بتخلف الشرط و اما الاستدلال

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 196

بقاعدة لا ضرر علي الخيار فليس تاما اذ الضرر يتحقق بنفس العقد و الخيار لا يوجب نفي الضرر بل اعمال الخيار جبران للضرر الوارد بالعقد و دليل لا ضرر غير متكفل للجبران.

و ان شئت قلت مفاده النفي لا الاثبات فلا مجال للاستدلال علي الخيار بالقاعدة مضافا الي ان قاعدة لا ضرر علي مسلكنا تدل علي النهي لا النفي كما هو المشهور بين القوم.

و حيث انجر الكلام الي هنا ننبه بنكتة و هي ان قاعدة لا ضرر علي مسلكنا نهي عن الاضرار لا نفي للضرر فلا يتوجه علينا اشكال و اما علي مسلك القوم من ان مفادها نفي الحكم الضرري في الشريعة فيلزم عليهم الالتزام بجملة من اللوازم التي لا يلتزمون بها.

منها: ان البيع اذا كان ضرريا لاحد المتعاقدين يلزم القول ببطلان العقد للضرر و هل يلتزمون به و منها: انه لو وقعت قطرة بول في حوض مملو من الزيت المائع يلزم ان نقول بعدم انفعاله اذ لو تنجس يتضرر مالكه.

و منها: انه لو فرض ان امرأة تزوجت جاهلة مع رجل شارب الخمر قطاع الطريق متجاهر بانواع الفسق و الفجور بحيث يكون الازدواج معه ضررا بالنسبة الي الزوجة يلزم ان نقول بفساد الازدواج المذكور

و هكذا و هل يمكن الالتزام بهذه اللوازم و اما نحن فلا ترد علينا هذه النقوض و الايرادات.

ان قلت: في قاعدة لا ضرر فرق بين مسلك المشهور و المسلك الاخر و اما في قاعدة لا حرج فلا اختلاف في مفادها و هل تسلم تلك القاعدة من الايرادات المذكورة.

قلت: نعم لا مجال لهذه الايرادات في مفاد تلك القاعدة فان مفاد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 197

قاعدة لا حرج رفع التكاليف الحرجية فكل تكليف حرجي يرتفع عن المكلف بالحرج و لا تشمل القاعدة الاحكام الوضعية ففرق بين القاعدتين.

و بعبارة واضحة: المستفاد من قاعدة لا حرج رفع كل حكم تكليفي حرجي فاذا كان حكم الشارع بمشروعية الازدواج الموقت حرجيا بالنسبة الي شخص لا يستفاد من القاعدة رفع الحكم المذكور و هكذا و تفصيل الكلام موكول الي مجال آخر.

«قوله قدس سره: تقديم قول المشتري»

الخ

[الاستدلال في تقديم قول المشتري لو اختلفا في تغير العين عن صفتها و عدمه]
اشارة

وقع الخلاف بين القوم في انه لو اختلف البائع و المشتري في تغير العين عن صفتها و عدمه بان ادعي المشتري التغير و انكره البائع، ان قول ايهما يقدم و قد ذكرت وجوه لتقديم قول المشتري.

الوجه الأول: ان المشتري هو الذي ينتزع عن يده الثمن

و لا وجه للانتزاع الا مع اعترافه و مع عدم اعترافه تكون يده أمارة كون ما في يده مملوكا له فلا بد من قيام بينة علي الخلاف.

و يرد عليه ان المشتري معترف بتحقق العقد و صيرورة العين مملوكة للبائع و ان الثمن له غاية الامر يدعي الخيار و الاصل عدمه فان الخيار مسبب عن تغير العين و الاصل عدم التغير بل ليس للمشتري حبس الثمن حتي مع الخيار اذ المفروض ان الثمن مملوك للبائع و لا وجه لحبس مال الغير.

[الوجه الثاني لأن البائع يدعي علمه بالمبيع]

«قوله قدس سره: و لان البائع يدعي علمه بالمبيع»

الخ هذا هو الوجه الثاني الّذي ذكر في وجه تقديم قول المشتري فان البائع يدعي ان المشتري كان عالما بكون العين موصوفة بهذا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 198

الوصف الموجود، فلا خيار له و الاصل عدم علم المشتري به.

و أورد الشيخ أولا بان الاصل المذكور معارض باصالة عدم علمه بوصف آخر كي يثبت له الخيار عند التخلف.

و ثانيا: بان الشك في كون تعلق علم المشتري بالوصف الموجود أو بغيره مسبب عن تغير وصف العين و الاصل عدم تغيره فلا خيار له و في كلا الجوابين اشكال.

أما جوابه الاول فيرد عليه ان عدم علمه بالوصف الاخر لا يترتب عليه عدم الخيار فان الخيار مترتب علي الاشتراط و عدمه مترتب علي عدم التخلف و ترتب عدم تخلف الوصف علي الاصل المذكور عقلي لا شرعي فالاصل المذكور مثبت فلا اعتبار به. و اما جوابه الثاني فيرد عليه ان تقدم الاصل السببي علي الاصل المسببي متوقف علي كون التسبب شرعيا و الا فلا اثر له و ترتب عدم تعلق علم المشتري بغير الوصف الموجود علي عدم التغير لا يكون

شرعيا بل عقليا.

فالحق في الجواب عن الوجه الثاني أن يقال ان المشتري يدعي ان له الخيار و الاصل عدمه فان الخيار امر حادث و قد شك فيه و الاصل عدم حدوثه.

[الوجه الثالث لأن الأصل عدم وصول حقه إليه]

«قوله قدس سره: و لان الاصل عدم وصول حقه إليه»

الخ هذا هو الوجه الثالث الذي ذكر في مقام الاستدلال علي ان القول قول المشتري و يرد عليه: انه ما المراد من الحق فان العين صارت مملوكة له بالعقد و المفروض وصولها بيده و اما الخيار فمشكوك و الاصل عدمه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 199

«قوله قدس سره: أو انها مأخوذة في نفس المعقود عليه بحيث يكون المعقود عليه هو الشي ء المقيد»

الخ المبني فاسد فانه يستلزم التعليق الذي يبطل العقد نعم العناوين الذاتية التي تكون صور نوعية للاعيان و ان كانت كذلك بحسب نظر العرف تكون معلقا عليها و اذا تبين الخلاف يكون العقد فاسدا و لذا لو باع جسما بعنوان كونه عبدا حبشيا فبان انه حمار وحشي يكون البيع باطلا.

و أما العناوين العرضية و الاوصاف الطارية فلا يجوز تعليق العقد عليها بل غايته ثبوت الخيار عند تخلفها.

و بعبارة واضحة ان البيع اما يقع علي الكلي و اما يقع علي الجزئي الخارجي كما هو ظاهر عنوان الفرع اما علي الاول فيكون تقييد المبيع بالوصف الفلاني قابلا فاذا ادعي المشتري ان المبيع الحنطة العراقية و قال البائع بل كان حنطة شامية يكون النزاع داخلا تحت عنوان التداعي اذ كل من القولين خلاف الاصل و اما اذا قال المشتري كان حنطة عراقية و انكر البائع و قال لم يكن مقيدا بقيد بل كان مطلقا فربما يقال ان النزاع داخل في التداعي اذ كما ان التقييد

يحتاج الي اللحاظ كذلك الاطلاق يحتاج إليه غاية الامر الملحوظ في التقييد لحاظ الموضوع مقيدا و في الاطلاق يكون الموضوع ملحوظا مطلقا.

و لكن الحق ان النزاع داخل في عنوان المدعي و المنكر اذ الاطلاق و ان كان عبارة في مقام الثبوت عن رفض القيد فيكون تقابله مع التقييد تقابل الضدين لكن تقابلها في مقام الاثبات تقابل العدم و الملكة فان المولي لو كان في مقام البيان و لم يذكر قرينة علي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 200

التقييد يستفاد من كلامه الاطلاق فالنزاع يرجع الي دعوي ذكر القيد في مقام الاثبات و انكاره هذا تمام الكلام فيما يكون المبيع كليا.

و أما اذا كان شخصيا فلا مجال للتعليق و لا للتقييد اذ التعليق مبطل للعقد و التقييد محال في الجزئي الخارجي بل الامر منحصر في اشتراط الخيار عند تخلف الوصف و الاصل عدم جعله و عدم تحققه اي مقتضي الاصل الموضوعي و الحكمي عدم الخيار.

و لا يخفي ان الخيار انما ينشأ من الاشتراط الضمني بتقريب ان البيع اذا وقع علي عين بشرط الوصف الفلاني كما لو باع عبدا بشرط الكتابة معناه ان المشتري يشترط علي البائع الخيار في صورة التخلف و ظاهر ان جعل الخيار امر جائز في الشريعة و السيرة جارية عليه و تفصيل الكلام في باب الخيار و الشرط فانتظر.

«قوله قدس سره: لكنه ليس شيئا مستقلا»

الخ بل الحق انه شي ء مستقل اذ كما مر قريبا لا يعقل تقييد الجزئي الخارجي فمرجع الاشتراط و التقييد في الجزئي الخارجي الي اشتراط الخيار بان يجعل الشارط لنفسه الخيار عند التخلف و الاصل عدمه فالقول قول البائع.

«قوله قدس سره: فحينئذ يرجع النزاع الي وقوع العقد علي ما

ينطبق علي الشي ء الموجود»

الخ لا مجال لهذا البيان لان وقوع العقد علي العين الخارجية مفروض الوجود و لا ريب فيه انما الكلام في ثبوت الخيار و عدمه مضافا الي ان التقييد في الجزئي الخارجي غير معقول و الكلام في بيع عين شخصية لا في بيع الكلي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 201

«قوله قدس سره: و دعوي معارضته باصالة عدم وقوع العقد علي العين المقيدة»

الخ بعد بيان تقريب كون الاصل مع المشتري يقول لا يعارض الاصل المذكور عدم جريان اصالة عدم وقوع العقد علي المقيد اذ اثبات الاطلاق باصالة عدم التقييد يتوقف علي القول بالمثبت الذي لا نقول به.

«قوله قدس سره: ليثبت الجواز»

الخ الظاهر ان مراده من الجواز الذي تكرر ذكره مضي العقد و تماميته لا الجواز في مقابل اللزوم اذ الاصل المفيد للبائع اصالة اللزوم بحيث لا يمكن للمشتري الفسخ فلاحظ.

«قوله قدس سره: و بما ذكرنا ظهر فساد التمسك باصالة اللزوم»

الخ فان مقتضي قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» لزوم كل عقد الا ما جعل فيه الخيار و حيث ان الخيار ثابت علي ما رامه لا تصل النوبة الي اصالة اللزوم. و فيه انه قد ظهر مما ذكرنا ان مقتضي الاصل عدم الخيار و عدم الاشتراط فالمرجع اصالة اللزوم المستفادة من دليل وجوب الوفاء.

و لا يخفي ان دليل اللزوم منحصر بقوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و لا يستفاد اللزوم من غيره و تحقيق الكلام من هذه الجهة موكول الي مجال آخر.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 202

«قوله قدس سره: فانا نقول الاصل عدم تعلق العقد بهذا الموجود»

الخ قد ظهر مما تقدم انه لا مجال لهذا الاصل اذ المفروض ان المبيع جزئي لا كلي و

من ناحية اخري قلنا ان التعليق يوجب بطلان العقد و من ناحية ثالثة ذكرنا ان الجزئي الخارجي غير قابل للتقييد فلا اشكال في تعلق العقد بهذا الموجود و انما الشك في جعل الخيار علي فرض فقدان المبيع للوصف الفلاني و الاصل عدمه فالاصل موافق مع البائع المنكر للخيار فلاحظ.

«قوله قدس سره: لكنه غير جار»

الخ بل جار فانه قد ثبت في الاصول جريان الاصل في الاعدام الازلية فنقول البائع قبل العقد علي هذا الموجود لم يقيد أو لم يجعل الخيار في بيعه للمشتري و الاصل بقائه فلا يكون خيار للمشتري كما انه بهذا التقريب يجري الاصل في عدم الكرية للماء الذي وجد في الحوض دفعة فانه يجري فيه اصل عدم الكرية.

بتقريب ان الماء الموجود دفعة في الحوض قبل وجوده لم يكن كرا و الآن كما كان و بعبارة واضحة نقول الاصل عدم كون الماء الموجود كرا فانه قبل أن يوجد لم يكن كرا و الاصل بقائه علي العدم المذكور.

«قوله قدس سره: فالاصل عدم دفع العوض»

الخ لا مجال لهذا الاصل كما تقدم منا اذ لا اشكال في ان مملوك المشتري وصل إليه انما الشك في شرط الخيار و الاصل عدمه فالقول قول البائع.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 203

«قوله قدس سره: هو عدم كون العين الخارجية منطبقة علي ما وقع العقد عليه»

الخ هذا مجرد فرض و خيال و لا يتصور في المقام اذ المفروض انه لا خلاف و لا نزاع في ان العقد وقع علي العين الخارجية الواصلة الي يد المشتري و انما النزاع في الاشتراط و عدمه.

«قوله قدس سره: فمقتضي ما ذكرنا في طرف المشتري تقديم قول البائع»

الخ بل الحق انه في هذه الصورة

ينعكس الامر و يكون القول قول المشتري اذ لا اشكال في وقوع العقد علي العين الخارجية و الاصل عدم الخيار للبائع.

«قوله قدس سره: تعارض كل من اصالة عدم تقدم البيع و التغير»

الخ الظاهر انه لا يترتب علي الاصلين المذكورين اثر الا علي القول بالاثبات الذي لا نقول به فان الخيار مترتب علي تخلف الوصف لا علي تأخر البيع عن التغير و كذلك عدم الخيار لا يترتب علي تقدم البيع علي التغيّر و بعبارة اخري النزاع في وجود الخيار و عدمه أو في سبب الخيار و عدمه و القول قول منكره فهذا الفرع عين الفرع الاول من حيث النتيجة.

و لقائل ان يقول ان الخيار يترتب علي تغيّر المبيع بالنسبة الي ما قبل البيع اذ الخيار المبحوث عنه في المقام خيار تخلف الوصف مثلا لو كان المبيع سمينا يترتب الخيار علي تبدل سمنه بهزاله فاستصحاب بقائه علي سمنه و عدم طرو الهزال عليه موضوع للزوم العقد فهذا الاصل يجري و لا يعارضه استصحاب عدم تحقق البيع

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 204

الي زمان الهزال فان الاصل المذكور لا يثبت وقوع العقد علي المهزول و في زمان الهزال الاعلي القول بالاثبات.

«قوله قدس سره: و مقتضي الاصل في المقامين عدم اللزوم»

الخ بل مقتضاه في كلا المقامين اللزوم فان الخيار خلاف الاصل فالقول قول منكره و قد تقدم ان اصالة عدم وصول الحق الي المشتري لا مجال لها اذ لا اشكال في وقوع العقد علي العين و من ناحية اخري المفروض وصول العين الي يد المشتري و قس عليه حال البائع اذا كان مدعيا للخيار علي المشتري فان كل من يدعي الخيار لا بدّ له من اقامة الدليل

عليه.

«قوله قدس سره: و قد يتوهم جريان اصالة صحة البيع هنا»

الخ تارة نتمسك بالاستصحاب في الحكم بالصحة اي استصحاب بقاء العين الي زمان البيع و اخري نتمسك باصالة الصحة كما تعرض لها الماتن قدس سره اما استصحاب بقاء العين الي زمان البيع فهو معارض باستصحاب عدم تحقق البيع الي زمان التلف.

و اما اصالة الصحة فالظاهر عدم جريانها فان مدركها منحصر في السيرة و حيث انها دليل لبّي لا اطلاق فيه فلا بد من احراز كون البائع له ان يبيع و مع الشك في وجود المبيع نشك في هذه الشأنية فلا تجري اصالة الصحة فتصل النوبة الي استصحاب بقاء المثمن في ملك المشتري.

«قوله قدس سره: حيث تمسك باصالة صحة الرجوع»

الخ الظاهر انه لا مجال للاصل المذكور اذ الرجوع بعد البيع لغو و انما تجري اصالة الصحة فيما يمكن للشخص ايقاع الامر الفلاني و يشك

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 205

في صحته و فساده و اما مع الشك في اصل الامكان فلا مجال لها لعدم الدليل عليه.

«قوله قدس سره: اذا باع بلا ثمن»

الخ الظاهر انه لا يتصور البيع بلا ثمن بلا فرق بين الشرع و العرف فلاحظ.

[مسألة لا بد من اختبار الطعم و اللون و الرائحة فيما تختلف قيمته باعتبار ذلك]

«قوله قدس سره: مسئلة لا بدّ من اختبار الطعم و اللون و الرائحة» الخ

لو قلنا بان الغرر لا يفسد البيع لا يكون مجال لهذا البحث اذ غاية ما في الباب لزوم الغرر بدون الاختبار و المفروض عدم كون الغرر موجبا للفساد و اما علي القول بالاشتراط فتارة لا دخل للصفة في زيادة قيمة العين و اخري لها دخل فيها.

اما علي الاول فلا يضر الجهل بوجود الصفة اذ المفروض انه لا دخل لها و اما علي الثاني فيكفي لرفع

الغرر و الخطر توصيف العين بوصف كذائي و بناء البيع عليه و اشتراط الخيار عند التخلف فانه يرتفع الخطر و اشكال الدور قد اجبنا عنه سابقا فراجع.

و لكن هذا التقريب انما يتم فيما يكون للوصف انضباط قابل للبيان و اما ما لا انضباط فيه كالعطور و امثالها فانه لا انضباط لكيفية الرائحة فلا بد من الاختيار.

و لكن في المقام شبهة و هو انه ما المانع عن الصحة لو بيع مع اشتراط الخيار اذا انكشف عدم كون العين علي الوصف الفلاني اذ المانع المتصور هو الغرر و هو يرتفع بالخيار فالظاهر عدم وجه للمنع و صفوة القول ان الخيار يرفع الغرر و الخطر.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 206

«قوله قدس سره: بناء علي اصالة الصحة»

الظاهر انه لا اساس للاصل المذكور الا الاستصحاب و عدم كون المبيع معيبا علي نحو استصحاب العدم الازلي بان نقول هذه العين قبل وجودها لم تكن معيوبة و الآن كما كانت و اما استصحاب السلامة فلا مجال لجريانه الا فيما كانت العين بعد وجودها سالمة و صحيحة فيجري استصحاب الصحة فيها.

و كيف كان لا اثر للاستصحاب اذ قد مر منا ان استصحاب الصحة أو عدم العيب أو غيرهما لا يرفع الغرر فلا مصحح للبيع مع الشك في الصحة الا اشتراط الخيار عند انكشاف كون العين معيبة.

فالنتيجة انه لا دليل علي وجوب الاختبار و اما حديث محمد بن العيص قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ما يذاق يذوقه قبل ان يشتري؟ قال: نعم فليذقه و لا يذوقن ما لا يشتري «1».

فلا يكون في مقام بيان هذه الجهة بل في مقام بيان جواز الذوق تكليفا عند إرادة الاشتراء

و عدم جوازه عند عدمه مضافا الي عدم اعتبار سنده.

و اما حديث عبد الاعلي بن اعين قال نبئت عن أبي جعفر عليه السلام انه كره شراء ما لم تره «2». فلا اعتبار بسنده مضافا الي الخدش في دلالته فلاحظ.

فانقدح بما تقدم ان المبيع اعم من ان يكون غائبا أو حاضرا و يمكن مشاهدته يجوز ان يباع بالمشاهدة و بالوصف بل و لو مع عدم

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب عقد البيع و شروط الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 207

الوصف و عدم ذكره في زمان البيع و لكن القرينة قائمة علي ان المشتري في مقام اشتراء العبد الكاتب مثلا فان اشتراط الخيار الارتكازي يكفي للصحة و رفع الغرر.

«قوله قدس سره: كان البيع باطلا و المتبايعان فيها بالخيار»

الخ يرد عليه أولا: انه لا وجه للبطلان بل البيع صحيح غاية الامر عند انكشاف الواقع و كون المبيع علي ما اشترط فيه و لو ارتكازا يقتضي الخيار و ثانيا ان ما افاده جمع بين المتنافيين فان البيع اذا كان فاسدا كيف يتصور فيه الخيار.

«قوله قدس سره: الا بشرط الصحة و البراءة من العيب»

الظاهر ان العطف تفسيري اي البائع يبرأ العين من العيب لا انه يبرأ نفسه عن الالتزام بكونها سليمة عن العيب فان البراءة بهذا المعني لا يكون شرطا للصحة و لا تكون رافعة للغرر ان لم تكن مؤكدة له و اذا فرض البراءة بمعني عدم الالتزام و عدم اشتراط الخيار و جعل البيع لازما فهل يكون البيع صحيحا أم لا؟

لا بدّ من التفصيل بان نقول: تارة لا يكون في الاقدام في مثل العقد المذكور غرر بان يعلم المشتري انه يصل

إليه ما يقابل بما يدفعه فاذا كان كذلك يكون العقد جائزا اذ لا يكون العقد غرريا و لا جزافا و اخري يكون العقد غرريا فيكون باطلا علي ما قرر عندهم من كون الغرر يوجب الفساد.

«قوله قدس سره: سواء شرط احدهما أو خلي عنهما أو شرط العيب»

الخ قد ظهر مما ذكرنا ان العطف تفسيري كما هو مقتضي العطف

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 208

بالواو و أما اشتراط العيب فالظاهر جعل عنوان المبيع معيبا و الظاهر صحة العقد في هذه الصورة اذ لا غرر و الظاهر انه يثبت الخيار للبائع عند انكشاف كون المبيع سالما عن العيب.

«قوله قدس سره: الا فيما اذا كان الشك في طرو المفسد»

الخ قد تقدم منا ان الاستصحاب لا اثر له و لا يرفع الغرر بلا فرق بين احراز السلامة سابقا و يكون الشك في عروض الفساد و ان يكون الشك في سلامته فانا قلنا ان الاستصحاب يجري و مقتضاه عدم كون العين معيبة لكن بالاستصحاب لا يرتفع الخطر فيكون البيع باطلا.

[مسألة يجوز ابتياع ما يفسده الاختبار بدون الاختبار]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة يجوز ابتياع ما يفسده الاختبار بدون الاختبار»

الخ في هذه المسألة فروع:

الفرع الأول: ان الماتن أفاد ان ما يفسده الاختبار يجوز بيعه بلا اختبار اجماعا

و هذا الاجماع هل يمكن الاستناد إليه مع احتمال كونه مدركيا و الذي يهون الخطب ان جواز البيع مع التوصيف جائز لارتفاع الخطر لاجل الخيار المشترط فيه صريحا أو ضمنيا فلا اشكال.

الفرع الثاني: انه افاد الماتن بانه يكفي الاعتماد علي اصالة السلامة.

و فيه انه قد تقدم منه و منا ان اصالة السلامة لا دليل عليها و قلنا ان استصحاب عدم العيب أو استصحاب السلامة لا يفيد في ارتفاع الغرر الاعلي القول بالاثبات.

الفرع الثالث: انه لو تبين كون المبيع فاسدا قبل التصرف فيه بالكسر و نحوه

و بعبارة اخري قبل الاختبار ان كان لفاسده قيمة دون قيمة الصحيح تخير المشتري بين الابقاء و اخذ الارش و بين

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 209

الرد علي ما قرر في باب خيار العيب من الاختيار بين الامرين.

الفرع الرابع: ان الفساد ان كان الي مرتبة لا يعد المعيب من مصاديق المبيع

فأفاد الشيخ قدس سره بانه يحتمل فساد البيع.

اقول اذا كان كذلك لا بدّ من الالتزام بالبطلان فان البيع معلق علي الصورة النوعية الكذائية و بعد انكشاف الخلاف ينكشف بطلان البيع و لذا قلنا انه لو باع جسما بعنوان غلام حبشي فانكشف انه حمار وحشي يكون البيع باطلا.

الفرع الخامس: انه لو لم يكن لفاسده مالية و قيمة

فأفاد الماتن ان البيع فاسد لانه وقع علي ما لا مالية له.

و فيه انا قد ذكرنا في محله انه لا دليل علي اعتبار المالية في المبيع فلا وجه للبطلان فمقتضي القاعدة جواز الرد و اما الارش فلا لانتفاء موضوعه.

الفرع السادس: انه لو كان انكشاف العيب بالاختبار و كانت لفاسده مالية و قيمة يجوز للمشتري أن يأخذ الارش

و اما الرد فلا يجوز اذ قد فرض انه تصرف في العين و احدث فيها حدثا و تفصيل الكلام من هذه الجهة موكول الي بحث خيار العيب.

و هل يفرق بين التصرف بمقدار الاستعلام فقط و بين الزائد عن هذا المقدار؟ ربما يقال كما عن المبسوط بعدم سقوط الرد بالاول و سقوطه بالثاني.

و لكن الظاهر انه لا وجه لهذا التفصيل فان مقتضي اطلاق دليل سقوط خيار الرد بالتصرف عدم الفرق الا ان يشترط المشتري علي البائع خيار الرد حتي بعد التصرف فان الشرط المذكور جائز.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 210

الفرع السابع: ان الارش الذي يؤخذ من البائع ما به التفاوت بين الصحيح و المعيب غير المكسور

لان الكسر نقص حصل بفعل المشتري و منه يظهر ثبوت الارش حتي فيما لا يكون لمكسوره قيمة اذ الميزان بما قبل الكسر.

الفرع الثامن: انه لو لم يكن لفاسد المبيع مالية ففيه قولان

احدهما فساد البيع من الاول ذهب إليه جماعة من الاعلام ثانيهما انفساخ البيع من حين الانكشاف ذهب إليه الشهيد في الدروس.

و الظاهر ان ما أفاده الشهيد غير تام اذ اشتراط المالية علي فرض القول به واقعي لا ذكري بل الحق هو القول الثالث و هو صحة البيع اذ قلنا لا دليل علي الاشتراط المذكور.

الفرع التاسع انه لم يكن للمعيب قيمة فأفاد الماتن انه لا ارش و لا رد

أما الأرش فلعدم موضوعه و أما الرد فلانه تلف بعد القبض فلا مجال للرد.

و أورد عليه الايرواني قدس سره بأن الخيار مقتضي الاشتراط صريحا أو ارتكازا و يرد عليه ان المستفاد من النص الخاص ان الرد يسقط بالتصرف في العين نعم يمكن رده بعد التصرف أيضا فيما يشترط الخيار حتي بعد التصرف فيجوز في الفرض فلاحظ.

الفرع العاشر: انه هل يمكن ان يقال ان العين لو كانت لها قيمة و سقطت عن المالية بالاختبار انها كانت ذا مالية

الي زمان تبين الفساد فاذا سقط عن المالية لامر سابق علي العقد و هو فساده واقعا كان في ضمان البائع و حيث ان كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه نلتزم بانفساخ العقد؟ الظاهر انه لا وجه له اذ المفروض ان سقوطها عن المالية بالكلية بفعل المشتري و لا دليل علي كون حدوث

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 211

سبب التلف في يد البائع موجبا لكون الضمان عليه.

مضافا الي أن دليل قاعدة التلف قبل القبض عليل فلا وجه للانفساخ بل العقد علي حاله و ليس للمشتري الرد حيث تصرف في العين فاذا فرض مالية للعين قبل التصرف اقل من قيمة العين الصحيحة يكون له اخذ الارش و الا فلا.

و لا وجه لما أفاده الماتن من انه علي البائع أن يدفع تمام الثمن اذ بعد عدم الالتزام بالفسخ لا وجه لما أفاده بل الامر منحصر بالارش.

لكن في المقام نكتة و هي ان مثل هذه العين الفاسدة التي تسقط عن المالية بتمام معني الكلمة بواسطة الاختبار هل يعدّ مالا؟

و هل تكون له قيمة؟

الظاهر انها لا تكون مالا في الصورة المفروضة و يدل علي ما ذكرنا ما أفاده الشيخ بقوله «و فيه وضوح كون ماليته عرفا و شرعا من حيث الظاهر» و أما اذا انكشف الفساد حكم بعدم المالية

من أول الامر فعلي هذا يكون البيع باطلا من اصله علي مسلك من يري صحة البيع متوقفة علي كون العين ذا مالية كما هو كذلك علي مذهب الشيخ.

و أما علي مسلك من يري صحة البيع و لو مع عدم مالية المبيع كما نري ان الامر كذلك فلا وجه للبطلان و لذا لا نلتزم بالفساد حتي لو قلنا بانكشاف كون المبيع ساقطا عن المالية عند البيع خلافا للشيخ حيث التزم بالفساد في الصورة المفروضة.

ثم ان الماتن افاد بان العلم بالعيب يوجب سقوط المعيب عن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 212

المالية و المفروض ان العلم بالعيب تحقق بعد قبض المشتري العين و بعبارة اخري لا يكون العلم كاشفا بل له موضوعية في تحقق العيب فليس هذا عيبا مجهولا و لو سلم فهو عيب حادث في يد المشتري كالعمي الحادث بعد القبض مستندا الي الرمد السابق و المريض يموت فان الموت حادث في يد المشتري مع استناده الي المرض السابق.

ثم قال ان فوات المالية يعد تلفا لا عيبا فلا موضوع للانفساخ و لا للرد و لا للارش.

و ما افاده يرتكز علي عدة امور. الأمر الأول: العلم بالعيب موضوع و بنفسه له موضوعية و لا يكون كاشفا.

و ليس علي ما أفاده دليل فان العلم كاشف عن العيب لا انه بنفسه عيب و بعبارة اخري لا يسقط العين عن المالية بالعلم.

الأمر الثاني: انه عيب حادث في يد المشتري كالعمي الناشي عن الرمد و ما أفاده تام و الامر كذلك.

الأمر الثالث: ان فوات المنفعة يوجب صدق التالف علي العين.

و فيه: انه نفرض انه يصدق التالف علي العين كما يتصور هذا المعني في الشاي فانه بعد الطبخ و زوال لونه

و طعمه يعد تالفا.

و في هذه الصورة قد يكون بحيث لا يصدق عليه عنوان المبيع كما هو كذلك في الشاي بعد الطبخ فان الظاهر عدم عنوان الشاي عليه بل يصدق عليه عنوان آخر فيكون البيع باطلا لقوامه بالصورة النوعية و أما ان لم يكن كذلك فلا وجه لبطلان البيع.

الفرع الحادي عشر: ان الاثر بين القول بالبطلان من اوّل الامر و بين الانفساخ من زمان الانكشاف يظهر في الثمن

فان تصرف البائع فيه علي الاول باطل و فضولي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 213

و اما علي القول الثاني فيكون صحيحا اذ صدر من اهله و وقع في محله و أيضا يظهر في المبيع بالنسبة الي مئونة نقله من مكان البيع الي مكان الاختبار فانه علي القول الثاني يكون علي المشتري لانه ملكه فعليه مئونة نقله.

و أما علي القول الاول فربما يقال بأنه ان كان مغرورا من قبل البائع يكون علي البائع فان المغرور يرجع الي من غره و اذا لم يكن مغرورا يكون عليه لعدم المقتضي لجعله علي البائع.

و ربما يقال انه لا يصدق الغرور لان البائع كالمشتري و يشترط في الغار كونه عالما و ان البائع جاهل كالمشتري.

و يرد عليه أولا انه يمكن أن يكون عالما بواسطة سبب مادي أو غير مادي.

و ثانيا: ان التغرير لا يختص بالعالم بل يمكن صدوره عن الجاهل.

الفرع الثاني عشر: وقع الكلام بينهم في ان مئونة النقل من مكان الاختبار

في صورة لزوم التفريغ كما لو وضعه في المسجد مثلا أو في ملك الغير و طالب المالك التفريغ، علي البائع أو المشتري.

أفاد الماتن انه لو كانت العين المفروض عدم المالية لها مملوكة تكون المئونة علي البائع اذ المفروض انفساخ العقد بعد انكشاف الواقع و يجب علي المالك تفريغ ملك الغير عن مملوكه و اما لو لم تكن قابلة لكونها مملوكة فلا يبعد ان تكون مئونة النقل علي المشتري و في رجوعه علي المالك ما تقدم.

اقول فيما افاد موارد للنظر. المورد الأول: ان العين يتصور فيها ان تسقط عن المالية و اما السقوط عن الملكية فلا يتصور فيها فانه لو دخل شي ء في ملك الغير يكون باقيا في ملكه الي ان ينعدم الا مع

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب،

ج 3، ص: 214

المخرج الخارجي فانه لا يشترط في المملوكية شي ء و عليه لا وجه للتقسيم الذي ذكره.

المورد الثاني: انه لا وجه لانفساخ العقد و دخول العين في ملك البائع بل العين باقية في ملك المشتري اذ قلنا ان بيع ما لا مالية له جائز فلا مجال لما افيد.

المورد الثالث: انه لو لم تكن مملوكة فلا وجه لالزام المشتري بالاخراج و لا دليل عليه بل علي المتولي علي المسجد ان يستأجر احدا للاخراج فانه من شئون المسجد نعم لو كان المكان ملك احد كما لو وضع العين في دار شخص فلا يبعد ان يكون المرتكز في اذهان العقلاء الزام الواضع بالاخراج و عليه فيفرق من هذه الجهة بين دار زيد و المسجد فلاحظ.

الفرع الثالث عشر: ان البائع لو تبرأ عن العيب بالنسبة الي العين التي لا قيمة لها فهل يصح البيع أم لا؟

ربما يقال بالبطلان من باب انه اكل للمال بالباطل.

و يرد عليه أولا: انا ذكرنا مرارا ان الجار في قوله تعالي في آية النهي عن الاكل بالباطل لا يكون للمقابلة بل الجار للسببية فلا وجه للبطلان من هذه الجهة.

و ثانيا: انه علي فرض كونه اكلا بالباطل و فرض بطلان العقد فلا فرق بين التبري و عدمه فان ملاك البطلان مشترك.

و ثالثا: ان المراد بالتبري اذا كان عدم الالتزام بشي ء كما هو ظاهر اللفظ فهذا يوجب الغرر للمشتري و المقرر عندهم كون الغرر مبطلا للعقد فالنتيجة ان العقد مع الاشتراط المذكور يكون باطلا من حيث الغرر.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 215

لا الفسخ و لا اخذ الارش اذ المفروض ان البائع تبرأ من العيب و لم يلتزم بشي ء و اما لو لم يتبرأ و كانت العين بلا مالية بتمام معني الكلمة و قلنا بكون البيع صحيحا كما قلنا فلا اشكال في ان المشتري

ليس له ان يرد العين اذ المفروض انه تصرف فيها بالاختبار.

و أما الارش فهل يمكن له أن يأخذ بمقتضي دليله أم لا؟ و الارش في المقام عبارة عن تمام الثمن اذ المفروض ان لا مالية للعين فربما يقال بعدم الجواز لانه يرجع الي الجمع بين العوض و المعوض.

و لكن الاشكال المذكور مدفوع بان الارش غرامة و لذا لا يجب علي البائع ردّ عين الثمن و يظهر المدعي فيما لا يكون الثمن من النقود و الاوراق النقدية بل كان من الاعيان كالمبيع فيرد البائع من النقود أو الاوراق فلا اشكال من هذه الجهة.

نعم يتوجه الاشكال من ناحية اخري و هي انه لا دليل علي الارش في مفروض الكلام فان الارش عبارة عمّا به التفاوت بين الصحيح و المعيب و قد فرض ان المعيب لا قيمة له فلا موضوع للارش و تنقيح المناط خارج عن اطار العبودية و التعبديات امرها بيد الشارع الاقدس و ليس لنا التصرف فيها و اللّه العالم.

[مسألة المشهور من غير خلاف يذكر جواز بيع المسك في فأره]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة المشهور من غير خلاف يذكر جواز بيع المسك في فاره»

الخ يقع الكلام في مقامين

المقام الأول فيما هو مقتضي القاعدة الاولية

المقام الثاني: في مقتضي الدليل الثانوي. أما المقام الأول فمقتضي دليل صحة البيع جوازه و صحته و لا اشكال في ذلك.

و أما

المقام الثاني فما يتصور أن يكون مانعا عن الصحة احد امرين

احدهما نجاسته ثانيهما جهالته أما النجاسة فلا دليل علي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 216

و مع الاغماض عن هذه الجهة و الالتزام بالصحة لا يكون للمشتري فساد بيع النجس بما هو نجس كما حقق في محله.

و أما الجهالة فان قلنا بعدم كون الغرر موجبا للفساد فالامر ظاهر و اما علي تقدير كون الغرر مفسدا للعقد فلو كان المشتري عالما بان ما يدفعه من الثمن يصل إليه مقابله فلا غرر كما هو ظاهر و اما لو لم يعلم فمنشأ الجهالة تارة عدم العلم بالصحة و الفساد و اخري الخصوصيات الموجبة لزيادة المالية و قلتها كمراتب الرائحة.

أما الاول فيتم الامر باجراء اصالة السلامة و بعبارة اخري يرتفع الغرر بجعل الخيار كما مر.

و أما الثاني فان لم يمكن الاستعلام ما دام لم يفتق فيمكن فتقه بادخال ابرة فيه و شمّها و علي التقدير المذكور هل يكون ضامنا أم لا؟

فنقول تارة يتحقق الاختبار بفعل البائع فلا اشكال في عدم الضمان فانه لا وجه له و اخري يتحقق بفعل المشتري و في هذه الصورة تارة يكون التصرف باذن المالك بلا ضمان و اخري يكون باذنه مع شرط الضمان و ثالثة بلا اذن منه.

أما الشق الاول فلا ضمان كما هو ظاهر و أما الشق الثاني فالضمان متحقق بلا اشكال.

و ملخص الكلام: انه لا وجه للمقايسة بين المقام و المأخوذ بالسوم بل اللازم لحاظ انه هل يكون وجه للضمان أم لا؟ فان كان الفتق بفعل البائع أو باذنه في الفتق بلا شرط الضمان فلا اشكال و اما لو

كان بلا اذن من البائع ففيه الضمان و اما المأخوذ بالسوم فيمكن أن يكون الوجه في ضمانه انه عارية مضمونة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 217

«قوله قدس سره: ثم ان الظاهر من العلامة عدم جواز بيع اللؤلؤ في الصدف»

الخ تارة يشك في وجود اللؤلؤ في الصدف و اخري يشك في صحته و عيبه و ثالثة في الخصوصيات التي توجب الاختلاف في القيمة فهنا صور ثلاث:

اما الصورة الأولي: فلا اشكال في جواز بيعه معلقا علي وجوده فان التعليق علي وجود المبيع لا يفسد البيع مضافا الي انه لو فرض عدم التعليق لا يكون البيع محققا اذ المفروض عدمه فلا اشكال علي اي تقدير.

و أما الصورة الثانية فلا مانع عن الصحة مع جعل الخيار عنده التخلف كما تقدم و ان شئت قلت المشهور الاعتماد علي اصالة الصحة و ان قلنا بانه لا اساس لهذا الاصل.

و أما الصورة الثالثة فتارة يعلم المشتري بوصول مقابل ما دفعه من الثمن و اخري لا يعلم اما الشق الاول فلا مانع عن الصحة أيضا اذ المفروض انه لا غرر.

و أما الشق الثاني فأيضا يمكن تصحيحه باشتراط الخيار عند تخلف تلك الخصوصية غير القابلة للوصف فلا مانع عن البيع علي جميع التقادير.

[مسألة لا فرق في عدم جواز بيع المجهول بين ضم معلوم إليه و عدمه]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة لا فرق في عدم جواز بيع المجهول بين ضم معلوم إليه و عدمه»

الخ اختلفت الآراء في هذه المسألة فجملة قائلون بعدم الفرق بين ضم المعلوم الي المجهول و جملة قائلون بالجواز مع الضم و يقع البحث

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 218

في هذه المسألة تارة من حيث القاعدة الاولية و اخري من حيث اقتضاء النصوص الخاصة فهنا مقامان:

أما

المقام الأول [في القاعدة الأولية]

فتارة يكون المجهول تابعا و لا يكون مستقلا بوقوع العقد عليه و اخري يكون مستقلا باللحاظ و علي الثاني تارة يكون الاتحاد في الانشاء فقط اي يكون هناك بيعان. احدهما متعلق بالمعلوم ثانيهما متعلق بالمجهول و الاتحاد بالجمع بينهما في مقام الاثبات و الدلالة و اخري يكون المجموع امرا واحدا و عقدا فاردا.

و أما القسم الأول و هو كون المجهول تابعا فنتكلم فيه إن شاء اللّه في ذيل المسألة عند تعرض الماتن.

و أما القسم الثاني فلا اشكال في صحة بيع المعلوم و بطلان بيع المجهول اذ لا اشكال في عدم ارتباط احد الامرين بالآخر و هذا واضح ظاهر.

و أما القسم الثالث فالظاهر بطلان البيع و الوجه فيه ان المفروض فساد بيع المجهول و من ناحية اخري ان ضم المعلوم الي المجهول لا يوجب ارتفاع الجهل عن المجهول فيدور الامر بين فساد بيع المجهول و صحة بيع المعلوم و فساد المجموع و صحته.

اما الاحتمال الاول فلا وجه له لعدم تعدد البيع فرضا و اما الاحتمال الثالث فلا وجه له أيضا فالمتعين الاحتمال الثاني هذا علي حسب القاعدة الاولية.

[المقام الثاني في اقتضاء النصوص الخاصة]

و ذهب جملة من الاساطين الي الصحة أيضا بلحاظ النصوص الخاصة الواردة في هذا المورد و هو المقام الثاني من المقامين فنقول قد وردت جملة من النصوص في المقام و من تلك النصوص ما ارسله محمد بن أبي نصر عن بعض اصحابه عن أبي عبد اللّه عليه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 219

السلام قال: اذا كانت اجمة ليس فيها قصب اخرج شي ء من السمك فيباع و ما في الاجمة «1». و هذه الرواية ضعيفة بالارسال و بغيره.

و منها ما رواه أبو بصير عن أبي عبد اللّه

عليه السلام في شراء الاجمة ليس فيها قصب انما هي ماء قال يصيد كفا من سمك تقول اشتري منك هذا السمك و ما في هذه الاجمة بكذا و كذا «2» و الحديث ضعيف بالارسال.

و منها ما رواه ابراهيم الكرخي قال قلت لابي عبد اللّه عليه السلام ما تقول في رجل اشتري من رجل اصواف مائة نعجة و ما في بطونها من حمل بكذا و كذا درهما قال لا بأس بذلك ان لم يكن في بطونها حمل كان رأس ماله في الصوف «3».

و هذه الرواية مخدوشة فان الكرخي بهذا العنوان لم يوثق و علي فرض العمل بالرواية لا بدّ من الاقتصار علي موردها و لا وجه للتعدي فان الحكم المذكور في الحديث خلاف القواعد الاولية اذ مع تبعض الصفقة يقسط الثمن و الحال ان مقتضي الرواية لا يكون كذلك.

و منها ما رواه الهاشمي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في الرجل يتقبل بجزية رءوس الرجال و بخراج النخل و الآجام و الطير و هو لا يدري لعله لا يكون من هذا شي ء ابدا أو يكون أ يشتريه و في أي زمان يشتريه و يتقبل منه قال: اذا علمت ان من ذلك شيئا واحدا انه

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث 6.

(3) الوسائل الباب 10 من هذه الابواب الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 220

قد ادرك فاشتره و تقبل به «1» و الحديث ضعيف سندا بالهاشمي.

و منها ما رواه معاوية بن عمار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

لا بأس ان يشتري الآجام اذا كانت فيها قصب «2».

و هذه الرواية واردة في مورد خاص و مورده

ضم المجهول الي مجهول آخر فلا تكون الرواية دليلا علي المقصود.

فتحصل انه لا دليل علي الدعوي. ان قلت: يستفاد المدعي من النص الوارد في المملوك الآبق حيث يدل علي جواز بيعه مع الضميمة لاحظ حديثي رفاعة «3» و سماعة «4».

قلت: لا وجه لاستفادة المدعي من النص المشار إليه فانه حكم خاص وارد في اطار مخصوص و الحال ان الحكم المذكور علي خلاف القاعدة الاولية اذ ذكر فيه ان المشتري لو لم يقدر علي الآبق يكون ما دفعه في مقابل تلك الضميمة و الحال ان القاعدة تقتضي التقسيط فلاحظ.

«قوله قدس سره: فتأمل»

لعله قدس سره يشير بالامر بالتأمل الي ان السمك قبل موته و ما دام يكون حيا لا يكون من الموزونات كي يشترط بيعه بالوزن بل يكفي في جواز بيعه المشاهدة فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 4.

(2) نفس المصدر الحديث 5.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 118.

(4) قد تقدم ذكر الحديث في ص 119.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 221

«قوله قدس سره: و الّذي يظهر من مواضع من القواعد و التذكرة ان مراده بالتابع ما يشترط دخوله في البيع و بالمقصود ما كان جزء»

الخ مقتضي القواعد عدم تمامية ما افاده قدس سره فان الشرط المذكور خلاف المشروع و ببيان واضح كيف يمكن ان يدخل مال احد في ملك الغير بالاشتراط؟ فان الشرط لا يكون مشرعا.

و ان شئت قلت دخول مملوك احد في ملك الغير يتوقف علي تحقق سببه و الا يكون خلاف المقرر الشرعي و لا يمكن اشتراط ما يخالف المقرر شرعا.

«قوله قدس سره: كاساس الحيطان»

الخ لا وجه للمقايسة بين المقامين فان اساس الحيطان جزء من المبيع

بلا اشكال لكن لا يبعد ان يقال ان الاساس تابع لا جزء و لذا لا يقسط عليه الثمن فلاحظ.

«قوله قدس سره: و ان أحلنا ملكه اشترط»

الخ الظاهر انه لا فرق بين القولين اذ لو جاز الاشتراط يجوز علي كلا التقديرين و ان لم يكن جائزا لم يكن أيضا علي الاطلاق.

«قوله قدس سره: ثم التابع في كلام هؤلاء»

الخ الظاهر ان المراد بالتابع في كلماتهم ما يكون ملحقا بالمبيع في نظر العرف و العقلاء و لو كان حين العقد مغفولا عنه كالبيض في الدجاجة و كالمسمار الثابت في الجدار و مثل الكهرباء و وسائل الماء و الغاز و الهاتف و امثالها فانها تابعة للعين و لذا تدخل في المبيع و تكون تابعة له الا ان تخرج بالاشتراط.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 222

«قوله قدس سره: و الباغ في الدار»

فسر لفظ الباع في بعض الكلمات بالكرم و اللّه العالم

«قوله قدس سره: و في التمثيل نظر لخروج زخرفة الجدران»

الخ لا يبعد ان يكون الوجه في خروجه ان مثل زخرفة الجدران و المسمار الثابت فيه و امثالهما داخلة و تابعة للمبيع بلا اشكال فلا بد ان يقع البحث فيما يكون محل الكلام.

اقول الظاهر ان التابع هو الّذي لا يحتاج الي الذكر بل يدخل في المبيع و ان كان مغفولا عنه بالكلية كالمسمار الثابت في الجدران و اما ان لم يكن كذلك فلا وجه لدخوله في المبيع و لا وجه لكونه تابعا و لا يدخل في المبيع الا مع الاشتراط و قد مرّ منا الاشكال في الاشتراط.

«قوله قدس سره: و ان فرض تعلق الغرض الشخصي»

الخ لا دخل لتعلق الغرض الشخصي به و عدمه فان الميزان في التبعية العرف و

السيرة العقلائية الممضاة عند الشارع و ملخص الكلام ان التبعية تحتاج الي الدليل ففي كل مورد تحققت السيرة العقلائية علي التبعية نلتزم بها و الا فلا وجه للالتزام بها فلاحظ.

«قوله قدس سره: ان اطلاق العبارة يشمل ما اذا شرط حمل دابة في بيع دابة اخري»

الخ قد ظهر مما ذكرنا فساد ما ذكر فان التابعية لا تكون بالقصد و لا بالجعل بل أمر عقلائي و لا بدّ من الاقتصار فيها علي القدر المعلوم و من الظاهر ان حمل دابة لا يكون تابعا لدابة اخري و لا اثر للشرط اذ الشرط لا يكون مشرعا و مما ذكرنا يظهر الاشكال في

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 223

جملة من الكلمات المذكورة في عبارة الماتن فان الميزان في التبعية حكم العقلاء و العرف و لا اثر للقصد و لا للذكر و لا للشرط فلا تغفل.

«قوله قدس سره: فهذا لا بأس به»

قد ظهر مما ذكرنا ان الميزان في الصحة كون التابع امرا عقلائيا و اما في غيره فلا وجه للالتزام بالصحة.

«قوله قدس سره: و اما قصد المتبايعين بحسب الشخص»

الخ الظاهر ان المراد من العبارة ان ارتفاع الغرر الشخصي لا يؤثر في الصحة بل الميزان بالنوع و يرد عليه ان كل حكم تابع لموضوعه في القضايا الحقيقية و عليه يكون الميزان الغرر الشخصي و لا وجه لجعل الميزان النوعي فلاحظ.

«قوله قدس سره: و اما التابع للمبيع الّذي يندرج في المبيع»

الخ الظاهران التابع منحصر في هذا القسم كما ذكرنا و اما غيره فلا دليل علي صحته بل مقتضي القاعدة ان يقال اذا لوحظ بعنوان الجزء يصح مع رعاية الشرائط و اما لو لم يلاحظ علي هذا النحو و لوحظ علي نحو

الاشتراط لا يصح لان الشرط المخالف فاسد.

[مسألة: يجوز أن يندر لظرف ما يوزن مع ظرفه مقدار يحتمل الزيادة و النقيصة]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة: يجوزان يندر لظرف ما يوزن مع ظرفه مقدار»

الخ الظاهر ان بحث الاندار يرتبط بالاندار وقت البيع لا الاندار موقع تسليم المبيع و عليه يلاحظ الاندار تارة بالنسبة الي زمان البيع و اخري الي زمان تسليم المبيع و الكلام الآن في القسم الأول.

و يقع البحث فيه في مقامين.

المقام الأول: فيما تقتضيه القاعدة الاولية.

المقام الثاني: فيما تقتضيه النصوص الخاصة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 224

أما المقام الأول فتارة نتكلم علي فرض عدم اشتراط البيع بعدم الغرر و بعدم الاشتراط بالعلم بمقدار المبيع و اخري علي القول بكون الغرر مفسدا أما علي الاول فلا اشكال في البيع لوجود المقتضي و هو دليل صحة البيع و التجارة و فقد المانع.

و أما علي الثاني فلو لم يكن غرر و لم يصدق الجزاف فالبيع صحيح كما لو علم المشتري بان ما يدفعه من الثمن يصل إليه ما يقابله و أما مع صدق الغرر أو الجزاف فلا يكون العقد صحيحا.

و أما

المقام الثاني: [في اقتضاء النصوص]

فمن النصوص الواردة في المقام ما رواه حنان قال: كنت جالسا عند أبي عبد اللّه عليه السلام فقال له معمر الزيات: انا نشتري الزيت في زقاقه و يحسب لنا فيه نقصان لمكان الزقاق فقال ان كان يزيد و ينقص فلا بأس و ان كان يزيد و لا ينقص فلا تقربه «1»

و مقتضي الحديث التفصيل بين أن يزيد و ينقص و بين أن يزيد و لا ينقص بالحكم بالصحة في الاول و البطلان في الثاني و لم يتعرض عليه السلام لصورة النقصان و عدم الزيادة فلا بد فيها من العمل بالقاعدة الاولية كما تقدم.

و هذا الذي ذكرنا ميزان عام لجميع الموارد و المستفاد من الحديث جواز بيع المظروف بعد اندار مقدار الظرف كما ان الظاهر من معقد الاجماع كذلك و لا يجوز بيع مجموع الظرف و المظروف بوزن واحد.

______________________________

(1) الوسائل الباب 20 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 225

«قوله قدس سره: فلا يحتاج الي الاندار»

الخ كيف لا يحتاج الي الاندار و الحال

ان مقدار المظروف مجهول و من ناحية اخري ان المكيل و الموزون يشترط فيهما العلم بمقدار هما و انما الاجماع قائم علي صحة بيع المظروف باندار الظرف فعليه ما أفاده في هذه الصورة غير تام لكن الماتن فرض البيع صحيحا و جعل الاندار في مقام دفع الثمن و عليه لا يحتاج الي الاندار كما أفاد اذ المفروض ان الثمن جعل في مقابل المظروف اي مقدار كان فلا مجال و لا موضوع للاندار.

و الحاصل ان الموزون يشترط في بيعه بمقتضي النص كون وزنه معلوما الا أن يقال: ان مقتضي النص و الاجماع جواز بيع المظروف منفردا فلا احتياج الي الاندار.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 225

و يرد عليه انه كيف يجوز بيع المظروف منفردا بدون الاندار في زمان العقد؟ نعم لو صح بيعه لا يحتاج الي الاندار في مقام تسليم الثمن لان الثمن بتمامه واقع في مقابل المظروف فقط.

«قوله قدس سره: فتأمل»

لعله بالامر بالتأمل يشير الي عدم الفرق فانه يحتاج الي الاندار علي كل حال و بعبارة اخري يمكن ان يكون الامر بالتأمل اشارة الي ان الاندار في مقام دفع الثمن يتوقف علي جواز بيع المظروف مع الجهل بوزنه.

«قوله قدس سره: فيكون دخول هذه المسألة في فروع مسئلة تعيين العوضين»

الظاهران مقصوده بيان ان عنوان مسئلة الاندار في المقام من باب انه يجوز بيع المظروف مع الجهل بمقدار وزنه و اما الاندار

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 226

فهو راجع الي مقام تعيين الثمن الذي يجب دفعه بعد تمامية البيع.

و بعبارة واضحة الكلام

في المقام في اشتراط العلم بمقدار الثمن و حيث انه يجوز بيع المظروف بدون ظرفه المجهول عنونت المسألة، فالاندار لا يرتبط بالمقام هذا ما يرجع الي كلامه قدس سره.

اقول: قد ذكرنا ان المستفاد من حديث حنان بحسب الظهور العرفي جواز بيع المظروف بعد الاندار بالشرط المذكور في الحديث فالامر ليس كما افاده فلاحظ.

«قوله قدس سره: فالذي يقوي في النظر هو المشهور بين المتأخرين من جواز اندار ما يحتمل الزيادة و النقيصة»

الخ الاندار اما لتصحيح البيع و اما لتعيين الحق بعد تمامية العقد و فرض وجوده فيقع الكلام في مقامين. اما المقام الأول: فلا بد من الاقتصار علي العمل بمفاد حديث حنان و المستفاد منه انه حكم واقعي فلا مجال لكشف الخلاف و أما مع قطع النظر عن الحديث فلا يجوز البيع لمكان الجهل بمقدار المبيع.

و أما المقام الثاني: فلا مانع عن العمل بالاصل ما دام لم ينكشف الخلاف و اما مع انكشافه فلا مجال للعمل اذ حجية الاصل ما دام الشك باقيا و اما مع كشف الواقع فلا مجال للعمل بالاصل كما هو ظاهر.

«قوله قدس سره: فان كان هنا عادة تقتضيه كان العقد واقعا عليها»

الخ الظاهر ان مراده قدس سره انه مع العادة و العلم بها يكون العقد مشروطا بها فلا يحتاج الي تراض جديد بعد العقد.

لكن يرد عليه ان الشرط المذكور ان كان شرط الفعل فلا بد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 227

من تحققه بعد العقد و الا فلا اثر لمجرد الشرط حين العقد و ان كان علي نحو شرط النتيجة فلا يكون نافذا لكونه مخالفا مع المقرر الشرعي اذ بالشرط لا ينتقل ملك احد الي ملك الاخر اللهم الا ان يتحقق

الانشاء بنفس الشرط كما لو شرط علي الزوج في ضمن عقد النكاح كون الزوجة ذات و كالة عن الزوج في طلاق نفسها لكن يختص هذا بما يكون قابلا للانشاء بهذا النحو فلا بد من ملاحظة الشرط و انه هل يمكن فيه ذلك أم لا؟

«قوله قدس سره: علي أن يسقط لكل ظرف كذا فهو هبة له»

الخ يتوقف جواز هذا علي جواز إنشاء الهبة في ضمن العقد و لو بنحو الشرط.

«قوله قدس سره: لان هذا ليس من افراد المطلق»

الخ مثلا لو باع السمن كل رطل منه بدينار و كان وزن مجموع الظرف و المظروف عشرة ارطال و كانت العادة جارية علي اندار رطل للظرف لا يجوز الاندار لعدم تسعة ارطال من افراد كل رطل فلا بد من ان تكون العادة الي حد توجب الاشتراط الضمني هذا تفسير كلامه و يرد عليه ان الموجب للاشتراط المذكور العادة مع العلم بها فلا فرق بين الموارد.

«قوله قدس سره: غير مختص بظروف السمن و الزيت»

حيث ان الحكم المذكور علي خلاف القاعدة الاولية لا يمكن التعدي عن مورد الرواية الا مع القطع بعدم الفرق و انّي لنا بذلك و اللّه العالم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 228

[مسألة يجوز بيع المظروف مع ظرفه الموزون معه و إن لم يعلم إلا بوزن المجموع]

«قوله قدس سره: مسئلة يجوز بيع المظروف مع ظرفه الموزون معه و ان لم يعلم الا بوزن المجموع»

الخ اذا فرض ان المبيع من الموزونات أو المكيلات لا يجوز بيعه كذلك اذ المفروض انه استفيد من الدليل الشرعي اشتراط العلم بالمقدار و المفروض عدمه الا ان يقوم علي الجواز اجماع تعبدي كاشف عن رأي المعصوم أو قلنا بان المستفاد من نصوص اشتراط العلم بالوزن النهي عن ارتكاب الجزاف و اما ان لم يكن جزافا

فيصح العقد و ان كان مقدار المبيع مجهولا.

و لما انجر الكلام الي هنا يناسب أن نشير الي نكتة و هي ان المعروف بين الاصحاب فساد البيع الغرري و الحال انه لو بيع شي ء بثمن مع شرط الخيار لا يصدق الغرر كما انه لا يصدق الجزاف و لو لا هذه الجهة كان الاشتراء مع احتمال الغبن غرريا و خطريا و جزافا و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ كلا فالذي يكون موجبا لعدم صدق الغرر و الجزاف اشتراط الخيار و لو ارتكازا.

«قوله قدس سره: مع جهالة وزن كل واحد»

الخ كيف يجوز و كيف يكون مجهولا و الحال ان المستفاد من النص و الاجماع جواز بيع المظروف باندار ما تعارف انداره و انكشاف مقدار المبيع و وزنه و بعبارة اخري المستفاد من النص الجواز بشرط الاندار و انكشاف وزن المظروف بعد الاندار فاذا فرض توزين المجموع و اندار الظرف كان وزن المظروف معلوما و اما قبل الاندار فلا يجوز.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 229

«قوله قدس سره: فالقطع بالمنع مع لزوم الغرر الشخصي»

الخ كيف يلزم الغرر مع فرض اشتراط الخيار كما تقدم منا نعم مع عدم جعل الخيار يلزم الغرر و الجزاف الا فيما يعلم المشتري بانه يصل إليه ما يقابل ما دفعه اللهم الا ان يكون المبيع من الموزون و قلنا ان المستفاد من النص اشتراط صحة البيع بالعلم بالمقدار في الموزون و المكيل.

«قوله قدس سره: لا كل جزء منه»

الخ تارة يكون المركب له صورة نوعية و لو عرفا و اخري يكون كل جزء له صورة مغايرة مع صورة الجزء الاخر فاذا كان من القسم الاول كسقمونيا مثلا يجوز بيع المركب و الميزان هو عنوان

المركب اذ هو شي ء واحد و اما اذا كان من القسم الثاني فالظاهر انه لا أثر للعلم بوزن المجموع اذ المفروض كون الجزء مجهولا من حيث الوزن.

«قوله قدس سره: فان فرضنا الشمع تابعا»

الخ قد ذكرنا سابقا ان التابع في المقام عبارة عما يكون داخلا في المبيع و لو مع الغفلة عنه كالمسمار الثابت في الجدار و في غير هذه الصورة لا اثر للتابعية و عدمها فلاحظ.

«قوله قدس سره: احداهما ان يبيعه من ظرفه»

الخ بتقريب انه يشترط في بيع الموزون ان يوزن و بالنحو المذكور يحصل الشرط و فيه انه يتوقف علي ان يكون الظرف مما يباع بالوزن و الا فلا أثر له و أيضا لا بدّ من القول بكفاية وزن شيئين بوزن واحد و الا يلزم وزن كل واحد منهما و في النفس شي ء.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 230

«قوله قدس سره: فيقسط الثمن علي قيمتي كل من المظروف و الظرف»

الخ و لا مدخلية للوزن بل الدخل للقيمة فان المفروض ان الثمن جعل في مقابل المجموع المركب بلا لحاظ الوزن بل الملحوظ القيمة و مما ذكر يظهر الوجه فيما افاده في الصورة الثانية فان الملحوظ فيها أيضا القيمة و لكن لا يلاحظ المبيع شيئا واحدا بل الوحدة في مجرد الانشاء و في الحقيقة يتحقق بيعان احدهما متعلق بالمظروف و ثانيهما متعلق بالظرف.

«قوله قدس سره: علي ان يكون التسعير للظرف و المظروف»

الخ اي يكون الملحوظ الوزن الخاص في مقابل ثمن خاص بلا خصوصية للظرف أو المظروف ففي هذا الفرض لا بدّ من ملاحظة نسبة وزن الظرف بالنسبة الي وزن المظروف و اما اذا لوحظ الظرف و المظروف شيئا واحدا و يباع بهذا اللحاظ فلا

بد من ملاحظة نسبة القيمة مثلا لو بيع فرش مركب من ديباج و قطن فاحتيج الي تقسيط الثمن و تعيين قسط القطن لا يمكن ان يلاحظ القيمة بالنسبة الي المساحة بل لا بدّ من لحاظ قيمة القطن الي قيمة الديباج فلاحظ.

[تنبيهات البيع]

[مسألة المعروف استحباب التفقه في أحكام التجارات]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة المعروف بين الاصحاب تبعا لظاهر تعبير الشيخ بلفظ ينبغي استحباب التفقه»

الخ الكلام تارة في انه هل يجب تعلم الاحكام أم لا و اخري يقع الكلام بالنسبة الي تعلم احكام التجارة لمن يريد ان يتصدي لها فالكلام في مقامين.

أما

المقام الأول [في أنه هل يجب تعلم الاحكام أم لا]

فقد تعرضنا في بعض المباحث الاصولية ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 231

المستفاد من بعض النصوص وجوب تعلم الحكم الشرعي مقدمة للعمل. لاحظ ما ورد في تفسير قوله تعالي «فلله الحجة البالغة» عن مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفر بن محمد عليهما السلام و قد سئل عن قوله تعالي «فلله الحجة البالغة» فقال ان اللّه تعالي يقول للعبد يوم القيمة: عبدي كنت عالما؟ فان قال نعم قال له أ فلا عملت بما علمت و ان قال كنت جاهلا قال أ فلا تعلمت حتي تعمل فيخصمه فتلك الحجة البالغة «1».

فان المستفاد من هذه الرواية انه يلزم تعلم الحكم الشرعي مقدمة للعمل به فيكون وجوبه عقليا ارشاديا و لا يكون واجبا بنفسه.

و أما

المقام الثاني [في الكلام بالنسبة إلي تعلم احكام التجارة]

فتارة نبحث فيه من حيث مقتضي القاعدة و اخري من حيث مقتضي النصوص الواردة في المقام فيقع الكلام في موضعين:

أما الموضع الاول فنقول لا وجه للالتزام بوجوب تعلم مسائل التجارة و لا لاستحبابه و مقتضي القاعدة عدم الوجوب اذا شك فيه فان البراءة عن الوجوب تقتضي عدمه كما ان مقتضي الاستصحاب عدم استحبابه نعم اذا احتمل المكلف حرمة فرد من افراد التجارة يجب عليه الفحص و لا يجوز له الارتكاب قبله و هذا ميزان عام جار في جميع الشبهات الحكمية.

و أما الموضع الثاني فقد وردت في المقام جملة من النصوص فلا بد من ملاحظتها كي نري انها هل تقتضي الوجوب أم لا؟ فنقول من تلك النصوص ما رواه الاصبغ بن نباتة قال: سمعت امير المؤمنين عليه السلام يقول علي المنبر يا معشر التجار الفقه ثم المتجر الفقه

______________________________

(1) تفسير البرهان ج 1 ص 560 الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص:

232

ثم المتجر الفقه ثم المتجر و اللّه للربا في هذه الامة اخفي من دبيب النمل علي الصفا شوبوا ايمانكم بالصدق التاجر فاجر و الفاجر في النار الا من اخذ الحق و اعطي الحق «1».

و هذه الرواية مخدوشة سندا مضافا الي انه لا يستفاد منه وجوب التعلم أو استحبابه شرعا بل المستفاد منه الارشاد الي طريق يسلم المكلف الذي يتصدي للتجارة عن الوقوع في الربا و الحرام.

و منها ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: من اتجر بغير علم ارتطم في الربا ثم ارتطم «2».

و هذه الرواية أيضا مخدوشة سندا و غير دالة علي المدعي لما ذكرناه في الحديث الاول و قس عليهما الحديث الثالث و الرابع من الباب المشار إليه فانهما ضعيفان سندا و غير دالين علي المقصود فلاحظ.

فتحصل انه ليس في النصوص ما يدل علي الوجوب أو الاستحباب نعم لا اشكال في استحباب طلب العلم فان الروايات الواردة في فضيلة طلبه كثيرة جدا و الحاصل انه لا اشكال في محبوبية طلب العلم لاحظ الاخبار الواردة في هذا الباب في كتاب بحار المجلسي قدس سره و غيره.

«قوله قدس سره: فمن لم يعرف فرق ما بين الحلال من المكتسب و الحرام»

الخ هذا التقريب لا يقتضي الوجوب أو الاستحباب شرعا بل هذا حكم

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب آداب التجارة الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 233

عقلي فانه بعد ما تنجز علي المكلف حكم الزامي يلزم ان يخرج عن عهدته فيجب عليه عقلا القيام بمقدماته مضافا الي انه قد مرّ منا قريبا ان تعلم الاحكام يجب مقدمة.

«قوله قدس سره: فان

معرفة الحلال و الحرام واجبة علي كل احد»

الخ لا دليل علي هذه الكلية و لا علي الجزئية الا ان يراد من الوجوب الوجوب العقلي أو الارشادي الشرعي كما تقدم.

«قوله قدس سره: و لذا اجمعنا علي ان الكفار يعاقبون علي الفروع».

المسألة مورد الاختلاف و لا تكون اجماعية نعم انا نري ان الامر كذلك فان المستفاد من الادلة الاولية كونهم مكلفين كما انه يدل علي المدعي بعض الآيات لاحظ قوله تعالي في سورة المدثر «قالوا لم نك من المصلين و لم نك نطعم المسكين» «1» فان المستفاد من الآية انهم مؤاخذون في الآخرة لترك الصلاة و الزكاة.

«قوله قدس سره: في غير واحد من الاخبار»

لعله اراد بقوله الحديث الذي تقدم ذكره «2» في تفسير قوله تعالي «فلله الحجة البالغة» و الاحاديث الواردة في التيمم منها ما رواه محمد بن سكين و غيره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قيل له ان فلانا اصابته جنابة و هو مجدور فغسلوه فمات فقال قتلوه الا سألوا الا يمّموه ان شفاء العي السؤال «3».

______________________________

(1) المدثر/ 43.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 231.

(3) الوسائل الباب 5 من ابواب التيمم الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 234

و منها: مرسل الكليني قال و روي ذلك في الكسير و المبطون يتيمم و لا يغتسل «1».

و منها مرسلة ابن أبي عمير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

سألته عن مجدور اصابته جنابة فغسلوه فمات فقال: قتلوه ألا سألوا فان دواء العي السؤال «2».

و لا يخفي علي الخبير ان هذه الطائفة من النصوص أيضا لا تدل علي وجوب التعلم نفسا بل المستفاد منها انه لا عذر للجاهل في تقصيره فانه كان عليه بمقتضي

وظيفته السؤال.

«قوله قدس سره: ثم ان المقام يزيده علي غيره»

الخ الامر كما افاده فان مقتضي الاصل عدم الانتقال فيحرم التصرف في العين لكن حرمة التصرف بمقتضي الاصل العملي لا تقتضي وجوب تعلم الاحكام كما هو ظاهر.

«قوله قدس سره: و يمكن أن يكون في قوله عليه السلام التاجر فاجر»

لاحظ ما روي مرسلا قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله التاجر فاجر و الفاجر في النار الا من اخذ الحق و اعطي الحق «3» و ما رواه الاصبغ بن نباته «4» بتقريب ان كل تاجر فاجر و هو في النار الا من يعلم جواز المعاملة و صحتها و يرد عليه أولا ان الحديث الاول مرسل و لا اعتبار به و اما الحديث الثاني فقد مرّ انه غير تام سندا و ثانيا انه هل يمكن ان يلتزم بان المكلف اذا احتاط و لم يدخل في

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب التيمم الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

(3) الوسائل الباب 2 من ابواب آداب التجارة الحديث 5.

(4) قد تقدم ذكر الحديث في ص 231

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 235

معاملة الا مع العلم بجوازها و صحتها يدخل النار لاجل جهله و هل الماتن يلتزم بهذا اللازم الفاسد.

«قوله قدس سره: بل الاولي وجوبه عليه عقلا و شرعا»

قد ظهر مما تقدم انه لا وجه للوجوب الشرعي فلاحظ ما تقدم منا.

«قوله قدس سره: قوله عليه السلام»

الخ لاحظ ما رواه الا صبغ بن نباته «1».

«قوله قدس سره: قول الصادق عليه السلام»

لاحظ ما ارسله المفيد قال: قال الصادق عليه السلام من اراد التجارة فليتفقه في دينه ليعلم بذلك ما يحل له مما يحرم عليه و من لم يتفقه في دينه

ثم اتجر تورط الشبهات «2».

«قوله قدس سره: ثم ان التفقه في مسائل التجارة»

لا اشكال في كفاية التقليد كما انه لا اشكال في العمل بالاحتياط و صفوة القول المطلوب الاجتناب عن الحرام لا تعلم الاحكام و الاجتناب عن الحرام يتحقق بواحد من الامور الاربعة الاول الاجتهاد. الثاني: التقليد. الثالث: الاحتياط. الرابع: ترك العمل و عدم التصدي للتجارة.

«قوله قدس سره: التعارض بين ادلة طلب مطلق العلم»

الخ ينبغي قبل الخوض في المعركة بيان الفرق بين التعارض و التزاحم فان التعارض عبارة عن التكاذب في مقام الجعل مع تفصيل مذكور في محله من بحث التعادل و الترجيح كما لو قام دليل علي وجوب صلاة

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 231

(2) الوسائل الباب 1 من ابواب آداب التجارة الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 236

الجمعة و قام دليل آخر علي نفيه فان الدليلين متعارضان.

و أما التزاحم فهو عبارة عن التعاند في مرحلة الامتثال بلا ارتباط بمرحلة الجعل فان المولي يجعل وجوب انقاذ كل غريق مسلم مثلا علي كل مكلف فلو غرق شخصان و المكلف لا يمكنه انقاذ كليهما يقع التزاحم بين الوجوبين المتعلقين بالنسبة الي الغريقين فمع الترجيح يرجّح احد الطرفين و مع عدمه يخيّر بينهما.

اذا عرفت ما ذكرنا نقول: المقام لا يرتبط بباب التعارض فان التكاذب ليس في مقام الجعل بل التعاند في مقام الامتثال احيانا و ليس هذا مختصا بالمقام بل سار و جار في كثير من المستحبات مثلا يستحب لكل مكلف أن يزور الرضا عليه السلام و أيضا يستحب ان يبني المسجد و أيضا يستحب أن يصل رحمه في قرية فلانية فلانية الي غيرها من المستحبات.

و من الظاهر انه لا يمكن الجمع بين

جميع هذه الامور فتصل النوبة الي ملاحظة انه هل يكون مرجح في بعض الاطراف أم لا؟ فعلي تقدير وجوده يرجح و الا يتخير هذا هو الميزان الكلي و المقام كذلك فان طلب العلم مطلوب و محبوب علي الفرض و الاكتساب أيضا محبوب و مطلوب علي الفرض.

فلو امكن الجمع بين الامرين يتوجه كلا الامرين و ان لم يمكن لا بدّ من رعاية المرجحات المذكورة في باب التزاحم فلو كان احد الظرفين واجبا بسبب من الاسباب وجهة من الجهات يقدم اذ الاستحباب لا يزاحم الوجوب كما انه لو كان مرجع في احدهما يقدم و يرجح و الا يخير فالمقام غير مرتبط بباب التعارض.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 237

«قوله قدس سره: يكفي في طرف الاكتساب ما ورد»

الخ لاحظ ما رواه الفضل بن أبي قرة عن أبي عبد اللّه عليه السلام ان أمير المؤمنين عليه السلام قال: اوحي اللّه عز و جل الي داود عليه السلام انك نعم العبد لو لا انك تأكل من بيت المال و لا تعمل بيدك شيئا قال فبكي داود عليه السلام اربعين صباحا فاوحي اللّه عز و جل الي الحديد ان لن لعبدي داود فألان اللّه عز و جل له الحديد فكان يعمل كل يوم درعا فيبيعها بالف درهم فعمل ثلاثمائة و ستين درعا فباعها بثلاثمائة و ستين الفا و استغني «1».

«قوله قدس سره: و ما ارسله في الفقيه»

محمد بن الحسين قال: قال عليه السلام: ليس منا من ترك دنياه لآخرته و لا آخرته لدنياه «2».

«قوله قدس سره: و ذكر في الحدائق»

ان الجمع بينهما باحد الوجهين: الاول و لعله الاظهر كما هو بين علمائنا اشهر تخصيص الاخبار الدالة علي وجوب طلب

الرزق بهذه الاخبار الدالة علي وجوب طلب العلم بان يقال بوجوب ذلك علي غير طالب العلم المشتمل بتحصيله و استفادته أو تعليمه و افادته الخ «3».

«قوله قدس سره: تخصيص اخبار وجوب طلب الرزق»

علي فرض التعارض لا وجه لهذا التخصيص فانه جمع تبرعي لا صناعي و بهذا القسم من الجمع يمكن أن يجمع بين المتعارضات

______________________________

(1) الكافي ج 5 ص 74 الحديث 5.

(2) الوسائل الباب 28 من ابواب مقدمات التجارة الحديث 1.

(3) الحدائق ج 18 ص 10.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 238

فانه لو قال المولي يجب اكرام العلماء و في دليل آخر قال لا يجب اكرام العلماء يمكن أن يجمع بين الطرفين بان يحمل الدليل الاول علي العدول من العلماء و يحمل الدليل الثاني علي فساقهم فاين التعارض.

«قوله قدس سره: و قد ورد في الحديث عن النبي صلي اللّه عليه و آله و سلم»

ما وجدت الرواية في مظانها فانها ان كانت تامة من حيث السند امكن ان يستفاد منها الفرق بين طالب العلم و غيره و لكنا نري أمير المؤمنين و مولي الكونين عليه السلام كان يكسب الا ان يقال انه عليه السلام و اضرابه لا يتصور في حقهم طلب العلم فان تحصيل الحاصل محال و علومهم بافاضة خاصة إلهية.

«قوله قدس سره: و روي شيخنا المقدم»

لاحظ ما رواه الكليني: عن الحسين بن علوان قال: كنا في مجلس نطلب فيه العلم و قد نفدت نفقتي في بعض الاسفار فقال لي بعض اصحابنا: من تؤمل لما قد نزل بك؟ فقلت: فلانا فقال: اذا و اللّه لا تسعف حاجتك و لا يبلغك املك و لا تنجح طلبتك قلت و ما علمك رحمك اللّه؟

قال: ان أبا عبد اللّه

عليه السلام حدثني انه قرأ في بعض الكتب ان اللّه تبارك و تعالي يقول «و عزتي و جلالي و مجدي و ارتفاعي علي عرشي لاقطعن امل كل مؤمل (من الناس) غيري و لأكسونّه ثوب المذلة عند الناس و لانحينه من قربي و لأبعدنه من فضلي أ يؤمل غيري في الشدائد و الشدائد بيدي و يرجو غيري و يقرع بالفكر باب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 239

غيري و بيدي مفاتيح الابواب و هي مغلقة و بابي مفتوح لمن دعاني فمن ذا الذي املني لنوائبه فقطعته دونها؟ و من ذا الّذي رجاني لعظيمة فقطعت رجاءه مني؟ جعلت آمال عبادي عندي محفوظة فلم يرضوا بحفظي و ملأت سماواتي ممن لا يمل من تسبيحي و أمرتهم ان لا يغلقوا الابواب بيني و بين عبادي فلم يثقوا بقولي الم يعلم (ان) من طرقته نائبة من نوائبي انه لا يملك كشفها احد غيري الا من بعد اذني فمالي اراه لاهيا عني اعطيته بجودي ما لم يسألني ثم انتزعته عنه فلم يسألني رده و سأل غيري أ فيراني ابدأ بالعطاء قبل المسألة ثم اسأل فلا اجيب سائلي أ بخيل انا فيبخلني عبدي أو ليس الجود و الكرم لي أو ليس العفو و الرحمة بيدي أو ليس انا محل الامال فمن يقطعها دوني أ فلا يخشي المؤملون ان يؤملوا غيري فلو ان اهل سماواتي و اهل ارضي املوا جميعا ثم اعطيت كل واحد منهم مثل ما أمّل الجميع ما انتقص من ملكي مثل عضو ذرة و كيف ينقص ملك انا قيّمه فيا بؤسا للقانطين من رحمتي و يا بؤسا لمن عصاني و لم يراقبني «1».

«قوله قدس سره: و انت خبير بان

ما ذكره»

الخ بل الامر بالعكس فان كلام الشهيد يرتبط بما افاده كمال الربط فانّه صرح بالتقسيم بين الطالب و غيره كما ان الحديث المذكور في كلامه يدل علي التفصيل و العجب من الشيخ و كذا من سيدنا الاستاد كيف لم يتوجها.

______________________________

(1) الاصول من الكافي ج 2 ص 66 الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 240

«قوله قدس سره: و لذا كان أمير المؤمنين صلوات اللّه عليه»

الخ هذا ليس مورد النقض فان أمير المؤمنين و اولاده كانوا كرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في ان علومهم مفاضة من قبل اللّه بلا تعلم و مقدمة.

«كار نيكان را قياس از خود مگير» و لما انجر الكلام الي هنا لا بأس بذكر فائدة مهمة و هي انه اذا كان الشخص طالبا للعلم فهل يجوز له ان يأخذ من الحقوق الشرعية فنقول تارة يكون طالب العلم فقيرا و لا يقدر علي الكسب و اخري يكون فقيرا و قادرا علي الكسب و ثالثة يكون غنيا فهنا اقسام ثلاثة.

أما القسم الأول: فلا اشكال في جواز اخذه للوجوه الشرعية ان كانت الشرائط فيه موجودة كما لو كان سيدا جاز له اخذ سهم السادة و أيضا يجوز له اخذ سهم الامام عليه السلام و اذا كان غير سيد جاز له اخذ الزكاة و هكذا.

و أما القسم الثاني: فتارة يكون اشتغاله بطلب العلم واجبا و لا يمكنه الجمع بين الامرين فأيضا يكون الاخذ جائزا له و أما اذا لم يكن طلب العلم في حقه واجبا أو امكنه الجمع بين الامرين فهل يجوز أن يأخذ الوجوه التي لا بدّ ان تدفع الي الفقراء أم لا؟ و هل يجوز له ان يأخذ سهم الامام

عليه السلام؟

الحق ان يقال تارة نبحث في مقتضي القاعدة الاولية و اخري في مقتضي النص الخاص. أما مقتضي القاعدة الاولية فهو الجواز اذ المفروض انه فقير فيجوز له ان يأخذ سهم السادات ان كان سيدا.

و أيضا يجوز له اخذ المظالم و الكفارات و الصدقات غير الزكوات

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 241

كما انه يجوز له اخذ السهم المبارك فان مصرفه مورد رضا الامام عليه السلام و لا اشكال في انه مورده و عليه من لا يكون سيدا فانه يجوز له اخذ جميع ما ذكر و الزكوات نعم لا يجوز له اخذ سهم السادة فتحصل ان مقتضي القاعدة الاولية هو الجواز.

ان قلت: الذي يقدر علي الكسب و يمكنه تحصيل المعاش لا يكون فقيرا.

قلت: الظاهر ان الدعوي المذكورة باطلة فان مجرد القدرة علي تحصيل المال لا يوجب صدق عنوان الغني عليه و لا يخرج عن عنوان الفقير و أما بلحاظ النص الخاص ففي المقام طائفتان من النصوص.

الطائفة الاولي ما يدل علي عدم الجواز لمن يقدر علي الاكتساب.

لاحظ ما رواه زرارة بن أعين عن أبي جعفر عليه السلام قال:

سمعته يقول: انّ الصدقة لا تحل لمحترف و لا لذي مرة سوي قوي فتنزهوا عنها «1».

و ما رواه أيضا عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا تحل الصدقة لغني و لا لذي مرة سوي و لا لمحترف و لا لقوي قلنا: ما معني هذا؟ قال: لا يحل له ان يأخذها و هو يقدر علي ان يكف نفسه عنها «2».

فان المستفاد من الحديثين عدم الجواز لكن يعارضهما ما رواه معاوية بن وهب قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: يروون عن

النبي صلي اللّه عليه و آله ان الصدقة لا تحل لغني و لا لذي مرة سوي

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 242

فقال أبو عبد اللّه عليه السلام: لا تصلح لغني «1».

فان المستفاد من حديث معاوية ان المانع عن الاخذ تحقق الغناء و حيث ان المرجح منحصر في الاحدثية يرجح حديث معاوية حيث انه مروي عن أبي عبد اللّه عليه السلام و الحديثان الاخر ان مرويان عن أبي جعفر عليه السلام.

مضافا الي ان حديث معاوية موافق مع اطلاق الكتاب فالنتيجة انه لا دليل علي المدعي في الزكاة فكيف بغيرها و علي فرض تسلم الامر في الزكاة لا وجه لاسراء الحكم الي باب الخمس فعليه يجوز اخذ سهم السادة لهم و لو مع التمكن من الاكتساب و تحصيل المال فيحل له ما يكون جائزا اخذه للفقير و اما سهم الامام عليه السلام فالظاهر انه يجوز للفقير الذي يكون مشتغلا بامر مفيد للشريعة و الدين.

و أما القسم الثالث و هو الذي يكون غنيا فلا اشكال في عدم جواز اخذ حقوق الفقراء لانتفاء الموضوع فلا يجوز له اخذ سهم السادة ان كان سيدا كما انه لا يجوز له اخذ الزكاة ان كان غير سيد.

و اما سهم الامام عليه السلام فهل يجوز له ان يأخذه أم لا؟ الذي يختلج بالبال ان يفصل بان يقال ان كان اشتغاله مفيدا للشرع و خدمة للامام عليه السلام و لا يشتغل الاعلي تقدير الاخذ يجوز ان يأخذ اذ المفروض ان وجوده مفيد و حصول الفائدة منه متوقف علي اخذه و اما ان لم يكن وجوده مفيدا أو كان مفيدا

لكن يشتغل بشغله و لا يكون متوقفا علي الاخذ فلا يجوز لعدم العلم برضاه عليه السلام فلاحظ.

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 243

[مسألة لا خلاف في مرجوحية تلقي الركبان بالشروط الآتية و اختلفوا في حرمته و كراهته]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة لا خلاف في مرجوحية تلقي الركبان»

الخ الكلام في هذه المسألة تارة يقع فيما هو مقتضي القاعدة الاولية و اخري يتكلم فيما يستفاد من النصوص الخاصة الواردة فيقع الكلام في مقامين:

أما

المقام الأول: فمقتضي القاعدة عدم حرمة التلقي و عدم كراهته من حيث التكليف

كما ان مقتضي دليل صحة البيع و التجارة صحة المعاملة مع الركبان بعد التلقي و هذا ظاهر واضح فان اصالة البراءة عن الحرمة تقتضي عدم حرمتها كما ان البراءة تقتضي عدم كراهتها فانه لا يبعد جريان البراءة عن كل حكم اقتضائي و لا تختص البراءة بالحكم الالزامي و أيضا لا اشكال في ان مقتضي دليل حلية البيع تماميته.

و اما

المقام الثاني [في ما يستفاد من النصوص الخاصة]

فما يمكن أن يستدل به علي الحرمة أو الكراهة احد امرين احدهما عدم الخلاف المدعي في المقام.

و من الظاهر ان عدم الخلاف غايته يكون اجماعا و الاجماع المنقول قد ثبت عدم اعتباره و المحصل منه علي فرض تحققه محتمل المدرك بل مقطوعه.

ثانيهما النصوص المشار إليها و من تلك النصوص ما رواه منهال القصاب قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام لا تلق فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله نهي عن التلقي قال: و ما حد التلقي قال: ما دون غدوة أو روحة قلت: و كم الغدوة و الروحة قال أربعة فراسخ «1» و هذه الرواية ضعيفة بمنهال.

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من ابواب آداب التجارة الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 244

و منها ما رواه منهال أيضا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال:

لا تلق و لا تشتر ما تلقي و لا تأكل منه «1» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها ما رواه منهال أيضا انه سأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن تلقي الغنم فقال: لا تلق و لا تشتر ما تلقي و لا تأكل من لحم ما تلقي «2» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها ما رواه منهال أيضا قال: قلت له: ما حد التلقي قال روحة «3» و

الكلام فيه هو الكلام.

و منها ما رواه عروة بن عبد اللّه عن أبي جعفر عليه السلام قال:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا يتلقي احدكم تجارة خارجا من العصر «4» و لم يوثق عمرو بن شمر و عروة فالحديث ساقط عن الاعتبار.

و منها ما ارسله الصدوق قال: روي ان حد التلقي روحة فاذا صار الي اربع فراسخ فهو جلب «5».

و المرسل لا اعتبار به و بعد فرض النصوص الواردة ضعيفة سندا لا يبقي مجال للاستدلال بها و وجودها كعدمها و أيضا لا مجال لاتمام الامر بادلة التسامح فان تلك الادلة ناظرة الي صورة وعد الثواب لا التوعيد علي العقاب.

و بعبارة اخري بتلك الاخبار علي القول بذلك المذهب يتحقق الاستحباب و اما اثبات الكراهة بها فلا مقتضي له مضافا الي انا

______________________________

(1) الوسائل الباب 36 من ابواب آداب التجارة الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

(3) نفس المصدر الحديث 4.

(4) نفس المصدر الحديث 5.

(5) نفس المصدر الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 245

ذكرنا في محله ان المستفاد من تلك الادلة الارشاد الي حكم العقل لا الدلالة علي الاستحباب فراجع ما ذكرناه هناك و علي هذا الاساس لا وجه للتعرض لذيل المسألة بل الاولي صرف الوقت الي ما يكون أهم و أولي.

[مسألة إذا دفع إنسان إلي غيره مالا ليصرفه في قبيل يكون المدفوع إليه منهم]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة اذا دفع انسان الي غيره مالا ليصرفه في قبيل»

هذه مسئلة مهمة و يترتب عليها الاثر و مورد الابتلاء فنقول يقع البحث فيها تارة من حيث مقتضي القاعدة الاولية و اخري من حيث ما يستفاد من النصوص الخاصة الواردة في المقام فيقع الكلام في مقامين:

أما

المقام الأول [مقتضي القاعدة الاولية]

فتارة يكون اللفظ مقرونا بالقرينة بحيث يفهم العرف من شمول الاذن للمدفوع إليه و اخري يكون ظهور اللفظ في غيره و ثالثة يكون مجملا من هذه الجهة و رابعة يكون بحيث لا يشمله الاذن و لكن يعلم من القرائن انه راض باخذ المدفوع إليه كغيره فهنا أربعة صور.

أما الصورة الأولي فلا اشكال في جواز الاخذ بلا كلام و لا اشكال و أما الصورة الثانية فلا يجوز الاخذ بلا اشكال و لا كلام أيضا.

و أما الصورة الثالثة فأيضا لا يجوز لعدم جواز التصرف في مال احد الا باذنه مضافا الي انه يمكن احراز عدم الرضا في بعض الموارد فان مقتضي الاستصحاب عدم رضاه و اما الصورة الرابعة فلا اشكال في جواز تصرفه فيما دفع إليه لكن هل يمكنه التملك بمجرد الرضا أم لا؟

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 246

فان قلنا بأن العلم بالرضا يكفي للتصرف الاعتباري في ملك الغير يجوز تمليكه من نفسه بالعلم برضاه اي رضا صاحب المال و الا يشكل اذ مع عدم صيرورة المال ملكا للمدفوع إليه يبقي في ملك مالكه و اذا مات ينتقل الي وارثه و لا يجوز التصرف الاعتباري فلا بد من تحقيق هذه الجهة.

و قد ورد في بيع مال الغير حديث و هو ما رواه الحميري انه كتب الي صاحب الزمان عليه السلام ان بعض اصحابنا له ضيعة جديدة

بجنب ضيعة خراب للسلطان فيها حصة و اكرته ربما زرعوا تنازعوا في حدودها و تؤذيهم عمّال السلطان و تتعرض في الكل من غلات ضيعته و ليس لها قيمة لخرابها و انما هي بائرة منذ عشرين سنة و هو يتحرج من شرائها لانه يقال ان هذه الحصة من هذه الضيعة كانت قبضت من الوقف قديما للسلطان فان جاز شراؤها من السلطان كان ذلك صونا و صلاحا له و عمارة لضيعته و انه يزرع هذه الحصة من القرية البائرة بفضل ماء ضيعته العامرة و ينحسم عن طمع اولياء السلطان و ان لم يجز ذلك عمل بما تأمره به ان شاء اللّه، فاجابه عليه السلام الضيعة لا يجوز ابتياعها الا من مالكها أو بامره أو رضا منه «1».

فانه يستفاد من هذا الحديث جواز بيع مال الغير برضاه فان قلنا يفهم العرف من الحديث عدم الفرق بين البيع و بقية الانشائيات كما هو ليس ببعيد نلتزم بالجواز و نقول المدفوع إليه بعد علمه برضا الدافع كما انه يملك المال من قبل الدافع الي القبيل المعين من قبل الدافع كذلك يملك مقدارا من نفسه مستندا الي رضاه فلا فرق

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 247

بينه و بين بقية الاخذين.

و اما اذا قلنا بعدم امكان الجزم بالتسوية و احتمال اختصاص الحكم بخصوص البيع يشكل التعدي و اللّه العالم بحقائق الاشياء.

و أما

المقام الثاني [في ما يستفاد من النصوص الخاصة]

فقد وردت فيه طائفتان من الروايات. الطائفة الاولي: ما يدل علي المنع. الطائفة الثانية ما يدل علي الجواز.

فمن الطائفة الاولي ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال: سألته عن رجل اعطاه رجل مالا ليقسمه في محاويج أو

في مساكين و هو محتاج أ يأخذ منه لنفسه و لا يعلمه قال لا يأخذ منه شيئا حتي يأذن له صاحبه «1».

و من الطائفة الثانية ما رواه سعيد بن يسار قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: الرجل يعطي الزكاة فيقسمها في اصحابه أ يأخذ منها شيئا قال: نعم «2» و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اعطاه رجل مالا ليقسمه في المساكين و له عيال محتاجون أ يعطيهم منه من غير ان يستأذن صاحبه قال: نعم «3».

و مثلهما ما رواه الحسين بن عثمان عن أبي ابراهيم عليه السلام في رجل اعطي مالا يفرقه في من يحل له أله ان يأخذ منه شيئا لنفسه و ان لم يسم له قال: يأخذ منه لنفسه مثل ما يعطي غيره «4».

فيقع التعارض بين الجانبين فلا بد من العلاج و قال الشيخ قدس سره يجمع بين الطرفين بحمل اخبار الجواز علي صورة كون

______________________________

(1) الوسائل الباب 84 من ابواب ما يكتسب به الحديث 3.

(2) نفس المصدر الحديث 1.

(3) نفس المصدر الحديث 2.

(4) الوسائل الباب 40 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 248

غرض الدافع وصول المال الي المستحقين بلا موضوعية لاحد و حمل اخبار المنع علي صورة كون الدافع ناظرا الي اشخاص مخصوصين بحيث يكون المدفوع إليه في نظره غير معنون بعنوانهم.

و لا يخفي ان مثل الجمع المذكور يكون جمعا تبرعيا لا يصار إليه بلا دليل فلا بد من العلاج فما هو؟

فاقول و علي اللّه التوكل و التكلان ان في المقام طائفة ثالثة من النصوص و لنا أن نجمع بين الطرفين و نصالح بين المتعارضين

ببركة هذه الطائفة لاحظ ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال:

سألت أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يعطي الرجل الدراهم يقسمها و يضعها في مواضعها و هو ممن تحل له الصدقة قال: لا بأس ان يأخذ لنفسه كما يعطي غيره قال: و لا يجوز له ان يأخذ اذا امره ان يضعها في مواضع مسماة الا باذنه «1».

فان المستفاد من هذه الرواية التفصيل بين امر الدافع بوضع المال في مواضع مسماة و امره بوضع المال في المساكين مثلا فلا يجوز الاخذ للمدفوع إليه في القسم الأول و يجوز له في القسم الثاني و بهذا يرتفع التنافي من البين و يقع التصالح بين المتعارضين فلاحظ و اغتنم.

لكن الحديث المفصل المتصالح به بين المتعارضين مخدوش سندا باليونسي العبيدي فيبقي التعارض بحاله فان حديث ابن عثمان و ان كان صادرا عن موسي بن جعفر عليهما السلام و لكن مضمر ابن الحجاج «2» يمكن أن يكون منه أيضا فلا يحرز الاحدث عن غيره بل

______________________________

(1) الوسائل الباب 40 من ابواب المستحقين للزكاة الحديث 3.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 247.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 249

مقتضي القاعدة اي الاستصحاب عدم كون حديث ابن عثمان احدث فلا بد من الاحتياط اذ لا يجوز التصرف في مال الغير الا باذنه.

الا ان يقال: ان حديث ابن الحجاج الدال علي عدم الجواز مضمر و لم يحرز ان عبد الرحمن لا يروي الا عن الامام فيحتمل ان يكون المروي عنه غير الامام و عليه يبقي دليل الجواز بلا معارض.

[مسألة احتكار الطعام]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة احتكار الطعام و هو كما في الصحاح»

يتكلم في هذه المسألة من جهات

الجهة الأولي في تفسير الاحتكار

قال في الحدائق الاحتكار و هو افتعال من الحكرة بالضم و هو جمع الطعام و حبسه يتربص به الغلاء و ما افاده موافق لما نقل الماتن عن الصحاح و المصباح من ان الاحتكار حبس الطعام لانتظار غلائه.

الجهة الثانية: في حكمه و انه حرام أو مكروه أو مباح

و قد اختلفوا في حرمته و كراهته و العمدة النصوص الواردة عن مخازن الوحي و لا بدّ من ملاحظتها.

فنقول من تلك النصوص ما رواه السكوني عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: الحكرة في الخصب اربعون يوما و في الشدة و البلاء ثلاثة ايام فما زاد علي الاربعين يوما في الخصب فصاحبه ملعون و ما زاد علي ثلاثة ايام في العسرة فصاحبه ملعون «1» و الحديث ضعيف سندا بالنوفلي و للرواية سند آخر و هو مخدوش أيضا.

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سألته عن الرجل يحتكر الطعام و يتربص به هل يصلح ذلك؟ قال: ان كان الطعام كثيرا يسع الناس فلا بأس به و ان كان الطعام قليلا لا يسع

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب آداب التجارة الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 250

الناس فانه يكره ان يحتكر الطعام و يترك الناس ليس لهم طعام «1» و الحديث لا بأس به سندا لكن لا يدل علي أزيد من الكراهة.

و منها ما رواه ابن القداح عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: الجالب مرزوق و المحتكر ملعون «2» و السند مخدوش فلا يعتد بالرواية.

و منها ما رواه غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: ليس الحكرة الا في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن «3» و الحديث لا

يدل علي الحكم بل في مقام بيان الموضوع.

و منها ما رواه حسين بن ثوير عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

اذا اصابتكم مجاعة فاعتنوا بالزبيب «4».

و هذه الرواية لا يستفاد منها حكم الاحتكار بل لا ترتبط بالمقام اصلا فلاحظ.

و منها ما رواه أبو مريم عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: ايّما رجل اشتري طعاما فكبسه اربعين صباحا يريد به غلاء المسلمين ثم باعه فتصدق بثمنه لم يكن كفارة لما صنع «5» و الرواية مخدوشة سندا.

و منها ما رواه ابو البختري عن جعفر بن محمد عن ابيه ان عليا عليه السلام كان ينهي عن الحكرة في الامصار فقال: ليس الحكرة

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب آداب التجارة الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

(3) نفس المصدر الحديث 4.

(4) نفس المصدر الحديث 5.

(5) نفس المصدر الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 251

الا في الحنطة و الشعير و التمر و الزبيب و السمن «1» و الحديث ضعيف سندا.

و منها ما ارسله الصدوق قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: لا يحتكر الطعام الا خاطئ «2» و المرسل لا اعتبار به و منها ما ارسله أيضا قال: و نهي أمير المؤمنين عليه السلام عن الحكرة في الامصار «3» و الكلام فيه هو الكلام.

و منها ما رواه السكوني عن جعفر بن محمد عن آبائه عن النبي صلي اللّه عليه و آله قال الحكرة في ستة اشياء في الحنطة و الشعير و التمر و الزيت و السمن و الزبيب «4» و الحديث ضعيف سندا مضافا الي عدم الدلالة علي المدعي.

و منها ما رواه و رام بن أبي فراس في

كتابه عن النبي صلي اللّه عليه و آله عن جبرئيل قال: اطلعت في النار فرأيت واديا في جهنم يغلي فقلت: يا مالك لمن هذا فقال لثلاثة المحتكرين و المدمنين الخمر و القوادين «5» و الحديث ضعيف سندا.

و منها ما رواه اسماعيل بن أبي زياد عن أبي عبد اللّه عليه السلام عن ابيه قال: لا يحتكر الطعام الا خاطئ «6» و الحديث لا يدل علي الحرمة بل غايته الدلالة علي الكراهة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب آداب التجارة الحديث 7.

(2) نفس المصدر الحديث 8.

(3) نفس المصدر الحديث 9.

(4) نفس المصدر الحديث 10.

(5) نفس المصدر الحديث 11.

(6) نفس المصدر الحديث 12.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 252

و منها ما رواه محمد بن الحسين الرضي عن أمير المؤمنين عليه السلام في كتابه الي مالك الاشتر قال فامنع من الاحتكار فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله منع منه و ليكن البيع بيعا سمحا بموازين عدل واسعا لا يجحف بالفريقين من البائع و المبتاع فمن قارف حكرة بعد نهيك اياه فنكل و عاقب في غير اسراف «1» و الحديث مخدوش سندا.

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سئل عن الحكرة فقال: انما الحكرة ان تشتري طعاما و ليس في المصر غيره فتحتكره فان كان في المصر طعام أو متاع غيره فلا بأس ان تلتمس بسلعتك الفضل «2».

و الظاهر ان الحديث يدل علي الحرمة و سندها تام ظاهرا و للرواية سند آخر و ذلك السند أيضا تام و قد جعلها صاحب الوسائل الحديث الثاني من الباب.

و منها ما رواه سالم الحناط قال: قال لي أبو عبد اللّه عليه السلام:

ما عملك قلت: حناط

و ربما قدمت علي نفاق و ربما قدمت علي كساد فحبست قال: فما يقول من قبلك فيه؟ قلت: يقولون: محتكر فقال:

يبيعه احد غيرك.

قلت: ما ابيع انا من الف جزء جزءا قال: لا بأس انما كان ذلك رجل من قريش يقال له حكيم بن حزام و كان اذا دخل الطعام المدينة اشتراه كله فمر عليه النبي صلي اللّه عليه و آله فقال: يا حكيم بن حزام

______________________________

(1) الوسائل الباب 27 من ابواب آداب التجارة الحديث 13.

(2) الوسائل الباب 28 من ابواب آداب التجارة الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 253

اياك ان تحتكر «1» و الظاهر ان الحديث يدل علي الحرمة و السند تام فالنتيجة ان الاحتكار حرام في الجملة.

الجهة الثالثة في بيان ما يجري فيه الاحتكار

و قد عين في بعض النصوص منها ما رواه أبو البختري «2» و قد مرّ ان الحديث ضعيف سندا و منها ما رواه السكوني «3» و الرواية ضعيف سندا.

و منها ما رواه غياث «4» و هذه الرواية تامة سندا و قد رويت الرواية بسندين و لفظ الزيت في احد الطريقين دون الاخر و عند دوران الامر بين الشك في الزيادة و النقيصة يؤخذ بما فيه الزيادة فتحصل ان حكم الحكرة مختص بالامور المذكورة.

الجهة الرابعة ان حرمة الاحتكار تختص بمورد يكون البيع منحصرا في المحتكر

و اما لو كان غيره يبيع ما احتكره المحتكر لا تكون الحكرة محرمة لاحظ ما رواه الحلبي «5» و لاحظ ما رواه حماد قال: و سألته عن الزيت فقال: اذا كان عند غيرك فلا بأس بامساكه «6» و لاحظ ما رواه سالم الحناط «7».

بل يستفاد من بعض النصوص ان حرمة الاحتكار تختص بزمان يكون الناس في ضيق و اما اذا لم يكن كذلك فلا يحرم لاحظ ما رواه الحلبي «8».

______________________________

(1) الوسائل الباب 28 من ابواب آداب التجارة الحديث 3.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 250.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 251.

(4) قد تقدم ذكر الحديث في ص 250.

(5) قد تقدم ذكر الحديث في ص 252.

(6) الوسائل الباب 28 من ابواب آداب التجارة الحديث 2.

(7) قد تقدم في ص 252.

(8) تقدم ذكر الحديث في ص 249

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 254

الجهة الخامسة ان الاحتكار الحرام هل يكون فيه تحديد من حيث الزمان أم لا؟

الحق هو الثاني.

نعم ربما يستفاد التحديد من حديث السكوني «1» و الرواية ضعيفة سندا فلا يعتد بها و لاحظ ما رواه ابو مريم «2» و الحديث ضعيف سندا فلا اثر له.

الجهة السادسة: انه هل يجوز اجبار المحتكر علي البيع أم لا؟

و يتكلم في هذه الجهة تارة من حيث القاعدة الاولية و اخري من حيث النص الخاص اما من حيث القاعدة الاولية فلا يجوز فانه لا يحل لاحد اجبار الغير فيما يتعلق به نعم بعد فرض الحرمة يجب نهيه عنه لوجوب النهي عن المنكر.

و أما من حيث النص الخاص فيستفاد من بعض الروايات الجواز لاحظ ما رواه حذيفة بن منصور عن أبي عبد اللّه عليه السلام: قال:

نفد الطعام علي عهد رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله فاتاه المسلمون فقالوا: يا رسول اللّه قد نفد الطعام و لم يبق منه شي ء الا عند فلان فمره ببيعه قال: فحمد اللّه و اثني عليه ثم قال: يا فلان ان المسلمين ذكروا ان الطعام قد نفد الا شي ء عندك فاخرجه و بعه كيف شئت و لا تحبسه «3».

و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا يعتد بها مضافا الي ان المذكور في الرواية فعل النبي اي امره بالبيع فلعل النبي صلي اللّه عليه و آله

______________________________

(1) تقدم ذكر الحديث في ص 249.

(2) تقدم ذكر الحديث في ص 250.

(3) الوسائل الباب 29 من ابواب آداب التجارة الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 255

استفاد من ولايته علي اموال الناس فيختص بمن يكون له الولاية كالنبي و اوصيائه عليهم السلام.

و يضاف الي ذلك كله انه صلي اللّه عليه و آله امر بالبيع و لم يجبر المالك و من الظاهران مجرد الامر لا يدل علي المدعي.

و لاحظ ما رواه ضمرة عن علي

بن أبي طالب عليهما السلام انه قال: رفع الحديث الي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله انه مرّ بالمحتكرين فأمر بحكرتهم ان تخرج الي بطون الاسواق و حيث تنظر الابصار إليها فقيل لرسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لو قومت عليهم فغضب رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله حتي عرف الغضب في وجهه فقال: انا اقوم عليهم انّما السعر الي اللّه يرفعه اذا شاء و يخفضه اذا شاء «1».

و لا يمكن الاستدلال بالحديث علي المدعي اذ يمكن ان النبي استفاد من ولايته علي الاموال.

الجهة السابعة هل يجوز تسعير ما احتكره المحتكر أم لا؟

الظاهر هو الثاني لاحظ ما رواه حفص بن غياث عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان سنين يوسف الغلاء الذي اصاب الناس و لم يتمنّ الغلاء لا حد قط قال: فاتاه التجار فقالوا: بعنا فقال: اشتروا فقالوا نأخذ كذا بكذا فقال: خذوا و امر فكالوهم فحملوا و مضوا حتي دخلوا المدينة فلقيهم قوم تجار فقالوا: كيف اخذتم قالوا: كذا بكذا و اضعفوا الثمن.

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب آداب التجارة الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 256

قال: فقدم اولئك علي يوسف فقالوا: بعنا قال: اشتروا قالوا:

بعنا كما بعت كذا بكذا فقال: ما هو كما يقولون و لكن خذوا فاخذوا ثم مضوا حتي دخلوا المدينة فلقيهم آخرون فقالوا كيف اخذتم قالوا: كذا بكذا و اضعفوا الثمن.

قال: فعظم الناس ذلك الغلاء و قالوا: اذهبوا بنا حتي نشتري قال فذهبوا الي يوسف فقالوا: بعنا فقال اشتروا فقالوا بعنا كما بعت فقال و كيف بعت فقالوا كذا بكذا فقال: ما هو كذلك و لكن خذوا قال: فأخذوا و رجعوا الي المدينة فاخبروا الناس فقالوا تعالوا فيما بينهم حتي

نكذب في الرخص كما كذبنا في الغلاء «1».

فانه يستفاد من الحديث انه لا يجوز التسعير و يستفاد المدعي من طائفة اخري من النصوص الواردة في الباب المشار إليه فلا وجه لما ذهب إليه بعضهم من جواز التسعير فانه اجتهاد في مقابل النص فلا مجال لأن يقال انه يجوز في صورة الاجحاف لقاعدة نفي الضرر اذ لا مجال للاستدلال بالقاعدة مع النص علي عدم الجواز علي الاطلاق.

مضافا الي أن الاجحاف اذا كان سببا لجواز التسعير يلزم جوازه في كل مورد يكون كذلك و لا يختص بباب الاحتكار و هل يمكن الالتزام به؟ و يضاف الي ذلك انه معارض بالضرر الوارد علي البائع فان منعه عن اعمال قدرته ضرر عليه.

اضف الي ما ذكر ان دليل لا ضرر لا يتصدي للاثبات بل يدل علي

______________________________

(1) الوسائل الباب 30 من ابواب آداب التجارة الحديث 9.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 257

النفي و بالإضافة الي جميع ما ذكر ان قاعدة لا ضرر تدل علي النهي اي ان الاضرار حرام فيجوز نهي البائع من باب النهي عن المنكر لا ازيد من هذا و لكن هل يمكن الالتزام بحرمة البيع بالثمن الغالي مع ان الناس مسلّطون علي اموالهم؟

الجهة الثامنة: انه هل يختص الاحتكار بحبس الطعام الذي اشتراه أو يكون اعم

يمكن ان يقال بالاختصاص للنص لاحظ ما رواه الحلبي «1» فان المستفاد من الحديث ان الموضوع للحكم الاحتكار الخاص لا مطلقه.

[خاتمة و من أهم آداب التجارة الإجمال في الطلب و الاقتصاد فيه]

«قوله قدس سره: خاتمة و من اهم آداب التجارة الاجمال في الطلب و الاقتصاد فيه ففي مرسلة ابن فضال»

الخ لاحظ ما ارسله ابن الفضال عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال:

ليكن طلبك للمعيشة فوق كسب المضيع و دون طلب الحريص الراضي بدنياه المطمئن إليها و لكن أنزل نفسك من ذلك بمنزلة المنصف المتعفف ترفع نفسك عن منزلة الواهن الضعيف و تكسب ما لا بدّ منه ان الذين اعطوا المال ثمّ لم يشكروا لا مال لهم «2».

و ما رواه ابو حمزة الثمالي عن أبي جعفر عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في حجة الوداع: الا ان الروح الامين نفث في روعي انه لا تموت نفس حتي تستكمل رزقها فاتقوا اللّه و اجملوا في الطلب و لا يحملنكم استبطاء شي ء من الرزق ان تطلبوه بمعصية اللّه فان اللّه تبارك و تعالي قسم الارزاق بين خلقه حلالا و لم

______________________________

(1) تقدم ذكر الحديث في ص 252.

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب مقدمات التجارة الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 258

يقسمها حراما فمن اتقي اللّه و صبر أتاه اللّه برزقه من حله و من هتك حجاب الستر و عجّل فأخذه من غير حلّه قص به من رزقه الحلال و حوسب عليه يوم القيامة «1».

و عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: كان أمير المؤمنين عليه السلام كثيرا ما يقول اعلموا علما يقينا ان اللّه جل و عز لم يجعل للعبد و ان اشتد جهده و عظمت حيلته و كثرت مكايده ان

يسبق ما سمّي له في الذكر الحكيم و لم يخل من العبد في ضعفه و قلّة حيلته ان يبلغ ما سمّي له في الذكر الحكيم الحديث «2».

و في رواية عبد اللّه بن سليمان قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول ان اللّه عز و جل وسّع في ارزاق الحمقي ليعتبر العقلاء و يعلموا ان الدنيا ليس ينال ما فيها بعمل و لا حيلة «3» و في مرفوعة سهل بن زياد رفعه قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: كم من متعب نفسه مقتر عليه و مقتصد في الطلب قد ساعدته المقادير «4».

و في رواية علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبد اللّه عليه السلام ما فعل عمر بن مسلم قلت: جعلت فداك اقبل علي العبادة و ترك التجارة فقال: ويحه أ ما علم ان تارك الطلب لا يستجاب له ان قوما من اصحاب رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله لمّا نزلت «و من يتق اللّه يجعل له مخرجا و يرزقه من حيث لا يحتسب» اغلقوا الابواب

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب مقدمات التجارة الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 13 من ابواب مقدمات التجارة الحديث 4.

(3) نفس المصدر الحديث 1.

(4) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 259

و اقبلوا علي العبادة و قالوا قد كفينا فبلغ ذلك النبي صلي اللّه عليه و آله فأرسل إليهم فقال ما حملكم علي ما صنعتم فقالوا: يا رسول اللّه تكفل لنا بارزاقنا فاقبلنا علي العبادة فقال انه من فعل ذلك لم يستجب له عليكم بالطلب «1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب مقدمات التجارة الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 260

[الخيارات]

[مقدمتان]

[الأولي في معني الخيار لغة و اصطلاحا]
اشارة

في تعريف

الخيار «قوله قدس سره: الاولي الخيار لغة اسم مصدر من الاختيار»

الخ قد ذكر الماتن في المقدمة الاولي امورا.

الأمر الأول: ان لفظ الخيار اسم مصدر من الاختيار

و قال الطريحي في مجمع البحرين و الخيار هو الاختيار. و عن المصباح انهما لغتان بمعني واحد و الظاهر ان الخيار بمعني الاختيار فانه يفهم من موارد استعمالاته لانا لا نري فرقا بين ان يقال لي الاختيار في الامر الفلاني و أن يقال لي الخيار في ذلك الامر فلا فرق بين لفظي الاختيار و الخيار من حيث المعني.

الأمر الثاني: انه غلب في كلمات جماعة من المتأخرين في ملك فسخ العقد فنقل عن معناه اللغوي الي معني جديد

و لكن يمكن ان يقال ان استعماله في ملك فسخ العقد بلحاظ المعني الاصلي اي يكون لذي الخيار فسخ العقد.

و بعبارة اخري الخيار عبارة عن كون زمام امر شي ء بيد من له الخيار فتارة يكون متعلقه الفعل الخارجي كالقيام و القعود و اخري يكون متعلقه الامر الاعتباري فكل داخل تحت معني واحد و مفهوم فارد فيشمل خيار الفسخ علي مقتضي ذلك المعني اللغوي و الظاهر

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 261

عدم شموله لرد المالك العقد الفضولي و كذلك لا يشمل رد الوارث العقد علي ما زاد علي الثلث و كذلك رد العمة و الخالة اذ الفسخ متفرع علي تحقق العقد و المفروض ان العقود المذكورة لا تؤثر الا باجازة من بيده الامر و لا موضوع للفسخ.

الا ان يقال ان المقصود هذا المعني فان المالك له ان يجيز و ان لا يجيز و الامر سهل.

الأمر الثالث: انه قدس سره فرق بين الحكم و الحق

و قال لعلّ التعبير بالملك للتنبيه علي ان الخيار من الحقوق لا من الاحكام و الحق ان يقال لا فرق بين الحق و الحكم فان الحق في مقابل الباطل و لذا يصح ان يقال لي حق شرب الماء و اكل الخبز و النظر الي المحارم الي غيرها كما يصح أن يقال لي حق الخيار و أيضا يصح ان يقال ليس لزيد حق شرب الخمر و ضرب اليتيم فالحق مقابل الباطل و لذا يقال هذا الكلام حق و هذا التصرف حق.

نعم الحق علي قسمين احدهما قابل للاسقاط كبعض اقسام الخيار ثانيهما غير قابل للاسقاط فلا فرق بين نوعي الخيار الا من حيث الاثر و الملكية عبارة عن السلطة و المفروض ان السلطة لا تختص بخصوص ما يكون قابلا للاسقاط فلاحظ.

الأمر الرابع: ان الماتن قد ذكر انه قد عرف الخيار بملك اقرار العقد و ازالته

و قد اورد عليه بانه ما المراد من الاقرار فان كان المراد من الاقرار عدم الازالة فذكره مستدرك اذ القدرة لا تتعلق باحد الطرفين فملك الازالة يكفي و ان كان المراد من الاقرار جعله غير قابل للفسخ فيرجع الي اسقاط الخيار فالخيار عرف بنفسه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 262

و يمكن ان يقال انه ليس دوريا فان تثبيت العقد جعله بنحو غير قابل للفسخ و من اسبابه اسقاط الخيار فلا يلزم الدور.

و لنا ان نقول قوام الخيار بالقدرة علي الازالة و تركها و لا يتقوم باثبات العقد و عدم امكان فسخه فلا تنافي بين الامرين و الخيارات التي لا تكون قابلة للاسقاط من هذا القبيل.

الأمر الخامس: ان المتبادر من الخيار المعني الاصطلاحي

و الا ففي الاخبار قد اطلق علي غير هذا المعني فانه اطلق علي خيار المالك بين الرد و الامضاء اقول قد تقدم منا ان جميع الاستعمالات من واد واحد و انما الاختلاف في المتعلق.

[الثانية الأصل في البيع اللزوم]

«قوله قدس سره: الثانية غير ذكر واحد تبعا للعلامة في كتبه ان الاصل في البيع اللزوم»

الخ و قد وقع الكلام في انه ما المراد من الاصل و قد ذكرت في المقام احتمالات: الاحتمال الاول: أن يكون المراد منه الراجح.

و يرد عليه كما في كلام الماتن انّه ان كان منشأ الرجحان غلبة افراد اللازم فلا يكون الامر كذلك اذ ما من بيع الا و فيه خيار المجلس و ان كان المراد الغلبة من حيث الزمان فلا اثر له اقول مضافا الي ما ذكر لا اثر للغلبة فان غايته حصول الظن الذي لا يغني عن الحق شيئا.

الاحتمال الثاني: ان يكون المراد من الاصل استصحاب بقاء الملكية بعد الفسخ و قال الشيخ قدس سره: هذا حسن و يرد عليه انا ذكرنا في بحث الاستصحاب ان استصحاب بقاء الحكم الكلي دائما معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد فهذا الاحتمال أيضا لا يمكن الاخذ به.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 263

الاحتمال الثالث: ان نقول وضع البيع لو خلي و طبعه علي اللزوم و انقطاع علاقة البائع عن المبيع و انقطاع المشتري عن الثمن بخلاف الهبة فان وضعها علي خلاف البيع حيث ان الجواز في الهبة اصل اولي.

و يرد عليه ان الاصل بهذا المعني لا يترتب عليه اثر عند الشك بحيث يكون مرجعا عنده و اثبات الخيار يكون محتاجا الي الدليل.

الاحتمال الرابع: ان يكون المراد من الاصل القانون المستفاد من الشرع بان في كل مورد يشك

في الخيار و عدمه يحكم بعدمه و كون العقد باقيا بحاله و هذا هو الصحيح فان قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» يقتضي اللزوم بتقريب ان الامر بالوفاء لا يكون تكليفا اذ من الواضح ان الفسخ ليس حراما و عدم الفسخ ليس واجبا فيكون ارشادا الي عدم تأثير الفسخ ففي كل مورد يشك في لزوم بيع و عدمه يحكم باللزوم بمقتضي وجوب الوفاء و هذا البيان تام ظاهرا و لا خدشة فيه.

و في المقام اشكال و هو ان الخيار تارة يكون بالتعبد الشرعي كخياري المجلس و الحيوان و اخري يكون بالجعل أما القسم الأول فلا يتوجه به اشكال.

و أما الثاني فيرد فيه الاشكال و هو انه كيف يمكن اجتماع البيع مع جعل الخيار و كان سيدنا الاستاد قدس سره يقول مرجعه الي قول البائع بعتك الي زمان قولي فسخت فلا تنافي بين البيع و جعل الخيار و اعماله اذ قول ذي الخيار فسخت انتهاء التمليك.

و يرد عليه ان الفسخ عبارة عن ازالة الملكية فلا بد من فرض وجودها في الرتبة السابقة كي يرد عليها الازالة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 264

و بعبارة اخري الفسخ بمثابة القطع الخارجي و هل يمكن تحقق القطع و صدقه بلا فرض الوصل قبله.

و كان سيدنا الاستاد قدس سره توهم التنافي بين اعتبار الملكية المستمرة و جعل الخيار و حق الفسخ و الحال انه ليس كذلك فان البائع يعتبر ملكية العين للمشتري في قبال الثمن مستمرا الي زمان انعدام العين علي الاطلاق أي بلا تقيد اعتباره بقيد و بحادث من الحوادث فكما ان نزول المطر من السماء و عدمه لا يؤثر و لا يقيد اعتباره كذلك الفسخ المتأخر عن البيع و

عدمه لا يؤثر و لا يقيد.

و بعبارة واضحة: كون المبيع مملوكا للمشتري الي آخر ازمنة العين اعم من ان يتحقق فسخ أم لا؟

و ببيان آخر نقول البيع عبارة عن تمليك العين من المشتري الي زمان انعدامها و لا ينافيه جعل الخيار بان يجعل الشارط لنفسه حق ازالة الملكية المذكورة كما ان الامر في النكاح كذلك فان الزوجة تجعل نفسها زوجة للزوج و تعتبر الزوجية بينهما الي زمان وفاتها او وفاته و مع ذلك يمكن ان يجعل لنفسها حق طلاقها فالزوجية مستمرة علي كل حال لا انها موقتة و محدودة بالطلاق فلا اشكال في جعل الخيار من هذه الناحية.

فانقدح ان الفسخ كالطلاق يتوقف علي استمرار متعلقه و اولاه لا يصدق عنوان الازالة أو الطلاق اذ الازالة متوقف علي وجود متعلق الازالة كي يصدق عنوانها و مع عدمه لا متعلق للقطع و الازالة فلا يصدق العنوان.

«قوله قدس سره: مع انه لا يناسب ما في القواعد»

الخ يمكن ان يكون وجه عدم المناسبة ان الافراد الغالبة لا تشمل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 265

الفرد النادر فلا يصح التعبير بالخروج اذ الخروج فرع الدخول فلاحظ.

«قوله قدس سره: لكنه مع عدم تمامه تكلف»

الخ.

قد ذكر في وجه عدم التمامية ان الحصر المذكور منقوض بالجواز في عقد الفضولي و الجواز في المعاطاة و الامر سهل.

«قوله قدس: و المراد بوجوب الوفاء العمل بما اقتضاه العقد في نفسه»

الخ تقريب الاستدلال بالآية علي اللزوم انه يجب بحكم الآية ترتيب الآثار علي العقد كي يصدق عنوان الوفاء الواجب فلو عقد البيع و ملك داره به من المشتري يكون الوفاء بهذا العقد ان يسلم الدار منه و لا يتصرف فيها بدون اذنه لا خارجا و لا

اعتبارا فيجب عليه ترتيب آثار ملكية الدار للمشتري و يستفاد من هذا التكليف الوضع و هو عدم تأثير الفسخ فلا مجال لان يقال الكلام في تأثير الفسخ و عدمه فلو لم يكن الفسخ مؤثرا يكون البيع لازما فتحصل ان اللزوم الوضعي يثبت بالايجاب التكليفي المتعلق بالوفاء.

و يرد عليه ان الوفاء بالعقد انما يتحقق بعدم رفع اليد عن نفس العقد مثلا اذا تعهد زيد ان يزور الامام الرضا عليه السلام في كل يوم فتارة يكون متذكرا لعهده و يزور و اخري ينسي عهده و ثالثة يرفع اليد عن عهده.

اما في الصورة الأولي فيصدق انه و في بعهده و أما في الصورة الثانية فلا يصدق عدم الوفاء اذ المفروض انه معذور لنسيانه.

و أما في الصورة الثالثة فيصدق انه لم يف بعهده و رفع اليد عن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 266

عهده و هل يتصور انه لم يرفع اليد عن عهده و لا يزور بلا مانع الظاهر انه لا يتصور فانه كيف يمكن ان يكون التعهد بشي ء باقيا و لا يتبعه العمل الخارجي فعلي هذا الاساس نقول البائع للدار مثلا اما يلتزم بعقده و بيعه و يري ان المشتري للدار مالكا لها و مع ذلك يتصرف في الدار عدوانا و اما يتصرف في الدار بعد رفع يده عن العقد و فسخه.

أما علي الاول فلا مجال للاستدلال بالآية علي اللزوم اذ البائع يري ان المشتري مالك للدار و معترف به فيري ان العقد بحاله.

و أما علي الثاني فلا مجال للاستدلال اذ بعد الفسخ لا يكون العقد باقيا كي يترتب الاثر عليه فالاشكال ليس من ناحية التمسك بالدليل في الشبهة المصداقية بل الاشكال من ناحية القطع بعدم بقاء

الموضوع.

و لو تنزلنا و قلنا انه يشك في بقائه و عدمه يكفي لعدم جواز الاستدلال انه لا يجوز الاخذ بالدليل مع الشك في المصداق ان قلت يستصحب بقائه قلت: يرد عليه أولا انه رجوع من الآية الي الاستصحاب.

و ثانيا ان استصحاب المجعول معارض باستصحاب عدم جعل الزائد فالصحيح في مقام الاستدلال بالآية ان يقال المستفاد منها وجوب اتمام العقد أي عدم رفع اليد عنه و عدم فسخه و من الظاهر ان الفسخ بما هو لا يكون حراما فيفهم ان الفسخ لا يتحقق و لا يؤثر.

و ببيان أوضح ان العقد و العهد و الالتزام و البناء مع بقائها لا يعقل ان لا يترتب عليها آثارها فلا يتصور العدم كي يقال يجب الترتيب و انما المتصور رفع اليد عن نفس العهد و الالتزام فالآية

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 267

تدل علي حرمة فسخ العزائم و نقض الهمم و من الظاهر ان رفع اليد بنفسه لا يكون حراما و لا يوجب الفسق و الخروج عن العدالة فيكون المقصود بقائه محفوظا في وعاء الشرع و الامر بالوفاء ارشاد الي هذه الجهة فالعقد لازم شرعا.

و لما انجر الكلام الي هنا يناسب بل يلزم أن نذكر نكتة مهمة جدا و هي ان العقد قد فسر في لسان المعصوم عليه السلام بمطلق العهد لاحظ ما رواه علي بن ابراهيم في تفسيره عن النضر بن سويد عن عبد اللّه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قوله «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» قال بالعهود «1».

و الظاهر ان الرواية تامة سندا و عليه نقول اذا تعهد شخص بشي ء كما لو عقد قلبا أن يزور كل ليلة الجمعة الامام الرضا عليه السلام يجب و لا

يمكنه ان يرفع اليد عن عهده و عقده لوجوب الوفاء بالعقد بمقتضي قوله تعالي فلا بد في التفصي عن هذه العويصة من مخرج صحيح و الظاهر انه لا مخرج له الا التسالم و الضرورة.

«قوله قدس سره: فان حلية البيع التي لا يراد منها الا جميع التصرفات»

الخ.

تقريب الاستدلال ان يقال المراد من حلية البيع حلية تصرف كل من المتعاملين فيما انتقل إليه علي الاطلاق أي قبل الفسخ و بعده فيفهم ان العقد لازم اذ لو كان جائزا كان مقتضي الفسخ انتقال العين الي مالكها الاول فلا يجوز التصرف فيها لعدم جواز التصرف في مال الغير بلا اذنه فمن الحكم بالجواز يفهم لزوم العقد هذا تقريب الاستدلال بالآية علي المدعي.

______________________________

(1) تفسير القمي ج 1 ص 160.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 268

و يرد علي الاستدلال ان الا حلال عبارة عن جعل الشي ء حلالا و يظهر هذا المعني من التقابل الواقع في الآية بين احلال البيع و تحريم الربا و الربا عبارة عن الزيادة و تعلقت الحرمة بها فيعلم ان الربا لا تصير مملوكة للطرف بالملازمة اذ لو كانت مملوكة لم يكن وجه لحرمتها و يستفاد من مقابلها و هو احلال البيع انه حلال و بالملازمة العرفية يفهم ان البيع صحيح وضعا اذ مجرد الحلية التكليفية لا اثر له فلا مجال لاستفادة اللزوم من الآية الشريفة بالتقريب المتقدم ذكره.

نعم يمكن الاستدلال علي المدعي بالآية بتقريب آخر و هو ان مقتضي اطلاق احلال البيع و حليته حلية جميع الافراد المتصورة للبيع فانه مقتضي الاطلاق و من الافراد المتصورة ان يبيع زيد داره من بكر و يملكه علي الاطلاق حتي بالنسبة الي ما بعد الفسخ.

و بعبارة واضحة تمليك

العين من قبل البائع للمشتري ليس تمليكا موقتا بيوم أو شهر أو سنة و أيضا غير مقيد بحرارة الهواء و برودته الي غير ذلك بل تمليك علي الاطلاق و من جملة الحوادث الممكنة عروض الفسخ فلا بد بالنسبة الي هذا الحادث اما يكون التمليك مقيدا و اما يكون مهملا و اما يكون مطلقا.

أما التمليك الموقت بزمان خاص فهو غير معهود في البيع و أما الاهمال فهو غير معقول في الواقع فيكون الامر منحصرا في الاطلاق فاذا فرض الاطلاق و قد فرض انه قسم من البيع و من ناحية اخري اطلاق حلية البيع يمضيه فتكون النتيجة اللزوم بالتقريب المذكور.

ثم ان الشيخ قدس سره أورد علي نفسه بانه لو شك في تأثير الفسخ لا ينفع الاطلاق بل يحتاج الي الاستصحاب.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 269

أقول: يمكن أن يكون مراده مما أفاده انه بعد الفسخ يشك في بقاء البيع و عدمه و مع الشك في الموضوع لا للاخذ بإطلاق الحكم فلا بد من جريان الاستصحاب في الموضوع و يحتمل انه بعد الفسخ لا يكون التصرف جائزا اذ مع الفسخ المؤثر لا مجال للجواز و يحتاج الي استصحاب الجواز.

و ما افاده علي كلا التقديرين غير تام.

أما علي الاول فلان الموضوع هو البيع و لا مجال لان يشك فيه فان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و بعبارة اخري اذا كان مفاد الآية انه لو تحقق البيع يجوز التصرف علي الاطلاق لا مجال للاشكال اذ المفروض تحقق البيع فيترتب عليه جواز التصرف في العين مضافا الي انه لو وصلت النوبة الي الاستصحاب يقع التعارض بين الاصل الجاري في المجعول و الجعل.

و أما علي الثاني فلا مجال لرفع

اليد عن الاطلاق فان مقتضاه جواز التصرف فيما انتقل إليه و جواز التصرف فيه يستلزم اللزوم كما تقدم مضافا الي ان الاستصحاب في الحكم الكلي معارض باصالة عدم الجعل الزائد كما تقدم آنفا فلاحظ.

«قوله قدس سره: و منه يظهر وجه الاستدلال علي اللزوم بإطلاق حلية اكل المال»

الخ.

و تقريب الاستدلال ان المستفاد من الآية جواز التصرف في المال المنتقل الي المتصرف بالتجارة و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين التصرف الواقع قبل الفسخ و بعده و بهذا الاطلاق يكشف لزوم العقد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 270

و يرد عليه ان المستفاد من الآية الشريفة ليس جواز التصرف بل المراد ان تملك اموال الناس علي نحوين.

أحدهما: ما يكون بالسبب الباطل كما لو كان بالسرقة أو القمار أو امثالهما.

ثانيهما: ما يكون بالسبب الشرعي كالتجارة عن تراض فلا مجال لذلك التقريب لاثبات المدعي نعم يمكن اثبات الدعوي بتقريب آخر و هو ان مقتضي اطلاق التجارة عدم الفرق بين انواعها و من تلك الانواع التملك المطلق أي بلا فرق بين تحقق الفسخ و عدمه مثل التقريب الذي سبق في آية احلال البيع.

و بهذا التقريب يمكن اثبات المدعي و لا يتوجه إليه ما افاده الشيخ من انه لا بدّ من التوسل بذيل الاستصحاب و قد تقدم تقريب اشكاله مع رده.

و يمكن أن يكون نظره الي انه مع الشك لا بدّ من اجراء استصحاب عدم تأثير الفسخ.

و يرد عليه انه ما المراد من عدم تأثير الفسخ فان كان المراد ان العقد كان لازما في زمان و الآن كما كان فيرد عليه انه متي كان العقد لازما و ان كان المراد ان الملكية كانت ثابتة قبل الفسخ و الآن كما كانت.

فيرد عليه

ان استصحاب بقاء الملكية معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد و ان كان المراد استصحاب عدم جعل الخيار بان نقول نشك في بقاء الملكية بعد الفسخ و الشك في بقاء الملكية ناش و مسبب عن الشك في جعل الخيار فيجري الاصل في عدم جعل الخيار فيترتب عليه اللزوم لان الاصل الجاري في السبب حاكم علي الاصل الجاري

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 271

في المسبب.

و ببيان آخر ان بقاء الملكية بعد الفسخ اثر شرعي و حكم لعدم جعل الخيار فالتسبب شرعي.

فيرد عليه ان البيان المذكور ليس الا مغالطة و عند التأمل لا يرجع الي محصل اذ من الظاهر ان الحكم الشرعي ليس الا اعتبار الشارع فانه يرتب الحكم الفلاني علي الموضوع الكذائي و ليس الحكم الشرعي مرتبطا بباب العلة و المعلول و السبب و المسبب و عليه نقول الشك في بقاء الملكية و عدم بقائها ناش عن ان الجعل الشرعي تعلق بالملكية الطويلة أو تعلق بالملكية القصيرة فيقع التعارض بين بقاء المجعول بالاستصحاب المتعلق به و استصحاب عدم الجعل الزائد.

و ببيان واضح نقول يتعلق الشك بان الشارع الاقدس هل حكم بالملكية الي زمان الفسخ أو حكم بالملكية علي الاطلاق؟ و مقتضي استصحاب بقاء المجعول بقائها بعد الفسخ أيضا و مقتضي عدم الجعل الزائد عدم بقائها بعده و هذا هو التعارض الواقع بين الاستصحابين في كل مورد يكون الشك في بقاء الحكم الكلي.

نعم لو كان الشك في البقاء من جهة الشبهة الموضوعية يجري الاستصحاب في السبب و يترتب عليه المسبب و لا تعارض مثلا لو توضأ زيد يبقي وضوئه الي ان يحدث له النوم أو غيره فاذا شك في النوم و عدمه يجري استصحاب عدم النوم

اذ قد علم من الشرع ان الطهارة ترتفع بالنوم و تبقي عند عدمه فاذا اجري الاستصحاب في عدم النوم و احرز بالاستصحاب يترتب عليه بقاء الطهارة فلاحظ.

ثم انه لا وجه ظاهرا في تفريق الوجه الأول أي الاستدلال بوجوب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 272

الوفاء بالعقد عن الوجهين أي حلية البيع و التجارة في الاشكال فانه قدس سره خصّص ايراده بالوجهين الآخرين و الحال انه لا فرق بين الوجوه الثلاثة من هذه الجهة فان الاشكال اذا كان واردا يرد علي الوجه الأول أيضا و الا فلا بلا فرق فلاحظ.

«قوله قدس سره: و منها قوله تعالي «وَ لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» الخ

بتقريب ان المراد بالاكل التصرف في مال الغير بكل سبب باطل و اما الاكل بالاسباب الشرعية كأكل المارة و امثاله فلا يكون باطلا بل يكون جائزا.

و يرد علي التقريب المذكور أولا ان المراد من الاكل تملك مال الغير لا التصرف فيه.

و ثانيا ان الممنوع التصرف بالباطل و كون الفسخ باطلا اوّل الكلام و الاشكال و الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية غير جائز كما حقق في محله.

و ثالثا انه ما المانع عن الاخذ بدليل البراءة و قاعدة قبح العقاب بلا بيان اذا عرفت ما تقدم نقول يمكن الاستدلال بالآية علي المدعي بنحو آخر و هو ان المراد من الاكل في الآية التملك فيستفاد من الآية الشريفة ان تملك مال الغير باي نحو باطل و السبب الوحيد الذي لا يكون باطلا التجارة عن تراض.

و بعبارة واضحة النهي عن التملك ارشاد الي فساده و العرف يفهم من الآية حصر الحلية في خصوص التجارة عن تراض فكل سبب للاكل اي التملك باطل الا سبب واحد و هي

التجارة عن تراض.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 273

«قوله قدس سره: و مما ذكرنا يظهر وجه الاستدلال بقوله صلي اللّه عليه و آله لا يحل مال امرئ مسلم الا عن طيب نفسه»

لاحظ ما رواه سماعة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال من كانت عنده امانة فليؤدها الي من ائتمنه عليها فانه لا يحل دم امرئ مسلم و لا ماله الا بطيبة نفسه «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث عدم جواز التصرف في مال الغير بلا اذنه فاذا انتقل المبيع بالبيع الي ملك المشتري ليس للبائع التصرف فيه بلا اذنه فيكشف ان فسخ البائع لا اثر له فالبيع يكون لازما.

و يرد عليه انه لا بدّ في ترتب الحكم علي موضوعه من بقاء ذلك الموضوع و المفروض انه بعد الفسخ يحتمل رجوع العين الي ملك مالكها الاول فلا مجال للاخذ بإطلاق دليل عدم حل التصرف فان الاخذ بالدليل لا يجوز اذا كانت الشبهة مصداقية و اثبات بقائها في ملك المشتري بالاستصحاب رجوع إليه.

مضافا الي ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد ان قلت مقتضي عدم جواز التصرف عدم جواز الفسخ قلت الفسخ حل العقد.

و بعبارة اخري: الفسخ تصرف في العقد لا في العين و رجوع العين ببركة حل العقد مضافا الي ان التصرف الاعتباري في مال الغير لا يكون حراما قطعا فانه لا اشكال في عدم حرمة بيع مال الغير بلا تصرف خارجي فيه و يضاف الي ذلك كله ان النهي التكليفي

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب مكان المصلي الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 274

لا يستلزم المنع

الوضعي.

«قوله قدس سره: و منها قوله صلي اللّه عليه و آله و سلم الناس مسلطون علي اموالهم» «1»

بتقريب ان مقتضي الحديث كون الشخص مسلطا علي ماله و أمره بيده و هذا ينافي تصرف الغير فيه و اخراجه عن ملكه بلا رضاه و يرد عليه أولا ان الحديث ضعيف سندا و لا جابر له و ثانيا ان الفاسخ يتصرف في العقد لا في المال و ان شئت قلت لا تنافي بين كون المالك مسلطا علي ماله بان يكون له كل تصرف يكون للملاك شرعا و بين جعل خيار الفسخ للغير.

«قوله قدس سره: و منها قوله صلي اللّه عليه و آله المؤمنون عند شروطهم»

عن منصور بزرج عن عبد صالح عليه السلام قال قلت له ان رجلا من مواليك تزوج امرأة ثم طلقها فبانت منه فأراد ان يراجعها فأبت عليه الا ان يجعل للّه عليه ان لا يطلقها و لا يتزوج عليها فاعطاها ذلك ثم بدا له في التزويج بعد ذلك فكيف يصنع فقال بئس ما صنع و ما كان يدريه ما يقع في قلبه بالليل و النهار قل له فليف للمرأة بشرطها فان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله قال: المؤمنون عند شروطهم «2».

بالتقريب المتقدم في الاستدلال علي المدعي بقوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و تقدم الاشكال في الاستدلال بالآية و يجري ذلك الاشكال

______________________________

(1) بحار الانوار ج 2 ص 272.

(2) الوسائل الباب 20 من ابواب المهور الحديث 4 و تهذيب الاحكام ج 7 ص 371 الحديث 66.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 275

في المقام أيضا طابق النعل بالنعل.

و اجماله ان الشارط مع بقاء التزامه بالشرط و التزامه و عدم رفع يده عنه لا يمكن ان

لا يرتب الاثر الخارجي و اما مع رفع يده عن الشرط و التزامه الاولي فلا يكون الموضوع باقيا فيكون الاخذ بوجوب ترتيب الاثر من الاخذ بالدليل مع القطع بزوال الموضوع.

و مع التنزل يكون من الاخذ بالدليل مع الشك في المصداق و من الظاهر عدم جواز الاخذ بالدليل مع الشك في الموضوع كما انه لا يجوز مع القطع بالزوال فلا بد من الاستدلال بنحو آخر.

و هو ان نقول انه بحكم الشارع الاقدس ان الذي يشترط شرطا لا يفترق عن شرطه و هو عنده و الشرط يلازمه لكن الاشكال تمام الاشكال كما هو مذكور في كلام الشيخ قدس سره ان الشرط لا يصدق علي الالتزام الابتدائي بل عنوان الشرط متقوم بالارتباط بين امرين و الشريط يطلق علي الحبل الرابط بين شيئين فلا مجال للاستدلال علي المدعي بدليل الشرط.

«قوله قدس سره: و انه اذا افترقا وجب البيع»

لاحظ ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال: ايما رجل اشتري من رجل بيعا فهما بالخيار حتي يفترقا فاذا افترقا وجب البيع «1».

فان مقتضي هذه الطائفة من النصوص لزوم البيع بعد الافتراق عن مجلس البيع و توهم ان اللزوم بعد الافتراق حيثيتي اي النصوص ناظرة الي سقوط الخيار و عدمه من حيث خيار المجلس فلا ينافي

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الخيار الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 276

الحكم باللزوم مع ثبوت الخيار من ناحية اخري فاسد فان الاحتمال المذكور مناف مع الاطلاق المتحقق بمقدماته و حمل الكلام علي الحكم الحيثي خلاف القاعدة الاولية و المحاورات العرفية العقلائية فلاحظ.

«قوله قدس سره: و قد عرفت ان ذلك مقتضي الاستصحاب أيضا»

و قد عرفت انه معارض باستصحاب عدم

جعل الزائد و بالتعارض يتساقطان فتصل النوبة الي البراءة و مقتضاها جواز التصرف و لكن لا تصل النوبة الي التقريب المذكور بعد وفاء ادلة اللزوم به.

«قوله قدس سره: ربما يقال ان مقتضي الاستصحاب عدم انقطاع علاقة المالك عن العين»

الخ فان مقتضي الاستصحاب المذكور بقاء العلاقة المتعلقة بالعين للمالك الاول و يرد عليه انه ان اريد بها العلاقة المتفرعة علي الملك و المتقومة بها فلا اشكال في زوالها بزوال الملكية و ان اريد بها العلاقة الحادثة بعد زوال الملكية فالاصل عدمها فان كل حادث مسبوق بالعدم و مقتضي الاستصحاب عدم حدوثه.

و ان اريد بها الخيار الثابت في المجلس فان مقتضي الاستصحاب بقائه فيرد عليه أولا انه لا مجال له فيما لا يتحقق الخيار كما لو اشترط سقوطه في ضمن العقد.

و ثانيا ان مقتضي قوله عليه السلام فاذا افترقا وجب البيع سقوطه كما تقدم و ثالثا انه لو وصلت النوبة الي الشك فالمرجع عموم العام لا استصحاب الحكم الخاص و مقتضي العموم وجوب الوفاء و هو اللزوم عند الشك و رابعا ان الاستصحاب المذكور معارض باستصحاب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 277

عدم الجعل الزائد فلا مجال للتقريب المذكور.

«قوله قدس سره: فتأمل»

لعله يشير بالامر بالتأمل الي انه لا مجال للاستصحاب مع وجود الامارة و هو العموم كقوله تعالي احل اللّه البيع.

«قوله قدس سره: نعم هو حسن في خصوص المسابقة»

لم يظهر لي تقريب الاصل بنحو يفيد اذ لا اشكال في ان العقد اللازم ما لا ينفسخ بالفسخ و العقد الجائز ما ينحل بالفسخ و عليه نقول يمكن تقريب الاصل المذكور بان نقول العقد الفلاني قبل تحققه لم يكن لازما و الآن كما كان.

لكن الاصل المذكور لا يثبت

كون العقد جائزا الا علي تقدير القول بالاثبات الذي لا نقول به مضافا الي انه يعارضه اصل عدم كونه جائزا بالتقريب المذكور و بعبارة واضحة لا مجال لاثبات احد الضدين باصالة عدم الضد الاخر و يضاف الي ذلك ان المرجع في الشك في اللزوم و الجواز عموم وجوب الوفاء بالعقود بلا فرق بين المسابقة و غيرها فالتوسل بالاصل لا حسن فيه حتي في المسابقة و شبهها فلاحظ.

«قوله قدس سره: ثم ان ما ذكرنا من العمومات المثبتة لاصالة اللزوم»

حاصل مرامه في المقام انه تارة يشك في اللزوم و الجواز من جهة الشبهة الحكمية و اخري من جهة الشبهة الموضوعية اما القسم الاول فيؤخذ بعموم العام و يحكم بكونه عقدا لازما.

و أما القسم الثاني فان قلنا ان الميزان الاخذ بالعموم في الشبهة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 278

المصداقية فالامر ظاهر و اما اذ لم نقل بذلك تصل النوبة الي استصحاب الاثر و عدم زواله.

و يرد عليه ان استصحاب الاثر معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد فما الحيلة و ما الوسيلة فنقول لو شك في اللزوم و الجواز في عقد فتارة يكون الاصل موضوعي يعيّن احد القسمين و اخري لا يكون.

أما القسم الأول فيؤخذ بذلك الاصل الموضوعي و يحكم علي طبقه مثلا لو علمنا بالهبة و شك في أن الواهب قصد القربة كي تكون الهبة لازمة أم لم يقصدها كي تكون جائزة فيما تكون لغير ذي رحم يكون مقتضي الاصل عدم قصد القربة فنقول تحقق الهبة وجداني و نشك في قصد القربة و عدمه فيحرز عدمه بالاصل فتكون جائزة اذ كل هبة جائزة الا الهبة القربية كما انه لو علمنا بتحقق البيع و نشك في جعل الخيار

نحرز عدمه بالاصل فنحكم باللزوم بمقتضي وجوب الوفاء بالعقد.

و أما اذا لم يكن اصل موضوعي ينقح المورد كما لو شك في العقد الصادر انه بيع أو هبة يكون مقتضي اصالة عدم كونه هبة لزوم العقد فان كل عقد لازم الا العقد الفلاني و الاصل عدمه و اصالة عدم كونه بيعا لا يثبت كونه هبة الاعلي القول بالاثبات لكن هذا التقريب انما يتم علي القول بتمامية استصحاب العدم الازلي و اما لو لم نقل به فتصل النوبة الي القرعة ان تم اطلاق دليلها و الا فلا مناص عن الصلح و التسالم.

«قوله قدس سره: بمعني استصحاب الاثر»

لا مجال للاستصحاب المذكور حيث انه قد ذكرنا مرارا ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 279

الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم جعل الزائد.

«قوله قدس سره: فان الاصل عدم قصد القربة»

فيكون من قسم الموضوع المركب من الوجدان و الاصل فانه تمليك وجدانا و اما قصد القربة فيحكم بعدمه بالاصل.

«قوله قدس سره: فيحكم بالهبة الجائزة»

هذا علي تقدير ان الجواز يترتب علي التمليك و عدم قصد القربة و اما ان قلنا ان الهبة عنوان بسيط في مقابل الصدقة فلا يمكن اثباتها الاعلي القول بالاثبات الّذي لا نقول به و لكن الظاهر ان الهبة عبارة عن التمليك المجاني و عدم قصد القربة فيكون الموضوع مركبا فيمكن احراز احد جزئيه بالوجدان و الاخر بالاصل.

«قوله قدس سره: و اما تعيين العقد اللازم حتي يترتب عليه ساير آثار العقد اللازم كما اذا اريد تعيين البيع عند الشك فيه و في الهبة فلا»

الخ لان مرجعه الي المثبت الذي لا نقول به و بعبارة اخري اصالة عدم الضدين لا يثبت الضد الاخر.

«قوله قدس سره: لعموم علي

اليد»

الخ فان مقتضي عموم قاعدة علي اليد ضمان كل ما وضعت عليه اليد و اذا شك في خروج فرد بواسطة احتمال كونه من افراد الخارج بالتخصيص ينفي بالاصل فيتحقق الضمان.

لكن يرد عليه ان قاعدة اليد ضعيفة سندا فلا يعتد بها اللهم الا ان يقال ان كلام الماتن تعليقي و لذا لا مجال للاشكال عليه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 280

«قوله قدس سره: و ان كان المستند دخوله في ضمان العين»

فانه يمكن احراز عدم الموضوع بالاصل اذ يشك في الاقدام و الاصل عدمه.

«قوله قدس سره: أو قلنا بان خروج الهبة من ذلك العموم مانع عن الرجوع إليه»

الخ.

ربما يقال ان وجه القول المذكور قاعدة المقتضي و المانع و يرد عليه ان تلك القاعدة غير تامة و الحق ان يقال انه بعد فرض تمامية قاعدة علي اليد اذا شك في كون الفرد معنونا بعنوان اخرج عن تحت العام بالدليل يمكن احراز الموضوع بالوجدان و الاصل فان وضع اليد وجداني و احتمال كونه هبة ينفي بالاصل و لو باصالة العدم الازلي.

مثلا لو قال المولي اكرم العلماء الا الفساق منهم فاذا شك في فرد من العالم انه فاسق أم لا نقول كونه عالما بالوجدان و احتمال كونه فاسقا منفي بالاصل فيجب اكرامه بمقتضي وجوب اكرام كل عالم فلاحظ.

[القول في أقسام الخيار]

[الأول خيار المجلس]
اشارة

«قوله قدس سره: فالمراد بالمجلس مطلق مكان المتبايعين حين البيع»

الخ.

الامر كما افاده فانه لا مدخلية للجلوس و غيره بل الميزان المستفاد من النص عدم تحقق الافتراق و بعبارة واضحة يستفاد من قوله و اذا افترقا وجب البيع ان المناط في ثبوت الخيار و تحققه عدم تحقق الافتراق فما دام لم يتحقق عنوان الافتراق يكون الخيار باقيا.

عمدة المطالب في التعليق علي

المكاسب، ج 3، ص: 281

و لذا لقائل ان يقول اذا تحقق عقد البيع بين البائع و المشتري بواسطة الهاتف يتحقق خيار المجلس ما دام الاتصال الهاتفي باقيا بينهما و اما لو انقطع الارتباط المذكور فلا خيار اذ يصدق عنوان الافتراق فالميزان بطلاق الافتراق و عدمه.

«قوله قدس سره: و لا خلاف بين الامامية في ثبوت هذا الخيار»

بل من الضروريات الفقهيّة و لذا لا مجال لابداء الشبهة في المقام.

«قوله قدس سره: مطروح او مؤوّل»

لاحظ ما رواه غياث بن ابراهيم عن جعفر عن أبيه عن علي عليهم السلام قال: قال علي عليه السلام اذا صفق الرجل علي البيع فقد وجب و ان لم يفترقا «1».

أفاد سيدنا الاستاد بانه لا يحتاج الي التأويل أو الطرح اذ المراد بالصفق الذي ذكر في الخبر اسقاط الخيار و من الظاهر ان الخيار يسقط بالاسقاط فالرواية علي طبق القاعدة و ادعي انه فسر اللفظ في اللغة بما ذكر و لكن لم يذكر المدرك الذي نقل عنه.

و يمكن ان يكون الامر كما أفاده لاحظ كلام الطريحي في هذا المقام يقول يقال صفقت له بالبيعة صفقا أي ضربت بيدي علي يده و في الدعاء اعوذ بك من صفقة خاسرة أي بيعة خاسرة و كانت العرب اذا وجب البيع ضرب احدهما يده علي يد صاحبه الي آخر كلامه.

و يستفاد من كلامه ان الصفقة عبارة عن البيع كما انه يستفاد هذا المعني من حديث البارقي فان رسول اللّه قال بارك اللّه في صفقة يمينك أي بارك اللّه في بيعك أو شرائك فعن الازهري ان الصفقة للبائع و المشتري.

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الخيار الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 282

و صفوة القول ان الظاهر

ان المراد نفس البيع لا اسقاط الخيار بل يدل علي المدعي نفس الحديث فانه عليه السلام قال اذا صفق الرجل علي البيع فقد وجب و ان لم يفترقا اذ لو كان المراد بالكلمة اسقاط الخيار لم يكن مجال لذكر الجملة الاخيرة أي قوله عليه السلام و ان لم يفترقا فان اسقاط الخيار يقتضي سقوطه و لا خصوصية للافتراق و عدمه.

الا ان يقال ان المراد ان الخيار يسقط بالاسقاط حتي مع عدم الافتراق فالخيار الثابت ببقاء الاجتماع يسقط بالافتراق و أيضا يدل علي المدعي قوله عليه السلام اذا صفق الرجل علي البيع فقد وجب و الحال ان اسقاط خيار البائع لا يقتضي سقوط خيار المشتري و الحال انه عليه السلام حكم بوجوب البيع علي الاطلاق فيعلم ان المراد بوجوب البيع لزومه و ان الامام عليه السلام في مقام نفي خيار المجلس فلا بد من العلاج فنقول لا مجال لرفع اليد عن حكم الخيار بهذه الرواية اذ قلنا ان خيار المجلس من ضروريات الفقه.

«قوله قدس سره: و لا فرق في اقسام البيع و انواع المبيع»

الامر كما افاده فان الاطلاق المنعقد في قوله عليه السلام البيعان بالخيار ما لم يفترقا و اذا افترقا وجب البيع يشمل اقسام البيع و انواع المبيع و التخصيص يحتاج الي الدليل فلاحظ.

«قوله قدس سره: اذا كانا اصيلين»

فان القدر المعلوم من الدليل هذه الصورة و الحكم بمرتبة من الوضوح لا مجال للبحث فيه و الاستدلال عليه.

[مسألة لا إشكال في ثبوته للمتبائعين إذا كانا أصيلين و لا في ثبوته للوكيلين في الجملة]
اشارة

«قوله قدس سره: و لا في ثبوته للوكيلين في الجملة»

فانه قدس سره اشار بقوله في الجملة الي ان الوكيل ليس قسما واحدا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 283

[أقسام الوكيل]
اشارة

بل له اقسام فنقول

القسم الأول: ما يكون وكيلا مفوضا في امر المعاملة احداثا و ابقاء كالعامل في باب المضاربة

حيث ان العامل مفوض بتمام معني الكلمة و لا اشكال في ثبوت الخيار له اذ في هذه الصورة يكون الوكيل وجودا تنزيليا للموكل و يكون له ما يكون لموكله.

و هذا لا اشكال فيه بل نقول ان الخيار حكم ثابت لعنوان البائع و المتبايع و البيّع و هذه العناوين تصدق علي الوكيل المفوض فالمقتضي للخيار موجود و المانع عنه مفقود فلاحظ.

القسم الثاني ما يكون وكيلا في مجرد اجراء الصيغة
اشارة

و المشهور عندهم عدم ثبوت الخيار له و يقع الكلام في مقامين احدهما فيما يقتضيه ظاهر دليل الخيار بدوا ثانيهما فيما ذكر من الموانع.

أما

المقام الأول [في ما يقتضيه ظاهر دليل الخيار بدوا]

فنقول البائع أو البيّع عبارة عن ذات يكون العنوان ثابتا له كما هو كذلك في كل مشتق و لا اشكال في ان المتصدي للبيع و لو كان وكيلا في مجرد اجراء الصيغة معنون بهذا العنوان فلو تم الاطلاق في دليل الخيار بمقدماته يكون الخيار ثابتا له.

و أما

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 283

المقام الثاني فقد ذكرت للمنع وجوه
الوجه الأول الانصراف

بدعوي ان دليل الخيار منصرف عن الوكيل في مجرد اجراء الصيغة.

و يرد عليه انه لا وجه للانصراف المستقر بحيث يكون اللفظ غير شامل له فان الانصراف المدعي ان كان من جهة قلة الوجود فمضافا الي ان قلة الوجود لا توجب الانصراف و المعروف ان المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر لا انه منصرف عنه ان قلة الوجود ان كانت موجبة للانصراف لكان مقتضاها عدم ثبوت الخيار للوكيل المفوض و هو القسم الأول اذ لا اشكال في ان تحقق البيع في العالم بالوكالة اقل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 284

قليل بالنسبة الي بيع الاصيل.

الا أن يقال ان بيع الوكيل المفوض كالعامل في المضاربة و البيع الصادر من الدلالين كثير في حد نفسه و ان كان اقل قليل بالنسبة و الظاهر انه لا فرق بين الموردين فان قلة الوجود ان كانت موجبة للانصراف تكون كذلك علي الاطلاق و الا فلا، و ان كان الانصراف المدعي من ناحية المادة أو الهيئة فأيضا لا يتم الدعوي فان البيع بمادته عبارة عن التمليك بعوض و هذا المفهوم جار في الاصيل و الوكيل مطلقا و الهيئة دالة علي انتساب تلك المادة الي الذات

بلا دخل لكون المتصدي مالكا أو وكيلا مفوضا أو وكيلا في مجرد اجراء الصيغة.

الوجه الثاني ان جعل الخيار لمصلحة ذي الخيار بان يتروي و يختار ما هو اصلح له

فلا يثبت للوكيل في مجرد اجراء الصيغة اذ ليس له شأن و يرد عليه نقضا و حلا أما النقض فكما لو باع زيد كتابه من بكر بالف تومان و الحال انه كتابه لا يسوي ازيد من عشرة توامين و نفرض ان المشتري يعلم بالحال فهل يكون للبائع الخيار أم لا؟

لا سبيل الي الثاني و الحال ان الخيار و الفسخ ليس مصلحة له و أما الحل فبان مصالح الاحكام و ملاكاتها لا توجب رفع اليد عن اطلاق الادلة و عمومها و لذا التزم الاصحاب بوجوب العدة علي المدخول بها و لو مع عدم الانزال و عدم احتمال الحمل فالوجه المذكور أيضا ساقط و المرجع اطلاق دليل الخيار.

الوجه الثالث: انه قد اقترن في بعض ادلة الخيار خيار المجلس بخيار الحيوان،

لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: البيعان بالخيار حتي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 285

يفترقا و صاحب الحيوان بالخيار ثلاثة ايام «1».

و حيث ان خيار الحيوان يختص بصاحب الحيوان يكون الخيار في المقام كذلك لوحدة السياق.

و بعبارة اخري نفهم من التقارن وحدة الموضوع فلا مجال لان يقال انه لا تنافي بين المثبتين فان الدليل الذي لا تقارن فيه يدل علي الاطلاق فان التقارن يقتضي الاختصاص و يوجب تضيق موضوع خيار المجلس و يجعله كخيار الحيوان.

و يرد عليه أولا ان لازم التقريب المذكور عدم ثبوته للوكيل المفوض لعين التقريب.

و ثانيا: ان ما افيد من غرائب الكلام فانه اي ربط بين المقامين فان مجرد الاقتران بين حكمين في دليل لا يقتضي اتحاد موضوعيهما فانه لو ثبت في دليل كون خيار الحيوان لابن اخ البائع فهل يتوهم ان خيار المجلس أيضا كذلك لو فرض التقارن

بينهما في الدليل كلا ثم كلا فلاحظ.

الوجه الرابع ان المستفاد من دليل خيار المجلس ان صاحب الخيار له ان يتصرف فيما انتقل عنه

بارجاعه الي ملكه بعد فرض تسلطه علي التصرف فيما انتقل إليه و من الظاهر ان الحكم تابع لموضوعه لا العكس فلا بد من احراز الموضوع و هو التمكن من التصرف فيما انتقل إليه كي يؤخذ بدليل الخيار.

و مع الشك في الموضوع لا مجال للاخذ بدليل الحكم فانه قد ثبت في الاصول عدم جواز الاخذ بالعموم أو الاطلاق في الشبهة المصداقية و لذا لو كان ما انتقل إليه منذور الصدقة أو كان ممن يحتمل انعتاقه

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الخيار الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 286

علي البائع كما لو كان الثمن من اقربائه لا مجال للاخذ بدليل الخيار لنفي وجوب التصدق و عدم انعتاق الثمن و من الظاهر ان الوكيل في مجرد اجراء الصيغة ليس له التصرف فيما انتقل إليه فلا خيار له

و يرد عليه ان الخيار حق متعلق بالعقد و ليس حكما عارضا علي العين فلا مجال للتقريب المذكور نعم من آثار الفسخ انتقال كل من المبيع و الثمن الي ما كان اذا كان باقيا الي زمان الفسخ و من الظاهر انه لا فرق بين الاصيل و الوكيل من هذه الجهة فان العقد الذي هو موضوع الحكم مشترك بين الموردين و اما ما افيد من ان الخيار يوجب نفي الصدقة فليس الامر كذلك فان الخيار ثابت و الاخذ به حرام لانه حنث للنذر و النهي التكليفي لا ينافي الصحة الوضعية.

و اما مسئلة انعتاق الثمن فهو أيضا غير تام اذ الانعتاق لا يقتضي عدم الخيار بل الخيار ثابت غاية الامر تصل النوبة الي دفع البدل.

و بعبارة اخري حيث ان موضوع الخيار هو العقد لا

يفرق فيه بين بقاء العين و عدمه فعلي فرض بقائها ترجع هي و علي فرض تلفها تصل النوبة الي البدل فان كانت مثلية يجب دفع المثل و ان كانت قيمته يجب دفع القيمة.

الوجه الخامس ان الخيار يتحقق لمن يكون له حق الاقالة

و حيث ان الوكيل في مجرد اجراء الصيغة ليس له الاقالة فلا يكون له الخيار.

و فيه أولا ان الخيار ثابت في النكاح في الجملة و الحال انه لا اقالة في النكاح و ثانيا ان هذه الدعوي بلا بينة و برهان و لا يرتبط احد المقامين بالآخر بل المرجع اطلاق دليل الخيار فاذا ثبت الاطلاق يؤخذ به.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 287

الوجه السادس ان خيار الفسخ ثابت في حق من يكون مخاطبا بخطاب أَوْفُوا بِالْعُقُودِ

فان الفسخ يقابل الوفاء فمن يكون الوفاء واجبا عليه يكون الفسخ ثابتا له و حيث ان الوكيل في مجرد اجراء الصيغة غير مخاطب بالوفاء فلا يكون له الخيار.

و يرد عليه ان مفاد الآية لو كان الحكم التكليفي لكان لهذا التقريب مجال و أما علي ما قلنا و ذكرنا من ان الآية الشريفة ارشاد الي اللزوم و لا يكون مفادها حكما تكليفيا فلا يتم الاستدلال المذكور فان المستفاد من الآية لزوم العقد فلا ينافي مع ثبوت الخيار للوكيل في مجرد اجراء الصيغة.

مضافا الي الاشكال في اصل التقريب فانا نفرض ان مفاد الآية الحكم التكليفي و ذلك الحكم يختص بغير الوكيل في مجرد اجراء الصيغة لكن لا دليل علي اختصاص الخيار بمن يكون مخاطبا بخطاب وجوب الوفاء فانه لا ارتباط بين الامرين.

الوجه السابع ان خيار المجلس لو كان ثابتا للوكيل في مجرد اجراء الصيغة لكان ثابتا للفضولي

بل كان ثبوته له اولي و يرد عليه ان التقريب المذكور فاسد اذ خيار المجلس ثابت للبيع الصحيح.

و بعبارة اخري الخيار و اللزوم فرعا تحقق العقد شرعا و بيع الفضولي فاسد في وعاء الشرع.

و إن شئت قلت: ان البيع الصادر عن الفضولي قبل الاجازة لغو محض و بعد الاجازة اذا كان مجلس العقد باقيا يمكن الالتزام بثبوت الخيار للفضولي و ببيان واضح ان الفضولي تارة يرفع اليد عن عقده و يحله قبل الاجازة و اخري يبقي علي ما عقد و علي الثاني تارة يحصل الافتراق بين المتبايعين قبل الاجازة و اخري يكون مجلسهما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 288

باقيا و لا يحصل الافتراق.

أما علي الاول فلا موضوع للاجازة و لا للخيار اذ المفروض انهدام العقد بحله و علي الثاني فلا مجال للخيار اذ فرض الافتراق قبل الاجازة و علي الثالث يمكن القول بثبوت

الخيار للفضولي فان موضوع الخيار البائع في بيع صحيح فاذا فرض انه تحقق عنوان البائع كما هو كذلك و فرض أيضا بقاء مجلس العقد.

و من ناحية اخري فرض اجازة المالك للعقد الفضولي و من ناحية رابعة قد دل النص الخاص علي تمامية العقد الفضولي بالاجازة فما المانع عن الالتزام بالخيار.

اللهم الا أن يقال: ان الظاهر من دليل خيار المجلس كقوله صلي اللّه عليه و آله البيعان بالخيار اعتبار الخيار للبائع من حين صدور البيع و حدوثه.

و بعبارة اخري: يكون الدليل ناظرا الي اثبات حق الحل و الفسخ للعقد الصحيح و المفروض ان العقد الصادر عن الفضولي باطل و لغو و الاجازة المتأخرة لا توجب انقلاب الشي ء الباطل و جعله صحيحا فانه امر غير معقول فالنتيجة ان هذا الوجه أيضا غير مفيد لاثبات المدعي.

الوجه الثامن ان الوجوه المذكورة و ان كانت باطلة و غير تامة لاثبات المدعي لكن تكون مانعة عن تحقق الاطلاق

فان تحقق الاطلاق يتوقف علي تمامية مقدمات الحكمة و المفروض انه مع هذه الوجوه لا تتم تلك المقدمات و لا يحرز الاطلاق.

و يرد عليه ان ضم امر غير معتبر الي مثله و امثاله لا يقتضي الاعتبار و لا يكون قابلا للمنع عن الاطلاق فالاطلاق محكم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 289

الوجه التاسع ان ادلة سائر الخيارات لا تشمل الوكيل في اجراء الصيغة

فخيار المجلس أيضا لا يكون له.

و يرد عليه ان الوجه المذكور في غاية الضعف فان الميزان ملاحظة كل دليل بحياله و استقلاله ففي كل مورد كان الدليل شاملا لمورده يؤخذ بذلك الدليل و يحكم علي ذلك الموضوع بذلك الحكم و في كل مورد لا يكون الدليل شاملا لموضوع لا يحكم به عليه و هذا ظاهر واضح

الوجه العاشر ان النسبة بين دليل الخيار و دليل سلطنة المالك علي ماله عموم من وجه و يقع التعارض بينهما

فيما يفسخ الوكيل و لا يكون المالك راضيا فان مقتضي الخيار الفسخ و مقتضي دليل السلطنة فساده و عدم انحلال القيد و دليل السلطنة مقدم علي معارضه لكونه معاضدا بالحكم العقلائي.

و علي فرض التعارض و عدم مرجح يتساقطان فتصل النوبة الي بقاء الملكية بالاستصحاب و يرد عليه أولا ان دليل السلطنة ضعيف و ثانيا انه لا تعارض بين الدليلين اذ مقتضي دليل السلطنة تسلط المالك علي ماله و دليل الخيار يقتضي جواز انحلال العقد.

و بعبارة واضحة ان الخيار ملك فسخ العقد و لا يرتبط بالعين و ثالثا انه لا مجال لتقديم احد الدليلين علي الاخر بحكم العقلاء فان الترجيح يحتاج الي الدليل.

و رابعا انه لا تصل النوبة الي الاستصحاب اذ دليل الوفاء محكم و معه لا مجال للاصل العملي و خامسا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد فالنتيجة ان الصناعة تقتضي الالتزام بثبوت الخيار للوكيل في مجرد اجراء الصيغة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 290

و يؤيد ما ذكرنا ان المنقول عن صاحب الحدائق انه التزم بثبوت خيار المجلس للوكيلين في اجراء الصيغة بل قال بثبوته لهما و لو مع منع المالك اللهم الا أن يقوم دليل قطعي علي الخلاف و الا فمقتضي القاعدة ثبوته له فلاحظ.

القسم الثالث من الوكيل من يكون وكيلا في البيع فقط أو الشراء فقط

بحيث ينتهي امد وكالته بالبيع أو الشراء فهل يثبت له خيار المجلس أم لا؟ و مما ذكرنا في الوكيل في مجرد اجراء الصيغة يظهر الحال في المقام فان ثبوته للقسم الثالث بالاولوية و لو فرضنا عدم ثبوته للقسم الثاني لبعض الوجوه المتقدمة كالانصراف المدعي نلتزم بثبوته للقسم الثالث لتمامية الموضوع فالقاعدة تقتضي ثبوت الخيار له و لو مع منع المالك.

و أما ثبوت

الخيار للفضولي فقد مرّ الكلام فيه في ذيل البحث في القسم الثاني و ذكرنا ما يختلج ببالنا و مجمل القول فيه التفصيل بل اخترنا عدم ثبوته له علي الاطلاق و قلنا ان الظاهر من دليل الخيار حدوث الخيار بحدوث البيع و يبقي الخيار الي زمان حصول الافتراق و في الفضولي لا مجال لجريانه بالنحو المذكور اذ غايته ان البيع الفضولي بعد وقوعه قابل للامضاء من قبل المالك لكن لا يحدث الخيار بحدوث البيع بل يتوقف علي اجازة المالك فاذا كان ظاهر دليل الخيار كما ذكرنا لا يشمل البيع الفضولي فلا مجال للقول به و لا فرق فيما ذكرنا بين القول بالكشف و النقل نعم لو قلنا بالكشف الحقيقي كان الالتزام بالخيار علي طبق القاعدة لكن الكشف الحقيقي باطل من اصله و لا وجه للقول به فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 291

ثم ان الماتن قدس سره تعرض في هذه المسألة لعدة فروع
اشارة

و تبعا له نتعرض لكل واحد من هذه الفروع و نبين ما هو مقتضي القاعدة و الصناعة بحوله و قوته فنقول.

الفرع الأول ان المالك الذي وكل غيره في اجراء الصيغة هل يثبت له الخيار أم لا؟

اقول الخيار رتب علي عنوان البيع و المتبايع و البيع عبارة عن الاعتبار النفساني و ابراز ذلك الاعتبار بمبرز خارجي من لفظ أو فعل و لا اشكال في ان الاعتبار و كذا ابرازه بمبرز امر تكويني و هل يمكن نسبة الامر التكويني الي احد و الحال انه صدر عن غيره.

و ان شئت قلت ان الدليل قائم علي جواز التوكيل في بعض الامور التكوينية و لكن فعل الوكيل غير صادر عن الموكل و من الظاهر ان المشتق موضوع لمن ثبت له المبدأ.

و ببيان آخر نقول صحة السلب آية المجاز و صحة الحمل آية الحقيقة و انا نري انه لا يصح حمل الفعل الصادر عن الوكيل علي الموكل مثلا لو فرض ان و كل بكرا في بيع داره ثم ان البكر باع داره في زمان كان زيد نائما هل يصح ان يقال ان زيدا في حال النوم باع داره أو يقال باع وكيله داره في زمان كان نائما و أيضا نري انه يصح ان يقال باع فلان ذلك الشي ء لفلان و كذلك في طرف الاشتراء و نري انه يصح ان يقال زيد في اليوم الفلاني باع داره من فلان و في ذلك اليوم باع وكيله تلك الدار من غيره و لا يقال زيد باع داره في اليوم الفلاني من شخصين و عدم صحة الحمل علامة المجاز.

و صفوة القول ان وكيل زيد لو باع داره لا يقال زيد باع داره

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 292

مباشرة بل يقال باع داره بواسطة وكيله اي لم يبع

بنفسه و بعبارة اخري لم يصدر البيع عن نفسه بل صدر عن وكيله و الخيار حكم من يصدر عنه البيع مباشرة.

و يتضح المدعي بانا نسأل ان الوكيل اذا باع دار الموكل هل يصدق ان الموكل اعتبر الملكية في نفسه و هل يصدق انه ابرز اعتباره بمبرز كذائي أم لا يصدق؟ لا سبيل الي الاول و علي الثاني كيف يمكن الالتزام بصدور البيع عنه و صدقه؟ و الحال ان البيع عبارة عن الاعتبار و ابراز ذلك الاعتبار و قد فرض انه لم يعتبر و لم يبرز.

و لك ان تقول بان غاية ما يمكن ان يقال ان الوكيل وجود تنزيلي للموكل و فعله فعل تنزيلي للموكل فلا يكون الوكيل متحدا مع الموكل و يكون فعله فعلا له فانتساب البيع الصادر من الوكيل الي الموكل ادعائي لا واقعي و عليه لا دليل علي ثبوت الخيار له اذ الظاهر من قوله البيعان بالخيار اثبات الخيار لمن يكون بايعا بالحمل الحقيقي لا بالحمل الادعائي مثلا لو ثبت حكم لعنوان العالم لا يثبت ذلك الحكم لولد العالم فان ولد العالم عالم ادعائي لا حقيقي فلا اطلاق في الدليل.

ان قلت: البائع موضوع في اللغة للجامع بين البيع بالمباشرة و بالوكالة فلا فرق بين الموكل و الوكيل من هذه الجهة.

قلت: يكفي الشك في هذه الدعوي فان الشك في صدق الموضوع مانع عن الاخذ بإطلاق الحكم بل بالاستصحاب يحرز عدم تعنون الموضوع بالعنوان اذ قد ذكرنا مرارا انا بنينا علي جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية.

بل يمكن ان يقال انه يحرز عدم تعنونه بغير الاستصحاب أيضا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 293

و هو انه لو باع وكيل زيد داره في يوم الجمعة نسأل

انه قد تحقق البيع اي بيع دار زيد مرتين أو مرة لا سبيل الي الاول و علي الثاني كيف يمكن نسبة صدور فعل واحد الي فاعلين كل واحد علي نحو الاستقلال و حيث ان صدقه من الوكيل قطعي فلا يكون صادقا بالنسبة الي الموكل فتحصل ان العقد الصادر عن الوكيل لا يستند الي الموكل بل منسوب الي الوكيل فحسب.

و مما يدل علي صدق مقالتنا انهم عنونوا انه هل يشترط حضور المالك في مجلس العقد أم لا؟ فان البيع الصادر عن الوكيل اذا كان صادرا عن الموكل حقيقة و بلا عناية فما الوجه في اشتراط حضور المالك في مجلس العقد بل الميزان علي هذا بمجلس المالك فلو كان المالكان مجتمعين في مكان غير مجلس العقد يلزم ان يثبت لهما خيار المجلس و يكون باقيا ذلك الخيار الي تفرقهما و لو مع تفرق الوكيلين و انقضاء مجلس العقد بل لا بدّ من القول بان مجلس العقد متعدد و احدهما انقضي و ثانيهما باق و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟

و يتضح الامر في النيابة كما لو استناب احد غيره في ان يحج عنه و حج النائب فهل يصح ان يقال ان المنوب عنه اي الفلان حج في هذه السنة و هل يكون فرق بين النيابة و الوكالة.

و ما ذكرنا في تقريب عدم ثبوت الخيار للموكل يتخلص في عدة تقاريب. التقريب الاول: ان البيع عبارة عن الاعتبار النفساني و ابراز ذلك الاعتبار بمبرز من قول أو فعل و كل من الاعتبار و ابرازه امر تكويني و هل يمكن اسناد الامر التكويني من شخص الي شخص آخر؟

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 294

التقريب الثاني ان المشتق حقيقة في

ذات ثبت له المبدأ و من ناحية اخري المبدأ ثابت للوكيل لا للموكل.

التقريب الثالث ان صحة الحمل آية الحقيقة و عدم صحة الحمل آية المجاز فلو فرض ان الوكيل باع دار زيد في يوم الجمعة و الحال ان زيدا كان نائما في زمان البيع هل يصح ان يقال ان زيدا في حال كونه نائما باع داره أو يقال انه لم يبع داره بل وكيله باع داره.

التقريب الرابع انه لو فرض ان الموكل اذا باع داره في الساعة الفلانية من اليوم الفلاني من شخص و باع وكيله في تلك الساعة دار الموكل من شخص آخر فهل يصح ان يقال ان زيدا باع داره في تلك الساعة من شخصين أو يقال باع هو داره من شخص و باع وكيله داره من شخص آخر.

التقريب الخامس: انه لو باع وكيل زيد دار موكله لا يقال زيد باع داره مباشرة بل يقال ان زيدا باع داره بواسطة وكيله و الخيار حكم من يكون متصديا للبيع مباشرة و لا اقل من انصرافه إليه.

التقريب السادس ان غاية ما يمكن ان يقال ان الوكيل وجود تنزيلي للموكل و من الظاهر ان الوجود التنزيلي وجود ادعائي لا واقعي مثلا ولد العالم عالم ادعائي لا حقيقي و الحكم يترتب علي الموضوع الواقعي لا علي الفرد الادعائي و عليه يترتب الخيار علي البائع الواقعي لا البائع الادعائي.

التقريب السابع: ان النيابة عبارة عن الوكالة و كلاهما من باب واحد فلو استناب زيد شخصا لان ينوب عنه في الحج و النائب حج فهل يصح ان يقال ان زيدا حج في تلك السنة أو يقال استناب للحج فاذا كان الامر كذلك في النيابة يكون هكذا في الوكالة.

عمدة المطالب في

التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 295

التقريب الثامن: انه لو كان استناد البيع الي الموكل حقيقيا واقعيا فما الوجه في عنوان القوم انه هل يشترط حضور الموكل في مجلس العقد في ثبوت خيار المجلس له أم لا؟ فانه لا وجه لهذا الاشتراط بل المناط حضور المالكين في مجلس في زمان العقد و اجتماعهما فيه و لو كان ذلك المجلس بعيدا عن مجلس العقد بفراسخ و كان بين المكانين بون بعيد.

التقريب التاسع انه لو كان الامر كما يقولون و يكون الفعل الصادر عن الوكيل منسوبا الي الموكل حقيقة و واقعا يلزم ان الموكل لو باع داره يصح اسناد البيع الي وكيله أيضا للتلازم من الجانبين و لا وجه للتخصيص.

ان قلت الفعل فعل الموكل و الوكيل آلة فان الموكل تارة يبيع داره بلسانه المباشري و اخري بغيره و الوكيل لا موضوعية له فان الموضوع هو الموكل.

قلت: فعليه لا بدّ ان نلتزم بعدم صحة اسناد الفعل الي الوكيل و اذا قال احد باع وكيل زيد دارا في اليوم الكذائي يكون كاذبا و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم؟ كلا ثم كلا.

و ان ابيت عما نقول فلا اقل من الشك في صدق العنوان علي الموكل و مع الشك لا مجال للاخذ بالدليل اذ لا يجوز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية بل يمكن احراز عدم صدق العنوان باستصحاب فانا ذكرنا مرارا جريان الاستصحاب في الشبهة المفهومية و به يحرز عدم كون الموكل مصداقا للبائع و البيع.

و أما مسئلة النذر فالظاهر انه لا مجال للاستدلال بها اذ النذر تابع لقصد الناذر فان قصد ترك البيع و لو بالواسطة يحنث ببيع

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 296

و كيله و الا فلا اللهم

الا ان يتعلق النذر بما يصدق عليه البيع في العرف فعلي فرض صدق العنوان حتي لو كان بالواسطة و التوكيل يحنث و الا فلا و لا فرق فيما ذكرنا بين ان يكون التوكيل قبل النذر أو بعده.

و ربما يقال كما عن سيدنا الاستاد بانه لو كان التوكيل قبل النذر لا يتحقق الحنث اذ فعل الوكيل ليس اختياريا للناذر.

و يرد عليه أولا انه يمكن ان يفرض الكلام فيما يكون فعل الغير اختياريا له بان يكون الغير مطيعا للناذر و يأتي بما يأمره به و ينتهي عما ينهاه عنه.

و ثانيا ان الناذر بعد النذر يمكنه ان يعزله عن الوكالة في البيع حتي لا يتحقق الحنث فلاحظ.

الفرع الثاني انه علي القول بثبوته للموكلين هل يشترط حضورهما في مجلس العقد أم لا؟

و قد تقدم التعرض منا لهذا الفرع و بينا ما هو الحق عندنا و قلنا ان الميزان بمجلسهما علي القول بثبوت الخيار لهما لا بمجلس العقد و ان الميزان بافتراقهما عن ذلك المجلس بالنسبة الي خيارهما و اما بالنسبة الي الخيار الثابت للوكيلين فالميزان في سقوط الخيار بافتراقهما فلو فرض مجلس جامع للوكيلين و للموكلين يكون الخيار لهم و يسقط خيار الموكلين بافتراقهما و خيار الوكيلين بافتراقهما.

الفرع الثالث انه علي فرض الخيار للوكيلين و الموكلين ففارق احد الموكلين و احد الوكيلين المجلس

فهل يبقي الخيار للموكل و الوكيل الباقيين في المجلس أم لا؟ الظاهر انه يبقي اذ يصدق عنوان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 297

البيعين و المتبايعين عليهما فالخيار يكون باقيا الي ان يتفرقا عن المجلس.

الفرع الرابع انه لو كان الوكيل وكيلا مفوضا في جميع الجهات حتي الاقالة و الفسخ فهل يثبت له الخيار

و قد تقدم الكلام حوله فلا نعيد و اما ثبوت الخيار للموكل فالكلام فيه هو الكلام الذي تكلمنا حوله بالتفصيل فلا وجه للاعادة.

«قوله قدس سره: لكن الوجه الاخير لا يخلو عن قوة»

الخ الظاهر ان المراد بالوجه الاخير الاولوية المذكورة في كلامه و الانصاف انه لا وجه للاولوية فان الخيار بمقتضي ظهور الدليل ثابت للبائع فعلي تقدير صدقه علي الموكل يثبت له و اما علي تقدير عدم الصدق فلا وجه للالتزام بالثبوت فان اجراء حكم ثابت لموضوع علي موضوع آخر خلاف القاعدة و ملاك الاحكام غير معلوم عندنا.

الفرع الخامس انه لو ثبت الخيار لعدة اشخاص من طرف فكل واحد منهم سبق الي اعمال الخيار بالاسقاط أو بالانفاذ هل يسقط خيار الباقين أم لا؟

حكم الشيخ قدس سره بالسقوط و قال ليس المقام تقديم الفاسخ أو الموجب فان تلك المسألة تتصور في الاختلاف في طرفي العقد لا من جانب واحد.

أقول: اذا قلنا بثبوت الخيار لكل واحد من الموكل و الوكيل فلا وجه للالتزام بالسقوط بفعل واحد منهما بل اللازم ملاحظة كل واحد منهما علي حياله و استقلاله.

و بعبارة اخري نقول تارة الخيار للجامع و اخري نقول للمجموع من حيث المجموع كالعام المجموعي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 298

و ثالثة نقول الخيار لكل واحد علي نحو العموم الاستغراقي أما علي الاول فالامر كما افاده فان الخيار يسقط باسقاط واحد كما انه ينحل العقد بفسخه اذ المفروض ان الخيار تعلق بالجامع و المفروض ان الجامع تصدي للاسقاط أو الفسخ و لكن هذا القول لا دليل عليه.

و أما علي الثاني فيلزم ان يشترك كلاهما في الاسقاط أو الفسخ اذ المفروض ان الموضوع عبارة عن المجموع من حيث المجموع و هذا القول أيضا لا دليل عليه و اما علي الثالث فكما قلنا ينحل الخيار و لكل واحد منهما يثبت فلا وجه لسقوط خيار احدهما

باسقاط الاخر و الحق هو القول الثالث فلاحظ.

«قوله قدس سره: لاشخاص كثيرة من طرف واحد»

الخ كيف يتصور الخيار لاشخاص كثيرة من طرف واحد فان ما يمكن تعقله ثبوته للموكل و الوكيل و لا مقتضي لا زيد منهما اللهم الا ان يقال ان الموكل اذا باع داره يثبت الخيار له و لوكيله أو اذا باع احد الوكلاء يثبت الخيار للمالك و لجميع الوكلاء و هل يمكن الالتزام به؟

و هل يكون مقتضا لهذه المقالة؟

«قوله قدس سره: فيكفي بقاء اصيل مع وكيل آخر في مجلس العقد»

الامر كما أفاده فان ما فرضه يكفي لبقاء الخيار و لكن قد ذكرنا انه لا مدخلية لمجلس العقد بل يكفي لثبوت الخيار و بقائه اجتماع المالكين في مجلس آخر حين العقد.

بل لنا ان نقول انه علي القول بثبوت الخيار للوكيل و الموكل يكفي لبقاء الخيار بقاء الاجتماع بين اصيل مع وكيل آخر علي نحو الاطلاق و لو بحضور الاصيل في مجلس العقد بقاء مع عدم حضوره حدوثا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 299

و أيضا يكفي لبقاء الخيار حضور وكيل احدهما بقاء في مجلس الموكلين بان يفرض اجتماع موكلين في مجلس غير مجلس العقد و حضور احد الوكيلين في ذلك المجلس و بقائه مع احد الاصيلين.

و هذا احد الفروع التي تعرض الماتن لبعض صوره فيكون فرعا سادسا للفرع المشار إليها في المتن.

الفرع السابع: انه هل يثبت الخيار للوكيل في مجرد البيع فقط

البرزخ بين القسم الأول و الثاني؟ الماتن انكر ثبوته له و لكن علي ما ذكرنا يثبت له الخيار بل ثبوته له اولي من ثبوته للقسم الثاني كما هو ظاهر و قد ذكرنا ما هو الحق حول الفرع المذكور سابقا أيضا.

الفرع الثامن: انه هل يكون للموكل علي تقدير اختصاص الخيار به تفويض الامر الي الوكيل بحيث يصير ذا حق أم لا؟

الظاهر كما اشار إليه الماتن انه لا يكون للموكل التفويض بهذا النحو اذ لا دليل عليه و مقتضي الاصل الاولي عدمه نعم له ان يوكله في اثبات العقد كما ان له ان يوكله في الفسخ و أيضا له تفويض كلا الامرين إليه.

الفرع التاسع: انه هل يثبت الخيار للفضوليين أم لا؟

قد تقدم منا تحقيق هذه الجهة و بينا ما هو الحق فلا وجه للاعادة و راجع ما ذكرناه و بيناه و لا فرق بين كون الاجازة نافلة أو كاشفة اذ الكشف علي القول به يرجع الي النقل نعم علي القول بالكشف الحقيقي الباطل يثبت الخيار للفضولي اذ المفروض صدق عنوان البيع عليه.

و من ناحية اخري فرض تحقق الملكية من زمان العقد و من ناحية ثالثة الخيار حكم العقد الصحيح و قد فرض كونه صحيحا فلا بد من

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 300

التفصيل الذي ذكرنا.

الفرع العاشر: انه هل يثبت الخيار في الصرف و السلم قبل القبض أم لا؟

الحق ثبوته اذ المفروض ان العقد صحيح شرعا فيكون قابلا للبقاء و الانهدام بالفسخ فيكون قابلا لعروض الخيار و حصول الملكية و عدمه لا دخل له في الخيار بل الميزان في امكان تعلق الخيار تحقق العقد الصحيح الشرعي و المفروض تحققه.

لكن الانصاف يقتضي عدم الخيار و عدم ترتبه الاعلي العقد الصحيح و المفروض ان البيع قبل القبض لا يكون صحيحا شرعا و غير تام و ان شئت قلت الفسخ و الحل فرع تحقق الانعقاد و المفروض انه لم يتحقق العقد في و عاد الشرع.

«قوله قدس سره: فحوي ما تقدم من عدم ثبوته للوكيلين الغير المستقلين»

لا وجه للفحوي و الاولوية فان عدم ثبوته للوكيل في مجرد اجراء الصيغة لاجل انصراف دليل الخيار مثلا فاذا كان الدليل منصرفا عن الفضولي أيضا يكون المناط واحدا بدون الاولوية و ان لم يكن منصرفا عنه فالامر اوضح فعدم ثبوته للفضولي لما ذكرنا من ان الخيار حكم للعقد الصحيح شرعا و عقد الفضولي غير صحيح.

الفرع الحادي عشر انه علي القول بالنقل هل يكون دخل لمجلس الاجازة أم لا؟

الحق هو الثاني فان مجلس الاجازة لا موضوعية له اذ الاجازة لا تكون بيعا و لا عقدا فلا يكون موضوعا للخيار فلا يكون مجال للبحث المذكور.

الفرع الثاني عشر ان الفضولي قبل الاجازة لو رد و فسخ و رفع اليد عن التزامه فهل يكون قابلا للاجازة بعده أم لا؟

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 301

الظاهر هو الثاني اذ الفسخ يهدم العقد و مع الانهدام لا مجال لاجازته من قبل المالك.

«قوله قدس سره: فتأمل»

الظاهر انه يشير بالامر بالتأمل الي ان الاجازة لا ترتبط باسقاط الخيار بل الاجازة موجبة لاثبات العقد و الاذعان به و الا يلزم الدور اذ اسقاط الخيار يتوقف علي وجوده و الحال ان وجوده يتوقف علي الصحة التي تتوقف علي الاجازة.

«قوله قدس سره: فلو تبايع غاصبان ثم تفاسخا لم يزل العقد عن قابلية لحوق الاجازة بخلاف ما لورد الموجب منهما قبل قبول الاخر لاختلال صورة المعاقدة و اللّه العالم»

كيف يكون العقد قابلا للحوق الاجازة مع انهدامه بالتفاسخ و بعبارة واضحة بعد ما تبايع الغاصبان ثم تفاسخا قبل الاجازة من المالك نسأل ان العقد الصادر منهما هل يكون باقيا أم لا؟ اما علي الاول فكيف يكون باقيا مع ان الفسخ عبارة عن حل العقد و هل يمكن اجتماع بقاء العقد بحاله مع فرض انحلاله بالفسخ و الحال ان مرجعه الي اجتماع الضدين و اما علي الثاني فلا موضوع لان يجاز من قبل المالك.

[مسألة لو كان العاقد واحدا لنفسه أو غيره هل له الخيار أم لا]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة لو كان العاقد واحدا لنفسه أو غيره»

وقع الكلام في انه لو كان العاقد واحدا و متصديا للايجاب و القبول هل يثبت له خيار المجلس أم لا؟ و

ما يمكن ان يذكر في تقريب العدم وجوه.
اشارة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 302

الوجه الأول: ان الخيار ثابت في الدليل لعنوان بيعين و متبايعين

و بعبارة اخري ثبت لصيغة التثنية و المفرد لا يكون مثني فلا يتحقق الخيار فيما لا يتحقق عنوان المثني.

و الجواب عن التقريب المذكور ان المستفاد من دليل الخيار ثبوته للبائع و للمشتري و المفروض ان العاقد في مفروض الكلام معنون بكلا العنوانين.

و بعبارة واضحة لا موضوعية لعنوان المثني بل الموضوع عبارة عن البائع و المشتري و المفروض ان كلا العنوانين منطبقان علي الوجود الواحد و مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين الصورتين اضف الي ذلك انا نسلم ان المستفاد من الدليل كون الموضوع متعددا.

لكن نقول المستفاد من دليل الخيار تعدد العنوان و المفروض تعدده و بعبارة اخري الميزان و المناط هو العنوان و لا خصوصية للشخص.

و ببيان اوضح: ان غاية ما يمكن ان يقال في تقريب المدعي ان عنوان المثني دخيل في ترتب الحكم لكن نقول هل يكفي تحقق عنوان المثني و لو بتعدد العنوان و وحدة المصداق أم يلزم تعدد المصداق أيضا؟ فانه لا دليل علي تعدد المصداق بل الدخيل تعدد العنوان و هو حاصل في محل البحث فلاحظ.

الوجه الثاني انه لا يمكن جعل غاية الحكم امرا مستحيلا

كما لو قال المولي الشي ء الفلاني نجس حتي يتحقق الدور و عليه لا يمكن جعل الخيار الي زمان الافتراق الذي لا يمكن تحققه في الخارج.

و يرد عليه أولا بالنقض بمورد يكون البائع و المشتري متلاصقين

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 303

و غير قابلين للافتراق فهل يمكن القول بعدم الخيار لعدم امكان الافتراق؟

و ثانيا بالحل و هو ان المدعي علي فرض تسلمه انما يكون كذلك فيما لا يكون للموضوع مصداقان احدهما قابل لتحقق الغاية فيه و اما اذا كان الحكم ثابتا للجامع بين فردين احدهما غير قابل لتحقق الغاية فيه و الاخر قابل كما في

المقام فلا محذور و من الظاهران المتعاملين لا يكونان منحصرين في فردين لا يمكن افتراقهما.

و ثالثا انه يرد عليه انه لا مانع من جعل المحال غاية للحكم فانه عبارة اخري عن الدوام و عدم زوال الحكم.

الوجه الثالث: الظهور العرفي

فان الظهور العرفي يحكم بان الشارع الاقدس اثبت الخيار لمتعاقدين متعددين.

و الظاهر ان الوجه المذكور لا بأس به و لو سلمنا عدم الجزم فلا اقل من الشك في تحقق الاطلاق و صدق موضوع الخيار علي الواحد فلاحظ.

الوجه الرابع: احتمال كون الخيار مشروطا بكون ذي الخيار معنونا باحد العنوانين من البائع و المشتري

و اما من يكون معنونا بكلا العناوين فلا يكون الخيار له.

و فيه ان مجرد الاحتمال لا يكون مانعا عن الاطلاق و الا لانسد باب الاخذ بالإطلاق و هو كما تري.

الوجه الخامس: ان الافتراق غاية الحكم فلا بد من التعدد

و ببيان واضح ان الافتراق يستلزم التعدد و الاجتماع و اجاب الشيخ قدس سره عن الوجه المذكور بان كون الغاية الافتراق المستلزم للتعدد مبني

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 304

علي الغالب و فيه انه خلاف الظاهر.

فالحق في الجواب أن يقال ان التعدد محفوظ في المقام فان المفروض ان البائع و المشتري عنوانان و كلاهما موجودان لكن العنوانين متصادقان علي فرد واحد و لا دليل علي لزوم كون المصداق متعددا فانه خلاف الاطلاق.

و بعبارة اخري نسلم ان الافتراق يستلزم التعدد و الاجتماع لكن نقول التعدد مفروض في المقام فان البائع و المشتري عنوانان مجتمعان في شخص واحد.

«قوله قدس سره: فالظاهر بقائه الي ان يسقط باحد المسقطات غير التفرق»

هذا من القضايا التي قياساتها معها فان المفروض انه لا يعقل الافتراق فلا يعقل ما يكون مترتبا عليه فسقوط الخيار بغيره فلاحظ.

[مسألة قد يستثني بعض أشخاص المبيع عن عموم ثبوت هذا الخيار]
[منها من ينعتق علي احد المتبايعين]
اشارة

«قوله قدس سره: منها من ينعتق علي احد المتبايعين»

قد اشار الماتن في هذه المسألة الي عدة امور.

الأمر الأول: انه اذا كان المبيع من ينعتق علي المشتري فهل يتحقق خيار المجلس أم لا؟

و نقل عن المشهور عدم الخيار و الكلام علي مسلك من يري تحقق الملك بمجرد العقد و أما لو قلنا بتوقف الملك علي مضي زمان الخيار فلا اشكال في ثبوت الخيار.

اذا عرفت مركز البحث فاعلم ان الحق ثبوت الخيار اذ الخيار يتعلق بالعقد فلا منافاة بين انعتاق المبيع و عدم بقائه علي المملوكية و بين ثبوت الخيار فان الخيار ملك فسخ العقد غاية ما في الباب انه لو انعدم المبيع بالانعتاق القهري تصل النوبة الي البدل و لذا نري

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 305

انه لو تلف المبيع أو الثمن بالتلف السماوي في البيع الخياري يكون الخيار باقيا عند القوم و ان ذا الخيار اذا فسخ العقد تصل النوبة الي اخذ البدل من المثل أو القيمة.

الأمر الثاني ان الفسخ الصادر عن ذي الخيار من الحين لا من الاصل

و بعبارة واضحة ان الخيار ملك فسخ العقد و رفعه من حين اعمال الخيار و لا يرتفع بالفسخ اصل العقد فلا حق لذي الخيار بعد الفسخ بالنسبة الي نفس العين الا مع بقائها.

و أما علي تقدير عدم البقاء كما هو المفروض في المقام حيث ان ملكية العمودين توجب الانعتاق فلا يبقي مجال لعود الملك الي مالك الاول بل تصل النوبة الي البدل كما تقدم.

الأمر الثالث انه ربما يقال ان الخيار ثابت للبائع دون المشتري

و هذا التفصيل غير تام و لا وجه له فان مقتضي القاعدة الاولية عدم الفرق بينهما و دليل خيار المجلس يقتضي ثبوت الخيار لهما و لا ترجيح للبائع علي المشتري.

و قد ذكر لعدم ثبوت الخيار للمشتري وجهان: احدهما ان المشتري وطن نفسه علي الغبن فانه بعد علمه بانعتاق المبيع عليه وطن نفسه علي الغبن و الصبر فلا خيار له.

ثانيهما انه سيجي ء ان اتلاف العين بل التصرف فيها يسقط الخيار فاذا كان الاتلاف رافعا للخيار الثابت فهو دافع له بالاولوية و في كلا الوجهين اشكال.

أما الوجه الأول فيرد عليه انه يمكن ان لا يكون المشتري عالما بالحكم كي يقال بانه وطن نفسه علي الغبن و مع الجهل لا مجال للبيان المذكور مضافا الي انه لا اساس للتقريب المشار إليه فان هذا الاقدام

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 306

لا يرتبط بالتوطين و رفع اليد عن الخيار فانه حكم شرعي من قبل الشارع.

اضف الي ذلك كله ان خيار المجلس تابع لدليله و لا يرتبط بتوطين المشتري أو البائع و مقتضي اطلاق دليل الخيار ثبوته كما تقدم و مما ذكرنا ظهر انه لا وجه لمنع البائع عن الخيار بالتقريب المذكور في ناحية المشتري فلا نعيد الكلام.

و أما الوجه الثاني فيرد عليه ان سقوط

الخيار بالتصرف و لو كان اتلافا اوّل الكلام و الاشكال مضافا الي ان القول بالسقوط بسبب التصرف أو الاتلاف لا يرتبط بالمقام فان البائع أو المشتري لا يقصد بالبيع أو الشراء اتلاف العين كي يتم التقريب المذكور بل يقصدان البيع و انما التلف بحكم الشارع كما ان المتعاقدين لا يقصدان بالعقد ايجاد الخيار بل يقصدان البيع و انما يترتب الخيار في مورده بحكم الشارع.

و بما ذكرنا ظهر انه لا وجه لسقوط الخيار و عدمه بالنسبة الي المشتري و البائع كما انه لا وجه للتفصيل بين البائع و المشتري بالالتزام بثبوت الخيار للبائع و عدمه للمشتري و اما تغليب جانب العتق كما نقل عن التذكرة فانما يكون وجها لعدم رد العين بل يحكم بانعتاقها و اما كونه مانعا عن الخيار فلا وجه له فلاحظ.

الأمر الرابع: ان ملكية العمودين بالاشتراء تقديرية أو تحقيقية

ربما يقال انها تقديرية اذ لا يمكن ان يتملك الانسان احد عموديه فلا بد من الالتزام بالملك التقديري.

و الحق أن يقال: ان القاعدة الاولية تقتضي بطلان العقد لان البيع عبارة عن تمليك العين لا مجانا و حيث انه لا يمكن الالتزام بالملكية

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 307

يلزم البطلان لكن الاجماع قائم علي صحة العقد فلا بد من الالتزام بتحقق الملكية آنا ما و الانعتاق بعدها فان مقتضي الجمع بين الاجماع علي صحة العقد من ناحية و التسالم علي عدم امكان تملك العمودين من ناحية اخري ما ذكرناه.

الأمر الخامس: انه قدس سره تعرض لكلام صاحب المقابيس

و هو فصل في ثبوت الخيار للبائع اذا كان المبيع من ينعتق علي المشتري بان قال تارة نقول الخيار و الانعتاق كلاهما يتحققان بالبيع و اخري نقول بان كليهما يتحققان بالملك و ثالثة نقول الخيار يثبت بالعقد و الانعتاق يحصل بالملك و رابعة نقول الانعتاق يتحقق بالعقد و الخيار يحصل بالملك.

فان قلنا بالاول أو الثاني أو الرابع يلزم ان نقول بعدم الخيار اذ علي الاول و الثاني يتحقق التعارض بين دليلي الخيار و الانعتاق و حيث ان دليل الانعتاق أنص من دليل الخيار يؤخذ به و يطرح الدليل الاخر و كون القيمة بدل العين فلا مجال لتملك البائع اياها اذ البدلية تتوقف علي تملك المبدل و المفروض ان المبدل لا يصير مملوكا له.

و أما علي الرابع فلسبق تعلق حق الانعتاق علي حق الخيار فهو يتحقق لتقدمه دون ما يكون متأخرا و أما علي القول الثالث فنلتزم بالخيار حيث فرض انه اسبق من العتق.

و بعد ما حكم كذلك و فصل بهذا التفصيل رجع عما أفاده و قال يحتمل قريبا الثبوت جمعا بين الحقين و دفعا للمنافاة

عن البين و عملا بالنصين و بالاجماع علي عدم امكان زوال يد البائع عن العوضين و تنزيلا للفسخ منزلة الارش مع ظهور العيب في احدهما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 308

و للعتق بمنزلة التلف أي تلف العين و لانهم حكموا بجواز الفسخ و الرجوع الي القيمة فيما اذا باع بشرط العتق فظهر كونه ممن ينعتق علي المشتري أو تعيب بما يوجب ذلك و الظاهر عدم الفرق بينه و بين المقام.

ثم قال و حيث كان المختار في الخيار تحققه بمجرد العقد و في العتق انه بعد الملك و المستفاد من الادلة ان الخيار بالنسبة الي العقد كالمعلول بالنسبة الي علته كما ان الانعتاق بالنسبة الي الملك كذلك يكون الاقرب الالتزام بالخيار ان لم يكن اجماع علي خلافه.

و فيما افاده مواقع للنظر الموقع الاول: انه قدم دليل العتق علي دليل الخيار بتقريب ان دليل العتق أنص و الحال ان مجرد الأنصية لا يكون وجها للتقديم بل تقديم احد المتعارضين علي الاخر يتوقف علي كون المقدم قرينة علي معارضه.

الموقع الثاني انه استدل علي عدم تملك البائع قيمة العبد بان العبد لا يصير ملكا له و الحال انه يرد عليه ان المفروض ان العبد كان مملوكا للبائع و قد جعله في مقابل الثمن و بعد الفسخ و انتقال الثمن الي المشتري لا بدّ من اخذه القيمة للعبد اذ لا يمكن رجوع العين الي ملكه و اشتراط امكان التملك و فرض رجوع التالف الي ملك البائع لا دليل عليه بل يكفي انه لو فرض بقاء العين صارت مملوكة له و هذا المقدار قابل لان يلتزم به.

الموقع الثالث: انه قدس سره قاس التقدم الرتبي علي التقدم الزماني و تصور

انه كما يرتفع التعارض و التنافي بالاختلاف الزماني كذلك يرتفع بالاختلاف الرتبي و الحال انه لا اثر للاختلاف الرتبي في رفع التعاند فان قوام التعاند بالاتحاد الزماني و هذا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 309

الملاك موجود في الاختلاف الرتبي.

الموقع الرابع ما افاده من الاجماع علي عدم امكان زوال يد البائع عن العوضين و الحال انه علي القول بالخيار لا يقتضي زوال يد البائع عنهما اذ ما دام لم يتحقق الفسخ تكون يده علي الثمن و بعد تحقق الفسخ يتملك قيمة العين أي العبد فلا محذور.

الموقع الخامس: ما افاده بقوله و تنزيلا للفسخ منزلة الارش و الحال انه أي ارتباط بين الامرين

الأمر السادس ان الشيخ قدس سره جعل كلام صاحب المقابيس مورد النظر و بين ما هو الحق عنده

و قال تارة نقول يلزم في مورد الفسخ خروج العين من ملك من انتقل إليه و دخوله في ملك من انتقل عنه و اخري نقول الفسخ لا يقتضي الا رد العين ان كانت موجودة ورد بدلها ان كانت تالفة تكوينا أو تشريعا.

فان قلنا بالاول لا يمكن الالتزام بالخيار في المقام اذ العبد بعد انعتاقه غير قابل لصيرورته رقا فلا يمكن الالتزام بالخيار و لو علي القول بكون الخيار مترتبا علي العقد و الانعتاق علي الملكية.

و أما ان قلنا بالقول الثاني يمكن الالتزام بالخيار و لذا التزموا بالخيار في اشباه المقام و نظائره و مقتضي عموم دليل الخيار ثبوته في المقام.

أقول الحق ان يقال: كما في كلام الماتن ان الفسخ لا يقتضي رد العين الي مالكها الاول فان كانت العين موجودة ترد الي مالكها الاول و ان كانت تالفة تصل النوبة الي البدل بمقتضي السيرة العقلائية.

و لذا نقول لو تلفت العين بآفة سماوية أو ارضية و انفسخ العقد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب،

ج 3، ص: 310

بعد تلف العين يكون مقتضي السيرة العقلائية الارتكازية تبدل العين ببدلها فلا يبقي اشكال في المقام و لا ملزم للملك التقديري اي الفرضي بل لو قلنا بلزوم الملك التقديري اي الفرضي نلتزم به في المقام أيضا بلا وجه للتفصيل ففي مورد البحث نفرض ان العبد كان في يد المشتري و انفسخ العقد و نفرض ان العبد بعد الفسخ صار مملوكا للبائع و تلف حالكونه مملوكا له فلا وجه للتفريق بين المقام و بقية الموارد.

الأمر السابع انه أفاد الشيخ قدس سره بان المتبايعين اذا كانا عالمين بالحكم الشرعي

و ان البيع يوجب انعتاق العبد لعدم جواز تملك العمودين و مع ذلك اقدما علي البيع و الشراء لا يتحقق الخيار اذ الخيار حق يتعلق بالعين ما دام تكون موجودة و ببدلها اذا كانت معدومة فعقدهما مع علمهما عبارة عن اعدامهما العين فيكون كتفويت نفس الخيار كما لو اشترطا سقوطه. و قد قال بعضهم ان اتلاف البائع العين اسقاط للخيار و حيث ان بيعه لمن ينعتق اعدام للعين يكون موجبا لسقوط الخيار بالاولوية فان الدفع اهون من الرفع.

و يرد عليه أولا ان الخيار حق متعلق بالعقد لا بالعين و ثانيا ان العتق فعل الشارع لا فعل المتعاقدين.

و ثالثا انه لا وجه لكون اتلاف البائع العين موجبا لسقوط الخيار ما دام لا يقصد به الاسقاط و علي فرض القول به لا وجه للالتزام به في المقام لعدم الجامع بين الموردين فان الانعتاق بفعل الشارع لا بفعل البائع و لعل أمره بالتأمل في آخر المسألة اشارة الي بعض ما ذكرنا أو الي كله و اللّه العالم كما ان امره بالتأمل قبل اسطر يمكن ان يكون اشارة الي بعض ما تقدم منا من المناقشة فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص:

311

فرع لطيف و هو انه لو كان احد عمودي شخص مملوكا لشخص آخر يمكن للولد أن يتوسل الي وسيلة ينجي اباه أو أمه عن الرقية بلا توجه خسارة مالية إليه و هو ان يشتري اباه أو أمه بثمن و مبلغ بلغ ما بلغ فان البائع اذا لم يكن عالما بالمسألة أو كان غافلا و باع العبد أو الامة و كان المبيع عند البائع ينفسخ العقد فان كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه فالنتيجة ان المملوك ينعتق و لا شي ء علي الولد و لا خسارة عليه.

[و منها العبد المسلم المشتري من الكافر]

«قوله قدس سره: و منها العبد المسلم المشتري من الكافر»

ما يمكن أن يقال في وجه عدم الخيار في المقام ان مقتضي قوله تعالي «وَ لَنْ يَجْعَلَ اللّٰهُ لِلْكٰافِرِينَ عَلَي الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلًا» «1» عدم امكان تملك الكافر للمسلم و حيث ان الفسخ يوجب انحلال العقد و رجوع كل من العوضين الي مالكه الاول لا يتحقق الخيار اذ لا يمكن شرعا رجوع العبد المسلم الي ملك الكافر فلا خيار.

و فيه أولا: انه لا دليل علي كون التملك سبيلا و مقصودا من الآية بل الظاهر منها بملاحظة ما قبلها ان المراد بها طريق الغلبة و سبيل الظفر في الآخرة في مقام المحاجة و لذا نري انه عبر في الآية بقوله تعالي «و لن» فان النفي ناظر الي المستقبل أي لا يجعل اللّه في الآخرة للكافر سبيلا علي المؤمن.

و أما الحكم الشرعي الّذي حقق في ظرفه من قبل و في عالم التشريع في دار الدنيا فغير مربوط بمفاد الآية ظاهرا و لا يصار إليه و الا كان اللازم عدم جواز استيجار الكافر للمؤمن لخدمته و هل

______________________________

(1) النساء، الآية 141.

عمدة المطالب في

التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 312

يمكن الالتزام به؟

و ثانيا انا نفرض عدم جواز تملك الكافر للمسلم و لازمه عدم رجوع العبد الي ملك الكافر لكن نقول لا يكون هذا مانعا عن الخيار و اعماله اذ غايته كونه كالتالف فتصل النوبة الي اخذ البدل و لا يلزم رجوعه الي ملك البائع كي يرد الاعتراض المذكور و ثالثا انه اذا كان مفاد الآية كما توهم فكيف يمكن التفصيل بين التملك الاختياري و غير الاختياري و هل يمكن الالتزام بالتفصيل في نفي السبيل المستفاد من الآية حسب توهم المتوهم؟

أو ان الحكم المذكور علي الفرض من الاحكام غير القابلة للتخصيص و بعبارة اخري هل يمكن أن يقال: ان اللّه لن يجعل الكافر مسلطا علي المؤمن لان المؤمن عزيز عنده لكن في بعض الاحيان يسلطه عليه فلاحظ.

«قوله قدس سره: من ان البيع بالنسبة الي الكافر استنقاذ»

يرد علي ما افيد أولا ان الامر بالعكس فان الكافر معتقد للملكية فهو يقصد البيع و المشتري يقصد الاستنقاذ.

و ثانيا ان الكلام علي فرض تماميته انما يكون في التملك الابتدائي الاختياري كما عنون في عنوان المسألة في كلام الماتن و عليه لا وجه لكونه استنقاذا و لا يكون بيعا و استنقاذا بل بيع و شراء حقيقة.

و ثالثا انه لا مجال للتفكيك فان البيع قائم بالطرفين فتحققه و صدقه من طرف و عدمه من الطرف الاخر جمع بين المتنافيين.

و رابعا ان ما افيد لا يرجع الي محصل اذ لو كان استنقاذا لعدم الملكية فما فائدة الخيار و أي اثر يترتب عليه فان المفروض عدم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 313

كون العبد ملكا للكافر.

«قوله قدس سره: ليس سبيلا للكافر علي المسلم»

ما هو المراد من التقدير

فان كان المراد منه مجرد الفرض و التصور فلا اثر له اذ الاحكام الشرعية مترتبة علي الموضوعات الواقعية لا علي الفروض و التصورات و ان كان المراد الملكية حقيقة فينهدم اصل الدعوي اذ حكم الامثال واحد و لا وجه للتفصيل.

و بعبارة واضحة ان كانت الملكية سبيلا فلا يمكن تحققها كما توهم و ان لم تكن فلا فرق بين افرادها فالحق ما ذكرنا و هو الالتزام بصحة البيع و ترتب الخيار و رجوع العين الي مالكها الاول نعم إذا تم الدليل علي وجوب الزام الكافر ببيع عبده المسلم نلتزم به.

[و منها شراء العبد نفسه]

«قوله قدس سره: و منها شراء العبد نفسه»

اذا قلنا بجواز شراء نفسه كما هو المفروض فلا وجه لعدم الخيار و أي فرق بين المقام و الفرع السابق و هو بيع من ينعتق علي المشتري فان العين غير قابلة للبقاء مملوكة كما تقدم و لكن لا تنافي بينه و بين الخيار اذ الخيار من احكام العقد و غير مترتب علي العين.

و بعبارة واضحة: لا تعاند بين الخيار المتعلق بالعقد و تلف العين و لذا لا مجال لقوله قدس سره لانه لا يسقط اذا ثبت قبله فانا ندعي انه ثابت قبله و لا مقتضي لسقوطه بتلف العين و لعله اشار الي ما ذكرنا بامره بالتأمل.

[مسألة لا يثبت خيار المجلس في شي ء من العقود سوي البيع عند علمائنا]

«قوله قدس سره: لا يثبت خيار المجلس في شي ء من العقود»

هذا من الواضحات الاولية فان كل حكم مترتب في دليل علي موضوع فلاني لا يترتب علي غيره لعدم المقتضي و هذا مما لا ريب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 314

فيه و صفوة القول انه لا مجال لجريان خيار المجلس في غير البيع من العقود بلا فرق بين الجائزة منها و لازمها اما القسم الأول فمضافا الي عدم مقتضي الجريان بعد اختصاص موضوعه انه لا مجال للخيار في العقد الجائز و لا يترتب عليه اثر.

و أما القسم الثاني فيتصور الخيار فيه لكن لا مقتضي للالتزام به بعد خروج موضوعه و عدم شمول موضوع الخيار له و هذا ظاهر واضح.

و أما لو اشترط عقد في ضمن البيع علي نحو شرط النتيجة كما لو باع زيد داره من بكر و يشترط فيه كون المشتري وكيلا في بيع كتابه فهل ينفسخ العقد المشروط بفسخ عقد البيع أم لا؟

الحق هو الثاني أما لو كان المشروط

بنحو شرط النتيجة عقدا لازما فلا مقتضي لانفساخه اذ المفروض تحققه و من ناحية اخري فرض لزومه فلا وجه لانفساخه بفسخ عقد البيع.

و أما لو كان جائزا فالكلام فيه هو الكلام لانه و لو فرض كونه جائزا في حد نفسه و قابلا للفسخ لكن المفروض اشتراطه في ضمن العقد و لا وجه لانفساخه بانفساخه فان الشرط في ضمن العقد اللازم لازم و لا ينفسخ بانفساخ العقد بل لنا ان نقول الشرط في ضمن العقد الجائز لازم اذ مقتضي قوله عليه السلام المسلمون أو المؤمنون عند شروطهم لزوم المشروط.

[مسألة مبدأ هذا الخيار من حين العقد]
اشارة

«قوله قدس سره: مسئلة مبدأ هذا الخيار من حين العقد»

فان الظاهر من قوله عليه السلام «البيعان بالخيار ما لم يفترقا» تحقق الخيار من اوّل زمان العقد و تماميته و يمكن تقريب المدعي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 315

بان الخيار يتصور فيما يكون العقد في حد نفسه لازما اذ الخيار عبارة عن ملك فسخ العقد فلو فرض عدم تحققه لم يكن موضوع الخيار تاما.

و بعبارة واضحة: الخيار عبارة عن ملك فسخ العقد فما دام لم يتحقق العقد في الخارج و لم يتم في نظر الشارع لا مجال لفسخه و رفعه فان الرفع فرع الوضع و المفروض انه لم يوضع و حيث ان بيع الصرف و السلم يتوقف علي القبض في المجلس وقع الكلام بين القوم في انه هل يجري خيار المجلس فيهما قبل القبض أم لا؟ و حيث ان التقابض اذا كان واجبا في المجلس تكليفا يمكن القول بالخيار بان نقول علي القول بالخيار لا يجب فيقع الكلام في مقامين:

المقام الأول انه هل يجب التقابض أم لا؟
اشارة

و

ما يمكن أن يذكر في تقريب الوجوب وجوه:
الوجه الأول: انه قد دل النص علي النهي عن المفارقة حتي يحصل التقابض

لاحظ ما رواه منصور بن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: اذا اشتريت ذهبا بفضة أو فضة بذهب فلا تفارقه حتي تأخذ منه و ان نزا حائطا فانز معه «1» فان الحديث يدل علي وجوب التقابض.

و يرد عليه ان المستفاد من الحديث الوجوب الوضعي الشرطي لا الوجوب التكليفي و بعبارة اخري لا يستفاد من الرواية الا الاشتراط.

الوجه الثاني: انه مع عدم حصول التقابض يلزم الربا

فيجب التقابض و يرد عليه أولا: انه علي القول به يختص بما يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 2 من ابواب الصرف الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 316

كلاهما من جنس واحد كبيع الذهب بالذهب و اما بيع الذهب بالفضة فلا يجري فيه.

و ثانيا ان الاشكال علي فرض تماميته يختص بما اقبض احدهما دون الاخر و ثالثا ان الربا علي تقدير لزومه يختص بما يشترط فيه التأخير.

و رابعا ان هذا الاشكال علي فرض تماميته يختص ببيع الصرف و اما في السلم فلا يجري.

و خامسا ان العقد الربوي باطل وضعا و الكلام في الوجوب التكليفي.

و سادسا انه لو تحقق الافتراق قبل القبض يكون العقد كالعدم فاين يتحقق الربا.

الوجه الثالث: ان الاقباض شرط ارتكازي بين الطرفين

فيجب بمقتضي وجوب الوفاء بالشرط و فيه ان الدليل اخص من المدعي اذ الواجب علي كل واحد منهما الاقباض عند اقباض الاخر لا مطلقا.

الوجه الرابع: ان المستفاد من دليل وجوب الوفاء وجوب الاقباض.

و فيه أولا انا ذكرنا مرارا ان دليل وجوب الوفاء ناظر الي الحكم الوضعي و لا تعرض فيه للحكم التكليفي فلا موضوع للاستدلال المذكور.

و ثانيا ان وجوب الوفاء علي القول به يختص بالعقد الصحيح التام و المفروض ان العقد قبل القبض و الاقباض غير تام فغير صحيح فانقدح انه لا دليل علي وجوب الاقباض.

و اما

المقام الثاني: و هو انه علي القول بوجوب الاقباض هل يترتب عليه الخيار أم لا؟

فنقول الظاهر انه لا مقتضي للخيار حتي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 317

علي القول بوجوب الاقباض لان الخيار في مقابل اللزوم اي في مقابل وجوب الوفاء فما دام لا يكون العقد لازما بحسب الدليل لا مقتضي للخيار.

و بعبارة اخري: انما يتصور الخيار في مورد تصور اللزوم بعد تمامية العقد و المفروض ان العقد قبل التقابض في المجلس غير تام و غير صحيح فلا مجال لتوجه وجوب الوفاء به فلا موضوع للخيار.

«قوله قدس سره: و مما ذكرنا يظهر الوجه في كون مبدأ الخيار للمالكين الحاضرين»

الخ بتقريب ان البيع انما يستند الي المالك من حين الاجازة فلا مجال للخيار للمالك الا بعد الاجازة بلا فرق بين الكشف و النقل هذا تقريب ما افاده.

و لكن قد مر منا ان عنوان البائع و البيع و العاقد ينطبق علي من يتصدي البيع بالاصالة أو بالوكالة أو بالولاية أو بالفضولية و علي هذا لا بدّ من أن يقال ان مجلس العقد لو كان باقيا الي زمان الاجازة و كان المتعاقدان حاضرين في المجلس يثبت الخيار لهما اي يثبت في مفروض الكلام للفضوليين دون غيرهما.

الا ان هذه الدعوي تقرع الاسماع فان قام دليل قطعي علي خلافه فهو و الا فلا مناص عن الالتزام به و هل يمكن القول بثبوت الخيار للاصيل اذا كان احدهما اصيلا

من زمان العقد؟ الظاهر انه لا وجه له اذ الخيار ملك فسخ العقد و المفروض انه لم يتحقق العقد في وعاء الشرع فلا موضوع لهذه الدعوي.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 318

[القول في مسقطات الخيار]
اشارة

«قوله قدس سره:

مسألة لا خلاف ظاهرا في سقوط هذا الخيار باشتراط سقوطه في ضمن العقد»

ما افاده من اشتراط سقوطه يتصور علي نحوين: النحو الاول ان يشترط في ضمن العقد اسقاطه اي بالشرط الضمني يسقط الخيار المترتب علي العقد و اورد فيه انه اسقاط لما لم يجب و هو غير جائز و ربما يجاب عن الاشكال المذكور بان دليل الخيار منصرف عن مورد الشرط اذ الخيار للارفاق و مع اشتراط عدمه لا مجال للارفاق.

و يرد عليه أولا انه لا وجه للانصراف و علي فرض تسلمه بدوي يزول بالتأمل.

و ثانيا ان البيان المذكور دوري اذ يتوقف صحة الاشتراط علي عدم شمول دليل الخيار فلو توقف عدم شمول دليل الخيار علي الشرط يلزم الدور.

و ببيان واضح: ان المدعي يدعي ان دليل الخيار لا يشمل المقام فلا يكون الشرط اسقاطا لما لم يجب اذ لا خيار فدليل الشرط يتوقف علي عدم شمول دليل الخيار كي لا يكون اسقاطا لما لم يجب و الحال ان عدم شمول دليل الخيار يتوقف علي الاشتراط و هذا دور.

فالجواب الصحيح أن يقال انه لا دليل علي بطلان اسقاط ما لم يجب الا التعليق و بطلان التعليق بالاجماع و حيث ان الاجماع دليل لبي لا يشمل المقام لعدم كونه ذا لسان فالحق جواز اشتراط الاسقاط في ضمن العقد لكن في المقام دقيقة و هي ان الخيار اما لا يتحقق باشتراط الاسقاط و اما يتحقق و يسقط.

أما علي الاول فلا يتصور الاسقاط اذ الاسقاط فرع الاثبات و السقوط فرع الثبوت فلا بد من ثبوته.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 319

و أما علي الثاني فيلزم انه لو فسخ العقد الوكيل المفوض للمشروط عليه في ذلك الآن فهل يؤثر الفسخ أم لا؟ اما علي الاول فيلزم ان

الشرط لم يؤثر في اسقاطه و أما علي الثاني فما الوجه في عدم تأثيره و مقتضي القاعدة عدم تأثير شي ء منهما اذ تأثير كليهما غير معقول و تأثير احدهما المعين ترجيح بلا مرجح و تأثير احدهما لا علي التعيين الذي يرجع الي التخيير أيضا لا دليل عليه فالنتيجة بعد التعارض بقاء الخيار بحاله.

و بعبارة واضحة: كل واحد من الاسقاط في ضمن العقد بالاشتراط و فسخ الوكيل في عرض واحد و موضوع كليهما متحقق في الخارج فيقع التعارض بينهما.

و نظير ذلك ما لو كان لزيد وكيلان مفوضان و باع داره من بكر و بعد البيع في آن واحد احد الوكيلين اسقط الخيار و في ذلك الزمان الوكيل الاخر فسخ العقد فهل يقدم الفاسخ أو المسقط أو يصح كلا الامرين أو لا هذا و لا ذاك و يبقي الخيار بحاله؟

الحق هو الاخير لعدم وجه لترجيح احد الطرفين علي الاخر و من ناحية اخري تأثير كليهما غير معقول فالنتيجة التعارض ثم التساقط و بقاء الخيار بحاله فلاحظ هذا تمام الكلام في النحو الاول.

و مع ذلك في النفس شي ء و هو انّه لا دليل علي جواز اسقاط ما لم يجب و مجرد عدم الدليل علي البطلان لا اثر له اذ يتوقف الحكم بالصحة علي الدليل بل مقتضي الاصل عدم تماميته فان الاستصحاب يقتضي عدم جوازه.

و اما النحو الثاني و هو اشتراط عدم الخيار فنقول قد اوردت فيه ايرادات الايراد الاول ان الشرط لا بدّ أن يكون فعلا مقدورا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 320

للمشروط عليه و الحال ان الخيار المجعول من قبل الشارع زمام امره بيده و لا سبيل للمكلف إليه.

و الجواب عن هذا الايراد أولا ان

الشرط اذا كان فعلا يجعل علي المكلف كالصلاة و الخياطة يلزم ان يكون مقدورا للمكلف و أما اذا علق العقد علي امر فلا يلزم ان يكون المعلق عليه فعلا مقدورا للمكلف و لذا وقع الكلام بين القوم في جواز التعليق و عدمه و لو لا الاجماع علي بطلانه لجاز تعليق كل عقد أو ايقاع علي امر غير مقدور كنزول المطر من السماء و قدوم زيد من السفر و طلوع الشمس و غروبها و هكذا.

و ثانيا انه يكفي للالتزام بالجواز ورود النص الخاص في المقام لاحظ ما رواه سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال سألته عن رجل كان له اب مملوك و كانت لابيه امرأة مكاتبة قد ادّت بعض ما عليها فقال لها ابن العبد هل لك ان اعينك في مكاتبتك حتي تؤدّي ما عليك بشرط ان لا يكون لك الخيار علي ابي اذا انت ملكت نفسك قالت: نعم فاعطاها في مكاتبتها علي ان لا يكون لها الخيار عليه بعد ذلك قال لا يكون لها الخيار المسلمون عند شروطهم «1».

فان مقتضي الحديث المذكور جواز اشتراط عدم الخيار.

الايراد الثاني ان اشتراط عدم الخيار ينافي مقتضي العقد فلا يجوز اشتراط عدمه.

و يرد عليه أولا ان الخيار لا يكون باقتضاء العقد بل الخيار حكم شرعي مترتب علي العقد في جملة من الموارد و لذا نري ان العقد بمقتضي دليل وجوب الوفاء لازم في حد نفسه و الخيار يحتاج الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب المكاتبة الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 321

الدليل.

و ثانيا انه يكفي لرفع الاشكال النص الخاص الوارد في باب الخيار.

الايراد الثالث ان الشرط يلزم ان يكون في ضمن العقد

اللازم كي يلزم و أما لو لم يكن العقد لازما فلا يكون الشرط لازما و الا يلزم كون الفرع زائدا علي الاصل.

و ان شئت قلت لزوم الشرط يتوقف علي لزوم العقد و الحال ان لزوم العقد يتوقف علي لزوم الشرط و هذا دور فباطل.

و يرد عليه أولا ان التقريب المذكور لو كان تاما لكان مخصوصا بالشروط الراجعة الي المكلف و الافعال الصادرة منه و الخيار في المقام بحكم الشارع كما ان عدمه كذلك الا ان يقال لا فرق في التقريب المذكور بين فعل الشارع و ما يصدر عن المكلف لوحدة الملاك و هو عدم زيادة الفرع علي الاصل.

و ثانيا ان اي دليل دل علي الاشتراط المذكور فان الشرط يتوقف علي تحقق الارتباط فانه متقوم به فاذا تحقق هذا العنوان يتحقق الشرط و يترتب عليه حكمه و لذا قلنا و نقول في محله إن شاء اللّه ان الشرط الواقع في ضمن العقد الفاسد تام و صحيح فلا يختص الشرط بما يكون في ضمن عقد صحيح.

و ثالثا انه يكفي للقول به ورود النص الخاص أي حديث سليمان ابن خالد فان الشرط وقع تلو العقد الجائز أي الهبة الايراد الرابع انه يقع التعارض بين دليل نفوذ الشرط و دليل ثبوت الخيار و النسبة بين الدليلين عموم من وجه اذ ربما يتحقق الشرط و لا يرتبط بالخيار كاشتراط الخياطة و ربما يتحقق الخيار و لم يشترط عدمه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 322

و ثالثة يجتمع الامران كما في المقام فيقع التعارض بين الدليلين فاذا قلنا في تعارض الاطلاقين يسقط كلا المتعارضين فتصل النوبة الي العموم أو الاطلاق الفوقاني ان كان و تكون النتيجة اللزوم لعموم قوله تعالي

«أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و ان قلنا بلزوم تقديم الدليل الاحداث يلزم تمييز الاحدث عن غيره و تقديمه.

و يرد عليه أولا ان كل مشروط قبل تعلق الشرط به محكوم بحكم في الشريعة المقدسة فان قلنا باختصاص دليل الشرط بما يكون موافقا مع حكم ذلك الموضوع تلزم اللغوية في دليل الشرط و ان قلنا بالعموم كما نقول لا يبقي للتقريب المذكور مجال كما هو ظاهر فيقدم دليل الشرط.

و ثانيا ان العرف لا يري معارضة بين الدليلين فان الادلة الدالة علي حكم بالعنوان الثانوي تقدم علي ادلة العناوين الاولية و لا تعارض بين الطرفين عرفا و لذا نري ان ادلة النذور و الايمان و العهود و اطاعة الوالدين و امثالها تقدم علي الادلة المعارضة لها بلا كلام و لا اشكال و المقام كذلك.

و ثالثا انه يكفي للالتزام به النص الخاص الوارد في المقام.

الايراد الخامس: انه قد حقق في محله انه يشترط في صحة الشرط عدم كونه مخالفا مع الشرع و المفروض ان الدليل قد دل علي الخيار فان مقتضي قوله صلي اللّه عليه و آله البيعان بالخيار ثبوت خيار المجلس و لا يمكن رفع اليد عنه بدليل الشرط.

ان قلت: الامر كما افيد لكن نرفع اليد عن القاعدة في امثال المقام بحديث سليمان بن خالد حيث يستفاد منه جواز اشتراط عدم الخيار.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 323

قلت: هكذا يستفاد من الحديث المذكور لكن هل يمكن الاخذ بإطلاق ما ورد فيه فان استدلال الامام عليه السلام بعموم دليل الشرط يقتضي جريان الكبري الكلية في جميع الموارد و تكون النتيجة ان الشرط مشرع في الشريعة فانه يستفاد من الكلية انه لو اشترط احد علي احد عدم حرمة شرب الخمر

صار شرب الخمر جائزا نعوذ باللّه و نستعين به.

و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان يقال ان المستفاد من الحديث و ان كان كما افيد لكن لا يمكن الالتزام به فانه خلاف الضرورة الدينية فنقتصر فيه بالمقدار الذي يمكن الاخذ به و في الباقي نعمل علي طبق القواعد المقررة فلاحظ.

«قوله قدس سره: لانها مسوقة لبيان ثبوت الخيار باصل الشرع فلا ينافي سقوطه»

الظاهر ان الماتن في مقام نفي الاطلاق في دليل الخيار فلا تعارض و يرد عليه انه لا وجه لعدم الاطلاق بعد تمامية مقدماته فالحق ما ذكرنا من الاطلاق في دليل الخيار و تقديم دليل الشرط بالتقريب المتقدم ذكره آنفا.

«قوله قدس سره: الثاني ان يشترط عدم الفسخ»

الخ لا اشكال بحسب القواعد في صحة الشرط المذكور و تكون النتيجة حرمة الفسخ و هل يمكن القول بفساده كما ذكر في كلام الماتن الظاهر انه لا وجه له فان المستفاد من دليل الشرط لزومه و عدم مفارقة المشروط عليه عن الشرط فاذا كان متعلقه فعلا من الافعال يجب كما لو اشترط خياطة الثوب و ان كان تركا يحرم ذلك

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 324

الفعل و في المقام يحرم الفسخ بمقتضي الاشتراط و اما عدم نفوذه فلا دليل عليه و وجوب الوفاء بالشرط ليس وجوبا تكليفيا بل وجوب وضعي أي لا ينحل بالفسخ كما ذكرنا نظيره في وجوب الوفاء بالعقد مضافا الي ان الوجوب التكليفي الراجع الي الحرمة التكليفية لا يستلزم الفساد الوضعي كما هو محقق في محله.

«قوله قدس سره: وجهان»

الخ بل المتعين تأثير الفسخ و لا دليل علي بطلانه و الكلام هنا هو الكلام نعم بفسخه يصير عاصيا اذ يجب عليه بمقتضي الشرط ان

يسقط الخيار و فسخه يناقض اسقاطه و علي الجملة يجب عليه الاسقاط بعد البيع و اذا لم يسقط و لم يفسخ يكون للطرف الاخر حق الفسخ بمقتضي تخلف الشرط كما هو المقرر عندهم.

«قوله قدس سره: ان تأثير الشرط انما هو مع ذكره في متن العقد»

الخ الحق ان يقال انه لو صدق في العرف تحقق الاشتراط و لو بمعونة القرينة بحيث يصدق عرفا انه باع داره مع الشرط الكذائي يكون الاشتراط صحيحا و يترتب عليه آثاره و اما ان لم يصدق عنوان الاشتراط فغير صحيح فان كل حكم تابع لموضوعه و المفروض انه لا يصدق الموضوع فلا يترتب عليه الحكم.

و ان شئت قلت تارة يكون الشرط غير المذكور من الشرائط العامة المرتكزة عند العقلاء بحيث يكون المقدر عندهم كالمذكور و اخري يكون امرا شخصيا و علي الثاني قد يشيران به في ضمن العقد و قد يغفلان عن الشرط الذي تكلما حوله قبل العقد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 325

أما القسم الأول فلا اشكال في صحته و أما القسم الثاني فالظاهر صحته اذ المفروض انهما يشيران إليه فيكون كالمذكور في العقد و أما القسم الثالث فلا يكون صحيحا اذ المفروض انه غير مذكور لا بالصراحة و لا بالاشارة و لا بالارتكاز

«قوله قدس سره: لم يصح البيع»

الخ الظاهر انه لا وجه لما افيد فان النذر معلق علي البيع فالعمل بالنذر و الوفاء به انما يجب في ظرف البيع و بعبارة اخري البيع شرط لوجوب العتق فالوجوب وجوب مشروط فما دام لم يتحقق البيع لا يتحقق الوجوب و بعد تحقق الوجوب لا يمكن العمل بالنذر الا اذا فرض امكان اشترائه من المشتري أو استملاكه بنحو آخر فيجب

من باب مقدمة الواجب.

و أما اسقاطه للخيار فلا مانع لان الوجوب بعد لم يتحقق مضافا الي ان الوجوب التكليفي لا يقتضي الفساد الوضعي فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسألة و من المسقطات، إسقاط هذا الخيار بعد العقد»
اشارة

الخ

ما يمكن ان يذكر في تقريب جواز اسقاط الخيار بعد العقد وجوه.
الوجه الأول عدم الخلاف المدعي في المقام

فان الماتن أفاد بقوله لا خلاف ظاهرا في سقوطه بالاسقاط.

و من الظاهر انه لا يترتب عليه اثر اذ غايته ان يكون اجماعا منقولا و الاجماع المحصل غير حجة فكيف بمنقوله.

لا أن يقال انه اذا احرز عدم الخلاف في مسئلة و فرع من الفروع الفقهية يطمئن الفقيه بتمامية قيام الحجة علي الحكم الشرعي.

الوجه الثاني انه قد دل الدليل علي سقوط خيار الحيوان بتصرف المشتري فيه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 326

لاحظ ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان احدث المشتري فيما اشتري حدثا قبل الثلاثة الايام فذلك رضي منه فلا شرط له قيل له و ما الحدث قال ان لامس أو قبل أو نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء «1».

فانه عليه السلام حكم في الحديث المذكور بقوله «فذلك رضي منه فلا شرط له» بان احداث الحدث في الحيوان كالنظر و التقبيل اسقاط للخيار فيعلم ان ذا الخيار له ان يرضي بالعقد و سقط خياره فله أيضا ذلك في المقام.

ان قلت: الدليل وارد في خيار الحيوان فما وجه تسرية الحكم الي خيار المجلس.

قلت: يفهم من كلامه عليه السلام ان خيار الحيوان يسقط بالاسقاط و لو بمعونة التعبد الشرعي فيفهم العرف عموم الحكم أي يفهم ان الخيار الثابت بالمجلس كالخيار الثابت بالحيوان و ان كان للاشكال مجال.

الوجه الثالث ان الفرق بين الخيار الحكمي و الخيار الحقي و المائز بينهما

ان الخيار الحكمي كالخيار الثابت في الهبة لا يسقط باسقاط من له الخيار و اما الخيار الحقي فهو قابل للاسقاط و اختياره بيد من له الحق و من ناحية اخري خيار المجلس خيار حقي بلا اشكال و لا كلام.

الوجه الرابع فحوي دليل السلطنة علي الاموال

قال رسول اللّه

______________________________

(1) جامع الاحاديث ج 18 الباب 3 من ابواب الخيار الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 327

صلي اللّه عليه و آله: ان الناس مسلطون علي اموالهم «1».

بتقريب انه لو كان الانسان مسلطا علي التصرف في الملكية و اعدامها فبالاولوية يكون مسلطا علي التصرف في الحق الذي يكون مرتبة نازلة من الملك و فيه ان دليل السلطنة ضعيف فلا تصل النوبة الي التقريب المذكور.

الوجه الخامس التمسك بدليل وجوب الوفاء بالشرط

لاحظ ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: من اشترط شرطا مخالفا لكتاب اللّه عز و جل فلا يجوز له علي الذي اشترط عليه و المسلمون عند شروطهم فيما و افق كتاب اللّه عز و جل «2».

بتقريب ان الدليل بإطلاقه يشمل اسقاط الخيار.

و يرد عليه أولا ان مفهوم الشرط متقوم بالارتباط و لا يصدق الشرط علي الامر الابتدائي.

و ثانيا انه ما المراد من الشرط في المقام فان كان المراد الالتزام بعدم الخيار فان الخيار في المقام باعتبار الشارع و ليس زمام امره بيد المتعاقدين و ان كان المراد اسقاط الخيار فلا بد من احراز مشروعيته أولا ثم اشتراطه اذ دليل الشرط لا يكون مشرعا و لا مجال لكونه مجوزا لما لا يكون جائزا في الشريعة فيكفي لعدم الجواز الشك في اصل المشروعية.

مضافا الي انه يمكن احراز عدمها باستصحاب عدم كونه مشروعا فانقدح ان الوجه الوحيد وضوح كون خيار المجلس امرا حقيا

______________________________

(1) بحار الانوار الطبع الجديد ج 2 ص 272 الحديث 7.

(2) جامع الاحاديث ج 18 الباب 6 من ابواب الخيار الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 328

و قابلا للاسقاط و يمكن ان يقال ان المدعي اوضح

من ان يخفي.

«قوله قدس سره: ثم ان الظاهر سقوط الخيار بكل لفظ»

الخ ما افاده علي طبق القاعدة اذ بعد ما ثبت جواز الاسقاط فلو دل الدليل بالدلالة العرفية علي الاسقاط يترتب عليه السقوط لوجود المقتضي و عدم المانع و هذا ظاهر و لا يحتاج اثبات المدعي الي الاستدلال بالفحوي المتقدمة.

«قوله قدس سره: و فحوي ما دل علي كفاية بعض الافعال»

الخ لاحظ ما رواه معاوية بن وهب قال: جاء رجل الي أبي عبد اللّه عليه السلام فقال: اني كنت مملوكا لقوم و اني تزوجت امرأة حرة بغير اذن موالي ثم اعتقوني بعد ذلك فأجدد نكاحي اياها حين اعتقت فقال له: أ كانوا علموا انك تزوجت امرأة و انت مملوك لهم فقال: نعم و سكتوا عنّي و لم يغيروا عليّ قال: فقال: سكوتهم عنك بعد علمهم اقرار منهم اثبت علي نكاحك الاول «1».

بتقريب ان السكوت الذي يكون ناشئا عن الرضا اذا كان كافيا في اجازة العقد الفضولي فبالاولوية يكون اللفظ الدال علي الاسقاط مسقطا للخيار.

و يرد عليه انه يمكن ان الشارع الاقدس سهل الامر في باب النكاح لسد باب الزنا فلا يتم التقريب المذكور و ان شئت قلت اما يصدق عنوان الاسقاط بحسب الفهم العرفي علي اللفظ الصادر عنه و اما لا يصدق اما علي الاول فلا يحتاج الي الاستدلال بالفحوي بل يتم الامر علي طبق القاعدة و اما علي الثاني فلا وجه للتعدي.

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من ابواب نكاح العبيد و الاماء الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 329

«قوله قدس سره: لكون رضاه باسقاط الاخر خياره اسقاطا أيضا»

يمكن ان يرد عليه بان مجرد الرضا بامر لا اثر له فان الامور الانشائية لا بدّ

من اعتبارها أولا ثم ابرازها و انشائها بمبرز نعم لو كان مجرد الرضا و عدم الرد في مورد مصداقا للانشاء يكون كافيا لكن الاشكال في تمامية الصغري فلاحظ.

«قوله قدس سره: و ليس فيه دلالة»

الخ الحق ما افاده فانه ليس في هذا اللفظ دلالة لا علي التفويض و لا علي التمليك و لا علي استكشاف الحال بل هذه الجملة دالة علي طلب اختيار احد الطرفين من الطرف المقابل و كونها دالة في العرف السابق لا اثر له.

ثم انه هل يجوز تمليك الخيار من الغير أم لا؟ في هذه العجالة لا يخطر بنظري ما يستدل به علي الجواز نعم يجوز التوكيل فيه بلا اشكال و اما تفويض الامر الي الغير فان رجع الي التوكيل فهو و الا فلا دليل علي الجواز أيضا. اللهم الا ان يقال اذا بيع مال الغير برضاه يكون المقام اولي بكونه جائزا و اللّه العالم.

«قوله قدس سره: كما يظهر من باب الطلاق»

الخ لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت: له:

رجل خيّر امرأته قال: انما الخيار لها ما داما في مجلسهما فاذا تفرقا فلا خيار لها «1» الي غير ذلك من اخبار الباب.

«قوله قدس سره: و ما ورد في ذيل بعض اخبار خيار المجلس»

الخ روي نافع عن ابن عمر ان النبي صلي اللّه عليه و آله قال: المتبايعان

______________________________

(1) الوسائل الباب 41 من ابواب مقدمات الطلاق و شرائطه الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 330

بالخيار ما لم يفترقا أو يقول احدهما لصاحبه اختر «1».

«قوله قدس سره: ثم انه لا اشكال في ان اسقاط احدهما لا يوجب سقوط خيار الاخر»

الخ.

الشيخ قدس سره تعرض لفروع.
الفرع الأول: انه لو اسقط احد المتعاقدين خياره لا يكون اسقاطه موجبا لسقوط خيار الآخر

بل خيار الاخر باق بحاله فان الخيار ثابت لكل

واحد منهما و لا ارتباط لاحدهما بالآخر.

الفرع الثاني: انه لو اجاز احدهما و فسخ الآخر فينفسخ العقد

اذ المفروض ان الخيار ثابت لكل واحد منهما و قلنا لا ارتباط لاحدهما بالآخر و اجازة العقد من قبل احدهما توجب سقوط خياره و خيار الاخر باق بحاله فلو فسخ العقد ينفسخ طبعا و ليس هذا من باب تقديم الفسخ علي الاجازة عند التعارض بل من باب ان لكل منهما فسخ العقد فما دام الحق موجودا يؤثر اثره و ان شئت قلت اجازة المجيز توجب سقوط خياره و فسخ الاخر يوجب انحلال العقد.

الفرع الثالث: ان الخيار من طرف واحد لو كان لمتعدد فاجاز بعضهم و فسخ الآخر يقع التعارض

و النتيجة التساقط و بقاء الخيار بحاله لعدم وجه للترجيح و من ناحية اخري لا يعقل تأثير الكل لاوله الي التناقض فلو فرض ان الاصيل و وكيله لهما الخيار فاجاز احدهما و فسخ الاخر في زمان واحد يقع التعارض و لا يرجح احدهما علي الاخر و ما عن العلامة من ترجيح جانب الفسخ، لا وجه له ظاهرا.

و مثل الشيخ قدس سره للتعارض بموارد. منها: انه لو اجاز العقد

______________________________

(1) الخلاف للطوسي طبع جديد ج 1 ص 507 مسئلة 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 331

بعض الورثة و فسخ البعض الاخر و ما افاده يتوقف علي القول بان الخيار ينتقل بالارث الي الورثة.

و الحال انه محل الكلام و الاشكال و نتعرض ان شاء اللّه لتفصيل هذه الجهة في بحث إرث الخيار و يتوقف أيضا علي كون الخيار لطبيعي الوارث و أما لو قلنا بكونه للمجموع بنحو العموم المجموعي أو قلنا يكون الخيار لكل واحد منهم في مقدار إرثه فلا موضوع للتعارض أما علي الاول فلعدم صدور الاجازة أو الفسخ من المجموع و أما علي الثاني فلتعدد الحق و عدم ارتباط بين الحق الثابت لبعضهم و الحق الثابت للآخر فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسألة من جملة مسقطات الخيار افتراق المتبايعين»
قد تعرض الماتن في هذه المسألة لجملة من الفروع.
الفرع الأول ان الخيار يسقط بافتراق المتعاقدين

و الامر كما افاده فانه قد بيّن في جملة من النصوص ان قوام الخيار ببقاء المجلس و بهذا الاعتبار عرف الخيار بخيار المجلس.

الفرع الثاني: انه ربما يقال انه يستفاد من بعض النصوص ان التفرق بما هو لا يكون موجبا لسقوط الخيار

بل التفرق الّذي يكون ناشيا عن الرضا ببقاء العقد و عدم إرادة فسخه فلا يكون التفرق مسقطا علي الاطلاق.

لاحظ ما رواه فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

ما الشرط في الحيوان فقال: ثلاثة ايام للمشتري قلت: فما الشرط في غير الحيوان قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 332

خيار بعد الرضا منهما «1».

و دلالة الحديث علي المدعي غير ظاهرة اذ يمكن ان يكون المراد بالرضا الرضا باصل البيع كما انه يمكن ان يكون المراد به التفرق عن الرضا لا عن الاكراه فلا دليل علي كون المراد من الرضا الوارد في الحديث ما ادعوه اضف الي ذلك ان سقوط خيار المجلس بالتفرق من الواضحات التي لا مجال للبحث فيه فلاحظ.

الفرع الثالث انه يكفي في سقوط الخيار صدق عنوان الافتراق

فلو صدق عنوان الافتراق عن مجلس العقد يكفي و لا تعتبر فيه تحقق الخطوة أو اكثر لعدم دليل عليه و دعوي انصراف الدليل عهدتها علي مدعيها.

و أما حديث محمد بن مسلم قال سمعت أبا جعفر عليه السلام يقول:

اني ابتعت ارضا فلما استوجبتها قمت فمشيت خطا ثم رجعت فاردت ان يجب البيع «2»، فلا يدل علي تمامية الدعوي اذ لم يعلم من نقله عليه السلام فعله اشتراط الحكم به فانه من الممكن ان المجلس كان علي نحو لا يتحقق الافتراق الا بما فعل و المحكم اطلاق الدليل.

ثم انه لو وصلت النوبة الي الشك فهل يمكن الحكم بالبقاء بالاستصحاب أم لا؟ الحق هو الثاني فانه يرد علي الاستصحاب أولا انه لا مجال للاصل مع وجود الامارة و المفروض ان قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» يقتضي اللزوم و انما رفعنا اليد عنه بالمقدار الذي دل عليه الدليل و

ثانيا ان استصحاب الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد فلاحظ.

______________________________

(1) جامع الاحاديث ج 18 الباب 1 من ابواب الخيار الحديث 5.

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب الخيار الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 333

الفرع الرابع انه لا يلزم في تحقق الافتراق صدور الحركة من كل واحد من المتعاقدين

بل ان تحرك احدهما عن مكانه و بقي الاخر يحصل الافتراق و يكفي للسقوط الاطلاق بل يدل عليه أيضا النص الخاص المتقدم ذكره آنفا.

«قوله قدس سره:

[مسألة] المعروف انه لا اعتبار بالافتراق عن إكراه إذا منع من التخاير أيضا»
اشارة

الخ وقع الكلام بينهم في انه لو تحقق الافتراق عن اكراه و منع عن التخاير أيضا فهل يسقط الخيار أم لا؟ و يقع الكلام في هذه المسألة تارة من حيث القاعدة الاولية و اخري من حيث القاعدة الثانوية.

[المقام الأول في القاعدة الأولية]

أما الكلام من الناحية الاولي فمقتضي القاعدة سقوط الخيار لاطلاق الدليل فان مقتضاه السقوط و هذا ظاهر.

[المقام الثاني في القاعدة الثانوية]
اشارة

و أما من الناحية الثانية فربما يقال ببقاء الخيار و ما يمكن ان يذكر في تقريبه وجوه

الوجه الأول استصحاب الخيار

. و فيه أولا انه لو تم الاطلاق لا يبقي مجال للاستصحاب و ثانيا انه لو وصلت النوبة الي الشك يكون المرجع وجوب الوفاء بالعقود و ثالثا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض بعدم الجعل الزائد.

الوجه الثاني انصراف الدليل عن الافتراق الاكراهي

و فيه انه لا وجه للانصراف و علي فرض تحققه يكون بدويا و يزول بالتأمل.

و بعبارة واضحة: لا دليل علي التقييد و الفعل يستند الي الفاعل بلا دخل للاختيار فضلا عن الاشتراط بعدم كونه عن اكراه نعم بعض المواد يقتضي القصد و الاختيار كالتعظيم و الاهانة كما ان بعض

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 334

المواد اشرب فيه عدم القصد كالموت.

الوجه الثالث: ما رواه فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام

في حديث قال قلت له ما الشرط في غير الحيوان قال البيعان بالخيار ما لم يفترقا فاذا افترقا فلا خيار بعد الرضا منهما «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث ان الافتراق المقرون بالرضا يسقط الخيار لا الافتراق علي الاطلاق.

و بعبارة اخري مقتضي مفهوم الشرط عدم السقوط بالافتراق الاكراهي و فيه انه يمكن ان يكون المراد من الرضا كما تقدم الرضا باصل البيع و اصل المعاملة الواقعة لا الرضا بالافتراق و لذا لا اشكال في انه لو فارق أحدهما المجلس مع عدم رضا الاخر يسقط الخيار و الحال ان الحكم قد علق في الحديث علي الرضا منهما.

الوجه الرابع: حديث الرفع

فانه قد ورد في جملة من النصوص رفع الاكراه منها ما رواه اسماعيل الجعفي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: سمعته يقول: وضع عن هذه الامة ست خصال الخطاء و النسيان و ما استكرهوا عليه و ما لا يعلمون و ما لا يطيقون و ما اضطرّوا إليه «2».

و منها ما رواه ربعي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: عفي عن امتي ثلاث الخطاء و النسيان و الاستكراه قال أبو عبد اللّه عليه السلام و هنا رابعة و هي ما لا يطيقون «3».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: وضع عن امتي الخطاء و النسيان و ما استكرهوا

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب الخيار الحديث 3.

(2) الوسائل الباب 16 من ابواب الايمان الحديث 3.

(3) نفس المصدر الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 335

عليه «1».

و عن أبي الحسن عليه السلام قال: سألته عن الرجل يستكره علي

اليمين فيحلف بالطلاق و العتاق و صدقة ما يملك أ يلزمه ذلك فقال:

لا، ثم قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله: وضع عن امتي ما اكرهوا عليه و ما لم يطيقوا و ما أخطئوا «2» و الظاهر اعتبار بعضها سندا فلا اشكال من هذه الناحية و المراد من الرفع رفع الحكم.

و قد اورد في الاستدلال بحديث الرفع بايرادات الايراد الاول ان حديث الرفع مختص برفع الاحكام التكليفية و الكلام في المقام في الحكم الوضعي.

و فيه انه لا وجه لهذا التقييد و المحكم اطلاق الدليل مضافا الي انّ مورد بعض هذه النصوص الامور الوضعية لاحظ الحديث السادس من الباب السادس عشر.

الايراد الثاني: ان حديث الرفع امتناني و بقاء الخيار للمكره بالفتح خلاف الامتنان بالنسبة الي الطرف المقابل.

و يرد عليه أولا انه لا دليل علي كون الحديث في مقام الامتنان علي الامّة بل لا يبعد أن يكون امتنانا بالنسبة الي الرسول الاكرم صلي اللّه عليه و آله فان قوله صلي اللّه عليه و آله: رفع أو وضع عن امتي ظاهر في كون الامتنان بالنسبة إليه و لا اقل من الشك و عدم الظهور في احد طرفي الاحتمال.

و ثانيا انه يكفي للامتنان كونه امتنانا بالنسبة الي من يرفع حكم الاكراه عنه و لا يلزم ان يكون امتنانا علي جميع الامة.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب الايمان الحديث 5.

(2) نفس المصدر الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 336

الايراد الثالث: ما افاده سيد الحاشية قدس سره و هو آن حديث الرفع ناظر الي رفع الحكم عن الفعل الذي يكون موضوعا بما هو صادر عن القصد و الاختيار كالبيع و النكاح و الطلاق الي غيرها و

اما اذا كان الموضوع الفعل بما هو فعل فلا يشمله حديث الرفع و لذا لو اتلف احد مال غيره بلا قصد و اختيار يتحقق الضمان و لا يرفعه حديث الرفع.

و يرد عليه انه أي دليل دل علي هذا المدعي و مقتضي الاطلاق رفض القيود و لا نسلم عدم شموله لمثل الاتلاف بالنسبة الي الضمان الا ان يقوم اجماع تعبدي كاشف عنه أو يقوم عليه دليل معتبر غيره.

الايراد الرابع: ما افاده السيد أيضا و هو انه لو كان الامر كذلك كان اللازم ان نلتزم ببقاء الخيار حتي مع عدم المنع عن التخاير اذ المفروض انه اعتبر الافتراق كالعدم و لا يقولون به.

و يرد عليه انه لو اقتضي الاطلاق ما ذكر نلتزم به و لا نبالي بعدم قولهم به فان المتبع قول الشارع لا قولهم.

الايراد الخامس: ما افاده السيد أيضا و هو انه يلزم علي هذا الالتزام ببقاء الخيار مع الافتراق الناشي عن النسيان او الاضطرار و لم يلتزموا به … و الكلام فيه هو الكلام الا أن يتضح الفرق بالدليل كالاجماع التعبدي الكاشف و نحوه و الا فالصناعة تقتضي الالتزام بالسريان.

الايراد السادس: ما افاده السيد أيضا و هو ان شمول حديث الرفع لفعل يتوقف علي كون ذلك الفعل موضوعا لاثر شرعي كي يرفع بعروض الاكراه أو الاضطرار أو النسيان مثلا شرب الخمر موضوع لاثر و هو الحد فلو شرب احد الخمر اكراها يرتفع الحد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 337

و أيضا لو اتلف مال احد اكراها يشمله الحديث اذ الاتلاف موضوع اثر شرعي و هو الضمان و اما الافتراق في المقام فليس موضوعا لاثر شرعي بل الموضوع للاثر هو الاجتماع الذي هو ضد الافتراق

فان الاجتماع موضوع الخيار و اما الافتراق فهو نهاية الخيار و امده و لا يكون موضوعا للحكم.

و ان شئت قلت عند الافتراق لا حكم فلا موضوع للارتفاع.

ان قلت الافتراق موضوع لزوم العقد قلت ليس الامر كذلك فان اللزوم ثابت لكل عقد بمقتضي عموم وجوب الوفاء المستفاد من الآية الشريفة و ببيان واضح اللزوم حكم لمطلق العقد و لا دخل للافتراق فيه.

و صفوة القول ان الافتراق امد الخيار و لذا نري قد يعبّر في كلامهم بقوله عليه السلام حتي يفترقا و قد يعبّر بقوله عليه السلام فاذا افترقا فيستفاد من كلامهم روحي فداهم ان الميزان بالاجتماع و أما الافتراق فلا يكون موضوعا للحكم بل يبدل موضوع الحكم بضده و اطلاق الموضوع عليه مسامحة.

و ببيان واضح قد استفيد من ادلة خيار المجلس اختصاص الخيار ببقاء عنوان الاجتماع و عدم تحقق الافتراق و هذا الوجه الاخير دقيق و بالترحيب حقيق.

و لعمري اجاد فيما افاد فعلي اللّه اجره و اقول مضافا الي ما أفاده انك ان ابيت و قلت: ان الافتراق موضوع للزوم بمقتضي دليل خيار المجلس و يرتفع بالاكراه فلا اثر لإلحاحك و اصرارك اذ نفرض ان اللزوم يستفاد من دليل الخيار.

لكن يكفي للزوم العقد عموم وجوب الوفاء المستفاد من قوله

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 338

تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ».

و ببيان واضح لو سلمنا ان قوله صلي اللّه عليه و آله اذا افترقا وجب البيع يقتضي اللزوم و بالافتراق الاكراهي لا يتحقق اللزوم لكن نقول دليل اللزوم غير منحصر فيه بل اللزوم مستفاد من قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فلا بد من الالتزام بلزوم العقد و علي الجملة لا مجال للاخذ بحديث الرفع.

و من هذا البيان اللطيف و

التقريب الدقيق يفهم عدم ورود جملة من الموارد التي يمكن توهم جواز الاخذ بحديث الرفع مثلا لو اغتسل احد أو توضأ فنام اكراها هل يمكن القول بعدم بطلان طهارته لحديث الرفع أو اذا فرض ان الصائم اكره علي الافطار فهل يمكن الالتزام بعدم بطلان صومه بتقريب ان حديث الرفع يقتضي ارتفاع الحكم الشرعي كلا ثم كلا و الوجه في ذلك في جميع هذه الموارد التي يمكن فيها التوهم المذكور ان النوم أو الافطار أو غيرهما لا تكون موضوعا للحكم الشرعي بل هذه الامور غايات و ينتهي الحكم بها فان زمان الطهارة ينتهي بتحقق الحدث أي حكم الشارع بهذا المقدار.

و أيضا ان الصائم صائم ما دام يجتنب هذه الخصال كما في الحديث.

بقي شي ء و هو انه لو انعكس الامر بان اكرها علي عدم التفرق فهل يكون الخيار باقيا مقتضي ما تقدم ان يكون الخيار ساقطا لان مقتضي عموم وجوب الوفاء بالعقد هو اللزوم و انما خرجنا بمقدار دلالة دليل خيار المجلس و من ناحية اخري الاجتماع و عدم الافتراق موضوع للاثر الشرعي و من ناحية ثالثة الاكراه يرفع الاثر عن الموضوع الاكراهي فيلزم عدم الخيار و هل يمكن الالتزام بهذا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 339

اللازم فلاحظ و طبق القاعدة علي المورد و اللّه العالم.

«قوله قدس سره:

مسألة لو أكره أحدهما علي التفرق»
اشارة

الخ تعرض الشيخ قدس سره في هذه المسألة لفروع و تبعا له نتعرض لها و الا فعلي ما ذكرنا لا مجال للتعرض لها و لا موضوع لها.

الفرع الأول: انه لو اكره احدهما علي الافتراق و منع عن التخاير و منع الآخر عن المصاحبة مع المكره

بالفتح و منع عن التخاير يكون الخيار باقيا علي ذلك المبني الفاسد و الوجه فيه ظاهر.

الفرع الثاني: انه لو اكره احدهما علي ترك المجلس و يكون الاخر مختارا

فهل يسقط الخيار بالنسبة الي المختار أو يبقي بالنسبة إليه كما يبقي للمكره بالفتح الظاهر بقائه بالنسبة إليه علي جميع انحاء الاستدلال فان بقاء الخيار ان كان بالاستصحاب يبقي بالنسبة إليهما و لا وجه للتفكيك كما ان الامر كذلك لو كان المدرك تبادر الاختيار من الافتراق فان السقوط متفرع علي التفرق الاختياري و المفروض انه غير متحقق.

كما ان الامر كذلك لو كان المدرك صحيح فضيل فان الغاية الافتراق الناشئ عن رضاهما و المفروض عدمه كما ان الامر أيضا هكذا اذا كان المدرك حديث الرفع فان الافتراق الاكراهي و لو من جانب كالعدم فلاحظ.

الفرع الثالث: عكس الصورة الأولي

و الكلام فيه هو الكلام و لا يحتاج الي الاعادة.

«قوله قدس سره:

[مسألة] لو زال الإكراه فالمحكي عن الشيخ و جماعة»

الخ علي فرض الالتزام بالمسلك الباطل اي الالتزام بعدم سقوط

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 340

الخيار عند التفرق الاكراهي اذا زال الاكراه هل يبقي الخيار أم لا؟

و علي فرض البقاء بما ذا يسقط فنقول تختلف الحال باختلاف مدرك الحكم فان كان المدرك للبقاء الاجماع فالخيار بعد رفع الاكراه فوري لان مقتضي عموم قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» لزوم كل عقد و انما رفعنا اليد عن العموم المذكور للاجماع علي عدم اللزوم فبالقدر المعلوم نرفع اليد عن وجوب الوفاء و في الزائد نأخذ بالعموم و نحكم باللزوم.

و أما اذا كان المدرك انصراف الدليل الي خصوص الافتراق الاختياري يكون الخيار لكلا الطرفين باقيا لانه لم يحصل الافتراق الاختياري فالخيار باق.

و ان كان المدرك حديث فضيل فالخيار باق أيضا الي ان يحصل مسقط آخر من المسقطات كما ان الامر كذلك ان كان المدرك حديث الرفع و الوجه في الكل ان المسقط التفرق الاختياري عن مجلس العقد و المفروض انه لا يمكن تحقق العنوان المذكور اذ المفروض انه زال مجلس العقد و لا يعقل عوده فان اعادة المعدوم غير معقول و صفوة القول ان تحقق الافتراق المؤثر غير معقول فلا بد من تحقق مسقط آخر للالتزام بالسقوط.

«قوله قدس سره:

مسألة و من مسقطات هذا الخيار التصرف»
اشارة

الخ ما يمكن ان يذكر في تقريب الاستدلال وجوه.

الوجه الأول: النصوص الواردة في خيار الحيوان

منها ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال الشرط في الحيوان ثلاثة ايام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان احدث المشتري فيما اشتري حدثا قبل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 341

الثلاثة الايام فذلك رضا منه فلا شرط قيل له و ما الحدث قال ان لا مس أو قبل أو نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء «1».

و منها ما رواه محمد بن الحسن الصفار قال كتبت الي أبي محمد عليه السلام في الرجل اشتري من رجل دابة فاحدث فيها حدثا من اخذ الحافر أو انعلها أو ركب ظهرها فراسخ أ له ان يردها في الثلاثة الايام التي له فيها الخيار بعد الحدث الذي يحدث فيها أو الركوب الذي يركبها فراسخ فوقع عليه السلام اذا احدث فيها حدثا فقد وجب الشراء ان شاء اللّه «2».

و منها ما رواه علي بن رئاب قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية لمن الخيار فقال الخيار لمن اشتري الي ان قال قلت له أ رأيت ان قبلها المشتري أو لامس قال: فقال اذا قبل أو لامس أو نظر منها الي ما يحرم علي غيره فقد انقضي الشرط و لزمته «3».

بتقريب ان الميزان بإطلاق الجواب لا بخصوص السؤال و بعبارة اخري خصوص المورد لا يكون مانعا عن الاطلاق و مقتضي الاطلاق نفي الخيار بعد التصرف علي الاطلاق فالتصرف موجب لسقوط مطلق الخيار لا خصوص خيار الحيوان.

و يرد عليه أولا انه يلزم جريان التقريب المذكور في خيار المجلس بان نقول التفرق يوجب سقوط مطلق الخيار حتي خيار

______________________________

(1) الوسائل الباب 4

من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 342

الحيوان و هل يمكن الالتزام به و الحل ان الظاهر من كل دليل سقوط ذلك الخيار بما يكون مسقطا له لا مطلق الخيار فالتفرق مسقط لخيار المجلس و التصرف مسقط لخيار الحيوان.

و ثانيا انه علي القول بسقوط مطلق الخيار يلزم اختصاص سقوط خيار المشتري بالتصرف و أما خيار البائع فلا.

ان قلت: لا فصل بين الموردين قلت: عدم القول بالفصل لا اعتبار به فان الاجماع لا يكون حجة فكيف بعدم القول بالفصل مضافا الي انه يلزم القول بكون تصرف البائع مسقطا بالتقريب المذكور.

و ثالثا انه يرد علي التقريب المشار إليه انه يقع التعارض بين دليل خيار الحيوان و دليل خيار المجلس فان مقتضي الاول سقوط خيار المجلس و مقتضي الثاني بقائه ما دام بقاء المجلس.

الوجه الثاني: عموم التعليل الوارد و هو قوله عليه السلام «فذلك رضا منه فلا شرط له»

بتقريب ان العلة تعمم و تخصص و في المقام قد اقيمت العلة مقام الجواب في الشرطية كما في قوله تعالي «ان كذبوك فقد كذب رسل من قبلك» اي ان كذبوك فلا تحزن لانه قد كذبت رسل من قبلك.

و التقدير في المقام هكذا فان احدث المشتري فلا خيار بعد لان احداث الحدث مسقط.

و يرد عليه أولا: انه لا دليل علي المدعي المذكور بل الظاهر من الحديث ان الشارع علي نحو الحكومة جعل التصرف مسقطا للخيار فلا يكون المقام داخلا تحت تلك الكبري.

و بعبارة اخري لا علة و لا معلول بل المقصود ان التصرف موضوع في وعاء الشرع لسقوط الخيار.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 343

و ثانيا انه فرضنا كون الجملة المذكورة علة لكن لا يمكن تطبيق التقريب المذكور عليه فان

العلة المذكورة للحكم اذا كان امرا خارجيا واضحا عند العرف فيؤخذ بعمومها و يلتزم بالحكم في كل مورد توجد تلك العلة كما في المثال المعروف لا تشرب الخمر لانه مسكر فانه يتعدي منه الي حرمة كل مسكر.

و أما اذا لم تكن العلة كذلك بل كانت امرا تعبديا يلزم احراز ذلك الامر من الشارع و في المقام العلة عبارة عن جعل الشارع التصرف في الحيوان المشتري اسقاطا لخيار الحيوان و لا دليل علي هذا الاعتبار في مورد آخر و لا شاهد عليه.

و بعبارة اخري: لقائل أن يقول: من الممكن ان يكون تصرف ذي الخيار في الحيوان قبل الثلاثة في اعتبار الشارع مسقطا لخيار الحيوان و لا دليل علي ان التصرف الصادر من كل ذي خيار مسقطا فهذا الوجه أيضا ساقط عن الاعتبار.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 343

الوجه الثالث: ان التصرف في المبيع كاشف نوعي عن الرضا ببقاء العقد علي حاله فيكون مسقطا للخيار.

و يرد عليه أولا انا لا نسلم الكاشفية المذكورة و ثانيا انه لا اثر للكشف النوعي مع كون المتصرف غافلا أو غير معتقد بالشرع أو غير ذلك.

و ثالثا انه لا اثر لمجرد الرضا فان سقوط الخيار يحتاج الي الاسقاط و الاسقاط متقوم بالقصد و الانشاء بمبرز من الفعل أو اللفظ فالنتيجة انه لا دليل علي كون التصرف مسقطا.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 344

[الثاني خيار الحيوان]
اشارة

«قوله قدس سره: الثاني خيار الحيوان».

في المقام فروع
الفرع الأول انه لا اشكال في ثبوت خيار الحيوان للمشتري

و تدل علي المدعي جملة من النصوص منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: في الحيوان كله شرط ثلاثة ايام للمشتري و هو بالخيار فيها ان شرط أو لم يشترط «1».

و منها ما رواه الحسن بن علي بن فضال قال: سمعت أبا الحسن علي بن موسي الرضا عليه السلام يقول: صاحب الحيوان المشتري بالخيار بثلاثة ايّام «2».

و منها ما رواه الحلبي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال:

و قال: في الحيوان كله شرط ثلاثة ايام للمشتري و هو بالخيار فيها اشترط أو لم يشترط «3».

و منها ما رواه فضيل عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قلت له:

ما الشرط في الحيوان قال: ثلاثة ايام للمشتري «4».

و منها ما رواه علي بن اسباط عن أبي الحسن الرضا عليه السلام قال: سمعته يقول: الخيار في الحيوان ثلاثة للمشتري «5».

و منها ما رواه علي بن رئاب قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية لمن الخيار للمشتري أو للبائع او لهما كلاهما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 4.

(4) نفس المصدر الحديث 5.

(5) نفس المصدر الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 345

فقال: الخيار لمن اشتري ثلاثة ايام نظرة فاذا مضت ثلاثة ايام فقد وجب الشراء «1».

و منها ما رواه علي بن رئاب «2» و منها ما رواه الصفار «3» و منها ما رواه علي بن رئاب «4» فهذا الحكم في الجملة لا غبار عليه.

الفرع الثاني: انه هل يختص خيار الحيوان بنوع خاص من الحيوانات أم لا يختص؟

الحق هو الثاني فان مقتضي الاطلاق عموم الحكم.

الفرع الثالث انه هل يختص هذا الخيار بالحيوان المقصود حياته

فمثل السمك المخرج من الماء و الجراد المحرز في الاناء لا يكون فيه خيار الحيوان لان المقصود فيه اللحم الظاهر انه لا وجه للقيد و لا دليل علي التخصيص و مجرد كون الغاية من الاشتراء الاستفادة من لحمه لا يوجب القول بعدم الخيار فيه و الا يلزم القول بعدم الخيار في الغنم و الديك و الدجاج و امثالها مما يشتري غالبا للذبح و الانتفاع بلحومها و هل يمكن الالتزام به؟ كلا فانه قول بلا دليل.

الفرع الرابع انه لو قلنا بالاختصاص فهل يسري الحكم و هو عدم الخيار فيما لا يبقي لعارض

لاصابة السهم أو لجرح الكلب المعلم الظاهر انه يجري فيه لعين الملاك و لكن الحق عدم وجه للتقييد.

الفرع الخامس انه علي تقدير تلف المجروح أو المصاب بالسهم قبل القبض أو في زمان الخيار هل يعد تلفه من البائع أم لا؟
اشارة

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الخيار الحديث 9.

(2) تقدم ذكر الحديث في ص 340.

(3) تقدم ذكر الحديث في ص 341.

(4) تقدم ذكر الحديث في ص 341.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 346

افاد الماتن انه لا يكون علي البائع.

و الذي يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجهان
الوجه: الأول انصراف الدليل عنه

و الظاهر انه ليس انصرافا مستقرا بل بدوي يزول بالتأمل.

و بعبارة اخري لا وجه لرفع اليد عن الاطلاق.

الوجه الثاني ان البائع مع العلم بالحال، يكون مشترطا علي المشتري بكون الضمان عليه و يبرأ عن الضمان بالشرط

و يرد عليه انه يتصور الشرط المذكور علي نحوين اذ تارة يشترط عدم الضمان و اخري يشترط علي المشتري ان يتدارك خسرانه اما علي الاول فيكون الشرط باطلا لكونه خلاف المقرر الشرعي و أما علي الثاني فيكون الشرط صحيحا لكن لا يرتبط بالمدعي هذا كله علي فرض تمامية الدليل علي القاعدتين و هما كون التلف قبل القبض و في زمان الخيار علي من لم يقبض و علي من لا خيار له و البحث من هذه الجهة موكول الي البحث عن احكام الخيار و عن احكام القبض فانتظر.

الفرع السادس انه ان قلنا بجريان الخيار في مثله فلو فرض موته قبل الثلاثة فهل يكون الي الثلاثة أو الي زمان الموت او لا هذا و لا ذاك بل الخيار فوري.

الحق هو الاحتمال الاول اذ الامر دائر بين الخيار و بقائه الي الثلاثة و بين عدمه.

و بعبارة واضحة ان قلنا بعدم الخيار لما مرّ من الوجهين فلا موضوع للبحث و ان قلنا بالخيار كما قلنا فلا وجه لرفع اليد عن دليل خيار الحيوان الدال علي بقائه الي الثلاثة فان الخيار عارض للعقد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 347

و بقاء العين و عدمه لا دخل لهما في الخيار فلاحظ.

الفرع السابع: في انه هل يختص خيار الحيوان بالمبيع الشخصي أو يعم الكلي
اشارة

الظاهر ان كلام الماتن في المقام متهافت اذ قد جمع بين قوله ثم انه هل يختص هذا الخيار بالمبيع المعين كما هو المنساق في النظر من الاطلاقات و بين قوله أو يعم الكلي كما هو المترائي من النص و الفتوي و كيف كان الظاهر عدم وجه تام للاختصاص فان مقتضي اطلاق نصوص الباب كقوله عليه السلام صاحب الحيوان المشتري أو و صاحب الحيوان الي غيرهما جريان الخيار في المبيع الشخصي و الكلي في الذمة و الكلي في المعين.

و ما يمكن أن يذكر في تقريب الاختصاص بالمبيع الشخصي وجهان:
الوجه الأول: الانصراف

و فيه انه لا وجه للانصراف الا كون البيع الكلي نادرا و المعروف بين القوم ان المطلق لا ينصرف الي الفرد النادر لا انه منصرف عن الفرد النادر و يؤكد المدعي انه قد قورن بين خياري الحيوان و المجلس في جملة من النصوص لاحظ ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام في الحيوان و فيما سوي ذلك من بيع حتي يفترقا «1».

و مثله غيره و من الواضح عدم اختصاص خيار المجلس بالبيع الواقع علي المبيع الشخصي و وحدة السياق تقتضي ان يكون خيار الحيوان كذلك فلاحظ.

الوجه الثاني ان حكمة جعل خيار الحيوان التروي

و ان الحيوان

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الخيار الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 348

ربما يكون معيوبا فيكون للمشتري الفسخ و لا يجري البيان المذكور في الكلي.

و يرد عليه أولا ان العيب بنفسه يوجب الخيار و هو خيار العيب.

و ثالثا انه ما الدليل علي المدعي المذكور. و ثالثا انه يلزم عدم الخيار مع علم المشتري بالعيب و هل يمكن الالتزام بعدم الخيار في هذه الصورة؟

و رابعا ان الحكمة لا تكون موجبة لقصر الحكم كما هو ظاهر فانه فرق بين الحكمة و بين العلة.

«قوله قدس سره:

مسألة المشهور اختصاص هذا الخيار بالمشتري»
اشارة

وقع الكلام بين القوم في ان خيار الحيوان هل يكون للبائع كما يكون للمشتري أم لا؟ و محل الكلام ما لو كان المبيع حيوانا و أما الثمن فلا و اما فيما كان كلا العوضين من افراد الحيوان أو الثمن وحده حيوانا فيقع الكلام فيه بعد ذلك إن شاء اللّه تعالي.

فنقول مقتضي القاعدة الاولية عدم الخيار فان مقتضي وجوب الوفاء بالعقد كون العقد لازما من قبل البائع كما ان مقتضي ادلة خيار المجلس لزوم العقد بعد التفرق.

الا أن يقال ان تلك الادلة ناظرة الي اللزوم بالنسبة الي خيار المجلس و لا تنفي الخيار علي نحو الاطلاق.

و ما يمكن أن يذكر في تقريب ثبوت الخيار للبائع كما يكون للمشتري وجوه:

الوجه الأول الاجماع

و فيه انه معارض بمثله و ثانيا ان الاجماع علي فرض حصوله محتمل المدرك ان لم يكن مقطوعا به.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 349

الوجه الثاني استصحاب الخيار الثابت حال بقاء المجلس.

و يرد عليه ان المراد من الاستصحاب ان كان استصحاب خيار المجلس فلا ريب في زواله و ان كان المراد استصحاب بقائه لاحتمال كون الخيار في المجلس كان مقارنا مع فرد آخر من الخيار أو يتحمل تحقق فرد آخر منه حين التفرق فيجري الاستصحاب في الجامع بين النوعين فيرد عليه انه داخل في القسم الثالث من الكلي و لا دليل عليه بل الدليل علي خلافه لان ما علم به مقطوع الارتفاع و غيره مشكوك الحدوث و مقتضي الاصل عدم حدوثه مضافا الي انه معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

الوجه الثالث ما رواه محمد بن مسلم

«1» فان مقتضي الحديث المذكور ثبوت الخيار لكلا المتعاقدين و يرد عليه انه يعارضه بالصراحة ما رواه علي بن رئاب «2».

فان الحديث نص في اختصاص الخيار بالمشتري فيقع التعارض بين الجانبين و حيث ان الاحدث من الحديثين غير معلوم يدخل المقام في اشتباه الحجة بغير الحجة فلا بد من الرجوع الي العموم الفوقاني و هو يقتضي اللزوم فان وجوب الوفاء بالعقود يقتضي لزوم كل عقد فلاحظ.

«قوله قدس سره: و هو ثبوت الخيار لمن انتقل إليه الحيوان ثمنا أو مثمنا»

الخ قال الشيخ نسب هذا القول الي جماعة من المتأخرين منهم الشهيد في المسالك و يدل علي المدعي ما رواه زرارة عن أبي جعفر

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 347.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 344.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 350

عليه السلام قال: سمعته يقول: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله:

البيعان بالخيار حتي يتفرقا و صاحب الحيوان ثلاث «1».

فان مقتضاه ثبوت الخيار لمن انتقل إليه الحيوان بلا فرق بين كونه ثمنا أو مثمنا و دعوي انصراف الحديث الي المشتري اثباتها علي مدعيها

و لا وجه لحمل الحديث علي خصوص المشتري ببركة بقية النصوص فان المعروف بين القوم عدم التنافي بين الاثباتين فلا وجه للحمل.

فالنتيجة انه لو ثبت اجماع تعبدي علي عدم الخيار بالنسبة الي البائع علي الاطلاق فهو و الا يشكل الحكم بالعدم و اللّه العالم.

«قوله قدس سره:

مسألة مبدأ هذا الخيار من حين العقد».
اشارة

وقع الكلام بينهم في ان مبدأ خيار الحيوان من حين العقد أو من حين التفرق و اختار الماتن ان الخيار من حين العقد فلو باع حيوانا يتحقق خياران خيار الحيوان و خيار المجلس فلو انقضت الثلاثة مع بقاء المجلس يسقط خيار الحيوان و يبقي خيار المجلس و لو انعكس الامر بان انقضي المجلس قبل الثلاثة يسقط خيار المجلس و يبقي خيار الحيوان و ان تقارن الامران يسقط كلا الخيارين و ما أفاده موافق مع مقتضي النصوص الواردة في المقام بحسب الظهور العرفي.

و في مقابل هذا القول قول بان خيار الحيوان مبدئه من حين انقضاء المجلس و ما يمكن أن يذكر في تقريبه وجوه.

[الاستدلال علي أن مبدأه من حين انقضاء المجلس]
الوجه الأول: ان الخيار يتحقق في زمان ثبوت العقد و مع خيار المجلس لا يكون العقد ثابتا بل يكون متزلزلا.

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الخيار الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 351

و يرد عليه: أولا ان العقد في حد نفسه ثابت و انما ينفسخ باعمال الخيار لا بمجرد وجوده اي الخيار عبارة عن القدرة علي حل العقد و لا مانع من تحقق هذه القدرة من نواحي متعددة فلا تنافي بين الخيارين فلا وجه للالتزام بالتأخير الي زمان انقضاء المجلس.

و ثانيا انه لو فرض التنافي فما وجه الترجيح و لما ذا لا يكون الامر بالعكس بان يقال ان خيار المجلس مبدئه من حين انقضاء الثلاثة بل مقتضي ما ذكر عدم تحقق شي ء منهما اذ بعد عدم الترجيح و تحقق التعارض تكون النتيجة التساقط.

و ثالثا انه يمكن رفع التنافي بالالتزام بخيار المجلس فيما لا يكون فيه خيار الحيوان و اختصاص خيار الحيوان بما لا يكون فيه خيار المجلس كما لو تصور تحقق البيع بلا صدق مجلس جامع بين المتعاقدين.

الوجه الثاني: انه لو كان مبدأ الخيار زمان العقد يلزم اجتماع المثلين

و هما خيار المجلس و خيار الحيوان و اجتماع المثلين كاجتماع الضدين محال.

و يرد عليه ان اجتماع المثلين كاجتماع الضدين من الامور التي تترتب علي الموضوعات الخارجية و التكوينية و مقامنا داخل في باب الاعتباريات و لا مجال لهذه التقريبات فيها فان الاعتبار خفيف المئونة و لا يتعدي عن مرحلة الاعتبار و وعاء الاعتبار وسيع و قابل لاعتبار كل شي ء و بعبارة واضحة: لا موضوع لاجتماع المثلين.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 352

الوجه الثالث: استصحاب عدم خيار الحيوان الي زمان انقضاء المجلس.

و يرد عليه أولا انه لا مجال للاخذ بالاصل مع الدليل الاجتهادي و المفروض ان النصوص ناهضة لا ثبات الخيار من زمان العقد.

و ثانيا انه لقائل ان يقول لما ذا لا يجري استصحاب عدم خيار المجلس الي زمان انقضاء الثلاثة و ثالثا ان استصحاب عدم الخيار الي زمان التفرق لا يثبت كون مبدئه حين انقضاء المجلس الا علي القول بالمثبت.

الوجه الرابع: استصحاب بقاء الخيار بعد انقضاء المجلس الي انقضاء الثلاثة من ذلك الوقت.

و يرد عليه أولا انه لا مجال للاصل مع الامارة و المفروض وجودها و ثانيا ان الاستصحاب المذكور معارض باستصحاب عدم جعل الزائد.

الوجه الخامس: انه لو لم نقل بالتفكيك يلزم اجتماع سببين علي مسبب واحد.

و يرد عليه أولا انه قد مرّ منا ان باب الاعتبار غير مرتبط بالامور العقلية فالمقام خارج خروجا موضوعيا.

و ثانيا انه مع الغض عن الجواب الاول نقول المفروض تعدد الخيار فلا يلزم اجتماع علتين علي معلول واحد و ثالثا انه نفرض تمامية التقريب لكن نقول اجتماع سببين مستقلين علي مسبب واحد غير ممكن و أما لو كان واحد منهما جزءا للسبب فلا يتم الاشكال.

الوجه السادس: انه قد دلت جملة من النصوص ان التلف في اثناء الثلاثة من البائع

منها ما رواه عبد الرحمن بن أبي عبد اللّه قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري امة بشرط من رجل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 353

يوما أو يومين فماتت عنده و قد قطع الثمن علي من يكون الضمان فقال ليس علي الذي اشتري ضمان حتي يمضي شرطه «1».

و منها ما رواه ابن سنان- يعني عبد اللّه- قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد و الدابة أو يحدث فيه حدث علي من ضمان ذلك فقال علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة ايام و يصير المبيع للمشتري «2».

و منها ما رواه محمد بن الحسن باسناده عن الحسن بن محبوب مثله الا انه قال: و يصير المبيع للمشتري شرط البائع أو لم يشترطه «3».

و منها ما رواه زيد بن علي بن الحسين عن أبيه عن جعفر بن محمد عليهم السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله في رجل اشتري عبدا بشرط ثلاثة ايام فمات العبد في الشرط قال يستحلف باللّه ما رضيه ثم هو بري ء من الضمان «4».

و منها ما رواه علي بن رباط مرسلا عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال

ان حدث بالحيوان قبل ثلاثة أيام فهو من مال البائع «5».

و من ناحية اخري ان مقتضي قاعدة ان كل مبيع تلف في زمن الخيار فهو ممن لا خيار له عدم الضمان علي البائع و المفروض ان البائع له خيار المجلس فلا بد من جعل مبدأ خيار الحيوان من حين التفرق كي لا يتوجه الاشكال المذكور.

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 3.

(4) نفس المصدر الحديث 4.

(5) نفس المصدر الحديث 5.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 354

و يرد عليه انه لو تمت تلك القاعدة يمكن ان تخصص بدليل معتبر و لا تكون قاعدة غير قابلة للتخصيص.

مضافا الي ان المفروض ان المشتري له الخيار أيضا فتلك القاعدة لا تنطبق فيؤخذ بدليل كون التلف أي تلف الحيوان علي البائع اذا كان التلف اثناء الثلاثة.

الوجه السابع: انه قد قوبل في جملة من الروايات بين خيار الحيوان و خيار المجلس

منها ما رواه محمد بن مسلم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال المتبايعان بالخيار ثلاثة ايام في الحيوان و فيما سوي ذلك من بيع حتي يفترقا «1».

و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال سمعته يقول:

قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البيعان بالخيار حتي يتفرقا و صاحب الحيوان ثلاث «2».

فان التقسيم قاطع للشركة و ظهور حديث ابن مسلم في التقسيم و التفصيل بين الحيوان و غيره غير قابل للانكار و به ترتفع اليد عن اطلاق جملة من النصوص الدالة بإطلاقها علي ثبوت خيار المجلس في الحيوان فان تقييد المطلق بالمقيد غير عزيز و الظاهر ان الوجه المذكور تام اللهم ان يتم الامر بالاجماع و التسالم بان نقول ثبوت خيار المجلس في الحيوان متسالم عليه بينهم.

«قوله قدس سره:

ثم ان المراد بزمان العقد هل زمان مجرد الصيغة»

الخ قد ذكرنا سابقا ان الخيار عبارة عن فسخ العقد فما دام لا يكون

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب الخيار الحديث 3.

(2) نفس المصدر الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 355

العقد تاما صحيحا من قبل الشارع لم يكن مجال للخيار و عليه فلا بد من جعل مبدأ الخيار من زمان حصول الملكية اذ قبل حصولها لم يكن العقد تاما عند الشارع و لم يكن البيع متحققا شرعا فلا مجال للخيار ففي العقد الفضولي ان قلنا بان الاجازة المتأخرة كاشفة كشفا حقيقيا يكون مبدأ الثلاثة زمان العقد اذ عليه تكون الملكية حاصلة من ذلك الزمان و الاجازة المتأخرة أمارة و كاشفة.

و أما علي القول بالكشف غير الحقيقي الّذي يكون نقلا في الحقيقة أو النقل يكون مبدأ الثلاثة من حين الاجازة فلا تغفل و مما ذكرنا ظهران مبدأ خيار الحيوان بعد القبض فيما لو باع حيوانا سلفا بشي ء فانه قد حقق في محله ان القبض في المجلس شرط شرعي فما دام لم يتحقق القبض لا يكون العقد صحيحا.

«قوله قدس سره:

مسألة لا إشكال في دخول الليلتين المتوسطتين»

الخ

الوارد في النص عنوان ثلاثة ايام و من الظاهر ان اليوم بحسب المفهوم العرفي عبارة عن البياض الموجود بين طلوع الفجر و غروب الشمس فالليل خارج لكن حيث ان المستفاد من الدليل اتصال زمان الخيار كنظائر المقام نلتزم بثبوت الخيار فيما يكون متوسطا بين الايام من الليل.

و أما الاكتفاء باليوم الملفق من يومين فأيضا من جهة الظهور العرفي اذ لو كان المراد من اليوم، اليوم التام غير الملفق لأشير إليه في النصوص كما أن الامر كذلك في الحيض و اقامة عشرة ايام و مضي ثلاثين يوما

بالنسبة الي المتردد و اما دخول مقدار من الليل اذا تحقق العقد فيه فهو من باب ظهور دليل الخيار في كونه متصلا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 356

بالعقد فلا بد من الالتزام بكون ذلك المقدار من الليلة الاولي داخلا في زمان الخيار.

[مسألة يسقط هذا الخيار بأمور]
[الأول و الثاني اشتراط سقوطه في العقد و إسقاطه بعد العقد]

«قوله قدس سره: و لو شرط سقوط بعضه فقد صرح بعض بالصحة و لا بأس به»

اسقاط بعض الخيار و ابقاء البعض الاخر يتوقف علي تعدد الخيار بحسب اجزاء الزمان و اما لو كان الخيار امرا واحدا مستمرا فكيف يمكن تبعيضه و الظاهر من دليله كونه امرا واحدا مستمرا.

و لو وصلت النوبة الي الشك يكون التعدد خلاف الاصل فلا مجال للتبعيض لا يقال كما ان الاصل يقتضي عدم التعدد كذلك يقتضي عدم الوحدة فما وجه الترجيح فانه يقال استصحاب عدم الوحدة لا يقتضي التعدد الا علي القول بالمثبت مضافا الي معارضته باستصحاب عدم التعدد و يكفي لاثبات الامر في النتيجة استصحاب عدم التعدد و لا يحتاج الي اثبات الوحدة.

«قوله قدس سره:

و الثالث التصرف»
اشارة

الخ يقع الكلام تارة في مقتضي القاعدة الاولية و اخري في مقتضي النصوص الخاصة فيقع البحث في مقامين:

أما

المقام الأول: [في مقتضي القاعدة الأولية]

فلا وجه لسقوط الخيار بالتصرف باي نحو من انحاء التصرفات اذ اسقاط الخيار امر انشائي فلا بد من اعتباره في النفس ثم ابراز ذلك الاعتبار بمبرز خارجي من لفظ أو فعل و الا فلا وجه للسقوط حتي لو كان تصرفا يوجب اعدام العين حقيقة أو حكما هذا بالنسبة الي المقام الأول.

و أما

المقام الثاني [في مقتضي النصوص الخاصة]

فقد دلت جملة من النصوص علي ان التصرف

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 357

في العين يوجب سقوط الخيار منها ما رواه علي بن رئاب «1».

و هذه الرواية يستفاد من صدرها ان احداث ذي الخيار حدثا في الحيوان يوجب سقوط خياره و يستفاد من ذيل الحديث ان المراد من الحدث الموجب لسقوط الخيار عبارة عن ملامسة الجارية و تقبيلها و النظر منها الي ما يحرم عليه قبل الشراء فالمستفاد من الحديث صدرا و ذيلا ان الحيوان المشتري لو كان امة يسقط خيار المشتري بملامستها و تقبيلها و النظر إليها و لا يدل الحديث علي ازيد من هذا المقدار.

و منها ما رواه علي بن رئاب أيضا «2» و المستفاد من الحديث المذكور عين ما يستفاد من الحديث الاول لا ازيد.

و منها ما رواه الصفار «3» و المستفاد من الحديث صدرا و ذيلا ان مشتري الدابة اذا انعلها أو اخذ من حافرها يسقط خياره و لا دليل في الحديث علي ازيد من هذا المقدار فالنتيجة انه ليس في النصوص ما يدل علي ان مطلق التصرف في الحيوان يوجب سقوط الخيار كي يقال يشكل ذلك بأنه ما الفائدة في جعل الخيار فان اشتراء الحيوان لا ينفك عن التصرف فيه و لو بمقدار سوقها الي الاصطبل و ينحصر بقاء الخيار بزمان يكون الحيوان عند بايعه و

يلزم ان يكون جعل الخيار لغوا و خلاف حكمة الجعل فان حكمته التروي في الابقاء و الرد.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 340.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 341.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 341.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 358

فانقدح بما ذكرنا انه لا يستفاد من النصوص الاطلاق فلا يتوجه الاشكال لكن الانصاف ان المستفاد من اطلاق جواب الامام عليه السلام في حديث الصفار ان احداث الحدث في الدابة علي الاطلاق يوجب سقوط الخيار حيث قال عليه السلام فاذا احدث فيها حدثا، لكن لا يشمل الحديث مجرد الركوب أو السوق الي الاصطبل فلا ينافي حكمة الجعل.

«قوله قدس سره: يحتمل وجوها»

قد ظهر مما ذكرنا ان الحديث ليس مجملا فان المستفاد من كلامه عليه السلام أولا قاعدة كلية و هي ان احداث الحدث علي الاطلاق في الحيوان المشتري يوجب سقوط خيار المشتري.

و من ذيل كلامه روحي فداه يستفاد ان المراد بالحدث الملامسة و القبلة و النظر الي ما لم يكن جائزا قبل الاشتراء فالذيل مانع عن استقرار الظهور المستفاد من الصدر و تصير النتيجة ان الحيوان المشتري لو كان امة توجب هذه الافعال الثلاثة سقوط الخيار بالنسبة إليها و يكون قوله عليه السلام فذلك رضي منه جوابا للشرط.

و يكون معناه بحسب الظهور ان الامام يحكم بكون احداث الحدث اسقاط للخيار علي نحو الحكومة فان الشارع الاقدس له ان يعتبر امرا لمورد لا يكون كذلك فان احداث الحدث بنفسه لا يكون اسقاطا للخيار و لكن الشارع الاقدس اعتبره اسقاطا فلا خيار بعد ذلك و بعد ذلك فسر الحدث بالثلاثة المذكورة في الحديث.

و يدل علي المدعي الحديث الاخر لابن رئاب فان قوله عليه

السلام في ذيل الحديث اذا قبل أو لا مس أو نظر منها الي ما يحرم علي غيره فقد انقضي الشرط و لزمته يدل بمفهوم الشرط الذي حقق في محله

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 359

علي عدم السقوط في غير الموارد المذكورة هذا بالنسبة الي الامة.

و يستفاد من حديث الصفار التفصيل بين اخذ الحافر و الانعال و بين الركوب بسقوط الخيار في الاولين و عدم سقوطه في الثالثة و بهذا النحو يفصل بمقتضي النصوص الواردة في المقام.

و صفوة القول ان سقوط الخيار بالتصرف أو باحداث الحدث بلا قصد اسقاط الخيار لا يقتضي السقوط بل اللازم بحسب القواعد الالتزام بالبقاء و انما نخرج عن تحت القاعدة و الحكم علي خلافها بمقدار قيام الدليل.

فتكون النتيجة هكذا فان الحيوان المشتري اما انسان و اما حيوان و علي الاول اما يكون عبدا و اما يكون امة فان كان عبدا لا يوجب التصرف فيه سقوط الخيار لعدم الدليل عليه و ان كان امة يكون التقبيل أو الملامسة أو النظر موجبا لسقوط الخيار و ان كان دابة يكون احداث الحدث فيها موجبا لسقوط الخيار و ان كان غير دابة لا يكون التصرف فيها باي نحو موجبا لسقوط الخيار فلاحظ.

[الثالث خيار الشرط]
اشارة

«قوله قدس سره: الثالث خيار الشرط»

لا اشكال في ان عقد البيع لو خلي و طبعه عقد لازم اجماعا و كتابا و سنة اما الاجماع فواضح فان لزوم العقد بيعا كان أو غيره لو خلي و طبعه امر ظاهر واضح و لو نوقش في الكلية فلا ريب في ان عقد البيع كذلك.

و اما الكتاب فقوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» فان المستفاد من الآية الشريفة ان كل عقد لازم و المتعاقدان لا يجوز لهما

الفسخ.

و اما السنة فقوله صلي اللّه عليه و آله البيعان بالخيار ما لم يفترقا و اذا افترقا وجب البيع فلا اشكال في اللزوم الطبعي الاصالي انما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 360

الكلام في انه هل يمكن صيرورة البيع جائزا بشرط الخيار أم لا؟

فنقول لا اشكال في ان الشرط لا يكون مشرعا بل لا بدّ من ان يكون الشرط في الرتبة السابقة امرا جائزا في الشريعة المقدسة كي يلزم بواسطة الشرط.

فلو شك في مشروعية شرط و عدمها لا يمكن اشتراطه لعدم جواز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية فكيف بمورد يكون عدم جوازه محرزا و المقام كذلك اذ قد علم من الشريعة المقدسة كما بينا ان عقد البيع لازم فاشتراط الخيار فيه علي خلاف المقرر الشرعي فلا بد من التوسل بدليل معتبر دال علي الجواز.

[الاستدلال علي جواز خيار الشرط في العقد]
اشارة

و ما يمكن أن يذكر في تقريب الجواز وجوه

الوجه الأول الاجماع.

و فيه ما فيه فان الاجماع المنقول لا يكون حجة و المحصل منه علي فرض حصوله محتمل المدرك فلا يكون اجماعا تعبديا كاشفا عن رأي المعصوم عليه السلام.

الوجه الثاني: ما افاده سيدنا الاستاد قدس سره و هو ان الاهمال غير معقول في الواقع

فالبائع في مقام التمليك اما يهمل و اما يملك حتي بعد الفسخ و اما يملك الي زمان الفسخ اما الاهمال فهو غير معقول و اما الاطلاق فهو يرجع الي التناقض و التناقض باطل فيكون الامر منحصرا في الثالث و هو ان البائع يملك الي زمان قوله فسخت.

و يرد عليه أولا انه علي هذا لا فرق بين اشتراط الخيار و عدمه اذ المفروض ان التمليك الي زمان قوله فسخت و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم الفاسد و ان اشتراط الخيار، لا يفيد شيئا و وجوده كعدمه و ان البائع له الفسخ علي كلا التقديرين.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 361

و ثانيا انه يستلزم الغرر اذا المشتري لا يعلم انه مالك للعين في اي مقدار من الزمان و المعروف عندهم ان الغرر يفسد البيع.

و ثالثا ان المشتري لو باع العين من ثالث ثم فسخ البائع البيع يلزم ان يكون بيع المشتري باطلا اذ فسخ البائع يكشف عن عدم كون العين مملوكة للمشتري و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم الباطل.

و رابعا ان البيع بحسب الارتكاز العرفي العقلائي و المتشرعي ليس امرا موقتا و بعبارة اخري ليس التمليك البيعي تمليكا موقتا بل دائمي و الارتكاز ينافي مدعاه.

و خامسا ان الفسخ لا يكون غاية بل رافع و الرفع يتوقف علي الوضع فلا مجال لما افاده.

و سادسا ان التمليك الدائمي لا ينافي الفسخ و لا يكون البيع و جعل الخيار جمعا بين المتنافيين بل الفسخ يتوقف علي كون التمليك دائميا فان

البائع يملك العين من المشتري علي نحو الدوام غاية الامر يجعل لنفسه أو للمشتري حق رفع الامر الدائم فان البيع كالزواج و الفسخ كالطلاق فكما ان الطلاق يقطع الزوجية الدائمية و يرفعها كذلك الفسخ يرفع الملكية و يقطعها.

الوجه الثالث: ما عن سيدنا الاستاد أيضا

و هو ان المستفاد من دليل خيار المجلس ان امر لزوم العقد و جوازه بيد المتعاقدين.

بتقريب ان المستفاد من قوله عليه السلام فلا خيار بعد الرضا منهما ان الامر بيدهما و تابع لرضاهما.

و يرد عليه ان هذه الدعوي بلا دليل فانه يمكن ان يكون المراد بالرضا، الرضا باصل العقد فيكون معناه انهما بعد كونهما راضيين بالعقد و تفرقهما عن مجلسه يصير العقد لازما و يمكن ان يكون

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 362

المراد ان العقد بعد رضاهما ببقائه و عدم فسخهما يصير لازما.

و يمكن ان يكون المراد ان التفرق غير الاكراهي يوجب اللزوم اضف الي ذلك انه ما المراد من هذه الدعوي و ان امر اللزوم بيدهما اي اذا اراد اللزوم يلزم و اذا اراد الجواز يجوز فان هذا المعني لا يرجع الي محصل فان اللزوم اعتبار شرعي لا يتصور فيه ارتباطه بالمتعاقدين و اذا كان الامر بيدهما فلا يحتاج الي اشتراط الخيار.

و بعبارة واضحة: انه اذا كان المراد انهما يقدران علي اشتراط الخيار في ضمن العقد يكون مصادرة بالمطلوب و ان كان المراد ان امر العقد دائما بيدهما فمرجعه الي ان العقد لا يكون لازما بل ابقاء و اعداما باختيارهما.

الوجه الرابع: ما عن سيدنا الاستاد أيضا

و هو انه لا اشكال في جواز اشتراط الافعال الجائزة كخياطة الثوب مثلا في ضمن العقد و مفهوم الاشتراط يتقوم بالارتباط فيرتبط فعل الخياطة مثلا بالوفاء اي الوفاء بالعقد يرتبط بالخياطة.

و بعبارة اخري يعلق الخيار علي عدم الخياطة فاذا جاز اشتراط الخيار بهذا النحو يجوز اشتراطه علي الاطلاق.

و يرد عليه أولا ان اشتراط الخياطة لا يتوقف علي جعل الخيار فان الاشتراط عبارة عن تعليق احد الامرين علي الامر الاخر فالذي يبيع داره

مثلا يمكنه ان يعلق بيع الدار علي الالتزام بخياطة الثوب فالالتزام بخياطة الثوب شرط للبيع.

ان قلت: التعليق في البيع يوجب بطلانه قلت: بطلان التعليق بالاجماع و لا اجماع فيما يكون المعلق عليه محرزا و انما يكون

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 363

باطلا فيما يكون المعلق عليه امرا مرددا و مشكوكا فيه كقدوم زيد من السفر فاشتراط خياطة الثوب لا يتوقف علي جعل الخيار.

و ثانيا انا سلمنا صحة اشتراط الخيار هناك لكن لا نسلم جوازه علي الاطلاق لعدم الدليل.

الوجه الخامس النصوص الدالة علي جواز الشرط في ضمن العقد

و من تلك النصوص ما رواه عبد اللّه بن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: المسلمون عند شروطهم الا كل شرط خالف كتاب اللّه عز و جل فلا يجوز «1». الي غيره من النصوص فان مقتضي اطلاق النصوص المشار إليها جواز كل شرط فيجوز اشتراط الخيار و قد اوردت في الاستدلال بهذه النصوص علي المدعي ايرادات:

الايراد الاول: ان الظاهر من هذه النصوص ما يرجع الي الفعل الصادر عن المكلف و بعبارة اخري النصوص بظاهرها ناظرة الي الحكم التكليفي فلا يعم الوضعي و فيه ان لا وجه لرفع اليد عن الاطلاق و تخصيص النصوص بالتكليف بل مقتضاها جواز كلا الامرين و لزومها بالاشتراط.

الايراد الثاني: ان جعل الخيار خلاف مقتضي العقد فلا يجوز اشتراطه.

و فيه ان مقتضي العقد تحقق الملكية و اللزوم و الجواز حكمان يعرضان عليه و ليس اللزوم مقتضي العقد و هذا ظاهر واضح.

الايراد الثالث: ان الاشتراط متقوم بكون الشرط تحت قدرة المكلف و الخيار امره بيد الشارع و لا مجال لاشتراط الفعل الصادر عن الشارع فانه خارج عن تحت الاختيار.

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب الخيار الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي

المكاسب، ج 3، ص: 364

و يرد عليه انه لا اشكال في ان الخيار امر مقدور للمكلف و لذا يمكن جعله ممن لا يعتقد باللّه تعالي.

و ان شئت قلت: الخيار نحو اعتبار من الاعتبارات فلا يختص بناحية خاصة.

الايراد الرابع: ان الاشتراط مفهومه متقوم بالارتباط و ليس في جعل الخيار ارتباط و المعروف بين القوم انه لا اعتبار بالشرط الابتدائي.

و يرد عليه ان الامر ليس كذلك فان جعل الخيار يتصور بنحوين.

احدهما: ان يبيع داره مثلا علي نحو الاطلاق و يجعل لنفسه الخيار ثانيهما ان يشترط الخيار بان يعلق البيع علي التزام الطرف الاخر بالخيار فان كان علي النحو الاول لا يكون مؤثرا اذ جعل الخيار في في نفسه لا دليل علي صحته شرعا و اما اذا كان علي النحو الثاني فيكون صحيحا اذ مفهوم الاشتراط متحقق حيث فرض تعليق البيع علي الالتزام بالخيار.

ان قلت: التعليق يفسد العقد بالاجماع قلت: التعليق علي امر محرز وجوده لا يكون مبطلا فانه ليس مورد الاجماع.

الايراد الخامس: ان اشتراط الخيار مخالف مع المقرر الشرعي فان الشارع الاقدس حكم بلزوم البيع.

و قد اورد سيد الحاشية قدس سره علي الاشكال المذكور بان اللزوم ليس من مقتضيات العقد بل اللزوم مقتضي اطلاق العقد فلا يكون شرط الخيار خلاف المقرر الشرعي.

و ما أفاده لا يرجع الي محصل صحيح اذ نسأل ان دليل وجوب الوفاء بالعقد مهمل او مطلق او مقيد بعدم جعل الخيار و مع جعل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 365

الخيار لا يكون لازما اما الاهمال فغير معقول و أما التقييد فلا دليل عليه و مصادرة بالمطلوب و من الظاهر بطلانه و فساده فيكون مطلقا و مع الاطلاق يكون الشرط مخالفا مع المقرر الشرعي

فلا يصح.

و دفع الايرواني الاشكال بوجه آخر و هو ان اشتراط الخيار عبارة عن اشتراط استرجاع ما دفعه متي شاء و استملاكه متي احبّ و هذا من جملة الشروط فيصح بمقتضي دليل جواز الاشتراط.

و يرد عليه ان ما افاده ليس تحته شي ء اذ ما المراد من الاسترجاع فان كان المراد الاسترجاع مع مجوز شرعي فهذا لا يحتاج الي الشرط و الكلام في انه لا دليل علي المشروعية و ان كان المراد الاسترجاع بلا موجب و مجوز شرعي فهذا شرط فاسد و مخالف للشرع و ان كان المراد الاسترجاع مع رضا الطرف المقابل الراجع الي الاقالة فهذا امر جائز و الاقالة مستحبة و لا يحتاج الي الشرط فالنتيجة فساد الوجه المذكور كبقية الوجوه

الوجه السادس النصوص الخاصة الواردة في الموارد المخصوصة

منها ما رواه سعيد بن يسار قال:

قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: انا نخالط أناسا من اهل السواد و غيرهم فنبيعهم و نربح عليهم للعشرة اثني عشر و العشرة ثلاثة عشر و نؤخر ذلك فيما بيننا و بين السنة و نحوها و يكتب لنا الرجل علي داره أو علي ارضه بذلك المال الذي فيه الفضل الذي اخذ منّا شراء قد باع و قبض الثمن منه فنعده ان هو جاء بالمال الي وقت بيننا و بينه ان نردّ عليه الشراء فان جاء الوقت و لم يأتنا بالدراهم فهو لنا فما تري في الشراء فقال: اري انه لك ان لم يفعل و ان جاء بالمال

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 366

للوقت فرد عليه «1».

فان المستفاد من الحديث جواز جعل الخيار للمشتري فيجوز اشتراط الخيار و فيه انه حكم وارد في مورد مخصوص و لا يمكن ان يستفاد من الحديث قانون كلي عام فانه

من الممكن جواز جعل الخيار في خصوص تعليق الخيار علي رد الثمن.

الوجه السابع: ما يستفاد من بعض الروايات من ان جواز جعل الخيار كان مرتكزا في ذهن السائل

و الامام عليه السلام قرر ما في ذهنه لاحظ ما رواه ابن سنان عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل ان يمضي الشرط فهو من مال البائع «2».

و لاحظ ما رواه ابن سنان أيضا قال: سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يشتري الدابة أو العبد و يشترط الي يوم أو يومين فيموت العبد أو الدابة و يحدث فيه الحدث علي من ضمان ذلك فقال: علي البائع حتي ينقضي الشرط ثلاثة ايام و يصير المبيع للمشتري شرط له البائع أو لم يشترط قال و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك في يد المشتري قبل ان يمضي الشرط فهو من مال البائع «3».

فان المستفاد من الحديث ان جواز جعل الخيار كان عند الراوي امرا مفروغا عنه و انما يسأل عن الضمان و الامام عليه السلام قرره علي ما في ذهنه و اجاب عن مسئوله.

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب الخيار الحديث 2.

(3) تهذيب الاحكام ج 7 ص 24 الحديث 103.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 367

مضافا الي أنه يستفاد من كلام الامام عليه السلام في ذيل الرواية الاطلاق فان قوله عليه السلام و ان كان بينهما شرط مطلق يشمل جميع الموارد و الظاهر ان الوجه المذكور تام.

الوجه الثامن السيرة الجارية بين المتشرّعة و العقلاء بلا نكير

فانه لا اشكال في تحقق السيرة المذكورة بل يمكن ان يقال ان الاشكال في الجواز و الايراد يقرع الاسماع و يعد مستنكرا فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسألة لا فرق بين كون زمان الخيار متصلا بالعقد أو منفصلا عنه»

لا ريب في جواز انفصال زمان الخيار عن العقد في مقام الثبوت و الامكان و ما قيل من أنه يلزم كون العقد جائزا بعد كونه لازما مدفوع.

أولا بانه يمكن تصوير عدم انفصال زمان الخيار مع عدم حدوث الجواز بعد اللزوم كما لو جعل الخيار من زمان التفرق عن المجلس أو من زمان انتهاء خيار الحيوان فالدليل اخص من المدعي.

و ثانيا ان ما افيد استبعاد محض و ليس تحته شي ء نعم عمدة الاشكال عدم الدليل علي جواز الانفصال اذ قد تقدم ان جعل الخيار خلاف القاعدة الاولية و انما التزمنا بالجواز في الجملة للسيرة و لبعض النصوص فلا دليل علي الجواز باي نحو كان اللهم الا أن يقال يمكن ان يستفاد الاطلاق من حديث بن سنان «1» فان قوله عليه السلام و ان كان بينهما شرط اياما معدودة فهلك الخ مطلق و لم يقيد عليه السلام كلامه بان يكون الشرط متصلا بالعقد و مقتضي الاطلاق

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 366.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 368

رفض القيود و عموم الحكم فلاحظ.

«قوله قدس سره: نعم يشترط تعيين المدة»

بتقريب انه مع عدم التعيين يكون البيع غرريا و قد نهي عنه و يرد عليه أولا ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن ان لا يكون غرريا كما لو كان المشتري رابحا علي اي تقدير فلا غرر و لا خطر و ثانيا انه قد قلنا سابقا انه لا دليل علي كون الغرر مفسدا للعقد.

«قوله قدس سره: و يشير الي ما ذكرنا

الاخبار الدالة علي اعتبار»

الخ لاحظ الباب الثالث من ابواب السلف من الوسائل و الحديث الخامس منه حديث «غياث بن ابراهيم عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام: لا بأس بالسلم كيلا معلوما الي اجل معلوم و لا تسلمه الي دياس و لا الي حصاد» الذي اشار إليه الشيخ.

و الانصاف انه لا يستفاد المدعي من النصوص المشار إليها فانه لا يرتبط احد البابين بالآخر و الاحكام الشرعية امور تعبدية لا تنالها عقولنا.

«قوله قدس سره:

مسألة لا فرق في بطلان العقد بين ذكر المدة المجهولة»

الخ الميزان صدق عنوان الغرر بلا فرق بين مصاديقه.

«قوله قدس سره: فجعلوا مدة الخيار في الصورة الثانية ثلاثة ايام»

الخ و المدرك للحكم المذكور امران احدهما الاجماع المدعي في المقام ثانيهما دعوي وجود اخبار دالة عليه و كلا الوجهين فاسدان اما الاجماع فمنقوله غير حجة و محصله علي تقدير تحصيله محتمل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 369

المدرك مضافا الي انه كيف يحصل الاجماع و اما الثاني فمجرد نقل اخبار دالة عليه و هذه الدعوي لا اعتبار بها كما هو ظاهر.

«قوله قدس سره: أو يكون حكما شرعيا ثبت في موضوع خاص»

لم يظهر لي فرق بين النحوين فانه علي كلا التقديرين يكون تحديدا و حكما شرعيا و الامر سهل و العمدة عدم تمامية الدليل بما ذكر.

«قوله قدس سره: نعم قد روي في كتب العامة ان حنان بن منقذ كان يخدع في البيع لشجة اصابته في رأسه فقال له النبي صلي اللّه عليه و آله اذا بعت فقل لا خلابة و جعل له الخيار ثلثا و في رواية و لك الخيار ثلثا و الخلابة الخديعة»

و لا اعتبار بالرواية المشار إليها كما هو ظاهر.

«قوله قدس سره: و في دلالته فضلا

عن سنده ما لا يخفي»

يمكن ان يكون الوجه في الاشكال في الدلالة انها اجنبية عما نحن بصدده فان خيار الشرط امر بين الطرفين مجعول علي نحو الاشتراط و المستفاد من الحديث ان الرسول الاكرم صلي اللّه عليه و آله و سلم جعل في بيع الرجل خيارا له بدون رضا الطرف الاخر اي لا يشترط فيه كون الطرف راضيا و كيف كان لا اثر للحديث.

«قوله قدس سره:

مسألة مبدأ هذا الخيار من حين العقد»

فانه المنصرف من اطلاق الكلام كما في كلام الماتن.

«قوله قدس سره: بطل لادائه الي جهالة مدة الخيار»

ما أفاده غريب اذ الجهالة ناشية عن الخيار الذي قرره الشارع اي خيار المجلس و من الظاهر ان البيع لا يبطل من ناحية المقرر

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 370

الشرعي و لا فرق من هذه الجهة بين جعل الخيار من حين التفرق و عدمه اذ المفروض ان الجهل متعلقه خيار المجلس و اما الخيار المجعول فلا جهل فيه فالحق ان مقتضي القاعدة عدم وجه للاشكال.

«قوله قدس سره: و قد تقدم عن الشيخ وجهه مع عدم تماميته»

تقدم انه يجوز اجتماع الخيارين بل ازيد و لا محذور في الاجتماع.

«قوله قدس سره: بل الحكم بثبوته من حين التفرق حكم علي المتعاقدين بخلاف قصدهما»

الخ لا اشكال في ان الامور الانشائية تابعة لقصد المنشئ و لذا اشتهر فيما بين القوم ان العقود تابعة للقصود فعلي هذا الاساس في مقام الدلالة إما يكون الكلام و لو بمعونة القرينة ظاهرا في معني و إما يكون مجملا.

أما علي الاول فلا اشكال في العمل علي طبق الظهور حيث انه حجة و اما مع الاجمال كما لو تردد الامر بين الجمعة و السبت فلا يترتب الاثر الا علي اعمال الخيار في

كلا اليومين حتي يعلم بان اعمال الخيار وقع في زمان تحقق الحق اي الخيار.

[مسألة يصح جعل الخيار لأجنبي]

«قوله قدس سره: يصح جعل الخيار لاجنبي»

لا اشكال في أنه لا مانع عن جعل الخيار للاجنبي فان باب الاعتبار باب واسع و لكن مجرد الامكان الثبوتي لا اثر له و أما في مقام الاثبات فلا دليل علي جوازه.

و عموم دليل جواز الشرط لا يقتضي جوازه اذ دليل الاشتراط لا يكون مشرعا للاحكام و من ناحية اخري ان الشرط يلزم ان لا يكون علي خلاف المقرر الشرعي و من ناحية ثالثة ان الدليل من الكتاب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 371

و السنة دل علي كون عقد البيع لازما و جعل الخيار يضاد اللزوم فالنتيجة عدم جواز الخيار للاجنبي ان قلت لا اشكال في جواز الوكالة فليكن هذا من مصادقيها قلت جعل الخيار لا يرتبط بالوكالة فان الخيار للموكل و الوكيل وجود تنزيلي له و لا اصالة للوكيل و اما في المقام فيكون الخيار له اصالة.

«قوله قدس سره: و لو جعل الخيار لمتعدد كان كل منهم ذا خيار»

مقتضي ما ذكرنا من عدم الجواز لا تصل النوبة الي عنوان الفرع المذكور و امثاله فيكون فرضيا و تعليقيا.

فنقول جعل الخيار للمتعدد يتصور علي اقسام القسم الأول ان يجعل الخيار لكل واحد مستقلا ففي هذه الصورة لو اجاز احدها و فسخ الاخر يكون العقد منفسخا و ليس هذا من باب تقديم الفسخ علي الاجازة بل من باب ان المفروض ان لكل واحد خيارا فيؤثر فعل كل منهما اثره.

القسم الثاني ان يكون الخيار للمجموع من حيث المجموع و في هذه الصورة ما لم يتحقق الاجتماع علي احد الطرفين لا يؤثر اذ المفروض ان الخيار للمجموع

فلا بد من الاجتماع.

القسم الثالث ان يكون الخيار للجامع و في هذه الصورة الامر للسابق و الوجه فيه ظاهر.

«قوله قدس سره: و لو خولف امكن اعتبار فعله و الا لم يكن لذكره فائدة»

اذا فرض ان الخيار جعل للاجنبي استقلالا لم يكن وجه للتفريق بينه و بين المتعاقدين اذ الاجنبي علي الفرض يصير بالجعل كاحدهما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 372

و الا لم يكن فائدة في جعله له.

ثم انه هل يلزم ان يراعي الاجنبي مصلحة الجاعل اذا قلنا بانه يصح جعل الخيار له الظاهر انه لا وجه للتقييد و عليه يكون الامر بيده و كما تقدم يكون كالاصيل فاجازته و فسخه نافذتان مضافا الي انه لو كان اعمال نظره مشروطا بالمصلحة فكيف يمكنه الامضاء أو الفسخ اذ ربما يكون الاعمال صالحا لاحد الطرفين دون الاخر الا في مورد يكون الاعمال علي صلاح كليهما.

«قوله قدس سره: ثم انه ربما يتخيل ان اشتراط الخيار للاجنبي مخالف للمشروع»

الخ الحق تمامية التخيل المذكور و ليس ما اشير إليه تخيلا بل امر مطابق مع الواقع فان الفسخ المشروع ما يكون بالاقالة و بالخيار الثابت بالشرع كخيار المجلس و الحيوان و الشرط فان العقد في حد نفسه لازم و لا يجوز جعل الخيار فما افيد في كمال الصحة.

و ما افاده الشيخ قدس سره من عدم المنع العقلي تام و لكن ما افاده عن عدم المنع الشرعي غير تام فان العقد لازم شرعا و من ناحية اخري الشرط يلزم ان لا يكون مخالفا للمشروع و في المقام يكون خالفا له و قياس ما نحن فيه بمسألة إرث الزوجة من الخيار مع الفارق فانه لو ثبت إرث الخيار و أيضا لو ثبت

ان الزوجة ترث الحق يتحقق الارث.

و صفوة القول ان الميزان في كل مورد تمامية الدليل و في المقام لا دليل علي الجواز بل مقتضي الاستصحاب عدمه فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسألة يجوز لهما اشتراط الاستيمار»

لو قلنا بجواز شرط الخيار كما تقدم انه جائز لا مانع شرط

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 373

الاستيمار فيجب علي المشروط عليه العمل علي طبق الشرط.

«قوله قدس سره: فان فسخ المشروط عليه من دون استيمار لم ينفذ»

الخ.

اذ لا يكون الخيار ثابتا له علي الفرض فلا مجال للنفوذ كما انه لو استأمره و امره بشي ء و خالفه لم يكن ما فعله تاما لعين الملاك المتقدم و هذا واضح ظاهر.

«قوله قدس سره: فمعناه سلطنة صاحبه علي الفسخ».

الامر كما افاده مع قيام الدليل علي ان المراد من الاشتراط ان الطرف المقابل يمتثل امر المستأمر بالفتح مع طلبه من الشارط ففي هذه الصورة يجب علي المشروط عليه ان يفعل ما يريده الطرف المقابل فان لم يفعل ثبت للشارط خيار تخلف الشرط.

[مسألة من أفراد خيار الشرط ما يضاف البيع و يقال به بيع الخيار]
اشارة

«قوله قدس سره: و هو جائز عندنا»

جوازه علي طبق القاعدة الاولية فانه من مصاديق خيار الشرط و قد مرّ تماميته و جوازه فالجواز في هذه المسألة في الجملة لا اشكال فيه انما الكلام في بعض الخصوصيات مضافا الي دعوي الاجماع علي جوازه.

اضف الي جميع ذلك النصوص الخاصة الواردة في المقام منها ما رواه اسحاق بن عمار قال حدثني من سمع أبا عبد اللّه عليه السلام و سأله رجل و انا عنده فقال: رجل مسلم احتاج الي بيع داره فجاء الي اخيه فقال: ابيعك داري هذه و تكون لك احب إليّ من ان تكون لغيرك علي ان تشترط لي ان انا جئتك بثمنها الي سنة ان تردّ علي فقال:

لا بأس بهذا ان جاء بثمنها الي سنة ردها عليه قلت: فانها كانت فيها

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 374

غلة كثيرة فاخذ الغلة لمن تكون الغلة فقال:

الغلة للمشتري الا تري انه لو احترقت لكانت من ماله «1».

و منها ما رواه سعيد بن يسار «2» و منها ما رواه معاوية بن ميسرة قال: سمعت أبا الجارود يسأل أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل باع دارا له من رجل و كان بينه و بين الرجل الذي اشتري منه الدار حاصر فشرط انك ان اتيتني بمالي ما بين ثلاث سنين فالدار دارك فاتاه بماله قال: له شرطه قال له أبو الجارود: فان ذلك الرجل قد اصاب في ذلك المال في ثلاث سنين قال: هو ماله و قال أبو عبد اللّه عليه السلام: أ رأيت لو ان الدار احترقت من مال من كانت تكون الدار دار المشتري «3».

فان هذه الطائفة تدل بوضوح علي المدعي و

قد تعرض الشيخ قدس سره في المقام لامور.
الأمر الأول ان اعتبار رد الثمن يتصور علي وجوه:
الوجه الأول ان يؤخذ قيدا للخيار علي وجه التعليق أو التوقيت

فلا خيار قبله و المراد بالرد فعل ما يكفي من طرفه كالتخلية بين المال و مالكه و ان لم يقبضه الطرف الاخر.

و يمكن أن يكون المراد بالتوقيت تعيين وقت كسنة مثلا بان يعلق الخيار علي رد الثمن في تلك المدة و بالتعليق عدم تعيين المدة و يعلق الخيار علي الرد بلا تعيين مدة.

و قد اورد في هذه الصورة ايرادان احدهما ان التعليق باطل

______________________________

(1) الوسائل الباب 8 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 365.

(3) الوسائل الباب 8 من ابواب الخيار الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 375

فالوجه المذكور باطل.

ثانيهما ان التعليق و جعل الخيار بالنحو المذكور يوجب كون البيع غرريا فيكون باطلا.

و يرد علي الاشكال الاول ان التعليق في الشرط لا يكون باطلا فان قوام الشرط بالتعليق و الربط و مقعد اجماعهم علي بطلان التعليق لا يشمل المقام.

و يرد علي الثاني انا

ذكرنا سابقا ان الغرر معناه الخديعة فلا يرتبط بامثال المقام مضافا الي انه لا دليل علي بطلان الغرر فان النبوي المعروف لا سند معتبر له.

و يضاف الي ذلك انه ربما لا يكون في الجعل المذكور خطر فالدليل اخص من المدعي.

الوجه الثاني ان يكون رد الثمن قيدا للفسخ لا قيدا للخيار

فيكون الخيار ثابتا من اوّل الامر بخلاف الوجه الأول لكن يشترط عليه أن لا يفسخ ذو الخيار الا بعد رد الثمن و في هذه الصورة لو فسخ قبل الرد يكون عاصيا لكن يؤثر فسخه اذ فرض ان له الخيار من اوّل العقد لكن للطرف المقابل ان لا يسلم العين الا بعد رد الثمن فان هذا شرط ارتكازي جار بين العقلاء.

ان قلت: لا يجوز ابقاء مال الغير و حبسه بدون اذنه فلا يمكن الاشتراط.

قلت: يرد عليه أولا انّا ننقض بعدم وجوب اقباض المبيع اورد الثمن في كل بيع بل في كل عقد يكون متعلقا بمالين للمتعاقدين و الكلام فيه هو الكلام فكيف يجوز هناك و لا يجوز هنا.

و ثانيا انه لا شبهة في جريان السيرة العقلائية عليه و لم تردع

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 376

السيرة المذكورة من قبل الشارع.

الوجه الثالث أن يكون الفسخ بالرد أي يتحقق الفسخ بالرد

و الظاهر انه لا اشكال فيه الا ان يقال انه يرد عليه بانه ان كان الخيار مجعولا له و يكون مقتضي الشرط أن يفسخ بالرد فلا يكون فرق بينه و بين الوجه السابق و ان لم يكن كذلك يشكل الامر اذ عليه يكون الرد موضوعا لثبوت الخيار فكيف يمكن ان يكون فسخا.

الوجه الرابع: ان يكون رد الثمن موضوعا للاقالة

أي يشترط البائع علي المشتري انه اذا رد الثمن يقيله فيجب عليه الاقالة و اذا تخلف يجبره الحاكم و اذا لم يمكن الاجبار يتصدي بنفسه للفسخ لانه وليّ الممتنع و هذا علي تقدير قبول ولاية الحاكم بهذا المقدار.

الوجه الخامس: ان يشترط البائع علي المشتري انه لو رد الثمن يبيع العين منه

فيجب البيع علي المشتري بالشرط و لو تخلف يجبره الحاكم و مع عدم امكان الاجبار يتصدي هو بنفسه و يمكن ان يقال انه لو امتنع عن البيع في هذه الصورة أو امتنع من الاقالة في الصورة السابقة يتحقق للبائع خيار تخلف الشرط فلاحظ.

الوجه السادس: ان يعلق الانفساخ علي رد الثمن

و في هذه الصورة ان كان مرجع الشرط المذكور الي انفساخ العقد بنفسه من دون الفسخ يكون الشرط باطلا اذ الانفساخ بلا فسخ غير مقرر في الشريعة.

ان قلت: حديث معاوية بن ميسرة «1» يدل علي الجواز فانه الظاهر منه قلت الظاهر ان الحديث ظاهر في المدعي و لكن الاشكال في سنده فان معاوية لم يوثق و اما ان كان مرجعه الي الفسخ من حين العقد بنحو

______________________________

(1) قد مرّ الحديث في ص 374.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 377

شرط النتيجة فهل يكون صحيحا أم لا؟

و ربما يورد في هذا الوجه ايرادات الايراد الاول انه لا دليل علي صحة شرط النتيجة و يرد عليه انه يكفي للجواز الاطلاقات الواردة في العقود و الايقاعات و من ناحية اخري دليل نفوذ الشرط بإطلاقه يقتضي الصحة و لذا لا مانع من اشتراط الزوجة علي زوجها في عقد النكاح كونها وكيلة في طلاقها و في المقام يتحقق الفسخ بنفس الشرط.

الايراد الثاني: انه تعليق و التعليق باطل و يرد عليه انه لا اجماع في المقام و بطلان التعليق ليس امرا عقليا بل امر تعبدي.

الايراد الثالث ان الشرط المذكور مناف مع العقد اذ الفسخ يتوقف علي تحقق العقد كي يجوز فسخه فكيف يمكن فسخه قبل تحققه.

و يرد عليه انه لو كان زمان الفسخ متحدا مع زمان العقد لكان الايراد المذكور في محله و اما لو لم يكن كذلك

كما هو المفروض في المقام اذ رد الثمن متأخر عن العقد فلا اشكال.

الايراد الرابع: ان الشرط المذكور مخالف للشرع لان الفسخ يحتاج الي سبب شرعا و الانفساخ بلا فسخ خلاف الشرع.

و يرد عليه ان سببه الفسخ حين العقد بنحو الوجوب المشروط و لا مانع منه.

الايراد الخامس: انه أي دليل دل علي جواز الفسخ بهذا النحو مثلا هل يجوز ان يفسخ زيد البيع الذي يصدر منه بعد شهر من الآن؟ فلو قال كل بيع صدر مني في الشهر الآتي و يتحقق فيه خيار المجلس فسخته من الآن فهل يمكن القول بجوازه؟

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 378

الانصاف انه يشكل جوازه اذ لا دليل علي جواز الفسخ علي نحو الاطلاق كي يؤخذ به و يحكم بنفوذه مثلا المستفاد من قوله صلي اللّه عليه و آله البيعان بالخيار ما لم يفترقا ان البائع اذا باع داره أو مملوكه الاخر له ان يفسخ عقده ما دام في المجلس فما دام لا يتحقق عقد لا يتحقق خيار كي يسقط باسقاطه.

ان قلت: يسقط علي نحو الوجوب المشروط قلت: لا مانع منه ثبوتا و اما في مقام الاثبات فأي دليل دل علي جوازه.

و ان شئت قلت: المستفاد من الدليل ان ذا الخيار له ان يفسخ و أما من لا يكون له الخيار و بعد ذلك يحدث له الخيار فبأي ميزان نحكم بجواز اسقاط الخيار الحادث بعد ذلك و المقام كذلك فان الخيار يمكن ان يحدث بعد شهر مثلا برد الثمن و جواز اسقاطه من الآن يحتاج الي الدليل و لا دليل عليه بل الدليل موجود علي عدمه فان الاستصحاب يقتضي عدم تماميته فالنتيجة عدم الجواز.

«قوله قدس سره: و الا استقل

بالفسخ»

الخ يمكن أن يقال ان جواز الاستقلال بالفسخ لا يتوقف علي عدم امكان دخالة الحاكم فانه لو أبي عن الفسخ يتحقق خيار تخلف الشرط للبائع فلاحظ.

الأمر الثاني قال الشيخ قدس سره: الثمن المشروط رده اما ان يكون في الذمة الي آخر كلامه
اشارة

و قد تعرض في هذا الامر لعدة فروع.

الفرع الأول: ان الثمن اعم من ان يكون كليا أو شخصيا اذا لم يقبضه البائع يكون له الخيار

في تلك المدة المضروبة و ان لم يتحقق الرد اذ بحسب ما يفهم عرفا لا تكون للرد موضوعية بل الموضوع

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 379

للخيار وصول الثمن بيد المشتري.

الفرع الثاني: ان البائع لو لم يفسخ حتي انقضت المدة فهل يسقط خياره أم لا؟

لا اشكال في أن الخيار المشروط برد الثمن ساقط اذ المفروض انقضاء المدة المضروبة فلا مقتضي لبقاء الخيار نعم اذا كان عدم القبض من ناحية عدم اقباض المشتري يثبت للبائع خيار تخلف الشرط.

الفرع الثالث انه لو كان الثمن شخصيا و قبضه البائع

فان شرط و علق الخيار علي رد عينه فما دام لم يرد العين لا يتحقق الخيار كما هو ظاهر اذ لا مقتضي للخيار في الفرض.

الفرع الرابع: انه لو قبض الثمن و شرط و علق الخيار علي رد العين أو بدلها في فرض عدمها

فلو عدمت العين ورد بدلها من المثل أو القيمة يثبت الخيار علي طبق الجعل.

الفرع الخامس: انه هل يجوز اشتراط الخيار بشرط رد بدل الثمن و لو مع بقائه أم لا؟

الظاهر انه غير جائز اذ الفسخ يقتضي رد العوض بنفسه فاعتبار كون بدله بدلا عنه و لو مع وجود المبدل خلاف المقرر الشرعي و مما ذكر يظهر الاشكال في جعل المثل بدل القيمي و القيمة بدل المثلي فان المستفاد من الدليل التعين ففي المثلي يتحقق المثل و في القيمي تتحقق القيمة.

الفرع السادس: ان الثمن اذا كان كليا فان كان في ذمة البائع فرده برد فرد من ذلك الكلي يتحقق الخيار

اذ بالبيع يصير ما في الذمة مملوكا للبائع و يسقط أي يتلف.

و يدعي الشيخ قدس سره ظهور حديث ابن يسار في هذه الصورة و لم افهم وجهه اذ لا يفهم المدعي من الحديث المذكور.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 380

الا أن يقال: يفهم من الحديث ان المخالط مع أهل السواد يبيع أولا عينا منه نسية ثم البدوي يبيع داره او ارضه من البائع الاولي و يجعل ثمن الدار او الارض ما في ذمته و يجعل خيارا لنفسه و الانصاف ان الحديث ليس واضح الدلالة بل فيه اجمال.

الفرع السابع: انه لو كان الثمن كليا في ذمة غير البائع و صار شخصيا بالقبض فاللازم رعاية الشرط المجعول بينهما

و أما اذا اطلق فمقتضاه عموم الحكم كما يقول به الشيخ و لكن قد تقدم انه مع بقاء العين لا مجال لرد المثل أو القيمة فلاحظ.

«قوله قدس سره:

الأمر الثالث قيل ظاهر الاصحاب بناء علي ما تقدم من ان رد الثمن في هذا البيع عندهم مقدمة لفسخ البائع»
اشارة

الخ وقع الكلام في انه هل يمكن فسخ العقد في بيع الخيار برد الثمن و الوجه في وقوعه محل البحث ان الرد اذا كان مقدمة للخيار كيف يمكن ان يتحقق به الفسخ و الكلام في المقام تارة يقع مع قطع النظر عن النص الخاص الوارد في المسألة و اخري بلحاظ النص الخاص الوارد فيها فيقع الكلام في موضعين.

أما الموضع الاول فنقول ما يمكن ان يقال في تقريب المنع وجوه
الوجه الأول ان الرد بما هو رد لا يكون دليلا علي الفسخ.

و فيه ان التقريب المذكور يتم فيما لا تكون قرينة علي الفسخ و اما لو قامت قرينة عليه فلا مجال للاشكال.

الوجه الثاني: ان الرد دليل إرادة الفسخ و الإرادة غير المراد.

و فيه انه لو دل دليل علي كون الرد بعنوان الفسخ لا يبقي موضوع للاشكال و بعبارة اخري لو دل دليل علي ان من له الخيار اراد برده فسخ العقد يتم الامر بلا اشكال.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 381

الوجه الثالث ان المفروض ان الرد موضوع لتحقق الخيار فما دام لم يتحقق الرد لا يتحقق الخيار

و الخيار عارض للعقد و من احكامه و الحال ان الفسخ اعدام للعقد و كيف يمكن ان يكون شي ء واحد و هو الرد موجدا للخيار و معدما للعقد فانه يلزم الخلف اذ يلزم من وجوده عدمه و ان شئت قلت يلزم ان يكون شي ء واحد و هو الرد يوجد الخيار و يعدم موضوع الخيار و مرجعه الي التناقض.

ان قلت: تأخر الخيار عن الرد رتبي فلا يتوجه الاشكال قلت:

الاشكال في ان لازم القول المذكور كون شي ء موضوعا لشي ء و مع ذلك يكون مقتضيا لعدمه و هو غير معقول نعم لا مانع ثبوتا من ان يقصد بالرد فسخ العقد بعد حين بنحو الوجوب المشروط لكن مجرد الامكان الثبوتي لا اثر له هذا تمام الكلام في الموضع الاول.

و أما الموضع الثاني فيمكن أن يقال انه يستفاد من النص ان مجرد الرد يكفي في الفسخ

لاحظ ما رواه ابن عمار «1».

فانه عليه السلام قال: ان جاء بثمنها الي سنة ردها عليه فان قوله عليه السلام يدل علي ان الفسخ يتحقق بالرد فيتحقق التراد فلاحظ.

و اما ما أفاده الشيخ قدس سره من ان البائع يقصد بالرد كون المبيع له و الثمن للمشتري فغير تام فان الفسخ حل العقد و نتيجته التراد.

مضافا الي ان الرد تمام الموضوع لتحقق الحق فكيف يمكن ان يقصد به التراد الاعلي النحو التعليق و لا دليل عليه الا الخبر الخاص بالتقريب الذي تقدم منا.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 373.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 382

«قوله قدس سره:

الأمر الرابع يسقط هذا الخيار باسقاطه بعد العقد»

الخ بلا اشكال و لا كلام اذ قد علم من الشرع ان الخيار الحقي قابل للاسقاط نعم لو قلنا بان خيار الشرط يحدث بعد انقضاء المجلس أو كان زمان جعل الخيار متأخرا فهل يجوز اسقاطه أم لا؟

فان قلنا بانه اسقاط لما لم يجب و لا دليل علي صحته يشكل الحكم بالجواز و الا فلا مانع عن الاسقاط و لو لم يكن اسقاط ما لم يجب جائزا يشكل الاسقاط اذ الخيار برد الثمن لا يتحقق الا بعد تحقق الرد الخارجي فزمان الخيار متأخر عن العقد الا ان يفرض كون الثمن عند المشتري و لم يأخذ البائع منه أو يكون الخيار مجعولا من الاول و يشترط علي البائع ان لا يفسخ الا بعد رد الثمن أو يكون فسخه برد الثمن و في الفرض المذكور الخيار ثابت من اوّل الامر و يكون قابلا للاسقاط.

«قوله قدس سره: الا أن يفرق هنا بأن المشروط له مالك للخيار قبل الرد»

الخ هذا الفرق لا يكون مؤثرا في الجواز فان الاشكال في اسقاط ما

لم يجب و هو مشترك بين الموردين فلاحظ.

«قوله قدس سره: و يسقط أيضا بالتصرف في الثمن المعين»

الخ الظاهر ان التعبير بالسقوط مسامحة اذ قبل رد الثمن لا خيار كي يسقط و الحق في التعبير ان يقال ينعدم موضوع الخيار ثم ان التصرف المعدم للموضوع التصرف الذي يكون موجبا لانعدام الثمن بالانعدام الحقيقي أو الحكمي و الا فواضح ان مجرد التصرف

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 383

في الثمن لا مقتضي فيه للسقوط.

«قوله قدس سره: لاطلاق ما دل علي ان تصرف ذي الخيار فيما انتقل إليه رضاء بالعقد و لا خيار»

قد تقدم منا و نقول الآن انه لا دليل علي كون التصرف مسقطا للخيار و ما ورد في خيار الحيوان حكم تعبدي يختص بمورده و لا وجه للتعدي عنه مضافا الي ان الخيار لا يتحقق الا بعد الرد فلا خيار قبله كي يسقط نعم لو فرض ثبوت الخيار بالجعل من اوّل الامر يكون قابلا للاسقاط.

«قوله قدس سره: و قد عمل الاصحاب بذلك في غير مورد النص»

الخ لا اثر لعمل الاصحاب و عملهم لا يكون حجة علينا و قد ثبت في الاصول ان الشهرة الفتوائية لا تكون حجة بل ثبت هناك ان الاجماع لا اعتبار به فلاحظ.

«قوله قدس سره: ان الظاهر عدم سقوط هذا الخيار بالتصرف في الثمن»

الخ فان هؤلاء الاساطين استظهروا عدم سقوط الخيار بالتصرف و ذلك لان بناء العقد المذكور علي التصرف في الثمن و مع سقوط الخيار بالتصرف لا تبقي فائدة في الخيار و استدلوا علي مدعاهم بحديث ابن عمار «1».

حيث ان المستفاد من الحديث جواز التصرف في الثمن و مع ذلك يكون الخيار باقيا.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 373.

عمدة المطالب

في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 384

و اورد عليهم العلامة الطباطبائي قدس سره بان الكلام في التصرف في زمان الخيار و لا خيار قبل الرد و مجرد كون البائع قادرا علي ايجاد موضوع الخيار برد الثمن لا اثر له لان الميزان بالفعل لا بالقوة.

مضافا الي انه ربما لا يكون قادرا علي ايجاد الموضوع كما لو جعل الخيار بعد سنة.

و أورد عليه صاحب الجواهر قدس سره بأن تأخير مبدأ الخيار يوجب الجهل و هو يوجب الغرر و أيضا يستفاد من اخبار المسألة تحقق الخيار من اوّل العقد.

و الماتن اورد علي جميعهم فانه اورد علي المستظهرين بانه لا وجه للتفصيل و لا مجال لرفع اليد عن قولهم بسقوط الخيار بالتصرف.

و أورد علي الطباطبائي قدس سره بانه لا وجه لعدم القول بسقوطه بالتصرف من ذي الخيار فان المستفاد من الدليل سقوط الخيار بالتصرف فان الخيار المذكور يسقط بالقول بلا اشكال فيسقط بالفعل أيضا نعم لو كان الخيار منفصلا عن العقد يجري فيه الاشكال و لكن كما تقدم ربما يكون الخيار من اوّل الامر و اما النقاش في جهالة المدة فلا يرد اذ مع التعيين لا مجال للاشكال.

اقول: الحق ان الخيار لو كان معلقا علي الرد لم يكن مجال لاسقاطه قبله لعدم الدليل عليه هذا من ناحية و من ناحية اخري ان التصرف بما هو تصرف لا وجه لكونه مسقطا.

و اما النصوص الواردة في المقام فالحق عدم امكان الاستدلال بها علي الخيار برد الثمن اذ النصوص الواردة اما قاصرة من حيث السند

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 385

و اما كذلك من حيث الدلالة فان حديث معاوية بن ميسرة قاصر سندا.

و اما حديث ابن يسار فهو مجمل و

لا يمكن الاعتماد عليه و ان ابيت عن كونه مجملا نقول المستفاد منه ان البلدي يبيع بضاعته من القروي بثمن نسيئة و حيث انه لا يطمئن به يكتب القروي سندا يدل علي بيع داره أو ارضه من صاحب البضاعة و قبض ثمنه ففي الواقع وقع عقد بين البلدي و القروي يكون البلدي بايعا و القروي مشتريا و وقع عقد صوري لا واقعية لا يكون القروي بايعا و البلدي مشتري و البلدي وعد للقروي انه ان اتي بالثمن في الوقت المؤجل يرد داره و الا تكون له و الامام عليه السلام أمضاه فهذه الرواية ليس فيه خيار برد الثمن و لا ترتبط بالمقام اصلا.

و اما حديث ابن عمار فيمكن ان يكون الشرط الرد اي يشترط عليه ان يقيل اذا رد الثمن فلا يكون الخيار مجعولا فلاحظ، فدليل الخيار برد الثمن منحصر بدليل نفوذ الشرط اذ قلنا انه علم من السيرة الجارية بين العقلاء و المتشرعة جواز شرط الخيار و من الظاهر ان شرط الخيار برد الثمن من صغريات هذه الكبري الكلية فلو شرط الخيار برد الثمن لا مجال لاسقاطه قبل الرد اذ لا خيار قبله كي يسقط و اما التصرف بما هو تصرف فلا يكون مسقطا علي الاطلاق.

«قوله قدس سره:

الأمر الخامس لو تلف المبيع كان من المشتري»

الخ

هذا علي طبق القاعدة الاولية فان من يكون مالكا لمال يكون تلفه من

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 386

كيسه و كون تلفه علي غيره يحتاج الي الدليل و يؤيد المدعي قوله عليه السلام في ذيل حديث معاوية بن ميسرة أ رأيت لو ان الدار احترقت من مال من كانت تكون الدار دار المشتري «1».

و لا فرق في ذلك بين ان يكون التلف قبل الرد

أو بعده كما ان القاعدة الاولية تقتضي ان تكون منافعه له.

«قوله قدس سره: و الظاهر عدم سقوط خيار البائع»

الخ قد مرّ منا ان هذا التعبير مسامحة اذ لا خيار قبل الرد و كيف كان فلو ردّ البائع الثمن فهل يتحقق الخيار المجعول أم لا؟

تارة يشكل بانه بعد تلف العين لا موضوع للخيار و هذه الدعوي فاسدة لان موضوع الخيار نفس العقد لا العين فلا يرتبط تلف العين و عدمه بالخيار و عدمه فلا اشكال من هذه الجهة.

و انما الاشكال من ناحية اخري فان جعل الخيار علي خلاف القانون المقرر الشرعي اذ ينافي لزوم العقد فيلزم الاقتصار علي مقدار تحقق السيرة الا ان يقال يستفاد من بعض النصوص جواز جعل الخيار و مقتضي اطلاقه جواز جعله حتي مع تلف العين لاحظ ما رواه ابن سنان «2».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المرتكز في ذهن السائل بقاء خيار الشرط اي الخيار المسبب عن الشرط حتي بعد تلف العين و الامام عليه السلام لم يردعه عن ارتكازه مضافا الي ان قوله في ذيل الحديث صريح في المطلوب فلاحظ.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 374.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 366.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 387

«قوله قدس سره: و يحتمل عدم الخيار»

الخ في مقام الثبوت لا مانع عن جعل الخيار بحيث يبقي بعد تلف العين و الدليل الشرعي يساعده و اما في مقام الاثبات فاللازم رعاية الظهور و من الظاهر ان الظهور العرفي يختلف بحسب اختلاف الموارد و لا يبعد ان يكون الغالب ما افاده الشيخ فلا يبقي الخيار بعد التلف.

«قوله قدس سره: ثم انه لا تنافي بين شرطية البقاء و عدم جواز تفويت

الشرط»

الخ الامر كما افاده فانه لا تنافي بين ان يكون الابقاء و الحفظ شرطا واجبا علي المشتري و بين سقوط الموضوع بعد انعدام العين.

«قوله قدس سره: و لو تلف الثمن»

الخ الثمن قد يتلف بعد الرد و قد يتلف قبل الرد اما اذا كان بعد الرد فربما يقال يكون علي المشتري لقاعدة ان التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له و حيث ان الخيار للبائع يكون التلف علي المشتري.

و يرد عليه انه لا دليل علي تسرية تلك القاعدة الي الثمن فانها تختص بالمبيع فلا مقتضي للسريان و مقتضي القاعدة الاولية كون التلف علي مالك المال و اما ان كان التلف قبل الرد فأيضا لا وجه لكونه علي المشتري لما ذكرنا من عدم تسرية الحكم الي الثمن و اما اذا قلنا بالتسرية فهل يمكن الالتزام بكونه علي المشتري؟ الظاهر انه لا يمكن و ذلك لان الخيار بعد لم يتحقق و لا مال لترتب الحكم الحكم قبل تحقق موضوعه فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 388

«قوله قدس سره:

الأمر السادس لا اشكال في القدرة علي الفسخ برد الثمن علي نفس المشتري»
اشارة

الخ في هذا الامر فروع

الفرع الأول: لو صرح بجعل الخيار في فرض رد الثمن الي المشتري أو وكيله أو وليه يتحقق الموضوع برده كذلك

و لا اشكال فيه فان خيار الشرط خيار مجعول بين المتعاقدين و تابع لجعلهما سعة و ضيقا.

الفرع الثاني: انه لو صرح بكون الموضوع خصوص الرد الي المشتري لا اثر لرده الي غيره

و لو كان ذلك الغير وكيلا أو وليا و هذا أيضا ظاهر.

الفرع الثالث: لو لم يصرح باحد الطرفين فهل يتحقق الخيار برده الي احد المذكورين أم لا؟

الحق ان يقال تارة يفهم من القرينة و لو من جهة الارتكاز العموم فيكفي رده إليه و اما لو شك فمقتضي الاصل عدم سعة الجعل و عدم تحقق الخيار.

الفرع الرابع: انه هل يشترط في نفوذ الفسخ حضور المفسوخ عليه أم لا؟

الظاهر هو الثاني لعدم الدليل عليه نعم مورد نصوص الباب ظاهر في حضوره لكن هذا المقدار لا يمكن جعله دليلا للمدعي مضافا الي انه قد مر منا ان النصوص المشار إليها لا ترتبط ببيع الخيار.

الفرع الخامس: انه هل يكفي لثبوت الخيار و جواز الفسخ رد الثمن الي وارث المشتري؟

الظاهر هي الكفاية للارتكاز.

الفرع السادس: انه هل يجوز لوارث البائع ان يرد الثمن أم لا؟

الظاهر انه لو قلنا بارث الخيار له ان يرد و تحقيق إرث الخيار و عدمه موكول الي مجال آخر.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 389

الفرع السابع انه هل يجوز الرد الي الولي

و الحال ان الولي يلزم ان يراعي مصلحة المولي عليه او ان لا يكون التصرف مضرا بحاله أم لا؟ الحق انه لا مجال لهذه الشبهة فانه ليس تصرفا في مال المولي عليه كي يتوجه الاشكال المذكور بل التصرف صادر عن البائع و هو تصرف ناش عن الحق.

و بعبارة واضحة: لا اختيار للولي في مفروض الكلام بل يده يد المولي عليه فكما ان المولي عليه لم يكن له الامتناع كذلك ليس للولي الامتناع و علي هذا الاساس لو وصلت النوبة الي عدول المؤمنين يحصل موضوع الخيار اي الرد و هو رده إليهم و علي الجملة ليس اخذ الولي تصرفا اختياريا كي يقال يلزم كونه موافقا مع صلاح المولي عليه بل المدعي حصول الرد و تحققه فلاحظ.

الفرع الثامن: انه لو اشتري الأب شيئا للصغير بالخيار برد الثمن فهل يجوز للجد ان يأخذ المردود؟

أو يجوز للاب ان يأخذه لو انعكس الامر؟ الظاهر هو الجواز فانه لا فرق بينهما اذ كلاهما قد ثبتت ولايتهما علي الصغير فيكون كل منهما بدلا عن الاخر.

الفرع التاسع انه لو اشتري احد حكام الشرع للصغير شيئا ببيع الخيار فهل يجوز رد الثمن الي الحاكم الثاني

الظاهر انه لا وجه لعدم الجواز فان تملك الثمن امر جديد فلا يكون تصرفا في مورد التصرف الصادر عن الحاكم الاول فيجوز و لكن اذا فرض انه يعد عرفا مزاحمة مع الحاكم الاول يشكل الجواز لعدم الدليل علي الولاية علي الاطلاق بل ولاية الحاكم من باب القدر المتيقن و لا يقين في الفرض مضافا الي انه اذا صدق عنوان المزاحم يشكل الجزم ببقاء عدالة المزاحم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 390

فيسقط عن الاعتبار.

«قوله قدس سره:

الأمر السابع اذا اطلق اشتراط الفسخ برد الثمن لم يكن له ذلك الا برد الجميع فلو رد بعضه لم يكن له الفسخ»
اشارة

الخ.

قد ذكر الشيخ قدس سره في هذا الامر فروعا

الفرع الأول: انه لو اطلق ليس له الفسخ و الامر

كما افاده فانه الظاهر من اللفظ عند الاطلاق و الظهور حجة.

الفرع الثاني: انه ليس للمشتري التصرف في المقدار المدفوع

لانه ملك الغير و لا يجوز التصرف فيه الا باذنه.

الفرع الثالث: انه لو تلف يكون المشتري ضامنا

لان رده بعنوان الثمنية لا بعنوان الامانة كي يقال ان الامين لا يضمن.

و يشكل بان المدفوع لا يتعنون بعنوان الثمنية الا بعد الفسخ فكيف يمكن فرض تعنونه بالثمنية مع عدم تحقق الخيار كما هو المفروض.

لكن لا يبعد ان يقال ان الدافع للثمن اذا كان دفعه بعنوان تحقق موضوع الخيار، بالارتكاز يشترط الضمان فيدخل تحت عنوان العارية المضمونة.

الفرع الرابع: انه لو اشترط الخيار في كل جزء دفع الي المشتري فهل يكون الشرط المذكور جائزا كما قال به الشيخ أم لا؟

الانصاف انه يشكل الالتزام بالجواز فان جعل الخيار خلاف المقرر الشرعي و انما التزمنا بجوازه لاجل السيرة و اثبات السيرة بهذا النحو مشكل مضافا الي ان جعل الخيار لكل جزء متوقف علي تعدد البيع و الحال انه بيع واحد و لا تعدد فيه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 391

الفرع الخامس: انه لو قلنا بجواز التبعيض و بعض البائع هل يحصل للمشتري خيار تبعض الصفقة أم لا؟

الانصاف يقتضي عدمه فان خيار تبعض الصفقة لا دليل عليه الا اشتراط الخيار ارتكازا و فيما نحن فيه هذا الاشتراط خلاف الارتكاز فان الشرط الاول يقتضي عدم تحقق الشرط الثاني اذ اشتراط البائع الخيار في كل جزء ناش من انه ربما يريد ابقاء البعض الاخر فكيف يقبل الخيار الناشي عن التبعض.

الفرع السادس: انه يجوز جعل الخيار برد جزء معين

بان يرد الجزء و يكون له فسخ الكل فانه يجوز علي القاعدة اذ انه من مصاديق جعل الخيار و اذا فسخ يبقي باقي الثمن في ذمته ان كان كليا و يرجع الباقي الشخصي ان كان شخصيا.

الفرع السابع: انه يجوز جعل الخيار في الكل برد جزء غير معين

و الكلام فيه هو الكلام. ان قلت: اذا لم يكن معينا يلزم الغرر؟

قلت: نجيب أولا انه يمكن تصوير الامر علي نحو لا يكون غررا و ثانيا انه قد مرّ منا ان الغرر لا دليل علي كونه مفسدا بالإضافة الي ان الغرر معناه الخديعة لا الخطر.

«قوله قدس سره:

الأمر الثامن كما يجوز للبائع اشتراط الفسخ برد الثمن كذا يجوز للمشتري اشتراط الفسخ برد المثمن»
اشارة

الخ أيضا ذكر الماتن في الأمر الثامن فروعا

الفرع الأول انه يجوز للمشتري جعل الخيار لنفسه اذا رد المثمن

و هذا علي طبق القاعدة الاولية اذ قد تقدم ان اشتراط الخيار مورد السيرة العقلائية الممضاة من قبل الشارع.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 392

الفرع الثاني: انه لو اطلق ينصرف الاطلاق الي رد نفس العين

و اذا صرح باشتراط الخيار حتي بعد تلف العين بردّ عوضه يثبت له الخيار لجواز اشتراطه.

الفرع الثالث: انه هل يجوز جعل الخيار بردّ العوض مع وجود العين بحيث يرد بدل العين الي الطرف المقابل بعد الفسخ أم لا؟

الظاهر هو الثاني لان الفسخ يقتضي التراد فهذا الشرط خلاف المقرر الشرعي و الشرط لا يكون مشرعا فلو فسخ يصح فسخه و لكن ترجع العين الي البائع.

و أما ما افاده الماتن من الاشكال في أصل الفسخ فلا وجه له اذ انه صادر من اهله و واقع في محله الا ان يجعل الخيار بالنحو المقيد أي الخيار الّذي اذا اخذ به لا ترد العين مع بقائها فان الخيار بهذا النحو غير مجعول شرعا.

الفرع الرابع: انه هل يجوز اشتراط ايفاء المثلي بالقيمة أو ايفاء القيمي بالمثل أم لا؟

الظاهر جوازه فانه شرط فعل علي المشروط عليه و لا مانع منه لكن هذا النحو من الشرط يجوز مع بقاء العين بان يشترط التبديل و لعله بأمره بالتأمل يشير الي ما ذكرنا.

و لا يخفي ان الذي ذكرنا بالنسبة الي القيمة و المثل علي مسلكهم من ضمان المثلي بالمثل و القيمي بالقيمة و أما علي مسلكنا من ان نفس العين تثبت في الذمة و ادائها اما بالمثل أو القيمة فلا تصل النوبة الي البحث المذكور.

الفرع الخامس: انه يجوز جعل الخيار لكل من الطرفين علي الاخر

كما هو ظاهر.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 393

«قوله قدس سره:

مسألة لا اشكال و لا خلاف في عدم اختصاص خيار الشرط بالبيع»

الخ وقع الكلام بينهم في جريان خيار الشرط في غير البيع من العقود اللازمة و في غيرها من العقود الجائزة و في غيرها من الايقاعات.

و قبل الخوض في البحث نتذكر ان الاستدلال بدليل الشرط و الاجماع المدعي في المقام علي الجريان لا مجال له فان دليل الشرط غير مشرع فلا بد من احراز الجواز في الرتبة السابقة في كل مورد كي يلزم ذلك الامر الجائز بالشرط و اما لو وصلت النوبة الي الشك فلا يمكن الاخذ بدليل الشرط لعدم جواز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية بل بالاستصحاب يحرز عدم جواز الاشتراط و أما الاجماع فلا مجال للاستدلال به فانه منقولا و محصلا محل الاشكال.

و ربما يقال ان الاقالة في كل مورد تكون جائزة يكون اشتراط الخيار جائزا.

و يرد عليه انه لا ملازمة بين الامرين فان الاقالة هي الفسخ من الطرفين و الفسخ تصرف من جانب واحد و لو مع كراهة الطرف المقابل مضافا الي ان جريان الاقالة في كل مورد يحتاج الي الدليل و مع عدمه لا يمكن الالتزام بجوازها فعلي هذا لا بدّ من ملاحظة كل عقد أو ايقاع و اجراء القاعدة فيه فنقول من العقود اللازمة الاجارة.

و الظاهر انه لا اشكال و لا كلام في جواز جعل الخيار فيها و السيرة جارية علي جعل الخيار فيها.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 394

و من العقود اللازمة الصلح و لا اشكال أيضا في جواز جعل الخيار فيه بالاشتراط بل الامر في الصلح من هذه الجهة اظهر من الاجارة و منها الرهن فانه نقل عن بعض الاساطين ان جعل الخيار فيه

ينافي كونه وثيقة للدين.

و فيه ما لا يخفي فان عمدة الاشكال عدم الدليل علي الجواز بل الدليل قائم علي عدمه و هو الاستصحاب فلاحظ. و قس علي ما ذكر بقية العقود اللازمة فان الاصل الاولي عدم الجواز و الجواز يحتاج الي الدليل ففي كل مورد ثبت الجواز بالسيرة نلتزم به و الا فلا.

و مما ذكرنا ظهر الحال بالنسبة الي العقود الجائزة فانه يكفي لعدم الجواز عدم ثبوت مشروعية جعل الخيار بل الثابت بالاستصحاب عدمه و هذا هو العمدة و الا فالاشكالات الواردة علي جعل الخيار في العقود الجائزة كاللغوية و اجتماع المثلين و تحصيل الحاصل و امثالها لا ترجع الي محصل.

و مما تقدم يظهر عدم جواز اشتراط الخيار في الايقاعات فانه يكفي لعدم الجواز عدم قيام دليل علي الجواز بل قلنا ان مقتضي الاستصحاب عدم الجواز و الا فالوجوه المذكورة للمنع قابلة للدفع للفقيه الخبير بالصناعة فلاحظ.

[الرابع خيار الغبن]
اشارة

«قوله قدس سره: و اصله الخديعة»

قال البحراني قدس سره في الحدائق اصله الخديعة و قال الطريحي في المجمع يقال غبنه في البيع من باب ضرب غبنا و يحرك خدعه و الانصاف ان الجزم بكون مفهوم الغبن متقوما بالخدعة مشكل

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 395

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 395

و يمكن الاستدلال علي عدم تقومه به بصحة الاستعمال و لو مع عدم الخدعة بل يتبادر من اللفظ الخسارة و الخسران في المال أو العمر و اذا ثبت تقومه بها يترتب عليه اثر مهم نتعرض له عن قريب إن شاء اللّه تعالي.

«قوله قدس

سره: قال في الصحاح هو بالتسكين في البيع و الغبن بالتحريك في الرأي».

قال الطريحي في مجمعه و غبن رأيه غبنا من باب تعب قلّت فطنته و ذكائه.

«قوله قدس سره: و هو في اصطلاح الفقهاء تمليك ماله بما يزيد»

قال في الحدائق و المراد هنا البيع و الشراء بغير القيمة مع الجهالة اذا كان الغبن بما لا يتسامح به غالبا بان شراه بزيادة علي القيمة أو بنقصان عنها فالمرجع فيه الي العادة لعدم تقديره شرعا.

«قوله قدس سره: مع انه قد لا يكون خدعا اصلا»

فالخيار المبحوث عنه في محل الكلام لا يكون معلقا علي تحقق عنوان الخدعة.

«قوله قدس سره: و المراد بما يزيد او ينقص العوض»

الامر كما افاده فان الاشتراط ربما يوجب تغيّر القيمة فلا بد من ملاحظة المجموع من حيث المجموع.

«قوله قدس سره: و الظاهر ان كون الزيادة مما لا يتسامح به شرط خارج عن مفهومه».

أي عنوان الغبن يصدق حتي مع الاختلاف بما يتسامح غاية الامر لا يكون موضوعا للخيار.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 396

«قوله قدس سره: ثم ان ثبوت الخيار به مع الشرط المذكور هو المعروف بين الاصحاب»

قال في الحدائق و هذا النوع من الخيار لم يذكره كثير من المتقدمين و القول به انما ثبت عن الشيخ و اتباعه و نقل في الدروس و كذا في المسالك عن المحقق في الدرس القول بعدمه الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

و كيف كان

ما يمكن ان يذكر في تقريب الاستدلال عليه وجوه.
الوجه الأول: الاجماع

و حال الاجماع في الاشكال ظاهر فان المنقول منه غير حجة و المحصل منه علي تقدير حصوله محتمل المدرك ان لم يكن مقطوعا به.

الوجه الثاني: قوله تعالي «لٰا تَأْكُلُوا أَمْوٰالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبٰاطِلِ» *

«1» بتقريب ان المستفاد من الآية النهي عن الاكل بالباطل و البيع الغبني باطل.

و فيه أولا: ان لازمه بطلان العقد لا صحته و ثبوت الخيار فيه.

و ثانيا انا قد ذكرنا مرارا ان الباء للسببية لا للمقابلة فتكون الآية اجنبية عن المدعي فان البيع من الاسباب الصحيحة.

الوجه الثالث قوله تعالي: «إِلّٰا أَنْ تَكُونَ تِجٰارَةً عَنْ تَرٰاضٍ»

و يمكن ان يقرب الاستدلال بالآية علي المدعي بوجهين احدهما ان المستفاد من الآية اشتراط الرضا بالتجارة و المغبون اذا كان عالما لا يكون راضيا.

و يرد عليه أولا ان الدليل اخص من المدعي اذ ربما يكون راضيا

______________________________

(1) النساء/ 29.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 397

حتي مع العلم بالغبن و ثانيا ان المعتبر الرضا الفعلي و لا اثر للتقديري.

و ثالثا ان لازم التقريب المذكور بطلان العقد لا صحته و ثبوت الخيار فيه ثانيهما ان الرضا المعتبر في التجارة المعني المستفاد من اسم المصدر لا المعني المستفاد من المصدر.

و بعبارة اخري يعتبر فيها ما يكون باقيا و هو الحاصل عن المصدر و اما المعني المصدري الّذي لا بقاء له فهو لا يكون شرطا و حيث ان الرضا لا يكون باقيا بعد العلم بالغبن فلا تصح التجارة.

و فيه أولا ان لازم هذا التقريب عدم الصحة حتي في صورة ترقي العين فان البائع لو كان عالما بالترقي لم يبيع و هل يمكن الالتزام به.

و ثانيا ان الدليل اخص من المدعي فانه ربما يكون راضيا حتي مع الغبن و ثالثا ان لازم القول المذكور بطلان البيع لا صحته مع الخيار كما هو المدعي فالمدار بالمعني المصدري لا اسمه.

الوجه الرابع: قاعدة نفي الضرر

فان مقتضي القاعدة المذكورة رفع الحكم الضرري.

و يرد عليه أولا ان الاستدلال بالقاعدة يتوقف علي القول المشهور في معني القاعدة و اما علي مسلك شيخ الشريعة فلا مجال للاستدلال بها علي المدعي.

و ثانيا انه علي فرض تمامية الاستدلال تكون نتيجته بطلان العقد لا اثبات الخيار و ان شئت قلت المستفاد من دليل نفي الضرر بطلان العقد الضرري لا تدارك الضرر الواقع بالخيار فلاحظ.

الوجه الخامس: الروايات الواردة في تلقي الركبان

منها ما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 398

عن عوالي اللآلي عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي عن تلقي الركبان و قال: من تلقاها فصاحبها بالخيار اذا دخل السوق و عنه صلي اللّه عليه و آله انه قال في حديث: و لا تلقوا السلع حتي يهبط السوق «1».

و منها ما عن السيد ابن زهرة في الغنية: عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال: فان تلقي متلق فصاحب السلعة بالخيار اذا ورد السوق «2».

فان تلك الطائفة تدل علي ان الركبان اذ ادخلوا السوق لهم الخيار.

و فيه أولا ان السند ضعيف و ثانيا انه حكم خاص وارد في مورد مخصوص و لا يستفاد العموم من تلك الطائفة.

و ثالثا انها لا تدل علي ثبوت الخيار للمغبون فلاحظ.

الوجه السادس النصوص الواردة في غبن المسترسل

منها ما رواه اسحاق بن عمّار عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال غبن المسترسل سحت «3».

و يرد عليه أولا ان الحديث ضعيف سندا و ثانيا انه لا يدل علي الخيار بل يدل علي حرمة الغبن و بعد كون الرواية ضعيفة لا مجال للدقة فيها و ذكر ما يحتمل في المراد منها.

و منها ما رواه ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: غبن

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 29 من ابواب آداب التجارة الحديث 3.

(2) نفس المصدر الحديث 4.

(3) الوسائل الباب 17 من ابواب الخيار الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 399

المؤمن حرام «1».

و يرد عليه ان المستفاد من الحديث ان غبن المؤمن حرام و لا تدل الرواية علي ثبوت الخيار.

و منها ما رواه علي بن موسي بن طاوس في كتاب (الاستخارات) عن احمد بن محمد بن يحيي قال: اراد بعض أوليائنا الخروج

للتجارة فقال: لا اخرج حتي آتي جعفر بن محمد عليه السلام فاسلّم عليه و استشيره في امري هذا و اسأله الدعاء لي قال: فاتاه فقال له يا ابن رسول اللّه انّي عزمت علي الخروج الي التجارة و اني آليت علي نفسي ان لا اخرج حتي القاك و استشيرك و اسألك الدعاء لي قال: فدعا له.

و قال عليه السلام: عليك بصدق اللسان في حديثك و لا تكتم عيبا يكون في تجارتك و لا تغبن المسترسل فان غبنه لا يحل و لا ترض للناس الا ما ترضي لنفسك و أعط الحق و خذه و لا تخف و لا تخن فان التاجر الصدوق مع السفرة الكرام البررة يوم القيامة و اجتنب الحلف فان اليمين الفاجرة تورث صاحبها النار و التاجر فاجر الا من اعطي الحق و اخذه و اذا عزمت علي السفر أو حاجة مهمة فاكثر الدعاء و الاستخارة فان ابي حدثني عن ابيه عن جده ان رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله كان يعلّم اصحابه الاستخارة كما يعلّم السورة من القرآن الحديث «2».

و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي انها تدل علي حرمة الغبن و لا تدل علي الخيار

______________________________

(1) الوسائل الباب 17 من ابواب الخيار الحديث 2.

(2) الوسائل الباب 2 من ابواب آداب التجارة الحديث 7.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 400

و منها ما رواه ابو هريرة قال: نهي رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله ان يبيع حاضر لباد «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا مضافا الي انها لا تدل علي الخيار و منها ما ارسله في دعائم الاسلام عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه نهي ان يبيع الحاضر للبادي «2» و

المرسل لا اعتبار به.

الوجه السابع: الاشتراط الضمني الارتكازي

بتقريب ان كل شخص يريد ان يتحفظ مالية ماله و غير راض بالضرر فبارتكازه حين العقد يشترط لنفسه الخيار اذا كان مغبونا و من ناحية اخري ان اشتراط الخيار امر جائز في الشريعة.

و ان شئت قلت بعد ما فرضنا ان الانسان في مقام المعاملة بصدد ابقاه مقدار مالية ماله في العوض الذي يأخذه من الطرف المقابل فاذا اقدم علي المعاملة فاما يقيد المأخوذ بكونه ذا مالية كذائية و اما يعلق العقد علي كونه موصوفا بهذا الوصف و اما يعقد علي الاطلاق و يجعل لنفسه الخيار.

اما الاول و الثاني فلا يمكن الالتزام بهما فان الجزئي الخارجي غير قابل للتقييد و التعليق باطل بالاجماع فالامر منحصر في الطريق الثالث.

فالنتيجة ان خيار الغبن من باب الاشتراط الضمني الارتكازي و لازمه ان المغبون يرضي بالعقد غاية الامر يشترط لنفسه الخيار في صورة كونه مغبونا و شرط الخيار جائز.

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 30 من ابواب آداب التجارة الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 401

بقي شي ء و هو انه لو صدق عنوان الخدعة و التغرير في مورد و صح أن يقال ان البائع الفلاني غرر و خدع المشتري في تلك المعاملة أو انعكس الامر و صدق ان المشتري خدع البائع و اوقعه في الخسارة يمكن ان يقال ان قانون الغرور يقتضي جواز الرجوع و اخذ الغرامة من الغار.

«قوله قدس سره: فتأمل»

لعله يشير الي ان هذه الوجوه لا تقتضي الظهور و ما دام لا ينتهي الامر الي الظهور العرفي لا يترتب عليه اثر اضف الي ذلك ان الاستدلال بقاعدة نفي الضرر مخدوش كما مرّ.

«قوله قدس سره: فالعمدة في المسألة الاجماع المحكي»

الخ

قد تقدم منا انه لا مجال للاستناد لا الي الاجماع و لا الي حديث نفي الضرر بل العمدة الاشتراط الضمني

«قوله قدس سره:

مسألة يشترط في هذا الخيار امران
الأول عدم علم المغبون بالقيمة فلو علم بالقيمة فلا خيار»

فانه مع العلم لا مجال لان يقال بارتكازه شرط الخيار في صورة الغبن.

«قوله قدس سره: بل لا غبن»

اذ اشرب بحسب المتفاهم العرفي في مفهوم الغبن الجهل و اما الاقدام علي الضرر مع العلم فلا يصدق علي المقدم عنوان المغبون.

«قوله قدس سره: ثم ان الظاهر عدم الفرق»

المدرك للخيار الشرط الارتكازي الضمني ففي كل مورد قام دليل علي انه مقدم علي العقد و ان كان ضرريا بحيث لا يكون بحسب الارتكاز شارطا لا يتحقق الخيار كما ان الامر كذلك لو وصلت

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 402

النوبة الي الشك فان مقتضي الاصل عدم تحقق الشرط الارتكازي فلا خيار.

«قوله قدس سره: فلا يبعد الخيار»

لتحقق الاشتراط المذكور و لو ارتكازا و المراد من الارتكاز في المقام و نظائره انه يصدق في عرف العقلاء انه امر مركوز و يكون مقدرا بحيث يترتب عليه الاثر.

«قوله قدس سره: ثم ان المعتبر القيمة حال العقد»

الامر كما افاده فان الاشتراط المذكور بلحاظ ذلك الزمان و هو الميزان.

«قوله قدس سره: و يحتمل عدم الخيار»

لكنه ضعيف و لا وجه له فانا ذكرنا ان المدرك الوحيد للخيار الاشتراط الارتكازي فان تحقق يترتب عليه الخيار و الا فلا فرق بين صور المسألة.

«قوله قدس سره: كما لو برء المعيوب»

يظهر مما ذكرنا انه أيضا غير سديد فان الميزان بالاشتراط و عدمه الا ان يقال ان الارتكاز يقتضي عدم الاشتراط في جملة من الموارد و لا يبعد ان يكون كذلك و ان كان في النفس شي ء.

«قوله قدس سره: سقط حق الرد»

بتقريب ان الشرط الارتكازي يدور مدار الغبن

و عدمه.

«قوله قدس سره: و اشكل منه ما لو توقف الملك علي القبض»

الكلام فيه هو الكلام فان مقتضي الاشتراط الارتكازي تحقق الخيار

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 403

و لا دخل لحصول الملكية و عدمه في هذه الجهة فالعمدة سعة الجعل و ضيقه.

«قوله قدس سره: ثم انه لا عبرة بعلم الوكيل في مجرد العقد»

اذ المفروض انه لا شأن له الا كونه لسانا للموكل فالاثر لعلم الموكل و عدمه و ان شئت قلت ليس للوكيل المذكور صلاحية الجعل و الاشتراط بخلاف ما لو كان وكيلا مفوضا فان الامر بيده و له الوضع و الرفع.

«قوله قدس سره: الا ان يكون عالما بالقيمة»

الظاهر انه لا وجه له فانه قد فرض كونه مفوضا و هو بارتكازه يجعل الخيار و شرطه نافذ فلا وجه لانكاره بالتقريب المذكور في كلام الماتن.

«قوله قدس سره: الا أن يكون وكيلا مطلقا»

مراده قدس سره ان الوكيل المفوض يجوز له ان يفسخ العقد بمقتضي الخيار الثابت للموكل و ليس المراد ان الخيار ثابت له فانه لا مقتضي له كما هو ظاهر.

«قوله قدس سره: ثم ان الجهل انما يثبت باعتراف الغابن»

فان اقرار العقلاء علي انفسهم جائز نافذ كما انه يثبت بالبيّنة.

«قوله قدس سره: و بالبينة»

فان البيّنة علي مدعي الخيار فاذا اقام البيّنة علي كونه جاهلا يثبت الخيار ان قلت الجهل ليس موضوعا للخيار فما فائدة اقامة البيّنة عليه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 404

قلت: بعد فرض الاتفاق علي تفاوت القيمة و وقوع المشتري في الضرر فان كان مدرك الخيار حديث لا ضرر فالامر ظاهر اذ الضرر يقتضي الخيار و العلم مانع عن تأثير المقتضي فاذا ثبت الجهل يتم الامر.

و أما ان كان المدرك الاشتراط

الارتكازي فان الغابن معترف بتحقق الاشتراط مع الجهل غاية الامر ينكر الجهل فأيضا الامر ظاهر و أما مع عدم اعترافه فالبينة القائمة علي الجهل تدل علي الاشتراط بالملازمة الا ان يقال انه لو فرض انكار الغابن الملازمة لا اثر لاقامة البينة أيضا.

و بعبارة اخري الدلالة الالتزامية موقوفة علي الاعتراف بالتلازم لكن كيف يمكنه انكار التلازم و الحال انه مفروغ عنه. و علي الجملة لا اشكال في ان قيام البيّنة علي الجهل يقتضي الخيار فان خلافهما في الجهل و عدمه و اما مع اثبات الجهل فلا كلام في تحقق الخيار و لذا قلنا ان الاعتراف بالجهل يقتضي الخيار فلاحظ.

«قوله قدس سره: لاصالة عدم العلم»

الخيار مترتب علي الاشتراط و اما العلم أو الجهل فلا يكونان موضوعين للخيار و عدمه الاعلي النحو المثبت.

«قوله قدس سره: مع انه قد يتعسر اقامة البينة علي الجهل»

الخ يرد عليه أولا انه ما الوجه في تعسره فانه يمكن ان يحصل الاطلاع عليه كما يحصل الاطلاع علي غيره من الصفات النفسانية و ثانيا انه ما الوجه في وصول النوبة الي اليمين و سماع قوله بمجرد تعسّر اقامة البيّنة فان المستفاد من الدليل ان المدعي يلزم ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 405

يقيم البيّنة علي مدعاه.

اضف الي ما ذكر انه قدس سره جمع بين اقامة البيّنة و الحلف بالنسبة الي المغبون و الحال ان الحلف علي المنكر و البيّنة علي المدعي و كيف يجتمعان في مورد واحد و الحال ان التقسيم قاطع للشركة الا ان يقال ان المدعي اذا لم يمكنه اقامة البيّنة يجوز له الحلف و لتحقيق المسألة مجال آخر خارج عن المقام.

«قوله قدس سره: و لا يمكن للغابن الحلف علي علمه

لجهله بالحال»

كيف لا يمكن و الحال انه كثيرا ما يمكن الاطلاع علي ما في نفس الغير من الصفات و لعل امره بالتأمل اشارة الي ما ذكرنا و اللّه العالم.

«قوله قدس سره: هذا كله اذا لم يكن المغبون من اهل الخبرة بحيث لا يخفي عليه القيمة الا لعارض من غفلة أو غيرها و الا فلا يقبل قوله كما في الجامع و المسالك»

اذ في الفرض المذكور يكون قوله خلاف الاصل فيصير مدعيا و يلزم عليه اقامة البيّنة.

«قوله قدس سره: لكن المدعي لما تعسر اقامة البينة عليه و لا يعرف الا من قبله يقبل قوله مع اليمين فليكن هذا من هذا القبيل الا أن يقال»

الخ انه قدس سره أولا يشير الي كبريين. الاولي: جواز الحلف للمدعي اذا تعسر عليه اقامة البيّنة. الثانية: قبول قول من لا يعرف المقول الا من قبله و يجعل المقام من صغريات الاولي و الثانية.

ثم يستشكل في صحة اصل الكبري و كون المقام من صغرياتها.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 406

و لا يخفي انه قدس سره خلط بين الكبريين و جعلهما واحدة و الامر كما افاده في الاشكال فانه لا دليل علي قبول قول من يتعسّر اقامة البيّنة علي دعواه بيمينه بل مقتضي القاعدة أوّلا اقامة البيّنة و علي فرض عدمها تصل النوبة الي يمين الخصم كما انه لا دليل علي قبول قول من لا يعرف مقوله الا من قبله الا في بعض الموارد بالخصوص كدعوي المرأة الحيض أو العدة أو الحمل. و اما غيرها فلا دليل.

مضافا الي ان المقام غير داخل تحتهما فان اقامة البيّنة علي كونه غافلا و مضطربا لكثرة الابتلاءات امر ممكن و أيضا ليس داخلا في كبري ما

لا يعلم الا من قبله فالاشكال وارد كبرويا و صغرويا فلاحظ.

«قوله قدس سره: و لو اختلفا في القيمة وقت العقد أو في القيمة بعده مع تعذر الاستعلام فالقول قول منكر سبب الغبن لاصالة عدم التغير و اصالة اللزوم»

الخ تارة يتفقان علي القيمة الفعلية كما لو اتفقا علي ان المبيع يسوي درهما الآن و في هذا الوقت و لكن البائع يدعي انه كان يسوي در همين وقت البيع فيكون لي خيار الغبن و المشتري ينكر التغير و يقول لم يتغير عن حاله السابق.

حكم الشيخ قدس سره بأن القول قول منكر الخيار و استدل عليه بوجهين. احدهما: اصالة عدم التغير و مع عدم التغير لا غبن و لكن اثبات عدم الغبن باصالة عدم التغير من اظهر انحاء المثبت.

ثانيهما: اصالة اللزوم و لا يبعد ان يكون مراده باصالة اللزوم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 407

استصحاب بقاء الملكية بعد الفسخ لا الاخذ بعموم وجوب الوفاء بالعقد كي يقال انه تمسك بالعموم في الشبهة المصداقية.

و لا يخفي ان الاستصحاب المذكور جار في الشبهة الموضوعية لا في الحكم الكلي فلا مجال لما عن سيدنا الاستاد علي ما في تقريره الشريف من عدم جريان فيه للمعارضة و الحاصل ان هذا الاستصحاب لا بأس به و ان شئت قلت اذا شك في ثبوت الخيار و عدمه يكون مقتضي الاستصحاب عدمه و لكن اجراء الاستصحاب بتقريبين اذ يمكن استصحاب عدم تحقق سبب الخيار فيترتب عليه عدمه لحكومة الاصل السببي علي الاصل المسببي.

و يمكن جريانه في أصل الخيار فان مقتضاه عدمه و اخري يتفقان في قيمة زمان العقد كما لو اتفقا علي كون المبيع كان يسوي درهما و بيع بدرهمين فيتحقق الخيار لكن

البائع يدعي انه ترقي بعد العقد و المشتري ينكر و في هذه الصورة لا اثر لترقي القيمة بعد العقد فان الاثر للقيمة في زمان العقد فالخيار متحقق و لا يؤثر الترقي الحادث بعد العقد و لو تنزلنا و قلنا يؤثر فما هو مقتضي الصناعة الظاهر ان الامر بالعكس فان الخيار ثابت بمقتضي تلك القيمة و الاصل عدم ترقي القيمة و عليه لا بدّ من التفصيل بان يقال القول قول منكر الخيار في صورة و قول مدعيه في صورة اخري.

«قوله قدس سره: و منه يظهر حكم ما لو اتفقا علي التغير و اختلفا في تاريخ العقد».

لا يبعد ان يكون العبارة هكذا و اختلفا في تاريخه بقرينة مقابله في كلامه أي بعد ما علم ان اصالة عدم التغير لا تؤثر يظهر انه لو

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 408

علم اصل التغير و كان الاختلاف في زمانه لا اثر لاستصحاب عدم التغير.

«قوله قدس سره: و لو علم تاريخ التغير فالاصل و ان اقتضي تأخر العقد الواقع علي الزائد علي القيمة الا انه لا يثبت به وقوع العقد علي الزائد حتي يثبت الغبن».

الظاهر انه قدس سره يري عدم جريان الاصل في معلوم التاريخ و يري اختصاص جريانه في مجهوله و لذا لو كان تاريخ التغير معلوما و تاريخ العقد مجهولا يمكن جريان الاستصحاب في العقد بان يقال مقتضي الاستصحاب عدم جريان العقد الي زمان التغيّر لكن اثبات الغبن بالاصل المذكور مثبت فان العقد لو وقع بعد التغيّر كان لازمه العقلي وقوعه علي الزائد.

و الامر كما افاده لكن الحق جريان الاصل في معلوم التاريخ أيضا و عليه يشكل الامر من ناحية المعارضة أيضا فاذا فرض جريان الاستصحاب في

العقد بالنسبة الي التغيّر كذلك يجري استصحاب عدم التغير الي زمان العقد فيقع التعارض بين الاصلين.

«قوله قدس سره:

الأمر الثاني كون التفاوت فاحشا»

الخ اذا كان مدرك الخيار الاشتراط الارتكازي كما اخترناه لا اشكال في اشتراط الخيار بالشرط المذكور و هو كون الغبن فاحشا لانه لو لم يكن كذلك لا يتحقق الشرط فلا موضوع للخيار و اما اذا كان المدرك حديث لا ضرر فيمكن ان يقال لا وجه للشرط المذكور اذ الضرر متحقق و مع وجود الموضوع يترتب عليه الحكم.

ثم انه وقع الكلام في بيان الفاحش و تعيين الضابط الكلي فيه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 409

و الظاهر ان التقديرات المذكورة في المقام لا ترجع الي محصل صحيح اذ ليس فيه وضع شرعي و حقيقة شرعية بل مفهوم عرفي و المرجع فيه العرف و نعم ما نقل عن العلامة حيث قال علي ما نقل عنه ما لا يتغابن الناس بمثله.

«قوله قدس سره: ثم الظاهر ان المرجع عند الشك في ذلك هو اصالة ثبوت الخيار».

القاعدة تقتضي التفصيل بان يقال المدرك للخيار ان كان الشرط الارتكازي ففي مورد الشك في الخيار و عدمه تكون النتيجة عدمه اذ يشك في انه هل تحقق الخيار أم لا؟ فان الخيار متفرع علي تخلف الشرط و هو مشكوك فيه و مقتضي الاصل عدمه.

و يمكن جريان الاصل في الحكم أي استصحاب عدم تحقق الخيار لكن ما دام ان يجري الاصل في الموضوع لا تصل النوبة الي جريانه في الحكم لتقدم الاصل السببي علي الاصل المسببي.

و أما ان كان المدرك للخيار حديث لا ضرر فالقاعدة تقتضي ثبوت الخيار اذ المفروض تحقق الضرر و هو منفي في الشريعة المقدسة و لا وجه للفرق بين الفاحش و غيره

فانه خلاف اطلاق دليل لا ضرر و التسامح و عدمه ليسا دخيلين في الامر بل الميزان تحقق الموضوع و بعد تحققه يترتب عليه الحكم.

و لما انجر الكلام الي هنا نشير الي نكتة و هي انه سلمنا ان حديث لا ضرر ناظر الي ادلة الاحكام و يخصّصها كما هو المشهور بين القوم لكن نقول المستفاد من الحديث ان الشارع الاقدس لا يجعل للمكلفين احكاما ضررية و اما الضرر الناشي من قبل المكلف كما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 410

لو باع ما يسوي عشرة دنانير بدينار واحد فلا يشمله الحديث قطعا اذ الضرر بفعل المكلف نفسه و لا يرتبط بالشارع الاقدس فلا تغفل.

و حيث وقع الكلام في مفاد لا ضرر علي مذاق المشهور في معناه نذكر فرعا و هو انه ربما يقال انه لو لاقت النجاسة مع مقدار من الزيت المائع أو السمن كذلك لا يمكن الالتزام بنجاسة الملاقي بالفتح للضرر و القاعدة ترفع الضرر.

و هذا التوهم فاسد اذ علم من جملة من النصوص الواردة في السمن و الزيت الدالة علي الانفعال لزوم الاجتناب و القاء ما لاقي النجاسة فلا مجال للاستدلال بالقاعدة.

«قوله قدس سره: بقي هنا شي ء و هو ان ظاهر الاصحاب و غيرهم ان المناط في الضرر الموجب للخيار كون المعاملة ضررية مع قطع النظر عن ملاحظة حال اشخاص المتبايعين».

ما افاده تام لا غبار عليه فان الموضوع المأخوذ في الحديث عنوان الضرر و مقتضاه ترتب الحكم عليه بلا ملاحظة حال المتضرر فالميزان تحقق الضرر و صدقه فاذا صدق يترتب عليه الحكم نعم كما افاد الشيخ يمكن تخصيص الدليل في مورد بالنص الخاص الوارد في ذلك المورد فان تخصيص العام غير عزيز.

«قوله قدس سره:

بل لعدم كونه ضررا»

الخ.

هذا مما لا يمكن المساعدة عليه فان الاجر الاخروي لا يوجب انتفاء عنوان الضرر الدنيوي و بعبارة اخري لا اشكال في تحقق الضرر الدنيوي فان الضرر عبارة عن النقص في المال أو البدن أو الاعتبار أو راحة الخيال غاية ما في الباب انه يتدارك في الآخرة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 411

فلا بد من صدقه كي يصير سببا للاجر الاخروي.

«قوله قدس سره: لو كان الضرر مجحفا بالمكلف انتفي بادلة نفي الحرج»

لقائل ان يقول مع ملاحظة الاجر الاخروي لا حرج كما انه لا ضرر الا ان يقال الحرج امر محسوس و لا يمكن انكاره و الحق ان الضرر كما قلنا أيضا امر حسي فلا مجال لما افيد.

«قوله قدس سره: ان المغبون اما ان يكون هو البائع أو المشتري أو هما»

وقع الكلام بينهم في انه كيف يمكن ان يكون البائع و المشتري كلاهما مغبونين و الحال ان مرجعه الي التناقض و لذا وقعوا في حيص و بيص و مثلوا له بامثلة.

و الانصاف ان صرف الوقت لهذه الجهة تضييع للمتاع الغالي و لا ينبغي للفقيه صرف وقته لمثله و مجمل القول انه لا اشكال في ان الغبن و عدمه يلاحظان بالنسبة الي مجموع المعاملة من اصلها و خصوصياتها و شرائطها و عليه لا يكون المغبون الا احد الطرفين.

«قوله قدس سره:

مسألة ظهور الغبن شرط شرعي لحدوث الخيار أو كاشف عقلي».
اشارة

تارة يبحث في مقام الثبوت و اخري في مقام الاثبات اما

المقام الأول [في مقام الثبوت]

فلا اشكال في امكان كون ظهور الغبن شرطا شرعيا لحدوث الخيار و لكن مجرد الامكان الثبوتي لا اثر له.

و أما

المقام الثاني [في مقام الإثبات]

فلا اشكال في كون ظهور الغبن كاشفا عقليا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 412

بلا كلام و لا اشكال و بلا فرق بين كون المدرك حديث لا ضرر أو الاشتراط الارتكازي أما علي الاول فلان الضرر يتحقق بنفس العقد فيتحقق الخيار و أما علي الثاني فلان الخيار يتفرع علي التخلف و هو يتحقق حين العقد نعم ما دام لم يظهر الغبن لا مجال لا عمال الخيار.

فالحق ان يقال ان الغبن بحسب مقام الحكم الواقعي يوجد الخيار من اوّل الامر و أما بحسب الحكم الظاهري فلا يتحقق الا بعد ظهور الغبن و ان شئت فقل ان ظهور الغبن كاشف عقلي بالنسبة الي الحكم الواقعي و شرط شرعي بالنسبة الي الحكم الظاهري فلاحظ.

«قوله قدس سره: فلا يحدث الا بعد ظهور الغبن»

ان كان مراده انه في مقام الظاهر ليس له الا بعد ظهور الغبن كما هو ليس ببعيد فما أفاده تام و أما ان كان المراد انه ليس له في الواقع بحيث اذا فسخ أو اسقط لم يؤثر فلا يكون تاما.

و صفوة القول ان الميزان في ثبوت الخيار و عدمه هو الغبن الواقعي و العلم و الجهل ليسا دخيلين فيهما.

و مما ذكرنا يظهر انه لا فرق بين العلم و الجهل الا بالنسبة الي الحكم الظاهري نعم فيما يكون علي خلاف القاعدة الاولية ككون التلف في زمن الخيار ممن لا خيار له لا بدّ من ملاحظة دليله أولا من حيث الاعتبار و عدمه ثم ملاحظة مقدار دلالته.

و علي الجملة القاعدة الاولية تقتضي ترتب الآثار علي الوجود الواقعي للخيار

الا ان يقوم دليل في مورد خاص علي الخلاف و لا فرق من هذه الجهة بين خيار الغبن و بقية الخيارات.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 413

«قوله قدس سره:

مسألة يسقط هذا الخيار بأمور
أحدها إسقاطه بعد العقد»

الخ بلا اشكال اذ من الظاهر ان الخيار المذكور خيار حقي قابل للاسقاط فاسقاط المغبون الخيار صادر من أهله واقع في محله و لا فرق بين العلم بالمرتبة و عدمه لعدم المقتضي للتفريق.

«قوله قدس سره: و من ان الخيار امر واحد مسبب عن مطلق التفاوت».

و هذا هو الحق فان المفروض انه اسقط الحق فلا وجه لعدم سقوطه و ان شئت قلت هذا من باب تخلف الداعي و لا يؤثر في شي ء نعم لو علق اسقاطه علي صورة خاصة و لم تكن تلك الصورة في الواقع لم يؤثر اذ من المعلوم ان المطلق و المشروط دائران مدار المعلق عليه و الشرط.

بل الامر في القذف و الشتم كذلك فان ذا الحق تارة يسقط الحق الموصوف و المعنون بعنوان كذائي و اخري يسقط الحق الموجود و يتصور كونه الحق الكذائي و اشتبه في التطبيق أما علي الاول فلا يسقط لان ما قصد لم يقع و ما وقع لم يقصد و اما علي الثاني فالظاهر ان الاسقاط تام و يؤثر اثره و هو السقوط.

«قوله قدس سره: و هذا هو الاقوي»

كيف يكون اقوي و الحال انه اذا فرض انصراف الاطلاق الي خصوص مرتبة فالحق هو الوجه الأول اذ مع الانصراف لا يبقي مجال للصحة لا مطلقا و لا مع الخيار و لعله بامره بالتأمل يشير الي ما ذكرنا و اللّه العالم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 414

«قوله قدس سره: و لا يقدح عدم تحقق شرطه»

الخ قد تقدم

منا ان الخيار يتحقق من اوّل الامر و لا يتوقف علي شي ء فلا وجه للاشكال لكن لو قلنا بان الخيار يتحقق بعد ظهور الغبن فيشكل جواز الاسقاط قبله و ذلك لانه يدخل في كبري اسقاط ما لم يجب و لا دليل علي جوازه و مع الشك يحكم بعدم الجواز و ذلك لا للاشكال الثبوتي بل للاشكال الاثباتي و هو عدم الدليل علي الجواز فلاحظ.

«قوله قدس سره: كابراه المالك الودعي»

الخ هذا يتصور بنحوين. النحو الاول: ان يكون وديعة غير مضمونة أي عارية غير مضمونة. النحو الثاني: ان يكون مضمونا و لكن يبرئه عن الضمان الذي سيوجد بعد ذلك.

أما النحو الاول فلا ضمان فيه و بعبارة اخري يكون دفعا للضمان فلا ضمان كي يبرأ و لا مجال للاشكال فيه. و أما النحو الثاني فيدخل في كبري اسقاط ما لم يجب و فيه الاشكال الذي تقدم و هو عدم الدليل علي الجواز.

«قوله قدس سره: و كبراءة البائع من العيوب».

الكلام فيه هو الكلام أي قد يكون مرجعه الي عدم الالتزام فيكون دفعا للالتزام و اخري يكون رفعا و اسقاطا لما التزم به المشروط عليه اما علي الاول فلا اشكال لكن لا يرتبط بالمقام و اما علي الثاني فلا دليل عليه و يكفي للاشكال و عدم الجواز عدم دليل عليه فلاحظ.

«قوله قدس سره:

الثاني من المسقطات اشتراط سقوط الخيار في متن العقد»

علي ما ذكرنا خيار الغبن مسبب من الشرط الارتكازي و عليه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 415

التعبير بالاسقاط مسامحة فان الاسقاط فرع الثبوت و الحال ان مرجع الاسقاط في المقام الي عدم الاشتراط و عليه يكون محل الاشكال علي مسلك القوم حيث يرون الغرر مفسدا للبيع.

و لكن قد تقدم منا ان الغرر معناه الخديعة و

ليس المراد منه الخطر فلا يرتبط بما نحن بصدده و هو البيع مع الجهل بالقيمة و عدم الاشتراط مضافا الي ان مدرك البطلان ضعيف.

بالإضافة الي ان الدليل اخص من المدعي اذ ربما يكون المعاملة بحيث لا يكون خطرا للجاهل و يري العقد بصلاحه فلا وجه للبطلان من ناحية الجهل بالقيمة و مما ذكرنا ظهر الاشكال فيما افاد الماتن بالنسبة الي خيار الرؤية فان الكلام فيه هو الكلام بلا فرق.

«قوله قدس سره: بان الغرر في الغبن سهل الازالة»

لم يعلم المراد من الجملة فان سهولة الازالة لا تقتضي ان لا تكون مؤثرة و بعبارة واضحة اذا فرض تحقق الغبن و فرض كونه موجبا للفساد فلا مجال للمنع عن فساده بكونه سهل الازالة فلاحظ.

«قوله قدس سره: لكن الاقوي الصحة»

الخ اذا كان الغرر موجبا للبطلان كما ان بنائهم عليه فكيف يكون الاقوي الصحة بل الاقوي الفساد نعم علي ما ذكرنا لا وجه للفساد اذ قلنا مرارا ان الغرر معناه الخدعة مضافا الي ان المدرك للبطلان ضعيف.

بالإضافة الي انه ربما لا يكون خطر للمغبون و اما ما افاده من ان الخيار لا يرفع الغرر فيرد عليه انه تقدم منا ان الخيار علي نحوين و قسمين:

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 416

القسم الأول الخيار الشرعي و القسم الثاني الخيار الجعلي بجعل المتعاقدين أما القسم الأول فلا يمكن أن يكون مصححا للعقد اذ تعلق الخيار يتوقف علي صحة العقد و الحال ان صحة العقد تتوقف علي الخيار فيدور و اما الخيار الجعلي فهو يوجب رفع الغرر.

و بعبارة اخري الخيار يوجب تعنون العقد بعدم كونه غرريا و بعد فرض عدم كونه غرريا يشمله دليل الامضاء من قوله «احل اللّه البيع» و

قوله «تجارة عن تراض».

«قوله قدس سره: كبيع المجهول»

ما المراد من المجهول فانه تارة يكون المبيع مجهول الوجود و اخري يكون مجهول الصفة اما لو كان مجهول الوجود فلا معني لبيعه الاعلي نحو التعليق فلا تصل النوبة الي الخيار اذ لو بيع معلقا علي وجوده يصح البيع علي تقدير تحقق الشرط و يبطل علي تقدير عدمه.

و أما مجهول الصفة فان دل الدليل علي اشتراط العلم بتلك الصفة الخاصة فلا بد من رعا العلم بها في صحة البيع و الا فيمكن تصحيح البيع باشتراط كونه واجدا و الا يكون الخيار للشارط و بهذا النحو يمكن تصحيح البيع في جميع الموارد هذا علي تقدير البناء علي كون الغرر مبطلا للعقد و اما علي تقدير عدم تمامية الدليل علي بطلان الغرر كما هو كذلك فلا مانع عن الالتزام بالصحة بلا اشتراط الخيار.

«قوله قدس سره: لا الي عدم التزام ما اشترطاه من الاوصاف»

الذي يختلج بالبال ان يقال ان الالتزام يتعلق بالامر الاختياري للمكلف كالالتزام بالخياطة أو الكناسة و امثالهما من الافعال الاختيارية و أما الالتزام بامر خارج عن الاختيار كنزول المطر من

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 417

السماء مثلا فلا مجال له و عليه كيف يمكن الالتزام بكون العبد كاتبا أو الامة مليحة و هكذا فمرجع اشتراط الصفة الي جعل الخيار عند التخلف.

و صفوة القول ان الامر الذي يفيد للمشتري عند الشك في الصفة ان يكون له خيار تخلف الوصف و الا فيكون البيع خطريا مضافا الي انا سلمنا صحة الالتزام بكون المبيع ذا وصف كذائي لكن اي اثر يترتب علي هذا الالتزام عند التخلف غير الخيار.

«قوله قدس سره: و لا تنافي بين ان يقدم علي اشتراء العين

بانيا علي وجود تلك الاوصاف و بين الالتزام بعدم الفسخ»

الخ تارة يكون الخيار مجعولا غاية الامر قد اشترط علي ذي الخيار ان لا يفسخ و اخري لا يكون له الخيار اما مع عدم جعل الخيار فلا معني لاشتراط عدم الفسخ اذ ليس له خيار كي يفسخ او لا يفسخ.

و أما مع جعل الخيار فالظاهر عدم صحة اشتراط عدم الفسخ اذ يلزم الخلف فان صحة الشرط المذكور يتوقف علي صحة العقد و الحال ان صحة العقد تتوقف علي جواز الفسخ و لعله يشير بامره بالتأمل الي ما ذكرنا.

الا ان يقال ان جواز الشرط يتوقف علي صحة العقد و صحة العقد تتوقف علي جواز الفسخ وضعيا لا تكليفيا و لكن كيف يمكن الالتزام بالصحة بهذا النحو فان مرجعه الي الخلف اذ ارتفاع الخطر بالقدرة علي الفسخ و الحال انه ملزم بعدم الفسخ فلاحظ.

مضافا الي أن صحة الشرط لا تتوقف علي صحة العقد و لذا نري ان الشرط في ضمن العقد الفاسد صحيح لاطلاق قوله عليه السلام

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 418

المؤمنون أو المسلمون عند شروطهم لكن صحة الشرط بلا صحة العقد امر غير معقول اذ مع عدم صحة العقد لا موضوع للفسخ و عدمه.

«قوله قدس سره: و كيف كان فلا اري اشكالا في اشتراط سقوط خيار الغبن»

الخ كيف لا يري الاشكال و الحال ان قوام عدم الغرر و عدم الخطر بوجود الخيار و مع عدمه يكون العقد غرريا و الغرر يبطل العقد كما هو المفروض عندهم.

و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان الفسخ لو لم يكن جائزا تكليفا يصدق ان العقد غرري فيكون باطلا و مع بطلان العقد لا يبقي مجال للفسخ فالشرط

باطل.

و لما انجر الكلام الي هنا ننبه بنكتة دقيقة مهمة و هي ان الشرط لو كان جائزا شرعا يكون نافذا و لو مع كون العقد فاسدا كما لو باع زيد من عمرو مقدارا من الخمر و اشترط عليه ان يزور الحسين عليه السلام في يوم الجمعة فان العقد باطل كما هو ظاهر و لكن الشرط صحيح و واجب الوفاء و لا تنافي بين الامرين فان مفهوم الشرط اذا صدق كما هو المفروض يكون نافذا و لا تلازم بين الامرين بل نقول الشرط الابتدائي جائز و نافذ كما لو قال ان كانت هذه الليلة ليلة الجمعة فانا ازور الحسين عليه السلام اذ يصدق علي الالتزام المذكور عنوان الشرط و من ناحية اخري الشرط نافذ فشرطه زيارة الحسين صحيح و نافذ واجب الوفاء بمقتضي دليل وجوب العمل بالشرط فلاحظ و اغتنم لكن اطلاق الشرط الابتدائي علي الشرط مسامحي فان مفهوم الشرط لا يتحقق الا بالارتباط.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 419

«قوله قدس سره:

الثالث تصرف المغبون»

الخ الماتن جعل المسقط الثالث لخيار الغبن تصرف المغبون في العين بعد علمه بالغبن و المسقط الرابع تصرفه فيها قبل العلم به و الذي تقتضيه القاعدة ان التصرف تارة يراد به اسقاط الخيار و يكون بحسب الفهم العرفي ان المتصرف اسقط خياره بالتصرف و ابرزه به.

و اخري لا يقصد به الاسقاط أما علي الاول فلا اشكال فيه اذ المفروض ان خيار الغبن حقي و قابل للاسقاط و لا فرق في اسقاطه بين ابرازه بالقول و الفعل و اما اذا لم يقصد به الاسقاط فلا وجه لسقوط الخيار بالتصرف لا من باب استصحاب الخيار كي يقال الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي يعارضه استصحاب

عدم الجعل الزائد بل لان الخيار بلحاظ الشرط الضمني و مقتضاه البقاء الي ان يسقطه ذو الخيار فما دام لم يسقطه يكون باقيا بلا فرق بين ان يكون قبل العلم بالغبن و بعده و ما ورد في خيار الحيوان من السقوط بالتصرف حكم خاص في مورده المخصوص و لا وجه للتعدي و تقدم منا انه لا مقتضي للتعدي عن مورده.

«قوله قدس سره: و يدل عليه ما دل علي سقوط خياري المجلس و الشرط»

ليس عليه دليل معتبر و الكلام فيهما هو الكلام في المقام بلا فرق.

«قوله قدس سره: و هو اطلاق بعض معاقد الاجماع»

قد ذكرنا مرارا انه لا اعتبار بالاجماع.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 420

«قوله قدس سره: فتأمل»

لعله يشير بالامر بالتأمل الي ان الاجماع قائم علي الخيار بهذا المقدار اي لا اجماع بعد التصرف و لا مجال للاستصحاب فان المحكم عموم دليل اللزوم.

«قوله قدس سره: الرجوع الي اصالة بقاء الخيار»

الظاهر انه ان كان مراده من الاصل القاعدة فالامر كما افاده فان القاعدة تقتضي بقائه كما سبق منا و اما ان كان مراده استصحاب الخيار فيرد عليه ان الاستصحاب في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد.

«قوله قدس سره:

الرابع من المسقطات تصرف المشتري المغبون قبل العلم بالغبن تصرفا مخرجا عن الملك علي وجه اللزوم كالبيع و العتق»
اشارة

الخ ما يمكن ان يذكر في تقريب المدعي المذكور وجوه.

الوجه الأول: الإجماع

و فيه من الاشكال الايراد الساري في جميع الاجماعات المنقولة.

الوجه الثاني: ان المدرك لخيار الغبن قاعدة لا ضرر و المفروض ان المغبون بنفسه اخرج العين عن ملكه و اقدم علي الضرر.

و فيه أولا ان التصرف قبل العلم بالغبن لا يكون اقداما علي الضرر.

و ثانيا ان اخراج العين ليس اقداما علي الضرر و لا تنافي بين الاخراج و الاخذ بالخيار.

و ثالثا ان دليل خيار الغبن عندنا الاشتراط الضمني لا دليل نفي الضرر و من الظاهر ان اخراج العين لا يوجب انتفاء الخيار اذ

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 421

الخيار يتعلق بالعقد لا بالعين فلاحظ.

الوجه الثالث ان الغابن يتضرر باخذ البدل فلا يجوز الفسخ

و يرد عليه أولا ان الغابن لا يتضرر اذ بعد عدم امكان رد العين ان كانت العين مثلية يأخذ مثلها و ان كانت قيمية يأخذ قيمتها فلا ضرر عليه.

و ثانيا ان الدليل المذكور علي فرض تماميته اخص من المدعي اذ ربما يمكن رد نفس العين بانتقالها بالارث أو بالهبة أو بالاشتراء أو بغيرها.

و ثالثا ان ضرره يعارض بضرر المشتري و بعد التعارض تصل النوبة الي الاخذ بالشرط الارتكازي المقتضي للخيار.

و رابعا انا ذكرنا في محله ان مفاد القاعدة النهي لا النفي.

الوجه الرابع: انه لا يمكن التراد فلا خيار

و فيه أولا انه اخص من المدعي اذ ربما يمكن و ثانيا ان موضوع الخيار العقد لا العين فالنتيجة انه لا دليل علي كون التصرف المعدم للعين حقيقة أو حكما موجبا لسقوط الخيار نعم اذا كان دالا علي الاسقاط فلا اشكال في السقوط بلا فرق بين كون التصرف قبل العلم بالغبن أو بعده.

و قال سيدنا الاستاد في منهاجه في بحث خيار الغبن نعم اذا لم يدل علي ذلك كما هو الغالب في التصرف حال الجهل بالغبن فلا يسقط الخيار به.

ثم ان الشيخ قدس سره تعرض لفروع متفرعة علي سقوط الخيار بالتصرف و علي ما ذكرنا من عدم السقوط بالتصرف لا مجال لعنوان الفروع المذكورة في كلامه و لكن مع ذلك نتعرض لتلك الفروع المشار إليها تبعا للشيخ قدس سره.

[فروع]
الفرع الأول: انه لا فرق في الحكم المذكور بين المشتري و بين البائع

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 422

فكما ان تصرف المشتري يوجب السقوط كذلك يسقط بتصرف البائع المغبون في الثمن و ان لم نقل بالسقوط كما لم نقل به لا يسقط خيار البائع المغبون.

و يمكن ان يقال لا بدّ من التفصيل بان نقول لو كان المدرك للسقوط الاجماع يختص الحكم بالمشتري لعدم تحقق الاجماع بالنسبة الي البائع و أما ان كان المدرك للسقوط عدم امكان التراد فالميزان للسقوط و عدمه امكانه و عدم امكانه.

الفرع الثاني: انه لا فرق في الحكم المذكور بين كون التصرف موجبا لتلف العين تكوينا و بين النقل اللازم أو الجائز

و بين كون التصرف موجبا لعدم جواز نقل العين عن ملك المالك الي ملك الغير كالاستيلاد.

و يمكن ان يفصل في الحكم المذكور بان نقول ان كان المدرك للحكم الاجماع فلا بد من الاقتصار علي القدر المتيقن منه و ان كان المدرك عدم امكان التراد فلا بد من التفصيل بين الموارد من هذه الجهة.

الفرع الثالث: انه لو فرض انتقال العين الي المشتري بسبب من الاسباب أو ارتفع المانع عن النقل كما لو مات ولد أمّ الولد فهل يجوز الفسخ أم لا؟

ففي جواز الفسخ لامكان الرد و عدم جوازه لاستقرار البيع وجهان فعلي الاول يجوز الفسخ و علي الثاني لا يجوز و ربما يقال ان القول بالجواز و عدمه يدور ان مدار القول بان الزائل العائد كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد فعلي الاول يجوز و علي الثاني لا يجوز.

و قال الايرواني قدس سره ان البناء المذكور في غاية السخافة و لم يذكر وجه السخافة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 423

و الذي يختلج بالبال ان يقال ان المانع عن الفسخ ان كان عدم امكان التراد يكون الفسخ جائزا اذ المفروض جواز الرد و أما البناء المذكور كما في عبارة الايرواني فسخيف و ذلك لانه لم يرد هذه القاعدة في آية أو رواية فلا بد من السلوك علي طبق القاعدة و هو ما ذكرنا.

هذا علي تقدير السقوط بالتصرف و اما علي مسلكنا و هو المسلك الحق فلا وجه للبيان المذكور.

الفرع الرابع انه هل تلحق الاجازة بالبيع في تأثيرها في سقوط الخيار أم لا

يظهر من كلام الشيخ قدس سره كونه ذا وجهين فمن ناحية ان البيع يمنع عن الرد و الاجازة كذلك فيسقط الخيار و من ناحية اخري ان موضوع الاسقاط التصرف المخرج و الاجازة لا تكون تصرفا مخرجا بل امضاء للتصرف الفضولي.

و الحق ان يقال تارة نقول لا بدّ من الاقتصار علي المتيقن من مورد الاجماع فلا بد من الالتزام بعدم السقوط لعدم الدليل علي السقوط و اخري نقول الملاك للسقوط عدم امكان التراد فلا وجه للتفصيل بين البيع و الاجازة مضافا الي ان الاجازة علي جميع المسالك نقل من المجيز فتكون من مصاديق النقل نعم علي القول بالكشف الحقيقي لا تكون الاجازة ناقلة بل كاشفة لكن القول بالكشف الحقيقي باطل من أصله و لا دليل

عليه.

بالإضافة الي ان النقل تحقق بفعل الفضولي فعلي ذلك المسلك فالموضوع للسقوط تحقق من ذلك الزمان.

الفرع الخامس: ان المغبون لو آجر مورد المعاملة و بعد انقضاء الاجارة علم بالغبن يمكنه الفسخ و لا يسقط خياره

اذ يمكنه الرد و يلحق به في الحكم ما لو يعلم بالغبن حتي انفسخ البيع الثاني فانه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 424

يمكن الرد فلا مانع منه و لا يخفي انه يختلف الحكم باختلاف المدرك كما لا يخفي علي الخبير.

الفرع السادس: انه لو امتزج المبيع بغيره فهل يوجب سقوط الخيار أم لا؟

فنقول تارة يوجب الامتزاج عدم الميز و اخري لا يوجبه و ثالثة يوجب انعدام احد الامرين كما لو امتزج مقدار من ماء الورد في الدبس و استهلك فيه.

أما علي الاول و الثالث فيسقط الخيار اذ المفروض عدم امكان الرد اما لحصول الاشتراك و اما لانعدام العين و أما علي الثاني فلا وجه للسقوط لامكان الرد.

الفرع السابع: انه لو تغيرت العين بالنقيصة يسقط الخيار

لعدم امكان الرد و اما لو تغيرت بالزيادة فاما تكون الزيادة عينية و إما تكون حكمية و إما تكون عينية و حكمية أما علي الاول و الاخير فيسقط الخيار لعدم امكان الرد و اما علي الوسط فلا يسقط لامكان الرد الا ان يقال انها توجب الشركة في المالية فلا يمكن الرد و لعل امره بالتأمل اشارة الي هذه الجهة.

و هذا التفصيل أي التفصيل بين النقيصة و الزيادة انما يتم علي مسلكنا حيث نري ان بيع العين الواحدة بيع واحد و أما علي المسلك الاخر و هو انحلال البيع و ان كل جزء من المبيع له بيع فلا بد من الالتزام ببقاء الخيار في صورة النقصان لبقاء الموضوع و امكان تراده فبقاء الخيار علي القاعدة.

و لما انجر الكلام الي هنا نشير الي نكتة و هي ان الزيادة الحكمية كخياطة الثوب و صبغ القميص هل توجب الشركة في المالية أم لا؟

و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة انه لو لا الدليل الخارجي الدال

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 425

علي الشركة في المالية لا يكون الالتزام بالشركة فيها وجيها اذ القاعدة الاولية لا تقتضي الشركة و في مقام الاستبعاد و كونها علي خلاف المرتكز العقلائي ذكرنا انه لو اكل عبد زيد طعام بكر غصبا و عدوانا و صار قويا و سمينا

فهل يمكن ان يقال ان بكرا يصير شريكا مع زيد في مالية العبد لتحقق الشركة بالتقوي و السمن و لعله يضحك الثكلي فالحق في مثل هذه الموارد تحقق الضمان بالاتلاف.

و صفوة القول ان الشركة في المالية تحتاج الي الدليل كما لعله قام في باب الزكاة في بعض اقسامها فلاحظ.

الفرع الثامن انه لو تصرف الغابن في العين التي انتقلت إليه فلا وجه لسقوط خيار المغبون بتصرفه

اذ المسقط تصرف ذي الخيار فخيار المغبون باق بحاله و عليه لو فسخ العقد و وجد العين خارجة عن ملك الغابن بالعقد اللازم فربما يقال بان المغبون يمكنه فسخ العقد الصادر من الغابن و ابطاله من أصله لان العين متعلقة لحق المغبون كحق الارتهان فله ابطاله.

و ربما يقال له ابطاله من الحين اذ الحق يثبت من حين ظهور الغبن فلا وجه للابطال من الاصل و ربما يقال لا هذا و لا ذاك بل يفسخ العقد و حيث لا يمكنه اخذ العين لتلفها الحكمي تصل النوبة الي البدل.

و هذا هو الاقوي و الوجه فيه ان الخيار متعلق بالعقد و العين كانت مملوكة لمالكها و لم يكن فيها حق لاحد فما صدر عنه صدر عن أهله و وقع في محله و لا مقتضي لابطال ما صدر عنه و لكن حيث ان الخيار باق فللمغبون فسخ العقد الواقع بينه بين الغابن و الغابن يرجع البدل الي المغبون هذا فيما يكون العقد الصادر عن الغابن لازما.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 426

و أما ان كان جائزا فربما يقال بوجوب فسخ الغابن و رد العين الي المغبون و مع امتناعه يتصدي الحاكم و مع عدم امكانه يتصدي المغبون بنفسه.

و فيه انه بعد الفسخ يملك البدل و مع دخول البدل في ملكه بالفسخ لا مقتضي و لا موجب لفسخ العقد

الصادر عن الغابن.

و ان شئت قلت ان المغبون بالفسخ اما يملك نفس العين و اما يملك بدلها اما علي الاول فلا موضوع للفسخ ثانيا فانه تحصيل للحاصل و اما علي الثاني فلا موجب للتبديل.

ان قلت: لا منافاة بين الامرين فان تملكه للبدل من باب بدل الحيلولة قلت بدل الحيلولة انما يتصور فيما تكون العين باقية في ملكه و المفروض ان العين قد خرجت عن ملكه بالعقد الاول و دخلت في ملك الغابن ثم خرجت بالعقد الثاني عن ملك الغابن و دخلت في ملك الطرف المقابل مضافا الي ان الالتزام ببدل الحيلولة لا اساس له.

ثم انه لو قلنا بعدم وجوب الفسخ لو انتقلت العين الي الغابن فهل يملك المغبون بالفسخ نفس العين أم لا؟ أفاد الشيخ قدس سره بانه تارة يكون نقلها الي الغابن بالفسخ و اخري يكون بعقد جديد و علي الاول اما يكون فسخه قبل فسخ المغبون أو بعده فان كان الانتقال بناقل جديد فلا مقتضي لتملكها اذ المفروض ان المغبون كان مالكا للعين بالسبب السابق و الغابن ملكه بسبب جديد فلا وجه لخروجها عن ملكه.

و ان انتقلت إليه بالفسخ بعد فسخ المغبون فأيضا لا وجه لانتقالها إليه بعد صيرورة البدل مملوكا له و اما اذا كان فسخه قبل فسخ المغبون يصبر المغبون مالكا لها بالفسخ و الحق ان يقال انه يجب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 427

عليه رد العين علي جميع الصور فان القاعدة تقتضي ضمان نفس العين و علي تقدير تعذره تصل النوبة الي المثل ثم الي القيمة و لذا ذكرنا في باب الضمان ان الميزان قيمة يوم الدفع لثبوت العين في الذمة نعم في باب الغصب التزمنا بضمان قيمة

يوم الغصب بلحاظ صحيح أبي ولاد الدال علي المدعي حيث قال عليه السلام قيمة بغل يوم خالفته.

الفرع التاسع: انه لو تصرف الغابن في العين تصرفا مغيرا لها
اشارة

فاما يكون بالنقيصة و اما بالزيادة و اما بالامتزاج فهنا صور.

الصورة الأولي: ما لو كان التغير بالنقيصة و كان النقصان موجبا للارش

فاذا فسخ المغبون يأخذ العين مع ارش العيب اذ الفسخ يوجب انحلال العقد و رجوع العين الي مالكها الاول و قد فرض انها معيوبة بعيب موجب للارش و أيضا انها مضمونة و لم تؤخذ مجانا فلا بد من ردها مع الارش بعد اخذ عوضها المسمي بعد الفسخ كما هو المفروض.

الصورة الثانية: ما لو تغيرت العين بالنقيصة بأن تلف جزء منها و في هذه الصورة يلزم تداركه بالعوض

كما هو المقرر في باب الضمان فلو اشتري منا من الحنطة و نقصت الحنطة بمقدار نصف المن ثم فسخ المشتري العقد بخيار الغبن يجب عليه رد عوض النصف التالف.

الصورة الثالثة: ما لم يوجب التغير شيئا

فانه يرد العين بلا ضميمة و هل يلحق بهذه الصورة لو استأجر الغابن العين مدة و المغبون بعد الفسخ وجدها مسلوبة المنفعة مدة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 428

ربما يقال كما في عبارة الشيخ انه لا شي ء علي الغابن و لكن لا يمكن الالتزام به فان المفروض ان العقد انفسخ باعمال الخيار و لازمه رجوع العين بجميع خصوصياتها الي المغبون و حيث انه لا يمكن فعلي الغابن رد ما به التفاوت بين كون العين مستأجرة في المدة المفروضة و عدمها و لا مناص عنه و الا يلزم ان يكون المغبون خاسرا أو لم يأخذ شيئا و لو مع فرض كون مدة الاجارة خمسين سنة و هل يمكن الالتزام به؟ كلا ثم كلا.

الصورة الرابعة: ما لو كان التصرف موجبا للزيادة الحكمية و لكن بحيث لا تكون تلك الزيادة موجبة لتفاوت القيمة

و في هذه الصورة ليس للغابن في مقابل تلك الزيادة شي ء لعدم المقتضي.

الصورة الخامسة: ما لو زيدت زيادة حكمية و زادت قيمة العين بتلك الزيادة لكن كانت الزيادة بفعل غير الغابن

كما لو كانت العصي عوجاء فاعتدلت بواسطة الهواء فأيضا لا يجب علي المغبون شي ء لعدم المقتضي.

الصورة السادسة: ما لو زيدت زيادة حكمية موجبة لازدياد القيمة و كانت الزيادة بفعل الغابن

و في هذا الفرض تارة يكون التغير موجبا لانعدام الصورة النوعية الاولية و حصول الصورة النوعية الثانوية كما لو صار البيض دجاجا و اخري يكون موجبا لتغير صفة من صفاته اما علي الاول فتصل النوبة الي اخذ القيمة فان المبيع انعدم اذ المفروض ان العقد وقع علي البيض و الآن صار دجاجا فما وقع عليه العقد صار معدوما و الموجود الآن غيره.

و أما علي الثاني فربما يقال بحصول الشركة في المالية و لا مدرك

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 429

لها و الذي يمكن ان يقال في توجيهها امران. احدهما انها بفعل الغابن و عمله محترم.

ثانيهما ان الزيادة مملوكة له فتوجب الشركة و كلا الوجهين مخدوشان اما الاول فلانه عمل في مملوكه و عمله في مملوكة بإرادته لا احترام له و اما الثاني فلان المملوك هي العين و المالية صفة للعين و لا تكون مملوكة فالحق انه لا وجه للشركة في المالية و قد افتي سيدنا الاستاد في منهاجه في بحث خيار الغبن بعدم الشركة في المالية.

ان قلت ان الغابن يتضرر و الضرر منفي في الشريعة قلت يرد عليه أولا ان دليل لا ضرر دليل علي الحكم التكليفي فلا يرتبط باثبات الخيار و نفيه.

و ثانيا انه لو منع عن الخيار يتضرر المشتري و بعد التعارض و التساقط تصل النوبة الي الاخذ بدليل الخيار.

الصورة السابعة: ان تكون الزيادة عينا محضا كالغرس

فالاقوال فيها مختلفة القول الاول: ان المغبون مسلط علي القلع بلا ارش بتقريب ان الارض مملوكة للمغبون و لا حق للغابن الغارس فيها فللمغبون قلعه و لا مقتضي لان يدفع الارش بل يمكن ان يقال انه لو احتاجت الارض بعد القلع الي الترميم يجب علي الغابن ترميمها.

القول الثاني انه لا حق

له في قلع الغرس مطلقا اي لا مع الارش و لا بدونه كما ان الامر كذلك لو رجع البائع في الارض المغروسة بعد صيرورة المشتري مفلسا بتقريب ان مال المشتري مال مغاير مع المقلوع عرفا و ليس كالمتاع الموضوع في بيت بحيث يكون تفاوت القيمة باعتبار المكان.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 430

مضافا الي مفهوم قوله صلي اللّه عليه و آله ليس لعرق ظالم حق اذ المفروض ان الغرس عن حق.

القول الثالث ان للمغبون قلع الغرس مع الارش بتقريب انه ليس للغارس اشغال مملوك الغير و المفروض ان الارض مملوكة للمغبون بعد الفسخ و لكن الغارس يكون له المغروس المنصوب اي بهذه الصفة فله الارش فليس للغابن ابقاء الغرس في الارض لان الارض مملوكة للغير كما انه ليس للمغبون قلع الغرس بلا دفع الارش فان المفروض انه مالك للغرس المنصوب.

ان قلت اي فرق بين المقام و بين ما لو باع ارضا و المشتري غرس فيها ثم صار مفلسا و البائع فسخ العقد بخيار التفليس و لا يجوز له قلع الغرس لا مع الارش و لا بلا ارش ذهب إليه الاكثر.

قلت: الفارق بين المقامين انه في مورد خيار الغبن يكون العقد متزلزلا من اوّل الامر فحق الخيار يقدم علي حق الغرس و اما في خيار التحجير فقد حدث بعد الحجر فالغرس وقع قبل ثبوت التزلزل فيكون مثل ما يشتري الارض المغروسة فانه لا اشكال في عدم جواز قلع الغرس.

اذا عرفت ما تقدم نقول الحق هو القول الاول اذ المفروض ان الارض مملوكة لمالكها فكما ان احداث الغرس في الارض المملوكة يتوقف علي اجازة مالك الارض كذلك ابقائها يحتاج إليها و لا فرق بين المقام

و بين مورد خيار التحجير فان اثبات الحق للابقاء حتي مع الارش يحتاج الي الدليل بل الدليل قائم علي عدم حق الابقاء و أيضا قائم علي عدم وجوب الارش و هو الاستصحاب فان مقتضاه عدم تحقق الضمان كما ان مقتضي اصالة الاباحة عدم حرمة الافراغ

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 431

و التفريق بين خيار التحجير و خيار الغبن لا وجه له فان المناط و المعيار تزاحم الحقين في زمان واحد و اما تقدم سبب احدهما علي السبب الاخر زمانا فلا اعتبار به فلاحظ.

الفرع العاشر: انه لو قلنا بجواز القلع مع الارش أو مطلقا فهل للمغبون وجوب الرجوع الي المالك او لا

و مع امتناعه الي الحاكم ثانيا و مع تعذره يتصدي بنفسه أم يجوز التصدي بنفسه من اوّل الامر؟ الظاهر انه ليس له التصدي ابتداءً اذ المفروض ان الغرس لمالكه و اختياره بيده و لا يجوز التصرف في ماله الا باذنه فيلزم مراجعته ثم التصدي بنفسه فاذا تصدي بلا مراجعته و تلف يضمن القالع لان يده يد عدوان و لا فرق بين المقام و بين دخول اغصان شجر الجار الي دار جاره فانه يجب علي المالك الاخراج و التفريق بين الموردين بان دخول الاغصان بدون اختيار المالك غير فارق بين الموردين لان حدوثه و ان لم يكن باختياره و لكن بقائه في ملك الغير باختياره.

الفرع الحادي عشر: انه لو اختار الغابن الابقاء فلا بد من المراضاة مع المالك

و التوافق علي الاجرة المسماة اذ المفروض ان الارض مملوكة للمغبون و هو مسلط علي ملكه فلا بد من الموافقة معه و لا مجال لان يقال كما في عبارة الشيخ ان حق المغبون مقدم علي الغرس فانه لا يرجع الي محصل بل الميزان ما ذكرنا من كونها مملوكة له و لا يجوز التصرف في ملك احد لا حدوثا و لا بقاء.

و بعبارة واضحة لا مجال لان يستدل علي المدعي بالتقريب المذكور في عبارة الشيخ فان خيار المغبون متعلق بالعقد و لا اثر لتقدمه زمانا و تأخره و العمدة ان الارض بعد الانفساخ ترجع الي

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 432

المغبون و اختيارها بيده هذا في الغرس.

و أما في الزرع فربما يقال بان له الابقاء مع الاجرة و ليس لصاحب الارض منعه بتقريب ان مدة اشغال الزرع للارض قصيرة فلا يتضرر لا الغابن و لا المغبون بخلاف الغرس فلا بد من التفريق بين الغرس و الزرع.

و يرد عليه انه لا

فرق بين الموردين و الدليل ليس قاعدة نفي الضرر حتي يقرب الاستدلال بالنحو المذكور مضافا الي ان الضرر مرتفع في المدة الطويلة بتأدية الاجرة الزائدة فلا وجه للتفريق و لعله قدس سره اشار الي ما ذكرناه بقوله فتأمل.

الفرع الثاني عشر: انه لو طلب الغابن قلع غرسه فهل للمغبون منعه

الظاهر انه ليس له حق المنع اذ كما يكون المالك مسلطا علي طلب قلع الغرس و افراغ الارض من المغروس كذلك لمالك الغرس قلع مملوكه و عدم ابقائه في تلك الارض نعم عليه طم الارض.

الفرع الثالث عشر: ان التغير لو كان بالامتزاج فيتصور فيه اقسام
القسم الأول: ان ينعدم احدهما في الآخر

كما لو امتزج مقدار من ماء الورد مع الماء أو مع النفط فلو انفسخ العقد لا بدّ من دفع العوض من المثل أو القيمة اذ المفروض صيرورة العين تالفة بالامتزاج.

القسم الثاني ان لا ينعدم بالامتزاج و كان امتزاجه بغير الجنس و صار المجموع طبيعة ثالثة

كما لو امتزج الانجبين مع الخل و صار حقيقة اخري فأيضا تصل النوبة الي البدل من المثل أو القيمة فان العين تغيرت و الصورة الاولية صارت معدومة و المادة تصورت

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 433

بصورة اخري و بعبارة اخري المبيع الخل أو الانجبين و لا وجود له في الخارج بل هو منعدم و الموجود صورة اخري.

القسم الثالث أن يمتزج بالجنس كالسمن مع السمن

و الحق ان يقال لا وجه للشركة اذ المفروض ان العين امتزجت بغيرها و غير قابلة لرجوعها الي مالكها الاول و تحقق الشركة بلا وجه اذ الشركة تتوقف علي امتزاج مملوكين و الحال ان الملكية تتوقف علي الشركة و هذا دور فالنتيجة وصول النوبة الي دفع البدل من المثل أو القيمة بلا فرق بين كون الامتزاج بالأردإ أو بالافضل أو بالمساوي اذ لا مقتضي للتفريق بين الاقسام هذا كله علي فرض الالتزام بعدم تحقق الشركة بالامتزاج.

و أما ان قلنا بتحقق الشركة بالامتزاج فان كان الامتزاج بالمساوي فالامر ظاهر و لا اشكال فيه و ان كان بالاردي فأفاد الشيخ قدس سره ان فيه وجوها من استحقاق الارش للنقص الحاصل فيه و تفاوت الرداءة من الجنس أو من ثمنه.

و الذي يختلج بالبال هو الوجه الأول اذ بالامتزاج يحصل النقص في القيمة فتصل النوبة الي الارش اي ارش العيب.

و بعبارة اخري لا مقتضي للوجه الثالث و الثاني و ببيان واضح ان الامتزاج بالأردإ اما يوجب النقص في القيمة و اما لا يوجب أما علي التقدير الثاني فلا وجه للتفريق بل مقتضي القاعدة التساوي بين المالكين في الملكية المشاعة و أما علي التقدير الاول فيلزم الارش و اما ان كان الامتزاج بالاعلي فتردد الشيخ قدس سره بين ان تكون الشركة

في الثمن بان يباع و يعطي من الثمن بالنسبة و بين الشركة في العين بنسبة الثمن.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 434

و الحق هو الاحتمال الثاني فانه مقتضي القاعدة الاولية بحسب الارتكاز العقلائي و أما الاحتمال الاول فلا وجه له ظاهرا و لا مقتضي له.

مضافا الي أنا نسأل القائل به انه قبل البيع هذه العين المشار إليها هل تكون مملوكة لاحدهما أو لكليهما أو لثالث اما الاول و الثالث فباطل بالضرورة و أما الثاني فيتوجه السؤال بانه باي نحو تكون مشتركة بينهما.

ان قلت: عليه يلزم الربا و علي القول بحرمته في جميع المعاوضات يشمل المقام أيضا فما الحيلة و ما الوسيلة.

قلت: يرد عليه أولا ان الربا يختص بالبيع و لا وجه للالتزام به في غيره و ثانيا ان مقامنا خارج عن عنوان المعاوضة فان حصول الشركة بالامتزاج لا يكون معاوضة فيكون المقام خارجا موضوعا فلاحظ.

ثم ان الشيخ قدس سره تعرض لتلف العوضين و للفروع المتفرعة عليه
الفرع الأول لو تلفت العين عند المغبون باتلاف متلف

و قبل ان يأخذ العوض من المتلف فسخ العقد فهل يرجع الغابن الي المتلف كما في عبارة الشيخ أم لا؟

الحق هو الثاني اذ المفروض ان العقد ينفسخ بالفسخ من الحين و كانت العين مملوكة للمغبون فالمتلف ضامن للمغبون و لا وجه لرجوع الغابن إليه اللهم الا ان يقال ان المقام من صغريات تعاقب الايدي و مقتضي القاعدة ان يكون الغابن ذا حقّ في الرجوع الي كل من المغبون و المتلف.

و ان شئت قلت ان المتلف باتلافه يصير ضامنا للمغبون و بعد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 435

انفساخ العقد يصير الغابن مالكا للجامع بين ذمة المغبون و المتلف.

و مقتضي القاعدة الاولية ان الميزان بقيمة يوم الاداء فانا ذكرنا في محله ان العين بعينها في الذمة فلا بد

من ملاحظة قيمة يوم الاداء نعم بمقتضي حديث ابي ولاد نلتزم ان التلف اذا كان في يد الغاصب يكون المناط قيمة يوم الغصب ففي المقام اذا فرض ان التلف صار بالاتلاف العدواني يكون الميزان هو الميزان و الا يكون المناط يوم الاداء كما في جميع الموارد.

الفرع الثاني انه لو تلف ما في يد المغبون باتلافه أو بآفة سماوية و بعد التلف فسخ العقد

رجع الي الغابن بالثمن ان كان باقيا و يأخذ بدله ان كان تالفا و يرد عليه عوض التالف المثل أو القيمة و الميزان قيمة يوم الاداء كما مرّ.

الفرع الثالث انه ان تلف ما في يد المغبون باتلاف الغابن فان لم يفسخ يأخذ المغبون بدله منه

و اما مع الفسخ فتارة بعد ابرائه و اخري لا كذلك فان كان الفسخ بعد ابرائه من الضمان يأخذ منه الثمن و يرد عليه قيمة المبيع فان الابراء بمنزلة القبض فكانه اخذ منه العوض و ان كان بلا ابراء منه يأخذ الثمن منه و لا شي ء عليه اذ المفروض ان الغابن كان متلفا و مما ذكرنا في حكم تلف ما في يد المغبون يعلم حكم الاقسام المتصورة المتعلقة بما في يد الغابن.

«قوله قدس سره:

مسألة الظاهر ثبوت خيار الغبن في كل معاوضة».

قد وقع الخلاف بينهم في ثبوت خيار الغبن في غير البيع من

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 436

المعاوضات و المعاقدات فبعضهم فصل بين كون المقصود المعاوضة و عدمه فالتزم بالثبوت في الاول دون الثاني.

و يظهر من بعضهم ثبوته في كل عقد يجري فيه الغبن بدعوي ان الدليل علي الخيار قاعدة لا ضرر و القاعدة تعم جميع العقود و الحق في المقام علي ما يختلج بالبال أن يقال ان دليل خيار الغبن ليس هو الاجماع كما مرّ و تقدم فانه محتمل المدرك لو لم يكن مقطوعا به كما انه ليس المدرك حديث لا ضرر فانا ذكرنا مرارا ان حديث لا ضرر لا يدل علي النفي بل يدل علي النهي.

مضافا الي ان شأن الحديث ليس الاثبات بل شأنه النفي اضف الي ذلك ان الضرر انما يتوجه باصل العقد لا بلزومه فيلزم البطلان من أصله بل المدرك للخيار عبارة عن الشرط الارتكازي الضمني ففي كل مورد احرز الارتكاز المزبور يلتزم بالخيار و الا فلا و مع الشك لا يمكن الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية كما هو المقرر عند القوم و لذا لو كان بناء العقد علي المسامحة و عدم المماسكة لا يجري

فيه.

و بعبارة واضحة المدرك لخيار الغبن دليل الشرط لكن الاشكال في ان دليل الشرط ليس مشرعا فلا بد من احراز جواز الاشتراط في الرتبة السابقة و الا فلو شك في جوازه و عدمه لا يمكن الاخذ بدليل الاشتراط لعدم جواز الاخذ بالدليل في الشبهة المصداقية بل يمكن احراز عدم جوازه بالاصل فان الاستصحاب يقتضي عدم الجواز فان الجواز في المقام وضعي لا تكليفي كي يقال ان البراءة تقتضي الجواز و الجواز الوضعي محكوم بالعدم ففي كل مورد احرز و لو بالسيرة جواز جعل الخيار كما هو كذلك في الاجارة و الصلح

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 437

فهو و الا فلا يجوز فتحصل ان خيار الغبن لا يجري الا في البيع و الاجارة و الصلح و أما في غيرها من العقود فلا دليل عليه.

«قوله قدس سره:

مسألة اختلف اصحابنا في كون هذا الخيار علي الفور أو علي التراخي علي قولين»
اشارة

الخ يقع الكلام في المقام في جهات

الجهة الأولي: في انه لو لم يكن دليل لا علي الفور و لا علي التراخي

فهل القاعدة الاولية تقتضي الفورية و عدم تأثير الفسخ بعد الزمان الاول أو تقتضي التراخي و بقاء الخيار.

الظاهر ان القاعدة تقتضي الفور و ذلك لان الملكية المستمرة تحققت بالبيع و تأثير الفسخ بعد مضي أول زمان الخيار محل الكلام و مشكوك فيه و الاصل عدم جعل الشارع هذا الحق لاحد الطرفين أي حق الفسخ.

و ببيان واضح ان الشك في تأثير الفسخ ناش عن الشك في ثبوت الحق و عدمه و قد قرر في محله ان الاصل الجاري في السبب حاكم علي الاصل الجاري في المسبب بل دليل وجوب الوفاء بالعقود أي مفاد الآية الشريفة يقتضي اللزوم فان كل عقد لازم الوفاء الا ما خرج بالدليل.

الجهة الثانية في انه هل تستفاد الفورية أو الاستمرار من الدليل الذي يدل علي الخيار أم لا؟

و الحق أن يقال ان كان دليل الخيار الاجماع فلا يستفاد منه الاستمرار كما انه لا يستفاد منه الفورية بمعني نفي الخيار بالنسبة الي ما بعد الزمان الاول بل المستفاد من الاجماع

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 438

ثبوت الخيار في الجملة بلا تعرض لما بعد الزمان الاول.

و أما ان كان المدرك للخيار قاعدة لا ضرر أو كان المدرك الاشتراط الارتكازي يكون الخيار باقيا و متراخيا.

و الوجه فيه ان الضرر علي الفرض موجود فموضوع القاعدة متحقق و ترتب الحكم علي موضوعه علي القاعدة فلا وجه للفورية فلا مجال لان يقال ان الموضوع غير محرز لاحتمال ان الموضوع عبارة عمّن لا يتمكن من تدارك ضرره فاذا فرض تمكنه و لم يتدارك ينتفي الموضوع اذ لم يرد دليل لا ضرر بهذا العنوان بل نفي الضرر علي نحو الاطلاق فالموضوع باق بحاله كما ان الامر كذلك لو كان المدرك الشرط الارتكازي فان الاقتصار علي الزمان الاول بلا وجه.

الجهة الثالثة: في انه لو شك في بقاء الخيار و عدمه فهل القاعدة تقتضي الاخذ بعموم دليل اللزوم أو تقتضي جريان استصحاب الحكم المخصص.

يظهر من الشيخ قدس سره التفصيل بين ان يكون الزمان مفردا و لكل زمان حكم مستقل في قبال فرد آخر من الزمان و بين كون الزمان ظرفا لحكم مستمر.

و بعبارة اخري فرق بين العام الاستغراقي و المجموعي فاختار الاخذ بعموم العام في الفرض الاول و الاخذ باستصحاب الحكم الخارج في الفرض الثاني.

بتقريب انه لو كان علي نحو العموم الاستغراقي لا يكون وجه لجريان الاستصحاب و لا مجال اذ المفروض ان العام اثبت الحكم لكل فرد و قد خرج منه فرد و بقي الباقي تحت العام و اما اذا كان الزمان علي نحو الظرفية يكون الحكم واحدا مستمرا فاذا خرج عن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 439

تحت العموم

لا دليل علي دخوله بعد فالاستصحاب يجري في بقاء الحكم المخصص.

و يرد عليه انه لا فرق بين الموردين من هذه الجهة و المرجع عموم العام في كلا الموردين و لذا نري ان الامر كذلك في نظائر المقام مثلا اذا امر المولي بوجوب اكرام كل عالم بقوله اكرم العلماء ثم اخرج زيدا العالم من تحت العام و قال لا تكرم زيدا العالم لا اشكال في الاخذ بالعموم بالنسبة الي بقية العلماء في وجوب اكرامهم.

و قس عليه ما لو قال المولي اكرم هؤلاء العشرة علي النحو المجموعي و بعد ذلك اخرج من العشرة واحدا لا اشكال في الاخذ بالدليل في وجوب اكرام الباقي من العشرة و قس علي ذلك المقام مقامنا فان المولي تارة يلاحظ كل زمان مفردا بحيث يكون لكل زمان حكم و اخري يلاحظ الزمان ظرفا و يكون الحكم واحدا و لكن اذا اخرج عن الحكم الواحد ساعة يبقي الباقي تحت الدليل و لا فرق فيما ذكرنا بين ان يكون التخصيص من الاول أو الوسط فان الدليل قائم علي الوجوب الا في قطعة من الزمان.

فتحصل ان المرجع عموم العام علي كل تقدير و لا تصل النوبة الي الاستصحاب و لو سلمنا عدم جواز التمسك بالعموم فهل تصل النوبة الي استصحاب الحكم المخصص أم لا؟ الحق عدم وصول النوبة إليه اذ قد ثبت في محله عدم جريان الاستصحاب في الشبهة الحكمية و معارضته مع استصحاب عدم الجعل الزائد و بعد المعارضة تكون النتيجة عدم الخيار.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 440

ان قلت: بعد تعارض الاصلين في الخيار يقع التعارض بين الاصلين في أصل بقاء الملكية بتقريب انه بعد قطع اليد عن جريان الاصل في

الخيار نشك في الملكية بعد الفسخ فيكون مقتضي الاصل بقائه و يعارضه استصحاب عدم الجعل الزائد و بعد التعارض و التساقط لا طريق الي احراز بقاء الملكية بعد الفسخ.

قلت: لا مجال لهذا التقريب اذ لا اشكال في ان الملكية مجعولة من قبل الشارع مستمرا اعم من ان يكون الخيار متحققا أم لا و قد ذكرنا سابقا ان الملكية في مورد الخيار لا تكون موقتة بان يقال الملكية مجعولة الي قول ذي الخيار فسخت و قلنا ما افاده سيدنا الاستاد في هذا المقام لا يرجع الي محصل فان الملكية كالزوجية الدائمة مجعولة غاية الامر اذا كان الخيار مجعولا يمكن رفعها و الا فلا.

و ان شئت قلت الفسخ في مورده عبارة عن الرفع لا غاية للمجعول و كم فرق بينهما و لعمري ما افدته دقيق و بالتأمل حقيق و لكن الاسف كل الاسف علي قلة الشكور و قليل من عبادي الشكور و له الحمد و الشكر.

[الخامس خيار التأخير]
اشارة

«قوله قدس سره: الخامس خيار التأخير قال في التذكرة من باع شيئا و لم يسلمه الي المشتري و لا قبض الثمن و لا شرط تأخيره و لو ساعة لزم البيع ثلاثة ايام فان جاء المشتري بالثمن في هذه الثلاثة فهو احق بالعين و ان مضت الثلاثة و لم يأت بالثمن تخير البائع بين فسخ العقد و الصبر»

الخ.

و قال سيدنا الاستاد في منهاجه «اطلاق العقد يقتضي ان يكون تسليم كل من العوضين فعليا فلو امتنع احد الطرفين عنه اجبر عليه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 441

فان لم يسلم كان للطرف الاخر فسخ العقد بل لا يبعد جواز الفسخ عند الامتناع قبل الاجبار و لا يختص هذا الخيار بالبيع بل يجري

في كل معاوضة و يختص البيع بخيار و هو المسمي بخيار التأخير» الي آخر كلامه رفع في علو مقامه.

فقد تعرض قدس سره لثلاثة امور الاول ان اطلاق العقد يقتضي فورية الاقباض و ان الامتناع من التسليم يقتضي الخيار و الوجه فيه الاشتراط الارتكازي.

الثاني: عدم اختصاص الخيار المذكور بالبيع بل يجري في كل معاوضة بتقريب ان الملاك في ثبوت الخيار الشرط الارتكازي و هو موجود في جميع المعاوضات و يرد عليه ان دليل الشرط لا يكون مشرعا فلا بد من احراز صحة الشرط في الرتبة السابقة و مقتضي الاصل عدمها.

الثالث ان البيع يختص بخيار التأخير بالنحو المذكور في عبارة الشيخ قدس سره و

ما يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه:
الوجه الأول الاجماع

و حال الاجماع في الاشكال ظاهر.

الوجه الثاني قاعدة لا ضرر

بتقريب ان التأخير و عدم جواز الفسخ ضرر علي البائع فانه لا يجوز له التصرف في المبيع لكونه مال الغير و ليس عنده الثمن فلا بد من التمسك بقاعدة نفي الضرر.

و يرد عليه أولا انا ذكرنا مرارا عدم دلالة القاعدة علي النفي بل مفادها النهي و ثانيا انه لا تدل علي المدعي مع هذه الخصوصيات.

الوجه الثالث النصوص الخاصة

فلا بد من ملاحظة كل واحد منها، فنقول منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال: قلت له الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده، فيقول حتي آتيك

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 442

بثمنه قال ان جاء فيما بينه و بين ثلاثة ايام و الا فلا بيع له «1».

و منها ما رواه عبد الرحمن بن الحجاج قال اشتريت محملا فاعطيت بعض ثمنه و تركته عند صاحبه ثم احتسبت اياما ثم جئت الي بائع المحمل لاخذه فقال قد بعته فضحكت ثمّ قلت لا و اللّه أدعك أو أقاضيك فقال لي: ترضي بأبي بكر بن عياش قلت نعم فأتيته فقصصنا عليه قصتنا فقال ابو بكر بقول من تريد أن أقضي بينكما أ بقول صاحبك أو غيره قال قلت بقول صاحبي قال سمعته يقول من اشتري شيئا فجاء بالثمن ما بينه و بين ثلاثة أيام و الا فلا بيع له «2».

و منها ما عن علي بن يقطين انه سأل أبا الحسن عليه السلام عن الرجل يبيع البيع و لا يقبضه صاحبه و لا يقبض الثمن قال فانّ الاجل بينهما ثلاثة أيام فان قبض بيعه و الا فلا بيع بينهما «3».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن عبد صالح عليه السلام قال من اشتري بيعا فمضت ثلاثة أيام

و لم يجي ء فلا بيع له «4».

و الاحتمالات المتصورة في هذه النصوص ثلاثة الاحتمال الاول ان يكون القبض شرطا في صحة البيع فان لم يتحقق في الثلاثة يكون البيع باطلا من اصله.

الاحتمال الثاني انه لو لم يتحقق القبض في الثلاثة يحصل للبائع الخيار و حق الفسخ كما هو المدعي في المقام.

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 3.

(4) نفس المصدر الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 443

الاحتمال الثالث انه لو لم يتحقق القبض يبطل البيع من ذلك الحين لا من اصله اذا عرفت ما تقدم نقول اما الاحتمال الاول و هو بطلان البيع من اوّل الامر فهو خلاف الظاهر اذ لو كان البيع باطلا من اوّل الامر كان التصرف في المبيع جائزا للبائع اذ علي هذا الفرض يكون المبيع مملوكا و التصرف في الملك جائز اما مع العلم بعدم الاتيان بالثمن فظاهر و اما مع الشك فمقتضي الاستصحاب الاستقبالي هو الجواز فان مقتضي الاستصحاب عدم الاتيان بالثمن.

و أما الاحتمال الثاني فهو أيضا خلاف الظاهر فان قوله عليه السلام لا بيع له يدل علي عدم البيع و هو البطلان فلا يدل علي الخيار بل يدل علي البطلان ان قلت لا بيع له نفي من الطرف الواحد لا من الطرفين قلت البيع امر قائم بالطرفين فالارتفاع من طرف يستلزم الارتفاع من الطرف الاخر أيضا.

و ان ابيت عن ذلك اقول يكفي لافادة المدعي و هو البطلان و الانفساخ حديث ابن يقطين الدال علي الارتفاع من الطرفين فغاية ما في الباب ان يقع التعارض بين حديث ابن يقطين الدال علي البطلان و بقية الاحاديث الدالة علي الخيار

للبائع كما توهم فلا بد من التماس مرجح لاحد الطرفين علي الاخر و الا يصل الامر الي التساقط و الترجيح مع دليل البطلان لكونه احدث و المرجح الوحيد في باب الترجيح الاحدثية فلاحظ.

فتحصل ان الصحيح هو الاحتمال الثالث لكن هل يمكن الالتزام به مع كونه خلاف الارتكاز المتشرعي و خيار تأخير الثمن امر مشهور معروف و اللّه العالم بحقائق الامور و عليه التوكل و التكلان.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 444

و لقائل ان يقول لا تعارض بين الجانبين فان حديث ابن يقطين يكون الموضوع فيه عدم اقباض المبيع فانه علق عدم البيع في هذا الخبر علي عدم اقباض المبيع و علق تحقق البيع علي الاقباض و مقتضي اطلاقه انه لو اقبض المبيع يصح البيع و يتم و لو مع فرض عدم قبض الثمن و مقتضي تلك النصوص ان الميزان هو اقباض المشتري و مع عدمه يبطل البيع فيقع التعارض بينهما فيما قبض الثمن و لم يقبض المبيع و فيما اقبض المبيع و لم يقبض الثمن و الجمع بين المتعارضين يتحقق بتقييد كل منهما بالآخر فالنتيجة ان البائع اذا اقبض المبيع و قبض الثمن فهو و الا فان لم يتحقق القبض اصلا أو اقبض المبيع و لم يقبض الثمن أو قبض الثمن و لم يقبض اصلا أو اقبض المبيع و لم يقبض الثمن أو قبض الثمن و لم يقبض المبيع يكون البيع باطلا أو يتحقق الخيار علي الخلاف بين القولين.

«قوله قدس سره:

ثم انه يشترط في هذا الخيار امور
أحدها عدم قبض المبيع»

ادعي عليه عدم الخلاف و يدل علي المدعي من النصوص ما رواه اين يقطين «1».

فان قوله عليه السلام في الجواب (فان قبض بيعه) يدل علي الشرط المذكور فان لفظ البيع في كلامه

عليه السلام عبارة عن المبيع بقرينة الصدر فان السائل يسأل بان الرجل يبيع البيع فالمراد من البيع المبيع في هذه الجملة و الضمير في قوله عليه السلام قبض يرجع الي الرجل بمقتضي قانون الكلام فيكون المراد من البيع المبيع.

فلا وجه لان يقال انه يحتمل ان يكون لفظ قبض بلا تشديد

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 442.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 445

و يكون المراد من البيع البائع كي يرد عليه بان استعمال البيع في البائع نادر و الاصل عدم كون اللفظ البيع مشدّدا فان الظاهر علي حسب قانون الكلام لا مجال لهذا التقريب.

«قوله قدس سره: ثم لو كان عدم قبض المشتري لعدوان البائع» الخ

الامر كما افاده فان الظاهر من النص عدم صورة عدوان البائع و يمكن الاستدلال عليه بنحو آخر و هو ان الموضوع للخيار عدم مجي ء المشتري بالثمن و المفروض في المقام ان المشتري جاء بالثمن و البائع لم يقبضه فلا خيار.

«قوله قدس سره: و لو قبضه المشتري علي وجه يكون للبائع استرداده»

الخ الحق هو الوجه الأول من الوجوه اي يكون القبض المذكور كلا قبض فان المستفاد من حديث ابن يقطين ان المؤثر في تحقق الخيار تحقق قبض المشتري المبيع باقباض البائع و قد تقدم ان المدرك للخيار المذكور النص الخاص لا حديث لا ضرر كي يكون المقام قابلا لما أفاده الشيخ قدس سره.

«قوله قدس سره: و لو مكن المشتري من القبض فلم يقبض»

الخ المستفاد من النص ان الميزان في تحقق الخيار عدم القبض الناشئ من امساك البائع عن الاقباض و اما مع اقباض البائع و عدم القبض من قبل المشتري فلا خيار.

ان قلت يستفاد من حديث زرارة ان مجرد التمكين

لا اثر له اذ ذكر فيه هكذا (الرجل يشتري من الرجل المتاع ثم يدعه عنده فيقول حتي آتيك بثمنه قال ان جاء فيما بينه و بين ثلاثة ايام و الا فلا بيع له)

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 446

فانه فرض التمكين في الرواية و مع ذلك حكم الامام عليه السلام بالخيار فالتمكين لا اثر له.

قلت لم يفرض في الحديث انه مكنه منه بحيث يكون له ان يأخذه و يروح بل مقتضي الاطلاق المستفاد من الحديث ان الميزان في تحقق الخيار عدم مجي ء المشتري بالثمن الي ثلاثة ايام و يستفاد من حديث ابن يقطين انه لو اقبض البائع المبيع من المشتري قبضا تاما اي مكّنه من الاخذ و عدم استرداده بعنوان الوديعة يكون موجبا لسقوط الخيار فتكون النتيجة ان موضوع الخيار عبارة عن عدم اقباض البائع المتاع من المشتري و عدم مجي ء المشتري بالثمن الي ثلاثة ايام فلاحظ.

«قوله قدس سره: و في كون قبض بعض المبيع كلا قبض»

الخ الّذي يستفاد من حديث ابن يقطين ان الميزان باقباض البائع تمام المبيع فلا اثر لاقباض بعضه و يؤيده حديث عبد الرحمن حيث صرح فيه باقباض بعض الثمن فان المستفاد من كلامه عليه السلام عدم اثر لاقباض البعض فانه و ان كان في طرف الثمن و الكلام في المبيع لكن لا يخلو عن التأييد كما هو الظاهر عند الخبير.

«قوله قدس سره:

الشرط الثاني عدم قبض مجموع الثمن»

الخ فانه يستفاد من النص ان عدم قبض مجموع الثمن شرط في ثبوت الخيار فلا اثر لقبض البعض و يؤيد المدعي فهم القاضي اي أبي بكر.

«قوله قدس سره: و القبض بدون الاذن كعدمه»

الخ فان المستفاد من النص بحسب الفهم العرفي ان القبض المؤثر

عمدة المطالب في التعليق

علي المكاسب، ج 3، ص: 447

القبض الّذي يكون ناشيا عن اذن المشتري و لا فرق بين القبض عن حق و غيره اذ الموضوع المأخوذ في الدليل عدم مجي ء المشتري بالثمن و مقتضاه عدم الفرق و ربما يقال بكفاية القبض مطلقا في المقام و اشتراطه بالاذن في طرف اقباض المبيع.

بتقريب ان الاصحاب عبروا هناك بالاقباض و في المقام بالقبض فلا بد ان يكون القبض باقباض البائع و رضاه و اما في المقام فيكفي القبض كيف ما كان.

و قد اورد عليه الشيخ قدس سره بان التعبير بالاقباض و القبض من باب كون الموضوع في نظرهم البائع فلا بد من التعبير بالاقباض في الاول و بالقبض في الثاني و بعده امر بالتأمل بقوله (فتأمل) و لعل الوجه فيه ان حمل الكلام علي ما ذكر بعيد و كيف كان الحق ما ذكرنا من ان القبض بلا رضا المشتري لا اثر له.

«قوله قدس سره: و لو اجاز المشتري قبض الثمن»

الخ فان المستفاد من حديث زرارة الوارد في نكاح العبد بلا اذن مولاه جواز الاجازة في كل مورد يكون من حق الناس و المقام كذلك و يكون الاجازة في المقام كبقية الموارد كاشفة اذ المفروض ان الامضاء الشرعي يتعلق بما يصدر عن الفضولي بعد اجازة من بيده الامر فلا مجال للنقل و يظهر الثمرة بين القولين فيما يحصل القبض في الثلاثة و تحقق الاجازة بعدها فعلي الكشف تكون صحيحة و علي النقل تكون باطلة.

«قوله قدس سره:

الشرط الثالث عدم اشتراط تأخير تسليم احد العوضين»

لا يبعد أن يكون الامر كما افاده قدس سره فان الظاهر من النص

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 448

ان يكون عدم القبض ناشئا عن الامساك عن الاقباض لا عن حق و علي الجملة ان

المستفاد من النص كذلك و في المقام اشكال و هو انه ما المراد من اشتراط التأخير.

و يتصور هذا الشرط علي انحاء ثلاثة الاول ان يشترط لاحد الطرفين حق التأخير و لو مع مطالبة الاخر الثاني ان يشترط عليه عدم المطالبة الثالث ان يشترط عليه الاذن في الابقاء.

أما الصورة الأولي فيرد عليها انه شرط غير مشروع و الشرط يلزم ان يكون امرا جائزا الا ان يقال ان السيرة جارية عليها بلا ردع من الشارع الاقدس.

و اما الصورة الثانية فيرد عليها انه لو عصي و لم يعمل بالشرط يجب علي الطرف الاخر الاقباض.

و أما الصورة الثالثة فمرجعها الي اشتراط الاذن في الامساك في ضمن العقد هذا من ناحية و من ناحية اخري الشرط اذا تحقق صحيحا يكون لازما فان المؤمن عند شرطه و الظاهر ان هذا الوجه حسن و صفوة القول انه لو اذن بنفس الاشتراط لا يمكنه الرجوع فان الشرط لازم و هذا التقريب دقيق و بالتأمل حقيق.

«قوله قدس سره:

الشرط الرابع ان يكون المبيع عينا»
اشارة

ما يمكن أن يستدل به علي المدعي وجوه

الوجه الأول الاجماع

و حاله في الاشكال ظاهر.

الوجه الثاني ان مستند الخيار المذكور حديث لا ضرر و في الكلي في الذمة لا يتصور ضرر للبائع

و فيه انه يتصور الضرر للبائع أيضا مثلا لو فرض ان زيدا في وسعه بيع وزنة من الحنطة و الزائد عليها ليس في امكانه فلا يمكنه المعاملة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 449

مع غير هذا المشتري.

مضافا الي ان المدرك كما تقدم النصوص الخاصة الواردة في المقام لا حديث لا ضرر.

الوجه الثالث ان الشرط المذكور مستفاد من نصوص الباب

فلا بد من ملاحظتها فنقول اما حديث زرارة فيمكن ان يقال انه نص في العين الخارجية حيث يقول ثم يدعه عنده و لا يصدق هذا العنوان علي الكلي في الذمة و اما حديث ابن الحجاج فهو أيضا كذلك حيث يقول و تركته عند صاحبه و اصرح منه قول البائع بعته.

و اما حديث ابن يقطين فهو أيضا ظاهر لو لم يكن صريحا في المبيع الشخصي فان السائل يسأل عن الرجل يبيع البيع فيلزم ان يكون قبل تحقق البيع مبيع كي يتعلق به البيع فان الكلي قبل البيع لا ثبوت له لا في الخارج كما هو ظاهر و لا في الذهن كما هو اظهر فيتوقف تحقق العنوان المذكور علي كون المبيع شخصيا هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الضمير في كلامه روحي فداه يرجع الي ما تقدم في كلام السائل فيتحصل ان المستفاد من النص لزوم كون المبيع شخصيا.

«قوله قدس سره:

ثم ان هنا امورا قيل باعتبارها في هذا الخيار
منها عدم الخيار لاحدهما او لهما»
اشارة

و ما يمكن أن يذكر في مستند الحكم المذكور وجوه.

الوجه الأول ان الميزان في تحقق خيار التأخير، التأخير من غير حق

و مع وجود الخيار له ان يؤخر فلا يتحقق خيار التأخير و يرد عليه ان المبني فاسد فان الخيار و جواز العقد لا يوجب جواز التأخير و لا دليل عليه.

و بما ذكرنا ظهر ان ما افاده المحقق النائيني (ره) من انه مع الخيار

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 450

لا يجب الوفاء فلا يجب الاقباض غير تام فانه لا ربط بين المقامين اذ وجوب الوفاء و عدمه عبارة عن عدم حق الفسخ و ثبوت حقه و هذا لا يرتبط بوجوب اقباض مال الغير فان امساك مال الغير و عدم اقباضه حرام.

ان قلت وجوب الاقباض من باب الشرط الضمني و المفروض ان العقد جائز فلا يشمله دليل وجوب الوفاء.

قلت يرد علي التقريب أولا ان وجوب الاقباض ليس من باب الشرط الضمني بل وجوبه من باب وجوب تسليم مال الغير إليه و عدم امساكه و حرمة التصرف فيه.

الا ان يقال التصرف حرام و لكن لا وجه لوجوب الاقباض و لا دليل عليه الا الشرط الارتكازي.

و ثانيا ان دليل وجوب العمل بالشرط غير منحصر بدليل وجوب الوفاء بل العمدة دليل لزوم الشرط و قوله (ع) المؤمنون عند شروطهم.

ان قلت كيف يمكن ان يكون العقد جائزا و الشرط الارتكازي الضمني لازما قلت لا تنافي بين الامرين فان كل حكم تابع لموضوعه و لذا لو فرض انفساخ العقد بالفسخ أو بالاقالة يبقي لزوم الشرط بحاله بل يمكن ان يقال ان الشرط في ضمن العقد الفاسد صحيح و يجب العمل به لتحقق موضوع الشرط و ترتب الحكم علي موضوعه ضروري.

و لما انجر الكلام الي هنا نشير الي نكتة و ان

كانت خارجة عن البحث و هي انه لو علق المكلف فعله الفلاني علي شرط كأن يقول و يلتزم بانه لو قدم المسافر الفلاني من السفر في يوم السبت انا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 451

التزم باقامة مجلس اطعام و فرض تحقق الشرط يجب الوفاء عليه بان يقيم المجلس اذ يصدق الاشتراط فيترتب عليه حكمه فلاحظ.

«قوله قدس سره:

و منها تعدد المتعاقدين»
اشارة

الخ و استدل علي المدعي المذكور بوجهين.

الوجه الأول ان النصوص الواردة في المقام تختص بصورة التعدد

فلا مقتضي للخيار في غير هذه الصورة و يرد عليه ان النص وارد في مورد تعدد البائع و المشتري و هذا لا اشكال فيه فان البائع لا يمكن ان يكون عين المشتري و لكن تعدد البائع و المشتري لا يستلزم تعدد المتعاقدين كما هو ظاهر.

الوجه الثاني ان خيار التأخير ثابت بعد تمامية المجلس

و لا يتصور الانقضاء فيما يكون المتعاقدان واحدا و يرد عليه أولا انه لا تنافي بين خياري التأخير و المجلس و اللزوم الثابت في مورد خيار التأخير قبل الثلاثة حكم حيثي اي العقد لازم من هذه الجهة فلا تنافي بين هذا الخيار و بقية الخيارات و ثانيا انه يمكن ان يفرض عدم خيار المجلس كما اذا اسقط بالاسقاط حين العقد.

«قوله قدس سره:

و منها ان لا يكون المبيع حيوانا»

و المستند للحكم ما رواه علي بن يقطين قال سألت أبا الحسن عليه السلام عن رجل اشتري جارية و قال اجيئك بالثمن فقال ان جاء فيما بينه و بين شهر و الا فلا بيع له «1».

و المذكور في الرواية عنوان الجارية فلا وجه لتسرية الحكم الي مطلق الحيوان ثم انه لا وجه لحمل الرواية علي بيان خيار التأخير

______________________________

(1) الوسائل الباب 9 من ابواب الخيار الحديث 6.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 452

الّذي يكون مورد البحث و لا دليل و لا قرينة علي ان المراد بيان ذلك الخيار فمن الممكن ان الشارع الاقدس جعل في خصوص الجارية خيارا بعدم مجي ء المشتري بالثمن الي شهر فلاحظ.

«قوله قدس سره: ثم ان مبدأ الثلاثة»

الخ تردد امر الثلاثة من حيث ان ابتدائها من حين التفرق أو ان مبدئها من حين العقد الظاهر من النصوص ان الثلاثة تحسب من حين العقد و بعبارة اخري الظهور الاولي يقتضي ذلك فكما ان خيار الحيوان يحسب من حين العقد الي ثلاثة ايام كذلك اللزوم في المقام يحسب من حين العقد الي ثلاثة ايام و هذا ظاهر واضح.

ان قلت يستفاد من قوله عليه السلام فان جاء بالثمن انه يحسب من حين التفرق اذ المجي ء مقابل عدمه فلا بد من مفارقته كي

يتحقق المفهوم و المفارقة تحصل بالافتراق عن المجلس.

قلت المراد من قوله عليه السلام (فان جاء بالثمن) اعطائه فالنتيجة ان مبدأ الثلاثة من حين العقد.

«قوله قدس سره:

مسألة يسقط هذا الخيار بأمور
أحدها إسقاطه بعد الثلاثة»
اشارة

اذ الخيار الحقي قابل للاسقاط و من ناحية اخري قد علم من الشرع ان الخيار المذكور حقي.

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 452

«قوله قدس سره: و في سقوطه بالاسقاط في الثلاثة وجهان»

تارة يسقط الخيار علي النحو التنجيزي و اخري يسقطه علي النحو التعليقي اما الاول فلا واقع له اذ المفروض ان الموضوع لم يتحقق بعد فلا خيار حتي يسقط و اما علي الثاني فالتعليق لا يجوز.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 453

و يرد عليه ان بطلان التعليق لا يستند الي دليل عقلي كي يقال الحكم العقلي غير قابل للتخصيص بل مدركه الاجماع و الاجماع دليل لبي لا لسان له لكن الاشكال كل الاشكال انه لا يكفي للحكم بالجواز مجرد الامكان فان الجزم به يتوقف علي قيام دليل عليه.

و ما يمكن ان يذكر في تقريبه وجوه.

الوجه الأول ان العقد سبب للخيار و المفروض انه وجد فيجوز اسقاط الخيار الّذي يوجد بعد.

و فيه ان الوجه المذكور لا يرجع الي محصل فان الاحكام الشرعية لا تقاس بالامور التكوينية و لا علاقة بينهما مضافا الي انه هب ان العقد سبب لكن الاشكال في عدم جواز الحكم بصحة الاسقاط مع عدم مستند يستند إليه في انه يجوز.

الوجه الثاني ان اشتراط سقوطه في ضمن العقد جائز فالاسقاط بعد العقد جائز أيضا بالاولوية

اذ لو كان الاسقاط جائزا قبل تحقق المقتضي فالجواز بعد تحققه اولي و يرد عليه انه لو ثبت الجواز هناك لكان للتقريب المذكور مجال و اما لو استند في الجواز هناك بدليل الشرط فلا يتم الاستدلال هناك و ان شئت قلت اصل الدعوي في الاصل فاسد فلا تصل النوبة الي الفرع.

الوجه الثالث ان الخيار و ان كان بعد الثلاثة لكن مبدأ تحققه من حين العقد

اذ من حين العقد يجب علي المشتري دفع الثمن فمرجع اسقاط الخيار الي اسقاط حقه عن المطالبة و حق المطالبة حق فعلي قابل للاسقاط.

و يرد عليه أولا كون حق المطالبة قابلا للاسقاط اوّل الكلام و ثانيا ان حق المطالبة في قبال حق الخيار فاشكال اسقاط ما لم يجب بحاله و ثالثا ان اسقاط حق المطالبة لا يوجب سقوط الخيار لان موضوع الخيار عدم دفع الثمن لا عدم حق المطالبة فلاحظ.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 454

الوجه الرابع ان الخيار المذكور مستند الي الشرط الضمني غاية الامر الشارع الاقدس قد تصرف فيه و جعل له حدودا

و لا اشكال في ان من له الشرط يجوز التجاوز عن حقه هذا من ناحية و من ناحية اخري ان الحق الناشي عن الاشتراط حق فعلي فاذا تجاوز المشروط له عن حقه لا يبقي موضوع للخيار.

و يرد عليه أولا ان الخيار المستفاد من الشرع لا يرتبط بالخيار المجعول بالشرط الارتكازي و لذا لو فرضنا انهما صرحا بعدم الاشتراط يثبت خيار التأخير المستفاد من النص اذا تحقق موضوعه.

و ثانيا انه لا وجه لقياس جعل الخيار بجعل فعل علي احد الطرفين بالاشتراط كالخياطة مثلا فان الفعل مثل الخياطة لو شرط علي احد يصير الشارط مطالبا بالفعل للفعل الفلاني في الظرف الكذائي و المشروط عليه يصير مديونا كذلك فيمكن ان يقال ان الدائن بالفعل يبرأ المديون و يسقط الدين عن ذمته و اما الخيار فلا تحقق له الا بعد مضي الثلاثة فلا مجال لهذا البيان و القياس مع الفارق.

«قوله قدس سره:

الثاني اشتراط سقوطه في متن العقد»

الظاهر ان الالتزام به مشكل الا ان يقوم عليه اجماع تعبدي كما اشار إليه الشيخ قدس سره و صفوة الكلام ان دليل الشرط لا يكون مشرعا ففي كل مورد احرز جواز امر وضعا أو تكليفا لكان لاشتراطه مجال و اما ان لم يكن كذلك يشكل الالتزام بجواز الاشتراط بل مقتضي الصناعة الالتزام بفساد الاشتراط المذكور فان مقتضي الاصل عدم ثبوت حق الاسقاط قبل الثلاثة فيكون اشتراطه خلاف المشروع.

ثم انه لا بد من التنبيه بنكتة و هي ان اشتراط السقوط يتصور علي انحاء النحو الاول ان يشترط علي الطرف ان يسقط خياره بعد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 455

العقد و قد مرّ الكلام حوله فلا وجه للاعادة النحو الثاني ان لا يثبت الخيار و ينتفي هذا

الحق و بعبارة اخري بنحو شرط النتيجة و الشرط بهذا النحو فاسد بلا كلام و لا اشكال اذ لا اشكال في ثبوته و اشتراط عدمه مخالف للشرع النحو الثالث ان يشترط الفعل و يشترط الاسقاط اي بنفس الشرط يسقط الخيار و الاشكال فيه هو الاشكال الّذي قد تقدم في الاسقاط و تصحيحه بالشرط لا مجال لتقريبه الاعلي النحو الدوري.

«قوله قدس سره:

الثالث بذل المشتري للثمن بعد الثلاثة»

قد تقدم منا ان مستند الخيار المذكور ليس حديث لا ضرر فلا مجال للاخذ به فلا مجال للتفصيل الّذي ذكره الشيخ قدس سره و المستند لهذا الخيار النص الخاص و مقتضاه ثبوت الخيار حتي مع مطالبة البائع الثمن و حتي مع بذل الثمن من قبل المشتري بل الامر كذلك حتي اذا اخذه البائع نعم اذا قصد بالاخذ اسقاط الخيار نلتزم بالسقوط فلاحظ.

[مسألة في كون هذا الخيار علي الفور أو التراخي]

«قوله قدس سره: و قد عرفت ان الاقوي الفور».

الامر كما افاده لو لم يكن دليل علي التراخي و الميزان الكلي العام انه لو دل دليل الخيار بإطلاقه علي بقاء الخيار و استمراره يؤخذ به و الا يحكم بالفورية فان دليل وجوب الوفاء بالعقد محكم فبالمقدار الّذي دل الدليل علي خروجه يؤخذ به و الا فالمرجع عموم دليل اللزوم.

«قوله قدس سره: فتأمل»

يمكن ان يكون في امره بالتأمل ناظرا الي ان الوجه المذكور انما

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 456

يقتضي الانسبية كما صرح بها في المتن لكن الاشكال في ان مجرد الانسبية هل يقتضي التعين و بعبارة اخري اذا تردد في المعني المجازي فهل تكون الاقربية قرينة معينة.

«قوله قدس سره:

[مسألة] لو تلف المبيع بعد الثلاثة كان من البائع اجماعا»
اشارة

يقع البحث في هذه المسألة تارة من حيث المقتضي لهذه الدعوي و اخري من حيث معارضة هذه القاعدة مع قاعدة اخري فيقع الكلام في مقامين.

فنقول أما

المقام الأول [في المقتضي لهذه الدعوي]
اشارة

فما يمكن ان يذكر في مقام الاستناد لهذه القاعدة امران

الأمر الأول الاجماع

و اتمامه مشكل اذ قد ثبت في محله عدم اعتبار الاجماع اعم من ان يكون منقولا أو محصلا و حيث انه ورد في المقام نبوي من طريق العامة و اشتهر بين الاصحاب يمكن استناد المجمعين إليه.

الأمر الثاني النبوي المشهور

و هو قوله صلي اللّه عليه و آله كل مبيع تلف قبل قبضه فهو من مال بايعه «1».

و هذه الرواية ضعيفة سندا و عمل المشهور بها علي تقدير تحققه لا يوجب اعتبارها فالنتيجة انه لا دليل علي هذه القاعدة هذا هو المقام الأول.

و أما

المقام الثاني فربما يقال انه يقع التعارض بين هذه القاعدة و قاعدتين اخريين.

القاعدة الاولي قاعدة الخراج بالضمان «2» فان

______________________________

(1) مستدرك الوسائل ج 13 الباب 9 من ابواب الخيار.

(2) المبسوط ج 2 ص 126.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 457

مقتضي هذه القاعدة ان الضمان في مقابل المنافع فيلزم ان يكون ضمان التالف علي مالكه و هذه القاعدة لا اساس لها و لا دليل عليها القاعدة الثانية قاعدة ان التلف في زمن الخيار فهو ممن لا خيار له و المفروض ان الخيار بعد الثلاثة للبائع فلا بد من كون الضمان علي المشتري.

و أجاب الشيخ قدس سره بأن هذه القاعدة تختص ببعض اقسام الخيار مضافا الي انها تختص بما بعد القبض فلا تعارض و لا تلاقي بينهما و تفصيل الكلام موكول الي احكام الخيارات و احكام القبض.

«قوله قدس سره: و لو تلف في الثلاثة فالمشهور كونه من مال البائع أيضا».

الشيخ قدس سره أولا قوي عدم ضمان البائع للاجماع المدعي مؤيدا بقاعدة ضمان كل عين علي مالكها و بعد ذلك رد القول المذكور بكون الاجماع موهونا و دليل القاعدة يختص بالنبوي الذي انجبر ضعفه سندا.

مضافا الي حديث عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري متاعا من رجل و أوجبه غير انه ترك المتاع عنده و لم يقبضه قال آتيك غدا ان شاء اللّه فسرق المتاع من مال من يكون قال من مال صاحب المتاع الّذي هو في بيته حتي يقبض

المتاع و يخرجه من بيته فاذا أخرجه من بيته فالمبتاع ضامن لحقه حتي يرد ماله إليه «1».

و يرد عليه ان النبوي لا ينجبر ضعفه بالشهرة كما مرّ منا مرارا و اما حديث عقبة بن خالد فغير تام سندا اذا عرفت ما تقدم فاعلم ان

______________________________

(1) الوسائل الباب 10 من ابواب الخيار.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 458

القاعدة تقتضي ان يقال انه لو تلف قبل الثلاثة لا يكون ضمانه علي البائع لعدم الدليل عليه الا في صورة حصول الاطمينان للفقيه من مجموع ما ذكر في المقام و اللّه العالم.

«قوله قدس سره: و لو مكنه من القبض فلم يتسلم».

ان قلنا ان التمكين من القبض محقق له يتم الامر و اما ان قلنا بان القبض لا يتحقق بالتمكين أو شككنا فيه يشكل الحكم اما مع الجزم بعدم تحققه فظاهر و اما مع الشك فباستصحاب عدم تحقق القبض يلزم بعدمه و يترتب عليه آثار العدم لكن قد ظهر مما تقدم ان القاعدة لا اساس لها فلا تصل النوبة الي هذه التفاصيل.

«قوله قدس سره:

مسألة لو اشتري ما يفسد من يومه»
اشارة

بقع الكلام في هذه المسألة تارة من حيث النص الخاص الوارد في المقام و اخري من حيث القاعدة الاولية فيقع الكلام في مقامين

أما

المقام الأول: فورد في المسألة حديثان.

الحديث الاول: ما ارسل عن الصادق و الكاظم روحي فداهما في الرجل يشتري الشي ء الذي يفسد من يومه و يتركه حتي يأتيه بالثمن قال ان جاء فيما بينه و بين الليل بالثمن و الا فلا بيع له «1» و المرسل لا اعتبار به فلا تصل النوبة الي ملاحظة مقدار دلالته مضافا الي ان المستفاد من الحديث بطلان البيع اذا لم يجي ء المشتري بالثمن في الوقت المقرر. الحديث الثاني: ما رواه زرارة عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: العهدة فيما يفسد من يومه مثل البقول و البطيخ

______________________________

(1) الوسائل الباب 11 من ابواب الخيار الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 459

و الفواكه يوم الي الليل «1» و قد قلنا في الدورة الاولي ان الحديث مرسل حسب ما قرره المقرر و لكن ليس كذلك فان الحديث تام سندا فان اسناد الصدوق الي حسن بن علي بن فضال معتبر علي ما كتبه الحاجياني و لا يقتضي كون الحديث مرسلا في مورد كونه كذلك علي الاطلاق اذ يمكن ان يذكر المحدث الواحد حديثا مرة مرسلا و مرة اخري مسندا و لا تنافي بين الارسال و الاسناد فالنتيجة ان الحديث تام من حيث السند الا ان يقال انه يبعد ان الصدوق قدس سره في مورد واحد ينقل الحديث تارة مرسلا و اخري مسندا فيتردد الامر بين الارسال و الاسناد فتكون النتيجة اجمال الامر فلا يمكن الاعتماد علي الرواية و لقائل ان يقول انّه مجرد استبعاد و عليه يكون الحديث المسند قابلا للاعتماد

عليه فلاحظ. و اما من حيث الدلالة فالظاهر و اللّه العالم انه عليه السلام حدد الزمان فيما يفسد من يومه بيوم واحد و بعبارة اخري المراد من الحديث بيان خيار التأخير و انه يتحقق بعد مضي يوم واحد و ان المراد بالعهدة المذكورة في الرواية ان البيع لازم الي الليل و الظاهر ان سيدنا الاستاد هكذا فهم و استفاد من الحديث حيث ذكر في منهاجه في جملة من المسائل المربوطة بخيار تأخير الثمن مسئلة 37 ما يفسده المبيت مثل بعض الخضر و البقول و اللحم في بعض الاوقات يثبت الخيار فيه عند دخول الليل فاذا فسخ جاز له ان يتصرف في المبيع كيف شاء انتهي موضع الحاجة من كلامه فانه قدس سره استفاد من الحديث ان هذا الخيار داخل في كلي خيار التأخير مع تحديد فيه من حيث الزمان الاول الذي يكون البيع فيه لازما هذا تمام الكلام في المقام الأول.

______________________________

(1) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 460

و اما

المقام الثاني و هو ما تقتضيه القاعدة الاولية

ان مقتضي الارتكاز العقلائي اشتراط الخيار لكل من طرفي العقد علي الاخر في ظرف عدم اقباض العوض منه فلاحظ و مما ذكرنا علم ان احكام خيار التأخير مترتبة علي الخيار المبحوث عنه في المقام اذ قد ذكرنا ان المستفاد من الدليل انه من صغريات تلك الكبري الكلية.

[السادس خيار الرؤية]
اشارة

«قوله قدس سره: السادس خيار الرؤية: و المراد به الخيار المسبب عن رؤية المبيع

ما يمكن ان يقال في تقريب المدعي وجوه.
الوجه الأول: الاجماع

و فيه ما فيه من الاشكال الساري في منقوله و محصله علي فرض حصوله.

الوجه الثاني: قاعدة لا ضرر

بتقريب ان من تملك بالاشتراء مثلا عينا علي خلاف الوصف الّذي تصور كون العين موصوفة به يكون متضررا فيرتفع بالقاعدة و يرد عليه أولا ان الاستدلال بالقاعدة مبني علي مسلك المشهور في مفادها و اما علي طبق المسلك المنصور فلا مجال للاستدلال كما هو ظاهر و ثانيا انه يمكن تصور تخلف الوصف علي نحو لا يكون التخلف موجبا للضرر مثلا ان المشتري لو كان له غرض شخصي في اشتراء الحنطة الشامية فبانت انها كوفية و نفرض ان القيمة في كليهما علي حد سواء. و ثالثا انه يدخل في خيار الغبن فلا وجه لعده في قباله. و رابعا ان الضرر يوجب بطلان العقد لا ترتب الخيار. و خامسا ان شأن حديث لا ضرر نفي الحكم لا اثباته مثلا اذا كان الوضوء ضرريا يكون حديث لا ضرر مقتضيا لارتفاع وجوبه لا جعل التيم بدلا له فلاحظ. فتحصل ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 461

الوجه الثاني كالوجه الاول في عدم تماميته لاثبات المدعي الا ان يقال ان الحديث يرفع اللزوم و ارتفاع اللزوم مساوق للجواز كما هو ظاهر.

الوجه الثالث: طائفة من النصوص

منها ما رواه جميل بن دراج قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري ضيعة و قد كان يدخلها و يخرج منها فلما ان نقد المال صار الي الضيعة فقلبها ثم رجع فاستقال صاحبه فلم يقله فقال ابو عبد اللّه عليه السلام: انه لو قلب منها و نظر الي تسعة و تسعين قطعة ثم بقي منها قطعة و لم يرها لكان له في ذلك خيار الرؤية «1» و هذه الرواية قد صرح الامام عليه السلام فيها بثبوت خيار الرؤية للمشتري و لا يبعد ان يكون المراد

بالرؤية وجدان جزء منها علي خلاف الوصف المقصود فيكون له الخيار بمقتضي ما صدر عن مخزن الوحي روحي فداه و منها ما رواه زيد الشحام قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري سهام القصابين من قبل ان يخرج السهم فقال لا تشتر شيئا حتي تعلم أين يخرج السهم فان اشتري شيئا فهو بالخيار اذا خرج «2» و لا يبعد ان لا يكون الحديث مربوطا بالمقام و يكون المراد من الخيار الاختيار بين الشراء الجديد و عدمه توضيح المدعي ان المستفاد من الحديث ان بيع السهم قبل التقسيم غير صحيح اذ البيع لا بدّ من تعلقه بالمملوك و المشاع قبل القسمة لا يكون مملوكا فلا يجوز بيعه فيكون شرائه قبلا باطلا و بعد تعديل السهام و التقسيم يصح البيع

______________________________

(1) الوسائل الباب 15 من ابواب الخيار الحديث 1.

(2) نفس المصدر الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 462

فالحديث غير مرتبط بالمقام و منها ما رواه منهال القصاب قال:

قلت لابي عبد اللّه عليه السلام: اشتري الغنم أو يشتري الغنم جماعة ثم يدخل دارا ثم يقوم علي الباب فيعد واحدا و اثنين و ثلاثة و اربعا و خمسا ثم يخرج السهم قال لا يصلح هذا انما تصلح السهام اذا عدلت القسمة «1».

و هذه الرواية ضعيفة فان منها لا لم يوثق

الوجه الرابع الاشتراط الضمني الارتكازي

و هذا الوجه للاستدلال به علي المدعي تام لا غبار عليه فانه لا شبهة في ان مقتضي الارتكاز انه لو بان ان المبيع أو الثمن لم يكن موصوفا بالوصف الّذي اشترط فيه و بني عليه يأخذون به و يرون ان لهم الخيار و من ناحية اخري قد ذكرنا سابقا ان جواز جعل الخيار لاحدهما

أو كليهما ظاهر واضح فلاحظ.

«قوله قدس سره: ثم ان صحيحة جميل مختصة بالمشتري»

قد تبين مما ذكرنا ان عمدة الدليل لهذا الخيار الشرط الارتكازي و مقتضاه عدم الفرق بين البائع و المشتري لوحدة الملاك و اتحاد الدليل فلا وجه للاختصاص و هذا ظاهر واضح.

«قوله قدس سره:

مسألة مورد هذا الخيار بيع العين الشخصية الغائبة»

لا اشكال في عدم جريان الخيار المذكور في الكلي الثابت في الذمة اذ لا يتصور التخلف في الكلي فان غايته ما يدفعه البائع في مقام الوفاء لا يكون مصداقا للكلي الذي وقع مورد العقد و هذا لا يوجب

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب عقد البيع و شروطه الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 463

الخيار بل عليه ان يبدل ما دفعه بما يكون مصداقا للكلي و بعبارة اخري لو فرض ان البيع كلي الحنطة و دفع في مقام الوفاء الشعير لا يوجب الخيار بل لا بدّ من التبديل و كذلك لو دفع غير الموصوف بذلك الوصف الذي لوحظ في الكلي لا مقتضي للخيار فلا بد من تخلف الوصف في المبيع الشخصي لكن لا فرق في هذه الجهة بين وقوع العقد علي الشخص الخارجي أو الكلي في المعين أو المشاع فانه يتصور الخيار الناشي من تخلف الوصف في هذه الاقسام كلها كما انه لا يختص خيار الرؤية بتوصيف المبيع بالوصف الكذائي مع كون العين غائبة بل يعمه و مورد رؤية العين و ايقاع العقد مبنيا علي وجود الوصف الخاص ثم يظهر علي خلاف ما شوهد سابقا و أيضا لا يلزم في خيار الرؤية كون ما وقع عليه العقد اقل قيمة من الموصوف بالوصف الكذائي بل يمكن ان يكون الوصف المرغوب فيه موجبا لتزل القيمة و كونها اقل من فاقد

الوصف فان ملاك الخيار تخلف الوصف و الاشتراط الارتكازي للخيار و هذا هو الجامع بين جميع الاقسام فلاحظ.

«قوله قدس سره: ثم ان الاوصاف التي يختلف الثمن من اجلها غير محصورة»

يظهر من مجموع كلامه ان الصفات التي تختلف القيمة بلحاظها كثيرة و لا يمكن الاحاطة بتمامها للشخص العادي فان قلنا يشترط في صحة البيع ملاحظتها و معرفتها ففي كثير من الموارد بل اكثرها لا يمكن و ان لم نقل باشتراطها يلزم الجهل بصفة المبيع و هو يبطل البيع فما الحيلة و الجواب عن هذه الشبهة انه لا دليل علي اشتراط

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 464

المعرفة بجميع الخصوصيات ان قلت يلزم الغرر و معه يبطل البيع قلت يرد عليه أولا ان الدليل اخص من المدعي فانه لا يلزم الغرر في كثير من الموارد و بعبارة اخري في كثير من الموارد لا يكون في الاقدام خطر فلا وجه للبطلان و ثانيا انه لا دليل علي فساد الغرر و بطلانه و ثالثا ان السيرة العقلائية و المتشرعية جارية علي المعاملة بهذا النحو بالنسبة الي الخصوصيات الموجبة لزيادة القيمة و قلتها و اما بالنسبة الي الصفة المرغوبة لدي البائع أو المشتري فيكفي الرؤية السابقة أو الرؤية عند إرادة الاشتراء أو التوصيف فان العقد يقع مبنيا علي تلك الصفة و ليس هذا عبارة عن تقييد العين كي يقال ان الجزئي الخارجي غير قابل للتقييد و أيضا ليس المراد تعليق العقد كي يقال ان لازم التعليق بطلان العقد عند الفقدان لا ثبوت الخيار مضافا الي ان التعليق بنفسه موجب لبطلان العقد بل المراد ان العقد يتحقق مع جعل الخيار ان قلت جعل الخيار يتوقف علي صحة العقد فاذا توقفت

صحته علي الشرط يلزم الدور قلت هذا امر عقلائي اي في نظر العقلاء مثل هذا العقد مشروطا بالخيار صحيح و مع فرض صحته يشمله دليل الامضاء فلاحظ.

«قوله قدس سره: و اشكل من ذلك ان الظاهر ان الوصف يقوم مقام الرؤية»

قال الشهيدي قدس سره في شرح هذه الجملة ما مضمونه الاشكال المتقدم اشكال علي ما ذكروه ضابطا لبيع العين الغائبة بانه ان اريد من الاوصاف جميع الاوصاف الدخيلة في المثمن فلازمه عدم امكان بيع العين الغائبة بالتوصيف لعدم امكان ذكر جميع الاوصاف الدخيلة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 465

و هذا اشكال علي كفاية الرؤية في بيع العين الحاضرة حيث انهم جعلوا التوصيف في العين الغائبة قائما مقام بيع العين الحاضرة اذ يقع التنافي في كلامهم اذ التوصيف قائم مقام الرؤية و فرع له فيلزم ان الرؤية تفيد ما يفيد الوصف كي لا يلزم كون الفرع زائدا علي الاصل و اما يلزم الاكتفاء في توصيف العين الغائبة بمقدار تفيده الرؤية و الحال ان القوم لم يلتزموا باحد الامرين انتهي.

اقول لا وجه للاشكال فان الغرر علي فرض تحققه لا يكون مبطلا مضافا الي انه لا يلزم الاطلاع علي جميع الخصوصيات بل يكفي الاطلاع علي ما يكون منظورا به و مطلوبا للمشتري و هو يحصل بالرؤية و التوصيف اضف الي ذلك انه يمكن ان يقال ان الرؤية توجب جواز بيع العين بلا اشتراط الخيار لعدم الغرر و اما العين الغائبة فلا بد من التوصيف و مرجعه الي جعل الخيار عند التخلف.

«قوله قدس سره: ثم انه يمكن الاستشكال في صحة هذا العقد بان ذكر الاوصاف لا يخرج البيع عن كونه غررا»

ربما يقال ان الموصوف لو كان مشكوك الوجود

يكون العقد باطلا للغرر و بعبارة اخري مع القيد لا يعلم بوجوده فكيف يمكن الحكم بالصحة فلا تصل النوبة الي الخيار اذ الخيار فرع تحقق العقد و الجواب عن هذا الاشكال ان الجزئي الخارجي غير قابل للتقييد فلا يكون المبيع مقيدا فلا موضوع للاشكال المذكور بل المبيع بعنوان الوصف يباع و عليه تارة يعلم بالوصف ثم ينكشف الخلاف و اخري بتوصيف البائع يباع و ثالثة بتوصيف شخص ثالث و علي جميع التقادير يخرج البيع عن عنوان الغرر و عند انكشاف الخلاف يثبت

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 466

الخيار الناشي عن الاشتراط الارتكازي.

«قوله قدس سره: ثم ان الخيار بين الرد و الامساك مجانا هو المشهور بين الاصحاب»

هذا هو الحق فان مقتضي القاعدة التخيير بين الامرين اما الامساك فلاجل ان العين مملوكة له فيجوز له امساك مملوكه و اما الرد فلاجل الخيار الحاصل له بالشرط و اما اخذ الارش فلا دليل عليه نعم اذا كان فقدان الوصف يعد عيبا في العين يكون له اخذ الارش من باب خيار العيب لا من باب خيار الرؤية كما انه لو كان الوصف المتخلف صورة نوعية و لو في نظر العرف يكون العقد باطلا مثلا لو باع الجسم الخارجي بعنوان كونه حمارا فبان كونه بقرا يكون العقد باطلا

ان قلت ما الفرق بين بيع العبد الكاتب و بيع العبد الحبشي فانه لو بان كون العبد غير كاتب لا يترتب عليه الفساد بل يتحقق الخيار و اما لو بان انه لم يكن عبدا بل كان حمارا وحشيا يحكم بالبطلان و الحال ان المناط واحد اذ لو كان المناط تعلق القصد بالخصوصية يلزم البطلان في كلا المقامين و ان لم يكن كذلك

يلزم الالتزام بالصحة و تحقق الخيار فما الفرق بين الموردين.

قلت: الفرق ان بيع العبد الكاتب يتعلق بالعبد بلا قيد و بعبارة اخري يكون بيعه مطلقا غاية الامر يشترط احدهما علي الاخر الخيار في صورة عدم كونه كاتبا و اما بيع العبد الحبشي فلم يتعلق بالجسم الموجود في الخارج بل تعلق بالموجود الخارجي الموصوف بالوصف الذاتي و ان شئت قلت يكون البيع في القسم الثاني معلقا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 467

علي الوصف الذاتي و يمكن ان يقال ان العقد يتعلق بالموجود الموصوف بهذا الوصف و عند التخلف يكون العقد باطلا

«قوله قدس سره: فتأمل»

يمكن ان يكون امره بالتأمل اشارة الي ان وجه المجازفة عدم الفرق بين الوصف الذاتي و العرضي فان الرضا المعاملي تعلق بالموصوف فلا وجه للتفريق و لكن قد ظهر مما ذكرنا ان التفريق بين الموردين صحيح و عليه السيرة العقلائية و ان مثل هذه الامور لا تكون من الامور العقلية كي يقال كما قيل انه لا وجه للتفريق فلاحظ.

«قوله قدس سره: فتأمل

يمكن ان يكون اشارة الي ان الحكم لم يتعلق بعنوان متحد الجنس و مختلفه كي يقال ان المرجع فيهما هو العرف هذا و لكن قد ظهر مما ذكرنا ان المناط العرف فان هذه الامور امور عقلائية و الشارع الاقدس امضي ما هو مقرر عند العرف و العقلاء و حيث انا نري ان العرف يفرق بين الوصف الذاتي و العرضي بان يحكم بالفساد عند التخلف في الاول و بالصحة و ثبوت الخيار في الثاني نفرق بينهما بالنحو المذكور.

«قوله قدس سره:

مسألة الاكثر علي ان الخيار عند الرؤية فوري»

قد وقع الكلام بينهم في ان خيار الرؤية فوري أم متراخ و الحق ان يقال انه مستمر لا للاستصحاب كي يقال

المرجع عند الشك عموم وجوب الوفاء مضافا الي عدم جريان الاستصحاب في الحكم الكلي بل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 468

لان مستند الخيار الشرط الارتكازي و مقتضاه بقاء الخيار نعم لو كان المستند الاجماع أو قاعدة لا ضرر لكان للقول بالفورية وجه و لكن ليس الامر كذلك بل مقتضي حديث جميل «1» عدم الفورية نعم يمكن ان يقال ان السيرة العقلائية جارية علي ان المشتري مثلا لو انكشف عنده الامر و ظهر ان المبيع علي غير تلك الصفة لا بدّ له من الاقدام باحد الامرين اما الرد و اما الصبر و هذا هو المرتكز العقلائي فلا مقتضي للخيار ازيد من هذا المقدار و عليه لا بدّ من التفصيل بان يقال ان كان المدرك للخيار الشرط الارتكازي يكون مقتضاه فورية الخيار بعد العلم بتخلف الوصف و ان كان المدرك حديث جميل يكون مقتضاه التراخي اما وجه الفورية في الاول فلعدم المقتضي للتراخي و اما وجه التراخي في الثاني فاطلاق الحديث فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسألة يسقط هذا الخيار بترك المبادرة».

ما افاده يبتني علي كون الخيار فوريا و هو اوّل الكلام و الاشكال مضافا الي انه علي القول بالفورية لا يصدق عنوان السقوط بل يصدق عنوان الانتهاء بانتهاء اجله.

«قوله قدس سره: و باسقاطه بعد الرؤية و بالتصرف بعدها»

اما سقوطه بالاسقاط فهو صحيح اذ الخيار المذكور خيار حقي و الخيار الحقي قابل للسقوط باسقاط ذي الخيار و اما سقوطه بالتصرف فلا يصح الا ان يكون التصرف بقصد الاسقاط فيرجع الي

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 461.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 469

الاول و اما كون التصرف بنفسه موجبا للسقوط فلا دليل عليه.

«قوله قدس سره: و لو تصرف قبلها ففي

سقوط الخيار وجوه ثالثها ابتناء ذلك علي جواز اسقاط الخيار قولا قبل الرؤية بناء علي ان التصرف اسقاط فعلي»

القضية بشرط المحمول ضرورية لكن الاشكال في المبني اذ قد مرّ منّا آنفا انه لا دليل علي كون التصرف مسقطا فلا وجه للسقوط ما دام لم يقصد ثم يبرز بمبرز قولي أو فعلي.

«قوله قدس سره: و في جواز اسقاطه قبل الرؤية وجهان»

الظاهر ان الخيار ثابت من اوّل الامر فانه مقتضي الاشتراط الارتكازي نعم لو كان المدرك حديث جميل يكون الظاهر منه حدوث الخيار بعد الرؤية و علي فرض كونه حادثا بعد الرؤية لا وجه لسقوطه بالاسقاط قبلها اذ يدخل في كبري اسقاط ما لم يجب و لا دليل علي جوازه و لا فرق بين ان يكون الرؤية شرطا أو سببا اذ علي كلا التقديرين يحدث الخيار بعد الرؤية فاشكال اسقاط ما لم يجب باق بحاله فلاحظ.

«قوله قدس سره: و لو شرط سقوط هذا الخيار ففي فساده و افساده للعقد»

الخ.

الاقوال في المقام مختلفة. القول الاول: ان الشرط و العقد كليهما باطلان و الوجه فيه ان اشتراط سقوط الخيار يوجب كون العقد غرريا فيكون العقد باطلا لبطلان الغرر و يرد عليه انه لا بدّ من التفصيل بان يقال تارة يتوقف رفع الغرر بالاشتراط و اخري يكون الغرر مرتفعا في حد نفسه اما علي الاول فالحق هو البطلان للزوم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 470

الغرر الا ان يقال انه لا دليل معتبر علي بطلان الغرر.

ان قلت: كيف يمكن رفع الغرر باشتراط الخيار و الحال ان صحة الشرط تتوقف علي صحة العقد فاذا توقف صحة العقد علي صحة الشرط يدور.

قلت: يرد علي التقريب المذكور أولا ان صحة الشرط لا

يتوقف علي صحة العقد بل الحق صحة الشرط و لو وقع تلو العقد الفاسد و انما اللازم في الشرط ان لا يكون مخالفا للشرع و ثانيا ان الخيار علي نحوين. النحو الاول: الخيار الشرعي كخياري الحيوان و المجلس و قس عليهما بقية الشروط فان صحتها تتوقف علي صحة العقد.

النحو الثاني الخيار المجعول بالجعل العقلائي كخيار تخلف الوصف.

اما النحو الاول فلا بد من فرض صحة العقد في الرتبة السابقة كي يترتب عليها الخيار الشرعي التأسيسي و اما الخيار المجعول بالجعل العقلائي فلا مانع من كونه رافعا للغرر و موجبا لصحة العقد اذ المفروض ان العقد بهذا النحو واقع في السيرة العقلائية و لا يكون غرريا عندهم و الشارع الاقدس قد امضي العقد العرفي العقلائي.

ان قلت: علي هذا الاساس يلزم جواز رفع الغرر علي الاطلاق مع شرط الخيار. قلت: لا نضايق عن الالتزام به و اما النحو الثاني فلا مانع عن اشتراط سقوط الخيار اذ المفروض ان العقد مع قطع النظر عن الخيار لا يكون غرريا فلا وجه للاشكال من هذه الناحية نعم الاشكال متوجه من ناحية اخري و هي ان الخيار لا يتحقق الا بعد تمامية العقد فيكون اشتراط سقوطه في ضمن العقد اسقاطا لما لم يجب و هو مشكل لعدم الدليل علي جوازه مضافا الي ان اشتراط سقوط

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 471

الخيار في ضمن العقد مرجعه الي عدم اشتراط الخيار لا الي اشتراط السقوط و بعبارة واضحة الخيار يتحقق بالاشتراط الارتكازي فاشتراط سقوطه يرجع الي عدم الشرط الارتكازي فيكون لو كان المدرك للخيار النص أي حديث جميل يتصور اشتراط السقوط في العقد لكن يبقي اشكال اسقاط ما لم يجب بحاله و

لا دافع له. القول الثاني: ان يكون العقد و الشرط كلاهما صحيحين بتقريب ان العقد مع قطع النظر عن الشرط صحيح و لا تكون صحته متوقفة علي الشرط فان الشرط اذا كان رافعا للغرر امكن بيع كل مجهول بشرط الخيار فالعقد صحيح فاذا فرض كون العقد صحيحا يكون الشرط كذلك.

و يرد عليه انه قد ظهر مما تقدم منا انه يتصور كون الشرط مصححا للعقد و لا نبالي بكون شرط الخيار رافعا للغرر في بيع كل مجهول و عليه لا مجال للحكم بكون العقد و الشرط كلاهما صحيحين بل لا بدّ من التفصيل بان نلتزم بالصحة في قسم و نلتزم بالفساد في قسم آخر كما فصلنا القول الثالث: ان يكون العقد صحيحا و الشرط فاسدا بتقريب ان صحة العقد لا تتوقف علي صحة الشرط فالعقد صحيح علي القاعدة و اما الشرط فهو فاسد لانه اسقاط لما لم يجب فالنتيجة التفكيك بين العقد و الشرط بالالتزام بالصحة في نفس العقد و بالالتزام بالفساد بالنسبة الي الشرط و يرد عليه انه قد ظهر مما تقدم انه لا يمكن الالتزام بصحة العقد مع اسقاط الخيار علي نحو الاطلاق بل لا بدّ من التفصيل كما فصلناه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 472

«قوله قدس سره: لكن الانصاف ضعف وجه هذا القول»

افاد في وجه الفساد ان اشتراط اسقاط الخيار ينافي التوصيف كتوصيف العبد بالكتابة مثلا فان مرجع التوصيف اما الي ارتباط العقد بوجود الوصف في العين و اما الي تقييد المبيع بذلك الوصف و القيد هذا من ناحية و من ناحية اخري مرجع اشتراط سقوط الخيار الي الالتزام بالبيع علي كل تقدير و من الظاهر ان الاشتراط أو التقييد ينافي

الاطلاق فانه جمع بين الضدين هذا ملخص كلامه.

و يرد عليه ان التعليق و التقييد كليهما باطلان اما التعليق فلقيام الاجماع علي بطلانه و اما التقييد فلعدم قابلية العين الخارجية له و بعبارة اخري الكلي قابل لان يقيد بالقيود و اما الجزئي الخارجي فغير قابل له فالالتزام البيعي لا مقيد و لا معلق فيمكن جعل الخيار و يمكن اسقاطه و لتوضيح المدعي نذكر صورتي العقد فنقول الصورة الأولي ان يبيع العين بشرط الخيار و لا اشكال في تحقق الخيار بلحاظ الشرط الصورة الثانية ان يبيع الموصوف بالصفة الخاصة مع عدم الخيار و في هذه الصورة ينعقد البيع بلا خيار.

ان قلت: مع اسقاط الخيار و عدم اشتراطه يكون العقد غرريا فيكون باطلا اذ قد مرّ ان التعليق و التقييد باطلان. قلت: يرد عليه أولا انه لا دليل علي بطلان الغرر و ثانيا انه يمكن رفع الغرر بالعلم بتلك الصفة فان رفع الغرر لا ينحصر باشتراط الخيار.

«قوله قدس سره: فان البائع يتعهد لوجودها في المبيع»

التعهد انما يتعلق بالفعل الاختياري فلا مجال لتعهد البائع لان يكون العبد كاتبا فان كتابة العبد لا تكون في اختيار البائع كي يتعهدها.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 473

«قوله قدس سره:

مسألة لا يسقط هذا الخيار ببذل التفاوت»

الامر كما افاده فانه لا وجه لسقوط الخيار ببذل التفاوت و لا بابدال العين بل لقائل ان يقول لا يسقط الخيار حتي مع الابدال و المعاوضة الجديدة لان الخيار متعلق بالعقد لا بالعين الا ان يقال مرجع الابدال و المعاوضة الي اسقاط ذي الخيار خياره فلا مجال لبقائه.

«قوله قدس سره: و لو شرط في متن العقد الابدال لو ظهر علي خلاف الوصف»

الصور المتصورة ثلاثة. الصورة الأولي: ان يشترط الابدال بنفسه و

بلا سبب و هذا باطل بلا كلام لان الشرط لا يكون مشرعا و لا بدّ من كون المبادلة مشروعة كي تلزم بالشرط و من الظاهر فساد المبادلة بلا سبب. الصورة الثانية: ان يشترط الابدال بان يكون الابدال بنفس الشرط و هذا باطل أيضا لانه يرجع الي التعليق و بعبارة اخري البيع معلق علي التبديل و الحال انه ما دام لم يتحقق البيع لا مجال للتبديل. الصورة الثالثة: ان يشترط عليه الابدال و هذا جائز لان المبادلة في حد نفسها امر جائز و بالشرط يصير لازما فلا بد في المقام من التفصيل كما فصلناه.

«قوله قدس سره: فيفسد و يفسد العقد»

أما فساد الشرط فكذلك كما تقدم قريبا و اما افساده للعقد فليس كذلك اذ الحق ان الشرط الفاسد لا يفسد العقد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 474

«قوله قدس سره: و بذلك ظهر ضعف ما في الحدائق من الاعتراض علي الشهيد»

الخ و حاصل الكلام ان صاحب الحدائق في مقام الاشكال علي الشهيد افاد انه لا وجه للحكم بالفساد علي الاطلاق بل لا بدّ من التفصيل بان يقال ان ظهر المبيع علي الوصف المطلوب يكون العقد صحيحا و الا فلا و ذلك لاطلاق الاخبار و اورد عليه المصنف بانه لا وجه للتفصيل اذ المفروض ان الشرط فاسد و الشرط الفاسد اما يفسد العقد و اما لا يفسد فعلي الاول يفسد علي الاطلاق و اما علي الثاني فأيضا كذلك.

«قوله قدس سره:

مسألة الظاهر ثبوت خيار الرؤية في كل عقد واقع علي عين شخصية»

الذي يختلج بالبال ان يقال ان كان المستند للخيار النص الخاص فلا مجال للالتزام به في غير البيع اذ المفروض انه يختص به و ان كان المدرك الاشتراط الارتكازي يمكن ان يقال بانه لا يختص بالبيع و

لا وجه لاختصاصه به لكن الالتزام بالعموم مواجه مع اشكال آخر و هو ان الشرط لا يكون مشرعا بل لا بدّ ان يكون في الرتبة السابقة مشروعا و حيث ان جعل الخيار علي خلاف لزوم العقد بمقتضي وجوب الوفاء المستفاد من قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» لا يجوز جعل الخيار لكن في الصلح و الاجارة لا اشكال في جواز اشتراط الخيار بمقتضي السيرة الجارية بين العقلاء و المتشرعة و اما في غير البيع و الصلح و الاجارة فلا دليل علي مشروعيته.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 475

ان قلت: كما في عبارة الشيخ ان الامر دائر في صورة تخلف الوصف بين كون العقد فاسدا و ان يكون صحيحا لازما و ان يكون صحيحا جائزا اما الاول فهو علي خلاف بناء الفقهاء حيث لا يحكمون بالفساد عند تخلف الوصف و اما الثاني فلا مقتضي له لان دليل اللزوم يقتضي الوفاء بما بني عليه و المفروض ان التعهد وقع علي الموصوف و اما الثالث فهو المتعين و هو المطلوب.

قلت: نختار الشق الثاني و نلتزم بكونه لازما فان مقتضي وجوب الوفاء لزوم كل عقد الا ما خرج بالدليل و التعهد العقدي غير معلق علي وجود الوصف و غير متعلق بالمقيد بالوصف. اما الاول فلبطلان التعليق مضافا الي ان لازمه بطلان العقد و عدم تحققه مع عدم المعلق عليه و اما الثاني فلعدم امكان تقييد الجزئي الخارجي فالحق هو اللزوم لكن قد ذكرنا ان جعل الخيار في العقود الثلاثة و هي البيع و الاجارة و المصالحة أمر مشروع مطابق للسيرة المتشرعية.

«قوله قدس سره:

مسألة لو اختلفا فقال البائع لم يختلف صفة و قال المشتري قد اختلف»

الظاهر بحسب القواعد ان القول قول البائع اذ المشتري يدعي الخيار و عليه اثباته و ان

شئت قلت كل عقد لازم بلحاظ وجوب الوفاء و الخيار يحتاج الي سبب و الاصل عدم تحققه و عن العلامة ان القول قول المشتري بتقريب ان مقتضي البراءة براءة ذمته عن الثمن و الاشتغال يحتاج الي اقامة بينة و يرد عليه ان تملك البائع للثمن اعم من ان يكون شخصا أو كليا لا ريب فيه و انما الشك في وجود الخيار و بعبارة واضحة الكلام في اللزوم و الجواز لا في الصحة و الفساد و ان الصحة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 476

مفروغ عنها و للشيخ كلام في المقام و قد فصل بين ايقاع العقد علي المقيد و ايقاع العقد علي العين بلا تقييد و مع شرط الخيار عند التخلف فاختار الفساد في الشق الاول و الصحة مع الخيار عند التخلف في الشق الثاني و قال ان كان من القسم الأول يكون القول قول المشتري اذ مقتضي الاصل عدم كون العين متصفا بالوصف الذي قيدت العين به و ان كان من القسم الثاني يكون القول قول البائع فان اثبات الخيار يحتاج الي الدليل فعلي الاول تكون اقامة البينة علي البائع و علي الثاني تكون علي المشتري و ما افاده غير تام اذ الجزئي غير قابل للتقييد فلا مجال لهذا التفصيل و لا يكون فرق بين الموردين و عليه يكون القول قول البائع و المشتري عليه الاثبات فان قوله خلاف الاصل و ان ترك ترك و هذا هو الميزان في كون الشخص مدعيا فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسئلة لو نسج بعض الثوب فاشتراه علي ان ينسج الباقي كالاول بطل»
اشارة

استدل علي البطلان بان بعض المبيع حاضر و معلوم و بعضه مجهول في الذمة و بيع المجهول باطل و لتوضيح الحال نذكر الاقسام المتصورة في المقام كي نري

ما هو حكم كل صورة فنقول

الصورة الاولي ان يبيع مقدارا منسوجا حاضرا مع مقدار منسوج شخصي

و لكن لا يكون فعلا منسوجا بل يصير منسوجا بعد ذلك و الظاهر ان البيع بهذا النحو باطل بالنسبة الي غير المنسوج اذ المفروض ان المنسوجية صفة نوعية و المفروض ان المبيع متصف بهذه الصفة فالمبيع لا يكون موجودا بالفعل و ان شئت قلت الذي يكون موجودا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 477

في الخارج بالفعل لا يكون مبيعا و الّذي يكون مبيعا لا يكون موجودا و لا يصح بيع غير الموجود هذا بالنسبة الي غير المنسوج و اما بالنسبة الي المنسوج فلا بد من التفصيل بان نقول ان كان المبيع مجموع الامرين بحيث يكون البيع واحدا يكون فاسدا بالنسبة الي المنسوج أيضا اذ المفروض ان البيع واحد و لا يعقل ان الامر الواحد يكون صحيحا و باطلا فان اجتماع الضدين محال و ان كان البيع متعددا و الوحدة في الصورة و الانشاء فلا وجه لبطلان البيع بالنسبة الي المنسوج.

الصورة الثانية: ان يبيع المنسوج مع غيره الموجود في الخارج علي ان ينسجه يكون البيع صحيحا

غاية الامر يكون للمشتري خيار تخلف الشرط.

الصورة الثالثة: ان يبيع المنسوج مع غيره في الذمة متصفا بكونه منسوجا

ان قلت كيف يمكن بيع العين الشخصية مع الكلي في الذمة قلت لا مانع منه و مقتضي القاعدة هو الجواز و في هذه الصورة يكون البيع صحيحا و يجب علي البائع ان يسلم ذلك المقدار منسوجا فان غير المنسوج لا يكون متعلقا للبيع و صفوة القول ان البائع يجب عليه ان يسلم المنسوج و ان لم يفعل يتحقق خيار عدم تسليم المبيع فان مقتضي الارتكاز تحقق الخيار عند عدم تسليم المبيع و اما خيار تبعض الصفقة الذي في كلام الشيخ فلا نتصوره و لما انجر الكلام الي هنا فلا بد من بيان حقيقة الامر و هي انه لا مورد لخيار تبعض الصفقة اذ البائع اذا باع شيئين فتارة يكون البيع في الحقيقة متعددا و الانشاء واحدا و اخري يكون البيع واحدا و المبيع واحد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 478

كما لو باع مصراعي الباب فظهر ان المبيع مصراع واحد و ثالثة يبيع كتاب الجواهر فيظهر انه معيب.

اما الصورة الأولي فمقتضي القاعدة صحة البيع بالنسبة الي الموجود و عدم الصحة بالنسبة الي المعدوم.

و اما الصورة الثالثة ففيه خيار العيب مع صحة اصل العقد.

و اما الصورة الثانية فمقتضي القاعدة فساد العقد اذ ما وقع غير مقصود و ما قصد لم يقع و ان شئت قلت البيع تعلق بالمصراعين و لا واقع للمبيع فالبيع باطل من اصله فتحصل ان خيار تبعض الصفقة لا اصل له و هذا تحقيق جديد و الظاهر انه لم يسبقني إليه سابق.

[السابع خيار العيب]
اشارة

«قوله قدس سره: اطلاق العقد يقتضي وقوعه مبنيا علي سلامة العين من العيب و انما ترك اشتراطه صريحا اعتمادا علي اصالة السلامة».

ما أفاده مبني علي ما اشتهر بينهم من بطلان

العقد الغرري و عليه لا يجوز بيع العين بدون احراز صحته و يرد عليه أولا ان الدليل اخص من المدعي اذ يمكن ان نفرض في مورد لا يكون خطر بان يكون المشتري عالما بان المبيع يساوي الثمن المدفوع و لو فرض كونه معيبا.

و ثانيا انه لا دليل معتبر علي كون الغرر موجبا للابطال و لكن نبحث علي تقدير المذكور فنقول ما المراد من اصالة السلامة فيمكن ان يكون المدرك للاصل المذكور الغلبة الخارجية في الافراد و يرد عليه ان الغلبة لا توجب العلم أو الاطمينان و أما الظن فلا يغني عن الحق شيئا.

و يمكن أن يكون المدرك لها استصحاب الصحة. ان قلت: الدليل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 479

اخص من المدعي اذ ربما يحتمل كون الحادث معيبا من حين حدوثه فلا موضوع للاستصحاب.

قلت: يمكن اجراء الاستصحاب في العدم الازلي بان نقول العين الفلانية لم تكن قبل وجودها معيبة و الآن كما كانت.

ان قلت: استصحاب عدم كونها معيبة لا يثبت الصحة الا علي نحو الاثبات الذي لا نقول به قلت الّذي يكون مورد الرغبة ان لا تكون العين معيبة.

و بعبارة اخري الموجب لعدم الرغبة أو قلتها العيب و بالاستصحاب ينفي. ان قلت: الاستصحاب اصل عملي و كيف يرتفع الغرر به.

قلت: الاستصحاب أصل محرز و أمارة حيث لا أمارة و يقوم مقام القطع الطريقي و ببيان آخر اذا احرز كون العين صحيحة أو غير معيبة لا يكون الاقدام في بيعه غرريا.

ان قلت: مع الاستصحاب لا يرتفع احتمال الخطر فلا يفيد قلت اذا كان الامر كذلك فقيام الامارة أيضا لا يفيد اذ مع قيامها لا يرتفع الشك. ان قلت: لوازم الامارة حجة فيترتب عليها عدم الخطر.

قلت:

لا اشكال في عدم تأثير الامارة في ارتفاع الشك و انه باق بحاله مع الامارة فاذا كان الاحتمال مضرا لم يكن فرق بين الامارة و الاستصحاب و صفوة القول انه يمكن ان يقال انه لو احرز بالاستصحاب ان الطريق الفلاني لا يكون فيه مانع أو المكان الكذائي ليس فيه سبع لا يكون الاقدام اقداما غرريا فمع جريان الاستصحاب يكون الغرر مرتفعا.

و يؤكد المدعي انه يظهر من الشيخ قدس سره الذي هو خريت

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 480

الفن انه سلّم جريان الاستصحاب و اذ عن باعتباره حيث يقول في جملة من كلامه في هذا المقام أو اشترط بقاء شي ء علي الصفة السابقة المرئية فانه في حكم ما ترك ذلك اعتمادا علي اصالة بقائها انتهي موضع الحاجة من كلامه.

فان هذه الجملة صريحة في انه قدس سره مذعن باستصحاب الصحة و يمكن ان يكون المراد بالاصل بناء العقلاء علي الاقدام مع الشك و لا يعتنون باحتمال العيب و يؤيد هذا المدعي ان الاستصحاب حكم شرعي جار من ناحية الشرع فلا يكون بناء العقلاء ناشيا عن الاستصحاب اذ لا يبعد ان هذه السيرة جارية في كافة العقلاء و لو مع عدم الالتزام بالشرع و الشريعة.

ان قلت: لعل الاقدام العقلائي مستند الي الشرط الارتكازي للخيار عند انكشاف كونها معيبة.

قلت: اذا كان كذلك لم يكن التبري من العيب صحيحا و الحال انا نري انهم ربما يقدمون علي المعاملة و لو مع تبري البائع عن العيب و مع التبري لا مجال للشرط الارتكازي.

«قوله قدس سره: و مما ذكرنا يظهر ان الانصراف ليس من باب انصراف المطلق الي الفرد الصحيح»

الخ.

ليس المراد من الانصراف ما هو المعروف بينهم من أن المطلق

ينصرف الي الفرد الكامل فلا يتوجه السؤال بانه ما الفرق بين المقام و مقام النذر حيث لم يلتزموا بانصراف المنذور الي خصوص الصحيح.

مضافا الي ان الانصراف بذلك المعني لا محال له في المقام اذ

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 481

ذلك الانصراف يتصور في الكلي و الكلام في المقام في العين الشخصية و أيضا يلزم عدم تحقق البيع اذ المفروض ان البيع وقع علي المقيد بالصحة بل المراد من الانصراف الاعتماد علي اصالة الصحة و من ناحية اخري الشرط الارتكازي يقتضي اشتراط الصحة أي الخيار عند التخلف فان اشتراط الصحة بغير شرط الخيار لا مجال له اذ لو لم يكن المراد منه اشتراط الخيار يكون المراد منه اما تعليق العقد علي الصحة فيلزم التعليق المبطل للعقد و اما تقييد العين بالصحة فيلزم تقييد الجزئي الخارجي و اما تعهد البائع بان تكون العين صحيحة فلا مجال له اذ التعهد يلزم ان يتعلق بالامر الاختياري و صحة العين لا تكون كذلك.

«قوله قدس سره: فتأمل»

الظاهر ان امره بالتأمل اشارة الي ان مرجع الامرين واحد و لا يكون الوجه الثاني في قبال الوجه الأول وجها علي حدة فلاحظ.

«قوله قدس سره: ثم ان المصرح به في كلمات جماعة ان اشتراط الصحة في متن العقد يفيد التأكيد».

وقع الكلام بين القوم في أن اشتراط الخيار صريحا في مورد خيار العيب هل يوجب التأكيد فلا يحدث خيار آخر غير ما جعل شرعا أو يكون تأسيسا و يتحقق خياران أحدهما بالتعبد الشرعي ثانيهما بالجعل و الشيخ اختار التأكيد و أيد مدعاه بما رواه يونس في رجل اشتري جارية علي انها عذراء فلم يجدها عذراء قال يرد عليه فضل القيمة اذا علم انه صادق

«1».

______________________________

(1) الوسائل الباب 6 من ابواب احكام العيوب الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 482

و هذه الرواية ضعيفة سندا بابن مرار فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها و الذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان يقال لو التزمنا بكون خيار العيب ثابتا شرعا لا بدّ من التفصيل بأن نقول اشتراط الخيار في مورده مع قطع النظر عن الجعل الشرعي يكون تارة بالارتكاز و اخري يكون بالتصريح به في ضمن العقد فان كان بالتصريح فلا وجه لجعله تأكيدا للمجعول الشرعي بل هو خيار برأسه بمقتضي نفوذ الشرط و لا موجب للالتزام بكونه تأكيدا.

و أما اذا كان بالارتكاز فيكون تأكيدا لا تأسيسا و الوجه في هذا التفصيل انه اذا كان بالتصريح فلا مقتضي لرفع اليد عنه لانه ليس دائميا بل ربما يوجد الاشتراط المذكور.

و أما اذا لم يكن كذلك فالشرط المذكور الارتكازي دائمي الا في مورد تبري البائع عن العيب فيفهم عرفا ان الشارع امضي ذلك الارتكاز مع التصرف فيه و بعبارة اخري يفهم ان المجعول الشرعي هو الخيار الناشي عن العيب بحسب الارتكاز غاية الامر قد تصرف الشارع فيه و حدّ له حدودا كسقوطه بالتصرف و جواز اخذ الارش مع عدم امكان الرد فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسألة ظهور العيب في المبيع يوجب تسلط المشتري علي الرد و اخذ الارش»
اشارة

الخ.

في هذه المسألة فروع

الفرع الأول انه بما ذا يمكن اثبات خيار العيب
اشارة

فنقول الذي يمكن ان يذكر في تقريب المدعي اي ثبوت الخيار وجوه.

الوجه الأول: قاعدة لا ضرر

بتقريب ان المبيع اذا كان معيبا

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 483

يتضرر المشتري و الضرر منفي في الشريعة المقدسة.

و يرد عليه أولا انه يمكن ان يتصور ان يكون المبيع معيبا و مع ذلك لا يتضرر المشتري كما لو اشتري بدر همين كتابا معيبا يسوي ثلاث دراهم و ثانيا انه قد تقدم في خيار الغبن عدم المجال للاستدلال بالقاعدة علي الخيار فلا نعيد.

الوجه الثاني: جملة من النصوص

منها ما عن الفقه الرضوي عليه السلام و روي في الرجل يشتري المتاع فيجد به عيبا يوجب الرد فان كان المتاع قائما بعينه رد علي صاحبه و ان كان قد قطع أو خيط أو حدث فيه حادثة رجع فيه بنقصان العيب علي سبيل الارش، و قال في موضع آخر فان خرج في السلعة عيب و علم المشتري فالخيار إليه ان شاء رد و ان شاء اخذه اورد عليه بالقيمة ارش العيب الي آخره «1».

و الرواية لا اعتبار بها سندا و منها مرسل جميل عن أحدهما عليهما السلام في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا فقال ان كان الشي ء قائما بعينه ردّه علي صاحبه و أخذ الثمن و ان كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب «2» و المرسل لا اعتبار به.

و منها ما رواه عمر بن يزيد قال كنت انا و عمر بالمدينة فباع عمر جرابا هرويا كلّ ثوب بكذا و كذا فأخذوه فاقتسموه فوجدوا ثوبا فيه عيب فقال لهم عمر اعطيكم ثمنه الذي بعتكم به قالوا لا و لكنا نأخذ منك قيمة الثوب فذكر ذلك عمر لابي عبد اللّه عليه السلام

______________________________

(1) مستدرك الوسائل الباب 12 من ابواب الخيار الحديث 3.

(2) الوسائل الباب 16 من

ابواب الخيار الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 484

فقال يلزمه ذلك «1».

و هذه الرواية تامة سندا. ان قلت: كيف يمكن الجزم بكون عمر بن يزيد ثقة و الحال انه مشترك بين السابري و الصيقل و الّذي ثبت كونه ثقة هو الاول. قلت: يرد عليه أولا ان التناسب و هو بيع الجراب يقتضي ان يكون المراد في الحديث هو الاول.

و ثانيا انه نفرض ان الراوي هو الصيقل و لكن نقول قد نقل سيدنا الاستاد في رجاله توثيق النجاشي الرجل عن ابن داود و العجب من سيدنا الاستاد انه بني علي عدم وثاقة الرجل و الحال انه بنفسه بعد نقل التوثيق عن ابن داود يقول اقول نسخ النجاشي خالية عن التوثيق فلعل نسخة ابن داود كانت مشتملة عليه انتهي موضع الحاجة من كلامه.

و العجب انه مع التصريح بهذه الجهة المقتضية للبناء علي توثيق الرجل كيف بني علي عدم كونه ثقة فتحصل ان الحديث لا بأس به من حيث السند الا ان يقال لا يتم الامر بما ذكر فان الكلام و الاشكال جار في ابن داود اذ لم يصرح بتوثيقه في الرجال و ما افاده سيدنا الاستاد في ترجمة الرجل من أن ما أفاده النجاشي لا يقصر عن الوثيق غير تام فالنتيجة بقاء الاشكال في الرواية من حيث السند.

الا أن يقال بأن الظاهر ان الناقل للقصة حسن بن عطية لا عمر ابن يزيد فتكون الرواية تامة سندا فلاحظ.

و لكن في دلالتها تأمل و ذلك لعدم وضوح المراد منها اذ الرواية مختلفة بحسب النقل فان الضمير في قوله عليه السلام يلزمه ذلك مفرد علي ما في الكافي و لكن يكون الضمير بصورة الجمع في نسخة

______________________________

(1) الوسائل

الباب 16 من ابواب الخيار الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 485

الفقيه و المعني يختلف باختلاف الضمير فعلي نسخة الفقيه يستفاد من الرواية انهم ملزمون باخذ ثمن الثوب و رده أي يكون لهم خيار رد العين و رد ثمنه و علي ما في نسخة الكافي يستفاد غير ما ذكر لكن عند دوران الامر بين الزيادة و النقيصة يرجح ما يكون زائدا و عليه يتم الاستدلال بالرواية علي المدعي أي يستفاد منها مشروعية خيار العيب.

و لو سلمنا انهما حديثان لا حديث واحد فأيضا لا يضر بالمطلوب اذ لا تعارض بين المفادين فان مفاد الحديث علي نسخة الكافي اما مجمل و المجمل لا يعارض المبين و اما مفيد لحكم غير مناف مع المستفاد منه علي نسخة الفقيه فالنتيجة ان الحديث تام سندا و دلالة و بعد المراجعة الاخيرة رأينا ان الفقيه ذكر الحديث مرسلا بقوله و روي عن عمر بن يزيد و المرسل لا اعتبار به فيبقي نسخة الكافي خالية عن المعارض و عليه لا يمكن الاستدلال بالحديث علي ثبوت خيار العيب.

الوجه الثالث: تسالم الاصحاب عليه

فان ثبوت الخيار من ناحية العيب من الواضحات التي لا تكون قابلة للانكار.

الفرع الثاني: انه هل الارش في رتبة الرد أم لا؟
اشارة

لا اشكال في مشروعية اخذ الارش في الجملة و اما في أي مورد و تحت اي شرط فلا بد من ملاحظة النصوص و كيفية دلالتها و قبل الخوض في نصوص المقام نقول ربما يتوهم ان الارش في عرض الرد بمعني ان المشتري يكون مخيرا بين الامرين و ما يمكن ان يستدل به علي المدعي وجوه.

الوجه الأول ان ما يدل علي الخيار و امكان فسخ العقد يدل علي الارش أيضا

بدعوي ان مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين العقد بالنسبة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 486

الي تمام الثمن و بين جزء الثمن فيثبت المدعي.

و بعبارة واضحة ان المستفاد من دليل الخيار جواز الفسخ بالنسبة الي تمام المبيع المعيب و بالنسبة الي جزئه و يرد عليه أولا ان الظاهر من دليل جواز الفسخ جواز فسخ العقد من رأسه و بتمامه فلا مجال لهذه الدعوي.

و ثانيا ان مقتضي البيان المذكور لزوم كون الارش من عين الثمن و الحال ان الامر ليس كذلك و يجوز دفعه من غير الثمن.

و ثالثا انه يستفاد من بعض النصوص الترتيب بين الرد و اخذ الارش و ان الارش ليس في رتبة الرد.

و رابعا ان وصف الصحة لا يقابل بالمال فلا مجال للتقريب المذكور.

الوجه الثاني ان الخيار بين الامرين ثابت بالعيب و لكن حيث ان حق الرد ضعيف يسقط بالتصرف و يبقي حق اخذ الارش.

و يرد عليه ان التقريب المذكور لا بأس به ثبوتا و لكن لا دليل عليه في مقام الاثبات

الوجه الثالث انه يبعد ان يكون الوطي موجبا لثبوت حق آخر غير الرد

فهو في عرض الرد غاية الامر بالتصرف كالوطي يسقط الاول و يبقي الثاني.

و يرد عليه ان الوجه المذكور ليس برهانا بل امر ذوقي و ليس تحته شي ء

الوجه الرابع حديث الفقه الرضوي

«1» و الحديث ضعيف سندا فلا يعتد به و عليه فالطريق منحصر في التوسل بالنصوص الواردة في المقام المنسوبة الي مخازن الوحي عليهم صلوات اللّه

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 483.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 487

و تحياته فنقول النصوص المربوطة بالمقام علي طوائف.

الطائفة الاولي ما يدل علي ان الارش في عرض الرد و المشتري مخير بين الامرين من اوّل الامر لاحظ حديث الفقه الرضوي «1» و قد تقدم انه لا اعتبار به سندا.

الطائفة الثانية ما يدل علي جواز الرد بلا تعرض للارش لاحظ ما رواه عمر بن يزيد «2» و هذه الرواية لا يستفاد منها الا جواز الرد و لا تعرض فيها للارش مضافا الي انه قد مرّ الاشكال في دلالتها و لاحظ ما رواه ميسر بن عبد العزيز عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال قلت له رجل اشتري زق زيت فوجد فيه درديا قال فقال ان كان يعلم ان ذلك يكون في الزيت لم يرده و ان لم يكن يعلم ان ذلك يكون في الزيت رده علي صاحبه «3».

و المستفاد من الحديث جواز الرد مع وجدان العيب فيه و الشيخ قدس سره ذكر الحديث في باب العيوب الموجبة للرد و صاحب الوسائل ذكره في الباب السابع من أبواب احكام العيوب و علي الجملة لا اشكال في دلالة الرواية علي جواز الرد اذا كان فيه عيب و الحديث تام سندا.

و لاحظ حديث أبي صادق قال دخل أمير المؤمنين عليه السلام سوق التمارين فاذا

امرأة قائمة تبكي و هي تخاصم رجلا تمارا فقال لها ما لك فقالت يا أمير المؤمنين اشتريت من هذا تمرا بدرهم و خرج اسفله رديئا ليس مثل الّذي رأيت قال: فقال ردّ عليها فأبي حتي

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 483.

(2) قد تقدم ذكر الحديث في ص 483.

(3) الوسائل الباب 7 من ابواب احكام العيوب الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 488

قالها ثلاثا فأبي فعلاه بالدرة حتي ردّ عليها و كان يكره ان يجلل التمر «1».

و هذه الرواية تدل علي جواز الرد مع العيب و لكن السند مخدوش.

الطائفة الثالثة ما يدل علي سقوط الرد باحداث الحدث في المبيع و جواز اخذ الارش لاحظ ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ايّما رجل اشتري شيئا و به عيب و عوار لم يتبرأ إليه و لم يبين له فاحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثمّ علم بذلك العوار و بذلك الداء انه يمضي عليه البيع و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به «2».

و ما رواه جميل عن بعض اصحابنا عن احدهما عليهما السلام في الرجل يشتري الثوب أو المتاع فيجد فيه عيبا فقال ان كان الشي ء قائما بعينه رده علي صاحبه و اخذ الثمن و ان كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب «3» و الحديثان كلاهما ضعيفان.

الطائفة الرابعة ما يدل علي ان المبيع لو وجد فيه عيب و قد احدث فيه حدثا يسقط الرد و لا تعرض فيه للارش بل امر بان يعامل المشتري مع البائع المهاياة التي فسرت بنوع من البيوع لاحظ ما رواه

عقبة بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام انه سأل عن رجل ابتاع ثوبا فلما قطعه وجد فيه خروقا و لم يعلم بذلك حتي قطعه كيف القضاء في ذلك قال: اقبل ثوبك و الا فهابي صاحبك بالرضا

______________________________

(1) الوسائل الباب 7 من ابواب احكام العيوب الحديث 2.

(2) الوسائل الباب 16 من ابواب الخيار الحديث 2.

(3) نفس المصدر الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 489

و خفض له قليلا و لا يضرك ان شاء اللّه فان ابي فاقبل ثوبك فهو اسلم لك ان شاء اللّه «1» و الرواية ضعيفة سندا.

و قد وردت جملة كثيرة من النصوص المربوطة بالعيوب العارضة للاماء و تلك النصوص لا اثر لها بالنسبة الي المقام اذ الحكم الوارد في مورد خاص لا يشمل غير مورده و لا وجه لا سرائه الي غيره الا مع قيام دليل عليه فانقدح بما ذكرنا انه لا دليل علي جواز اخذ الارش فلا تصل النوبة الي ان الارش في رتبة الرد أو هو متأخر عنه.

ثم انه لو قلنا بان جواز اخذ الارش يستفاد من بعض النصوص فلا يقتضي مجرده كونه في رتبة الرد بل يمكن جعله فيما لا يمكن الرد و لعل امره بالفهم بقوله فافهم اشارة الي ما ذكرنا.

الفرع الثالث: ان ظهور العيب كاشف عن ثبوت الخيار من اوّل الامر أو مثبت و موجد له

الظاهر هو الاول فان الموجب للخيار هو العيب و المفروض اقترانه مع العقد و ان شئت قلت ظهور العيب طريق الي المجعول الشرعي و لا موضوعية له.

الفرع الرابع: انه هل يختص خيار العيب بالمشتري أو يعم البائع
اشارة

فان وجد البائع الثمن معيبا يكون له الخيار الحق ان يقال اذا كان المدرك للخيار الاشتراط الارتكازي فلا فرق بين البائع و المشتري و اما لو كان المدرك الاجماع او النص الخاص يكون الخيار مختصا بالمشتري اما علي فرض كون المدرك الاجماع فواضح اذ الاجماع دليل لبي له القدر المتيقن و من الظاهر عدم شموله للبائع و اما علي تقدير كون المدرك النص فالظاهر انه لا يشمل البائع.

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب الخيار الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 490

و ربما يتوهم التعميم و ما يمكن ان يذكر في تقريبه وجوه

الوجه الاول ان العنوان المأخوذ في الدليل عنوان الاشتراء

لاحظ حديث جميل و رواية زرارة و يرد عليه أولا ان الحديثين ضعيفان و ثانيا ان عنوان الاشتراء لا يصدق علي البيع كما هو ظاهر.

الوجه الثاني ان عنوان الاشتراء ليس لاجل خصوصية فيه

بل لاجل كون الغالب في المعيوب في الاجناس بخلاف النقود فانه ليس الغالب فيها بل المعيوب فيها اقل قليل و يرد عليه أولا ان الظهور حجة و هو يقتضي الاختصاص.

و ثانيا ان كون الغالب في طرف الاشتراء النقود انما بالنسبة الي زماننا و اما في زمانهم عليهم السلام فلم يكن الامر كذلك و لا اقل من الشك و اذا جاء الاحتمال بطل الاستدلال

الوجه الثالث ان ظهور الادلة و ان كان يقتضي الاختصاص بالمشتري و لكن نقطع بعدم الفرق

و فيه ما فيه فان الاحكام الشرعية امور تعبدية و زمامها بيد الشارع فلاحظ.

«قوله قدس سره:

[في مسقطات هذا الخيار]
مسألة يسقط الرد خاصة بأمور
أحدها التصريح بالتزام العقد و اسقاط الرد»

بلا اشكال و لا كلام فان خيار العيب خيار حقي قابل للاسقاط.

«قوله قدس سره: و اختيار الارش»

ما افاده يتوقف علي كون الارش في عرض الرد و الحال انه مورد الاشكال و الكلام.

«قوله قدس سره: و لو اسقط الخيار فلا يبعد سقوطه»

أما في مقام الثبوت فلا فرق و الميزان بالقصد و اما في مقام

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 491

الاثبات فالمحكم ظهور اللفظ و لو مع القرينة مضافا الي ان الارش اذا كان في الطول لا مجال لاسقاطه في عرض اسقاط الخيار.

«قوله قدس سره:

الثاني التصرف في المعيب عند علمائنا»
اشارة

تارة يقع الكلام في سقوط الخيار بالفعل الّذي يدل علي الاسقاط و اخري في كون الفعل بما هو مسقط أما مع الدلالة فلا اشكال في السقوط اذ لا يختص الانشاء بخصوص اللفظ بل اعم منه و من الفعل و اما كون الفعل بما هو يكون مسقطا للخيار فعلي مقتضي القاعدة الاولية لا وجه له و مخالف مع اطلاق دليل الخيار و اما من حيث قيام دليل آخر علي كون التصرف بما هو مسقطا.

فما يمكن ان يذكر في تقريب المدعي وجوه.

الوجه الأول الاجماع

و فيه ما فيه

الوجه الثاني ما عن العلامة

و هو ان التصرف دال علي اسقاط الخيار و لو لا ذلك كان المناسب الصبر حتي يعلم انها معيبة أو صحيحة.

و يرد عليه ان الاستدلال المذكور دوري اذ يتوقف كشف التصرف عن الاسقاط علي كون التصرف مضادا مع بقاء الخيار فلو توقف التضاد علي الكشف لدار.

الوجه الثالث النص الخاص

لاحظ ما رواه زرارة «1» فان المستفاد من الحديث ان احداث الحدث في المعيب يوجب سقوط الرد هذا من حيث الكبري و قد بين المراد من الحدث في حديث آخر و هو ما رواه علي بن رئاب عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال الشرط في الحيوان ثلاثة أيام للمشتري اشترط أم لم يشترط فان احدث المشتري فيما

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 488.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 492

اشتري حدثا قبل الثلاثة الايام فذلك رضا منه فلا شرط قيل له و ما الحدث قال ان لامس أو قبل أو نظر منها الي ما كان يحرم عليه قبل الشراء الحديث «1».

فان المستفاد من هذه الرواية ان المراد من الحدث الّذي يسقط الخيار الملامسة و التقبيل و النظر الي ما كان النظر إليه محرما قبل الاشتراء فيكون التصرف مسقطا.

و يرد عليه أولا ان حديث زرارة ضعيف سندا فلا مجال للاخذ بالكبري و ثانيا ان الحديث الثاني لا يشمل بيع غير الحيوان و لا وجه لاسراء الحكم الي المقام و الا ففي بعض النصوص ما يدل علي جواز رد الجارية المشتراة مع عدم الوطي لاحظ ما رواه حماد بن عيسي قال: سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول قال علي بن الحسين عليه السلام كان القضاء الاول في الرجل اذا اشتري الامة فوطأها ثم ظهر علي عيب ان

البيع لازم و له أرش العيب «2».

فان المستفاد من الحديث ان الامة المشتراة قبل الوطي ترد بالعيب و مقتضي اطلاق المفهوم عدم لزوم الاشتراء و لو مع تحقق الملامسة و التقبيل و امثالهما فلاحظ.

«قوله قدس سره:

الثالث تلف العين»
اشارة

ما يمكن ان يذكر في تقريب المدعي وجوه.

الوجه الأول: الاجماع

و فيه ما فيه.

الوجه الثاني مرسل جميل

«3» فان المستفاد منه ان قوام الخيار

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من أبواب الخيار الحديث 1.

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب احكام العيوب الحديث 7.

(3) قد تقدم ذكر الحديث في ص 488.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 493

ببقاء العين و اما اذا تلفت فلا يكون موضوعه باقيا و لكن المرسل لا اعتبار به.

الوجه الثالث ما رواه ميسر

«1» فان الامام روحي فداه في هذه الرواية امر برد المعيوب و من الظاهر انه مع التلف لا موضوع للرد و الحديث تام سندا فهذا الوجه قابل لاثبات المدعي و الظاهر ان الامر أيضا كذلك اذا كان المدرك للخيار الشرط الارتكازي فان الارتكاز علي حق رد العين اذا كانت معيوبة فاذا تلفت لا يبقي مجال للرد كما هو ظاهر.

«قوله قدس سره: أو صيرورته كالتالف»

كما لو سرق أو بيع فان العين في بعض الاحوال و الاحيان لا تكون تالفة و لكن تكون كالتالف في عدم امكان ردها و علي هذا الاساس لو تعذر ردها باي سبب كالبيع و الاجارة و الرهن الي غيرها يسقط الخيار.

«قوله قدس سره: ثم انه لو عاد الملك الي المشتري لم يجز رده للاصل»

الظاهر ان ما افاده تام اذ بعد زوال الخيار بالانتقال لا دليل علي رجوعه برجوع العين و اذا وصلت النوبة الي الشك يكون مقتضي الاصل عدم حدوثه بعد زواله بل لا تصل النوبة الي الشك فان عموم وجوب الوفاء بالعقد يقتضي اللزوم غاية الامر يكون العقد في جزء من الزمان جائزا و بعد زوال موجب الخيار يكون عموم وجوب الوفاء مرجعا.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 487.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 494

«قوله قدس سره: لا خلاف نصا و فتوي في ان

وطي الجارية يمنع عن ردها بالعيب»

تدل علي المدعي المذكور جملة من النصوص منها ما رواه حماد بن عيسي «1» الي غيره ممّا ورد في الباب المشار إليه.

«قوله قدس سره: ثم ان المشهور استثنوا عن عموم هذه الاخبار لجميع افراد العيب الحمل فانه عيب اجماعا كما في المسالك الا ان الوطي لا يمنع من الرد به»

و قد دلت عليه عدة من النصوص منها ما رواه ابن سنان قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن رجل اشتري جارية حبلي و لم يعلم بحبلها فوطأها قال يردها علي الّذي ابتاعها منه و يردّ معها نصف عشر قيمتها لنكاحه ايّاها الحديث «2».

الي غيره من الروايات الواردة في الباب المشار إليه فلاحظها و قد تعرض الماتن لجملة من الخصوصيات لكن حيث ان المسألة خارجة عن محل الابتلاء في امثال زماننا يكون الاعراض عنها و الاشتغال بما هو اهم اولي و الزم و علي هذا الاساس لا نخوض في البحث في المقام.

«قوله قدس سره:

الرابع من المسقطات حدوث عيب عند المشتري»
اشارة

العيب الحادث بعد العقد علي اقسام ثلاثة. القسم الأول العيب الحادث قبل القبض القسم الثاني العيب الحادث بعد القبض في زمان خياري الحيوان و المجلس. القسم الثالث العيب الحادث بعد القبض

______________________________

(1) تقدم ذكر الحديث في ص 492.

(2) الوسائل الباب 5 من ابواب احكام العيوب الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 495

و مضي الخيارين و الكلام في المقام في القسم الثالث.

و الذي يمكن أن يذكر في تقريب المدعي وجوه.
الوجه الأول: الاجماع

و فيه ما فيه.

الوجه الثاني: مرسل جميل

«1» فان المستفاد من الحديث ان المعيب اذا كان قائما بعينه يجوز ردّه و الا فلا و فيه ان الحديث مرسل و المرسل لا اعتبار به.

الوجه الثالث: ما عن العلامة

و هو ان العيب الحادث يقتضي تلف جزء من المعيب و يكون مضمونا علي المشتري فيسقط رده، اذ لا وجه لترجيح المشتري علي البائع و بعبارة اخري الامر يدور بين صبر المشتري علي العيب السابق و بين صبر البائع علي العيب الحادث و لا ترجيح فلا خيار و يرد عليه انه بعد عدم الترجيح و تحقق التعارض يكون المرجع اصالة بقاء الخيار و ليس المراد استصحابه كي يقال المرجع دليل اللزوم فلا تصل النوبة الي استصحاب الخيار مضافا الي معارضته باستصحاب عدم الجعل الزائد بل المراد دليل خيار العيب و هو النص الدال عليه فان مقتضي اطلاقه بقائه حتي بعد حدوث العيب في المعيب غاية ما في الباب ان يأخذ البائع من المشتري ارش النقصان.

«قوله قدس سره: ثم مقتضي الاصل عدم الفرق في سقوط الخيار بين بقاء العيب الحادث و زواله».

الامر كما افاده أي علي القول بسقوط الخيار بحدوث الحادث لا فرق بين بقاء الحادث و زواله لكن ان كان مراده من الاصل الاستصحاب فلا يصح ما افاده لعدم مجال لجريان الاستصحاب و ان كان المراد من الاصل القاعدة فالحق معه اذ مقتضي دليل اللزوم و هو

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 488.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 496

قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» كون العقد لازما و مع وجود الدليل الاجتهادي لا تصل النوبة الي الاصل العملي.

«قوله قدس سره: و لو رضي البائع برده مجبورا بالارش أو غير مجبور جاز الرد».

ربما يقال كما في كلام الشيخ قدس

سره في وجه الجواز ان عدم الجواز بلحاظ حال البائع و رعاية عدم تضرره و فيه انه و ان كان البيان المذكور ممكنا في مقام الثبوت و الواقع لكن مقتضي الدليل القائم و هو الاجماع أو النص الدال علي السقوط عدم امكان الالتزام بالثبوت الا مع قيام دليل عليه و لا دليل علي عود الخيار نعم يمكن الرد بالاقالة و لكنها خارجة عن محل الكلام و بعبارة واضحة ان رضا البائع لا يقتضي تحقق الخيار.

«قوله قدس سره: و مما ذكرنا يعلم ان المراد بالارش الّذي يغرمه المشتري عند الرد قيمة العيب لا الارش».

الارش الذي يدفعه البائع من باب ضمان المعاوضة و لذا تلاحظ النسبة بين القيمة الواقعية و الثمن المسمي و يدفع الارش بتلك النسبة و اما المشتري فيغرم القيمة الواقعية اذ ضمانه ضمان اليد.

«قوله قدس سره: ثم ان صريح المبسوط انه لو رضي البائع باخذه معيوبا لم يجز مطالبته بالارش».

بدعوي انه مع امكان الرد لا تصل النوبة الي الارش و المفروض في المقام امكان الرد فلا ارش و يرد عليه انه لا وجه له بل الميزان اطلاق الدليل الدال علي جواز اخذ الارش و مقتضاه عدم الفرق بين كون البائع راضيا بالرد و عدمه.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 497

[هل تبعض الصفقة مانع من الرد]
اشارة

«قوله قدس سره: تنبيه ظاهر التذكرة و الدروس ان من العيب المانع من الرد بالعيب القديم تبعض الصفقة علي البائع و توضيح الكلام في فروع هذه المسألة».

وقع الكلام بينهم في أن تبعّض الصفقة مانع عن الاخذ بالخيار بالعيب القديم و عليه يسقط الخيار و المناسب مع المقام ان نفكك بين فروع المسألة و ملاحظة كل فرع بحياله و استقلاله و ما يترتب

عليه من الحكم الشرعي فنقول و من اللّه الاستعانة.

الفرع الأول: ان يشتري كتابا و قلما بعنوان المجموع المركب بثمن واحد كثلاثة دراهم مثلا

فظهر ان جزء المبيع و هو القلم مثلا معيوب فهل يمكن رد القلم فقط بخيار العيب و ابقاء الكتاب بحاله ربما يقال انه جائز لكن يلزم تبعض الصفقة فلا يجوز الاخذ بالخيار بالعيب السابق هذا فيما يرد القلم معينا و أما رد الجزء المشاع فأيضا لا يجوز للزوم الشركة و هي بنفسها عيب فعلي كلا التقديرين لا يجوز.

و يرد علي التقريب المذكور أولا انه لا مجال للترديد المذكور اذ تعدد المبيع الذي يكون مقوما للاخذ بخيار العيب اما بتعين كل جزء معينا و اما بلحاظ كل جزء مشاعا و لا بدّ من اختيار احدهما و لا يمكن الجمع بينهما فلا مجال للترديد.

و ثانيا ان العيب الحادث يتحقق باعمال الخيار و الحال ان الدليل قائم علي كون العيب الحادث مانعا و كم فرق بين الامرين فان المستفاد من الدليل ان العيب الحادث في المبيع موضوع للمنع عن الخيار و الحال ان اعمال الخيار يوجب المانع.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 498

و ان شئت قلت ما افيد مرجعه الي كون الشي ء علة لعدمه فيلزم من وجود الشي ء عدمه و هذا خلف و محال فخذ و اغتنم، اذا عرفت ما تقدم نقول الحق عدم جواز الاخذ بالخيار و ذلك لعدم تعدد البيع و عدم تعدد المبيع لان البائع تارة يبيع الكتاب بدرهم و القلم بدرهمين غاية الامر يجمع بين الانشائين في إنشاء واحد و يترتب عليه احكام البيع المتعدد أي يكون كل واحد من بيع الكتاب و الدرهم مستقلا و يترتب علي كل واحد حكمه من الخيار و غيره فلا مانع للمشتري ان يأخذ بالخيار في احدهما

و يبقي الاخر و لا يحدث للبائع خيار تبعض الصفقة اذ لا موضوع له نعم اذا اشترط الخيار عند الانفكاك يتحقق له الخيار بالنسبة الي الاخر بالشرط و اخري يجعل المجموع من الكتاب و القلم مبيعا واحدا و يعتبرهما شيئا فاردا و يبيعهما ببيع واحد بثلاثة دراهم فلو ظهران القلم معيوب لا يمكنه الاخذ بالخيار لان البيع لم يتعلق بالقلم بل القلم جزء للمبيع.

و ان شئت قلت القلم في المثال كالسرداب بالنسبة الي الدار و هل يمكن للمشتري رد السرداب فقط لو كان معيوبا و السرّ في الجميع ان البيع و المبيع واحد فلا مجال للتبعيض و الذي يدل علي المدعي انه لو ظهر كون القلم مملوكا للغير يرد من الثمن درهمان في الصورة الأولي و يرد الثمن بالنسبة في الصورة الثانية.

ان قلت علي هذا الاساس لو اشتري زيد منا من الحنطة و غنما صفقة واحدة و كان المبيع المجموع المركب من الحنطة و الغنم لم يكن مجال لخيار الحيوان بالنسبة الي الغنم و هل يمكن الالتزام بهذا اللازم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 499

قلت: مرجع هذا الاشكال الي انه يصدق عنوان بيع الحيوان و مع صدق الموضوع يترتب عليه الحكم و بعبارة اخري مقتضي الاطلاق عدم الفرق بين كونه مبيعا مستقلا و كونه جزءا للمبيع.

و يرد عليه أولا النقض بما لو باع احد داره من شخصين فهل يجوز لاحدهما فسخ البيع قبل التفرق بخيار المجلس بالنسبة الي نصف الدار و هل يمكن الالتزام بصحته و ثانيا ان الظهور العرفي حجة و الظاهر من قوله عليه السلام صاحب الحيوان المشتري و أيضا قوله عليه السلام البيعان بالخيار ان الخيار يعرض لاصل البيع و

مجموع المبيع و لا يتعلق ببيع الجزئي.

و ثالثا انه لا وجه للقياس بين المقام و بقية المقامات فان المستفاد من خيار العيب تعلقه بالبيع المتعلق بالكل لاحظ ما رواه ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام «1» قال عليه السلام في هذا الحديث «رده علي صاحبه» و الضمير يرجع الي مجموع المبيع.

الفرع الثاني: ان يشتري احد كتابا بدينار و درهم فظهر ان الدرهم معيوب

هل يمكن للبائع ان يفسخ العقد بالنسبة الي ما يقابل الدرهم الكلام فيه هو الكلام و لا وجه للاعادة و علي الجملة انه لا مجال لاعمال الخيار في البعض دون الاخر و لا فرق بين المثال المذكور و ما لو باع شيئا بأربعين تومانا فظهر علي احد الورقين عيب فهل يمكن اعمال الخيار بالنسبة الي البعض.

الفرع الثالث: انه لو اشتري شخصان دارا بالف درهم فظهر ان الدار معيوبة

فهل يجوز لاحد المشتريين رد نصيبه بالعيب؟ الظاهر انه لا يجوز اذ المفروض ان البيع واحد و المبيع أيضا كذلك

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 487.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 500

و المفروض ان الخيار عرض لكل بيع و المفروض انه ليس الا بيع واحد فكيف يمكن فسخ العقد بالنسبة الي بعض المبيع دون الاخر.

الفرع الرابع: انه لو اشتري زيد دارا من بكر و خالد فظهر ان الدار معيوبة

فهل يمكن فسخ العقد بالنسبة الي احد البائعين دون الاخر الظاهر عدم الجواز و الكلام هو الكلام و لا وجه للاعادة.

«قوله قدس سره: فلا اشكال في كون هذا عقدين و لا اشكال في جواز التفريق بينهما»

الخ قد ظهر مما ذكرنا انه يختلف الحكم باختلاف الجعل فلو جعل الثمن مركبا من درهم و دينار مثلا لا يجوز التفريق و ان كان كل واحد لوحظ مستقلا يجوز فلاحظ.

«قوله قدس سره: و يدل عليه النص المانع عن الرد بخياطة الثوب و الصبغ»

الخ الظاهر ان مراده من النص حديث جميل «1» قال عليه السلام في هذه الرواية و ان كان الثوب قد قطع أو خيط أو صبغ يرجع بنقصان العيب.

«قوله قدس سره: نظير الخيار المسبب عن وجود الحيوان في الصفقة في اختصاصه بالجزء المعنون»

الخ كأنه فرض قدس سره وضوح الحكم هناك و لذا تصدي لقياس المقام علي ذلك المورد و الحال ان الاشكال عام فان المبيع لو لوحظ مركبا من كتاب و حمار يشكل الالتزام بخيار الحيوان في خصوصه اذ لم يتعلق البيع بالحيوان استقلالا بل تعلق به ضمنا و عليه نسأل في مورد المثال هل تحقق بيع واحد أو بيعان لا مجال للقول بالتعدد

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 488.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 501

اذ المفروض

انه بيع واحد و علي الاول يكون المبيع مركبا من الكتاب و الحمار و ان شئت قلت الحمار جزء المبيع لا تمامه.

«قوله قدس سره: فالعمدة في المسألة»

الخ بل العمدة في المسألة عدم المقتضي كما تقدم فان البيع واحد و كذلك المبيع و للعقد الواحد ليس الا خيار واحد فلا مجال للتفريق.

«قوله قدس سره: فالأصل كاف في المسألة»

الخ أي اصالة اللزوم.

«قوله قدس سره: لو رضي البائع بتبعض الصفقة جاز الرد»

قد ظهر مما قدمناه عدم جواز الرد فانّ رضا البائع لا يكون قابلا لتشريع الاحكام.

«قوله قدس سره:

مسألة يسقط الارش دون الرد في موضعين
احدهما اذا اشتري ربويا بجنسه فظهر عيب في احدهما»
اشارة

الخ ما يمكن ان يذكر في تقريب المدعي وجهان.

الوجه الأول: ان الشارع الاقدس اعتبر وصف الصحة في الاجناس الربوية كالمعدوم

فلا يجوز ان يؤخذ بإزائها شي ء و بعبارة اخري لا يجوز التفاضل و الحال ان اخذ الارش يوجب التفاضل و تحقق الربا المحرم.

و يرد عليه ان الارش غرامة شرعية و لا يكون بإزاء وصف الصحة و لذا لا يجب دفعه من الثمن و يدل علي المدعي أيضا ان المشتري لو كان جاهلا بالحكم و لم يطالب البائع بالارش لا يجب عليه شي ء و لا تكون ذمته مشغولة بشي ء علي ما هو المشهور عندهم.

الوجه الثاني: انه قد استفيد من الادلة انه كما لا يجوز اخذ الزيادة في مورد الربا حدوثا كذلك لا يجوز بقاء

فلا يجوز اخذ الارش و يرد عليه أولا ان الظاهر من الادلة حرمة اخذه حدوثا و اما بقاء

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 502

فلا دليل علي حرمته و ثانيا انه قد ظهر مما قدمناه ان الارش غرامة شرعية و لا ترتبط بالمتعاقدين.

«قوله قدس سره:

الثاني ما لو لم يوجب العيب نقصا في القيمة»

و مثلوا له بالخصاء في العبد و الوجه في السقوط عدم الموضوع للارش و بعبارة واضحة ان الارش لجبران النقصان من حيث القيمة و بعد فرض عدم التفاوت يكون الموضوع منتفيا و مع انتفاء الموضوع لا تصل النوبة الي ترتب الحكم فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسألة يسقط الرد و الارش معا بامور
أحدها العلم بالعيب قبل العقد»

الخ.

و الوجه عدم المقتضي لهما اما الاجماع فلا يشمل الصورة المفروضة و اما الاشتراط الارتكازي فقوامه بالجهل و مع العلم بالحال لا شرط فلا رد و اما النص فلعدم شموله لصورة العلم بالحال لاحظ ما رواه ميسر «1» فانه عليه السلام قال في هذه الرواية «و ان لم يكن يعلم ان ذلك يكون في الزيت ردّه علي صاحبه».

«قوله قدس سره:

الثاني تبري البائع عن العيوب»
اشارة

الخ قال سيدنا الاستاد في منهاجه في هذا المقام الثاني تبري البائع من العيوب بمعني اشتراط عدم رجوع المشتري عليه بالثمن أو الارش و يرد عليه ان التبري لا يراد منه هذا المعني المذكور في كلامه و ليس هذا الا اشتراط عدم اخذ من له الحق بحقه و لا يترتب عليه سقوط الحق بل يترتب عليه حرمة الاخذ بالحق و لازمه انه لو عصي المشتري و طالب بحقه بان فسخ العقد أو طالب الارش ينفسخ العقد في الاول و يجب دفع الارش في الثاني.

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 487.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 503

و أما التبري عن العيوب بالمعني المشهور فهل يقتضي سقوط الرد و الارش كما في كلام الماتن قدس سره أم لا الذي يمكن ان يذكر في تقريب المدعي وجوه

الوجه الأول الاجماع

و فيه ما فيه

الوجه الثاني حديثا زرارة عن أبي جعفر عليه السلام

«1» و جعفر بن عيسي قال كتبت الي أبي الحسن عليه السلام جعلت فداك المتاع يباع فيمن يزيد فينادي عليه المنادي فاذا نادي عليه برء من كل عيب فيه فاذا اشتراه المشتري و رضيه و لم يبق الا نقد الثمن فربما زهد فاذا زهد فيه ادعي فيه عيوبا و انه لم يعلم بها فيقول المنادي قد برئت منها فيقول المشتري لم اسمع البراءة منها أ يصدق فلا يجب عليه الثمن أم لا يصدق فيجب عليه الثمن، فكتب عليه الثمن «2».

و كلا الحديثين ضعيفان سندا اما الاول فبموسي بن بكر و اما الثاني فبابني عيسي.

الوجه الثالث ان خيار العيب ثابت بالاشتراط الارتكازي

و مع تبري البائع لا يبقي مجال للاشتراط المذكور و يرد عليه أولا ان الارش لا يرتبط بالاشتراط الارتكازي فانه غرامة مجعولة من قبل الشارع.

و ثانيا ان خيار العيب مجعول شرعا بمقتضي النص الخاص و لا بدّ من العمل علي طبقه بمقدار دلالته.

الوجه الرابع ان النصوص الخاصة منصرفة عن الصورة المفروضة

و لا تشملها و يؤيد المدعي ان السيرة العقلائية جارية علي عدم الخيار مع التبري و الشارع الاقدس ممض للسيرات التي عليها

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 488.

(2) الوسائل الباب 8 من ابواب احكام العيوب الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 504

العقلاء غاية الامر يتصرف فيها في بعض الاحيان مثل تحريمه الربا و امثاله و عليه لا مقتضي للخيار كما انه لا مقتضي للارش.

ثم ان في المقام اشكالا و هو انه مع تبري البائع يكون البيع غرريا فيكون باطلا و يرد عليه أولا ان كون الغرر مبطلا للعقد اوّل الكلام و الاشكال و ثانيا ان التبري لا يستلزم الغرر اذ يمكن ان يكون المشتري عالما بسلامة المبيع اعم من العلم الوجداني أو التعبدي أو يكون له طريق الي احراز سلامة المبيع كاصالة السلامة علي القول بها أو بالاستصحاب كما مرّ و تقدم في اوّل البحث نعم مع الالتزام بكون الغرر مبطلا و فرض عدم طريق لاحراز سلامة المبيع يشكل الالتزام بالصحة في صورة تبري البائع عن العيب.

ثم انه لا فرق بين التبري الاجمالي و التفصيلي كما انه لا فرق بين التبري عن العيوب الظاهرة و الباطنة و بلا فرق بين ان يكون المدرك النص كما عليه الاصحاب و بين مقالتنا و هو انصراف دليل الخيار عن صورة التبري فان مقتضي اطلاق النص عدم الفرق كما انه كذلك علي

القول بالانصراف و الجامع بين القولين عدم المقتضي للخيار و الارش فلاحظ.

ثم انه هل يكون فرق بين العيوب الموجودة حين العقد و العيوب المتجددة بعده أفاد الشيخ قدس سره انه لا فرق بين الموردين و تمسك بعموم وجوب الوفاء بالشرط و قبل الخوض في البحث نقول مقتضي القاعدة الاولية عدم ثبوت الخيار بالعيب المتجدد اذ المفروض ان المبيع كان صحيحا و انما تعيب بعد ما انتقل الي ملك المشتري فلا وجه للخيار.

لكن ما افيد مبني علي أن العيب المتجدد في زمان الخيار المختص

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 505

بالمشتري و أيضا العيب الحادث قبل القبض كالعيب الموجود قبل العقد و البحث جار علي هذا الفرض فنقول ما المراد من الشرط المذكور في كلام الماتن فان كان المراد اشتراط اسقاط الخيار الحادث بعد حدوث العيب فيدخل في عنوان اسقاط ما لم يجب و اسقاط ما لم يجب و ان كان ممكنا ثبوتا.

و لكن لا دليل علي صحته في مقام الاثبات بل مقتضي الاصل عدم مشروعيته و ان كان المراد اشتراط عدم الخيار فلا مجال له فان دليل وجوب الوفاء بالشرط ليس مشرعا و مشروعية مثله اوّل الكلام و ان كان المراد به عدم اخذ المشتري بالخيار فهو و ان كان جائزا لكن هذا الاشتراط لا ينافي تحقق الخيار كما مر منا قريبا.

«قوله قدس سره: ثم ان البراءة في هذا المقام يحتمل اضافتها الي امور»

الخ وقع الكلام في المراد من البراءة فذكر الشيخ (ره) احتمالات ثلاثة. الاول عدم تعهد البائع سلامة المبيع.

و يرد عليه ان التعهد و عدمه يتعلقان بالامر الّذي يكون اختياره بيد المتعهد كما لو تعهد احد ان يزور قبر الحسين عليه السلام

في يوم الجمعة و اما تعلق التعهد بامر خارج عن القدرة كنزول المطر من السماء فلا معني له و المقام كذلك اذ كون المبيع سالما أو غير سالم يكون تحت قدرته سبحانه و لا يرتبط باحد.

الثاني ضمان العيب اي لا يلتزم باشتغال ذمته بشي ء من الارش و هذا قابل و لكن لا يكون هذا مرادا من التبري و العرف ببابك الثالث البراءة من الخيار اي عدم الالتزام بالرد و هذا أيضا لا يكون مرادا من البراءة بل المراد من البراءة عدم الالتزام بشي ء اي لا يلتزم

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 506

لا بالرد و لا بالارش و يظهر من كلام الشيخ ان البيع مع الالتزام معلق علي كون العين سالمة حيث يقول فكانه باعه علي كل تقدير و الحال ان البيع مع الالتزام أيضا علي كل تقدير و الا يلزم التعليق الموجب لفساد العقد و أيضا يلزم بطلان العقد مع عدم المعلق عليه اذ المشروط ينتفي عند انتفاء الشرط فلاحظ.

ثم انه هل يسقط بالتبري جميع الآثار المترتبة علي العيب أو يختص السقوط بخصوص الخيار و الارش فلو مات الحيوان بالعيب الموجود فيه في زمان الخيار المختص بالمشتري كما لو مات في الثلاثة يكون الضمان علي البائع لقاعدة (كل مبيع تلف في زمن الخيار فهو ممن لا خيار له) قولان و الّذي يختلج بالبال ان يقال تارة لا يقصد من التبري الا من الناحية الخاصة و اخري يقصد التبري علي نحو الاطلاق اما علي الاول فلا وجه لسقوط غير تلك الناحية و أما علي الثاني فلا بد من ملاحظة الدليل و ان الضمان مثلا هل يسقط بالتبري أم لا و مقتضي القاعدة الاولية عدم

السقوط فان الضمان مثلا بحكم الشارع و لا وجه لسقوطه بالتبري.

ثم انه قدس سره تعرض لجملة من الامور التي يمكن القول بسقوط الرد و الارش بها
الأمر الأول زوال العيب قبل الرد

و قد اختار قدس سره التفصيل بين الرد و الارش بالسقوط في الاول و عدمه في الثاني بتقريب انه مع زوال العيب لا يتضرر المشتري فلا وجه للرد و أما الارش فهو غرامة مجعولة في ذمة البائع و لا وجه لسقوطه عن عهدته.

و الحق ان يقال ان المدرك للخيار ان كان هو الاجماع فلا خيار اذ شمول الاجماع للمقام غير معلوم و الخيار خلاف القاعدة و ان كان المدرك الاشتراط الارتكازي فالظاهر انه ليس الاشتراط ثابتا في

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 507

فرض زوال العيب قبل الرد و ان كان المدرك النص فالظاهر أيضا عدم شموله للمقام فان الظاهر من حديث ميسر بل صريحه ان الرد يتعلق بالمعيب و مع فرض زوال العيب لا موضوع للرد كما هو ظاهر هذا بالنسبة الي الرد و أما بالنسبة الي الارش فلا مقتضي له في المقام اذ العمدة في دليله الاجماع و التسالم و لا اجماع في المقام.

و أما ما افاده الماتن من ان ذمة البائع يشتغل و البراءة مورد الشك فيرد عليه انه لا دليل علي المدعي المذكور و لذا لو لم يطالب المشتري الارش لجهله به أو لغير ذلك لا يجب علي البائع دفعه.

و اما قاعدة الزائل العائد كالذي لم يزل أو كالذي لم يعد فليس تحتها شي ء مضافا الي انها لا تنطبق علي المقام فان المفروض ان العيب زال و لم يفرض عوده.

الأمر الثاني التصرف في العين بعد العلم بالعيب
اشارة

فانه مسقط للرد و الارش عند ابن حمزة علي ما نقل عنه و الذي يمكن ان يقال في تقريب المدعي وجهان.

الوجه الأول ان التصرف دليل علي الرضا.
الوجه الثاني ان النص الدال علي الارش بعد التصرف يختص بصورة عدم العلم بالعيب

و كلا الوجهين مخدوشان اما الاول فبان التصرف اعم من الرضا. و اما الثاني فلان الامر ليس كذلك فان الحديث الدال علي الارش بعد التصرف مطلق من حيث العلم و عدمه فلا وجه للاختصاص و اما ما ورد في سقوط خيار الحيوان بالتصرف فيه فهو يختص بتلك المسألة و لا وجه للتسرية اذ ما ورد هناك حكم تعبدي مختص بموضوعه و مقتضي ما ورد من النص في المقام كحديث جميل «1» هو الاطلاق نعم يمكن ان يقال ان دليل الارش كما تقدم منا

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 483.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 508

هو التسالم فلا بد من الاقتصار علي مورد يكون متسالما عليه.

الأمر الثالث: التصرف في المعيب بالعيب الّذي لا يوجب نقصا في القيمة

كالخصاء فان الارش لا يتصور فيه و اما الرد فيسقط بالتصرف و يرد عليه انه لا دليل علي سقوط الخيار بمطلق التصرف نعم اذا كان التصرف دالا علي الاسقاط فلا اشكال في السقوط.

الأمر الرابع: حدوث عيب في المعيب بالعيب الّذي لا يكون موجبا لنقصان القيمة
اشارة

فان الارش لا يتصور فيه كما تقدم و اما الرد فيسقط بمقتضي ما دل علي سقوط الرد بحدوث التغير في المبيع و تخصيص ذلك الدليل بخصوص مورد يكون الارش ثابتا بلا وجه.

و أما التمسك بدليل الضرر فلا مجال له حيث قد تقدم منا مرارا ان القاعدة لا تقتضي الاثبات بل شأن القاعدة نفي الاحكام الضررية و يختلج بالبال في هذه العجالة انه لو قلنا بمقالة المشهور في مفاد القاعدة و قلنا مفادها النفي لا النهي و القاعدة تكون حاكمة علي ادلة الاحكام نقول يمكن التمسك بها لنفي اللزوم فيما يكون ضرريا اذ لا تختص القاعدة بنفي الاحكام التكليفية بل تعم الاحكام الوضعية أيضا و حيث انه لا يمكن الاهمال في الواقع يكون رفع اللزوم مستلزما للجواز.

و علي هذا الاساس يلزم جريان القاعدة في نظير اللزوم و الالتزام بالرفع مثلا لو كان زيد مالكا لمقدار كر من الزيت ثم اصابه دم يصيره متنجسا علي مقتضي القاعدة و لكن تنجس الزيت يوجب تضرر المالك فيقتضي ان يحكم بعدم نجاسته فيكون طاهرا لا محاله و قس عليه بقية الموارد و يأتي هذا البيان بالنسبة الي قاعدة رفع الحرج و الظاهر انه يلزم تأسيس فقه جديد و اللّه العالم.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 509

و يمكن رد الدعوي المذكورة بوجوه.
الوجه الأول انه لو كان الامر كذلك لشاع و ذاع

و لم يكن واقعا مورد البحث و الرد و الايراد فان الثمرات المترتبة علي التقريب المذكور كثيرة جدا و موردا لابتلاء العموم فكيف يمكن ان تكون تحت الستار.

الوجه الثاني النصوص الواردة الدالة علي تنجس السمن و الزيت و غيرهما

«1». فان الامام عليه السلام حكم بحرمة الاكل و الشرب و البيع و حكم بنجاسة الملاقي مع النجاسة مع انه يتضرر المالك و يكون حرجا عليه و مع ذلك لم يؤثر الضرر و الحرج في الحكم الشرعي.

الوجه الثالث ما ورد في باب الزوجة المبتلاة

فقال عليه السلام في حديث بلية ابتليت فلتصبر فانه يستفاد من الحديث ان الحرج و الضرر لا يؤثر ان في ارتفاع العلقة الزوجية اللهم الا ان يقال اذا تم التقريب المذكور نخصصه بهذه الموارد المشار إليها و تخصيص العام ليس امرا عزيزا فلاحظ.

لكن العمدة في الاشكال عدم تمامية دليل سقوط الخيار بالتغير الحادث في العين من حيث السند فعليه يكون مقتضي القاعدة عدم سقوط الرد لا للاستصحاب كما في كلام الماتن فان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد بل لاطلاق دليل الخيار نعم لو كان العيب الحادث موجبا لنقصان القيمة يلزم علي المشتري دفع الارش.

الأمر الخامس ثبوت احد مانعي الرد اي التصرف فيه و حدوث عيب جديد في المعيب الّذي لا يجوز اخذ ارش العيب

بملاحظة

______________________________

(1) الوسائل الباب 44 و 45 من ابواب الاطعمة المحرمة و الباب 5 من ابواب الماء المضاف و الباب 6 من ابواب ما يكتسب به.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 510

ترتب الربا فان المفروض سقوط الرد بالتصرف و بحدوث العيب الجديد فيه يحصل التغير في المبيع فلا يجوز الرد كما انه لا يجوز الارش للزوم الربا المحرم فيسقط الرد و الارش كلاهما و الحق عدم سقوط شي ء من الامرين و لا مقتضي لسقوط الرد و لا الارش و ذلك لان التصرف كما تقدم اعم من الرضا و لا يستلزم التصرف في العين اسقاط الخيار كما انه لا دليل معتبر علي سقوط الرد بحدوث العيب في العين و صيرورتها متغيرة فلا يسقط الرد كما انه لا وجه لسقوط الارش فان الارش غرامة شرعية و لا يرتبط بالعوضين.

«قوله قدس سره: اقدم علي عدم مطالبة مال زائد علي ما يأخذه»

يرد عليه أولا ان الامر ليس كذلك فان العقد الواقع علي الجنس الربوي و المعاوضة بين الربويين لا

يستلزم الاقدام المذكور و ثانيا ان الاقدام المذكور لا اثر له الا ان يرجع الي اسقاط الخيار و هو مشكل اذ يدخل تحت كبري اسقاط ما لم يجب و لا دليل علي صحته.

«قوله قدس سره: و قد عرفت النظر فيه»

ما عرفنا بل مقتضي الاطلاق عدم الفرق نعم لا دليل معتبر علي اصل الحكم اي سقوط الرد بحصول التغير في المعيب.

«قوله قدس سره: و ان رد مع الارش لزم الربا»

الخ الربا يختص بالمعاوضة ورد المبيع بالفسخ لا يكون معاوضة كما هو ظاهر فان الفسخ حل العقد غاية الامر يثبت الارش بالحكم الشرعي و بعبارة واضحة الارش بحكم الشارع و هل يعقل ان يكون الحكم الشرعي موجبا لتحقق الربا و علي الجملة المشتري اذا فسخ العقد في مفروض الكلام اما يؤثر و اما لا يؤثر فعلي الاول يتحقق الحكم الشرعي بدفع الارش و هل يمكن ان يكون الحكم الشرعي بالارش

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 511

يوجب بطلان الفسخ أ ليس هذا داخلا تحت كبري ان المعلول يقتضي عدم علته و هذا من الاباطيل الاولية و مما ذكرنا ظهران اخذ الارش من البائع لاجل العيب السابق جائز و لا يرتبط بمسألة الربا.

«قوله قدس سره: و لذا يبطل التقايل مع اشتراط الزيادة أو النقيصة»

قد ظهر مما ذكرنا انه لا مجال للتقريب المذكور فان التقايل حل العقد من الطرفين كما ان الفسخ حل للعقد من طرف واحد و لا معاوضة في شي ء منهما نعم لا يجوز الاشتراط المذكور في التقايل من ناحية اخري و هي ان التقابل حل للعقد و مقتضي حله رجوع كل من العوضين الي محله الاول و لا مقتضي للزيادة و النقيصة و اشتراطهما باطل

لكون الشرط المذكور خلاف الشرع فيكون شرطا فاسدا.

«قوله قدس سره: و الاول اولي»

ما افاده قدس سره من الغرائب فان الشي ء لا ينقلب عما هو عليه و علي هذا الاساس كيف يمكن ان يكون اخذ الارش موجبا لصيرورة العقد ربويا و بعبارة واضحة ان العقد الصادر من المتعاقدين اما يكون ربويا و اما لا أما علي الاول فيكون باطلا من الاول و أما علي الثاني فلا يعقل اتصافه به بعد عدمه مضافا الي ان الارش ليس في مقابل وصف الصحة فان وصف الصحة لا يقابل بشي ء بل الارش غرامة شرعية مجعولة من قبل الشارع الاقدس.

«قوله قدس سره: كنسيان العبد الكتابة»

كانه قدس سره فرض عدم الضمان في نسيان الكتابة و امثاله و الحال ان الامر ليس كذلك فان نسيان الكتابة و امثاله يوجب الضمان و الوجه في الضمان انه اذا فسخ المشتري تعتبر العين مملوكة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 512

للبائع و حيث ان العين كانت ذات وصف كذائي كالصحة و الكتابة و امثالهما و تكون يد المشتري يد ضمان و المفروض ان التلف تحقق في يده تكون الغرامة بعهدته و ان شئت قلت اذا فرض ان العين المشتراة تلفت في يد المشتري و بعد التلف فسخ العقد يكون ضامنا للعين كذلك يكون ضامنا للصفات التي زالت عنده فان ضمان كلا الامرين من باب واحد.

«قوله قدس سره: لان وصف الصحة فيه يقابل بجزء من الثمن».

وصف الصحة لا يقابل بجزء من الثمن كبقية الاوصاف بل الاوصاف توجب زيادة قيمة العين و الذي يدل علي المدعي انه لا يجوز بيع الوصف بما هو وصف و الحال انه لو كان مقابلا لمقدار من الثمن كان مقتضاه جواز بيعه

فقط و هو كما تري.

الأمر السادس: تأخير الاخذ بمقتضي الخيار مع العلم بالعيب

بتقريب انه لا دليل علي التراخي و القدر المعلوم من الخيار الفور نعم مقتضي الاستصحاب بقائه و تراخيه و يرد عليه أولا انه ما الوجه في سقوط الارش فان غاية البيان المذكور فورية الرد و ثانيا انه لا وجه للفورية فان دليل الخيار ان كان الارتكاز العقلائي فهو يقتضي التراخي و ان كان النص الخاص فأيضا كذلك نعم ان كان المدرك الاجماع فلا بد من الاخذ بالمقدار المعلوم.

و ثالثا انه لو التزمنا بعدم الدليل علي التراخي فلا تصل النوبة الي استصحاب الخيار اذ يرد عليه أولا ان مع الدليل الاجتهادي لا مجال للاصل العملي و المفروض ان عموم قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» يقتضي اللزوم فلا مجال لاستصحاب الجواز و ثانيا ان الاستصحاب الجاري في الحكم الكلي معارض باستصحاب عدم الجعل الزائد

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 513

فتحصل ان الحق بقاء الخيار و حق اخذ الارش و لا وجه للقول بالفورية فيهما.

[مسألة هل يجب الإعلام بالعيب]

«قوله قدس سره: قال في المبسوط من باع شيئا فيه عيب لم يبينه فعل محظورا و كان المشتري بالخيار».

لا اشكال في حرمة الغش تكليفا و قد مرّ الكلام حوله في المكاسب المحرمة فمع احرازه لا شبهة في حرمته و مع الشك في الصدق يكون مقتضي الاصل الموضوعي و الحكمي هو الجواز اما الاصل الموضوعي فهو عبارة عن استصحاب عدم صدق العنوان فلا يترتب عليه حكمه و اما الاصل الحكمي فهو عبارة عن البراءة عن الحرمة و اذا باع و غش المشتري يكون المشتري بالخيار لاجل الاشتراط الارتكازي.

و يقع الكلام في صدقه في بعض الموارد مثلا لو باع المعيب و لم يبيّن العيب فتارة يتبرأ من العيب و اخري يقول ان العين سالمة

و لا عيب فيها و ثالثة يسكت اما الصورة الأولي فلا يصدق عنوان الغش و اما الصورة الثانية فالظاهر انها مصداق للغش فان الغش علي ما يستفاد من اللغة عبارة عن مفهوم «گول زدن و كلاه به سر گذاردن» في اللغة الفارسية و لا يصدق العنوان المذكور الا مع علم الغاش و جهل المغشوش و إرادة الغاش اضلال المغشوش.

و أما الصورة الثالثة: فقال سيدنا الاستاد في منهاجه في هذا المقام و قد يكون بترك الاعلام مع ظهور العيب و عدم خفائه كما اذا احرز البائع اعتماد المشتري عليه في عدم اعلامه بالعيب فاعتقد انه صحيح و لم ينظر في المبيع ليظهر له عيبه فان عدم اعلام البائع بالعيب مع اعتماد المشتري عليه غش للمشتري انتهي كلامه رفع

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 514

في علو مقامه فالميزان في الحرمة صدق العنوان المذكور و بعد صدقه يحرم تكليفا و يترتب عليه الخيار وضعا.

«قوله قدس سره: ثم التبري من العيوب هل يسقط وجوب الاعلام في مورده»

الخ.

قد ظهر مما تقدم انه يسقطه و ان عنوان الغش مع التبري لا يصدق و مجرد كون المشتري معتمدا علي اصالة الصحة من باب عدم اعلام البائع بالعيب لا يوجب تعنون البائع بكونه غاشا و العرف ببابك مضافا الي انه قد مرّ الاشكال في كون اصالة السلامة اصلا معتبرا الا ان يكون مصداقا للاستصحاب.

«قوله قدس سره: ثم ان المذكور في جامع المقاصد و المسالك و عن غيرهما انه ينبغي بطلان البيع في مثل شوب اللبن بالماء».

الظاهر ان القاعدة تقتضي التفصيل بان يقال تارة يكون شوب الماء باللبن بنحو يخرج اللبن عن كونه لبنا و يصدق علي المركب منهما عنوان آخر و

اخري لا يخرجه عن ذلك غاية الامر يكون لبنا معيبا اما علي الاول فيكون البيع باطلا اذ ما وقع عليه البيع هو اللبن و ما يكون في الخارج غيره فيكون مثل بيع الحمار الوحشي و الحال ان ما في الخارج العبد الحبشي و اما علي الثاني فيكون البيع صحيحا غاية الامر يترتب عليه حكم المعيب فلاحظ.

[مسائل في اختلاف المتبايعين]
[الأول الاختلاف في موجب الخيار]
اشارة

________________________________________

قمّي، سيد تقي طباطبايي، عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، 4 جلد، كتابفروشي محلاتي، قم - ايران، اول، 1413 ه ق عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب؛ ج 3، ص: 514

«قوله قدس سره: فالقول قول المنكر بيمينه».

لان الاصل موافق معه و بعبارة اخري المدعي للعيب يدعي ثبوت الخيار أو الارش و كلاهما علي خلاف الاصل و يحتاج اثباتهما الي اقامة البيّنة.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 515

«قوله قدس سره: كان الحكم كسابقه»

لعين التقريب المتقدم فلا وجه للاعادة.

«قوله قدس سره: كان للمشتري الخيار في الرد»

اذ العيب متفق عليه بينهما فيترتب عليه الخيار و اما الارش فهو غير معلوم و ينفي بالاصل و بعبارة واضحة قد مرّ سابقا ان من العيوب ما لا يوجب قلة القيمة كالخصاء.

«قوله قدس سره: كان القول قول منكر تقدمه»

علي ما هو المقرر من ان المدعي عليه البينة و اما المنكر فالقول قوله و حيث ان المشتري يدعي الخيار و البائع ينكره فالقول قوله.

«قوله قدس سره: حتي لو علم تاريخ الحدوث».

فان الحق جريان الاصل في معلوم التاريخ في الحادثين و ما افاده في الكفاية من الشبهة المصداقية لنقض اليقين بالشك لا محصل له فان الشك في الحالة الوجدانية لا معني له فتأمل.

«قوله قدس سره: لان اصالة عدم العقد حين حدوث العيب لا يثبت وقوع العقد علي

المعيب»

الخ فانه من الاصل المثبت الذي لا نقول به مضافا الي انه معارض بمثله و هو أصل عدم حدوث العيب الي زمان العقد.

[لو اختلفا في حدوث العيب في ضمان البائع أو تأخره عن ذلك]
اشارة

«قوله قدس سره: و لعله لاصالة عدم تسليم البائع العين الي المشتري علي الوجه المقصود»

الخ ادعي ابن الجنيد علي ما نقل عنه بانه لو ادعي البائع ان العيب

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 516

حدث عند المشتري حلف المشتري ان كان منكرا و الشيخ قدس سره

قرب ما افاده ابن الجنيد بوجوه ثلاثة.
الوجه الأول: اصالة عدم تسليم البائع العين الي المشتري علي الوجه المقصود.

و يرد عليه أولا ان الاصل المذكور لا يقتضي الخيار للمشتري الا علي القول بالاثبات و ثانيا ان الشك المذكور ناش عن حدوث العيب قبل القبض أو بعده و حيث ان اصالة عدم حدوث العيب الي زمان القبض جارية لا تصل النوبة الي اصالة عدم التسليم علي الوجه المقصود فان الاصل السببي حاكم علي الاصل المسببي.

الوجه الثاني اصالة عدم استحقاق البائع الثمن بتمامه

و يرد عليه ان البائع يستحق الثمن بتمامه بالعقد غاية الامر اذا كانت العين معيبة يؤخذ منه الارش بعنوان الغرامة الشرعية.

الوجه الثالث: اصالة عدم لزوم العقد

و يرد عليه ان الاصل الاولي في العقود اللزوم بمقتضي قوله تعالي «أَوْفُوا بِالْعُقُودِ» و الجواز يحتاج الي الدليل.

«قوله قدس سره: قال في التذكرة و لو اقام احدهما بينة عمل بها ثم قال و لو اقاما بينة عمل ببينة المشتري لان القول قول البائع لانه ينكر فالبينة علي المشتري و هذا منه مبني علي سقوط اليمين عن المنكر باقامة البينة و فيه كلام في محله و ان كان لا يخلو عن قوة».

الماتن قدس سره اشار بكلامه الي بحث في باب القضاء و هو انه هل يختص اقامة البينة بالمدعي و يختص اليمين بالمنكر الا في صورة الرد علي المدعي أم لا يختص بل لكل واحد منهما اقامة البينة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 517

المشهور فيما بين القوم القول الاول و في مقابله القول الثاني ذهب إليه بعض كالشهيد و العلامة و يمكن الاستدلال علي القول الاول بوجوه.

[المشهور علي أن اقامة البينة بالمدعي و يختص اليمين بالمنكر]
الوجه الأول: ما رواه جميل و هشام

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البينة علي من ادّعي و اليمين علي من ادعي عليه «1» و مثله الحديث الثاني و الثالث و الرابع و الخامس و السادس و السابع من هذا الباب.

الوجه الثاني: الاجماع

فانه ربما يدعي عليه كما يشاهد في كلماتهم و قد نقل عن المستند انه نقل الاجماع عليه عن بعض معاصريه.

الوجه الثالث: السيرة العقلائية الجارية عليه

فانه لا اشكال في انه لو كانت دار مثلا في يد احد و عليها سلطانه فادعي غيره انها له يطلب من المدعي البينة في المحاكم العرفية و العرف ببابك.

الوجه الرابع: ان هذه المسألة محل الابتلاء

و لا يمكن عادة ان يبقي حكمها تحت الستار و ان شئت قلت لو كان الحكم الشرعي علي خلاف المشهور لذاع و شاع و حيث لا يكون كذلك يعلم ان الحق ما عليه المشهور فلاحظ.

و استدل علي القول الآخر أيضا بوجوه.
الوجه الأول: حجية البينة علي الاطلاق

و مقتضي اطلاقها عدم اختصاصها بخصوص البائع و يرد عليه ان تقييد الاطلاق أو تخصيص العام ليس بعزيز و بعبارة اخري نرفع اليد عن الاطلاق المذكور بما

______________________________

(1) الوسائل الباب 3 من ابواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 518

يدل علي الاختصاص و التفصيل المستفاد من النصوص المشار إليها.

الوجه الثاني: ما رواه أبو ضمرة

عن أبيه عن جده قال: قال أمير المؤمنين عليه السلام احكام المسلمين علي ثلاثة: شهادة عادلة او يمين قاطعة أو سنة ماضية من ائمة الهدي «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث انه من جملة ما يتحقق به الحكم البينة و يرد عليه أولا ان السند مخدوش و ثانيا انه لا تنافي بين الامرين فان البينة تؤثر في مورد و اليمين في مورد آخر.

الوجه الثالث: ما ورد في بعض النصوص

من ان اللّه اوحي الي بعض انبيائه ان اقض بينهم بالبينات و اضفهم الي اسمي لاحظ خبر سليمان بن خالد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في كتاب عليّ عليه السلام ان نبيا من الأنبياء شكا الي ربه فقال يا ربّ كيف اقضي فيما لم أر و لم اشهد قال فأوحي اللّه إليه احكم بينهم بكتابي و اضفهم الي اسمي فحلفهم به و قال هذا لمن لم تقم له بينة «2».

و خبر أبان بن عثمان عمّن اخبره عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال في كتاب علي عليه السلام ان نبيّا من الأنبياء شكا الي ربّه القضاء فقال كيف اقضي بما لم تر عيني و لم تسمع اذني فقال اقض بينهم بالبينات و اضفهم الي اسمي يحلفون به 3.

و فيه انه لا يدل الحديث علي كون اليمين في عرض البينة و كليهما في حد سواء و بعبارة اخري يستفاد من الحديث ان اليمين

______________________________

(1) الوسائل الباب 1 من ابواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي الحديث 6.

(2) (2 و 3) الوسائل الباب 1 من ابواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي الحديث 1 و 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 519

في طول البينة و قد علم من الدليل الاخر ان اليمين وظيفة المنكر

و اذا لم يكن للمدعي البينة و المنكر لم يحلف ورد اليمين الي المدعي يحلف.

الوجه الرابع: مطالبة أبي بكر الملعون البينة من فاطمة عليها السلام

و الحال ان الفدك كان في يدها مع ان المدعي لا بدان يقيم البينة و الحال انه أراد من الصديقة عليها السلام اقامتها و يرد عليه ان فعل أبي بكر و اضرابه لا يترتب عليه الا العذاب الاكبر و أمير المؤمنين عليه السلام لم يصدقه في فعاله بل علي مقتضي النقل في مقام المحاجة اورد عليه بعين الايراد.

لاحظ ما روي عن أبي عبد اللّه عليه السلام في حديث فدك ان أمير المؤمنين عليه السلام قال لابي بكر أ تحكم فينا بخلاف حكم اللّه في المسلمين قال لا قال فان كان في يد المسلمين شي ء يملكونه ادّعيت انا فيه من تسأل البينة قال اياك كنت اسأل البينة علي ما تدعيه علي المسلمين قال فاذا كان في يدي شي ء فادّعي فيه المسلمون تسألني البيّلة علي ما في يدي و قد ملكته في حياة رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله و بعده و لم تسأل المؤمنين البينة علي ما ادعوا علي كما سألتني البينة علي ما ادعيت عليهم الي ان قال و قد قال رسول اللّه صلي اللّه عليه و آله البينة علي من ادّعي و اليمين علي من انكر «1».

و لكن في مقابل الكافر العنود المكب علي الدنيا لا سبيل الا التسليم و الي اللّه المشتكي.

الوجه الخامس: جملة من النصوص

التي تدل علي اعتبار بينة

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي الحديث 3.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 520

الداخل اي ذي اليد منها ما رواه ابو بصير قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام عن الرجل يأتي القوم فيدعي دارا في ايديهم و يقيم البينة و يقيم الّذي في يده الدار البينة انه ورثها

عن ابيه و لا يدري كيف كان امرها قال اكثرهم بينة يستحلف و تدفع إليه و ذكران عليا عليه السلام اتاه قوم يختصمون في بغلة فقامت البينة لهؤلاء انهم انتجوها علي مذودهم و لم يبيعوا و لم يهبوا و قامت البينة لهؤلاء بمثل ذلك فقضي عليه السلام بها لاكثرهم بينة و استحلفهم قال فسألته حينئذ فقلت أ رأيت ان كان الّذي ادعي الدار قال ان أبا هذا الّذي هو فيها اخذها بغير ثمن و لم يقم الّذي هو فيها بينة الا انه ورثها عن ابيه قال اذا كان الامر هكذا فهي للذي ادعاها و اقام البينة عليها «1».

و منها ما رواه اسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه ان رجلين اختصما الي امير المؤمنين عليه السلام في دابة في ايديهما و اقام كل واحد منهما البينة انها نتجت عنده فاحلفهما علي عليه السلام فحلف احدهما و ابي الآخران يحلف فقضي بها للحالف فقيل له فلو لم تكن في يد واحد منهما و اقاما البينة فقال احلفهما فأيهما حلف و نكل الآخرة جعلتها للحالف فان حالفا جميعا جعلتها بينهما نصفين قيل فان كانت في يد احدهما و اقاما جميعا البينة قال اقضي بها للحالف الّذي هي في يده 2 و الجواب انه لو امكن تخصيص تلك الكبري بهذه النصوص نلتزم به و اما اذا لم يمكن التخصيص نرفع اليد عن هذه الروايات.

الوجه السادس ما رواه حفص بن غياث

عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال: قال له رجل اذا رأيت شيئا في يدي رجل يجوز لي ان اشهد انه

______________________________

(1) (1 و 2) الوسائل الباب 12 من ابواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي الحديث 1 و 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3،

ص: 521

له قال نعم قال الرجل اشهد انه في يده و لا اشهد انه له فلعلّه لغيره فقال أبو عبد اللّه عليه السلام أ فيحل الشراء منه قال نعم فقال أبو عبد اللّه عليه السلام فلعلّه لغيره فمن أين جاز لك ان تشتريه و يصير ملكا لك ثمّ تقول بعد الملك هو لي و تحلف عليه و لا يجوز ان تنسبه الي من صار ملكه من قبله أليك ثم قال أبو عبد اللّه عليه السلام لو لم يجز هذا لم يقم للمسلمين سوق «1».

بتقريب ان المستفاد من الحديث جواز الشهادة لذي اليد و الحال ان وظيفته اليمين و فيه ان السند مخدوش فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالة الرواية فلاحظ.

«قوله قدس سره: ان كان قد اختبر المبيع»

الخ قد فصل قدس سره في المقام بين اختبار البائع المبيع و عدمه فعلي الاول يمكنه الحلف علي عدم تقدم العيب واقعا و بعبارة اخري يحلف علي العدم في الواقع و أما مع عدم الاختبار ففي جواز الاستناد الي الاصل وجه فيجوز له الحلف كما يجوز له الحلف علي طهارة شي ء استنادا الي الاصل.

و يمكن الفرق بين البابين بان الطهارة في الاصطلاح عبارة عمّا يعم غير معلوم النجاسة لا الطهارة الواقعية كما ان المراد بالملكية أو الزوجية كذلك فلا مانع من الحلف فان مورده محرز بالوجدان و استدل بحديث حفص بن غياث و قد مرّ آنفا حيث يستفاد من الحديث جواز الشهادة مستندا الي اليد اقول قد عبر عن الحديث برواية جعفر و الحال ان الراوي هو الحفص لا جعفر و يمكن ان يكون مراده انه

______________________________

(1) الوسائل الباب 25 من ابواب كيفية الحكم و احكام الدعاوي الحديث 2.

عمدة المطالب

في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 522

صادر عن جعفر بن محمد عليهما السلام و الامر سهل.

ثم انه لا وجه للاستدلال بحديث حفص اذ الحديث المذكور ضعيف سندا مضافا الي ان المذكور في الحديث الاستناد الي اليد و الكلام في المقام في جواز الحلف مستندا الي الاصل لا الي الامارة و الّذي يختلج بالبال ان يقال انه قد ثبت في محله ان الاستصحاب يقوم مقام القطع الطريقي خصوصا اذا قلنا ان الاستصحاب أمارة حيث لا أمارة فلا بأس بالشهادة أو الحلف علي نحو البت مستندا الي الاستصحاب الا ان يقوم دليل علي الخلاف كما لا يبعد قيامه علي عدم جواز الشهادة مستندا الي الاستصحاب.

ثم انه هل يكون مجرد نفي العلم بالتقدم كافيا في اسقاط الدعوي أم لا الظاهر هو الثاني فلا اثر علي مجرد نفي العلم فان نفي العلم لا يقتضي شيئا بالنسبة الي الواقع فلا بد من رد القسم علي المدعي فاذا حلف يثبت مدعاه فانقدح بما ذكرناه انه لا فرق بين كون البائع مختبرا للمبيع و عدمه اذ قلنا انه يمكنه الحلف مستندا الي الاستصحاب و علي كل تقدير لا اثر للحلف علي نفي العلم و يمكن ان الماتن بامره بالفهم بقوله فافهم يشير الي دقة المطلب و اللّه العالم.

«قوله قدس سره: فرع لو باع الوكيل فوجد به المشتري عيبا يوجب الرد رده علي الموكل»

الخ الظاهر ان الامر كما افاده فان المالك هو الاصل و الوكيل وسيلة الطرفين و ربط بين الجانبين و ينتهي شأنه بتمامية العقد.

«قوله قدس سره: فيحلف الموكل علي عدم التقدم كما مرّ»

و قد مرّ الكلام حوله.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 523

«قوله قدس سره: و لا يقبل اقرار

الوكيل بقدمه لانه اجنبي»

و اقرار العقلاء علي انفسهم جائز لا علي غيرهم.

«قوله قدس سره: و اذا كان المشتري جاهلا بالوكالة»

ان المشتري لو ادعي علي الوكيل و الوكيل اعترف بقدم العيب لا يمكنه رد المبيع الي الموكل فانه بلا وجه و لا بدّ في اثباته من اقامة البينة فيكون للوكيل احلاف الموكل علي عدم السبق لدفع الظلامة عن نفسه فلو رد اليمين فحلف الوكيل يلزم الموكل و لو انكر الوكيل التقدم يحلف ليدفع عن نفسه و ليس للمشتري تحليف الموكل المقر بالوكالة اذ تحليفه للموكل اقرار بالوكالة فيسقط دعواه عن الوكيل و المفروض ان الواقعة واحدة و لا تعدد في الدعوي فليس له تحليف شخصين و بعبارة واضحة المشتري اما طرف في الدعوي مع الوكيل و اما طرف مع الموكل فلاحظ.

«قوله قدس سره: وجهان بناهما في القواعد علي كون اليمين»

الّذي يختلج بالبال في هذه العجالة ان اليمين المردودة لا يكون كالبينة و لا يكون كالاقرار لعدم الدليل عليه فلا بد من ان يعمل علي طبق القواعد المقررة مضافا الي ان المفروض ان الوكيل معترف بعدم السبق فكيف يجوز له ان يراجع الي الموكل اللهم الا ان يكون اعترافه مبنيا علي الاصل فانه من الظاهر انه لا مجال للاصل مع وجود الامارة.

«قوله قدس سره: الرابعة لورد سلعة بالعيب فانكر البائع انها سلعته قدم قول البائع»

اذ المشتري يدعي الخيار و البائع ينكره فالقول قوله بل الاصل

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 524

يجري في السبب فان مقتضي الاصل عدم كون المردود سلعة البائع.

«قوله قدس سره: فاحتمل هنا في التذكرة و القواعد تقديم قول المشتري»

الظاهر انه لا وجه له فان الاعتراف بالخيار لا يقتضي ان يكون المردود عين

السلعة و مع الشك يكون مقتضي الاصل العدم كما ان اعمال الخيار لا يرتبط بكون المردود من سلعة البائع أو غيرها.

«قوله قدس سره: و الاصل عدمها»

لا اصل لهذا الاصل و الا يلزم الحكم بعدالة كل شخص مجهول الحال لاصالة عدم كونه خائنا في الحكم الشرعي و هل يمكن الالتزام به كلا ثم كلا مضافا الي انه يمكن ان يكون اقدامه مبنيا علي الغفلة و الاشتباه و كيف كان الميزان الكلي في باب الدعاوي ان القول قول من يكون قوله موافقا مع الاصل بخلاف المدعي.

«قوله قدس سره: الثاني سقوط حق الخيار»

هذا خلاف ظاهر المسألة فان البائع لا ينكر الخيار و لا يدعي سقوطه بل ينكر كون المردود سلعته و الاصل معه فالقول قوله.

«قوله قدس سره: قدم منكر العلم»

فانه مقتضي الاصل.

«قوله قدس سره: أقواهما الاول»

الّذي يختلج بالبال ان يفصل بان نقول اذا قلنا ان العيب اذا كان زائلا قبل العلم به فلا خيار من اوّل الامر لا انه كان ثابتا ثم زال فمقتضي الاصل عدم الخيار اذ لا ندري ان المشتري علم به في زمان وجوده و قبل زواله و الاصل عدم تحقق علمه به.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 525

و بعبارة واضحة موضوع الخيار علم المشتري بالعيب قبل زواله و مقتضي الاستصحاب عدم تعلق علمه به و اما ان قلنا بان الخيار ثابت بوجود العيب و انما يرتفع و يسقط بزواله قبل العلم به فاذا شك في البقاء معناه الشك في تحقق المسقط و الاصل عدم تحققه فلاحظ.

[الثاني الاختلاف في المسقط]

«قوله قدس سره: و لو اختلفا بعد حدوث عيب جديد و زوال احد العيبين في كون الزائل»

الخ.

فيدعي البائع ان الزائل العيب القديم فلا رد و لا

ارش و يدعي المشتري ان الزائل الجديد فله الخيار الظاهر ان القول قول المشتري اي يكون له الخيار اذ المفروض ان حدوث العيب قطعي و زواله مشكوك فيه و الاستصحاب يقتضي بقائه المقتضي للخيار و لا يعارضه استصحاب بقاء الحادث اذ اصالة بقاء الحادث لا يقتضي زوال القديم الا علي النحو المثبت الّذي لا نقول به ففي النظرة الاولي يتصور تمامية الامر و لا مجال للتعارض.

و لكن بحسب النظرة الثانية ان في المقام شبهة و هي ان الاستصحاب الجاري في بقاء الوجود المحمولي لا يثبت الوجود النعتي مثلا لو كان في يوم السبت مقدار كر من الماء في الحوض و في يوم الاحد يحتمل ان الموجود في الحوض هو الماء الموجود في السابق و يحتمل كونه غير ذلك الماء فاذا شك في كرية الماء الموجود بالفعل لا مجال لاستصحاب بقاء الكر لاثبات كرية الموجود الا علي نحو الاثبات و المقام كذلك لان استصحاب بقاء العيب السابق لا يثبت ان الموجود بالفعل هو الاعلي نحو الاثبات ان قلت لا اشكال في حدوث عيب سابق

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 526

في العين و لا شك فيه و هو يوجب الخيار فأي مانع من اجراء الاستصحاب في الخيار فان الخيار كان موجودا و يشك في ارتفاعه و الاصل بقائه.

قلت اما علي القول بان العيب اذا زال قبل علم المشتري به فلا خيار يكون الامر ظاهرا اي لا مجال لاستصحاب الخيار فانه لا علم بوجوده كي يحكم ببقائه بالاستصحاب.

و أما علي القول بثبوت الخيار بالعيب و ارتفاعه بزوال العيب قبل العلم فيمكن القول ببقاء الخيار اذا شك في مسقطه بعد العلم بوجوده و الاصل يقتضي عدم تحقق

المسقط و بما ذكرنا ظهر فساد ما نسب الي الشافعي من ان الوظيفة التحالف اذ مقتضي ما ذكرنا ان القول قول المشتري و يلزم علي البائع اثبات سقوط الخيار هذا علي تقدير و علي تقدير آخر يكون القول قول البائع فعلي كلا التقديرين لا مجال للتحالف مضافا الي ان ما افيد في المقام من ان البائع يستفيد بحلفه عدم الرد و يستفيد المشتري بحلفه اخذ الارش كيف يمكن الالتزام به مع كونه مخالفا مع القطع الوجداني اذ العيب الموجود ان كان هو العيب الّذي كان في العين قديما فيجوز الرد و ان لم ين فلا يجوز الارش فما افاده باطل.

«قوله قدس سره: الثالثة لو كان عيب مشاهد غير المتفق عليه فادعي البائع حدوثه عند المشتري و المشتري سبقه»

الامر كما افاده الماتن من ان القول قول المشتري و هو بقاء الخيار و عدم سقوطه و لا مجال للمقايسة بين المقامين فان الدعوي في المقام الأول في اصل ثبوت الخيار و في المقام الثاني في سقوطه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 527

و القول قول البائع في الاول و قول المشتري في الثاني فان استصحاب عدم كونه سابقا و عدم تحققه لا يثبت حدوثه عند المشتري كي يسقط الخيار الا علي القول بالاثبات الّذي لا نقول به و بما ذكرنا ظهر ان ما افاده الماتن قدس سره في الفرع المذكور تام بتمامه و كما له فلاحظ.

«قوله قدس سره: الرابعة لو اختلف في البراءة قدم منكرها».

الامر كما افاده فان اثبات البراءة يحتاج الي الدليل و مقتضي الاصل عدمها فالقول قول منكرها.

«قوله قدس سره: و ربما يتراءي من مكاتبة جعفر بن عيسي «1» خلاف ذلك».

لاحظ ما رواه و

الحديث ضعيف سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالته.

«قوله قدس سره: ثم الحلف هنا علي نفي العلم بالبراءة لانه الموجب لسقوط الخيار».

و بعبارة اخري الذي يوجب سقوط الخيار علم المشتري بالبراءة و أما البراءة و عدمها فلا اثر لهما في الحكم.

«قوله قدس سره: حلف المشتري لاصالة عدم هذه الامور».

الامر كما افاده و الوجه مذكور في كلامه فلاحظ.

«قوله قدس سره: لاصالة بقاء الخيار».

الظاهر ان هذا هو الحق فان اصالة التأخر لا تثبت الحدوث عند

______________________________

(1) قد تقدم ذكر الحديث في ص 503.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 528

المشتري الا بالاصل المثبت الّذي لا نقول به فالقول قول من يدعي بقاء الخيار و بعبارة واضحة ان حدوث العيب عند المشتري المانع عن الاخذ بالخيار خلاف الاصل فالقول قول منكره.

«قوله قدس سره: فان كان الخيار باقيا فله انشائه».

الامر كما افاده اذ الخيار ان كان باقيا يكون لذيه الفسخ و لا مجال للاشكال فيه و البائع يلزم بترتيب الاثر علي فسخه فانه معترف ببقاء الخيار غاية الامر يدعي عدم صدور الفسخ من المشتري لكن يكون ملزما لان المفروض ان الفسخ صدر عن المشتري في الحال فالعقد منفسخ قطعا اما بالفسخ الاول كما يدعيه المشتري و اما بالفسخ الثاني كما يدعيه البائع فلا اشكال فيه.

«قوله قدس سره: و في الدروس انه يمكن جعل اقراره إنشاء».

هذا التقريب غير سديد فان الاقرار ليس إنشاء و لذا لو لم يصدر عنه الفسخ سابقا يكون العقد باقيا بحاله و ان شئت قلت الاقرار اخبار و الفسخ إنشاء فلا جامع بينهما نعم يمكن ترتيب الاثر عليه من باب قاعدة من ملك شيئا ملك الاقرار به انما الكلام في سند هذه القاعدة و مدركها و

نقل عن المحقق العراقي الشيخ ضياء الدين قدس سره ان السلطنة علي شي ء تلازم السلطنة علي اثباته.

و الانصاف ان هذه الدعوي ليس تحتها شي ء و لا ترجع الي محصل فانه يرد عليه نقضا و حلا اما النقض فبان الامر لو كان كما يقول يلزم انه لو ادعي احد انه عادل يصدق في قوله اذ كل مكلف مسلط علي صيرورته عادلا و هل يمكن الالتزام به.

و أما الحل فبان أي دليل دل علي هذه الملازمة المدعاة و انها

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 529

عقلية أو شرعية او لا هذا و لا ذاك و هو الحق فلا بد في اثبات المدعي من التوسل بدليل آخر و الظاهر انه امر مرتكز عند العقلاء و سيرتهم جارية عليه و يؤيد المدعي بل يدل عليه التسالم عليه بين الاصحاب كما يشاهد في كلماتهم مضافا الي دعوي الاجماع.

و يؤيد المدعي أيضا ما رواه الكاهلي قال: قلت لابي عبد اللّه عليه السلام كان لعمي غلام فابق فاتي الانبار فخرج إليه عمّي ثم رجع فقلت له ما صنعت يا عمّ في غلامك قال بعته فمكث ما شاء اللّه ثم ان عمّي مات فجاء الغلام فقال انا غلام عمك و قد ترك عمّي اولادا صغارا و انا وصيهم فقلت ان عمّي ذكر انه باعك فقال ان عمّك كان لك مضارّا و كره ان يقول لك فتشمت به و انا و اللّه غلام بنيه فقال صدّق عمك و كذب الغلام فأخرجه و لا تقبله «1».

و انما عبرنا بالتأييد لان الكاهلي لم يوثق صريحا نعم ورد في حقه قول المعصوم عليه السلام مخاطبا الي الطرف اضمن لي الكاهلي اضمن لك الجنة فان هذه العبارة

تشعر الي جلالة قدر الرجل عنده و لكن الانصاف ان هذه الجملة لا تدل علي توثيق الرجل اذ يمكن ان تكون توصية الامام بالنسبة إليه من باب كونه وجودا نافعا للدين و مروجا للولاية فلاحظ.

ان قلت: لا اشكال في اعتبار قاعدة اقرار العقلاء علي انفسهم جائز أو نافذ و هذا من مصاديقه و بعبارة اخري اقرار المالك بشي ء من مصاديق اقرار العقلاء.

قلت: اقرار العقلاء علي انفسهم يختص بموارد تكون ضررا علي المقر و لكن هذه القاعدة لا يختص بهذا القسم و بعبارة واضحة

______________________________

(1) الوسائل الباب 26 من ابواب بيع الحيوان.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 530

مورد قاعدة من ملك اعم من مورد القاعدة فلاحظ و لا تغفل.

«قوله قدس سره: افتقر مدعيه الي البينة».

الامر كما افاده فان اعتبار القاعدة يختص بمورد يكون المقر مالكا للمقر به و اما بعد انتهاء زمانه و انقضاء السلطنة فلا دليل علي الاعتبار و ان شئت قلت ليس علي اعتبار القاعدة اطلاق أو عموم كي يؤخذ به فلا بد من الاقتصار علي القدر المعلوم.

«قوله قدس سره: و مع عدمها حلف الاخر».

هو مقتضي قاعدة اليمين علي من انكر.

«قوله قدس سره: ثم اذا لم يثبت الفسخ فهل يثبت للمشتري المدعي للفسخ الارش»

الخ تارة المشتري لا يطالب الارش و اخري يطالب اما علي الاول فلا يمكنه اخذ شي ء اذ الارش انما يتحقق و يجب دفعه عند المطالبة لا مطلقا و اما علي الثاني فربما يقال بانه يستحق الارش كي لا يحرم عن كلا الحقين و عن الشهيد في الدروس انه يحتمل ان يأخذ اقل الامرين من الارش و ما زاد علي القيمة من الثمن ان اتفق لانه بزعمه يستحق الثمن ورد القيمة

فيقع التقاص في القيمة و يبقي قدر الارش مستحقا علي التقديرين.

و ما افاده متين لكن حق العبارة ان يقال و يبقي اقل الامرين مستحقا علي التقديرين و في المقام شبهة و هي ان التقاص متحقق في مورد التعدي و اما اذا كان مع العذر فلا دليل عليه الا ان يقال ان السيرة جارية علي هذا المنوال في امثال المقام و لم تردع عنها.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 531

«قوله قدس سره: وجهان».

ربما يقال ان القول قول مدعي الفسخ لاصالة الصحة فانها تقتضي صحة الفسخ و يرد عليه ان اصالة الصحة انما تجري فيما يكون الاهلية محرزة و المفروض انه يحتمل صدور الفسخ عن المشتري بعد انقضاء زمان الاهلية مضافا الي ان جريان اصالة الصحة في باب المرافعات و المنازعات محل الاشكال.

هذا علي تقدير كون المراد بالاصل حمل فعل الغير علي الصحة و ان كان المراد الاخذ بعموم دليل ان ذا الخيار له ان يفسخ فيرد عليه ان التمسك بالعام غير جائز في الشبهة المصداقية و يمكن اثبات المدعي بتقريب آخر و هو ان استصحاب بقاء الخيار الي حين الفسخ يقتضي الانفساخ ان قلت ان الاصل المذكور لا يترتب عليه وقوع الفسخ قبل الانقضاء الا علي القول بالمثبت الذي لا نقول به قلت يكفي لصحة الفسخ بقاء الخيار الي زمانه و هذا يتحقق من تركيب الوجدان مع الاصل.

لكن يرد علي التقريب المذكور ان الاصل المشار إليه معارض بمثله و هو استصحاب عدم الفسخ في زمان انقضاء الخيار و لا يلزم اثبات كون الفسخ بعد الانقضاء كي يقال انه مثبت فانه يكفي احراز عدم الفسخ في الظرف القابل للتأثير و بعد تعارض الاصلين تصل النوبة

الي استصحاب بقاء الملكية فان الاصل الجاري في الحكم لا يجري ما دام يجري الاصل في الموضوع.

و أما مع عدم جريانه في الموضوع فلا مانع عن جريان الاصل الحكمي. ان قلت: ما وجه عدم تعارض الاصل المعارض الجاري في الطرف الاخر مع الاصل الموضوعي و الحكمي في زمان واحد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 532

قلت: الاصل الجاري في الطرف الاخر غير جار قطعا اعم من ان يكون الاصل الحكمي يجري أم لا و معه لا مجال للمعارضة مضافا الي ان الاصل الحكمي لا مجري له مع الاصل الموضوعي فما دام الاصل الموضوعي يكون جاريا لا مجال للاصل الحكمي و بعد سقوطه بالمعارضة لا موضوع للتعارض فلاحظ.

«قوله قدس سره: لا يثبت وقوع الفسخ في اوّل الزمان».

فانه من اظهر انحاء المثبت فالقول قول منكر تأثير الفسخ بالتقريب المتقدم لعين الملاك.

«قوله قدس سره: و هذه المسألة نظير ما لو ادعي الزوج الرجوع»

الظاهر انه ناظر الي نظير هذه المسألة لا انه ناظر الي خصوص الفرض الثاني.

«قوله قدس سره: الثالثة لو ادعي المشتري الجهل بالخيار او بفوريته بناء علي فوريته سمع قوله»

لان قوله موافق مع الاصل فان مقتضاه عدم العلم الا في فرض الوثوق بكذبه فما افاده قدس سره في الفرع المذكور تام فلاحظ.

«قوله قدس سره: و اما العيب فالظاهر من اللغة و العرف انه النقص عن مرتبة الصحة المتوسطة بينه و بين الكمال».

و قال الطريحي و هو كلما يزيد أو ينقص علي مجري الطبيعي كزيادة اصبع و نقصانه و لا يبعد ان يقال ان العيب عبارة عن شي ء يكون موجبا لنقصان القيمة و لذا في خيار العيب اذا تعذر الرد تصل النوبة الي الارش فالعيب عبارة عما

يوجب النقص في القيمة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 533

و هو الميزان و لذا نري ان الغلفة تعد عيبا مع انها مقتضي الطبيعة الاولية.

و نري أيضا ان الخصاء كمال في بعض الحيوانات و في بعض الاناسي مع انه نقص عن الطبيعة الاولية و صفوة القول ان المتبادر من العيب ما يوجب النقص في قيمة المعيوب.

و اما حديث السياري قال: روي عن ابن ابي ليلي انه قدّم إليه رجل خصما له فقال ان هذا باعني هذه الجارية فلم اجد علي ركبها حين كشفتها شعرا و زعمت انه لم يكن لها قط قال فقال له ابن أبي ليلي ان الناس يحتالون لهذا بالحيل حتي يذهبوا به فما الذي كرهت قال ايها القاضي ان كان عيبا فاقض لي به قال اصبر حتي اخرج أليك فانّي اجد اذي في بطني ثم دخل و خرج من باب آخر فأتي محمد بن مسلم الثقفي فقال له أيّ شي ء تروون عن أبي جعفر عليه السلام في المرأة لا يكون علي ركبها شعر أ يكون ذلك عيبا فقال محمد بن مسلم اما هذا نصا فلا أعرفه و لكن حدثني أبو جعفر عليه السلام عن أبيه عن آبائه عليهم السلام عن النبي صلي اللّه عليه و آله انه قال كل ما كان في أصل الخلقة فزاد أو نقص فهو عيب فقال له ابن ابي ليلي حسبك ثم رجع الي القوم فقضي لهم بالعيب «1».

الدال بإطلاقه علي كون كلما نقص او زاد بالنسبة الي الخلقة الاصلية عيب فلا اعتبار به سندا.

«قوله قدس سره: و يحتمل قويا ان يقال ان المناط في العيب هو النقص المالي».

قد ظهر مما تقدم ان هذا هو الحق.

______________________________

(1) الوسائل

الباب 1 من ابواب احكام العيوب.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 534

«قوله قدس سره: فتأمل».

لعله يشير بالامر بالتأمل الي ان المانع للرد انما يمنع فيما يكون الارش ثابتا و اما مع عدم الارش كما هو المفروض فلا مانع من الرد فلا فرق بين خيار العيب و خيار الشرط.

قوله قدس سره: و في صورة حصول هذا النقص قبل القبض أو في مدة الخيار.

أي تظهر الثمرة في حدوث العيب و هو النقص في زمان الخيار أو قبل القبض فعلي الاول يوجب الخيار و اما علي الثاني فلا يوجب.

«قوله قدس سره: و للنظر في كلا شقي الثمرة مجال».

الظاهر ان المراد بكلا الشقين الثمرة الثانية المذكورة في كلامه من ضمان النقص قبل القبض و في مدة الخيار و لا يكون المراد منهما الثمرتين المذكورتين فانه قدس سره اشار الي الاول بقوله فتأمل فلا تغفل و الظاهر ان وجه النظر عدم الفرق فان كلام الاصحاب و ان كان واردا في العيب لكن ملاك الحكم واحد فلا فرق بين كون الخيار ناشيا و مسببا عن العيب و ان يكون مسببا عن الاشتراك و تحقيق الحال موكول الي بحثي احكام الخيار و القبض فانتظر.

«قوله قدس سره: بما في مرسلة السياري»

قد مرت الاشارة الي الرواية و قلنا انها ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة مضمونها.

«قوله قدس سره: فلا يظهر من الرواية»

و الحاصل ان المستفاد من الحديث جواز الرد و لكن لا يستفاد منه

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 535

ان الرد من باب خيار العيب كي يترتب عليه جميع احكامه و لا فرق بين خياري العيب و الشرط في أصل جواز الرد و يرد عليه انه خلاف الظاهر من

الحديث ان لم يكن خلاف صريحه و لعله الي هذا يشير بقوله فتأمل.

«قوله قدس سره: فافهم».

لعله قدس سره يشير بامره بالفهم الي ان الحديث و لو كان ضعيفا لكن منجبر ضعفه بالشهرة و يرد عليه انا قد ذكرنا مرارا ان الخبر الضعيف لا ينجبر بالشهرة كما ان المعتبر من الخبر لا يسقط عن الاعتبار باعراض المشهور عنه فلاحظ.

«قوله قدس سره:

القول في الارش»
يقع الكلام في الارش في جهات
الجهة الأولي في تعريفه

كما تعرض الشيخ لهذه الجهة في اوّل البحث و قال و هو لغة كما في الصحاح و عن المصباح دية الجراحات.

و قال في مجمع البحرين ارش الجناية ديتها و الجمع اروش مثل فلس و فلوس قال في المصباح و اصله الفساد من قولهم ارشت بين القوم تأريشا اي افسدت ثم استعمل في نقصان الاعيان لانه فساد فيها و الارش ما يأخذه المشتري من البائع اذا اطلع علي عيب في المبيع و منها اروش الجنايات لانها جابرة للنقص.

و قال الشهيدي في شرحه علي المتن الّذي يقضيه التدبر في موارد استعمالاته ان له معني واحدا و هو المال الّذي يجبر به نقص مضمون في ماله أو بدن حصل من فوات وصف مضمون في مال أو بدن حصل من فوات وصف الصحة فيه و هو الظاهر من عبارة النهاية

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 536

الاثيرية فالارش عوض وصف الصحة الفائت عن العين مالا كان أو بدنا فلفظ الارش اسم له كما ان اجرة المثل اسم لعوض المنفعة الفائتة و القيمة اسم للعين الفائتة كلا أو بعضا و الكل مشترك في أنه عوض التألف المضمون و لكن التالف ان كان عينا فاسمه القيمة و ان كان منفعة فاسمه اجرة المثل و ان كان وصف الصحة فاسمه الارش

الخ.

الجهة الثانية ان الارش الّذي يبحث عنه في المقام هل يكون علي طبق القاعدة أم لا

الظاهر هو الثاني اذ الثمن لا يقع في مقابل وصف الصحة و عليه لا وجه للارش.

ان قلت: هذه الامور راجعة الي العقلاء الا في مورد يثبت من الشرع شي ء علي خلاف سيرتهم فلا بد من ملاحظة السيرة العقلائية قلت:

الظاهر ان مقتضي الارتكاز العقلائي اشتراط الفسخ عند ظهور العيب في العين و أما الارش فلا و لو فرض الشك في هذه الجهة يحكم بالعدم بمقتضي الاصل نعم يمكن و يجوز المصالحة علي الارش و هذا خارج عن محل البحث.

الجهة الثالثة في ان ضمان الارش ضمان يد أو ضمان معاوضة أو ضمان التزام أو ضمان تعبدي

فاقول لا اشكال في عدم كونه من باب ضمان اليد فان كل من العوضين في يد مالكه و لا مقتضي لضمان اليد كما انه ليس ضمان المعاوضة اذ لا معاوضة بين الارش و وصف الصحة.

و أيضا ليس هذا الضمان مسببا عن الالتزام فانه ربما يكون الطرف جاهلا بالعيب أو غافلا و لذا لا يتحقق الضمان بلا مطالبة من له الحق بل هذا الضمان ضمان تعبدي ثابت بحكم الشارع الاقدس.

الجهة الرابعة في انه هل يلزم ان يكون الارش من عين الثمن

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 537

أم لا فنقول حيث ان ثبوت الارش بالتعبد الشرعي فلا بد من ملاحظة نصوص الباب و استفادة الحكم منها.

و من النصوص الدالة علي الارش ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال ايّما رجل اشتري شيئا و به عيب و عوار لم يتبرأ إليه و لم يبيّن له فأحدث فيه بعد ما قبضه شيئا ثم علم بذلك العوار و بذلك الداء انه يمضي عليه البيع و يرد عليه بقدر ما نقص من ذلك الداء و العيب من ثمن ذلك لو لم يكن به «1» و هذه الرواية ضعيفة سندا فلا تصل النوبة الي ملاحظة دلالتها.

و منها ما رواه ابن سنان عن ابي عبد اللّه عليه السلام في حديث قال: قال علي عليه السلام لا ترد التي ليست بحبلي اذا وطأها صاحبها و يوضع عنه من ثمنها بقدر عيب ان كان فيها «2» و هذه الرواية واردة في الامة المعيوبة و يستفاد منها بحسب الظهور العرفي ان الموضوع من عين الثمن و لا وجه لرفع اليد عن الظهور مضافا الي عدم شمول الحديث للمقام.

الا ان يقال ان العرف يفهم الاتحاد و لا يخفي ان المستفاد من هذه الرواية

ان الارش ثابت و لو مع عدم مطالبة المشتري.

و بعبارة واضحة ان المستفاد من الحديث بحسب الفهم العرفي انه مع الوطي يرجع من الثمن بمقدار ما به التفاوت الي المشتري فلاحظ.

و منها ما رواه طلحة بن زيد عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال

______________________________

(1) الوسائل الباب 16 من ابواب الخيار الحديث 2.

(2) الوسائل الباب 4 من ابواب احكام العيوب الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 538

قضي أمير المؤمنين عليه السلام في رجل اشتري جارية فوطأها ثم وجد فيها عيبا قال تقوم و هي صحيحة و تقوم و بها الداء ثم يرد البائع علي المبتاع فضل ما بين الصحة و الداء «1».

و هذه الرواية تدل علي رد ما به التفاوت علي الاطلاق و المطلق يحمل علي المقيد و يستفاد من الحديث انه يرد عليه و لو مع عدم المطالبة بل يمكن ان يقال انه يستفاد من الحديث وجوب الرد من عين الثمن فان مفهوم الرد متقوم بكون المردود من عين المأخوذ.

و منها ما رواه منصور ابن حازم عن أبي عبد اللّه عليه السلام في رجل اشتري جارية فوقع عليها قال ان وجد بها عيبا فليس له ان يردها و لكن يرد عليه بقيمة ما نقصها العيب قال قلت هذا قول علي عليه السلام قال نعم «2» و هذه الرواية تدل علي ارجاع الارش من عين الثمن.

و منها ما رواه محمد بن مسلم عن احدهما عليهما السلام انه سأل عن الرجل يبتاع الجارية فيقع عليها ثم يجد بها عيبا بعد ذلك قال لا يردها علي صاحبها و لكن تقوم ما بين العيب و الصحة فيرد علي المبتاع معاذ اللّه ان يجعل لها اجرا «3»

و هذه الرواية تدل علي وجوب الرد من نفس الثمن.

و منها ما رواه زرارة عن أبي جعفر عليه السلام قال كان علي بن الحسين عليه السلام لا يرد التي ليست بحبلي اذا وطأها و كان يضع

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من ابواب الخيار الحديث 2.

(2) نفس المصدر الحديث 3.

(3) نفس المصدر الحديث 4.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 539

له من ثمنها بقدر عيبها «1» و هذه الرواية تدل بالصراحة علي ان الرد لا بدّ من كونه من عين الثمن.

و منها ما رواه عبد الرحمن ابن أبي عبد اللّه قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول ايّما رجل اشتري جارية فوقع عليها فوجد بها عيبا لم يردها ورد البائع عليه قيمة العيب «2» و هذه الرواية تدل علي وجوب رد ما به التفاوت بلا تقييده بكونه من الثمن لكن قلنا ان الرد متقوم بكون المردود من المأخوذ.

و منها ما رواه حماد بن عيسي قال سمعت أبا عبد اللّه عليه السلام يقول قال علي بن الحسين عليه السلام كان القضاء الاول في الرجل اذا اشتري الامة فوطأها ثم ظهر علي عيب ان البيع لازم و له ارش العيب «3» و هذه الرواية تدل علي وجوب الارش علي الاطلاق.

و منها ما رواه محمد بن ميسر عن أبي عبد اللّه عليه السلام قال كان علي عليه السلام لا يرد الجارية بعيب اذا وطئت و لكن يرجع بقيمة العيب، و كان علي عليه السلام يقول معاذ اللّه ان اجعل لها اجرا «4» و المستفاد من الحديث وجوب الرجوع من عين الثمن فان قوام الرجوع به.

و منها ما رواه رفاعة النخاس قال سألت أبا عبد اللّه عليه السلام قلت

ساومت رجلا بجارية فباعنيها الي ان قال قلت أ رأيت ان وجدت

______________________________

(1) الوسائل الباب 4 من من أبواب الخيار الحديث 5.

(2) نفس المصدر الحديث 6.

(3) نفس المصدر الحديث 7.

(4) نفس المصدر الحديث 8.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 540

بها عيبا بعد ما مسستها قال ليس لك ان تردها و لك ان تأخذ قيمة ما بين الصحة و العيب «1».

و هذه الرواية تدل علي وجوب دفع ما به التفاوت و هذه النصوص موردها الامة و لا وجه للتعدي اذ لا اطلاق فيها كي يؤخذ به اللهم الا ان يقال ان العرف يفهم منها عدم الفرق بين الموارد و قلنا لا بدّ من حمل مطلقها علي مقيدها و النتيجة وجوب الرد من نفس الثمن.

و بعبارة واضحة مقتضي الجمع بين هذه النصوص وجوب الرد من عين الثمن هذا من ناحية و من ناحية اخري ان العرف يفهم من مجموع هذه النصوص ان الحكم المذكور حكم العيب في المبيع و ليس مختصا بخصوص مورد كون المبيع الامة فيجب الرد بهذه الخصوصية الا ان يقوم دليل معتبر علي الخلاف.

و صفوة القول ان ما افاده الشيخ قدس سره من البناء علي عدم وجوب كون الارش من نفس الثمن و حمل النصوص علي بعض المحامل المذكور في كلامه خلاف المقرر من لزوم العمل بالظهور و عدم جواز رفع اليد عنه بلا دليل و أيضا المستفاد من النصوص كما قلنا رجوع ما به التفاوت الي المشتري و لو مع عدم مطالبته.

و بعبارة واضحة يمكن ان يقال ان المستفاد من النصوص ان العيب في الرتبة الاولي يقتضي الخيار و بعد سقوط الرد بالوطي أو بغيره تصل النوبة الي الارش و هو عبارة

عن جزء من الثمن و يرجع ذلك المقدار الي المشتري و هذا حكم شرعي تعبدي مجعول من قبل الشارع الاقدس فلا مجال لان يقال يلزم ان يكون البيع بالنسبة الي

______________________________

(1) الوسائل الباب 5 من ابواب احكام العيوب الحديث 2.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 541

هذا المقدار باطلا لوقوع مقدار الثمن في مقابل وصف الصحة فان الحكم بالارش حكم تعبدي مترتب علي العيب و لا يكون الارش ثابتا في الذمة بل الارش كما تقدم منا جزء من الثمن يرجع الي المشتري بحكم الشارع الاقدس فليكن هذا بذكرك ينفعك فيما يأتي فانتظر..

«قوله قدس سره: ثم علي المختار من عدم تعينه من عين الثمن»

الخ قد ظهر مما ذكرنا تعينه من الثمن بل قلنا المستفاد من النصوص ان الارش ليس غرامة مالية بحيث يكون مجرد وجوب اداء المقدار و أيضا ليس الارش امرا ثابتا في الذمة بل الارش جزء من الثمن نعم لو قلنا بمقالة الماتن يكون ما افاده تاما لما ذكره من الوجه.

«قوله قدس سره: و لم يجز منهما»

الخ لم يظهر لي وجه عدم جواز الاخذ منهما فان المفروض تحقق شرط بيع الصرف و هو التقابض في المجلس قبل التفرق و هذا تغريم عارض و لا يكون موجبا لاختلال شرط الصحة و الشي ء لا ينقلب عما هو عليه.

«قوله قدس سره: و انما هو حق لو اعمله»

قد ظهر مما ذكرنا ان الارش جزء من الثمن يرجع الي المشتري بلا مطالبته.

«قوله قدس سره: بطل بيعه»

يرد عليه انا ذكرنا سابقا انه لا دليل علي اشتراط المالية في المبيع فلا مجال لاثبات المدعي بهذا التقريب نعم يمكن اثباته

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 542

بتقريب آخر و هو ان

المستفاد من نصوص الارش هو رد مقدار من الثمن اي بالمقدار الّذي نقصه العيب علي حسب المتعارف فان النقصان انما يعلم بتقويم اهل الخبرة و من الواضح انه لا يتحقق ذلك الا في الاشياء التي هي اموال في نظر العقلاء و بهذا التقريب يتم المدعي فلا يتصور مورد يكون الارش مستوعبا لتمام الثمن و ان شئت قلت انه غير معقول.

«قوله قدس سره:

مسألة يعرف الارش بمعرفة قيمتي الصحيح و المعيب»

اذا كانت القيمة معلومة فالامر ظاهر و لا احتياج الي التوسل بالمقوم فانه تحصيل للحاصل.

«قوله قدس سره: و هذا داخل في الشهادة يعتبر فيها جميع ما يعتبر في الشهادة»

قد ذكرنا في موارد عديدة من ابواب الفقه انه لا يعتبر في الشاهد في الموضوعات الا كونه ثقة و لا دليل علي ازيد من هذا المقدار و الوجه فيه ان السيرة قائمة علي العمل بخبر الثقة الواحد و لم يردع عنها الشارع الاقدس نعم يلزم في الشهادة الاخبار عن الحسن.

«قوله قدس سره: و هذا يحتاج الي الصفات السابقة»

اي الصفات التي ذكرها للشاهد و لكن الحق عدم اعتبار شي ء فيه الا الامانة و الوثوق بعدم خيانته فان السيرة جارية علي العمل بقول اهل الخبرة و بعبارة واضحة مقتضي السيرة العقلائية رجوع الجاهل الي العالم في جميع الموارد.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 543

«قوله قدس سره: و قد يخبر عن قيمته باعتبار خصوصيات في المبيع يعرفها هذا المخبر»

هذا داخل في القسم الأول غاية الامر الشاهد في القسم الأول يشهد بمقدار القيمة و هذا يشهد بالخصوصية و يخبر عن القيمة ثانيا و مترتبا علي الخصوصية المخبر بها.

«قوله قدس سره: لكن الاظهر عدم التفرقة بين الاقسام»

الامر كما افاده فانه لا فرق بين الاقسام كما ذكرنا نعم قد

ثبت بالدليل لزوم كون الشاهد عند الحاكم في المرافعات عادلا متعددا و هذا حكم خاص لذلك المقام و صفوة القول انه لا فرق بين الاقسام لا من هذه الجهة و لا من حيث بحث المعارضة بين المقومين فانه لو وقع التعارض بين فردين من قسم من الاقسام أو وقع التعارض بين قسم مع قسم آخر يسقط كل واحد من المتعارضين اذ الاخذ بكل واحد غير معقول و ترجيح احد الجانبين علي الجانب الاخر بلا مرجح فالنتيجة هو التساقط و هذا ظاهر واضح.

«قوله قدس سره: و ان احتمل في غير الاول الاكتفاء»

قد ظهر مما ذكرنا عدم الفرق بين الاقسام في الاكتفاء بالواحد لا من باب لزوم الحرج بل من باب قيام الدليل علي الاكتفاء و هي السيرة العقلائية فانقدح بما ذكرنا ان الوجه في الاكتفاء لا يكون من باب حجية الظن كما انه لا يكون من باب رفع الحرج.

«قوله قدس سره: و يحتمل ضعيفا الاخذ بالاكثر»

هذا الوجه ضعيف كما افاده الماتن اذ مع الشك لا بدّ من الاقتصار علي المقدار المعلوم و ان شئت قلت الثمن مملوك للبائع و خروج

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 544

مقدار منه عن ملكه و دخوله في ملك المشتري بالتعبد الشرعي دائر بين الاقل و الاكثر و الاقل معلوم و قطعي و الاكثر مشكوك فيه فيدفع بالاصل فلاحظ.

«قوله قدس سره:

مسئلة لو تعارض المقومون فيحتمل تقديم بينة الاقل»
اشارة

الماتن فرض طرح الدعوي عند الحاكم و تردد في الحكم بين امور و نحن نذكر كل واحد من الوجوه المذكورة في كلامه مع ملاحظة دليله و اخذ النتيجة بحسب ما يختلج بالبال.

الوجه الأول تقديم بينة الاقل للاصل

اقول مقتضي القاعدة في باب المرافعات عند الحاكم ان البينة علي المدعي و اليمين علي من انكر و لكن لو فرض انه قامت بينة في قبال بينة المدعي و عارضتها تسقط كلتا البينتين بالتعارض و تصل النوبة الي حلف المنكر ففي المقام يكون القول قول مدعي الاقل فان قوله موافق مع الاصل و يمكنه ان يحلف علي عدم الاكثر لاطلاعه علي واقع الامر بل يكفي لاثبات دعواه الحلف علي عدم علمه بالحال.

الوجه الثاني تقديم بينة الاكثر لانها مثبتة

و يرد عليه انه لا فرق بين البينتين فكما ان بينة الاكثر مثبتة له كذلك بينة الاقل تثبت الاقل فلا فرق بين الامرين و بتقريب واضح انه تارة تكون بينة الاكثر تثبت الاكثر و بينة الاقل لا تنفي مفاد الاخري فيمكن ان يقال ان بينة الاكثر لا معارض لها و اما مع فرض المعارضة فلا مجال للتقديم.

و بعبارة اخري المفروض تحقق التعارض بين الامرين و النتيجة التساقط و وصول النوبة الي حلف منكر الاكثر.

الوجه الثالث القرعة

بتقريب انها لكل امر مشتبه و يرد عليه ان

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 545

الوظيفة قد عينت من قبل الشارع في باب المرافعات فلا تصل النوبة الي التوسل بالقرعة

و بعبارة واضحة ان القرعة تختص بمورد التحير و سد باب انكشاف الواقع و المفروض ان الشارع الاقدس جعل قانونا في باب المرافعات فلا تصل النوبة الي الاخذ بالقرعة مضافا الي انا ذكرنا في محله انه لا دليل علي مجعولية القرعة و جريانها في جميع الموارد و انما تجري في جملة منها ليس ما نحن فيه منها.

الوجه الرابع الرجوع الي الصلح لتثبت كل من المتبايعين بحجة شرعية ظاهرية

و المورد غير قابل للحلف لجهل كل منهما بالواقع و يرد عليه انه لا اشكال في جواز الصلح و اتمام الامر به لكن الاشكال في عدم انحصار الطريق فيه و لا وجه لاجبار المترافعين عليه و من ناحية اخري يمكن لكل واحد منهما الحلف علي الواقع لامكان علمهما به مضافا الي انه يكفي للحكم بالاقل عدم العلم بالواقع فان الاصل يقتضي نفي الاكثر.

الوجه الخامس تخيير الحاكم لامتناع الجمع و فقد المرجح

و يرد عليه انه لا وجه لتخيير الحاكم مع كون الحكم بالاقل موافقا للقاعدة كما تقدم منا بل لا مقتضي لتخيير الحاكم نعم ربما يقال به في تعارض الحديثين في باب الاحكام و اما في تعارض الدليلين في الموضوعات فلا مقتضي له.

الوجه السادس الجمع بين الدليلين بان يعمل علي طبق كل واحد منهما في الجملة

فاذا قوم احدهما العين بعشرة دنانير و الاخر بثمانية نأخذ بكليهما و نحكم بخمسة دنانير في نصف العين و بأربعة دنانير في النصف الاخر بتقريب ان كل واحد من الدليلين حجة

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 546

شرعية يلزم العمل به و المفروض انه لا يمكن العمل في تمام مدلوليهما فيؤخذ بكليهما بالنحو المذكور فان الجمع بين الدليلين و العمل بهما و لو في بعض المدلول اولي من الطرح.

و يرد عليه أولا ان التقريب المذكور علي فرض تماميته انما يجري فيما لا تكون الوظيفة معلومة و اما علي تقدير احراز الوظيفة كما بينا فلا تصل النوبة إليه كما هو ظاهر و ثانيا ان التعارض اوجب سقوط الدليلين و هو بعينه موجود بالنسبة الي النصف فاذا كان التعارض موجبا للسقوط كما هو كذلك لا فرق بين افراده و اشخاصه و حكم الامثال واحد و ثالثا ان هذا النحو من الجمع طرح لكلا الدليلين و ترك العمل بهما معا فلاحظ.

«قوله قدس سره: و لذا جعل في تمهيد القواعد من فروع هذه القاعدة الحكم بالتنصيف فيما تعارضت البنيتان في دار في يد رجلين يدعيهما كل واحد منهما»

القياس مع الفارق و لا جامع بين مقامنا و ذلك المقام فان المفروض هناك تحقق يديهما علي الدار و اليد أمارة الملكية فالحكم بالتنصيف هناك امر علي مقتضي قاعدة اليد.

و أما في المقام فليس الامر كذلك كما هو ظاهر

و اما الاستدلال بقاعدة العدل و الانصاف المقتضية للتنصيف فأيضا غير تام فان تلك القاعدة و ان كانت تامه في موردها بمقتضي السيرة العقلائية و قد وردت رواية في باب الودعي دالة عليها و هي ما رواه السكوني عن الصادق عن ابيه عليهما السلام في رجل استودع رجلا دينارين فاستودعه آخر دينارا فضاع دينار منها قال يعطي صاحب الدينارين

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 547

دينارا و يقسم الاخر بينهما نصفين «1».

لكن لا ترتبط تلك القاعدة بما نحن فيه اذ تلك القاعدة موردها دوران الامر في مال بين شخصين أو اشخاص و في المقام الامر دائر بين الاقل و الاكثر بالنسبة الي حق شخص واحد و مقتضي الاصل عدم الاكثر و ان شئت قلت الوظيفة الشرعية المقررة في المقام معلومة و لا تصل النوبة الي التوسل الي تلك القاعدة مضافا الي انها غير مربوطة بالمقام فلاحظ و الرواية المشار إليها ضعيفة سندا بضعف اسناد الصدوق الي السكوني بالنوفلي الواقع فيه.

«قوله قدس سره: و ما نحن فيه ليس من هذا القبيل»

بل من هذا القبيل فانه يتساقط المتعارضان و تصل النوبة الي الاصل العملي و مقتضاه نفي الاكثر.

«قوله قدس سره: لا يوجب سقوطها بالمرة»

بل يوجب و الدلالة الالتزامية تابعة للدلالة المطابقية و بعبارة واضحة انهما متعارضان في كل جزء من العين و مقتضي القاعدة سقوطهما و وصول الامر الي الاخذ بالاصل العملي و مقتضاه نفي الاكثر.

«قوله قدس سره: بخلاف مقام احقاق حقوق الناس»

احقاق حقوق الناس يرجع الي احقاق حقوقه تعالي و لولاه لا يلزم الاحقاق فان وجوب الاحقاق من باب دفع الضرر المحتمل أو جلب المنافع الاخروية و هذا يرجع الي حقوقه تعالي و تقدس فلاحظ

و تأمل تصدق.

______________________________

(1) الوسائل الباب 12 من ابواب للصلح الحديث 1.

عمدة المطالب في التعليق علي المكاسب، ج 3، ص: 548

«قوله قدس سره: ثم ان المعروف في الجمع بين البينات الجمع بينهما»

هذا علي تقدير الالتزام بالجمع و الطريق المذكور هو المعروف عند القوم و يتضح المدعي في ضمن مثال مثلا لو قوم احد المقومين الصحيح به 15 دينارا و المعيب به 10 و الثاني قوم الصحيح به 20 و المعيب به 15 و الثالث قوم الصحيح به 25 و المعيب به 20 فنجمع اعداد الصحيح في ناحية يكون المجموع 60 و أيضا نجمع اعداد المعيب في ناحية اخري يكون المجموع 45 و التفاوت بينهما بالربع 15 و بهذه النسبة نأخذ من الثمن.

«قوله قدس سره: و يحتمل الجمع بطريق آخر و هو ان يرجع»

لا وجه لتطويل البحث في هذا المقام اذ قد ذكرنا انه مع التعارض يتساقطان و لا وجه للجمع بين الدليلين بالنحو المشهور أو بما ذكره الشهيد قدس سره.

تعريف مرکز

بسم الله الرحمن الرحیم
جَاهِدُواْ بِأَمْوَالِكُمْ وَأَنفُسِكُمْ فِي سَبِيلِ اللّهِ ذَلِكُمْ خَيْرٌ لَّكُمْ إِن كُنتُمْ تَعْلَمُونَ
(التوبه : 41)
منذ عدة سنوات حتى الآن ، يقوم مركز القائمية لأبحاث الكمبيوتر بإنتاج برامج الهاتف المحمول والمكتبات الرقمية وتقديمها مجانًا. يحظى هذا المركز بشعبية كبيرة ويدعمه الهدايا والنذور والأوقاف وتخصيص النصيب المبارك للإمام علیه السلام. لمزيد من الخدمة ، يمكنك أيضًا الانضمام إلى الأشخاص الخيريين في المركز أينما كنت.
هل تعلم أن ليس كل مال يستحق أن ينفق على طريق أهل البيت عليهم السلام؟
ولن ينال كل شخص هذا النجاح؟
تهانينا لكم.
رقم البطاقة :
6104-3388-0008-7732
رقم حساب بنك ميلات:
9586839652
رقم حساب شيبا:
IR390120020000009586839652
المسمى: (معهد الغيمية لبحوث الحاسوب).
قم بإيداع مبالغ الهدية الخاصة بك.

عنوان المکتب المرکزي :
أصفهان، شارع عبد الرزاق، سوق حاج محمد جعفر آباده ای، زقاق الشهید محمد حسن التوکلی، الرقم 129، الطبقة الأولی.

عنوان الموقع : : www.ghbook.ir
البرید الالکتروني : Info@ghbook.ir
هاتف المکتب المرکزي 03134490125
هاتف المکتب في طهران 88318722 ـ 021
قسم البیع 09132000109شؤون المستخدمین 09132000109.